رثاء شوقي

ألقيت على قبر فقيد الشعر.

قلْ للذين بكَوْا على (شوقي)
النادبين مصارعَ الشُّهبِ
وا لهفَتاه لمصر والشَّرْقِ
ولدولة الأشعار والأدبِ!

•••

دنيا تَقرُّ اليومَ في لحدِ
وصحيفةٌ طُويتْ من المجدِ
ومُسافرٌ ماضٍ إلى الخلد
سبَقتهُ آلاءٌ بلا عَدِّ

•••

هذا ثَرى مصْرَ الكريمُ، وكمْ
أكرمتَهُ وأشدْتَ بالذكرِ
يلقاك في عطفِ الحبيبِ فنمْ
في النور لا في ظُلمةِ القبْر!

•••

كم من دفينٍ رحتَ تحييهِ
وبَعثْتَهُ وكَففْتَ غُرْبَتَهُ
فاحللْ عليهِ مُكرِّمًا فيهِ
يا طالما قَدَّست تُربتَهُ

•••

يا نازلَ الصحراء موحشةً
ريَّانةً بالصمت والعدمِ
سالتْ بها العبراتُ مجهشةً
وجَرت بها الأحزانُ من قدمِ!

•••

هذا طريق قد ألفناهُ
نمشي وراءَ مُشَيَّعٍ غالِ
كم من حبيبٍ قد بكَيْنَاهُ
لم يُمْحَ من خَلدٍ ولا بالِ!

•••

وكأنَّ يومَك في فجيعتِهِ
هو أولُ الأيامِ في الشَّجنِ
وكأنَّما الباكي بدمعتِهِ
ما ذاق قبلك لوعةَ الحَزنِ!

•••

فاذهبْ كما ذهب النهارُ مضى
قد شيَّعَتْه مدامعُ الشفقِ
واغرب كما غرب الشعاع قضى
رفَّت عليه جوانح الغسق

•••

ما كنتَ إلَّا أمةً ذهَبتْ
والعبقريَّةُ أمَّةُ الأُمَم
أو شُعلةً أبصارَنا خلبتْ
ومنارةً نُصبَتْ على عَلَمِ

•••

يا راقدًا قد بات في مَثوَى
بَعُدَتْ به الدُّنْيا وما بَعُدَا
أيْن النجوم أصوغ ما أهْوى
شعرًا كشعْرك خالدًا أبدَا؟!

•••

لكنَّ حزني لو علمْت به
لم يُبْقِ لي صبْرًا ولا جُهْدَا
فاعذر إلى يومٍ نفيك به
حقَّ النبوغِ ونذكرُ المجْدَا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤