الفصل الثالث

في تاريخ سورية الدنيوي في القرن الثالث عشر

في أهم الأحداث التي كانت في هذا القرن

(١) في استقلال الملك العادل بالسلطة

ذكرنا في عدد ١٦٩ ولاية الملك العادل بدمشق، ومسير ابن أخيه الملك الأفضل من مصر إلى دمشق لاستردادها من العادل، ورجوعه عنها لخلافٍ وقع بينه وبين أخيه الملك الظاهر صاحب حلب، ثم سار العادل في أثر الأفضل إلى مصر، وكان بينهما قتال أدى إلى انهزام الأفضل إلى القاهرة، وإلى تسليمه القاهرة للعادل وتعويض الأفضل عنها بميافرقين وسميساط، وأخلف العادل وعده له فسار الأفضل إلى صرخد، حيث كان قبلًا وأقام العادل بمصر على أنه أمير الأمراء للملك المنصور بن العزيز، وبعد مدة انتزع الملك من المنصور، واستبد به وصالح الملك الظاهر صاحب حلب، وصاحب حماة وانبسط ملكه بسورية.

وفي سنة ١٢٠٢ خرج الملك الظاهر صاحب حلب وحصر منبج وملكها، ثم ملك قلعة نجم وسار إلى المعرة وأقطع بلادها واستولى على كفر طاب وحاصر حماة، فجرح بسهمٍ في رجله فصالح صاحبها الملك المنصور، ورحل إلى دمشق فنازلها وبها الملك المعظم ابن العادل، وعاونه أخوه الملك الأفضل وبعض الأمراء، واتفق الأفضل والظاهر أن تسلم دمشق بعد أخذها إلى الأفضل، ثم إذا أخذا مصر من الملك العادل ينتقل الأفضل إليها، ويترك دمشق للظاهر، وبلغ الملك العادل حصار الأخوين لدمشق، فخرج بالعساكر إلى نابلس ولم يجسر على قتالهما، ولكن تغير الظاهر وأراد أن تُسلم إليه دمشق أولًا، فتراخى الأفضل وتخلى الأمراء عن القتال لأجل الظاهر، وصالحوا العادل، فرحل الظاهر عن دمشق فقدم العادل إليها وملكها، وسار منها إلى حماة فدان له صاحبها الملك المنصور، وقصد العادل حصار حلب على ابن أخيه الظاهر، فراسله الظاهر وهاداه واصطلحا، وأخذت من الملك الظاهر قلعة نجم، وسلمت إلى الملك الأفضل مع سروج وسميساط، ورجع العادل إلى دمشق وأقام بها، وانبسطت سلطته على مصر وسورية وغيرهما، وخطب له على منابرهما وضربت السكة فيهما باسمه.

وفي سنة ١٢٠٨ أرسل الخليفة الناصر الخلع للملك العادل، وسماه شاهنشاه ملك الملوك، واهتم العادل ببناء قلعة دمشق، وألزم كل واحد من الملوك أهل بيته أن يبني برجًا من أبراجها، وفي سنة ١٢١٠ سار العادل من دمشق وعبر الفرات، وحاصر سنجار وطال الحصار، ونقض الملك الظاهر صاحب حلب الصلح الذي كان بينهما، وخامرت عساكر العادل عليه، فاستولى على نصيبين وعاد إلى دمشق، وفي سنة ١٢١٧ توفي الملك الظاهر صاحب حلب بن صلاح الدين، وأوصى أن يكون الملك بعده لولده الصغير الملك العزيز، ومن بعده لولده الكبير الملك الصالح، ثم توفي الملك العادل سنة ١٢١٩ بفلسطين.

(٢) في ما كان من الحرب بين الملك العادل والإفرنج

في سنة ١٢٠٢ كانت حملة الإفرنج الرابعة لاستنقاذ الأرض المقدسة، وكانت هذه الحملة بإمرة بودوين التاسع كنت فلاندرا وبونيفاشيوس مركيز فونتا فواتا بإيطاليا وهنري وندولر دوك البندقية، وانضوى بعض رجال هذه الحملة إلى أمير أنطاكية، فالتقاهم الملك المنصور صاحب حماة، وكتب الملك العادل إلى صاحب بعلبك، وصاحب حمص أن ينجداه، واتقع هؤلاء مع الإفرنج ببعرين وقعتين انكسر فيهما الإفرنج، وقُتل منهم جماعة كثيرة وأُسر بعضهم، وفي سنة ١٢٠٤ كانت الهدنة بين الملك المنصور المذكور والإفرنج في شمالي سورية، ولكن خرج بعضهم بفلسطين، ونهبوا كثيرًا من بلاد المسلمين بنواحي الأردن، فسار الملك العادل من دمشق وجمع العساكر، وحل بها على الطور بالقرب من عكا، وفي سنة ١٢٠٥ كانت بين الفريقين هدنة وسلم العادل يافا والناصرة وغيرهما إلى الإفرنج، وأغار الإفرنج على حماة، وأسروا بعض المسلمين، ثم هادنوا الملك المنصور صاحب حماة.

وفي سنة ١٢٠٧ رجع الملك العادل من مصر إلى سورية، فحاصر عكا فصالحه الإفرنج على إطلاق جماعة من الأسرى، وحاصر الإفرنج حمص، فسار الملك العادل من دمشق ونزل على بحيرة قدس، فانكفأ الإفرنج عن حمص وأتت العساكر من المشرق والجزيرة إلى العادل، فدخل بلاد طرابلس، وحاصر القليعات وأخذها صلحًا ونهب وأحرق وسبى، وعاث في بلاد أطرابلس، وعاد إلى بحيرة قدس.

وفي سنة ١٢١٧ كانت حملة الإفرنج الخامسة، وكان أكبر رؤسائهم أندراوس ملك المجر وصحبهم عند مرورهم بقبرس لوسنيان ملكها، وكان أموري الثاني ملك أورشليم قد توفي سنة ١٢٠٥، واختير للملك بأورشليم يوحنا دي بريان سنة ١٢٠٩، فانضم إلى أصحاب الحملة الذين اجتمعوا بعكا، وكان الملك العادل بمصر فعاد إلى سورية، وبلغ إلى اللد، فقصده الفرنج سنة ١٢١٨، فسار إلى نابلس فسبقه الإفرنج إليها فنزل على بيسان فتقدم الإفرنج إليه، وكان عسكره قليلًا، فرحل نحو دمشق ليجمع العساكر، فنهب الإفرنج بيسان وكل البلاد إلى بانياس، ورجعوا إلى مرج عكا، ثم جاء إلى صور وقصدوا بلد الشقيف ونهبوا صيدا، وعادوا إلى عكا وقصدوا قلعة الطور وحاصروها مدة، وعادوا إلى عكا، فأتى الملك المعظم ابن العادل، فدك القلعة إلى الأرض وبعدئذٍ توفي الملك العادل سنة ١٢١٩ كما مر.

وفي السنة المذكورة سار الإفرنج إلى دمياط، وحاصروها وملكوها بشق النفس وتوغلوا في مصر، لكنهم اضطروا إلى عقد صلح بينهم وبين الملك الكامل ابن الملك العادل، ومن شرائطه تخليهم عن دمياط فتخلوا عنها سنة ١٢٢٢.

(٣) تخلي الملك الكامل عن القدس لفريدريك الثاني ملك ألمانيا

بعد أن استرد المسلمون دمياط من الإفرنج سار يوحنا دي بريان ملك أورشليم إلى المغرب مستصرخًا مستنجدًا، فعرض البابا أنوريوس الثالث على فريدريك الثاني عاهل ألمانيا أن يتزوج بابنة ملك أورشليم ووريثته، ويسمى ملك أورشليم، فقبل العاهل ما عرض البابا، وأخذ بإعداد حملة لإنقاذ الأرض المقدسة وتزوج بابنة ملك أورشليم برومة، لكنه أخذ يؤجل سفره إلى سورية من وقتٍ إلى آخر، واتصل إلى مخاصمة البابا واستمال أشراف رومة إلى الثورة عليه، واضطر البابا أن يحرمه، وعُرف في المشرق أن عاهل ألمانيا قادم إلى سورية فراسله الملك الكامل وحالفه، ووعده بأن يسلم إليه أورشليم متى أتى إلى سورية، فسُرَّ فريدريك بذلك وسافر إلى المشرق، ولما وصل إلى عكا وعرف البطريرك والإكليروس ورؤساء الفرسان أنه محروم من البابا، وأن ليس معه من الجند من يقوم بوجه أعدائهم ازدروه، وخرج العاهل من عكا، وأرسل إلى الملك الكامل يطالبه بوعده أن يسلم القدس إليه فتردد في الإجابة، وتواترت الرسائل بينهما إلى أن عقدا هدنة بينهما إلى عشر سنين من شرائطها: أن الملك الكامل يتخلى لعاهل ألمانيا عن المقدس وبيت لحم، وجميع القرى الواقعة بين يافا وأورشليم، ويبقى جامع عمر للمسلمين، وأن النصارى لا يجددون بناء أسوار أورشليم، وإذا اعتدى مسلمٌ على مسلم، فيسمع دعواهما قاضي المذهب، وأن العاهل لا يعاون إفرنجيًّا ولا مسلمًا على أحدٍ من المسلمين، بل عليه أن يمنع كل تعدٍّ على أرض الملك الكامل وأن يصد عساكره ومرؤسيه عن مثل ذلك، ولم تدخل إمرية أنطاكية وكنتية أطرابلس والكرك في هذه الهدنة، بل يلتزم العاهل أن يمتنع عن كل مساعدة لحكام هذه الأعمال، ووقع على المعاهدة في ٢٠ شباط سنة ١٢٢٩.

فلم يرتض النصارى ولا المسلمون من هذه المعاهدة، ولم يمكث العاهل بأورشليم بعدها سوى يومين، وكتب إلى البابا يبشره بأخذه أورشليم وإعادة ملك النصارى إليها، وكتب بطريرك أورشليم منشورًا يشكو به من سوء تصرف العاهل، وبعد خروجه من أورشليم دخل المسلمون إليها، وبقيت القرى المجاورة للمدينة بيد المسلمين، ولم يكن التخلي عن القدس إلا لشخص العاهل … وهو تعهد بأنه لا يحارب المسلمين، بل يمنع كل حرب تثار عليهم، ولما عاد العاهل إلى عكا ازدراه البطريرك والإكليروس ورؤساء الفرسان، فانتقم منهم بمنع الأقوات عن المدينة وإهانة الفرسان، وضرب بعض الرهبان وسار من عكا إلى قبرس، ودعا الملك ومدبري المملكة إلى مأدبة وقبض عليهم، وأخذ الملك أسيرًا ليوطد ملكه للجزيرة بحجة أن ملكها خاضع لملك أورشليم، وبعد وصول العاهل إلى مملكته راسل البابا بالصلح.

وفي سنة ١٢٣٠ حلف يمينًا احتفالية بأنه يخضع للحبر الروماني، فحله من الحرم ورد عليه ما كان قد أخذه من مملكته.

(٤) بعض الأحداث بسورية إلى وفاة الملك الكامل

في سنة ١٢٢٣ كان الملك المعظم ابن الملك العادل، وأخو الملك الكامل مالكًا بدمشق، وقصد أن يأخذ حماة من الملك الناصر صاحبها، فكان بينهما قتالٌ وارتحل المعظم إلى سلمية، فاستولى على حواصلها وولى عليها وفعل كذلك بالمعرة، فاتفق أخواه الملك الكامل والملك الأشرف على ردعه عن الناصر ملك حماة، فارتدع وبقيت سلمية والمعرة للملك الناصر، وفي سنة ١٢٢٨ توفي الملك المعظم وولي دمشق بعده ابنه داود، ويلقب الملك الناصر، وفي سنة ١٢٢٩ أرسل الملك الكامل يطلب من ابن أخيه الملك الناصر حصن الشوبك، فلم يجب إلى طلبه.

فسار الملك الكامل وولَّى على نابلس والقدس وغيرهما من بلاد ابن أخيه، فلجأ الناصر إلى عمه الملك الأشرف فأمنه على بلاده، واتفق مع أخيه الكامل على أخذ دمشق من ابن أخيهما الناصر، وتعويضه عنها بحران والرها والرقة، وأن تستقر دمشق للملك الأشرف، فتحصن الناصر بدمشق وحصره عمه الأشرف بها، وعاونه الملك الكامل على الحصار حتى استولى الكامل على دمشق، وعوض الناصر صاحبها بالكرك والبلقا، والصلت والأغوار والشوبك، وتسلم الأشرف دمشق وسلم الكامل حران والرها والرقة، ومن بعد أخذ دمشق نازل الكامل حماة، وسلمها إلى الملك المظفر أخي الملك الناصر الذي كان واليها، وانتزع سلمية من يده وسلمها إلى شيركوه صاحب حمص، وأمر أن يُعطى الملك الناصر بعرين، وفي سنة ١٢٣٠ استولى الملك الأشرف صاحب دمشق على بعلبك، وعوض صاحبها الملك الأمجد من الأيوبيين الزبداني وقصير دمشق، وفي سنة ١٢٣٣ استولى الملك العزيز صاحب حلب على شيزر، وفي سنة ١٢٣٧ توفي الملك العزيز وتقرر في الملك بعده ابنه الملك الناصر يوسف، وكانت وحشة بين الملك الكامل وأخيه الملك الأشرف صاحب دمشق، وكان أكثر ولاة سورية مع الأشرف ولكن توفي الأشرف سنة ١٢٣٨، وخلفه أخوه الصالح إسماعيل فقصده الكامل وحاصر المدينة، وأكره الصالح أن يسلمها وتعوض عنها بعلبك والبقاع مضافًا إلى بصرى التي كانت للصالح، ثم توفي الملك الكامل سنة ١٢٣٨ المذكورة، وخلفه ابنه الملك العادل، وبقي في مصر وأقام نائبًا له بدمشق الملك الجواد يونس حفيد الملك العادل الأول.

(٥) في ما كان بين الملوك الأيوبيين بعد وفاة الكامل

لما بلغ الحلبيين خبر موت الكامل قصدوا أن يأخذوا حماة من الملك المظفر وحاصروها، وأراد الملك العادل بن الكامل أن يعزل نائبه في دمشق، وهو الملك الجواد المار ذكره، فسلم دمشق إلى الملك الصالح أيوب، وكاتبه المصريون ليملكوه بمصر، فخرج من دمشق وخالفه بعض الملوك الذين بسورية، وكان الصالح أخا العادل، ولما خرج لقتال أخيه ثار جماعة من المماليك، وبمقدمتهم أيبك الأسمر وأحاطوا بالعادل وجعلوه في خيمة وعليه من يحفظه، وملَّكوا أخاه الصالح أيوب بمصر، وفي سنة ١٢٤١ قبض على أيبك الأسمر وغيره من المماليك وأودعهم السجن، وفي سنة ١٢٤٢ اتفق الصالح إسماعيل صاحب دمشق مع بعض الأمراء بسورية على مناوأة الصالح أيوب صاحب مصر، وفي سنة ١٢٤٤ سلم إسماعيل المذكور وصاحب الكرك عسقلان وطبرية والقدس إلى الإفرنج؛ ليعضدوهما على أيوب صاحب مصر، فاستدعى هو سنة ١٢٤٥ الخوارزمية لنجدته، ووصلوا إلى غزة ووافتهم العساكر المصرية، وأرسل إسماعيل عساكره إلى عكا وخرج معهم الفرنج، والتقى الفريقان بظاهر غزة واتقعا، فانهزم عسكر دمشق والإفرنج، وتبعهم عسكر مصر والخوارزمية فقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، واستولى صاحب مصر على غزة والسواحل والقدس، وسار عسكر مصر والخوارزمية إلى دمشق وحاصروها، فتسلموها سنة ١٢٤٦ وأعطى إسماعيل بعلبك، ثم خرج الخوارزمية من طاعة صاحب مصر، وانقلبوا إلى معاضدة إسماعيل وعادوا فحاصروا دمشق على المصريين، واتفق الحلبيون وصاحب حمص مع الصالح صاحب مصر على الخوارزمية المحاصرين لدمشق، وكانت بينهم وقعة سنة ١٢٤٧ انهزم بها الخوارزمية هزيمة قبيحة تشتت بها شملهم، وأما إسماعيل الذي أُخذت منه دمشق فاستجار بصاحب حلب، وطلبه صاحب مصر فلم يسلمه صاحب حلب وأخذت بعلبك من أولاده.

وفي سنة ١٢٤٨ استرد صاحب مصر عسقلان وطبرية من يد الإفرنج بعد محاصرتهما مدة، وكانوا قد تسلموهما سنة ١٢٤٤، وفي سنة ١٢٤٩ أرسل الناصر صاحب حلب عسكرًا، فحاصر الملك الأشرف بحمص فسلمها إليه معتاضًا عنها بتل باشر مضافًا إلى ما بيده من تدمر، فشق ذلك على الصالح صاحب مصر، فسار إلى دمشق وأرسل عسكرًا حاصر حمص إلى أن سعى الخليفة بالصلح بين الصالح والحلبيين على أن تستقر حمص بيد الحلبيين، فأجابه الصالح إلى ذلك وعاد إلى مصر.

(٦) في الخوارزمية وغزواتهم بسورية

الخوارزمية ينتسبون إلى خوارزم في البلاد الشرقية وأصلهم من التتر، فأخرجهم التتر من بلادهم فتوطنوا الجزيرة، وفي سنة ١٢٤١ ساروا إلى قرب حلب فالتقاهم الحلبيون، لكنهم انهزموا من وجههم هزيمة قبيحة، وقتل الخوارزمية منهم خلقًا كثيرًا وأسروا منهم جماعة، ودخلوا حلب وارتكبوا فواحش، ثم ساروا إلى منبج وفتكوا بأهلها ثم أغاروا ثانية على الجبول وتل إعزاز وسرحين والمعرة، فالتقاهم الملك المنصور صاحب حمص ومعه عسكر دمشق، واجتمع معه الحلبيون وقصدوا الخوارزمية وهم على شيزر فرحلوا عنها إلى حماة، ثم ساروا إلى سلمية ثم إلى الرصافة، ولحقهم عسكر حلب وهجم عليهم العرب فرموا ما كان معهم من المكاسب، وتركوا الأسرى وقطعوا الفرات، وتبعهم الحلبيون واتقعوا معهم قرب الرها فانهزم الخوارزمية وركب الحلبيون أقفيتهم يقتلون منهم، ويأسرون إلى أن حال الليل بينهم واستولى عسكر حلب على الرقة والرها وسروج وغيرها.

وسنة ١٢٤٣ تجدد القتال بين عسكر حلب، ومعهم صاحب حمص والخوارزمية ومعهم الملك المظفر صاحب ميافرقين فانهزم الخوارزمية أقبح هزيمة، وفي سنة ١٢٤٥ دعا صاحب مصر الخوارزمية إلى غزة، فانتصروا مع عسكره على عسكر دمشق والإفرنج ثم خرجوا عن طاعة صاحب مصر، ونجدوا الملك الصالح إسماعيل في حصار دمشق فردهم الحلبيون عنها، ثم شتتوا شملهم سنة ١٢٤٧ كما مر، وكانوا قد أتوا أورشليم وهرب سكانها ومن بقي منهم هرع إلى كنيسة القبر المقدس، فدخل الخوارزمية إليهم وقتلوا وقطعوا رءوس الكهنة، وأخربوا القبر وأزالوا الرخام الذي كان بالكنيسة، وهدموا مدافن ملوك الإفرنج ودنسوا جبل صهيون وكنيسة وادي يوشافاط، وساروا إلى بيت لحم وفعلوا الفظائع بكنيستها … فحينئذٍ اتفق الإفرنج مع ملك دمشق وحمص، وحاربوا الخوارزمية فانكسر المسلمون أولًا وصبر النصارى على القتال، وكان عددهم قليلًا فقُتل منهم كثير ثم حاصر الخوارزمية يافا، وكانوا قد أخذوا كوتيا دي بريان واليها أسيرًا، فعلقوه على صليبٍ تجاه أسوارها وهددوه بالقتل إن قاومهم أهل مدينته، فأخذ يصرخ بأعلى صوته إلى قومه: «دافعوا إلى النفس الأخير هذا هو المفروض عليكم وعليَّ.» فلم يقوَ الخوارزمية على فتح المدينة وأرسلوا كوتيا إلى القاهرة، فوثب عليه حشدٌ أماتوه بالضرب.

(٧) في حملة الإفرنج السابعة على سورية بإمرة لويس التاسع

لما بلغ إلى المغرب خبر ما صنعه الخوارزمية بأورشليم، واستيلاء سلطان مصر عليها بعد أن كان صاحب دمشق تخلى عنها للإفرنج عقد إلبا إينوشنسيوس الرابع مجمعًا عامًّا بليون سنة ١٢٤٥، كان في جملة مراسيمه استئناف الحملة لإمداد الإفرنج بسورية، وأخص من تجندوا بهذه الحملة القديس لويس التاسع ملك إفرنسة، فسار من إفرنسة في ٢٥ آب سنة ١٢٤٨، وصرف فصل الشتاء بقبرس، ثم سار إلى مصر توًّا فبلغ بجيشه إلى دمياط في ٤ حزيران سنة ١٢٤٩، وملك المدينة المذكورة عنوة، وانهزم المسلمون منها وتقدم الإفرنج من دمياط إلى المنصورة، وجرى بينهم وبين المسلمين وقعةٌ عظيمة قُتل فيها جماعة من كبار المسلمين وكبار الإفرنج، فقطع المسلمون عليهم خط الاتصال مع دمياط، فعازتهم الأقوات فرحلوا راجعين إلى دمياط، فركب المسلمون أكتافهم واحتاطوهم، وقتلوا منهم نحو ثلاثين ألفًا وانحاز الملك لويس بنفرٍ قليل إلى قرية تسمى المنية، وأدركه المسلمون، فدافع عنه من كانوا معه حتى انقرضوا، وأُخذ الملك أسيرًا وقُبض على أخويه وأقاموهم في المنصورة.

ثم راسل المصريون الملك لويس بأنهم يطلقونه على شريطة أن يسلم إليهم دمياط، ويبذل لهم خمسمائة ألف دينار، ورأى هو أن دمياط لا يمكن أن تمتنع على المسلمين، فعقد الصلح بينه وبينهم على ذلك وسلم دمياط إليهم، وسار من دمياط إلى عكا في ١٤ أيار سنة ١٢٥٠، فالتقاه النصارى باحتفاءٍ عظيم وصرف عنايته إلى تحصين المدن والقلاع التي كانت بيد الإفرنج، وكانت منازعات بين ملك مصر وملك دمشق والأمراء المسلمين، فكان كل من الفريقين يراسل الملك لويس؛ ليتفق معه … وعقدت بينه وبين أمراء مصر معاهدة كان من شروطها: أن المصريين يخلون سبيل الأسرى والنصارى وأولاد النصارى الذين كانوا قد أسلموا، ويتخلون للإفرنج عن أورشليم وسائر مدن فلسطين ما عدا غزة وبعض القلاع، ولا يحاربون أورشليم مدة خمس عشرة سنة، وأن الفريقين المتعاقدين يجمعان العساكر ويحاربان معًا، وكل ما يغنمانه يقسم مناصفةً بين الإفرنج وأمراء المصريين، وعزم المصريون أن يسيروا إلى غزة ثم إلى يافا، وعرف ملك دمشق بهذه المعاهدة فأرسل عسكرًا نحو عشرين ألفًا، فخيموا بين غزة وقلعة الداروم ليمنعوا الاتصال بين الإفرنج والمصريين، فلم يحضر مفوضون من قبل المصريين للتوقيع على المعاهدة، وإن أتموا بعض شروطها كإطلاق الأسرى، واستمروا يتباطئون عن التوقيع إلى أن أرسل الخليفة العباسي من بغداد من سعى بالصلح بين سلطان الشام، وأمراء مصر فاصطلحوا واتفقوا على محاربة الإفرنج.

وسار الناصر صاحب دمشق بعسكر حتى بلغ أسوار عكا، وتهدد أن يقطع الأشجار ويعطل الحقول، ولما لم تكن طاقة للإفرنج حينئذٍ على المحاربة دفعوا له خمسين ألف دينار فانصرف عنهم، ووثب جماعة من التركمان على صيدا، فقتلوا من فيها من النصارى ودكوا ما بُني من أسوارها، فسار الملك لويس إلى صيدا، وجهز عسكرًا أرسله في أثره التركمان إلى بانياس، فانهزم المسلمون منها وملكها الإفرنج، لكنهم لم يقدروا أن يحفظوها فنهبوها وعادوا إلى صيدا.

وقد روى بعض علمائنا وكثيرون من علماء الإفرنج أنه لما كان الملك لويس بعكا أرسل إليه الموارنة هدايا مع الأمير سمعان، وجماعة من رجالهم، فرحب بهم الملك القديس وأرسل معهم رسالة إلى البطريرك والأساقفة يصرح بها باتخاذه الموارنة تحت حمايته، وأرسل إليه الشيخ الجليل المراد به رئيس الإسماعيلية أو النصيرية وفدًا ورسالة يزدلف بها له، فأجابه الملك على رسالته، وأرسل إليه كاهنًا عالمًا يرشدهم إلى الإيمان بالمسيح، وقال بعضهم إنهم تظاهروا حينئذٍ بالنصرانية، وكانوا يمارسون بعض فروضها كتعييدهم بعض الأعياد السيدية التي رُوي أنهم يمارسونها حتى الآن.

وفي سنة ١٢٥٣ بلغ الملك لويس خبر وفاة أمه ومدبرة ملكه بلانش دي كستيد، فاضطر أن يعود إلى مملكته، وعاد في ٢٤ نيسان من سنة ١٢٥٤ تاركًا بعكا بعض فرسانه، وواعدًا بتواصل عنايته بالأرض المقدسة.

(٨) تتمة أخبار الملوك الأيوبيين إلى انقراض دولتهم

لما افتتح الملك لويس دمياط كان الملك الصالح أيوب ابن الملك الكامل ابن الملك العادل، أخي صلاح الدين مريضًا وتوفي سنة ١٢٤٩، ولم يكن بقي له ولد غير الملك المعظم توران شاه صاحب حصن كيفا فخلفه، ووصل إلى المنصورة عند القتال عليها بين الإفرنج والمسلمين، وأغضب مماليك أبيه وامرأته، واعتمد على بطانته الذين أتوا معه من حصن كيفا، فوثب المماليك عليه وقتلوه، وأول من ضربه ركن الدين بيبرس البندقداري الذي صار سلطانًا في ما بعد، واجتمع الأمراء فأقاموا شجر الدر زوجة الملك الصالح في المملكة، وخطبوا لها على المنابر وضربت السكة باسمها، وأرسلوا رسلًا إلى الأمراء بدمشق في موافقتهم على ذلك، فلم يجيبوهم إليه بل كاتبوا الملك الناصر صاحب حلب، فسار إليهم وملك بدمشق مع حلب، ولما علم المماليك بذلك في مصر رأوا أنه إذا استمر أمر الملك في امرأة تفسد الأمور فخلعوا شجر الدر، وأقاموا عز الدين أيبك ملكًا ولقب الملك المعز … ثم اجتمع الأمراء واتفقوا على أن لا بد من إقامة شخص من بني أيوب في السلطنة، واختاروا الملك الأشرف موسى بن يوسف صاحب اليمن، وأجلسوه في دست السلطنة.

وسار الملك الناصر يوسف صاحب دمشق وحلب من دمشق قاصدًا مصر، وصحبه كثيرون من الأمراء الأيوبيين، والتقى العسكران المصري والشامي بالقرب من العباسية واتقعوا، وكان العسكر المصري في إمرة عز الدين أيبك المذكور، فحمل على الناصر فهرب نحو الشام ثم هزم عسكره، وأخذ قائده أسيرًا وضرب عنقه وأسر جماعة من الأمراء الأيوبيين، وخلع الملك الأشرف وقطع الخطبة له، فكان آخر الأيوبيين بمصر سنة ١٢٥٥، وتزوج أيبك المذكور بشجر الدر، واصطلح مع صاحب دمشق على أن يكون التخم بينهما عريش مصر، وفي سنة ١٢٥٨ قُتل المعز أيبك، قتلته شجر الدر زوجته غيرة من خطبته غيرها، فنصب المماليك مكانه ابنه عليًّا ولقبوه بالمنصور وقتلوا شجر الدر التي قتلت المعز.

وأما الناصر صاحب دمشق وحلب فكانت خصومة بينه وبين صاحب الكرك الذي ضوى إليه بعض المماليك البحرية، فسار الناصر إليهم وحاصر الكرك، فأرسل صاحبها إليه بالصلح، فشرط عليه أن يحبس البحرية فأجابه إلى شرطه، ولما علم بيبرس البندقداري أميرهم هرب في جماعة منهم إلى الناصر، وفي هذه الأثناء قدمت عساكر التتر إلى سورية، فملكوها وفر الناصر إلى مصر ثم إلى تيه العرب وسارت عساكر مصر إلى سورية، وقاتلوا التتر فانهزموا وقُتل أميرهم النائب عن هولاكو، وكان الناصر قد حضر عند هولاكو مستسلمًا إليه، فأبقاه عنده ولما بلغه خبر انكسار عسكره قتل الناصر وبعض الأمراء بني أيوب، ولم يبق منهم بسورية إلا المنصور بن المظفر صاحب حماة، فانقرض ملك الأيوبيين بسورية سنة ١٢٦٣ كما انقرض بمصر سنة ١٢٥٥، فكان ملكهم بسورية ومصر نحو تسعين سنة، وخلفهم دولة المماليك البحرية ويسمون المماليك الترك.

(٩) في إغارات التتر على سورية

منشأ التتر تركستان الصينية وتركستان الروسية، وفي أوائل القرن الثالث عشر ملكوا بلاد فارس، وكان أول ملوكهم فيها جنكزخان الشهير الذي انبسط ملكه إلى الصين وروسية الجنوبية والعراق والجزيرة، وعند موته قسم ملكه بين أولاده الأربعة، وكان الخامس من ملوك التتر اسمه هولاكو، ففي سنة ١٢٦٠ استولى على الجزيرة، وأرسل ولده سموط إلى سورية وبلغ إلى ظاهر حلب، وكان فيها الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين نائبًا عن ابن أخيه الملك الناصر، فقاتل التتر في ظاهر حلب فانهزم الحلبيون إلى مدينتهم، ورحل التتر إلى إعزاز فتسلموها بالأمان، ثم عادوا إلى حلب وأحاطوها ودخلوا إليها وأعملوا السيوف فيها.

وجعل هولاكو النائب بحلب عماد الدين القزويني، وأتى إليه الملك الأشرف صاحب حمص فأعادها إليه، وكان الملك الناصر صاحب حلب قد أخذها منه، وجاء أكابر حماة ومعهم مفاتيح مدينتهم سلموها إلى هولاكو، وكان الملك المنصور صاحب حماة قد توجه إلى الملك الناصر بدمشق، وعاد هولاكو إلى المشرق لدواعٍ اقتضت عوده، وأمر بخراب أسوار حلب وقلعتها فخربت، وأمر صاحب حمص أن يخرب سور قلعة حماة، فخربه ولم يخرب أسوار المدينة لقرب الإفرنج إليها، وأناب هولاكو على جيشه كتبغا فسار إلى دمشق، وملكها بالأمان وعصته قلعتها فحاصرها إلى أن سلمت إليه، وأخذوا بعلبك وعجلون.

واجتمعت العساكر من مصر وعرف أهل دمشق خروجها، فأوقعوا بالنصارى وخربوا كنيسة مريم الكبرى، وسار قطز الملك المظفر (الذي كان قد قتل المنصور عليًّا وأخذ الملك) بجيش المسلمين لقتال التتر، وجمع كتبغا عسكر التتر، وتقارب العسكران في الغور واقتتلا، فانهزم التتر هزيمة قبيحة وأخذتهم سيوف المسلمين وقُتل كتبغا قائدهم، وفر من بقي إلى رءوس الجبال، وتبعهم المسلمون فأفنوهم، وأتم قطز سيره إلى دمشق فابتهج المسلمون بقدومه وجهز قطز العسكر إلى حلب لحفظها، وجعل أقوش البرلي أميرًا بالسواحل وغزة، وفوض نيابة السلطنة بدمشق إلى الأمير علم الدين سنجر الحلبي، ونيابة حلب إلى الملك السعيد صاحب الموصل، وعاد الملك المظفر قطز من دمشق إلى مصر فقتله في طريقه ركن الدين بيبرس البندقداري، وأخذ السلطنة وجمع علم الدين سنجر المذكور الناس، وحلفهم لنفسه بالسلطنة، ولقب نفسه الملك المجاهد وخطب له وضربت السكة باسمه، وعرف التتر بما كان فعادوا إلى سورية، وأتوا حلب فهرب نائبها وقتل التتر كثيرين من أهلها، وتقدم التتر إلى حماة ففر صاحبها إلى حمص، وكان هناك قتال شديد بين التتر والمسلمين فانهزم التتر، وتبعهم المسلمون يقتلون منهم ويأسرون كيف شاءوا وكان ذلك سنة ١٢٦١، وعاد التتر مرة أخرى إلى سورية سيأتي ذكرها.

(١٠) في بعض الأحداث في أيام الملك الظاهر

الملك الظاهر هو بيبرس البندقداري الذي قتل قطز سنة ١٢٦٠، واستبد بالسلطنة، وكان قطز قد استناب بدمشق علم الدين سنجر الحلبي، فاستقل بدمشق سنة ١٢٦١، وجهز الملك الظاهر عسكرًا أرسله إليه فاقتتل الطرفان في ظاهر دمشق، فولى الحلبي وأصحابه منهزمين إلى جهة بعلبك، فتبعه العسكر المصري وقبض عليه واعتقله وحُمل إلى مصر، واستقرت دمشق في ملك الظاهر، وتبعها في ذلك حمص وحماة وحلب، واستبد شمس الدين أقوش البرلي في حلب، فأرسل إليه الظاهر من طرده وكان التتر قد قتلوا الخليفة المستعصم العباسي، وفي سنة ١٢٦١ قدم إلى مصر جماعة من العرب، ومعهم شخص اسمه أحمد شهدوا أنه عم المستعصم، وأثبت القاضي نسبه فبايعه الظاهر والأعيان بالخلافة، ولُقب بالمستنصر بالله، وتوجه به الظاهر إلى دمشق، وأرسله إلى بغداد طامعًا أن يستولي عليها، وقبل أن يصل بغداد وصلت إليه التتر وقتلوه، فاستقدم الظاهر من حلب رجلًا من العباسيين، وبويع له بالخلافة ولقب الحاكم بأمر الله، واستمر هؤلاء الخلفاء بمصر على الخلافة الدينية ولا ولاية لهم إلى سنة ١٥١٧ التي فيها تخلى الخليفة الأخير منهم عن الخلافة إلى السلطان سليم الأول العثماني، فكان من العباسيين بمصر ١٥ خليفة وبالعراق ٣٧ خليفة.

وفي سنة ١٢٦٣ سار الظاهر إلى الشام وقبض على الملك المغيث صاحب الكرك وأرسله إلى مصر، وكان آخر العهد به ورتب أمور الكرك، وعاد إلى مصر، وفي سنة ١٢٦٥ عاد إلى سورية لقتال الإفرنج، ونازل قيصرية فلسطين وفتحها وهدمها، ثم فتح أرسوف وعاد إلى مصر، ثم رجع سنة ١٢٦٦ وجهز عسكرًا إلى ساحل طرابلس ففتحوا القليعات وحلب وعرقا ونزل هو على صفد وضايقها، وفتحها بالأمان، وفي سنة ١٢٦٨ قدم أيضًا إلى سورية، وفتح يافا وأخذها من الإفرنج ثم سار إلى أنطاكية ونازلها، فملكها عنوة وقتل عسكره أهلها وسبوا ذراريهم وغنموا أموالهم، وقال كثيرون من المؤرخين: إن عدد القتلى من النصارى بلغ إلى سبعة عشر ألف وعدد الأسرى مائة ألف، وكان فتحها في أول أيار سنة ١٢٦٨ وكان الإفرنج قد فتحوها سنة ١٠٩٨، فمدة ملكهم لها مائة وسبعون سنة.

وفي سنة ١٢٧٠ أغار على عكا فرأى أن لا مطمع له فيها، فرحل عنها وجهز عسكرًا إلى بلاد الإسماعيلية، فتسلموا حصن مصياف، وفي سنة ١٢٧١ نازل حصن الأكراد وهو للإفرنج، فملكه بالأمان ثم سار إلى حصن عكار وملكه وتسلم قلعة القليعات، وفي سنة ١٢٧٠ عاد القديس لويس التاسع ملك إفرنسة إلى المشرق، وسار أولًا إلى تونس فتوفي بها، وكان إدوار بن إنريكوس الثالث ملك إنكلترا قد لحق به، فأتى إلى فلسطين فأعاد الإفرنج خط الاتصال بين مدنهم الذي كان المسلمون قد قطعوه، وملكوا الناصرة التي كان الظاهر أحرق كنيستها، وأرسل أمير يافا إلى الأمير إدوار المذكور رجلًا إسماعيليًّا بهيئة رسول، فطعن الأمير بمدية في ذراعه ثم في جبهته فأخذ الأمير المدية منه فطعنه في بطنه، ولم يشأ أن يبقى بسورية بعد برئه فعقد هدنة مع الظاهر إلى مدة عشر سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام، وعاد إلى بلاده سنة ١٢٧١ وتوفي الظاهر سنة ١٢٧٨ بدمشق ودفن قرب الجامع الأموي.

(١١) في خلافة ولدي الملك الظاهر وما كان في أيام قلاون الصالحي

بعد اشتهار خبر وفاة الملك الظاهر خلفه ابنه سنة ١٢٧٨، ولقب الملك السعيد وأساء إلى بعض الأمراء، فعملوا على خلعه وحاصروه بقلعة الجبل بالقاهرة سنة ١٢٨٠، وخامر عليه من كانوا معه فطاوعهم على الانخلاع وأقاموا مكانه أخاه بدر الدين، ولقبوه الملك العادل وكان عمره إذ ذاك سبع سنين، وصار الأمير سيف الدين قلاون الصالحي أمير الأمراء، وأرسل شمس الدين سنقر الأشقر ليكون نائب السلطنة بدمشق فسار وتولاها، لكن الأمراء انقلبوا على الملك العادل فخعلوه، وأجلسوا الأمير قلاون الصالحي على منصة الملك، وسموه الملك المنصور، فأبى سنقر الأشقر نائب دمشق الطاعة له واستبد بملك سورية، وسمي الملك الكامل، فجهز عليه قلاون عسكرًا وخرج إليهم سنقر إلى ظاهر دمشق فهزموه، فسار إلى الرحبة ثم إلى صهيون فاستولى عليها وعلى الشفر وبكاس وشيزر وأباميا وعكار، وكاتب أبغا بن هولاكو ملك التتر وأطمعه في البلاد، فسار قلاون من مصر إلى سورية سنة ١٢٨٢، وأرسل عسكرًا إلى أملاك سنقر، فترددت الرسل بين السلطان قلاون وسنقر، فصالحه السلطان ليقوى على التتر.

وفي سنة ١٢٨٢ المذكورة حشد أبغا ابن ملك التتر الجيوش، وبلغوا إلى حمص فالتقاهم الملك المنصور من دمشق، ووافاه سنقر المذكور وصاحب حماة، فاقتتل الفريقان في ظاهر حمص، وكانت الدائرة على التتر فولوا مدبرين، وتبعهم المسلمون يقتلون منهم ويأسرون، واستقر ملك سورية للملك المنصور قلاون.

وفي سنة ١٢٨٣ سارت بعض العساكر الإسلامية، فحاصرت قرية أهدن وملكوها بعد أربعين يومًا، وخربوا القلعة التي كانت في وسطها والحصن الذي على رأس الجبل، وفتحوا بقوفا ودكوها وقتلوا أهل حصرون وكفر سارون، وهرب أهل الحدت إلى مغارة فيها صهريج، فقتلوا من أدركوه ودمروا القرية وأماتوا من لجئوا إلى مغارة حوقا بجر ماء نبع مار سمعان بشري إليها، ثم رجع هؤلاء الغزاة ولم يقيموا بجبة بشري، وفي سنة ١٢٨٥ توفي الملك المنصور صاحب حماة، وهو من الأيوبيين فولى قلاون عليها ابنه الملك المظفر، وفي سنة ١٢٨٦ نازل السلطان قلاون حصن المرقب، وكان بيد الإفرنج فأخذه بالأمان وخرج الإفرنج منه بما أمكنهم حمله، وفي سنة ١٢٨٨ أخذ قلعة صهيون من سنقر الأشقر المذكور.

وفي سنة ١٢٨٩ نازل أطرابلس بالعساكر المصرية والشامية، واشتد القتال وطال إلى أن دخلها عنوةً فهرب أهلها إلى المينا، فنجا أقلهم بالمراكب وقُتل أكثر سكانها، وأمر السلطان فهدمت المدينة ودكت إلى الأرض، وهرب كثيرون من الإفرنج إلى جزيرة قريبة من هناك، فعبر المسلمون بخيلهم سابحة فقتلوا جميع من فيها من الرجال، وغنموا من كان بها من النساء والصغار، وكانت أطرابلس بيد بيومند السابع أمير أنطاكية، وكنت أطرابلس وكان صغيرًا تدبر أمه شئون الولاية تحت مناظرة أسقف طرسوس، وكان بين أهل المدينة بعد موت بيومند السادس اختلافات، فساعد ذلك على أخذ المسلمين مدينتهم بعد أن بقيت بيد الإفرنج نحو مائة وخمس وثمانين سنة، وبعد أخذ أطرابلس أخذ السلطان يتجهز لفتح عكا، وخرج سنة ١٢٩٠ من مصر بالعساكر المتوافرة فأصابه داء أودى به.

(١٢) في ما كان بسورية في أيام الأشرف بن قلاون «فتح عكا وغيرها»

بعد وفاة الملك المنصور قلاون الصالحي خلفه ابنه الملك الأشرف صلاح الدين خليل، وسار في سنة ١٢٩٠ المذكورة بالعساكر المصرية إلى عكا، ودعى إليها العساكر الشامية، وحاصرها حصارًا شديدًا وعظم عليها القتال، ولم يغلق الإفرنج أكثر أبوابها بل كانوا يقاتلون عليها، ودام الحصار عدة أسابيع وكان عسكر المسلمين نحو أربعين ألف فارس، ومائتي ألف رجل من مصر انضم إليهم نحو من مائتي ألف آخرين من سورية، ولم يكن رجال الحرب في عكا في أول الأمر أكثر من عشرين ألفًا، وفي ١٨ من أيار سنة ١٢٩١ دخل المسلمون المدينة، واستمرت الحرب في داخلها حتى قتل فيها جمٌّ غفير، وفر بعض الأهلين بالمراكب التي كانت قليلة حينئذٍ، فنجا بها قليلون، وكان البطريرك نيقولاوس الأورشليمي حينئذٍ بعكا، وكان يؤثر الموت مع شعبه فأنزلوه مكرهًا إلى قارب يوصله إلى المركب، فأخذ الراعي الصالح معه كثيرين حتى أثقلوا القارب، فغرق بهم جميعًا، وأمر السلطان بهدم كل القلاع والحصون والدور والكنائس المشهورة، فدُكت وأمست عكا قاعًا صفصفًا وكوم أنقاض.

فأخذ المسلمون عكا ووقع الرعب في قلوب الإفرنج، فهرب أهل صور أولًا إلى طرسوس، ثم إلى قبرس، وأرسل السلطان سنجر الشجاعي نائب السلطنة بدمشق، فأخذ صيدا ثم انتقل إلى بيروت ونزل بقلعتها، وأمر الإفرنج أن ينقلوا أولادهم ونساءهم إليها، وظنوه مشفقًا عليهم فقبض على الرجال وقيدهم وألقاهم في الخندق، وهدم أسوار المدينة وقلعتها، وجهز من بقي من أهلها إلى دمشق ثم إلى مصر، ولما وصلوا إليها خيرهم السلطان بين العود إلى بيروت أو التوجه إلى قبرس، وأصبحت بهذه الفتوحات جميع البلاد الساحلية للمسلمين، وأتم الملك الأشرف طرد الإفرنج من سورية، ومن سلم منهم وهو أقلهم هرب إلى قبرس ثم إلى المغرب أو اختبأ عند النصارى بلبنان، فكانت مدة مقام الإفرنج بسورية من فتحهم أنطاكية سنة ١٠٩٨ إلى طردهم من عكا سنة ١٢٩١ مائة وثلاث وتسعين سنة شمسية، وأقام السلطان الأشرف من زاوية أطرابلس إلى صيدا بعض عشائر التركمان والمسلمين تحوطًا من عود الإفرنج؛ لتكون هذه العشائر فاصلة بينهم وبين النصارى الوطنيين، واستمرت بقية من هذه العشائر في المواضع المذكورة إلى الآن.

وفي سنة ١٢٩٢ عاد الأشرف من مصر إلى سورية وتوصل إلى حلب، وسار إلى قلعة الروم على الفرات وفتحها عنوة وقتل أهلها ونهبها، واستناب بدمشق عز الدين أيبك الحموي وعزل منها سنجر الشجاعي، وعزل قراسنقر المنصوري عن نيابة حلب، وولى مكانه سيف الدين بلبان، وفي سنة ١٢٩٤ كان مقتل السلطان الأشرف، قتله بيدرا نائب السلطنة، ولاجين الذي كان السلطان قد عزله عن نيابة دمشق، وقراسنقر الذي عزله عن نيابة حلب، واتفق القاتلون على سلطنة بيدرا، فاجتمع مماليك السلطان المقتول فقتلوا بيدرا وبددوا أصحابه، وأقاموا في السلطنة الملك الناصر أخا الملك الأشرف.

(١٣) تتمة الأحداث بسورية إلى آخر هذا القرن

إن الأمراء أقاموا عند الملك الناصر كتبغا المنصوري نائبًا للسلطنة، ففي سنة ١٢٩٥ حجر كتبغا على السلطان بقلعة الجبل بالقاهرة، وحجب الناس عنه واستحلفهم له، وجلس على سرير السلطنة ولقب نفسه بالملك العادل، وفي سنة ١٢٩٦ سار إلى سورية وقدم دمشق، ثم حمص وتوجه إلى جوسية على طريق بعلبك، وكان قد اشتراها وعمرها وعزله عز الدين عن نيابة دمشق وولَّى موضعه سيف الدين غرلو مملوكه، وفي سنة ١٢٩٧ خرج الملك العادل من دمشق عائدًا إلى مصر، ووصل إلى نهر العوجا فوثب عليه لاجين أحد قتلة الأشرف المار ذكره فقتل مملوكين له، وفر العادل إلى دمشق ولم يجد من يدافع عنه، فخلع نفسه من السلطنة، فأعطاه لاجين صرخد فسار إليها، واجتمع الأمراء المحازبون للاجين فأقاموه ملكًا ولقبوه الملك المنصور، وجعل نائبًا بدمشق سيف الدين قبجق بوضع غرلو المذكور، وفي سنة ١٢٩٩ وثب على الملك المنصور جماعة من المماليك الصبيان الذين اصطفاهم لنفسه فقتلوه، وأقام الأمراء مكانه الملك الناصر الذي كان كتبغا قد خلعه، وفوض نيابة دمشق إلى جمال الدين الأخرم، وفي سنة ١٢٩٩ توفي الملك المظهر صاحب حماة من الأيوبيين وهو عم والد أبي أفغدا المؤرخ، وانقطعت الحكومة منهم بوفاته؛ لأن الناصر نصب قراسنقر المذكور قبلًا في مكانه، ولكن رجعت إليهم بنصب أبي الفداء كما سترى.

وفي سنة ١٣٠٠ حمل التتر مرة أخرى على سورية بإمرة قازان بن أرغون ملك التتر، ووصلوا إلى حلب فدخلوها ثم أتوا إلى حماة، وسارت العساكر الإسلامية صحبة الملك الناصر، والتقى العسكران في شرقي حمص، فانكسر المسلمون وتشتت شملهم، وتبعهم التتر، واستولوا على دمشق واتصلوا إلى القدس وغزة والكرك، ودعا داعٍ قازان إلى أن يعود إلى بلاده، فعاد ولما بلغ الملك الناصر عوده جهز عسكرًا إلى سورية، فخاف التتر وارتحلوا إلى بلادهم، ودخل عسكر مصر إلى دمشق، ورتب أمراؤه أمورها فجعلوا جلال الدين أقوش الأخرم نائبًا بدمشق وقراسنقر نائبًا بحلب، وكان قازان المذكور يعتد النصارى أخلص حلفائه وأكثرهم أمانة لملكه، وكان علم الصليب يسير بجانب علمه الملكي، وقد أرسل وفودًا ورسائل إلى الحبر الروماني وملوك أوروبا يطلب المحالفة معهم، ويعد أن يسلمهم الأرض المقدسة فلم يتيسر الأمر حينئذٍ.

(١٤) في المشاهير السوريين في القرن الثالث عشر

  • ابن الساعاتي: هو دمشقي الأصل ويُلقب بهاء الدين، وكان شاعرًا مبرزًا في حلبة المتأخرين، وله ديوان شعر في مجلدين أجاد فيه كل الإجادة، وديوان آخر لطيف سماه مقطعات النيل، وتوفي سنة ١٢٠٧.
  • الشيخ علي الطرابلسي: ذكر المطران إسطفان عواد كتابًا له في المكتبة الماديشية بفيرانسا عنوانه زينة الحكيم، فرغ من تأليفه سنة ١٢١٩ يشتمل على أربع مقالات: الأولى في المعادن وتهيئتها لاستعمال الطبيب، والثانية في ماهية الحجر الذي يسمونه حجر الفلسفة وكيفية تركيبه، والثالثة في السيميا وتفسير أسرارها وهي صناعة استعملها العرب؛ ليعرفوا أمزجة الأجسام زاعمين أنهم يعرفون المستقبلات معرفة أكيدة بواسطة تركيب بعض الحروف وقلب الأسماء، والرابعة في استعمال العقاقير الحيوانية على مذهب جالينوس.
  • ياقوت الحموي: أصله رومي أسر من بلاده صغيرًا، وابتاعه ببغداد رجل حموي، واستعمله في تجارته ثم أعتقه واشتغل بنسخ الكتب بالأجرة، ثم عكف على التصنيف والتأليف، فله إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء في أربعة مجلدات، ذكر فيه كثيرين من النحاة واللغويين والنسابين والمؤرخين وغيرهم، وكتاب في أخبار الشعراء القدماء والمتأخرين، وكتاب معجم البلدان، ومعجم الشعراء ومعجم الأدباء وكتاب المشترك، وكتاب المبدأ والمآل في التاريخ، وكتاب أخبار المتنبي إلى غيرها، وتوفي ياقوت الحموي بحلب سنة ١٢٢٩.
  • بهاء الدين بن شداد: قاضي حلب الفقيه الشافعي خدم صلاح الدين الأيوبي، وولاه قضاء العسكر والحكم بالقدس، وبعد وفاة صلاح الدين خدم الملك الظاهر صاحب حلب، فولاه قضاءها، وعمرت في أيامه مدارس كثيرة، ولم يكن لأحدٍ معه في الدولة كلام، وتوفي سنة ١٢٣٥، وله من المؤلفات ملجأ الحكام عند إتيان الأحكام، وكتاب دلائل الأحكام في مجلدين، والموجز الباهر في الفقه وسيرة صلاح الدين الأيوبي وغيرها.
  • عبد المحسن التنوخي الحلبي: توفي سنة ١٢٤٦، وعني بالأدب وجمع كتابًا في الأخبار والنوادر في عشرين مجلدًا، وله ديوان شعر وديوان ترسل وكتاب مفتاح الأفراح في امتداح الراح.
  • ابن أبي أصيبعة: ولد بدمشق وكان من أصدقاء ابن البيطار، وتوفي سنة ١٢٦٩ وله مؤلف سماه عيون الأنباء في طبقات الأطباء ذكر فيه مشاهير الأطباء والطبيعيين من كل الأمم، وطبع بالقاهرة سنة ١٣٠٠.
  • علاء الدين الدمشقي: توفي سنة ١٢٦٩ وله كتاب عنوانه شرح الأصول العامة في صناعة الطب قسمه إلى أربعة أقسام: الأول في أصول الطب النظري والعملي والثاني في إعداد المآكل والأدوية البسيطة والمركبة، والثالث في أمراض كل من الأعضاء الخاصة وعللها، والرابع في الأمراض التي تصيب جزءًا من الجسد وعللها وأعراضها.
  • محمد بن مالك: وُلد بالأندلس سنة ١٢٠٤ وصرف عمره بدمشق وحلب في إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية، وأربى على المتقدمين وكان في النحو والتصريف بحرًا لا تشق لججه، وكان عجيبًا بحفظه أشعار العرب وباطلاعه على الحديث، وله من التآليف ألفيته المشهورة التي شرحها كثيرون منهم ابن الناظم وابن عقيل والأشموني، وهذه الشروح طبعت مرات بل طبعت الألفية ببريس سنة ١٨٣٣ ولبسيك سنة ١٨٥١، وله أيضًا كتاب الفوائد في النحو وسبك المنظوم وفك المختوم، وكتاب الكافية الشافية ثلاثة آلاف بيت وشرحها، والخلاصة ومختصر الشافية وإكمال الأعلام بمثلث الكلام وفعل وافعل والمقدمة الأسدية باسم ولده الأسد، وعدة اللافظ وعمدة الحافظ والنظم الأوجز في ما يهمز والاعتضاد بالظاء والضاد إلى غيرها.

وعاصر هؤلاء في غير سورية فخر الدين الرازي صاحب التآليف الكثيرة منها تفسير القرآن، وله في علم الكلام المطالب العالية ونهاية العقول، وكتاب البيان والبرهان على أهل الزيغ والطغيان، وكتاب إرشاد الأنظار إلى لطائف الأسرار، وله في الفقه والمحصول والمعالم وفي الحكمة الملخص، وشرح الإشارات لابن سينا وشرح عيون الحكمة، وله في الطب شرح الكليات لقانون ابن سينا إلى غير ذلك، وكان له مع هذه العلوم شتى من النظم، وتوفي الرازي سنة ١٢٠٩ وكان من أبناء الأثير مجد الدين وله جامع الأصول في أحاديث الرسول، وكتاب النهاية في غريب الحديث في خمسة مجلدات وكتاب الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف في تفسير القرآن إلى كثير غيرها، وتوفي سنة ١٢١٠، ومن أبناء الأثير عز الدين صاحب التاريخ المشهور المعروف بالكامل، وله أيضًا كتاب أخبار الصحابة في ستة مجلدات إلى غير ذلك وتوفي سنة ١٢٣٣، ومنهم ضياء الدين ومن تآليفه المثل السائر في آداب الكاتب والشاعر، والوشي المرقوم في حل المنظوم وإلى غير ذلك، وتوفي سنة ١٢٤٠.

ومن المشاهير في هذا القرن عثمان بن الحاجب وله الكافية في النحو والشافية في التصريف، وللكافية عدة شروح وله مؤلف في أصول الفقه، وتوفي سنة ١٢٤٩ وابن البيطار واشتهر بعلم النبات وله عدة مصنفات في الطب منها المغني ومداواة الأعضاء وله في النبات كتاب المفردات المشهور وتوفي بدمشق سنة ١٢٤٨، ومنهم عمر بن الفارض صاحب الديوان المشهور الذي طُبع مرارًا مع شروحه وتوفي سنة ١٢٣٥، ومنهم ابن خلكان صاحب وفيات الأعيان المشهور وله مؤلفات غيره وتوفي سنة ١٢٨٢ بدمشق، ومنهم البيضاوي وله في تفسير القرآن أنوار التنزيل، وأسرار التأويل وفي التوحيد طوالع الأنوار وهو فلسفي ديني، وله كتاب سماه نظام التواريخ، وتوفي بتبريز سنة ١٢٨٧.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤