الميعاد الضائع

في ليلة من ليالي القاهرة العصيبة، وقفت تنتظره، ولكن حال بينهما القدر، وأقبل هو بعد ذهابها، فتخيل فزعها، ووحدتها، وحاجتها إليه، فجاءت هذه القصيدة عرضًا لتلك الخواطر.

يا مَن طواها الليلُ في بَيْدائهِ
روحًا مفزَّعة على ظلمائهِ
تتلفتين إليَّ في أنحائهِ
لهْفَ الفؤاد على الشريد التائهِ

•••

إن تظمئي لي كم ظمئتُ إليكِ!
جمع الوفاءُ شقيةً وشقيَّا
يا منيتي قست الحياة عليك
وجرت مقادرها الجسام عليَّا

•••

أسفًا عليكِ وأنت روحٌ حائرٌ
والكونُ أسرارٌ يضيق بها الحجى
تجتاز عابرة ويسرع عابر
وتمر أشباح يواريها الدجى

•••

في وجنتيك توهج وضرام
وبمقلتيك مدامعٌ وذهولُ
وكذا تمرُّ بمثلكِ الأيامُ
مجهولةً وعذابُها مجهولُ

•••

ولَّيتِ قبل لقائنا يا جَنَّتي
لم تظفري مني بقول مسعدِ
وكعادةِ الحظِّ الشقيِّ وعادتي
أقبلتُ بعد ذهاب نجمي الأوحدِ

•••

تتعاقبُ الأقدارُ وهي مسيئةٌ
كم عقَّنا ليلٌ وخان نهار!ُ
وكأنما هذا الفضاء خطيئة
وكأن همسَ نسيمِه استغفارُ

•••

وكأنه أحزانُ قومٍ سارُوا
هذي مآتمهم وثَم ظلالُها
عفَتِ القصور وظلت الأسوارُ
كمناحة جمدت وذا تمثالُها

•••

ران السواد على وجودِ الدُّورِ
وسرى إليَّ نحيبُها والأدمعُ
وكأنني في شاطئٍ مهجورِ
قد فارقتْهُ سفينةٌ لا ترجعُ

•••

حملتْ لنا أملًا فلما ودَّعتْ
لم يبقَ بعد رحيلها للناظرِ
إلا خيال سعادة قد أقلعتْ
ووداعُ أحبابٍ ودمعُ مسافرْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤