عينان

طوى السنين وشق الغيبَ والظلما
برقٌ تألق في عينيك وابتسما
يا ساري البرق من نجمين يومضُ لي
ماذا تخبئُ لي الأقدارُ خلفهما؟
أجئتَ بي عتبات الخلدِ أم شركا
نصبتَ لي من خداع الوهم أم حلما؟
كأنني ناظرٌ بحرًا وعاصفةً
وزورقًا بالغد المجهولِ مرتطما
حملتني لسماءٍ قد سريْت لها
بالروحِ والفكرِ لم أنقل لها قدما
شفّت سديمًا ورَقَّت في غلائلها
فكدت أبصر فيها اللوحَ والقلما
رأيت قلبين خط الغيبُ حبهما
وكاتبًا ببيان النورِ قد رسما
وسحر عينيكِ إني مقسم بهما
لا تسألي القلبَ عن إخلاصه قسما
واهًا لعينيكِ كالنبعِ الجميل صفا
وسال مؤتلقُ الأمواجِ منسجما
ما أنتما؟ أنتما كأسٌ وإن عذُبت
فيها الحمامُ ولا عذر لمن سلما
لمَّا رمى الحبُّ قلبينا إلى قدرٍ
له المشيئةُ لم نسألْ: لمن؟ ولما؟
في لحظةٍ تجمعُ الآباد حاضرها
وما يجيء وما قد مرَّ منصرما
قد أودعتْ في فؤاد اثنين كل هوًى
في الأرضِ سارتْ به أخبارُها قدما
كلاهما ناظرٌ في عين صاحبهِ
موجًا من الحب والأشواقِ ملتطما
وساحة بتعلَّات الهوى احتربت
فيها صراعٌ وفيها للعناق ظما
يا للغديرين في عينيك إذ لمعا
بالشوق يومضُ خلفَ الماءِ مضطرما
وللنقيضين في كأسين قد جمعا
فالراويان هما والظامئان هما
بأي قوسٍ وسهم صائب ويدٍ
هواك يا أيها الطاغي الجميل رمى
يرمي ويبْرئ في آن وأعجبه
أن الذي في يديه البرءُ ما علما
وكيف يبْرئني من لست أسأله
برءًا وأوثر فيه السهدَ والسقما؟
لو أن للموت أسبابًا تقربني
إلى رضاك لهان الموتُ مقتحما
إن الليالي التي في العمر منك خلتْ
مرت يبابًا، وكانت كلها عقما
تلفَّتَ القلبُ مكروبًا لها حسرا
وعض من أسف إبهامَه ندما

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤