الانتظار

وقف الشاعر ينتظر تحت العاصفة والظلام والبرد.

لعينيكَ احتملنا ما احتملنا
وبالحرمانِ والذُّلِّ ارتضينا
«وهان إِذا عطفتَ ولو خيالًا
وأين خيالك المعبود أينا؟!»

•••

تعالَ! فلم يعد في الحي سارٍ
وهوَّمت المنازلُ بعد وهنِ
وران على نوافذها ظلامٌ
وقد كانت تطلُّ كألف عينِ

•••

تعالَ! فقد رأيتُ الكون يحنو
عليّ ويدرك الكرب الملمَّا
ويجلو لي النجومَ فأزدريها
وأغمض لا أريد سواك نجما!

•••

ومنتظرٌ بأبصاري وسمعي
كما انتظرتكَ أيامي جميعا
وهل كان الهوى إلَّا انتظارًا
شتائي فيك ينتظر الربيعا!

•••

أرى الآباد تغمرني كبحرٍ
سحيقِ الغور مجهولِ القرار
ويأتمر الظلام عليَّ حتى
كأني هابط أعماق غارِ

•••

وتصطخبُ العواطف ساخرات
وتطعنُني بأطرافِ الحرابِ
وتشفقُ بعدما تقسو فتمضي
لتقرع كل نافذةٍ وبابِ

•••

فصحت بها إلى أن جف حلقي
فحين سكتُّ كلمني إِبائي
وأشعرني العذابُ بعمق جرحي
وأعمق منه جرح الكبرياءِ

•••

ولمّا لَمْ تفزْ بلقاك عيني
لمحتك آتيًا بضمير قلبي
فأسمعُ وقعَ أقدامٍ دوانِ
وأنصتُ مصغيًا لحفيفِ ثوبِ

•••

وأخلقُ مثلما أهوى خيالًا!
وأستدني الأماني والحبيبا
وأُبدع مثلما أهوى حديثًا
لناءٍ صار من قلبي قريبا

•••

أمدُّ يديَّ في لهف إليه
أشاكيه بمحتبس الدموع
فيسبقني إلى لقياه قلبي
وثُوبًا ثم يبرُدُ في ضلوعي

•••

فتصطخب العواطفُ ساخراتٍ
وتطعنُني بأطراف الحرابِ
وتشفق بعدما تقسو فتمضي
لتقرعَ كلَّ نافذةٍ وبابِ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤