الفصل الثالث عشر

القصة الحقيقية لقرية عظيمة

عُدنا ونحن مسلحون بما اكتسبناه من معرفة جديدة عن الطاعون النزفي إلى واحد من أشهر ابتلاءات الطاعون كي نُعيد فحص مساره. هذا الابتلاء يقدم صورة معبرة عن الرعب الذي أثارته إحدى نوبات التفشي.

لقد توصلنا أيضًا إلى اكتشاف مذهل، فحتى في ضربة الطاعون الأولى، المعروفة باسم الموت الأسود، رأينا أمارات على أن بعض الأشخاص الذين حتمًا كانوا معرضين للإصابة بالعدوى، كانوا على ما يبدو محصنين ضد هذا المرض الجديد. وفيما ثار الطاعون على مدار الثلاثمائة عام التالية، وتكشفت أحداث قصتنا شيئًا فشيئًا، جمعنا المزيد والمزيد من الإشارات والأدلة عن هذا الأمر.

نبحث في هذا الفصل الوباء في إيم (التي نُقشت فيها على الألواح المقدسة فكرة الطاعون الدَّبْلِي باعتباره العامل المسئول عن الطاعون) ونكتشف خيطًا مهمًّا آخر عن طبيعة مقاومة الطاعون الدَّبْلِي، التي تكوَّنت تدريجيًّا لدى الأشخاص في أوروبا إبَّان عصر الطَّوَاعِين.

(١) صنع خُرافة

المرة الأولى التي رُوِيَتْ فيها قصة قرية إيم بمقاطعة دربيشير، أشهر قرية ضربها الطاعون على الإطلاق، كانت عام ١٨٥٥. يتضح بشدة من هذه الرواية أن الجميع بما فيهم القرويون اعتقدوا أنه كان مرضًا معديًا ينتقل مباشرة من إنسان إلى آخَر. أقنع الكاهن ويليام مومبسون أهل القرية أن من واجبهم أن يقيموا طوقًا صحيًّا حول حدود إيم، وأن يمنعوا أي شخص من الدخول إليها (وكأن ثمة شخصًا سيرغب في الذهاب إلى هناك من الأساس)، أو الأهم من ذلك، مغادرة القرية. لم يكن مسموحًا لأي شخص بالفرار من القرية؛ فمن يَفِرَّ فسوف يأخذ العدوى إلى القرى أو البلدات الأخرى (مع أن البعض هرب بالفعل في المراحل الأولى من موجة التفشي). مكث قاطنو القرية هناك محتجزين، وشاهد بعضهم بعضًا وهم يموتون واحدًا تلو الآخر. نجحت هذه التضحية البطولية أيما نجاح وجرى احتواء الطاعون داخل القرية.

بعدما أوضح يرسين طبيعة الطاعون الدَّبْلِي في نهاية القرن التاسع عشر، وترسخت فكرةُ أن المرض كان السبب في الطَّوَاعِين، عدَّل الناس قصة إيم وحرفوها، وهكذا تشكلت قصة شعبية خرافية. وقد حفظها المؤرخون المحليون بعناية واهتمام كبيرين. وأصبحت القصة التقليدية تقول الآن (مع بعض الاختلافات): إن ألكسندر هادفيلد، خيَّاط القرية، تسلَّم صندوقًا به أقمشة مبللة، خرج منها برغوث مصاب (أو فأر مصاب كما في بعض الروايات) لدغ مساعده جورج فيكرز عندما علَّق الملابس لتجفيفها، عندئذٍ أُصيب فيكرز بإعياء شديد؛ فقد أُصيب بالهذَيان وظهرت أورام كبيرة على رقبته ومنطقة أعلى الفخذ. في اليوم الثالث، ظهرت بقعة الطاعون المميتة على صدره ومات من الطاعون الدَّبْلِي.

من المهم بصفة خاصة أن نكتشف على نحو قاطع حقيقة الطاعون في إيم؛ لأن الجميع لا يزالون يتشبثون بعناد بهذه القصة ذات المائة عام عن إحدى نوبات تفشي الطاعون الدَّبْلِي على الرغم من تناقض جميع الأدلة. على سبيل المثال، في الرابع والعشرين من فبراير ٢٠٠٢، بثت القناة الرابعة بالإذاعة البريطانية برنامجًا بعنوان «أسرار الموتى» كان يهدف إلى تقديم قصة عن إيم، وقد عرض البرنامج رجلًا ينفض قطعة قماش تحتوي على براغيث مصابة، ومع أنه صور وصول الطاعون الدَّبْلِي على هذا النحو، فإن بقية الحلقة صَوَّرت بوضوح انتشار مرض مُعْدٍ بسيط ينتقل مباشرة من شخص إلى آخر في أنحاء القرية.

قررت سو سكوت أن تقوم بالعمل الميداني على النحو المناسب، وقادت سيارتها عبر جبال البيناينز في يوم شتوي بارد لاستطلاع إيم. عاينت سو مسرح الجريمة بالاستعانة بخريطة، وشاهدت ما تبقى من الأدلة التي منها أكواخ الطاعون التي التُقط لها العديد من الصور والتي شهدت بَدْء الوباء، وخزانة في الهيكل الشمالي من الكنيسة يُقال إنها صُنعت من الصندوق الذي احتوى على القماش الشهير. كما زارت المتحف القومي، وعلمت أن تعدين الرصاص وصنع الأحذية ونسج الحرير كانت ذات يومٍ المهنَ التي يمتهنها أهل القرية.

figure
خريطة قرية إيم بمقاطعة دربيشير.

لم يشكك أحد في شجاعة أهل إيم، لكن عادة ما يشير المعلقون إلى أن طوق الحَجْر الصحي كان وسيلة عديمة الجدوى لمكافحة الفئران والطاعون الدَّبْلِي، وبعبارة أخرى، ذهبت تضحية القرويين سُدًى. هذا مخالف للمنطق؛ لأن ما حدث بالفعل هو أن حيلة تطويق البلدة نجحت نجاحًا كاملًا، ولم يفلت الطاعون ليهاجم أي مجتمع آخر على مقربة من البلدة. وكما رأينا فإن هذا يناقض تمامًا السلوك الفعلي للطاعون الدَّبْلِي في المنطقة الخلفية من ميناء مارسيليا في الفترة ما بين عامي ١٧٢٠ و١٧٢٢، التي أخفقت فيها الأطواق الصحية تمامًا، وزحف الطاعون الدَّبْلِي، وانتقل إلى الكثير من القرى والضِّياع المجاورة.

(٢) المحقق التاريخي يعمل من جديد

كما هو الحال دائمًا، توجد الحقيقة في سجلات الأَبْرَشِيَّة، التي حفظها كاهن إيم باهتمام كبير، وهي عبارة عن دفتر يومي للطاعون.

استهللنا عملنا بتحديد إجماليِّ وَفَيَات الطاعون شهريًّا، ووجدنا تشابهًا ملحوظًا مع أحداث بنريث. بدأ الطاعون في أوائل سبتمبر ١٦٦٥، ووصل إلى ذروة صغيرة في فصل الخريف، وتحديدًا في شهر أكتوبر. انحسر بعدها الوباء تدريجيًّا واستمر بصعوبة طيلة الشتاء. انفجرت المرحلة الثالثة من الوباء في مايو التالي وارتفعت سريعًا لتصل إلى ذروتها في أغسطس. بعدها خمد الوباء واختفى بحلول ديسمبر عام ١٦٦٦.

بَثَّتِ النتائج التي توصلنا إليها حتى ذلك الحين الحماسَ في نفوسنا، ورسمنا جدولًا يوضح انتشار العدوى داخل العائلات وبينها، وكانت النتائج حاسمة. مرة أخرى وصلت العدوى إلى القرية عن طريق مسافر غريب، وكان نمط نَوْبَتَيِ العدوى الثانية والثالثة مطابقًا لذلك الذي لبنريث. كانت فترة كُمون المرض ١٢ يومًا، والوقت بين الإصابة والموت ٣٧ يومًا. لم يكن هناك أدنى شك بأن نفس المرض المعدي كان السبب وراء الأوبئة في بنريث، وبعد مرور قرابة السبعين عامًا، في إيم.

كي نميط اللثام عن القصة الحقيقية للطاعون في إيم، لا بد أن نعود إلى الأدلة الأصلية التي اشتملت على وصايا أهل القرية وسجلات الأَبْرَشِيَّة. تقوم القصة التي سنقدمها على حقائق مأخوذة بدقة قدر المستطاع من المصادر الأولية. وقد أعدنا بالأخص ترتيب العائلات في إيم، واقتفينا أثر خطوط العدوى بينها.

figure
وفيات الطاعون الشهرية في إيم. كما الحال في بنريث، كانت هناك نوبة تفشٍّ صغيرة في خريف عام ١٦٦٥ أعقبتها فترة خمود في الشتاء، قبل أن يعاود المرض الظهور في الربيع ليصل إلى ذروته المعتادة في الصيف.

إيم واحدة من مجموعة قرًى قديمة منعزلة على الحافَة الشرقية من مقاطعة بيك في دربيشير، تقع على منحدرات فوق وادي ديروينت. ولما كانت مكانًا نائيًا ومنعزلًا عام ١٦٦٥ وتقع على ارتفاع ٢٤٥ مترًا فوق سطح البحر، فإن الوصول إليها كان عن طريق مَدَاقَّ وعرةٍ وضيقة. وحتى اليوم يمكن أن تسهو بسهولة عن اللافتة الموضوعة على الطريق التي تشير إلى وادي إيم ديل المنحدر والمغطى بالأشجار الكثيفة، وهي تقع على الطريق الخارج من ستوني ميدلتون، القرية القريبة التي قدَّمت مثل هذا الدعم الباسل لأهل إيم عندما كانوا يَجْلِبون لهم الطعام ويضعونه على حَجر الطاعون إبَّان أشهر الأزمة. وتقع أقرب بلدات منها وهي ماتلوك وتشيسترفيلد وباكستون وشيفيلد على بُعد نحو ١٢ ميلًا (١٩ كيلومترًا) وتقع مدينة السوق المحلية بيكويل على بعد ٧ أميال (١١ كيلومترًا) جنوبًا.

بُنيت معظم الأكواخ من الحجارة، وسُقفت بالبلاط الحجري، وفي الغالب كانت أرضياتها مصنوعة من الحجارة. لا تزال إيم قرية نشطة، ومع أنها تجذب عددًا هائلًا من السائحين سنويًّا فهي ليست خلابة المناظر ولا تحتوي على متاحف.

(٣) الخيَّاط المتجول

كانت ماري كوبر قد تزوجت من أحد العاملين بتعدين الرَّصاص، وأنجبت منه ولدين، هما: جوناثان، الذي كان في الثانية عشرة من عمره حين تُوُفِّيَ الزوج، وإدوارد في الثالثة. عندما تُوُفِّيَ زوجها تركها بلا سَنَدٍ في الحياة. لكن ماري تكيَّفت مع صُعوبات الحياة، وتزوجت من ألكسندر هادفيلد في السابع والعشرين من مارس عام ١٦٦٥، وعاشت العائلة معًا في أحد الأكواخ المكوَّنة من طابقين غرب فِناء الكنيسة في إيم.

بعد ذلك بخمسة أشهر، في التاسع من أغسطس ١٦٦٥، كانت ماري تعيش وَحْدَها مؤقتًا برفقة ولدها الأصغر؛ لأن ألكسندر والابن الأكبر كانا في مهمة بعيدًا؛ ليعملا بالأجرة في مَوْسِم الحصاد. قَرَعَ جورج فيكرز، خَيَّاط متجول، باب ماري، وسألها إن كان ممكنًا أن توفِّر له إقامة مؤقتة وهو يمارس عمله في القرية؟ فرحبت به بحفاوة؛ إذ لم يَكُنْ بحوزتها نقود على الإطلاق تكفي لشراء قُوتها، وبضعة بنسات أخرى ستعينها في نفقاتها.

خصصت ماري غرفة صغيرة لفيكرز في الكوخ، حيث كان ينام ويزاول أعماله، وكان لا بد من أن يلتفَّ حول المائدة مع بقية العائلة لتناول الطعام. في الصباح التالي كان يُرَوِّج لمنتجاته في الأكواخ المجاورة وفي المنازل الصغيرة القائمة على قارعة الطريق. وسرعان ما قَبِلَ الناسُ في المجتمع الصغير فيكرز، وعندما كان يُعَرِّج الجيران على ماري لرؤيتها، كانوا يجدون الوقت للتحدث معه ويمكثون في غرفته الصغيرة.

في صبيحة الثاني من سبتمبر، لم يحضر فيكرز لتناول الإفطار ووجدته ماري طريح حمى خبيثة. كان يشعر بالظمأ الشديد وتجرع كوبًا من الماء تلو الآخر.

في صبيحة اليوم التالي، كان من الواضح أن حالته أسوأ كثيرًا وكانت تتدهور بسرعة. وقد كان سقيمًا طَوال الليل ويصرخ بحُرقة. وكما رأت ماري، فقد تقيأ دمًا وبدأ ينزف من أنفه.

أخيرًا ذهبت ماري لطلب يَدِ العَوْن والنصيحة من الكاهن، الذي كان يسكن قريبًا. كان القس ويليام مومبسون رجلًا نشيطًا، في الثامنة والعشرين من عمره، يأخذ مهامَّه ككاهن أَبْرَشِيَّة إيم مأخذ جدٍّ وبضمير حيٍّ. وكان قد رأى الطاعون من قبلُ، وفي الحال تعرف على البُقَع النزفية، التي هي أمارات الرب، على صدر فيكرز.

لَقِيَ جورج فيكرز نَحْبَه في السابع من سبتمبر، وكان الموت بمنزلة عتق رحيم له. أقام ويليام مومبسون صلاة الجنازة عليه، ولم يحضرها سوى ألكسندر (الذي استُدعي في عُجالة) وماري هادفيلد. ساد القرية صمت كئيب حينذاك، فهل أصاب المرض المرعب أي شخص آخر؟

(٤) تفشي الوباء

بمرور الوقت بدأ بعض أهل القرية يراودهم الأمل في أن المرض لم يُصِبْ أحدًا، مع أن هذا كان أمرًا بعيد المنال. إلا أنه في السابع عشر من سبتمبر، أي بعد مرور ١٠ أيام على موت فيكرز، اشتكى الصغير إدوارد هادفيلد من الشُّعور بالإعياء، وانهارت ماري، وأدرك الجميع أن المرض كان نَشِطًا. تطابق هذا التوقف المؤقت بحذافيره مع التوقف الذي حدث عقب موت أندرو هوجسون في بنريث. وهكذا انتشرت العدوى بنفس الطريقة المتوقعة التي لطالما كان ينتشر بها الطاعون. وقد كان وحشيًّا.

في البداية، لَقِيَ جيران ماري القريبين، الذين كانت تربطهم علاقة مودَّة بفيكرز، نَحْبَهم، وسرعان ما بات جَلِيًّا أن الخياط المتجول كان قد نقل الطاعون إلى خمس عائلات أخرى، جميعهم يعيشون على مقربة من آل هادفيلد، ويتبادلون الزيارات مع ماري. مَزَّقَ المرض هذه العائلات على نحو متزايد كانتشار النيران في الهشيم. وكان آل سيدول يعيشون على الجانب المقابل من منزل ماري، ودُفنت ابنتهم سارة البالغة من العمر اثني عشر عامًا في الثلاثين من سبتمبر، وكانت قد نقلت العدوى وقتئذٍ إلى أربعة من إخوانها وأخواتها، إلى جانب والدها جون. لم تَنْجُ فقط سوى أمها إليزابيث وأختها إيموت، وهما شخصيتان مهمتان في قصتنا التي تتكشف شيئًا فشيئًا.

عانت ماري هادفيلد من مأساة ثانية عندما تُوُفِّيَ ابنها الأكبر جوناثان في الثامن والعشرين من أكتوبر؛ فلقد انتقلت إليه العدوى من أخيه إدوارد قُبَيْل موته.

استمر الوباء طِيلة خريف عام ١٦٦٥، واستمر الكاهن مومبسون في زيارة المرضى والمحتضرين والاعتناء بهم، كما ساعدهم أيضًا في تحرير وصاياهم، وأقام جميع الصلوات الجنائزية، وسجل بعناية جميع الوَفَيَات في سجلات الأَبْرَشِيَّة.

مع دنوِّ الشتاء، لاحظ مومبسون أن الوباء يخمد على ما يبدو. تُرى أيمكن أن يقضي عليه شتاء إيم البارد حقًّا؟ لكن هذا لم يحدث؛ لأن المراهقين ساعدوا على استمراره؛ فقد انتقلت العدوى إلى إليزابيث وأرينجتون من هيو ستابز في الثالث والعشرين من أكتوبر؛ وكانا كلاهما في الثامنة عشرة من العمر وفي الغالب كانا حبيبين. كانت إليزابيث حلْقة ربط مهمة في السلسلة؛ فحالات الوفاة القليلة التي حدثت في نوفمبر وديسمبر بسبب الطاعون كانت إليزابيث مصدرها جميعًا.

اجتاز المرض الشتاء في إيم بصعوبة؛ فقد استمر خط العدوى على نحو واهن طَوال الفترة الطويلة الممتدة من ديسمبر ١٦٦٥ حتى مايو ١٦٦٦، التي حدثت خلالها وَفَيَات قليلة من الطاعون.

استعد مومبسون للأسوأ عندما وجد أن الطاعون لا يزال نشطًا، وإن كان على نحو واهن، في أوائل الربيع. وطلب من زوجته كاثرين أن تأخذ أطفالهما ويمكثوا عند أصدقائهما في يوركشير، إلا أنها عادت لتبقى إلى جانب زوجها بعد أن أَوْدَعَتْ أطفالها مكانًا آمنًا. وقد كلفها ذلك القرار حياتها.

والآن نأتي لقصة إيموت سيدول المؤثرة التي نَجَتْ كما رأينا من تفشي الطاعون في عائلتها في أكتوبر. كانت إيموت مخطوبة لرولاند توري الذي كان يعيش في ستوني ميدلتون، ضَيْعَة تقع على بُعد نحو ميل، وكان يأتي ليراها كل يوم إبَّان الشتاء. لكن عندما عاود الطاعون الاستشراء في الربيع اتفقا على أن يأتيا كل ليلة إلى الجانبين المتقابلين لوادي كوكلت دلف، وهو مدرجات طبيعية، ويتواصلان بالصياح والإشارات. حضرت إيموت مراسم زواج أمها، التي كانت قد نَجَتْ أيضًا من موجة الوباء الأولى، والتي عاودت الزواج ثانية في الرابع والعشرين من أبريل عام ١٦٦٦. في الليلة التالية للزفاف، أخلفت إيموت موعد اللقاء؛ إذ انتقلت العدوى إليها بالفعل وأُصيبت بإعياء شديد. توقع رولاند أسوأ الاحتمالات، إلا أنه استمر في المجيء إلى وادي كوكلت دلف كل ليلة، وعندما رحل الطاعون أخيرًا ورُفع طوق الحَجْر الصحي، كان رولاند أول من هُرِعَ إلى القرية. والأمر المفجع أنه وجد أن إيموت كانت قد فارقت الحياة ومنزلها كان خاويًا.

كان زفاف إليزابيث سيدول حدثًا خطيرًا، فهناك انتقلت العدوى إلى إيزاك ثورنلي، البالغ من العمر ثلاثة عشر عامًا، من إيموت سيدول. وبعد موت إيموت أصبح إيزاك حلْقة الوصل الوحيدة الباقية على قيد الحياة في سلسلة العدوى، ولو كانت العدوى قد توقفت عنده لما كان هناك وباء، إلا أنه نقل العدوى إلى نحو ١٥ إلى ١٨ شخصًا آخر، وانفجر وباء الصيف بوَفَيَات مرعِبة، ووصل الوباء ذروته في أغسطس ثم انحسر تدريجيًّا.

ماذا ألمَّ بماري هادفيلد؟ لقد نَجَتْ من الطاعون بالرغم من اعتنائها بكل أفراد أسرتها وفقدانهم جميعًا، وتزوجت للمرة الثالثة بعدها بست سنوات في الخامس من يونيو عام ١٦٧٢. وكان زوجها هو مارشال هول (أو هاو).

تُدَوِّن سجلات الأَبْرَشِيَّة بالتفصيل الممِلِّ الأشهرَ المريعة لعامي ١٦٦٥ و١٦٦٦ عندما استقبل رجالٌ ونساءٌ وأطفالٌ الموتَ الشنيعَ بشجاعة. ولا نتعجب من شجاعتهم وثباتهم فحسب، بل هم أيضًا شهادة لنا عبر القرون؛ إذ يبعثون إلينا برسالة ثمينة عن طبيعة التصدي للطاعون النزفي.

(٥) طوق الحَجْر الصحي الشهير

تصرف الكاهن بحزم في أواخر مايو عام ١٦٦٦، ومع أن إجراءاته نجحت نجاحًا كاملًا في احتواء الوباء داخل القرية، فقد تأخر للغاية في منع الطاعون من تدمير أهل أبرشيته.

بادئ ذي بَدْء، أقنع الكاهن أهل الأَبْرَشِيَّة بوضع طوق الحَجْر الصحي الشهير. وكان بضعة أفراد من أهل القرية قد فَرُّوا بالفعل، وأبعد عددٌ من الأهالي أطفالَهم عن القرية. كان بعض أهالي القرية يعيشون خارجها على سفح تلٍّ خارج الطوق.

ثاني قرار اتخذه أهل القرية في يونيو عام ١٦٦٦ تمثل في إلغاء الجنازات المنظمة أو الدفن في فناء الكنيسة؛ إذ نصحهم الكاهن بدفن موتاهم في الحدائق أو البساتين أو الحقول.

كان ثالث قرار اتخذه الكاهن هو غلق الكنيسة وإقامة العبادة والصلوات في الهواء الطلق؛ ومن ثم تجنب احتشاد الناس معًا في الأماكن المغلقة. وكانت العبادة تُقام في مدرج كوكلت دلف الطبيعي حيث كان يلازم كلُّ فرد عائلتَه، التي كان يفصل كل منها عن الأخرى مسافة ما (على الأقل ٤ أمتار)، فيما كان مومبسون يقف على صخرة بارزة ليعظهم.

كانت كل هذه التدابير احتياطات سليمة لمكافحة مرض مُعْدٍ، وساعدت على حصر الإصابات بداخل العائلات، وفي الغالب ساعدت في كبح جماح نوبة التفشي. وفي آخر المطاف فشلت هذه التدابير وجرى الوباء مجراه الطبيعي (وإن كانت تدابير الصحة العامة ربما قد أوهنته) لثلاثة أسباب رئيسية:

أولًا: لم تبدأ ممارسات العزل في خريف عام ١٦٦٥. ثانيًا: لم يفهم الناس دلالة فترة الحضانة الطويلة على نحو صحيح، وإنما صبوا تركيزهم، بدلًا من ذلك، على الضحايا مع ظهور الأعراض. بحلول وقت ظهور الأعراض كانت تقل فعليًّا درجة نقل المرضى للعدوى؛ فمعظم الضرر يكون قد وقع بالفعل. أخيرًا: كان المرض ينتشر بسهولة أكبر بكثير في الهواء الطلق في مناخ الصيف الدافئ، وكان التغلب على العدوى أكثر صعوبة في هذا الوقت.

(٦) روايات وباء إيم

عاش مارشال هاو، الذي كان عاملًا في منجم للرَّصاص، في كوخ على الجانب الغربي من إيم، وقيل إنه أُصيب بالمرض لكن تعافى منه، مع أنه فقد في وقت لاحق زوجته وابنه. ولما رأى أنه في مأمن من المرض، تطوع لدفن الجثث حينما تعجز العائلات عن القيام بهذه المهمة. بعد ذلك بدأ يفرض رسومًا للدفن، وكثيرًا ما كان يستولي على مقتنيات المتوفين. يبدو أنه كان شخصية بغيضة، وكان يستغل مصائب الآخرين، وتذكر السجلات أنه بينما كان يجُرُّ جسد رجل يُدعى أنوين، ظانًّا أنه ميت، استعاد الرجل — أنوين — وعيه وطلب رَشْفَة ماء ونَجَا من الطاعون. نعتقد أنه ربما وقع خطأ صغير في السجلات في مكان ما، وأن هذا الرجل مارشال هاو هو نفسه الرجل الذي تزوجته ماري هادفيلد؛ ففي النهاية، فقد كلاهما زوجه بسبب الطاعون. وهي ليست بالنهاية الرومانسية بالنسبة لماري.

رأت إليزابيث هانكوك عائلتها تنمحي من على وجه الأرض في أسبوع واحد؛ حيث فقدت اثنين من أطفالها في الثالث من أغسطس، أعقبهما اثنان آخران وزوجها جون في السابع من أغسطس، ثم لقيت ابنتان أخريان حَتْفَهما في التاسع والعاشر من نفس الشهر. رأى أهل ستوني ميدلتون — وهم يتسلقون الحدَّ الصخري ليجلبوا المؤن والطعام إلى القرية المنكوبة — إليزابيث وهي تجرُّ الجثث لدفنها في حقل بالقرب من منزلها. وعقب انتهاء الوباء، ذهبت لتعيش برفقة ابنها المتبقي الوحيد في شيفيلد. وقد عاد أحد أحفاده إلى إيم، وجمع شواهد قبور الأبناء المتفرقة وجمعها حول قبر أبيهم، حيث يحوطها الآن سور لحمايتها، وهو المكان الذي يُطلق عليه قبور رايلي.

استمر مومبسون وزوجته في دأبهما على زيارة أهل أبرشيته. وذات أمسية، نحو التاسع عشر من أغسطس ١٦٦٦، فيما كانا عائدَيْنِ من إحدى هذه الزيارات، يقال إنها صاحت فجأة في حماس قائلة: «ما أطيب رائحة الهواء.» لا بد أن يكون الكاهن قد شُلَّ من الصدمة؛ إذ لم يكن يشم أي شيء غير مألوف، لكنه كان يدرك أن هذه واحدة من العلامات المميزة للطاعون. وماتت زوجته بين ذراعيه في الخامس والعشرين من أغسطس، ويمكن رؤية قبرها، الذي تُلتقَط له الكثير من الصور، في فناء الكنيسة.

على ما يبدو فإن هذه الرائحة الطيبة كان يشمها الضحايا قبيل ظهور الأعراض المؤلمة مباشرة. نجد مثالًا آخر على موضوع الرائحة الطيبة مسجَّلًا في ضيعة كوربار، التي تبعد ميلين جنوب شرق إيم، والتي كانت قد عانت من وباء قبل ٣٠ عامًا في ١٦٣٢؛ حيث كانت امرأة في زيارة لمنزل إحدى الضحايا، ولدى مغادرتها قالت لزوجها: «آه يا عزيزي، ما أحلى رائحة الهواء.» وفي تلك الليلة ظهرت على المرأة الأعراض الرئيسية، ووافتها المنية بعدها بخمسة أيام. هذه الرائحة الناتجة عن المرض هي في الغالب علامة مبكرة على موت أنسجة الأعضاء الداخلية. ترجع أهمية هذه القصة أيضًا إلى أنها توضح أن الطاعون كان متواجدًا في وقت غابر في هذه المنطقة النائية من دَربيشير.

كانت مارجريت بلاكوول (التي لا يزال منزلها قائمًا في إيم) تعيش مع أخيها فرانسيس؛ فقد تُوُفِّيَ أفراد عائلتهما الآخرون قبل ذلك. وفي نهاية المطاف أُصيبت مارجريت بالمرض، وبدا أنها في المراحل الأخيرة عندما صَبَّ أخوها — الذي كان قد أعدَّ الإفطار لنفسه — الدُّهنَ الزائد في وعاء وتركه في المطبخ. وعندما غَادَر المنزل كان على يقين من أنها ستكون قد فارقت الحياة لدى عودته. وبعد رحيله بقليل، تَغلَّبَ العطش الشديد (أحد الأعراض التقليدية للطاعون) على مارجريت التي كانت محمومةً، فقامت من فراشها، وما إن وجدت الدهن الدافئ الذي ظنت أنه لبن، حتى ازدردته بشراهة، ما جعلها تتقيأ أغلب الظن. وعندما عاد فرانسيس وجد مارجريت لا تزال على قيد الحياة، بل أقوى بكثير على نحو بادٍ للعيان كذلك. تعافت مارجريت وظلت على قناعة بأن دُهن الخنزير قد عالجها.

إنه لمن المدهش أن تعرف أن فرانسيس ومارجريت بلاكوول هما على الأرجح، في رأينا، أهم شخصيتين تاريخيتين في هذا السجل التاريخي للطاعون في قرية إيم. ثمة واحدة من أحفاد فرانسيس بلاكوول على قيد الحياة وتعيش في إيم اليوم. وكما سنرى لاحقًا، فحص علماء البيولوجيا الجزيئية تكوينها الجيني، وتمكنوا من إثبات الكيفية التي تمكنت بها مارجريت بلاكوول منذ ٣٠٠ عام أن تُصاب بالطاعون ثم تنجو، لم يكن للأمر علاقة بدهن الخنزير.

(٧) المقاومة الغامضة للمرض

يتضح لنا عند إعادة تركيب الأحداث في إيم أن بعض الأفراد كانوا مقاوِمين للمرض. أنوين ومارشال هول (أم هاو؟) ومارجريت بلاكوول، جميعًا أُصيبوا بالمرض لكنهم نَجَوْا من الموت، ولا بد أن ماري هادفيلد كانت على اتصال مباشر بأفراد عائلتها، وكانت تعتني بهم خلال مرضهم الأخير، وأما إليزابيث هانكوك، فقد دَفنت جميع أفراد عائلتها.

عمل الكاهن مومبسون بهمة ونشاط وسط رعايا أبرشيته المحتضرين، وماتت زوجته بين ذراعيه. وقد كتب بعدها:

خلال هذا البلاء العظيم، لم يَبْدُ عليَّ أقل عَرَضٍ من أعراض المرض، ولم أكن يومًا في صحةٍ أفضل مما كنت في ذلك الوقت. أُصيب خادمي بالمرض، ولدى ظهور الورم، أعطيته بعضًا من مضادات السموم الكيميائية التي أتت بمفعول، وبعد زوال الورم، بات في أتم صحة. وظلت خادمتي بصحة جيدة، وكان ذلك نعمة من الله؛ لأنها لو كانت قد مَرِضَت، لاضطررت لغسيل ملابسي وشراء مؤن الطعام بنفسي.

لقد نجا كل من ماري هادفيلد وإليزابيث هانكوك ومومبسون أيضًا.

(٨) تقدم الوباء

أُصيب الخَيَّاط جورج فيكرز بالعدوى في الأصل في الأول من أغسطس من عام ١٦٦٥ في مكان كان فيه وباءٌ عادةً ما يكون جامحًا في الصيف. أين كان هذا المكان تحديدًا؟ وإلى أي حدٍّ سافر فيكرز؟ لا توجد آثار لأية أوبئة في دربيشير أو المنطقة المحيطة في ذاك الوقت، بَيْد أن طاعون لندن العظيم كان يكسِب زخمًا حينذاك، وبالطبع فمن المحتمل أن يكون جورج قد أُصيب هناك.

كما رأينا بدأت موجات التفشي في إيم وبنريث في الخريف، وكانت تتشكل من وباءين منفصلين، لتبلغ مستوى ذروة طفيف في شهري أكتوبر ونوفمبر، ثم تخمد وتهدأ أثناء الشتاء، لتثور مرةً أخرى في الربيع التالي، وتصل إلى ذروتها نحو شهر أغسطس، وبعدها بدأت تخمد، وقد عَجَّلَ بزوالها الأخير بَدْء الشتاء التالي.

درسنا بعدها عددًا كبيرًا من أنواع الطاعون، ووجدنا أن هذا النمط كان مطابقًا تمامًا للأوبئة التي بدأت في الخريف في إنجلترا. فلم يَجِدِ المرض متَّسعًا من الوقت ليبدأ في الانتشار بأقصى سرعة قبل أن تدخل بُرودة الطقس، عندما كان استمرار انتقال العدوى في الهواء الطلق أمرًا شبه مستحيل. وعندئذ كان يشق طريقه بصعوبة بالغة عبر أشهر الشتاء. حتمًا كان يوجد كثيرٌ من الأوبئة التي لم تُسجَّل في إنجلترا؛ حيث كانت العدوى تخمد إبَّان شهري يناير وفبراير، وكان المجتمع ينجو منها بأقل خسائر.

(٩) شتاء قارس البرودة

كانت الظروف الْمُناخية في منطقة بيك دستركت قاسية، وفي عام ١٦٦٥ «قيل إنه في شهر ديسمبر تساقطت الثلوج غزيرةً يصاحبها صقيع شديد قارس … وكان المناخ في مطلع عام ١٦٦٦ يزداد برودة وقسوة.» كان الشتاء البارد في إيم إبَّان العصر الجليدي الصغير باردًا حقًّا بمقاييس اليوم. ومع الترشيد في استخدام الفحم والحطب ووجود نوافذ غير محكمة الغلق، كانت الأكواخ الحجرية قارسة البرودة وغير ملائمة بالمرة لقيام مستعمرة من الجُرْذان السوداء، التي تحتاج إلى ظروف مُناخية دافئة وأسقف مغطاة بالقش، كما يستحيل أن تنشط البراغيث في ظل هذه الظروف.

لا يمكن تفسير القصة الشهيرة لبَدْء الوباء في إيم على أنها موجة تفشٍّ لطاعون دَبْلي. يحتمل من الناحية المنطقية أن يكون فيكرز قد لُدِغَ من برغوث مصاب خرج من صندوق ملابس، لكن من المستحيل أن يكون فيكرز قد نقل العدوى إلى أي شخص آخر مباشرةً (أي من خلال الطاعون الرئوي) لأن الضحية التالية (إدوارد كوبر الصغير) لم يُتَوَفَّ إلا بعده بخمسة عشر يومًا، ولا ننسى أن ضحايا الطاعون الرئوي يموتون في غُضون ستة أيام.

كان أهل قرية إيم على حق تمامًا في افتراض أن هذا كان مرضًا معديًا يمكن احتواؤه بنجاح من خلال إقامة طوق حجر صحي مُحكَم. من الواضح أن مثل هذه الإجراءات كانت تفشل فشلًا ذريعًا أمام موجة تفشي طاعون دبلي؛ فالقوارض لا تتأثر بالأسوار الدائرية التي يقيمها البشر؛ إلا أن أقوى حُجَّة لقبول أن الطاعون في إيم كان موجة طاعون نزفي ينتقل من شخص إلى آخر تكمن في الانتشار المتوقع بالكامل للعدوى الذي وضحناه، في إطار تحقيقاتنا التاريخية.

(١٠) ملحق

عندما أعلن ويليام مومبسون أن الوباء قد انتهى وأن المحنة قد ولَّت، لا بد أن الناجين تنفسوا الصُّعَداء، فمن حسن حظهم أنهم ظلوا على قيد الحياة. ولم تكن هناك مظاهر فرح ولا بهجة، فعدد كبير جدًّا من أفراد هذا المجتمع الصغير قد قَضَوْا، وعدد كبير من الأكواخ كان مغلقًا ومهجورًا.

أَمَرَ الكاهن مومبسون بحرق كافة الملابس الصوفية وحاشيات الفُرُش، وبدأ بنفسه؛ إذ أحرق هو نفسه أمتعتَه، حتى إنه، حسبما ذكر في خطاب إلى عمه، كان ما تبقى لديه من ملابس يكفيه بالكاد:

إن حالة هذا المكان صارت مرعبة للغاية حتى إني أقول لنفسي إنها فاقت كل الحدود والعِبَر على مَرِّ التاريخ بأكمله. لربما لا أبالغ في قولي إن بلدتنا صارت كجُلْجُثة بحق — موضع للجماجم — ولولا أنه تَبَقَّى منا بقية صغيرة، لصرنا مثل سَدُوم وشابهنا عَمُورَة. لم يَطُلْ أُذُنَيَّ قَطُّ مِثْلُ هذا العويل المُقبِض، ولم تَشْتَمَّ أنفي مِثْلَ هذه الروائح النَّتِنَة، ولم تقع عيني قط على مثل تلك المشاهد المرعبة.

يا له من نَعْي مريع للقرية، وإن كان لا بد أنه تكرر مِرارًا وتَكْرارًا إبَّان عصر الطَّوَاعِين.

ماذا حدث لمومبسون؟ لقد تزوج من إليزابيث، أرملة تشارلز نيوبي، نحو عام ١٦٦٩ تقريبًا، وأنجبت له أربعة أطفال آخرين، بنتين وولدين، لكن كلا الولدين ماتا وهما رضيعان، وقد كافأه راعيه بتعيينه في منصب كاهن يتقاضى راتبًا في أَبْرَشِيَّة إيكرينج، التي تبعد ٣٠ ميلًا (٤٧كم) شرق إيم، حيث يُقال إن وصوله هناك عام ١٦٧٠ بثَّ الرعب في نُفوس أهل الأَبْرَشِيَّة. وقد كان بالِغَ الانشغالِ قبل وصوله بإعادة بناء الكنيسة هناك. وفي غُضون عام عُيِّن أيضًا كاهنًا براتب ثابت لدى كنيسة نورمانتون، وبعدها نُصِّبَ كذلك كاهنًا براتب في يورك، وبعدما أصبح يتقاضى الآن ثلاثة رواتب، كان ميسورَ الحال إلى حد معقول. وقد تُوُفِّيَ في التاسع من مايو عام ١٧٠٨ عن عمر يناهز السبعين عامًا، ودُفن في إيركينج.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤