الدرس الحادي عشر

العرض والطلب

ستتعلم في هذا الدرس

  • تعريف «العرض» و«الطلب».

  • «قانون العرض» و«قانون الطلب».

  • كيف يستخدم الاقتصاديون العرض والطلب في تفسير أسعار السوق.

(١) الغرض من العرض والطلب

هناك طُرفة قديمة تقول إنك لو علَّمت ببغاءً أن يقول «عرض وطلب»، فسوف يتمكن من الإجابة على أي سؤال اقتصادي. وهذا يكاد يكون صحيحًا، لكن لكي يصبح الببغاء اقتصاديًّا متمكنًا بحق، سيحتاج إلى التدرب أيضًا على الاختلاف مع نصف الببغاوات الأخرى.

وضعت دروس هذا الكتاب بحيث تقدم لك أساسًا راسخًا في التفكير الاقتصادي. وصفحات الكتاب لا تعج بالرسوم البيانية التي عادة تراها في كتب الاقتصاد التعليمية. والاستثناء الوحيد من هذه القاعدة هو ما يتعلق بالرسوم البيانية التي توضح آليتي العرض والطلب. وعلاوة على المفاهيم التي يتضمنها الرسم البياني، فإننا نعرضه هنا لأنه ييسر فهم بعض النقاط. لكن ينبغي ألا تعلق قدرًا كبيرًا من الأهمية على منحنيات العرض والطلب التي سنعرضها في هذا الدرس وما يليه من دروس لاحقة؛ فهذه المنحنيات ليست سوى وسيلة ملائمة لضرب أمثلة مادية على نقطة معينة، تمامًا مثلما لم تكن الأرقام المستخدمة في بعض الأمثلة التي طرحناها في الدروس السابقة ذات أهمية فيما يتعلق بالمبادئ الاقتصادية العامة التي كنا نتناولها وقتئذ.

ضع في اعتبارك أن الاقتصاديين لا يعتمدون على «نظرية» للعرض والطلب، بل يستخدمونهما باعتبارهما أداتين. فمفهوما العرض والطلب وسيلتان لرؤية العالم؛ إذ يتيحا للاقتصاديين تصنيف قوى أو أسباب مختلفة في فئتين متباينتين بغية التفكير بوضوح ومنهجية في التغيرات التي يشهدها العالم، وفي كيفية تأثيرها على أسعار السوق.

ونظرًا لأن العرض والطلب من الأدوات النظرية — وليسا نظرية تجريبية — فمن المحال أن نجد دليلًا يثبت أن مفهوم «العرض والطلب» مفهوم خاطئ. ما قد يحدث أن اقتصاديي المستقبل قد يتوصلون إلى أن مفهوم «العرض والطلب» لم يعد أنسب الأساليب للتفكير في مسألة الأسعار. أما الآن، فكل الاقتصاديين يستعينون بالعرض والطلب لتفسير أسعار السوق، لأنهم لم يتوصلوا بعد لأدوات تتفوق عليهما.

(٢) الطلب: تعريفه وقانونه

«الطلب» هو العلاقة بين عدة أسعار افتراضية لسلعة أو خدمة في السوق، وإجمالي عدد الوحدات التي يرغب المستهلكون في شرائها عند كل سعر افتراضي من هذه الأسعار. ولتذكيرنا بأن الطلب ليس رقمًا محددًا، وإنما علاقة بين عدة أرقام، غالبًا ما يستخدم الاقتصاديون مصطلح «جدول الطلب». ويمكن وضع جدول الطلب من أجل شخص واحد أو عدة أشخاص. والجدول التالي يوضح جدول طلب البنزين الخاص بجنيفر.

يعرض الجدول مقادير البنزين التي ستشتريها جنيفر عند عدد من الأسعار الافتراضية. دعونا نؤكد على أن الجدول يعبر عن فترة زمنية محددة، ولتكن على سبيل المثال ظهيرة الثلاثاء. من المهم أن نتذكر أن طلب الشخص نفسه من سلعة أو خدمة يمكن أن يتغير من وقت لآخر اعتمادًا على التفضيلات الشخصية وعوامل أخرى أيضًا.

سنفترض في الأرقام التالية أن سيارة جنيفر تكاد تكون خالية من الوقود، وأنها تفكر في التوقف أمام إحدى محطات الوقود في طريق عودتها من العمل. عندما يكون سعر الجالون ٤ دولارات أو أكثر، لن ترغب جنيفر في شراء أي كمية منه، لأنها سترى ذلك السعر مرتفعًا للغاية، وستأمل في ملء سيارتها بالوقود من محطة أخرى في اليوم التالي. سنفترض أيضًا أن جنيفر لا تملك سوى ١٦ دولارًا في حقيبتها، وأن سعة خزان الوقود (الذي يكاد يكون خاليًا) في سيارتها تساوي ١٥ جالونًا. عندما يكون سعر الجالون ٣ دولارات و٣٫٥ دولارات، سترغب جنيفر في شراء كمية قليلة من البنزين تكفيها للذهاب إلى العمل والعودة منه في اليوم التالي (وإن كانت ستوفر لنفسها أكثر عند الشراء بالسعر الأقل). وعندما يكون سعر الجالون ٢٫٥ دولار، فستشتري جنيفر وقودًا أكثر لأن هذه ستكون صفقة أفضل؛ أما عندما يكون سعر الجالون ٢ و١٫٥ دولار، فستنفق جنيفر كل ما معها من نقود. وعندما يكون السعر ١ دولار أو ٠٫٥٠ دولار، ستملأ خزان سيارتها بالوقود تمامًا.

طلب جنيفر من البنزين ظهيرة الثلاثاء.
السعر (دولار/جالون) الكمية (بالجالون)
٥٫٠٠ ٠٫٠
٤٫٠٠ ٠٫٠
٣٫٥٠ ١٫٥
٣٫٠٠ ٢٫٥
٢٫٥٠ ٤٫٠
٢٫٠٠ ٨٫٠
١٫٥٠ ١٠٫٧
١٫٠٠ ١٤٫٧
٠٫٥٠ ١٤٫٧
القانون الوحيد الذي يسير وفقه الجدول السابق هو «قانون الطلب» الذي ينص على أنه في ظل ثبات جميع المؤثرات الأخرى، فإن انخفاض السعر يدفع المستهلكين إلى شراء القدر نفسه أو قدر أكبر من السلعة أو الخدمة.١

في الجدول الآتي سنبقي على جدول الطلب الخاص بجنيفر، ونضيف إليه جداول طلب عدد من الأشخاص الآخرين:

طلب الأفراد والسوق من البنزين ظهيرة الثلاثاء.
السعر (بالدولار) جنيفر بيث جيم ديف هانك جيل السوق
٧٫٠٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٥ ١٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ١٤٫٥
٦٫٥٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٥ ١٫٥ ١٣٫٠ ٠٫٠ ١٥٫٠
٦٫٠٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ١٫٠ ٢٫٥ ١٣٫٠ ٠٫٠ ١٦٫٥
٥٫٥٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ١٫٠ ٣٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ١٧٫٠
٥٫٠٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ١٫٠ ٣٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ١٧٫٠
٤٫٥٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٢٫٠ ٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٢٠٫٠
٤٫٠٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٢٫٠ ٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٢٠٫٠
٣٫٥٠ ١٫٥ ٠٫٠ ٢٫٠ ٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٢١٫٥
٣٫٠٠ ٢٫٥ ٠٫٠ ٤٫٠ ١٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٣٤٫٥
٢٫٥٠ ٤٫٠ ٠٫٠ ٤٫٠ ١٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٣٦٫٠
٢٫٠٠ ٨٫٠ ٠٫٠ ٨٫٠ ١٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٤٤٫٠
١٫٥٠ ١٠٫٧ ٦٫٣ ٨٫٠ ١٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٥٣٫٠
١٫٠٠ ١٤٫٧ ٦٫٣ ٨٫٠ ١٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠
٠٫٥٠ ١٤٫٧ ٦٫٣ ٨٫٠ ١٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠
٠٫٠٠ ١٤٫٧ ٦٫٣ ٨٫٠ ١٥٫٠ ١٣٫٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠

نؤكد ثانية على أن القانون الوحيد الذي يسير وفقه الجدول السابق هو «قانون الطلب». وكما ينطبق هذا القانون على الأفراد، ينطبق أيضًا على طلب السوق من البنزين، لأن السوق ما هو إلا مجموعة من الأفراد. التفسيرات الوحيدة للأرقام المدرجة في الجدول هي أن هانك في رحلة عمل على الطريق وأن الشركة التي يعمل بها ستدفع له نفقات رحلته، ولذا فهو يملأ خزان الوقود بصرف النظر عن السعر. أما جيل فلا تملك سيارة، ومن ثم لا تشتري بنزينًا بصرف النظر عن السعر.

وما إن نحصل على جدول طلب السوق حتى يسهل رسم «منحنى الطلب» للسوق:

طلب السوق من البنزين.

يفتقر الرسم البياني السابق إلى الجاذبية، ولذا يتحايل الاقتصاديون عندما يستخدمون منحنيات طلب عامة، ويرسمون شيئًا كالتالي:

منحنى طلب عام.

(٣) العرض: تعريفه وقانونه

ما إن نفهم مفهوم الطلب حتى يسهل توضيح «العرض»، وهو: العلاقة بين عدة أسعار افتراضية لسلعة أو خدمة في السوق، وإجمالي عدد الوحدات التي يرغب المنتجون في بيعها عند كل سعر افتراضي. وكما هو الحال مع الطلب، يمكننا إعداد «جدول عرض ومنحنى عرض» لتوضيح هذه العلاقة مع فرد واحد أو مجموعة أفراد خلال فترة زمنية محددة. والجدول التالي يمثل جدول العرض لمجتمعنا الافتراضي (ظهيرة الثلاثاء نفسه)، ويليه منحنى العرض المقابل له:

عرض الأفراد والسوق من البنزين (ظهيرة الثلاثاء).
السعر (بالدولار) كويك مارت فيل إير أب المزارع جيم السوق
٧٫٠٠ ٥٠٫٠ ٢٠٠٫٠ ٢٠٫٠ ٢٧٠٫٠
٦٫٥٠ ٥٠٫٠ ٢٠٠٫٠ ٢٠٫٠ ٢٧٠٫٠
٦٫٠٠ ٥٠٫٠ ٢٠٠٫٠ ٢٠٫٠ ٢٧٠٫٠
٥٫٥٠ ٥٠٫٠ ١٨٠٫٠ ٠٫٠ ٢٣٠٫٠
٥٫٠٠ ٥٠٫٠ ١٦٠٫٠ ٠٫٠ ٢١٠٫٠
٤٫٥٠ ٥٠٫٠ ١٣٠٫٠ ٠٫٠ ١٨٠٫٠
٤٫٠٠ ٤٠٫٠ ١١٥٫٠ ٠٫٠ ١٥٥٫٠
٣٫٥٠ ٣٥٫٠ ٩٥٫٠ ٠٫٠ ١٣٠٫٠
٣٫٠٠ ٢٥٫٠ ٨٥٫٠ ٠٫٠ ١١٠٫٠
٢٫٥٠ ١٠٫٠ ٢٦٫٠ ٠٫٠ ٣٦٫٠
٢٫٠٠ ٠٫٠ ١٠٫٠ ٠٫٠ ١٠٫٠
١٫٥٠ ٠٫٠ ٥٫٠ ٠٫٠ ٥٫٠
١٫٠٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٠
٠٫٥٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٠
٠٫٠٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٠ ٠٫٠
عرض السوق من البنزين.

نلاحظ في الجدول السابق أن هناك محطتي وقود في المدينة هما «كويك مارت» و«فيل إير أب». يستعد صاحبا المحطتين للملء الدوري لخزانات الوقود — أحدها سعته ٥٠ جالونًا والآخر ٢٠٠ جالون — على افتراض أن سعر السوق يتراوح بين ٢٫٥ و٣ دولارات للجالون. إذا انخفض السعر عن ذلك كثيرًا، فسيغلقان محطتيهما على أمل عقد صفقات بيع أفضل في المستقبل القريب. ومع ارتفاع الأسعار، فإنهما يلجآن إلى أساليب مختلفة من أجل بيع كميات أكبر من البنزين مثل العمل أثناء استراحة الغداء، وفتح المحطة ساعات أطول، والخروج بسرعة لدى توقف أحد الزبائن لملء السيارة بالوقود دون أن يتحمل الزبون أي رسوم إضافية (ومن ثم إفساح المكان أمام الزبون المحتمل التالي). عندما يبلغ سعر الجالون ٦ دولارات أو أكثر، سيفكر المزارع جيم في الانضمام إلى سوق الوقود، فهو يملك احتياطيًّا من البنزين يساعده في ذلك، وعند هذا السعر المرتفع سيترك مزرعته ويتخذ مكانًا على جانب الطريق ليبيع بعض الوقود لأصحاب السيارات الأخرى.

تتبع أرقامنا الافتراضية سالفة الذكر «قانون العرض» الذي ينص على أنه مع ارتفاع سعر السوق لسلعة أو خدمة، يعرض المنتجون القدر نفسه أو أكثر من الوحدات. وفيما يلي بيان لمنحنى العرض العام:

منحنى عرض عام.

(٤) استخدام العرض والطلب لتفسير أسعار السوق

الغرض الأساسي من استخدام مفهومي العرض والطلب هو تنظيم تفكيرنا حول ما يحدث من تغيرات مختلفة وكيفية تأثيرها على أسعار السوق. عندما يتغير شيء ما — مثل أذواق المستهلكين أو توفر مورد ما — ندرس تأثير ذلك على طلب وعرض سلعة أو خدمة معينة، وعندها يمكن التعرف على التأثير النهائي على سعر السوق. لكن قبل عرض بعض الأمثلة (في الجزء التالي)، ستحتاج التعرف أولًا كيف أن منحنيي العرض والطلب المستقرين يشكلان هدفًا أو نقطة رسو لسعر السوق.

دعنا نستكمل مثالنا السابق عن سوق البنزين. في الجدول التالي جمعنا معلومات جدولي العرض والطلب للسوق كله، وأضفنا أيضًا قيمتين جديدتين لكل سعر افتراضي.

سوق البنزين (ظهيرة الثلاثاء).
السعر (بالدولار) العرض الطلب الفائض العجز
٧٫٠٠ ٢٧٠٫٠ ١٤٫٥ ٢٥٥٫٥ ٠٫٠
٦٫٥٠ ٢٧٠٫٠ ١٥٫٠ ٢٥٥٫٠ ٠٫٠
٦٫٠٠ ٢٧٠٫٠ ١٦٫٥ ٢٥٣٫٥ ٠٫٠
٥٫٥٠ ٢٣٠٫٠ ١٧٫٠ ٢١٣٫٠ ٠٫٠
٥٫٠٠ ٢١٠٫٠ ١٧٫٠ ١٩٣٫٠ ٠٫٠
٤٫٥٠ ١٨٠٫٠ ٢٠٫٠ ١٦٠٫٠ ٠٫٠
٤٫٠٠ ١٥٥٫٠ ٢٠٫٠ ١٣٥٫٠ ٠٫٠
٣٫٥٠ ١٣٠٫٠ ٢١٫٥ ١٠٨٫٠ ٠٫٠
٣٫٠٠ ١١٠٫٠ ٣٤٫٥ ٧٥٫٥ ٠٫٠
٢٫٥٠ ٣٦٫٠ ٣٦٫٠ ٠٫٠ ٠٫٠
٢٫٠٠ ١٠٫٠ ٤٤٫٠ ٠٫٠ ٣٤٫٠
١٫٥٠ ٥٫٠ ٥٣٫٠ ٠٫٠ ٤٨٫٠
١٫٠٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠
٠٫٥٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠
٠٫٠ ٥٧٫٠ ٠٫٠ ٥٧٫٠

يظهر «الفائض» (أو الوفرة) عندما يحاول المنتجون بيع عدد من وحدات سلعة أو خدمة أكثر مما يود المستهلكون شراءه (عند سعر محدد)؛ بينما يظهر «العجز» عندما يرغب المستهلكون في شراء عدد من الوحدات أكثر مما يود المنتجون بيعه (عند سعر محدد). وفي هذا السياق يكون «سعر التوازن» (أو سعر الإقفال) هو السعر الذي يتساوى عنده حجم المعروض من السلع مع حجم المطلوب منها. فعندما تكون السوق متوازنة، لا يوجد فائض ولا عجز.

سعر التوازن السوقي في مثالنا هو ٢٫٥٠ دولار لجالون البنزين، وذلك لأنه يوازن بين ضغوط المستهلكين والمنتجين. (في الفيزياء توصف الكرة الموضوعة على منضدة بأنها في حالة توازن لأن قوة الجاذبية نحو الأسفل تتساوى تمامًا مع قوة الطاولة التي تدفع الكرة إلى أعلى.) وتكمن الفكرة الأساسية هنا في أنه إذا ارتفع السعر عن ٢٫٥٠ دولار للجالون لسبب أو لآخر، فسوف تدفعه قوى السوق نحو الانخفاض.

على سبيل المثال: إذا ظن المنتجون أن سعر السوق ظهيرة ذلك الثلاثاء سيكون ٣٫٥٠ دولارات للجالون، فسينوون بيع ١٣٠ جالونًا من البنزين. لكن عند هذا السعر المعلن، لن يشتري المستهلكون سوى ٢١٫٥ جالونًا طوال هذا اليوم. إذا تشبث مالكا محطتي «كويك مارت» و«فيل إير أب» بهذا السعر، فسينتهي بهما الأمر بفائض ١٠٨٫٥ جالونات خططا لبيعه لكنهما لم يتمكنا من ذلك. ويُعَرَّف العرض (عند أسعار مختلفة) بعدد الوحدات التي سيبيعها المنتجون إذا تلقوا بالفعل السعر الافتراضي لكل وحدة معروضة. ونظرًا لأن مالكَي المحطتين سرعان ما سيدركان أنهما أخطآ في حكمهما على السوق — أي إنهما لن يبيعا ١٣٠ جالونًا بسعر ٣٫٥ دولارات للجالون الواحد — فإنهما سيخفضان السعر المطروح ويعدلان طموحاتهما بشأن تكهنات البيع.٢

على الجانب الآخر، إذا انخفض سعر السوق تلك الظهيرة عن ٢٫٥ دولار، فستعمل قوى السوق على دفع هذا السعر نحو الارتفاع. سيدرك مالكا المحطتين أن الزبائن يشترون البنزين بكميات أكبر من التي خططا لبيعها بهذا السعر المنخفض، ونتيجة لذلك سيرفعان السعر المعلن حتى يتمكنا من تحقيق مزيد من الأرباح، وتلافي غلق المحطتين مبكرًا ورد الزبائن دون أن يبيعوا لهم شيئًا.

تبين البراهين البديهية أن سعر التوازن أو الاستقرار الوحيد هو ٢٫٥ دولار للجالون. وإذا افترضنا أن جداول العرض والطلب ستظل ثابتة إلى حد بعيد في مجتمعنا الافتراضي، فسنتوقع أن يكون سعر السوق الفعلي ٢٫٥ دولار للجالون (أو سعرًا قريبًا للغاية من هذا السعر). وعند هذا السعر سيرغب المنتجون في بيع نفس عدد الجالونات التي يرغب المستهلكون في شرائها؛ أي ٣٦ جالونًا في المثال الذي طرحناه. وتلك هي «كمية التوازن».

في الرسم البياني للعرض والطلب، يتطابق سعر وكمية التوازن مع نقطة تقاطع المنحنيين كما هو موضح في الشكل التالي:

يمكننا أيضًا استخدام الرسم البياني العام للدلالة على الفائض (من سعر مرتفع للغاية) والعجز (من سعر منخفض للغاية). حجما الفائض والعجز مشار إليهما أيضًا بالأقواس الدالة على كل منهما.

(٥) استخدام العرض والطلب في فهم تغيرات الأسعار

غالبًا يقيِّد الأفراد غير المدرَّبين على التفكير الاقتصادي أنفسهم عند محاولة تحليل بعض الأحداث التي تقع في العالم وتأثيرها على الأسعار. على سبيل المثال: إذا أعلنت الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أنها ستخفض إنتاجها من النفط، فسيقول كثيرون — حتى مراسلو الصحف في بعض الأحيان! — كلامًا بلا معنى من نوعية:

«تصريح منظمة «أوبك» يعني تخفيض المعروض من النفط، مما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار. لكن ارتفاع الأسعار سيؤدي إلى قلة الطلب على النفط، وهو ما سيؤدي بدوره إلى انخفاض الأسعار.»

وهكذا نستنتج أن تصريح «أوبك» سيرفع أسعار النفط ويقللها في نفس الوقت! الآن وقد تعرفت على الأدوات الخاصة بتحليل العرض والطلب، يمكنك أن تتحاشى مثل هذا السخف في الكلام. سنتعامل أولًا مع مثالين للتغير في جانب العرض، ومثالين آخرين للتغير في جانب الطلب، بينما سيتضمن مثالنا الخامس تغيرات تطرأ على العرض والطلب في نفس الوقت.

(٥-١) المثال الأول: انخفاض العرض

في هذا المثال سنتناول مثال النفط الذي ذكرناه للتو. لنفترض أن الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» أعلنت أنها ستخفض إنتاجها من النفط بمقدار مئات الآلاف من البراميل يوميًّا. فما تأثير ذلك على سوق النفط؟

إذا كان كل ما نود تمثيله هو «اتجاه» التغير في سعر وكمية (التوازن)، فيمكننا استخدام منحنيات العرض والطلب العامة. (هذا ما سنتبعه في جميع الأمثلة على مدار ما تبقى من هذا الدرس.) سنرسم أولًا منحنيين عشوائيين ونحصل منهما على سعر وكمية التوازن اللذين يعبران عن الوضع قبل تصريح منظمة «أوبك» مباشرة:
سوق النفط.

الآن سنتعرف على تأثير التصريح الذي خرجت به منظمة «أوبك». هل سيؤثر قرار المنظمة على منحنى الطلب، أم منحنى العرض، أم كليهما معًا؟

من الواضح أن وزراء النفط في الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» يخفضون المعروض من النفط. ويمكننا تفسير تصريحهم على هذا النحو: «من قبل كانت لدينا كميات كبيرة من براميل النفط التي كنا سنبيعها وفقًا لسعر النفط. الآن غيرنا رأينا، ومع كل سعر افتراضي سنبيع عددًا من البراميل أقل مما كنا نبيعه بالأمس.» يشير الاقتصاديون إلى ذلك على أنه «انخفاض العرض» أو «انتقال منحنى العرض إلى اليسار». والسبب وراء العبارة الأخيرة بسيط للغاية؛ ففي الرسم البياني يظهر انخفاض العرض في شكل تحرك لمنحنى العرض نحو اليسار. والواقع أن ما يحدث هو أننا نرسم منحنى جديدًا تمامًا، لكن المنحنى الجديد يبدو لمن يراه كأنه المنحنى القديم وقد «تحرك نحو اليسار».

وقبل أن نرسم المخطط الجديد ينبغي أن نسأل: هل سيؤثر تصريح «أوبك» على الطلب على النفط؟ لا بد أن نتوخى الحذر هنا. عندما تفكر في «الطلب»، تذكر أنه العلاقة الكاملة بين الأسعار والكميات الافتراضية المحتملة؛ فالطلب ليس مجرد رقم واحد. (تذكر جدول الطلب بأكمله لتظل منتبهًا لهذا الأمر.) وكما سنرى، قطعًا سيؤثر تصريح «أوبك» على كمية توازن النفط المشترَى، لكن هذا في حد ذاته لا يعني أن الطلب سيشهد تغيرًا. فالغالبية العظمى من مشتري النفط لا يكترثون لعدد براميل النفط التي تنتجها «أوبك». هذه المعلومة لا تعنيهم في شيء إلا لأنهم يدركون (من خلال إلمامهم بمبادئ علم الاقتصاد) أن قرار «أوبك» سيؤثر على سعر النفط. لكن بقدر استعدادهم لشراء عدد أقل أو أكثر من براميل النفط بعدة أسعار افتراضية — أي جدول الطلب الخاص بهم — فلن يكون لتصريح «أوبك» تأثير كبير على الأرجح.٣ لذلك سنُبقي على منحنى الطلب دون تغيير في الرسم البياني التالي.

وكما يوضح الرسم البياني التالي، يؤدي انتقال منحنى العرض نحو اليسار إلى ظهور سعر (توازن) أعلى وكمية (توازن) أقل للنفط المنتَج والمشترَى. ولكي نكون أكثر تحديدًا، سيقول الاقتصاديون إن «الطلب» على النفط ظل ثابتًا، بينما انخفضت «الكمية المطلوبة». إذا أردنا توضيح هذا الفارق المهم بصورة أخرى، يمكننا القول إننا حرَّكنا منحنى العرض، بينما تحركنا للأمام على منحنى الطلب نفسه. الصحفي الافتراضي الذي أشرنا إليه آنفًا — والذي انتهى إلى أن تصريح منظمة «أوبك» سيرفع أسعار النفط ويخفضها في آن واحد — قد اختلط عليه الأمر في هذه النقطة المهمة؛ إذ خلط بين التغير في الطلب وبين التحرك للأمام على منحنى الطلب.

تعرفنا على الفوائد الجمَّة التي تعود علينا من وراء التعريف الدقيق لكل من العرض والطلب. ما فعله الاقتصاديون في الأساس أنهم درسوا أولًا كل ما قد يؤثر على قرارات المنتِجين ببيع كميات مختلفة من سلعة ما. وقد تكون القائمة طويلة، فتندرج تحتها الأحوال الجوية، وتوقعات المنتجين بشأن سلوك المستهلكين في المستقبل، وحتى إمكانية اندلاع حرب أهلية. وبعد أن انتهوا من وضع قائمة بكل العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤثر على قرارات المنتجين بشأن البيع، ثبَّتوا كل مؤثر من هذه المؤثرات لكن مع السماح بتغير سعر السلعة. إذن فجدول (ومنحنى) الطلب يتتبعان التجربة الفكرية التي يُسمح لسعر السلعة وحده فيها بالتغير مع ثبات كل المؤثرات الأخرى. بعبارة أخرى، لا يقول الاقتصاديون إن سعر السلعة هو العامل الوحيد الذي يؤثر على الكمية التي يرغب المنتجون في بيعها. لكنهم حين يضعون جدول العرض أو يرسمون منحنى العرض، يثبِّتون كل المؤثرات الأخرى بغرض تحديد التأثيرات الناجمة عن تغير السعر.

سوق النفط.

وبالمثل، يتتبع جدول (ومنحنى) الطلب التجربة الفكرية التي يثبِّت فيها الاقتصاديون جميع العوامل التي يمكن أن تؤثر على رغبات المستهلكين في شراء كميات من سلعة ما عدا سعر السلعة. وبتغيير هذا العامل على وجه التحديد وتثبيت كل المؤثرات الأخرى، يستطيع الاقتصاديون وضع تصور للطلب على السلعة.

عندما نحاول تحليل تأثير تغير ما، فإننا نحاول تحديد القائمة التي ينتمي إليها العامل. هل سيؤثر على المنتجين، وعلى القدر الذي سيرغبون في بيعه من السلعة ذات الصلة؟ هل سيؤثر ذلك العامل على القدر الذي سيرغب المستهلكون في شرائه من السلعة؟ أم كليهما معًا؟ دعونا ننتقل إلى مثال آخر.

(٥-٢) المثال الثاني: زيادة العرض

لنفترض أن حالة الطقس كانت مواتية للغاية وهذا أدى إلى زيادة محصول البرتقال عن المعتاد. فما تأثير ذلك على سعر البرتقال؟

حالة الطقس المواتية للغاية تعني أن المزارعين سيحصدون محصولًا من البرتقال أكثر مما اعتادوا حصاده. ومن ثم سيرغبون على الأرجح في بيع البرتقال بالأسعار الافتراضية بكميات أكبر مما اعتادوا عليه في حالة الطقس المعتادة. بعبارة أخرى، سيزداد المعروض من البرتقال؛ بمعنى أن منحنى العرض سينتقل نحو اليمين.

في الوقت نفسه ليس للطقس في حد ذاته تأثير كبير على رغبة المستهلكين في شراء البرتقال بأسعار مختلفة. عمليًّا، نستطيع القول إن حالة الطقس المواتية لن تؤثر على حجم الطلب على البرتقال.

وكما يوضح الرسم التالي، فإن انتقال العرض نحو اليمين مع ثبات الطلب يؤدي إلى سعر (توازن) أقل وكمية (توازن) أعلى:
سوق البرتقال.

(٥-٣) المثال الثالث: انخفاض الطلب

لنكمل باستخدام المثال السابق، ونفترض أن الطقس الرائع في فلوريدا أسفر عن زيادة محصول البرتقال. فما تأثير ذلك — إن كان له تأثير — على أسعار سوق التفاح إذا افترضنا أن محصول التفاح كان كالمعتاد لهذا العام؟

سنفترض أن الجمع الرائع بين سطوع الشمس وهطول المطر في فلوريدا لا يسفر عن زيادة محصول التفاح في معظم البساتين. من الصعب أن نرصد التأثير المباشر لزيادة محصول البرتقال على جدول عرض التفاح، ولذا سنفترض أنه سيظل ثابتًا.

لكن من المنطقي أن نفترض أن حالة الطقس في فلوريدا ستؤثر على المستهلكين وعلى طلبهم على التفاح. فالبرتقال والتفاح «بدائل»؛ بمعنى أن المستهلك يستطيع أن يستعيض بأحدهما عن الآخر في تلبية هدفه الرئيسي (وهو الرغبة في تناول الفاكهة في هذه الحالة).٤ عندما ينخفض سعر سلعة ما ينخفض الطلب على «بدائلها» أيضًا. وفي المثال الذي بين أيدينا يسير مخطط المسببات والنتائج على النحو التالي: تسفر أحوال الطقس المواتية للغاية عن زيادة محصول البرتقال في فلوريدا مما يزيد من الكمية المعروضة من البرتقال، لكنه لا يؤثر على الطلب عليه. وهذا يعني أن سعر البرتقال سينخفض، وهذا الانخفاض في سعر البرتقال لن يؤثر على المعروض من التفاح، لكنه يؤثر على الطلب على التفاح عن طريق تحركه نحو اليسار.

وهذه نقطة مبهمة تُحدث لبسًا لدى الأشخاص حديثي العهد بالأسلوب الاقتصادي في التفكير. تذكر أن منحنيي العرض والطلب يتيحان تغير سعر السلعة بينما يثبِّتان جميع العوامل الأخرى، ومن بين هذه العوامل سعر السلع الأخرى. بعبارة أخرى، عندما يتغير سعر التفاح، لا يؤثر ذلك على الطلب على التفاح؛ كل ما يحدث أننا نتحرك على منحنى الطلب على التفاح. مع ذلك، عندما يتغير سعر البرتقال، يمكن أن يؤدي ذلك حقيقة إلى انتقال منحنى الطلب على التفاح بالكامل (نحو اليسار).

في الرسم البياني التالي نبين تأثير حدوث انخفاض عام في الطلب مع ثبات العرض:
سوق التفاح.

(٥-٤) المثال الرابع: زيادة الطلب

لنفترض أن الممثل روبرت باتنسون انتقل للسكن في إحدى البنايات، فما التأثير الوارد لذلك على سعر إيجار الشقق في هذه البناية؟

سيكون التحليل واضحًا في هذا المثال؛ فالمعروض من الشقق السكنية في هذه البناية لم يتغير، ومالك البناية لا يستطيع بيع عدد من الوحدات أكثر مما هو موجود بالفعل، ومن المفترض أن قرار باتنسون باستئجار إحدى الشقق لن يدفع المالك إلى تأجير عدد أقل من الوحدات. على الجانب الآخر، هناك العديد من المستهلكين (إناث في الأغلب) سيفضلون السكن في البناية نفسها التي يسكنها النجم الشهير. فحقيقة أن باتنسون يسكن الآن في هذه البناية سيزيد طلب السوق على الشقق الأخرى فيها.
سوق الوحدات السكنية.
العقبة الوحيدة في مخططنا السابق هي الشكل الغريب لمنحنى العرض. وسننتهز الفرصة في هذا المثال ليس لتوضيح النتائج المترتبة على زيادة الطلب فحسب، بل لتوضيح إمكانية ثبات (عدم تغير) العرض. في منحنيات العرض التقليدية، تؤدي زيادة الطلب إلى رفع السعر والكمية، لكن في هذا المثال، زاد السعر فقط نظرًا لاستحالة زيادة كمية الشقق؛ على الأقل في الوقت الراهن.٥

يبين الرسم البياني السابق أيضًا أنه في حال انخفاض السعر كثيرًا، لن يهتم مالك العقار بتأجير أي من الشقق للمستأجرين، بل سيفضل بقاء البناية خالية ليجنب نفسه المشكلات الناجمة عن التعامل مع المستأجرين وشكايتهم من عدم توافر الماء الساخن، وصخب الحفلات، وما إلى ذلك. لكن بما أن الهدف الأساسي من وراء امتلاك البناية هو كسب المال، فسيرغب مالكها في تأجير جميع الوحدات ولو بسعر منخفض نسبيًّا.

(٥-٥) المثال الخامس: تغير متزامن في العرض والطلب

في الأمثلة السابقة تناولنا مواقف يكون لحدوث أحد التغيرات فيها تأثير كبير إما على العرض أو الطلب، وتأثير ضئيل على الآخر. ماذا يحدث إذن عندما يكون لأحد التغيرات تأثير كبير على العرض والطلب في آن واحد؟

على سبيل المثال: سنفترض أن تقريرًا طبيًّا حديثًا أظهر أن الأحذية الجلدية تسبب مخاطر صحية جسيمة على من يتعاملون معها بصفة دائمة. فماذا سيحدث لسعر وكمية توازن الأحذية الجلدية؟

سيتسبب التقرير الجديد (في نهاية الأمر) في انتقال منحنى عرض الأحذية الجلدية نحو اليسار.٦ إذا كان أصحاب المتاجر يتعاملون مباشرة مع الأحذية، فستقل رغبتهم في ملامسة الكثير من الأحذية كل يوم. وحتى لو لجئوا إلى توظيف عمال يبيعون الأحذية، فسيكون عليهم دفع أجور مرتفعة لأن هؤلاء العمال سيفضلون العمل في وظيفة أكثر أمنًا. وزيادة أجور العاملين ستزيد نفقات بيع الأحذية، مما يؤدي إلى انتقال منحنى العرض نحو اليسار.

لكن لأسباب واضحة سيكون للتقرير الطبي أثر كبير على الطلب على الأحذية، وهو ما سينقل منحنى الطلب نحو اليسار أيضًا. في هذه الحالة يمكننا التأكيد على أن كمية التوازن ستنخفض، لكننا لا ندري ما سيحدث لسعر توازن الأحذية الجلدية. انتقال منحنى العرض نحو اليسار سيرفع السعر، في حين أن انتقال منحنى الطلب نحو اليسار سيخفضه. وما لم تكن لدينا أرقام محددة، فلن نتمكن من تحديد أي التأثيرين سيكون الأقوى. وبوجه عام يمكن القول إن انخفاض العرض والطلب في الوقت نفسه قد يؤدي إلى رفع سعر التوازن أو خفضه.

في تدريبات هذا الدرس ستواجه تنويعات أخرى من التغيرات التي تحدث في العرض والطلب في الوقت نفسه. ولا شك أنه في كل حالة سيتحرك السعر أو الكمية في اتجاه محدد، لكن حينها ستكون حركة العنصر الآخر غير مؤكدة.٧
سوق الأحذية.

خلاصة الدرس

  • يستخدم الاقتصاديون مفهومي العرض والطلب من أجل تفسير أسعار السوق والكميات المنتَجة من السلع والخدمات. العرض والطلب ليسا «نظريتين»، لكنهما يوفران إطار عمل فكري لفهم تأثير التغييرات التي تطرأ على الاقتصاد على الأسعار والكميات.

  • يوضح جدولا (ومنحنيا) العرض والطلب التأثيرات المحتملة لتثبيت كل العوامل المؤثرة مع السماح بتغير سعر السلعة فقط. ونكرر مجددًا أن هذه ليست «نظرية» عن الأمور التي تؤثر على الأفراد في الاقتصاد، بل هي إطار عمل يستخدمه الاقتصاديون من أجل تنظيم طريقة تفكيرهم.

  • ينص «قانون العرض» على أنه في حالة ثبات جميع المؤثرات الأخرى، يدفع ارتفاعُ السعر المنتجين إلى بيع وحدات أكثر، بينما يدفع انخفاضُ السعر المنتجين إلى بيع وحدات أقل. أما «قانون الطلب» فينص على أنه في حالة ثبات جميع المؤثرات الأخرى، يدفع ارتفاع السعر المستهلكين إلى شراء وحدات أقل، في حين يدفعهم انخفاض السعر إلى شراء وحدات أكثر.

مصطلحات جديدة

  • الطلب: العلاقة بين سعر سلعة (أو خدمة) وعدد الوحدات التي يرغب المستهلكون في شرائها عند كل سعر افتراضي.
  • جدول الطلب: جدول يوضح علاقة الطلب إما لفرد أو مجموعة.
  • قانون الطلب: عند ثبات كل المؤثرات الأخرى، يدفع انخفاض السعر المستهلكين إلى شراء وحدات أكثر من سلعة (أو خدمة)، بينما يدفعهم ارتفاع السعر إلى شراء وحدات أقل.
  • منحنى الطلب: توضيح بياني لعلاقة الطلب بحيث يمثَّل السعر على المحور الرأسي والكمية على المحور الأفقي. في بعض الأحيان يُرسم منحنى الطلب كخط منحنٍ أو حتى كخط مستقيم. منحنيات الطلب «تنحدر نحو الأسفل»؛ بمعنى أنها تبدأ أعلى اليسار وتتحرك إلى الأسفل جهة اليمين.
  • العرض: العلاقة بين سعر سلعة (أو خدمة) وعدد الوحدات التي يرغب المنتجون في بيعها عند كل سعر افتراضي.
  • جدول العرض: جدول يوضح علاقة العرض إما لفرد أو لمجموعة من المنتجين.
  • منحنى العرض: توضيح بياني لعلاقة العرض بحيث يمثَّل السعر على المحور الرأسي والكمية على المحور الأفقي. في بعض الأحيان يُرسم منحنى العرض كخط منحنٍ، أو حتى كخط مستقيم. منحنيات العرض «تميل نحو الأعلى»؛ بمعنى أنها تبدأ أسفل اليسار وتتحرك إلى الأعلى جهة اليمين.
  • قانون العرض: عند ثبات كل المؤثرات الأخرى، يدفع ارتفاع السعر المنتجين إلى بيع وحدات أكثر من سلعة (أو خدمة)، في حين يدفعهم انخفاض السعر إلى بيع وحدات أقل.
  • الفائض/الوفرة: عندما يرغب المنتجون في بيع وحدات من سلعة (أو خدمة) أكثر مما يرغب المستهلكون في شرائه. ويحدث ذلك عندما يكون السعر الفعلي أعلى من سعر الإقفال.
  • العجز: عندما يرغب المستهلكون في شراء وحدات من سلعة (أو خدمة) أقل مما يرغب المنتجون في بيعه. ويحدث ذلك عندما يكون السعر الفعلي أدنى من سعر الإقفال.
  • سعر التوازن/سعر الإقفال: السعر الذي يرغب عنده المنتجون بيع نفس عدد الوحدات التي يرغب المستهلكون في شرائها. يظهر سعر التوازن على الرسم البياني عند تقاطع منحنى العرض مع منحنى الطلب.
  • كمية التوازن: عدد الوحدات التي يرغب المنتجون في بيعها، ويرغب المستهلكون في شرائها بسعر التوازن. تظهر كمية التوازن على الرسم البياني عند تقاطع منحنى العرض مع منحنى الطلب.
  • انخفاض العرض/انتقال منحنى العرض إلى اليسار: موقف يؤدي فيه حدوث تغير بجانب سعر سلعة (أو خدمة) إلى تقليل المنتجين لعدد الوحدات التي يرغبون في بيعها عند عدد من الأسعار المحتملة. وعلى الرسم البياني يؤدي هذا التغيير إلى تحرك منحنى العرض نفسه إلى اليسار. (وبالمثل، تحدث زيادة في العرض أو تحرك منحنى العرض إلى اليمين عندما يدفع أحد التغييرات المنتجين إلى زيادة عدد الوحدات التي يرغبون في بيعها عند عدد من الأسعار المحتملة.)
  • انخفاض الطلب/انتقال منحنى الطلب إلى اليسار: موقف يؤدي فيه حدوث أحد التغيرات بجانب سعر سلعة (أو خدمة) إلى تقليل المستهلكين لعدد الوحدات التي يرغبون في شرائها عند عدد من الأسعار المحتملة. وعلى الرسم البياني يتسبب هذا التغير في تحريك منحنى الطلب نفسه نحو اليسار.
  • البدائل: سلع (أو خدمات) يستخدمها المستهلكون للأغراض نفسها. على سبيل المثال: الكولا والبيبسي سلعتان بديلتان في حالة ذهاب أحد الأفراد إلى المتجر لشراء مياه غازية. ويؤدي تغير سعر إحدى السلعتين إلى تغير في نفس الاتجاه على طلب السلعة البديلة. (أي إن انخفاض سعر الكولا سيتسبب على الأرجح في خفض الطلب على البيبسي.)
  • المكمِّلات: سلع (أو خدمات) يستخدمها المستهلكون فيما بينهم. على سبيل المثال: إذا ذهب أحد الأفراد ليتناول طعامه بالخارج فستكون النقانق والمسطردة سلعتين مكملتين إحداهما للأخرى. ويؤدي تغير سعر إحدى السلعتين إلى تغير في الاتجاه المعاكس في طلب السلعة المكملة. (أي إن انخفاض سعر النقانق سيتسبب على الأرجح في زيادة الطلب على المسطردة.)

أسئلة الدرس

  • (١)

    لماذا لا يمكن إثبات خطأ مفهومي العرض والطلب؟

  • (٢)

    لماذا نقول إن الطلب يعبر عن لحظة زمنية محددة؟

  • (٣)

    كيف تنتقل من جداول الطلب أو العرض للفرد إلى جداول الطلب أو العرض للسوق؟

  • (٤)

    اشرح كيف تميل عمليات السوق إلى دفع الأسعار نحو مستويات توازنها.

  • (٥)

    إذا زاد العرض مع انخفاض الطلب، فماذا يمكن أن نقول عن التغير في سعر التوازن؟ وماذا عن التغير في كمية التوازن؟

هوامش

(١) ينظر بعض الاقتصاديين إلى «قانون» الطلب بوصفه نزعة تجريبية، مثل الفيزيائي الذي يلاحظ أن «الجاذبية تسقط الأشياء أرضًا». ووفقًا لهذا الرأي، تكون هناك استثناءات عرضية لقانون الطلب، لأننا نستطيع تخيل شخص يشتري سبائك فضة أقل إذا كانت أسعارها منخفضة للغاية، أو يشتري وحدات أقل من حقيبة يد ذات ماركة شهيرة لأن سعرها منخفض للغاية، ومن ثم لم تعد رمزًا لمنزلة من يمتلكها. اقتصاديون آخرون يفسرون «قانون» الطلب على أنه مجرد قانون. فهم لا يرونه نزعة تجريبية تشير إلى أشياء مادية أو أرقام مبيعات، بل هم يثبتون صحة «قانون الطلب» من خلال التفكير بمنطق الفعل الاقتصادي. فكلما اشترى المستهلك وحدات أكثر من إحدى السلع قلت أهمية كل وحدة تالية، ومن ثم يكون من الطبيعي أن المستهلك الذي ينفق نقوده من أجل إشباع أكثر أهدافه أهمية سوف يشتري بالضرورة العدد نفسه من الوحدات مع انخفاض سعر السلعة. والأمثلة التي تدحض هذا الرأي تصنَّف على أنها «سلع مختلفة»، لأن الخصائص المادية لحقيبة اليد ذات الماركة الشهيرة ليست ما يهم، وإنما السعادة الذاتية التي تمنحها للمشتري. لن نتخذ جانبًا معينًا في هذا الجدل، وسنتلافى أي لبس بافتراض أن جميع جداول ومنحنيات العرض والطلب تسير وفق «قوانينها».
(٢) في عالم الواقع تختلف درجات «ثبات» السعر باختلاف السوق. فمحطة البنزين يمكن أن تغير الأسعار بسرعة كبيرة، بل ربما تتغير الأسعار من دقيقة لأخرى إذا تطلب الأمر. وهناك أسواق أخرى — مثل الإسكان — تشهد تغيرًا في الأسعار ولكن بوتيرة أكثر بطئًا. القواعد واحدة في كلتا الحالتين، لكن الواقع أن بائع المنزل يقلل سعر البيع بعد عدة شهور — على سبيل المثال — من عدم العثور على مشترٍ.
(٣) في عالم الواقع يمكننا ذكر مواقف أكثر تعقيدًا تفسر السبب في أن بعض مشتري النفط — تحديدًا المضاربين الذين قد يلجئون إلى تخزين النفط بناء على توقعاتهم بشأن الأسعار في المستقبل — قد تتغير جداول طلبهم بسبب إعلان «أوبك». لكنها آلية دقيقة تقع خارج نطاق نقاشنا في هذا النص. من الواضح أن إعلان «أوبك» يتعلق بتغير العرض أكثر مما يتعلق بتغير الطلب.
(٤) على الجانب الآخر، فإن السلعة «المكمِّلة» هي التي تكمِّل سلعة أخرى. على سبيل المثال: زبدة الفول السوداني مكملة للمربَّى. في حالة ثبات جميع العوامل الأخرى، فإن الانخفاض في سعر المربَّى سيزيد الطلب على زبدة الفول السوداني. لذلك فإن العلاقة بين السعر والطلب في حالة السلع المكملة عكس العلاقة بينهما في حالة السلع البديلة.
(٥) المفترض بكتاب اقتصادي أن يناقش الفرق بين منحنيات العرض على المدى القصير والطويل، لكننا لن نتطرق لذلك، لأنه سيتضمن المزيد من التحليلات البيانية.
(٦) نقول إن منحنى العرض سينتقل ناحية اليسار «في نهاية الأمر»، لأنه من الوارد أن يحاول ملاك الأحذية الجلدية المصابون بأعلى درجات الوسواس التخلص مما لديهم من مخزون بأي سعر كان في نفس يوم الإعلان عن التقرير. والمفترض أن يؤدي ذلك إلى انتقال منحنى العرض نحو اليمين. لكننا في النص نركز على الموقف الأكثر استمرارية من خلال النظر إلى المنتجين الذين يستمرون في نشاطهم ويواصلون بيع الأحذية بعد مرور أشهر على ذلك الإعلان.
(٧) بعبارة أخرى، ستكون قادرًا في أي تدريب على القول إن (أ) الكمية تزداد قطعًا، لكنك لن تستطيع الجزم بالاتجاه الذي يتحرك فيه السعر، أو (ب) الكمية قطعًا تنخفض، لكنك لن تعرف شيئًا عن السعر، أو (ﺟ) السعر يزداد قطعًا، لكنك لن تعرف في أي اتجاه تتحرك الكمية، أو (د) السعر ينخفض قطعًا، لكنك لا تعرف في أي اتجاه تتحرك الكمية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤