رثاء الشاعر محمد الهراوي

ألقيت في حفلة تأبينه
ها هنا حفل وذكرى ووفاءْ
لبِّنا أنت ملبِّي الأصدقاءْ
يا لها من غربة مضنية
ليس تنجاب وأيام بطاءْ
ذهب الموت بأغلى صاحب
وثوى في الترب أوفى الأوفياءْ
لست أنساك وقد أقبلت لي
تشتكي غدر صديق قد أساءْ
آه من جرح ومن قلب على
ألم الجرح انطوى مر الأباءْ
كلما آلمك الجرح فأحسسـ
ـت به لطّفته بالكبرياءْ
أيها الشاكي من الدهر استرح
كلنا يا أيها الشاكي سواءْ
الجراحات التي عانيتها
لم تدع أرواحنا إلا ذماءْ
برم العيش بها لم يشفها
وتولى الدهر سأمان وجاءْ
أذن الموت لها فالتأمت
وشفاها بعدما استعصى الشفاءْ
لست أرثيكَ أيرثى خالد
في رحاب الخلد موفور الجزاءْ؟!
كيف أرثيك؟! أيرثى فاضل
عاش بالخيرات موصول الدعاءْ؟!
إنما الدنيا هي الخير على
قلة الخير وقحط العظماءْ
إنما الدنيا فتى عاش لكم
باذلًا من قُوتِه حتى الفناءْ
فإذا مات فقد عاش بكم
فهو بالذكرى جدير بالبقاءْ
ذلك الشاعر قد واساكمُ
وبكى آلامكم كل البكاءْ
ذلك الشاعرُ قد غنَّاكمُ
صادحًا في أيككم بشرى الهناءْ
وأولو الشعر المصابيح التي
حطمتْهن رياح الصحراءْ
خلدت أنوارهم رغم البلى
وبها المدلج في الليل استضاءْ
سوف يفنى القول إلَّا قولهم
ويموت الناس إلا الشعراءْ
عد إلينا نسمة حائرة
ذات نجوى وحنين وولاءْ
ثم حلق بجناحين إلى
عالم نحن له جد ظماءْ
طِرْ مطارَ النسم واترك قدَمًا
ثقلت بالشوك في أرض الشقاءْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤