الفصل الثامن

في تاريخ سورية الديني في القرن التاسع عشر

في بطاركية أنطاكية في هذا القرن

(١) في بطاركة أنطاكية للروم الملكية غير المتحدين

بعد وفاة البطريرك أفتيميوس سنة ١٨١٣ خلفه حينئذٍ سيرافيم، واستمر على الكرسي الأنطاكي إلى سنة ١٨٣٢، فخلفه متوديوس من نكسس فدبر البطريركية إلى سنة ١٨٥٠، وخلفه في تلك السنة البطريرك إياروتاوس من غانفورا، واستمر يدبر شئون البطريركية خمسًا وثلاثين سنة، وتوفاه الله سنة ١٨٨٥، وخلفه تلك السنة السيد جراسيميوس من المورة، فقام بأعباء البطريركية الأنطاكية ست سنين، وانتقل سنة ١٨٩١ إلى بطريركية أورشليم وخلفه على الكرسي الأنطاكي البطريرك سبيريدون من قبرس، واستمر يدبر البطريركية الأنطاكية ثماني سنين، وخلفه السيد ملاتيوس الثاني ابن موسى دوماني من دمشق، وتوفي سنة ١٩٠٦، وخلفه السيد غريغوريوس حداد البطريرك الحالي.

(٢) في بطاركة الموارنة الأنطاكيين

إن البطريرك يوسف التيان صير بطريركًا سنة ١٧٩٦، وكان قد وُلد في بيروت، وتخرج في العلوم بمدرسة الطائفة برومة، ورقي إلى درجة الكهنوت سنة ١٧٨٤، وأرسله أعيان الطائفة إلى رومة نائبًا عنها لرد البطريرك يوسف إسطفان إلى المقام البطريركي، وقضى وطر الطائفة على أحسن حال، ورقاه البطريرك يوسف إسطفان إلى أسقفية دمشق سنة ١٧٨٦، ثم استقال من هذه الأسقفية وجعل نائبًا بطريركيًّا في الروحيات، ولما توفي البطريرك فيلبوس الجميل خلفه في البطريركية في ٢٨ نيسان سنة ١٧٩٦، وأقام يدبر البطريركية بغيرةٍ لا يدانيها ملل، وكانت مناقشة بينه وبين المطران جرمانوس آدم الملكي الكاثوليكي سنة ١٧٩٩ على السلطة المطلقة للحبر الروماني، فكتب هذا البطريرك ثلاث رسائل بيَّن بها صراحة رأيه مفندًا رأي الباحث معه، وكان يؤثر هذا البطريرك العيشة بالنسك والانفراد على أعباء البطريركية، وزاد في رغبته هذه معاكسة بعض الأساقفة لبعض رغائبه الخيرية، واستمالوا إليهم بعض أصحاب الأمر فاستقال من البطريركية سنة ١٨٠٩، ولزم العيشة النسكية في دير القديس يوحنا مارون، وفي دير قنوبين وأدركته المنية في هذا الدير في ٢٠ شباط سنة ١٨٢٠، وقد أرَّخ بعضهم وفاته بقوله: غاب ضياها.

وبعد استقالة البطريرك يوسف التيان انتخب البطريرك يوحنا الحلو في ٨ حزيران سنة ١٨٠٩، وانتقل للسكنى بدير قنوبين سنة ١٨١١، وأخذ في إصلاح أملاكه وأحواله بعد أن كان مهملًا لسكنى البطاركة في كسروان، وحول دير مار يوحنا مارون بكفر حي مدرسة خاصة لأبرشية جبيل والبترون سنة ١٨١٢، وجعل دير مار مارون الرومية بكسروان مدرسة عامة للطائفة سنة ١٨١٧، وعقد مجمع لويزة سنة ١٨١٨، وذهب للقاء ربه في ١٢ أيار سنة ١٨٢٣ في دير قنوبين.

وخلفه في بطريركية الموارنة الأنطاكية البطريرك يوسف حبيش من ساحل علما بكسروان، وكان قد تخرج بالعلوم في مدرسة عين ورقة، ورقاه المطران أنطون الخازن إلى درجة الكهنوت في ٢٦ حزيران سنة ١٨١٤، ورقاه البطريرك يوحنا الحلو إلى أسقفية أطرابلس في ٣٠ك ٢ سنة ١٨٢٠، ولما توفي البطريرك يوحنا الحلو انتخب بطريركًا في ٢٥ أيار سنة ١٨٢٣، وحوَّل دير مار عبدا هرهريا مدرسة عامة لطائفته سنة ١٨٣٠، وكذا فعل بدير مار سركيس وباخوس بريفون سنة ١٨٣٣، وجعل مدرسة الموارنة بعنطورا ديرًا للمرسلين اللبنانيين، وتوفاه الله سنة ١٨٤٥.

وخلفه البطريرك يوسف الخازن من عجلتون، وهو من تلاميذ مدرسة عين ورقة ودبَّر البطريركية بروح وداعة إلى سنة ١٨٥٤، وخلفه البطريرك بولس مسعد من عشقوت، وكان قد تخرج بالعلوم بمدرسة عين ورقة، ثم بمدرسة مجمع نشر الإيمان المقدس برومة وكان عالمًا، وله عدة تآليف منها الدر المنظوم ردًّا على أسئلة البطريرك مكسيموس مظلوم، وكتاب في انبثاق الروح القدس من الآب والابن ردًّا على فتح الله مراش الحلبي إلى غير ذلك، وجمع من أوراق الكرسي البطريركي التي كانت مشتتة مجلدين ضخمين، وزار سنة ١٨٦٧ رومة وباريس والأستانة العلية، ولقي من أصحابها كل تجلة وتكريم، وقد أبنت ذلك بتفصيل في كتابي سفر الأخبار في سفر الأحبار، وانتقل إلى السعادة الخالدة سنة ١٨٩٠.

وخلفه البطريرك يوحنا الحاج من دلبتا، وهو من تلامذة مدرسة عين ورقة، ومن أعماله الخطيرة إنشاؤه وهو أسقف ثروة طائلة لكرسي أبرشيته بعلبك، وتجديده بناء دير بكركي الكرسي البطريركي، وجعله صرحًا يعز له النظير، وسعى نائبه المطران إلياس الحويك بتجديد مدرسة الموارنة برومة، ونال من حكومة إفرنسة ثمانية كراسي لثمانية تلاميذ موارنة بمدرسة سان سولبيس بباريس، واشترى في القدس دارًا للطائفة يقيم به نائب بطريركي، وتوفي البطريرك يوحنا في آخر سنة ١٨٩٨.

وخلفه بطريركنا الحالي السيد إلياس الحويك من حلتا في بلاد البترون، تلقى العلوم حتى الفلسفة بمدرسة الآباء اليسوعيين بغزير، ثم درس اللاهوت في مدرسة مجمع نشر الإيمان برومة، ونال رتبة ملفان، وقد أنشأ صرحًا جديدًا للبطريركية على مقربةٍ من قنوبين وسماه جديدة قنوبين، وقد مر أنه كان هو الساعي بتجديد مدرسة رومة، وبأخذ الكراسي من حكومة إفرنسة، وشراء المحل في القدس أطال الله أيام رياسته ووفقه إلى عمل الخير.

(٣) في بطاركة أنطاكية المتحدين في القرن التاسع عشر

ذكرنا في تاريخ القرن السالف أن البطريرك أغابيوس مطر انتُخب سنة ١٧٩٧، ففي سنة ١٨٠٦ عُقد مجمعًا بدير القديس أنطونيوس في القرقفة، وسنوا به قوانين لإصلاح التهذيب البيعي، وفي سنة ١٨١١ اشترى دار الشيخ سعد الخوري بعينتراز، وجعله مدرسة إكليريكية، ورأس عليها المطران مكسيموس مظلوم، وتوفي هذا البطريرك سنة ١٨١٢.

وخلفه البطريرك أغناتيوس صروف سنة ١٨١٢ نفسها، لكنه لم يبق في البطريركية إلا نحو تسعة أشهر وسطا عليه إلياس عماد وأولاده، واغتالوه ظلمًا، فقبض عليهم جميعًا الأمير بشير وشنقهم، وقام بعد أغناتيوس البطريرك أثاناسيوس مطر، وكان أخا البطريرك أغابيوس مطر المذكور ومن الرهبانية المخلصية، وكان انتخابه سنة ١٨١٣، ولم يستمر على البطريركية إلا نحو ثلاثة أشهر وتوفي مطعونًا، وانتُخب مكانه البطريرك مكاريوس الطويل سنة ١٨١٣، واستأثرت رحمة الله به سنة ١٨١٥، وانتُخب بعده البطريرك أغناتيوس القطان، وابتلاه الله بمرضٍ في عينيه أدى به إلى فقد بصره، وتحمل مصابه بالصبر الجميل إلى أن توفاه الله سنة ١٨٣٣.

وخلفه البطريرك مكسيموس مظلوم، وكان مطرانًا على حلب، فتنزل عن رئاسة هذه الأبرشية في رومة فسماه البابا أسقف ميراليكية، وعكف في مدة إقامته برومة على درس اللغات اليونانية والإيطالية واللاتينية، وعلى ترجمة كتب إلى العربية منها: كتاب أمجاد مريم، وكتاب الاستعداد للموت، وألف بعض كتب أيضًا، وبعد أن انتُخب بطريركًا عقد مجمعًا في عين تراز سنة ١٨٣٥ وضع فيه ٢٥ قانونًا، أثبته الكرسي الرسولي وسنة ١٨٣٨ نال براءة سلطانية بأن يسمى رئيسًا على كرسي أنطاكية وإسكندرية وأورشليم، وعرفت الدولة طائفة مستقلة عن الروم الملكيين، وفي سنة ١٨٥٣ سار إلى إسكندرية لبناء الكنيسة، والدار البطريركية فتوفي هناك سنة ١٨٥٥.

وبعد وفاته انتُخب البطريرك إكليمنضوس مجوث، وهو من الرهبانية المخلصية وقد التبك كثيرًا بالقلق الذي كان في ملته من جراء اتباع الحساب الغريغوري، حتى حمله أخيرًا على أن يستقيل من البطريركية سنة ١٨٦٤، وانقطع إلى الزهد والورع والسيرة النسكية الشاقة إلى أن نقله الله إليه سنة ١٨٨٢.

وبعد استقالته انتُخب البطريرك غريغوريوس يوسف من رشيد بمصر مولدًا، وهو دمشقي أصلًا وكان أول اهتمامه بإزالة القلق من ملته بسبب الحساب، فيسر الله له ذلك وأخذ بإنشاء المدرسة المعروفة بالبطريركية ببيروت سنة ١٨٦٥، وجمع طلبة إكليريكيين إلى مدرسة عين تراز، وشهد المجمع الواتيكاني برومة سنة ١٨٦٩، وأنشأ كثيرًا من الكنائس والمعابد والمكاتب لملته، وكان غيورًا على شعبه راغبًا في خيره ونجاحه إلى أن أدركته الوفاة سنة ١٨٩٧.

وخلفه البطريرك بطرس الجريجيري من زحلة، وأبدى صنوف الغيرة والجهاد في خير ملته، ولم يفسح الله بأجله بل عاجلته المنية في أوائل سنة ١٩٠٢، وخلفه البطريرك كيرلس جحي من حلب، وهو بطريركهم الآن، أتاح الله له التوفيق لخير الدين الكاثوليكي وملته.

(٤) في بطاركة أنطاكية على السريان الكاثوليكيين

إن بعض السريان اليعاقبة عادوا إلى الإيمان الكاثوليكي على أثر المجمع الفلورنسي، لكنهم ارتدوا إلى بدعتهم، ثم اعتنق الإيمان القويم أندراوس أخيجان الحلبي على يد البطريرك يوسف العاقوري، وأرسله البطريرك يوحنا الصفراوي إلى مدرسة الموارنة برومة فتخرج بالعلوم، فرقاه إلى درجتي الكهنوت ثم الأسقفية سنة ١٦٥٦، وأرسله إلى حلب يصحبه القس إسطفان الدويهي (الذي صار بعدًا بطريركًا)، فردَّا كثيرين من اليعاقبة إلى الإيمان القويم، ولما توفي أغناتيوس سمعان بطريرك اليعاقبة سنة ١٦٥٩ سمى الكرسي الرسولي أندراوس أخيجان بطريركًا على السريان الكاثوليكيين، وتوفاه الله سنة ١٦٧٨، وخلفه البطريرك أغناتيوس بطرس غريغوريوس وثبته الحبر الروماني سنة ١٦٧٩، وتوفي بالسجن بأدنة بمكيدة جرجس بطريرك اليعاقبة سنة ١٧٠١.

ولم يقم بعد ذلك بطريرك على هؤلاء السريان إلا في سنة ١٧٨٣، حين جحد المطران ديونيسيوس جروة اليعقوبية، واعترف بالإيمان الكاثوليكي وأقنع أربعة أساقفة يعقوبيين أن يقتدوا به، ففعلوا وهم إبراهيم ونعمة وموسى وجيورجيوس بشارة وانتخبوه بطريركًا، وثبته البابا بيوس السادس سنة ١٧٨٣، وإذ لم يتمكن من السكنى بين اليعاقبة لجأ إلى لبنان، فقبله الموارنة بالإكرام، وسكن في دير الشرفة بكسروان وتوفي به سنة ١٨٠٠.

وبعد وفاته انتُخب كيرلس بهنام مطران الموصل بطريركًا فلم يقبل، فاجتمع رأي الأساقفة على انتخاب الخوري ميخائيل ضاهر من حلب سنة ١٨٠٢، ورقوه إلى الأسقفية ثم إلى البطريركية، وثبته البابا بيوس السابع سنة ١٨٠٣، ثم استقال سنة ١٨١٠ وبقي كرسيهم فارغًا مدة.

وفي سنة ١٨١٤ أقيم عليهم غريغوريوس سمعان الموصلي مطران أورشليم بطريركًا، لكنه استقال قبل أن يبلغه التثبيت وبقي كرسيهم فارغًا إلى أن اجتمع أساقفتهم في دير الشرفة، وانتخبوا بطريركًا غريغوريوس بطرس جروة ابن أخي بطريركهم ميخائيل جروة المذكور سنة ١٨٢٠، وحضر إلى رومة فثبته البابا لاون الثاني عشر سنة ١٨٢٨. وفي سنة ١٨٣٩ عرفتهم الحكومة السنية ملة مستقلة، فتملصوا من مضايقة اليعاقبة لهم. وتوفي البطريرك بطرس جروة سنة ١٨٥١.

وخلفه السيد أنطونيوس السمحيري سنة ١٨٥٣، وجعل سكناه في ماردين حيث بنى كنيسة ودارًا بجانبها، وتوفي سنة ١٨٦٤ وخلفه السيد فيلبس عركوش سنة ١٨٦٦، وتوفي سنة ١٨٧٤ وخلفه السيد جرجس شلحت مطران حلب تلك السنة، وتوفي سنة ١٨٩١، وخلفه السيد بهنام بني مطران الموصل، وتوفي سنة ١٨٩٧، وخلفه السيد إفرام الرحماني مطران الرها أولًا، ثم مطران حلب، وكان انتخابه سنة ١٨٩٨، وثبته الكرسي الرسولي تلك السنة وهو بطريركهم الآن، وفقه الله إلى عمل الخير.

(٥) في بطاركة أورشليم على الروم غير المتحدين واللاتينيين

بعد وفاة البطريرك أفتيميوس المذكور في تاريخ القرن السالف سنة ١٨٠٨، انتُخب بوليكربوس بطريركًا على الكرسي الأورشليمي، واحترق في أيامه هيكل القيامة فعني بتجديده، ولم تنته سنة ١٨١١ إلا وعاد الهيكل إلى رونقه السابق، وتوفي هذا البطريرك سنة ١٨٢٧ وخلفه يوسف الخامس، وقد أنشأ بعض كنائس وتوفي سنة ١٨٤٤، وخلفه سنة ١٨٤٥ كيرلس ويُوصف بالثاني وأنشأ مدرسة للعلوم السامية واللغات، ومدرسة استعدادية للذكور وأخرى للإناث، وتوفي سنة ١٨٧٢، وخلفه بروكوبيوس الثاني، ولم يقم في البطريركية إلا ثلاث سنين، وتوفي سنة ١٨٧٥، فخلفه إيروثيوس واستمر في الرئاسة إلى سنة ١٨٨٢، وخلفه البطريرك نيقوديموس ودبَّر البطريركية إلى سنة ١٨٩٠، واعتزل البطريركية لخلافٍ وقع بينه وبين الرهبان، ونظنه حيًّا إلى الآن في الأستانة، وخلفه السيد جراسيموس منتقلًا من كرسي أنطاكية إلى كرسي أورشليم سنة ١٨٩١، واستمر إلى سنة ١٨٩٧، وخلفه السيد دميانوس وهو البطريرك الآن.

وأما بطاركة أورشليم على اللاتينيين، فقد ذكرنا منهم في تاريخ سورية للقرنين الثاني عشر والثالث عشر من كانوا حينئذٍ مع بطاركة أنطاكية، وبعد أن غرق نيقولاوس بطريرك أورشيلم عند محاصرة الملك الأشرف عكا سنة ١٢٨١ اختار البابا إينوشنسيوس الخامس رودلفوس الثاني بطريركًا على أورشليم، وتوفي سنة ١٣٠٣، فصار الأحبار الأعظمون يسمون بطاركة شرفًا على أورشليم، ويقيمون برومة إلى أن حسن للبابا بيوس التاسع أن ينصب السيد يوسف فالركا بطريركًا مقيمًا بأورشليم سنة ١٨٤٧، ويخضع لسلطته اللاتينيون الذين بفلسطين وقبرس، وأضاف بعد ذلك إليه القصادة الرسولية بسورية، وتوفي سنة ١٨٧٣، وخلفه السيد منصور براكو، وبقي مدبرًا البطريركية إلى سنة ١٨٨٨ وخلفه سنة ١٨٨٩ السيد لودوفيكوس بيافي، وكان قاصدًا رسوليًّا بسورية، وقد توفي هذا سنة ١٩٠٥ ولم يسم الكرسي الرسولي خلفًا له إلى الآن.

(٦) في بطاركة الأرمن بلبنان

يعلم كل من له إلمامٌ بالتاريخ أن الأرمن بعد تشبثهم ببدعة الطبيعة الواحدة زمانًا مديدًا، رجع بعضهم إلى الإيمان القويم في آونة متباينة، ولم يثبتوا إلى أن قام منهم ملكيور طاسباس مطران ماردين في أواسط القرن السابع عشر، وصار كاثوليكيًّا وانضم إليه جماعة، ولكن نفي إلى الأستانة بسعاية الأرمن غير الكاثوليكيين، ومات في منفاه سنة ١٧١٤، وفر حينئذٍ يعقوب مطران مرعش الكاثوليكي، ولجأ إلى البطريرك إسطفانوس الدويهي وأقام عنده في قنوبين عدة سنين، ورقى بطرس بطريرك كيليكيا إبريهام العينتابي الأرمني إلى أسقفية حلب سنة ١٧٠٨، وكان كاثوليكيًّا، وفي سنة ١٧٣٩ انتُخب إبريهام المذكور بطريركًا على كيليكيا، وسار إلى رومة فثبته البابا بناديكتوس الرابع عشر سنة ١٧٤٢، وأنفذ رسالة إلى بطريرك الموارنة سنة ١٧٤٣ يوصيه بها بالبطريرك إبريهام المذكور، فحضر إلى لبنان وجعل سكناه بدير الكريم بكسروان، وكان أربعة شبان قد أنشئوا هذا الدير، وانقطعوا به لعبادة الله، وأبدى الموارنة كل مساعدة وتكريم للبطريرك وجماعته، وتوفي إبريهام البطريرك سنة ١٧٤٩، ودفن بدير الكريم، وخلفه السيد يعقوب مطران حلب وتثبت سنة ١٧٥٠، وكان الشيخ شرف دهام الخازن قد وقف عليهم محل دير بزمار، فباشروا البناء فيه، وتوفي البطريرك يعقوب سنة ١٧٥٣، وخلفه السيد ميخائيل مطران حلب وثبته البابا بناديكتوس الرابع عشر، وتوفي سنة ١٧٧٠، وخلفه باسيليوس مطران أدنة سنة ١٧٨٠، وتوفي سنة ١٧٨٨، وخلفه غريغوريوس مطران أدنة أيضًا، وأنشأ مدرستهم ببزمار سنة ١٧٩٠ وتوفي سنة ١٨١٢.

وخلفه غريغوريوس الثاني مطران مرعش، وثبته البابا بيوس السابع سنة ١٨١٩ وتوفي سنة ١٨٤٠، وخلفه يعقوب الثاني أماسيا سنة ١٨٤١، وتثبت سنة ١٨٤٢، وتوفي سنة ١٨٤٣ وخلفه ميخائيل أسقف قيسارية، ودعي غريغوريوس الثالث وتثبت سنة ١٨٤٤، وبعد وفاته سنة ١٨٦٦ حسن للكرسي الرسولي أن يضم الأرمن الذين يرعاهم الجاثليق المقيم بالأستانة إلى الأرمن المقيمين في بطريركية كيليكيا، ولدى اجتماعهم بعد وفاة البطريرك غريغوريوس انتخبوا السيد حسون جاثليق القسطنطينية بطريركًا لكيليكيا أيضًا سنة ١٨٦٦، ونشأت في ملتهم اختلافات أفضت إلى انشقاقٍ بينهم إلى حسونيين وكوبلييانيين، وحسن للكرسي الرسولي أن يسمي البطريرك حسون كردينالًا، وانتخب الأرمن الكاثوليكيون السيد إسطفانوس عازريان بطريركًا سنة ١٨٨١، وتوفي سنة ١٨٩٩ وخلفه بولس عمانوليان، وتوفي في سنة ١٩٠٤ وخلفه السيد صباغيان.

وكان الفراغ من تسويد هذا الموجز في ١١ أيلول سنة ١٩٠٥، تقبل الله أتعابي به كفارةً عن سيئاتي الماضية، واستمدادًا لما يراني أحوج إليه من نعمه في ما أبقاه لي من أنفاسي.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤