في يوم الشباب

اليوم يومُك في الشباب فنادِ
لا نوم بعدُ، ولا شهيَّ رقادِ
قل للذي يبغي الصلاحَ لقومه
بنبيل صنعٍ أو شريفِ جهادِ
بالطبِّ أو بالشعر أو بكليهما
كل الجهودِ فداءُ هذا الوادي!
لا خير في قلمٍ إذا هو لَمْ يكنْ
حرًّا طهورًا كالشعاعِ الهادي
لا خير في طبٍّ إذا هو لم يزُرْ
ظلم الحياة كفرحةِ الأعيادِ
يا أيها الوطن الجريح وجرحه
بصميم كل حشاشة وفؤادِ
صبرًا فنحن أساتك الرحماء في الـ
ـبأساءِ قد جئنا بكل ضمادِ
قل للبناةِ المصلحين ألا اخلقوا
شم الذرى ورواسخَ الأطوادِ
جيلًا من النشء القوِي إذا مشوا
رفعوا الرؤوسَ بعزةٍ وعنادِ
لا خير في الأرواحِ تسكن منزلًا
متهدما رثًّا من الأجسادِ
لا خير في الأرواحِ تسكنُ موطنًا
متخاذلًّا لا يرتجى لجلادِ
أبَكَتْ عيونُكم الضعيفَ يصير في
ناب القويِّ فريسةَ استعبادِ
فتبينوا إذن الحقيقَةَ واعلموا
أن الطبيعةَ هكذا من عادِ
الجوُّ ملكُ النسر يغشاه على
ما يشتهي والغابُ للآسادِ
مهلًا بني قومي أتيت مذكرًا
في ساحةٍ مجموعة الأشهادِ
وا خجلتا مما نقدمه إذا
حان الحسابُ وجاء يومُ معادِ
أي الصحائف في غد وحسابكم
في ذمةِ الأبناءِ والأحفادِ
أيّ البلاد هو السعيد وأهله
يتنابذون تنابذ الأضدادِ
كل يعيش لنفسِه في أمةٍ
شقيتْ بطولِ تفرقِ الأفرادِ
فخذوا السبيلَ إلى الحياةِ تآلفًا
وتكاتفًا في رغبةٍ وودادِ
خير الصحائف ما كتبتَ سطورَه
بيد الكفاح الحر لا بمدادِ
صونوا البلادَ وأدركوا فلَّاحَكم
كاد الحمى يغدو بغير عمادِ
حيران من مرضٍ إلى بؤسٍ إلى
كربٍ تمر به بلا تعدادِ
هذي دياركم وذلك نيلكم
هبة السماء ومنحة الآباد
هذي ديارُكمُ وهذي شمسُكم
طمعُ الغريب وحرقةُ الحسادِ
ومن المصائب في زمانك أن ترى
بلدًا كثير مناهل الروادِ
والخيرُ مدرارٌ عليه وربه
جوعان محروم الرعاية صادِ!
والزرع نضر في الحقول وأهله
يتهيأون لمنجل الحصادِ! …
هذا زمانكم وذا ميدانكم
ماذا بكم من عدة وعتادِ؟ …
نبغي شداد القوم قد شحذوا القوى
في ليل أحداث نزلن شدادِ
ونريد شبانًا بمصر استعصموا
ومضوا يصدون الغريبَ العادي
ونريد أطفالًا إذا ما أُرضعوا
فرضاعهم وطنية بسهادِ
الطفل منهم مثل أمي أو أبي
شفتاه أول ما تقول بلادي! …
يُغذون في الأرحامِ حب بلادهم
لتكَون مصرًا صرخة الميلادِ!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤