تكريم١

يا صفوة الأحباب والخلَّان
عفوًا إذا استعصى عليَّ بياني
الشعرُ ليس بمسعفٍ في ساعةٍ
هي فوق آي الحمد والشكرانِ
وأنا الذي قضَّى الحياةَ معبِّرًا
ومرجِّعًا لخوالج الوجدانِ
أقفُ العشيةَ بالرِّفاقِ مقصرًا
حيران قد عقد الجميلُ لساني
يا أيها الشعر الذي نطقتْ به
روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهر يا قيثارتي
ما لي أراكِ حبيسة الألحان؟
أين البيان؟ وأين ما علمتني
أيام تنطلقين دون عنانِ؟
نجواك في الزمن العصيب مخدِّرٌ
نامت عليه يواقظ الأشجانِ
والناسُ تسأل والهواجسُ جمةٌ
طبٌّ وشعرٌ كيف يتفقان؟
الشعرُ مرحمة النفوسِ وسِرُّه
هِبةُ السماءِ ومِنحةُ الدَّيانِ
والطبُّ مرمحة الجسومِ ونبعُهُ
من ذلك الفيضِ العليِّ الشانِ
ومن الغمام ومن معينٍ خلفَهُ
يجدان إلهامًا ويستقيان
يا أيها الحبُّ المطهرُ للقلو
ب وغاسل الأرجاس والأدران
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما
يشدو بها روحان يحترقان!
أنفا من الدنيا وفي جسديهما
ذُلُّ السجين وقسوة السجانِ
فتطلعا نحو السماءِ وحلَّقا
صُعُدًا إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلفَ الغمامِ وأترعا
كأسيهما من نشوةٍ وحنانِ
اكتبْ لوجه الفَنِّ لا تعدلْ بهِ
عَرَض الحياةِ ولا الحطام الفاني
واستلهم الأمَّ الطبيعةَ وحدَها
كم في الطبيعةِ من سَرِيِّ مَعانِ
الشعرُ مملكةٌ وأنتَ أميرُها
ما حاجة الشعراءِ للتيجانِ
«هومير» أمَّرهُ الزمانُ لنفسه
وقضت له الأجيالُ بالسلطان
اهبطْ على الأزهار وامسح جفنَها
واسكب نداك لظامئٍ صَدْيانِ
في كلِّ أيكٍ نفحةٌ وبكل رو
ضٍ طاقةٌ من عاطر الريحانِ
١  قالها الشاعر في حفلة تكريم أقامها له أصدقاؤه بمقصف «سان جيمس» بالقاهرة عقب صدور ديوانه «وراء الغمام».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤