مرتا البانية١

١

مات والدها وهي في المهد، وماتت أمها قبل بلوغها العاشرة، فتُركت يتيمة في بيت جار فقير يعيش مع رفيقته وصغاره من بذور الأرض وثمارها، في تلك المزرعة المنفردة بين أودية لبنان الجميلة.

مات والدها ولم يورثها غير اسمه وكوخ حقير قائم بين أشجار الجوز والحور، وماتت أمها ولم تترك لها سوى دموع الأسى وذل التيتُّم، فباتت غريبة في أرض مولدها، وحيدة بين تلك الصخور العالية والأشجار المُحتبكة. وكانت تسير في كل صباح عارية الأقدام رثَّة الثوب وراء بقرة حلوب إلى طرف الوادي حيث المرعى الخصيب، وتجلس بظلِّ الأغصان مُترنِّمة مع العصافير باكية مع الجدول، حاسدة البقرة على وفرة المأكل، مُتأملة بنمو الزهور ورفرفة الفراش. وعندما تغيب الشمس ويُضنيها الجوع ترجع نحو ذلك الكوخ وتجلس مع صبية وليها مُلتهمة خبز الذرة مع قليل من الثمار المجففة والبقول المغموسة بالخل والزيت، ثم تفترش القش اليابس مُسندة رأسها بساعديها، وتنام مُتنهِّدة مُتمنية لو كانت الحياة كلها نومًا عميقًا لا تقطعه الأحلام ولا تليه اليقظة، وعند مجيء الفجر ينتهرها وليها لقضاء حاجة، فتهبُّ من رقادها مُرتعدة خائفة من سخطه وتعنيفه.

كذا مرَّت الأعوام على مرتا المسكينة بين تلك الروابي والأودية البعيدة، فكانت تنمو بنمو الأنصاب، وتتولد في قلبها العواطف على غير معرفة منها، مثلما يتولد العطر في أعماق الزهرة، وتنتابها الأحلام والهواجس مثلما تتناول القطعان مجاري المياه، فصارت صبية ذات فكرة تُشابه تربة جِيدة عذراء لم تُلقِ بها المعرفة بذورًا ولا مشت عليها أقدام الاختبار، وذات نفس كبيرة طاهرة منفية بحكم القدر إلى تلك المزرعة حيث تنقلب الحياة مع فصول السنة كأنها إله غير معروف جالس بين الأرض والشمس.

نحن الذين صرفوا معظم العمر في المدن الآهلة نكاد لا نعرف شيئًا عن معيشة سكان القرى والمزارع المنزوية في أعمال لبنان، قد سرنا مع تيار المدنية الحديثة حتى نسينا أو تناسينا فلسفة تلك الحياة الجميلة البسيطة المملوءة طُهرًا ونقاوة، تلك الحياة إذا ما تأملناها وجدناها مبتسمة في الربيع، مُثقلة في الصيف، مُستغلة في الخريف، مرتاحة في الشتاء، مُتشبهة بأمناء الطبيعة في كل أدوارها. نحن أكثر من القرويين مالًا وهم أشرف منَّا نفوسًا. نحن نزرع كثيرًا ولا نحصد شيئًا، أما هم فيحصدون ما يزرعون. نحن وهم أبناء قناعتهم. نحن نشرب كأس الحياة ممزوجة بمرارة اليأس والخوف والملل، وهم يرتشفونه صافيًا.

بلغت مرتا السادسة عشرة وصارت نفسها مثل مرآة صقيلة تعكس محاسن الحقول، وقلبها شبيه بخلايا الوادي يرجع صدى كل الأصوات. ففي يوم من أيام الخريف المملوءة بتأوُّه الطبيعة جلسَتْ بقرب العين المنعتقة من أسر الأرض انعتاق الأفكار من مُخيلة الشاعر، تتأمل باضطراب أوراق الأشجار المصفرَّة وتَلَاعُب الهواء بها مثلما يتلاعب الموت بأرواح البشر، تنظر نحو الزهور فتراها قد ذبلت ويبست قلوبها حتى تشقَّقت وأصبحت تستودع التراب بدورها، مثلما تفعل النساء بالجواهر والحلي أيام الثورات والحروب.

وبينما هي تنظر إلى الزهور وتشعر معها بألم فراق الصيف سمعت حوافر على حصباء الوادي، فالتفتت وإذا بفارسٍ يتقدم نحوها ببطء، ولمَّا اقترب من العين، وقد دلَّتْ ملامحه وملابسه على ترفٍ وكياسة — ترجَّل عن ظهر جواده فحيَّاها بلطفٍ ما تعوَّدته من رجلٍ قط، ثم سألها قائلًا: «قد تُهتُ عن الطريق المؤدية إلى الساحل، فهل لكِ أن تهديني أيتها الفتاة.» فأجابت وقد وقفت مُنتصبة كالغصن على حافة العين: «لستُ أدري يا سيدي، ولكني أذهب وأسأل وليِّي فهو يعلم.» قالت هذه الكلمات بوجلٍ ظاهر، وقد أكسبها الحياء جمالًا ورقَّةً، وإذ همَّتْ بالذهاب أوقفها الرجل وقد سَرَتْ في عروقه خمرة الشبيبة وتغيَّرت نظراته وقال: «لا، لا تذهبي.» فوقفت في مكانها مُستغربة شاعرة بوجود قوة في صوته تمنعها عن الحراك، ولمَّا اختلست من الحياء نظرة إليه رأته يتأمل بها باهتمامٍ لم تفقه له معنى، ويبتسم لها بلطفٍ سحري يكاد يُبكيها لعذوبته، وينظر بمودة وميل إلى أقدامها العاريتين ومعصمَيها الجميلَين وعنقها الأملس وشعرها الكثيف الناعم، ويتأمل بافتتانٍ وشغف كيف قد لوحت الشمس بشرتها وقوَّت الطبيعة ساعديها. أما هي فكانت مُطرقة خجلًا لا تريد الانصراف ولا تقوى على الكلام لأسبابٍ لا تعرف مفادها.

في ذلك المساء رجعت البقرة الحلوب وحدها إلى الحظيرة، أما مرتا فلم ترجع. ولمَّا عاد وليها من الحقل بحث عنها بين تلك الوِهاد ولم يجدها، فكان يناديها باسمها ولا يجيبه غير الكهوف وتأوُّه الهواء بين الأشجار، فرجع مُكتئبًا إلى كوخه وأخبر زوجته، فبكت طول ذلك الليل، وكانت تقول في سرِّها: «قد رأيتها مرة الحلم بين أظافر وحش كاسر يُمزق جسدها، وهي تبتسم وتبكي.»

•••

هذا إجمال ما عرفته عن حياة مرتا في تلك المزرعة الجميلة، وقد تخبَّرته من شيخ قروي عرفها مذ كانت طفلة حتى شَبَّت واختفت من تلك الأماكن، غير تاركة خلفها سوى دموع قليلة في عينَي امرأة وليها، وذكرى رقيقة مؤثرة تسيل مع نُسيمات الصباح في ذلك الوادي ثم تضمحل كأنها لهات طفل على بلور النافذة.

٢

جاء خريف سنة ١٩٠٠ فعُدتُ إلى بيروت بعد أن صرفت العطلة في شمال لبنان، وقبل دخولي المدرسة قضيتُ أسبوعًا كاملًا أتجوَّل مع أترابي في المدينة مُتمتعين بغبطة الحرية التي تعشقها الشبيبة وتحترمها في منازل الأهل، وبين جدران المدرسة ومثل عصافير رأت أبواب الأقفاص مفتوحة أمامها فصارت تُشبع القلب من لذة التنقل وغبطة التغريد. الشبيبة حلم جميل تسترق عذوبته معميات الكتب وتجعله يقظة قاسية، فهل يجيء يوم يجمع فيه الحكماء بين أحلام الشبيبة ولذة المعرفة مثلما يجمع العتاب بين القلوب المتنافرة؟ هل يجيء يوم تصبح فيه الطبيعة معلمة ابن آدم والإنسانية كتابه والحياة مدرسته؟ هل يجيء ذلك اليوم؟ لا ندري، ولكننا نشغله بسيرنا الحثيث نحو الارتقاء الروحي، وذلك الارتقاء هو إدراك جمال الكائنات بواسطة عواطف نفوسنا واستدرار السعادة بمحبتنا ذلك الجمال.

ففي عشيَّة يوم وقد جلستُ على شرفة النزل أتأمل العراك المستمر في ساحة المدينة، وأسمع جلبة باعة الشوارع ومُناداة كل منهم عن طيبِ ما لديه من السلع والمآكل، اقترب مني صبي ابن خمس سنين يرتدي أطمارًا بالية ويحمل على منكبيه طبقًا عليه طاقات الزهور، وبصوتٍ ضعيف الذل الموروث والانكسار الأليم قال: «أتشتري زهرًا يا سيدي؟» فنظرتُ إلى وجهه الصغير المصفر، وتأملتُ بعينيه المكحولتين بخيالات التعاسة والفاقة، وفمه المفتوح قليلًا كأنه جرح عميق في صدرٍ متوجع، وذراعيه العاريتين النحيلتين، وقامته الصغيرة المهزولة المنحنية على طبق الزهور كأنها غصن من الورد الأصفر الذابل بين الأعشاب النضيرة. تأملتُ بكل هذه الأشياء بلمحة، مُظهرًا شفقتي بابتسامة. أمَرُّ من الدموعِ تلك الابتسامات التي تنبثق من أعماق قلوبنا وتظهر على شفاهنا، ولو تركناها وشأنها لتصاعدت وانسكبت من مآقينا. ثم ابتعتُ بعض زهوره وبُغيتي ابتياع محادثته؛ لأنني شعرتُ بأن من وراء نظراته المُحزنة قلبًا صغيرًا يستر فصلًا من مأساة الفقراء الدائم تمثيلًا على مرسح الأيام، وقلَّ من يهتم بمشاهرتها لأنها موجعة. ولمَّا خاطبته بكلماتٍ لطيفة استأمن واستأنس ونظر إليَّ مُستغربًا؛ لأنه مثل أترابه الفقراء لم يتعوَّد غير خشن الكلام من الفتافي الذين ينظرون غالبًا إلى صبية الأزقَّة كأشياء قذرة لا شأن لها، وليس كنفوس صغيرة مكلومة بأسهم الدهر. وسألته إذ ذاك قائلًا: «ما اسمك؟» فأجاب وعيناه مُطرقتان في الأرض: «اسمي فؤاد»، قلت: «ابن من أنت وأين أهلك؟» قال: «أنا ابن مرتا البانية»، قلت: «وأين والدك؟» فهزَّ رأسه الصغير كمن يجهل معنى الوالد، فقلت: «وأين أمك يا فؤاد؟» قال: «مريضة في البيت.»

تجرَّعَتْ مسامعي هذه الكلمات القليلة من فم الصبي وامتصَّتها عواطفي مُبتدعة صورًا وأشباحًا غريبة محزنة؛ لأني عرفت بلحظة أن مرتا المسكينة التي سمعت حكايتها من ذلك القرويُّ هي الآن في الآن في بيروت مريضة. تلك الصبية التي كانت بالأمس مُستأمنة بين أشجار الأودية هي اليوم في المدينة تعاني مضض الفقر والأوجاع. تلك اليتيمة التي صرفت شبيبتها على أكُفِّ الطبيعة ترعى البقر في الحقول الجميلة قد انحدرت مع جرف نهر المدنية الفاسدة، وصارت فريسة بين أظافر التعاسة والشقاء.

كنت أفتكر وأتخيل هذه الأشياء والصبي ينظر إليَّ وكأنه رأى بعين نفسه الطاهرة انسحاق قلبي، ولمَّا أراد الانصراف أمسكتُ بيده قائلًا: «سِر بي إلى أمك لأني أريد أن أراها.» سار أمامي صامتًا مُتعجبًا، ومن حينٍ إلى آخر كان ينظر إلى الوراء ليرى ما إذا كنت بالحقيقة مُتبعًا خطواته.

في تلك الأزِقَّة القذرة حيث يختمر الهواء بأنفاس الموت. بين تلك المنازل البالية حيث يرتكب الأشرار جرائمهم مُختبئين بستائر الظلمة في تلك المنعطفات الملتوية إلى اليمين وإلى الشمال التواء الأفاعي، كنتُ أشعر بخوفٍ وتهيُّب وراء صبي له من حداثته ونقاوة قلبه شجاعة لا يشعر بها من كان خبيرًا بمكايد أجلاف القوم في مدينة يدعوها الشرقيُّون عروس سوريا ودرَّة تاج السلاطين. حتى إذا ما بلغنا أذيال الحي دخل الصبي بيتًا حقيرًا لم تُبقِ منه السنون غيرَ جانب مُتداعٍ، فدخلتُ خلفه وطرقات قلبي تتسارع كلما اقتربت حتى صرت في وسط غرفة رطبة الهواء، ليس فيها من الأثاث غير سراج ضعيف يُغالب الظلمة بسهام أشعَّته الصفراء، وسرير حقير يدل على عَوَز مُبرح وفقر مُدقع، مُنطرحة عليه امرأة نائمة قد حوَّلت وجهها نحو الحائط كأنها تحتمي به من مظالم العالم، أو كأنها وجدت بين حجارته قلبًا أرقَّ وأليَن من قلوب البشر. ولمَّا اقترب الصبي منهما مُناديًا: يا أُماه، التفتت إليه فرأته يُومئ نحوي، فتحرَّكَتْ إذ ذاك بين اللُّحُف الرثَّة، وبصوتٍ مُوجع يلاحقه ألم النفس والتنهيدات المُرَّة قالت: «ماذا تريد يا رجل؟ هل جئت لتبتاع حياتي الأخيرة وتجعلها دَنِسَة بشهوتك؟ اذهب عني فالأزِقَّة مشحونة بالنساء اللواتي يبِعنكَ أجسادهن ونفوسهن بأبخس الأثمان، أما أنا فلم يبقَ لي ما أبيعه غير فضلات أنفاسٍ مُتقطعة عمَّا قريب يشتريها الموت براحة القبر.»

فاقتربت من سريرها وقد آلمَتْ كلماتُها قلبي؛ لأنها مُختصر حكايتها التعيسة، وقلت لها متمنيًا لو كانت عواطف تسيل مع الكلام: «لا تخافي يا مرتا، فأنا لم أجئ إليك كحيوان جائع، بل كإنسان مُتوجِّع. أنا لبناني، وقد عشتُ زمنًا في تلك الأودية والقرى القريبة من غابة الأرز. لا تخافي مني يا مرتا.»

سمعَتْ كلماتي وشعرتْ بأنها صادرة من أعماق نفس تتألم معها، فاهتزت على مضجعها مثل القضبان العارية أمام رياح الشتاء، ووضعت يديها على وجهها كأنها تريد أن تستر ذاتها من أمام الذكرى الهائلة بحلاوتها المرة بجمالها، وبعد سكينة ممزوجة بالتأوُّه ظهر وجهها من بين كفَّيها المرتجفتين، فرأيتُ عينين غائرتين مُحدقتين بشيءٍ غير منظور مُنتصب في فضاء الغرفة، وشفتين يابستين تحركهما ارتعاشات اليأس، وعنقًا تتردد فيه حشرجة النزع المصحوبة بأنينٍ عميق منقطع. وبصوتٍ يبثه الالتماس والاستعطاف ويسترجعه الضعف والألم قالت: «جئتَ مُحسِنًا مُشفقًا. فلتَجْزِك السماء عني إن كان الإحسان على الخطأة بِرًّا والشفقة على المرذولين صلاحًا. ولكني أطلب إليك أن تعود من حيث أتيت؛ لأن وقوفك في هذا يُكسبك عارًا ومذمَّة، وحنانك عليَّ يُثمر لك عيبًا ومهانة. ارجع قبل أن يراك أحد في هذه الغرفة الدنسة المملوءة بأقذار الخنازير، وسِر مُسرعًا ساترًا وجهك بأثوابك كي لا يعرفك عابر الطريق. إن الشفقة التي تملأ نفسك لا تعيد إليَّ طهارتي ولا تمحو عيوبي، ولا تزيل يد الموت القوية عن قلبي. أنا منفيَّة بحكم تعاستي وذنوبي إلى هذه الأعماق المظلمة، فلا تدع شفقتك تُدنيك من العيوب، أنا كالبَرَص الساكن بين القبور، فلا تقترب مني لأن الجامعة تحسبك دنسًا وتُقصيك عنها إن فعلت. ارجع الآن، ولا تذكر اسمي في تلك الأودية المقوسة؛ لأن النعجة الجرباء يُنكرها راعيها خوفًا على قطيعه، وإذا ذكرتني قُل قد ماتت مرتا البانية ولا تقل غير ذلك.» ثم أخذت يدَي ابنها الصغيرتين وقبَّلتهما بلهفةٍ وقالت مُتنهدة: «سوف ينظر الناس إلى ولدي بعين السخرية والاحتقار قائلين: هذا ثمرة الإثم. هذا ابن مرتا الزانية. هذا ابن العار. هذا ابن الصدف. سوف يقولون عنه أكثر من ذلك؛ لأنهم عميان لا يبصرون، وجُهلاء لا يدرون بأن أمه قد طهرت طفوليَّته بأوجاعها ودموعها، وكفَّرت عن حياته بتعاسته وشقائها. سوف أموت وأتركه يتيمًا بين صبيان الأزِقَّة، وحيدًا في هذه الحياة القاسية، غير تاركة له سوى ذكرى هائلة تُخجله إن كان جبانًا خاملًا، وتُهيج دمه إن كان شجاعًا عادلًا. فإن حفظته السماء وشبَّ رجلًا قويًّا ساعد السماء على الذي جنى عليه وعلى أمه، وإن مات وتملَّص من شبكة السنين وجدني مترقبة قدومه هناك حيث النور والراحة.»

فقلت وقلبي يوحي إليَّ: «لستِ كالأبرص يا مرتا وإن سكنتِ بين القبور، ولستِ دنسة وإن وضعَتكِ الحياة بين أيدي الدنسين. وإن أدران الجسد لا تُلامس النفس النقية، والثلوج المتراكمة لا تُميت البذور الحية، وما هذه الحياة سوى بيدر أحزان تُدرَس عليه أغمار النفوس قبل أن تُعطى غلَّتها، ولكن ويل للسنابل المتروكة خارج البيدر؛ لأن تملَّ الأرض بحملها وطيور السماء تلتقطها فلا تدخل أهراء رب الحقل. أنتِ مظلومة يا مرتا، وظالمكِ هو ابن القصور ذو المال الكثير والنفس الصغيرة. أنتِ مظلومة ومُحتقَرة.»

١  نسبةً إلى «بان»، وهي قرية في شمال «لبنان».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤