أحلام سوداء

رُبَّ ليلٍ قد صفا الأفْقُ بهِ
وبما قد أبدعَ اللهُ ازدهرْ
وسرى فيه نسيم عَبِقٌ
فكأن الليلَ بُسْتَانٌ عَطِرْ
قلتُ: يا رب لمن جمَّلتَه
ولمن هذي الثرياتُ الغررْ …؟
فعرا الأفْقَ قَتامٌ وبَدَتْ
سحبٌ تحبو إلى وجهِ القمرْ
كلما تقْرب تمتد لهُ
كأكفٍّ شرهاتٍ تنتظر
صِحْتُ بالبدر: تنبَّهْ للنذرْ
أدركِ الهالةَ حفت بالخطرْ
لا تُبحْ مائدة النور لهم
لا تُبحْها لسوادٍ معتكرْ
قهقه الرعدُ ودوَّى ساخرًا
فكأنَّ الرعدَ عربيدٌ سكرْ
قمتُ مذعورًا وهمَّت قَبضتي …
ثم مدَّت، ثم ردَّت من خَوَرْ
لهف القلب على الحسن إذا
قهقه الغربانُ والذِّئبُ سخِرْ
تحتمي الوردةُ بالشوكِ فإن
كثر القطَّافُ لم تغنِ الإبرْ
آهِ من غصنٍ غنيٍّ بالجنى
ومِن الطامع في ذاك الثمرْ
آه من شكٍّ ومن حب ومن
هاجساتٍ وظنونٍ وحذرْ
كست الأفقَ سوادًا لم يكن
غيرَ غيمٍ جاثمٍ فوق الفكَرْ
طالما قُلْت لقلبي كلما
أنَّ في جنبي أنينَ المحتضَرْ
إن تكن خانتْ وعقَّت حبَّنا
فأضِفْها للجراحاتِ الأُخَرْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤