حسين عُودة

١٢٥٢–١٣٣٢ﻫ
وقفتُ له على ترجمة بخط الأستاذ العالِم السيد عيسى إسكندر المعلوف،١ قال:
هو الدكتور حسين بن مصطفى أبي عودة، وُلِد في دمشق نحو سنة ١٢٥٢ﻫ، ودرس الطب على بعض معاصريه، ثم أتمَّه في مدرسة قصر العيني المصرية٢ مدة ست سنوات من سنة ١٢٨٤ﻫ حتى سنة ١٢٩٠ﻫ، وكانت المدرسة في هذا العهد تشتمل على نحو مائتي طالب من طبيب وصيدلي، وطلبة الشام عشرة، ورئيس المدرسة محمد علي البقلي، وأساتذتها: حسين بك عوف، وسالم باشا سالم، ويوسف بك جاستنيل، وحسن بك عبد الرحمن، ومصطفى أفندي أبو زيد، وغيرهم من مشاهير الأطباء والعلماء، فلما نال المترجَم شهادتَه الطبية عاد إلى صيدا نحو سنة ١٢٩١ﻫ، وكان يتردَّد بين صيدا ودمشق، ويبحث في المكتبات عن الكتب الطبية القديمة، فاقتنى بعضَها وطالع معظمها، واختار منها طُرق العلاج القديمة بالعقاقير واعتمد عليها في معالجاته.

فكانت مزيته في الطب أنه يقتصر على أبسط الأدوية النباتية مما يجمعه بيده منها ويستحضره بطرق خاصة، ويحرص على المعيشة البسيطة والتغذية النباتية، حتى اعتقد أنه بهذه الذرائع سيعيش أكثر من مائة وخمسين سنة وكان واثقًا باعتقاده، وطبَّب الفقراء مجانًا أو بقيمة زهيدة، وتجافى عن تطبيب الأغنياء ولو أعطَوه مالًا كثيرًا.

ومن مزاياه العامة أنه كان ينزع إلى القناعة والكفاف، كريمَ الأخلاق، محبًّا للخير، مواليًا لجميع الناس، صبورًا ليِّنَ الجانب، حتى عُدَّ لذلك غريبَ الأطوار، ينحو نحو الفلاسفة.

وصادَق كثيرًا من العلماء وعاشرهم أو راسلهم، مثل المرحومين: أحمد فارس الشدياق، وحسن حسني باشا الطويراني، والشيخ طاهر الجزائري.

وبينما كان يعتقد أنه سيُعمَّر، زلَّت قدمُه وهو سائر في مدينة صيدا فجُرح، ولم يلبث أن قضى نحبه في ربيع الأول سنة ١٣٣٢ﻫ عن نحو الثمانين، وله أطوار غريبة في طُرُق حياته ومعيشته ومعاشرته وأفكاره وطبائعه.

ومن آثار قلمه: فهرست للمادة الطبية سمَّاه: «عمدة المحتاج في علمَيِ الأدوية والعلاج»، وقد طُبِع في مصر بمطبعة بولاق سنة ١٢٧٨ﻫ (ربما ١٢٨٧ﻫ) فيكون قد ألَّفه وهو تلميذ، وله تعليقات ومقتطفات من كُتُب الطب في وصف العلاجات النباتية والنباتات، وترجمة لحسن باشا الطويراني.

هذا ما أمكن الوقوفُ عليه من ترجمته بعد البحث الكثير والمراجعات الجمَّة، ومن مصائب العلماء والمؤلفين أنهم قلَّما يُترجمون، بل قلما يُضبط زمن وفاتهم باليوم والشهر والسنة، أو تاريخ ولادتهم، وأكبر خطأ يقع في الصحف عدم الاعتناء بذلك.

١  في كتابه مغاوص الدرر في أدباء القرن الثالث عشر والرابع عشر.
٢  الآن كلية طب قصر العيني.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤