الدرس الثالث والعشرون

الدورة الاقتصادية

(مستوى متقدم)

ستتعلم في هذا الدرس

  • العناصر المتعارف عليها في «الدورة الاقتصادية».

  • كيف يتسبب تدخل الحكومة في حدوث الدورة الاقتصادية.

  • أسباب البطالة الجماعية.

(١) الدورة الاقتصادية

تشير «الدورة الاقتصادية» — المعروفة أيضًا باسم «دورة الازدهار والكساد» — إلى التواتُر الدوري الذي يبدو أنه يصيب اقتصادات السوق. فبدلًا من الاستمتاع بفترات نمو متواصلة، يمر الأفراد الذين يعيشون في ظل الاقتصادات الرأسمالية لسبب ما بمراحل متناوبة ما بين الازدهار والكساد. فعندما تنتعش الدورة الاقتصادية، تتوسع الشركات وتوظِّف عمالًا جددًا، وترتفع الأجور والأسعار، وتشهد سوق الأوراق المالية ارتفاعًا هائلًا، ويسود شعور عام بالنشاط. لكن لسبب ما أيضًا، يشهد الاقتصاد حالة من الاختلال تنتهي بحدوث انكماش اقتصادي فيه يفقد العمال وظائفهم، وتنخفض الأجور والمبيعات، وتشهد سوق الأوراق المالية انخفاضًا، بل وربما انهيارًا تامًّا.

يعتقد معظم الأفراد — وبينهم كثيرون من مؤيدي الرأسمالية — أن الدورات الاقتصادية إنما هي سمة متأصلة في اقتصاد السوق الخالص. والواقع أنه بسبب هذا المفهوم الشائع، يكثُر انتهاج الحكومة «سياسات مضادة للدورة الاقتصادية» يمكن من خلالها كبح جماح نقيضي السوق. على سبيل المثال: قد يقول كثير من المحللين إن برامج الرعاية الاجتماعية وضرائب الدخل التصاعدية — إلى جانب مزاياهما الأخرى — تساعد أيضًا في كبح ارتفاعات وانخفاضات الدورة الاقتصادية غير الخاضعة للرقابة. فأثناء فترة الانتعاش يُدفَع الأفراد إلى الانضمام إلى شرائح ضريبية أعلى (نتيجة ارتفاع الدخول)، ومن ثم تزداد إيرادات الحكومة؛ مما يساعد في تكوين متكأ يُستنَد إليه في أوقات الركود، ويساعد أيضًا في «تبريد» اقتصاد «محموم».١

وعندما يحل الركود، تتدخل تلقائيًّا برامج الحكومة كمعونة البطالة وكوبونات الغذاء لتوفير الدخل اللازم للأفراد الذين فقدوا وظائفهم. وبهذه الطريقة — ووفقًا للمفهوم الشائع — فإن الركود الذي يصيب النشاط الاقتصادي لا ينزلق في دوامة مفرغة تنزل به إلى الحضيض، حيث تؤدي جولة واحدة من تسريح العمالة إلى نقص الأموال التي ينفقها المستهلكون، وهذا بدوره يضر بالمبيعات أكثر فأكثر، وهكذا دواليك. ويعكس مفهوم السياسات المضادة للدورة الاقتصادية واحدًا من الموضوعات المؤثرة في حلقات النقاش التقليدية التي تدور حول السياسة الاقتصادية، وهو أنه يتعين على الحكومة (والبنك المركزي) استخدام سلطاتهم المختلفة للإبحار بالاقتصاد وسط الأمواج المتلاطمة للازدهار والركود. وفي ضوء هذا الرأي الشائع، يكون هدف (أو واجب) الحكومة والبنك المركزي منح المواطنين زيادة ثابتة وسلسة في مستوياتهم المعيشية دون تعريضهم للتقلبات العنيفة التي يقال إنها تحدث في سوق حرة تمامًا.

عند هذه النقطة من الكتاب، يفترض بك أن ترتاب في صحة هذه المزاعم التي تتحدث عن قدرة تدخل الحكومة على تصحيح الأوضاع في الاقتصاد. وقد رأينا بالفعل عدة أمثلة لم تكن السوق الحرة فيها هي السبب في ظهور مشكلات اجتماعية بعينها — مثل مُلاك البنايات المتهالكة، وعنف عصابات المخدرات، ونقص الوحدات السكنية في المدن الكبرى — بل كان التدخل الحكومي السببَ فيها.

الواقع أنه عندما يصل الحديث إلى «الاقتصاد الكلي» — الذي هو دراسة الاقتصاد ككل بدلًا من دراسة أسواق المنتجات الفردية وأسواق الأيدي العاملة — هناك وجهة نظر بديلة تلقي بلائمة الدورات الاقتصادية على التدخل الحكومي. ووفقًا لآراء هذه المدرسة الفكرية،٢ فإن الحكومة تُحدث فترة «انتعاش زائف» عندما تقلل أسعار الفائدة عن مستوياتها الحقيقية في السوق الحرة. لكن الوهم لا يدوم طويلًا، وعند نقطة ما ينهار الكيان الاقتصادي المترنح، مما يؤدي إلى ظهور كافة مظاهر الركود.

في كتاب تمهيدي كهذا لا يسعنا إلا أن نقدم لك مخططًا لتفسير الدورات الاقتصادية. وقد أرجأنا هذه المناقشة حتى الدرس الأخير، لأنها تعتمد على عدة مفاهيم تناولناها في دروس سابقة. ومع أن بعض ما تبقى من الكتاب قد يكون متقدمًا بعض الشيء عليك، فإننا نحثك على استيعاب أكبر قدر ممكن، لأنه من الضروري للمواطنين أن يتعرفوا على أسباب الدورة الاقتصادية. إذا كانت النظرية المطروحة في الصفحات التالية صحيحة، فذلك يعني أن الحكومة لا تتسبب في حدوث الدورات الاقتصادية فحسب، وإنما يعني أن «الدواء» الذي تستخدمه أثناء فترة الركود ليس سوى سمٍّ زُعاف.

(٢) كيف تتسبب الحكومة في حدوث الدورة الاقتصادية

لكي نفهم كيف يمكن أن يكون تدخل الحكومة السبب في حدوث فترات الانتعاش والركود المعتادة في الدورة الاقتصادية، دعنا أولًا نستعرض ما يحدث في اقتصاد سوق خالص عندما يقرر المستهلكون زيادة مدخراتهم.

(٢-١) النمو الاقتصادي المستدام والموجَّه بالسوق

أوضحنا في الدرس الرابع كيف استطاع روبنسون كروزو — وهو وحيد على جزيرته الاستوائية — أن يحسن مستوى معيشته من خلال التنظيم وبعد النظر. فعن طريق ادخار (وليس استهلاك) بعض ثمار الجوز التي كان يجمعها كل يوم، استطاع كروزو تكوين مخزون من الثمار، بحيث استطاع في نهاية الأمر أن يبدأ في استثمار وقته والموارد الأخرى على الجزيرة في إنتاج سلع رأسمالية كالعصا الطويلة. وباستخدام العصا والسلع الرأسمالية الأخرى، سيتعزز جهد كروزو كثيرًا في المستقبل، بحيث يمكنه أن يستمتع بالمزيد من ثمار الجوز، والسمك، والمأوى، ووقت الفراغ مقارنة بما كان عليه الوضع عندما حلَّ على الجزيرة للمرة الأولى.

في الدرس العاشر أخذنا تلك الأفكار الأساسية عن عالم كروزو، وطبقناها على اقتصاد سوق معاصر. وفي هذه الحالة أيضًا يمكن للأفراد تقليل استهلاكهم الحالي، كي يدَّخروا ويستثمروا، مما يتيح لهم الاستمتاع بمستوى معيشي مرتفع على الدوام في المستقبل.

تذكَّر الدور المحدد الذي تلعبه أسعار الفائدة في هذه العملية؛ فعندما يقرر معظم الأفراد في الاقتصاد أنهم يريدون تقليل إنفاقهم الحالي لتوفير ما يمكِّنهم من العيش الكريم بعد التقاعد (أو يمكِّنهم من ترك ميراث كبير لورثتهم)، فإن هذا القرار يؤدي إلى انخفاض أسعار الفائدة.٣ وأسعار الفائدة المختلفة تعطي إشارة لأصحاب الأعمال باقتراض المزيد والاستثمار في مشروعات طويلة الأجل. ذلك أن أي مشروع استثماري — أمامه عدد محدد من السنوات تنفَق خلالها الأموال قبل أن يصبح بيع المنتج النهائي وتحصيل العائد ممكنًا — تتحدد ربحيته من عدمها بناءً على أسعار الفائدة المستخدمة في التقييم وقت الإنفاق ووقت تحصيل الإيرادات. وكلما انخفضت أسعار الفائدة في السوق، قلت القيود المفروضة على المشروعات طويلة الأجل، وتلقى أصحاب الأعمال الضوء الأخضر لتوظيف العمال وشراء المواد الخام من أجل بدء هذه المشروعات.

ثمة نقطة مهمة ينبغي تذكرها، وهي أنه في ظل التوسع المستدام الموجه بالسوق — حيث تنخفض معدلات الفائدة لأن الأفراد يستهلكون أقل ويدخرون أكثر — تأتي الموارد الإضافية التي تتدفق إلى المشروعات الاستثمارية الجديدة من القطاعات التي تشهد انخفاضًا في المبيعات. على سبيل المثال: إذا قلل المستهلكون إنفاقهم على المطاعم وأقراص الفيديو الرقمية — للمساهمة في زيادة مدخراتهم شهريًّا — ستضطر المطاعم إلى تسريح الندلاء، وربما تضطر بعض مصانع أقراص الفيديو الرقمية إلى غلق أبوابها. يتحول هؤلاء العمال وغيرهم من الموارد إلى القطاعات التي تشهد توسعًا نتيجة انخفاض أسعار الفائدة.

ما يحدث حقيقة في التوسع المستدام الموجَّه بالسوق أنه يعاد توزيع العمال والموارد الأخرى بعيدًا عن السلع الاستهلاكية وإلى السلع الرأسمالية. ويتشابه ذلك مع تخصيص كروزو بعضًا من ساعات عمله ليس لجمع ثمار الجوز، وإنما لصنع العصا. وفي كلتا الحالتين يكون الهدف النهائي الاستمتاع بقدر أكبر من السلع الاستهلاكية. لكن بسبب الندرة، يواجه الأفراد مفاضلة قصيرة الأجل ينخفض فيها الاستهلاك في الوقت الحالي، من أجل الإنفاق على صنع المزيد من السلع الرأسمالية. ففي نهاية الأمر يعوَّض هذا التقشف بأكثر من قيمته، لكن من المهم أن نتذكر أن الازدهار المستدام والنمو الاقتصادي المستدام يعتمدان على التنظيم والصبر. ومن دون اختراعات تكنولوجية جديدة، أو اكتشاف موارد طبيعية جديدة، فما من عصا سحرية تزيد إنتاجية العمالة بحيث يستطيع جميع الأفراد استهلاك المزيد «الآن وللأبد».

(٢-٢) النمو الاقتصادي غير المستدام الموجَّه بالحكومة

دعنا الآن نفترض أن مسئولي الحكومة لا يملكون الصبر الذي يتطلبه النمو الاقتصادي المستدام؛ فهم يريدون فوائد مزيد من الاستثمارات من دون تجشم عناء زيادة الادخار (أي تخفيض الاستهلاك). ومن أجل هذه الغاية، يخفِّض البنك المركزي («الاحتياطي الفيدرالي» في الولايات المتحدة) أسعار الفائدة عن مستوياتها في السوق الحرة. والآلية المحددة التي يستخدمها «الاحتياطي الفيدرالي» فيها الكثير من التعقيد، لكن يمكننا أن نكتفي بتصور أنه يطبع نقودًا جديدة فئة ١٠٠ دولار، ويدخل سوق الإقراض عارضًا إقراض النقود الجديدة بأسعار فائدة أقل من السعر السائد في السوق. من الناحية العملية، يصبح «الاحتياطي الفيدرالي» موردًا جديدًا لأموال القروض (التي طَبَعها)، ويدفع منحنى العرض إلى التحرك نحو اليمين.
سوق الأموال القابلة للإقراض.

ظاهريًّا، تتشابه نتائج هذه العملية مع نتائج التوسع الموجَّه بالسوق. عند سعر الفائدة المنخفض، يتلقى أصحاب الأعمال الضوء الأخضر للبدء في مشروعات طويلة الأجل، فيوظفون العمال ويشترون المواد الخام من أجل مشروعات كانت تبدو غير مربحة في ظل سعر الفائدة الأصلي في السوق، لكنها تبدو الآن معقولة بسبب «القروض الرخيصة» التي يوفرها «الاحتياطي الفيدرالي».

لكن على عكس التوسع الموجَّه بالسوق، فإن التوسع الموجَّه بالحكومة لا يستتبع حدوث انخفاض في إنفاق المستهلكين على المطاعم وأقراص الفيديو الرقمية، وقطاعات التجزئة الأخرى. على العكس، تشهد هذه الأنشطة زيادة في المبيعات، لأنه عند انخفاض سعر الفائدة، يقل الحافز لدى الأفراد للادخار، ولذا ينفقون المزيد على الاستمتاع بالملذات الحالية. بعبارة أخرى، في الوقت الذي يرى فيه أصحاب الأعمال الذين ينتجون السلع الرأسمالية أن أنشطتهم التجارية تزدهر، يكون ذلك هو حال قطاعات المستهلكين أيضًا. ومن ثم يبدو أن جميع القطاعات تشهد حالة من النمو. وتؤدي المنافسة من أجل توظيف عمال جدد إلى زيادة الأجور، ولذا يسود شعور عام بالرخاء.

لكننا ندرك أن ذلك الإحساس بالنشاط وهْم لا محالة؛ فالحكومة لم تتوصل إلى تركيبة علمية جديدة، ولم تقع مصادفة على حقل نفط لم يكن قد اكتُشف من قبل، بل كل ما فعلته أنها طبعت نقودًا جديدة وأعطتها لأصحاب الأعمال. وهذا الفعل في حد ذاته لا يغير الحقائق المرتبطة بالندرة، لأنه يستحيل عمليًّا لأي اقتصاد أن ينتج مزيدًا من الجرارات وأجهزة التليفزيون باستخدام العدد نفسه من العمال، والقدر نفسه من المواد الخام والمعدات. في حالة التوسع الموجَّه بالسوق، يتعين على المستهلكين تقليل استهلاكهم من أجهزة التليفزيون (وغيرها من السلع الاستهلاكية) ليعطوا الفرصة لتصنيع مزيد من الجرارات. أما في التوسع الموجَّه بالحكومة، فيبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه يمكن للاقتصاد الاحتفاظ بالكعكة وتناولها في آن واحد؛ أي يمكن إنتاج مزيد من السلع الرأسمالية وأيضًا مزيد من السلع الاستهلاكية دون انتظار. فما الذي يحدث إذن؟

الجواب أن تشويه الحكومة لسعر الفائدة قد ضلَّل أصحاب الأعمال. تذكَّر أنه من مهام أسعار السوق الحرة أنها تعطي إشارات تساعد على تنسيق النشاط الاقتصادي. عندما صوَّرت الحكومة أن اقتراض رءوس المال ليس مكلفًا، فإنها خدعت المستثمرين، وجعلتهم يتصرفون وكأن هناك مدخرات أكثر مما هو موجود فعلًا. ولذلك فإن ما يحاول أصحاب الأعمال في أحد جوانب الاقتصاد فعله باستخدام الموارد لا يتماشى مع ما يحاول أصحاب الأعمال في جوانب أخرى فعله، وأي من الخطط الموضوعة لا يتماشى مع الكيفية التي يتوقع المستهلكون إنفاق رواتبهم بها.

ربما تظن أن مثل هذا الارتباك والانفصال عن الحقائق الاقتصادية الفعلية سيكشفان عن نفسيهما في الحال. فعندما تبني وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» صاروخًا بناء على «قوانين» فيزيائية أو هندسية خاطئة، سرعان ما يدركون خطأهم. أما عندما يتعلق الأمر بالرخاء الزائف الذي تُحدثه الحكومة، فربما يستغرق الأمر سنوات قبل أن تتكشَّف الحقيقة.

والسبب في تلك الاستجابة المتأخرة «الاستهلاك الرأسمالي». بعبارة أخرى، يمكن على أرض الواقع أن ينتج الاقتصاد فجأة المزيد من السلع الرأسمالية٤ (كالجرارات، والحفَّارات) والمزيد من السلع الاستهلاكية (كأجهزة التليفزيون، والدراجات) في الوقت نفسه ولو لفترة قصيرة. ويمكن إرجاء المفاضلة إلى حين إذا «تجاهل أصحاب الأعمال تآكل مخزون رأس المال الحالي».

لكي ينتج أصحاب الأعمال أي شيء — سواء أكان سلعة استهلاكية أم رأسمالية — لا بد لهم من استخدام أدوات ومعدات موجودة بالفعل. والاستخدام المتواصل لهذه الأدوات والمعدات يتسبب في إهلاكها. فحتى بعد أن جنى روبنسون كروزو ثمار الاستثمار والادخار اللذين قام بهما في البداية، كان لا يزال يتعين عليه الاهتمام دوريًّا بصيانة عصاه، أو بالعمل على صنع عصا جديدة تدريجيًّا لتحل محل القديمة عندما تتلف. وكذا حال اقتصاد السوق المعاصر. فمن أجل الحفاظ على المستوى المعيشي الحالي، لا بد من تخصيص ولو جزء من الإنتاج السنوي لاستبدال السلع الرأسمالية التي استُهلكت في إنتاج تلك السنة.

الآن، ينبغي أن تكون مدركًا كيف يكون الانتعاش أو التوسع الزائف الذي توجهه الحكومة ممكن الحدوث على الأقل. فالأسعار الزائفة (الناجمة عن طبع نقود جديدة وضخها في الأسواق المالية) يمكن أن تضلل أصحاب الأعمال، فيبدءوا بجهالة مشروعات طويلة الأجل لا يتوفر لها فعليًّا ما يكفي من المدخرات. وقد تستمر هذه التمثيلية سنوات يتصور خلالها الجميع أنهم ينعمون بمستوى معيشي أفضل عن طريق استهلاك ما كان ينبغي ادخاره، وعدم استغلال ما يكفي من الموارد في صيانة البنية الاقتصادية القائمة. وبالطبع لا تدرك الغالبية العظمى من الأفراد حدوث ذلك؛ فالظاهر أن أصحاب المشروعات يحققون أرباحًا قياسية، ويزيدون قيمة مشروعاتهم، لكن ما إن يحل الركود وتتغير أسعار السوق سريعًا إلى الأرقام الفعلية حتى يدرك الجميع أنهم تصرفوا بحماقة أثناء فترة الانتعاش.

(٣) الركود الحتمي في أعقاب الانتعاش الزائف

في الدورة الاقتصادية، تتضاءل فترة الازدهار (الظاهري) تدريجيًّا ما إن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة بسبب زيادة تضخم الأسعار. تذكر أننا تعلمنا في الدرس الحادي والعشرين أن التضخم النقدي يتسبب في حدوث التضخم السعري (حال ثبات جميع العوامل الأخرى). وتنطبق علاقة السببية هذه في جميع الأحوال بصرف النظر عن الغرض من وراء طبع النقود الجديدة. فعندما يطبع البنك المركزي («الاحتياطي الفيدرالي» في الولايات المتحدة) نقودًا جديدة، يحدث تشوهان رئيسيان: (١) انتعاش زائف سببه انخفاض سعر الفائدة الذي يدلل (خطأً) على زيادة المدخرات المتاحة، و(٢) ارتفاع الأسعار.

ومع تقدم الازدهار، يتعين على البنك المركزي الاستمرار في ضخ كميات متزايدة من النقود الجديدة في سوق الإقراض، إذا كان يرغب في استمرار «الحافز». في البداية يمكن لدفعة بسيطة من النقود الجديدة — مليار دولار على سبيل المثال على مدار أسبوع واحد — أن تُحدث تغييرًا في سوق الإقراض وفي الاقتصاد ككل. سوف تنخفض أسعار الفائدة، لكن لفترة مؤقتة فقط. وللحفاظ على سعر الفائدة أقل من مستوى السوق الحرة، سيحتاج البنك المركزي إلى الاستمرار في ضخ نقود جديدة.

مع ذلك، فإن التدفق المستمر و«الثابت» من النقود الجديدة ربما يفقد قدرته على تغذية الانتعاش الاقتصادي سريعًا، لأن أصحاب الأعمال سيكيفون أنفسهم مع الوضع الجديد، ويوازنون إلى حد بعيد آثاره في حساباتهم. ومن الواضح أيضًا أن أي كمية من النقود — مليار دولار تُضخ في أسبوع واحد — سيقل تأثيرها شيئًا فشيئًا مع زيادة مخزون النقود بمرور الوقت. آخر نقطة وربما الأكثر أهمية أنه مع بدء ظهور المشكلات «الحقيقية» للتوسع غير المستدام، سيكون المزيد من التضخم النقدي ضروريًّا لإخفاء الاختلالات المتزايدة في بنية الإنتاج.

لكل هذه الأسباب، وكما هو متوقع، يحتاج البنك المركزي إلى ضخ كميات متزايدة من النقود الجديدة طوال الفترة التي يرغب فيها في الحفاظ على الانتعاش الاقتصادي الظاهري. لكن ذلك يؤدي في نهاية الأمر إلى ارتفاع مقلق لعدة أسعار؛ ربما يؤثر أول ما يؤثر على أسواق المال والسلع، لكنه يمتد في النهاية إلى الأسعار في متاجر بيع المواد الغذائية. ومع الارتفاع المتزايد في تضخم الأسعار، يبدأ كثير من المحللين، بل العامة أيضًا، التشكك في سياسات البنك المركزي المرتبطة بالائتمانات الميسرة وأسعار الفائدة المنخفضة.

وهكذا فإنه عند نقطة معينة — ربما بعد عدة سنوات من بدء التوسع النقدي — يفقد البنك المركزي جرأته ويبطئ على الأقل من معدل ضخ النقود الجديدة في سوق الأموال القابلة للإقراض. تبدأ أسعار الفائدة في الارتفاع مقتربة من مستواها الحقيقي في السوق الحرة. وعندما تصبح أسعار السوق أكثر دقة، يدرك العديد من المستثمرين أنهم تصرفوا بحماقة، ويجدون أنفسهم أمام مشروعات ضخمة غير مكتملة ما كان ينبغي لها أن تقام من الأساس، فيفعلون ما في وسعهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. بعض هؤلاء يضطر إلى وقف نشاطه على الفور، وتسريح جميع العمال، وبيع ما لديه من معدات ومخزون لمن يعرض سعرًا أعلى، من أجل الاندماج في مشروعات لم تغتر تمامًا بالواقع الزائف لفترة الازدهار. يمكن لبعض الأنشطة التجارية الأخرى الاستمرار، لكن مع تكبد خسائر فادحة والمرور بفترة من التقشف.

(٤) أسباب البطالة الجماعية

أهم مظاهر الدورة الاقتصادية — على الصعيدين السياسي والبشري — تلك البطالة الجماعية التي تحدث أثناء فترة الركود. لكن على عكس المتوقع، فإن السياسات الحكومية التي يوصي بها أغلب الأفراد لمساعدة العاطلين عن العمل هي التي تطيل فترة الركود وتمهد الطريق أمام الانتعاش التالي غير المستدام.

عزز التدخل الحكومي الانتعاش الزائف لفترة الازدهار عن طريق تخفيض سعر الفائدة. ودفع سعر القروض «المضلِّل» المستثمرين إلى اقتراض أكثر مما هو متوفر بالفعل من المدخرات. تذكر أننا أشرنا في الدرس الثاني عشر أن سعر الفائدة في السوق الحرة يساعد في توزيع المدخرات المتاحة بين جميع المقترضين المتنافسين، وأن العملية برمتها لا تتمحور حول النقود. هناك أيضًا موارد مادية حقيقية ذات صلة. فإذا وجِّه عدد من العمال والمواد لبناء مصنع سيارات جديد سيستغرق بناؤه سنتين، فإن تلك الموارد «تُحتجز» رهن المشروع سنتين على الأقل قبل أن تؤتي ثمارها في شكل سيارات جديدة.

أثناء فترة الانتعاش الزائف، تنشأ العديد من تلك المشروعات طويلة الأجل، لأن سعر الفائدة المضلل يكون متساهلًا للغاية.

لكن الواقع أن طبع نقود جديدة لم يخلق مزيدًا من العمال أو الموارد الأخرى. لا يزال الوضع كما هو، بحيث إذا بدأ العمل في بناء مصنع سيارات جديد، فإنه يمتص الموارد التي كان من الممكن استغلالها في مشروع آخر. وإذا بدأ عدد كبير من المشروعات في المراحل الأولى من الازدهار، فمن المستحيل عمليًّا أن تكتمل كل تلك المشروعات. وكلما أسرع البنك المركزي بالتراجع وبالسماح لأسعار الفائدة بالعودة إلى مستواها الصحيح، كان ذلك أفضل، لأنه سرعان ما سيدرك أصحاب الأعمال خطأهم ويتوقفون عن توريط أنفسهم في مشروعات لا جدوى منها.

عندما ينهار الازدهار ويتحول إلى ركود، تسود فترة من التخبط يحتاج فيها كل من في السوق إلى إعادة تقييم وضعه في ضوء إدراكهم الصادم لحقيقة أن الخطط التي وُضعت خلال فترة الازدهار كانت خطأً، بل خطأً فادحًا للغاية في بعض الحالات. وإذا فكرنا في عملية التأقلم — التي يعود خلالها الاقتصاد إلى السير في طريق النمو المستدام — فلا بد أن يسير الأمر على النحو الآتي: يتعين إعادة توجيه تلك الموارد التي خصصت لقطاعات أو مشروعات غير مربحة أثناء فترة الازدهار. ويتضمن ذلك موارد الأيدي العاملة، بمعنى أنه يتعين على العاملين في مشروعات غير مربحة على الإطلاق (وإن كانت قد بدت مربحة خلال فترة الازدهار) فقدان وظائفهم حالما يحدث الركود.

على سبيل المثال: إذا استمر العمل في مصنع سيارات جديد ستة أشهر، وكان بحاجة إلى ١٨ شهرًا أخرى ليكتمل إنشاؤه، لكن (في ضوء المعلومات الجديدة) لن يكون هناك ما يكفي من مشتري السيارات لدعم نشاطه التجاري، فمن الواضح أن الصواب يقتضي وقف بناء المصنع على الفور. من وجهة نظر كل أطراف الاقتصاد، ليس من «الشفقة» في شيء أن تستخدم الحكومة أموال الضرائب لدعم الشركة المالكة للمصنع من أجل الحيلولة دون تسريح عمال البناء ومن أجل «خلق» وظائف في مصنع سيارات لا يريد أحد شراءها. كلا، فالصواب يقتضي السماح لهؤلاء العمال والموارد الأخرى (التي يمكن إنقاذها) بالاتجاه إلى قطاعات أو مشروعات أخرى تدر أرباحًا فعلية.

لا شك أن مشكلة سياسة الحزم هذه هي أن الاقتصاد سيستغرق وقتًا ليستعيد توازنه بعد الانتعاش الزائف، خاصة إن استمر هذا الانتعاش سنوات. ونتيجة لذلك، ربما تكون هناك فترة تمتد شهورًا أو حتى أكثر لا يجد خلالها العمال المسرَّحين قطاعًا منتجًا في الاقتصاد في أعقاب الركود. وبدلًا من الانتظار حتى يظهر تأثير «دواء عدم التدخل»، يفضل الكثيرون تدخل الحكومة وتوفير العلاج الفوري.

لكن حتى في هذه الحالة، من المهم أن ندرك الدور الفعلي الذي تلعبه فترة ممتدة من البطالة المتفشية على نطاق واسع. تذكَّر العيب الخطير الذي يعتري التخطيط المركزي المطلق، أو بعبارة أخرى الاشتراكية الخالصة. فمن دون أسعار السوق واختبار الربح والخسارة، لن يكون لدى مسئولي التخطيط المركزي فكرة حول كيفية الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. في الولايات المتحدة حاليًّا على سبيل المثال، لن يكون لدى واضع الخطط المفترض أي فكرة عن عدد الأشخاص الذين ينبغي أن يكونوا جراحي أعصاب، أو عمال بناء، أو معلمين، ناهيك عن توزيع الأشخاص الذين ينتمون إلى كل مجال من هذه المجالات بين المدن المختلفة.

وعلى المنوال نفسه، ما من خبير — أو حتى مجموعة من الخبراء — يستطيع معرفة الطريق «الصحيح» الذي ينبغي أن يسلكه الاقتصاد لينضبط في ظل انتعاش اقتصادي منهار. فكِّر في عمال البناء الذين بنوا المنازل في «لاس فيجاس» إبان الانتعاش الكبير الذي شهده قطاع الإسكان في الفترة بين عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٦. وفد عدد كبير جدًّا من عمال البناء (والموارد الأخرى مثل الأخشاب والمسامير) إلى قطاع الإسكان في «لاس فيجاس» أثناء تلك السنوات، وكان الشيء «المناسب» لهؤلاء أن يستغلوا أوقات عملهم في القيام بشيء آخر.

لكن أي عمل تحديدًا؟ إن كل عامل من عمال البناء في منطقة «لاس فيجاس» هو شخص مميز لديه مهارات واهتمامات وظروف شخصية تختلف عن الآخرين. ربما تكون الاستجابة «المناسبة» لأحد العمال أن ينتقل إلى «تكساس» ليشغل وظيفة في مصفاة لتكرير النفط. وربما تكون الاستجابة المناسبة لآخر العودة إلى كلية الدراسات العليا ومواصلة الدراسة للحصول على درجة الدكتوراه في الأدب. وربما تكون الاستجابة المناسبة لعامل ثالث هي القنوع بعمل بسيط في أحد المطاعم في فيجاس مقابل أجر ضئيل منتظرًا انتعاش قطاع الإسكان مرة أخرى، لأن زوجته تعمل مساعدًا شخصيًّا لدى أحد كبار المحامين في فيجاس.

بعد أن أدركنا نطاق المشكلة، أصبحنا نرى أن اقتصاد السوق الخالص هو أفضل طريق لحلها. فبعد انهيار الازدهار، يدرك كثير من العمال أنهم لا يستطيعون الحصول على نفس الراتب الذي اعتادوا عليه. وهو ما نقصده بقولنا إن الازدهار الذي شهدته فترة الانتعاش كان خادعًا، لأن الأفراد لم يكونوا أثرياء بحق كما كانوا يتوهمون. ما يحدث حينئذ أن العمال المسرَّحين من وظائفهم يبدءون البحث عن عمل على أمل العثور على وظيفة جديدة ذات راتب وسمات متشابهة مع الوظيفة السابقة، ولا تضطرهم لتغيير مكان سكنهم أو (على الأقل) الانتقال إلى مكان يمقتون العيش فيه.

يقضي الأفراد وقتًا في البحث عن وظائف جديدة. وكلما طالت فترة البحث عن الوظيفة الجديدة، زاد احتمال أن تكون أفضل. لكن الجانب السلبي في طول فترة البحث عن عمل أن الشخص المتعطل عن العمل لا يساهم إسهامًا مباشرًا في المنظومة الاقتصادية؛ فعليه أن يعيش على ما ينتجه الآخرون خلال تلك الفترة.

لاحظ أن كل هذه المسائل تنال ثقلها المستحق في اقتصاد السوق الخالص. فكل عامل فقد وظيفته لديه حرية اختيار الوظيفة الجديدة بناءً على كل العوامل المرتبطة به؛ فما من مسئول حكومي يقرر المكان الذي ينبغي للعامل الذهاب إليه. في الوقت نفسه، يتحمل الأفراد عاقبة تأخرهم في العثور على وظيفة جديدة، لأنه لا توجد برامج حكومية لصرف إعانة بطالة هي في الحقيقة حافز لتواني الفرد عن إيجاد وظيفة جديدة!

وكما أكدنا على مدار هذا الكتاب، لا يمكن للتحليل الاقتصادي في حد ذاته أن يقرر أي السياسات الحكومية جيد وأيها سيئ، لكن بإمكانه إلقاء الضوء على «تبعات» سياسات بعينها، بحيث يتسنى للمواطنين ولمسئولي الحكومة اتخاذ قرارات مطلعة. وفي حالة البطالة الجماعية لا يتعلق الأمر بالقسوة أو الشفقة. فمن خلال وضع نظام لصرف إعانة بطالة، تقلل الحكومة رواتب العمال الذين يشغلون وظائف بالفعل، وتجعل التوسع في بداية الركود أقل إغراءً للمشروعات المربحة.

لا تخلق الحكومة الموارد أو الثروات، بل تعيد توزيعها فحسب. وإذا لم يكن هناك برنامج حكومي رسمي لصرف إعانات البطالة، فسيتاح للأفراد والشركات خيار الاستفادة من الرواتب والأرباح الضخمة (التي لن يُقتطع منها لتمويل إعانات البطالة) في الادخار كي يستطيعوا مواجهة فترات الركود الاقتصادي. عمليًّا، قد تكون هذه المدخرات التي توفرها السوق الحرة أقل من فترة إعانات البطالة التي تقدمها الحكومة، لكن علم الاقتصاد يرينا أن الأمر ينطوي على نوع من المفاضلة. فتحديد المدة التي ينبغي أن تستمر خلالها إعانات البطالة ليس حقيقة هندسية أو كيميائية؛ بل هو مسألة اقتصادية بحتة.

على سبيل المثال: سيكون من التبديد الواضح أن تصدر الحكومة قرارًا بحصول أي شخص سرِّح من عمله على ٩٥٪ من راتبه السابق لمدة ٢٠ عامًا حتى يعثر على وظيفة جديدة. حتى أكثر المتحمسين في الدفاع عن العاطلين عن العمل سيقرون أن هذه السياسة الافتراضية ستكون كارثية، وستضر بالعمال على أرض الواقع (إذا راعينا جميع الاعتبارات). لكن ما إن نقر بإمكانية وجود إعانات بطالة وافرة حتى يتعذر علينا — في ضوء معرفتنا بأساسيات علم الاقتصاد — تبرير قرار الحكومة بتقديم إعانات أكثر مما كان سيحدث طواعية في اقتصاد سوق خالص.

أخيرًا، لو كانت الحكومة حريصة حقًّا على مساعدة العاطلين عن العمل، لتوقفت عن استخدام البنك المركزي في التخفيض المفتعل لأسعار الفائدة. إذا استطاع مسئولو الحكومة وكذلك العامة مقاومة الرغبة في التدخل أثناء فترة الركود، وسُمح لأسعار السوق الحقيقية بإعادة توجيه العمال والموارد إلى القنوات التي تشهد انتعاشًا مستدامًا، فلن تكون هناك حاجة لحدوث المزيد من الخلل. لكن ما يحدث على أرض الواقع للأسف أن البنك المركزي «يعالج» الركود عادةً بتغذية انتعاش غير مستدام آخر.

خلاصة الدرس

  • الدورة الاقتصادية هي ذلك النمط المتكرر في اقتصادات السوق حيث يشهد الاقتصاد بضع سنوات من «الازدهار» تتسم بانخفاض معدلات البطالة، وزيادة أجور العمال وأرباح الشركات، وتوسع الكثير من المشروعات التجارية. وبعد الازدهار يحدث «ركود» يتسم بارتفاع معدلات البطالة، وثبات أجور العمال وأرباح الشركات أو حتى انخفاضها، وتصفية الكثير من المشروعات.

  • تتسبب الحكومة — من خلال بنكها المركزي — في حدوث الدورة الاقتصادية عن طريق تدخلها في أسعار الفائدة السوقية. فعندما يوجِد البنك المركزي نقودًا جديدة ويضخها في أسواق الائتمان، يؤدي ذلك إلى انخفاض زائف لسعر الفائدة، مما يعطي إشارة خاطئة للمستثمرين توجههم نحو التوسع في نشاطهم والاستثمار في مشروعات طويلة الأجل. يسود شعور بالرخاء بين الأفراد أثناء فترة الانتعاش، لكنه لا يعدو أن يكون سرابًا، لأنه لم يقم على الادخار الحقيقي، وإنما قام على التضخم. ويتمثل الانهيار المحتوم في إعادة التكيف «المرغوب فيه» من جانب السوق مع الحقائق الأساسية.

  • أثناء الانتعاش غير المستدام (الناتج عن التضخم في أسواق الائتمان)، يوجَّه العديد من العمال والموارد الأخرى إلى القطاعات الخاطئة. وعندما يحل الركود، يتعين على السوق إعادة توزيعهم في أماكنهم المناسبة. قد تستغرق هذه العملية بعض الوقت، ويظهر ذلك في صورة ارتفاع معدلات البطالة. لكن جهود الحكومة الرامية إلى «المساعدة» — عن طريق توفير إعانات بطالة للمتعطلين عن العمل — تطيل فترة البطالة.

مصطلحات جديدة

  • الدورة الاقتصادية/دورة الازدهار والكساد: النمط المتكرر في اقتصادات السوق حيث تحدث فترة «انتعاش» — تتميز بانخفاض معدلات البطالة وبالرخاء — تعقبها فترة «كساد» أو ركود تتميز بارتفاع معدلات البطالة وبإخفاق المشروعات التجارية.
  • سياسات مضادة للدورة الاقتصادية: سياسات تنتهجها الحكومة والبنك المركزي ويُفترض أنها تقضي على تقلبات السوق الحرة. على سبيل المثال: قد يبرر اقتصاديو المدرسة الكينزية عجز الحكومة أثناء الركود بأنها وسيلة لتحفيز إجمالي الإنفاق وتنشيط حركة التوظيف.
  • الاقتصاد الكلي: فرع من فروع علم الاقتصاد يركز على مسائل اقتصادية عامة كالتضخم السعري والدورة الاقتصادية.
  • الاستهلاك الرأسمالي: تحقيق مستوى معيشي مرتفع (مؤقتًا) من خلال الإخفاق في استثمار ما يكفي من المال في صيانة السلع الرأسمالية.

أسئلة الدرس

(١) لماذا يُطلق على الدورة الاقتصادية أحيانًا «دورة الازدهار والكساد»؟
(٢) فسِّر العبارة: «في التوسع الاقتصادي المستدام الموجَّه بالسوق — حيث تنخفض أسعار الفائدة لأن الأفراد يستهلكون أقل ويدخرون أكثر — تأتي الموارد الإضافية التي تتدفق إلى المشروعات الاستثمارية الجديدة من قطاعات تشهد انخفاضًا في المبيعات.»
(٣) هل تخفِّض البنوك المركزية أسعار الفائدة بفرض سقف سعري (كما هو الحال في مراقبة الإيجارات)؟
(٤) كيف يعطي الاستهلاك الرأسمالي انطباعًا زائفًا بأنه يمكن للاقتصاد الاحتفاظ بالكعكة وتناولها في الوقت نفسه؟
(٥) كيف يؤدي الانتعاش غير المستدام إلى تفشي البطالة؟

هوامش

(١) في هذا التشبيه الشائع، يشبَّه الاقتصاد بالمحرك حيث «السخونة أكثر من اللازم» تعني وجود تضخم أسعار هائل وزيادة تبدو غير معقولة في أسعار الأسهم والأصول الأخرى.
(٢) إذا كنت مهتمًّا بقراءة المزيد، فنحن هنا نقدم أساسيات النظرية النمساوية بخصوص الدورة الاقتصادية، وهي نظرية وضعها الاقتصادي لودفيج فون ميزس وزاد في إيضاحها فريدريك هايك.
(٣) إذا استخدمنا الرسوم البيانية، فسيتحرك منحنى عرض الأموال القابلة للاقتراض نحو اليمين، مما يؤدي إلى خفض سعر فائدة التوازن.
(٤) إذا كان الانتعاش الزائف يتيح الفرصة أمام زيادة الاستهلاك، فسينخفض مجموع الاستثمارات — إذا قِيس بدقة — لا محالة؛ ذلك أن دار سك النقود لا تعطي المجتمع القدرة على إيجاد المزيد من السلع والخدمات. غير أن «مجموع الاستثمارات» مفهوم دقيق يتطلب حساب أسعار السوق. أثناء الانتعاش الزائف غير المستدام، قد يلاحظ منتجو العديد من السلع الرأسمالية زيادة إنتاجهم، مع أن الاقتصاد ككل لا يستثمر ما يكفي في هيكله الرأسمالي ليعوض الإهلاك. على سبيل المثال: قد يرجئ أحد أصحاب المصانع الإجراء المعتاد بوقف الإنتاج شهريًّا من أجل تزييت الماكينات … إلخ، لأنه يحقق مزيدًا من الأرباح «على الورق» من خلال تكثيف الإنتاج لزبائنه. لكن في غضون بضعة أشهر، عندما تهلك معداته من كثرة الاستخدام ويحتاج شراء قطع غيار، سيُصدم لدى اكتشافه أن أسعار المعدات قد ارتفعت كثيرًا. حتى تلك النقطة، كان مالك المصنع يظن أن ثروته ومن ثم «مخزون رأس المال» يزداد، لكن الواقع أنه كان يستهلك رأس المال، لأن إنتاجه المتزايد من السلع الرأسمالية (منتجات مصنعه) لم تكن تكفي لتعويض إخفاقه في صيانة معداته.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤