لقاء في الليل

كان اللقاء في ظلمات القاهرة الحالكة أيام الغارات، وقد تم هذا اللقاء تحت الفزع والظلمة والخوف.

قالت تعالَ فقلت لبيكِ
هيهات أعصِي أمرَ عينيكِ
أنا يا حبيبة طائر الأيكِ
لم لا أغني في ذراعيكِ

•••

أفديكِ مقبلةً على جزعِ
بسطتْ إليَّ يمينَ مرتجفِ
وبها ارتعاشة طائر فزعِ
من قلبها تسري إلى كتفِي

•••

شحبت كَلَوْنِ المغرب الباكي
وتألقت كالنجم عيناها
فتلفَّتَتْ كحبيس أشراكِ
وحكى اضطرابَ الموج نهداها

•••

وأخذتُ أُدْفئ بردَها بفمِي
لو تنفعنَّ حرارة القُبَلِ
قلتُ اهدئي لِم ثورة الندمِ
كفّاكِ ترتجفانِ يا أَمَلِي

•••

وجذبتُها بذراعِها نمشي
نمشي وما ندري لنا غرضا
إلفان قد فرَّا من العشِّ
يتبادلان سعادة ورضا

•••

يا لحظةً ما كان أسعدَها
وهناءةً ما كان أعظمَها
مَرَّ الغريب فباعدت يدها
وخلا الطريق فقربت فمها

•••

مرت بنا سيارة ومضت
فضاحة خطافة النورِ
كشفت لعينيْنا وقد ومضت
ظلَّين معتنقين في السورِ

•••

ضحكتْ لظلينا وقد عجبتْ
مما يخال فؤاد مذعورِ
وكأن ضحكتها وقد طربت
قطرات ماء فوق بلورِ

•••

عوَّذتها من شر أمسيةٍ
تعيا بها وتضل أبصارُ
وكواكبٌ ليست بمجدية
ظلمٌ مكدسةٌ وأحجارُ

•••

عَثَرَتْ بها فرفعْتُها بيدي
جسمًا يكاد يشف في الظلمِ
ويرف مثل الزهر وهْو ندِي
ويخف مثل عرائس الحلمِ

•••

وكأنني مما يسوء خلِي
وحياتيَ انجابت حوالكُها
أرمي الطريق بناظريْ رجلِ
وأنا لها طفل أضاحكُها

•••

ملَّكتها الدنيا بما وسعتْ
وأنا أهامسها بأسرارِي
وأسرُّها بحكاية وقعتْ
ورواية من نسج أفكارِي

•••

وإذا الطريق يسير منعطفَا
وإذا رياحٌ تضرب السدفَا
وكأن منها منذرًا هتفَا
بلغ المسير نهايةً، فقِفَا

•••

يا توأمًا من صدريَ انتُزعَا
يا من دعا قلبي له فسعَى
لمَ أيها الداعي هواك دعَا
والدهر يأبى أن نظل معَا

•••

انظر ذراعيَّ اللذين همَا
قد طوقاك مخافة البينِ
أَقْسِمْ بأنك عائدٌ لهمَا
إني لممدودُ الذراعينِ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤