دكتور «كورشو»!

نام «أحمد» نحو ساعة … وقام متجدِّد النشاط، وعرف أن موعده مع دكتور «كورشو» هو تمام الساعة الحادية عشرة ليلًا في حي «سوهو»، وسيكون اللقاء أولًا مع عميل رقم «صفر» في ميدان «بيكاديللي».

وقبيل الحادية عشرة كانت سيارةٌ من طراز «جاجوار» بيضاء تسير ببطءٍ بجوار الرصيف في «البيكاديللي» … ثم توقَّفتْ … وقفز إليها «أحمد» وانطلقَت بسرعة ومرت بالشوارع المُضاءة حتى انتهت إلى شارعٍ ضيقٍ في حي «سوهو» المشبوه.

وقال «روس» عميل رقم «صفر»: سترى شخصيةً عجيبة ومُدهشة لها شُهرتُها في العالم السفلي!

ونزلا معًا، اجتازا ساحةً مظلمةً ثم دهليزًا طويلًا من الحجر في مبنًى عميق، وصَعِدا مجموعة من السلالم، ثم توقَّفا أمام بابٍ دقَّه «روس» بطريقةٍ معينة، فانفتح الباب قليلًا، وظهر وجه رجلٍ طويلٍ ضخم، منكوش الشعر وعندما شاهد «روس» قال: مرحبًا أيها الزميل!

ابتسم «روس» وهو يقول: أُقدم لك صديقي القادم من بعيد!

كورشو: تفضَّلا!

دخلا إلى شقةٍ صغيرة، انتشَرتْ فيها الفوضى، وأشار «كورشو» إلى المقاعد وقال: تفضَّلا … سأغيب عنكما لحظات!

اختفى «كورشو» في غرفةٍ داخلية، وأخذ «أحمد» يتأمل الشقَّة …

وقال «روس»: لقد كسب كورشو الكثير، ولكنه لم يحتفظ بشيءٍ … وقد كان في بداية حياته مهندسًا ناجحًا، ولكنه انحرف إلى الجريمة وتخصَّص في فتح الخزائن … إن له أصابعَ سحرية تفتح كل شيء، وهو على علاقة بجميع العصابات التي تخصَّصتْ في سرقة الخزائن!

أحمد: ولماذا لا يقبض عليه البوليس؟

روس: لقد قضى في السجن نصف عمره، وقد خرج من السجن منذ شهور، ويقولون إنه استقام، خاصةً وهو مُراقب من البوليس!

عاد «كورشو» وجلس، وأخذ يتأمل «أحمد» و«روس» بعينَيه النفَّاذتَين ثم قال: إنني في خدمتكما … إن «روس» صديقي، وقد سبق أن قبض عليَّ متلبسًا … لقد كان من خيرة رجال البوليس قبل أن يعتزل العمل!

روس: دعك من الذكريات يا «كورشو» … إننا …

قاطعه «كورشو» قائلًا: لم يعُد لي إلَّا الذكريات … لقد حطَّمتُ نفسي وقد كنتَ رفيقًا بي … وإنني لا أنسَى الجميل … إنني على استعدادٍ لأي شيءٍ من أجلك!

روس: إن صديقي مهتمٌّ بعصابةٍ أمريكية تخصَّصتْ في سرقة البنوك … ليس بالطريقة التقليدية المعروفة كاقتحام أو فتح الخزائن … ولكن عن طريق العقل الإلكتروني!

كورشو: لقد أصبحَت مهمة اللصوص سهلة … على أيامنا كان ذلك مغامرةً رهيبة!

روس: إن خبرتي كرجل بوليسٍ سابق تؤكِّد أن هذه العصابة تقوم بتهريب أموالها فورًا من أمريكا إلى بلدٍ آخر … كما أنها تستعين بأشخاصٍ آخرين في أعمالها!

أحمد: لقد سرقوا أكثر من ٣٠٠ مليون دولار بطريقةٍ سهلة … وهي السيطرة على العقل الإلكتروني في البنك، وتحويل أموال المُودِعين إلى حساباتٍ أخرى، ثم سحب هذه الحسابات والفرار!

كان «كورشو» يستمع بانتباهٍ شديد … وقال: لقد قرأتُ عن هذه السرقات … وأنني أشمُّ رائحة هذه النقود في «لندن»!

بدا الاهتمام على كلٍّ من «روس» و«أحمد» الذي قال: سيكون من المفيد لنا جدًّا أن نسمع أو نعرف أي شيء عن هذه النقود!

كورشو: بالصدفة … أمسِ فقَط قابلتُ زميلًا قديمًا من زملاء المهنة، ترك «لندن» واشتغل في «نيويورك» … كان لصًّا تافهًا … ولكنه عاد من هناك يُبعثِر نقوده في كل مكان!

أحمد: وكيف ربطتَ بينه وبين سرقات العقل الإلكتروني؟

كورشو: لقد أخذ يحكي عن أسلوب الأمريكان في السرقة، وأخذ يسخر من أساليبنا العتيقة البالية.

ازداد اهتمام «أحمد» و«روس» بحديث «كورشو» الذي مضى يقول: لقد نصحني أن أذهب إلى أمريكا … هناك حيث تُسرق الملايين ببساطةٍ وبلا عنف … وبلا مطاردات!

أحمد: إن هذه فكرةٌ ممتازة!

كورشو: ولكني ممنوعٌ من مغادرة «لندن» … بل ممنوعٌ من مغادرة بيتي ليلًا … إنني تحت المراقبة!

التفت «أحمد» إلى «روس» وقال: هل يمكن أن تُدبِّر هذه المسألة؟

روس: صعب جدًّا … ولكني سأحاول!

ووجَّه «أحمد» الحديث إلى «كورشو» قائلًا: هل يمكن أن أرى هذا الرجل؟

كورشو: إنني لا أعرف أين يسكن … ولكنه يتردَّد على بعض المقاهي … وسأحاول أن أراه مرةً أخرى!

أحمد: ومتى نراك؟

كورشو: سوف اتصل بمستر «روس» عندما أعثر على الرجل!

روس: ما هو اسمه «يا كورشو»؟

كورشو: إنه يُدعى في أوساطنا ﺑ «ماك الصغير»!

روس: لقد كان هناك «ماك الكبير» … وكان لصًّا مُخيفًا!

كورشو: لقد مات «ماك الكبير» في السجن … وكنتُ معه في أيامه الأخيرة!

أحمد: هل تعرف «ماك الصغير» يا مستر «روس»؟

روس: لا أعرفه، ولكن من السهل الحصول على كل المعلومات اللازمة عنه من السهل إدارة «اسكوتلانديارد»!

أحمد: من المهم جدًّا الحصول على هذه المعلومات!

روس: سيتم ذلك غدًا!

أحمد: إنني أرى أن نتأخر في «لندن» بعض الوقت، فليس عندنا مواعيدُ محدَّدة في «نيويورك»!

روس: أعتقد ذلك!

وضع «روس» يده في جيبه، وأخرج كميةً من النقود وضعها في يد «كورشو» وقال: هذه مصاريف المقابلات مع «ماك الصغير»!

كورشو: إنني في أشدِّ الحاجة إليها!

وخرج «روس» و«أحمد» واستقلَّا السيارة «الجاجوار» وانطلَقتْ بهم إلى «آبي رود» …

قال «أحمد» وهو يُودِّع «روس»: لقد كانت مقابلة «كورشو» على درجةٍ كبيرةٍ من الأهمية!

روس: أعتقد ذلك!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤