يأس على كأس

أصبحتُ من يأسيَ لو أن الردى
يهتف بي، صحت به هيا
هيا فما في الأرض لي مطمح
ولا أرى لي بعدها شيا
ماذا بقائي ها هنا بعدما
نفضْتُ منه اليوم كفَّيَّا
أهرب من يأسي لكأسي التي
أدفن فيها أملي الحيَّا
يا أيها الهارب من جنتي
تعال أو هات جناحيَّا
نبكي شبابينا ونبكي المنى
وترتمي بين ذراعيَّا

•••

إني على يأسي وكأسي كابي
وعلى سرابي عاكف وشرابي
ولقد فرغتُ من التعلل بالمنى
إلا وميضًا في الرماد الخابي
رمقًا يعللني بأنك عائد
يومًا لقلبي قبل يوم ذهابي
حتى إذا الأقدار شِئْنَ وعُدتَ لي
راجعتُ نفسي واتهمت صوابي
أأرى شروقَك في أفولِ مغاربي
وأشم عطرَك في ذبولِ شبابي!

•••

هات اسقني واشربْ على سر الأسى
وعلى بقايا مهجةٍ وشجاها
مهلًا نديمي! كيف يَنسى حبَّها
من ينشد السلوى على ذكراها؟!
ما زلتَ تسقيني لتنسيَني الهوى
حتى نسيْتُ، فما ذكرت سواها
كانت لنا كأسٌ وكانت قصةٌ
هذا الحباب أعادها ورواها
الآن غشاها الضبابُ وها أنا
خلفَ المآسي والدموعِ أراها
غال الزمانُ ضبابَها وحبابها
وتبخرتْ أحلامُها ورؤاها
لا تبكِها ذهبْت ومات هواها
في القلبِ متسعٌ غدًا لسواها
أحببتُها وطويتُ صفحتها وكم
قرأ اللبيبُ صحيفةً وطواها!
تلك الوليدة لم تطل بشراها
لمّا تكد تطأ الثرى قدماها
زف الصباحُ إلى الرمال نداءَها
وسرى النسيمُ عشيةً فنعاها

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤