فكان لبنان للعلياء لبنانًا

مسارحَ الطيب منك الطيب هل كانا
إلا شبابًا وأحلامًا وإيمانًا
أيام نغرف من واديك ما وسعت
صدورنا، وارتوت بردًا وريحانًا
أيام يهدي الخيالُ الطلق في كبر
للضوء ضوءًا، وللألوان ألوانًا
يكسو الصباح صباحًا من تالُّقِهِ
ويترك الليل بالآمال نشوانًا
مسارحَ الطيب قولي عن مطامحنا
ما تعرفين وخلِّي النسر خجلانًا
كم أَطْلَعَت حُلُمًا في الشرق مرتقبًا
ووطَّدت لصروح المجد أركانًا!
وكم رفعنا قِبابًا لا انتهاء لها
فكان لبنانُ للعلياء لبنانًا!
تلك الخمائل في واديك عابقة
بكل ما كان، فلتسمح بما كانا
تفرَّق الشمل حتى لا يطالعنا
من عهدك النضر إلا شجو ذكرانا
يا سائليَّ، أإجلالًا الذي نصب
تستنطقاني، أم شوقًا وتحنانًا
هل انقضى من تناهى رحمة وتقًى
ومن توزَّع في الآفاق إحسانًا
لا يا معلمنا، ما غبتَ، أنت بنا
حيٌّ تكذِّب أشجانًا وحدثانًا
قد كنت نعم أب فينا ولست أبًا
لا خُنت أهلًا ولا هوَّنت خلانًا
كنا وكانوا كما تبغي سواسيةً
كالجوهر الفرد أمثالًا وأقرانًا
ولو رأوا بعيون الحب لانتظمت
تلك العقود، وظلَّ الود رضوانًا

•••

أتيت تحمل نبراسًا إلى بلدٍ
ضاءت نباريسه في الأرض أزمانًا
هل الحضارات إلا بعض ما نفح الـ
ـدنيا اعتزامًا وآمالًا وعمرانًا
بنى البناء فأعلى من حجارته
وخصَّبَ الفكر تجريدًا وبنيانًا
لولا هداه لما كان الوجود كما
كان الوجود، ولا الإنسان إنسانًا
وأظلمت مشرقاتٌ من مطارحنا
وأفلت الدهر حتى كاد يعصانا
فرحت توصل ما انبتَّتْ أواصره
وتطلع النور في آفاق دنيانا
رسالة من هوًى سمح ومن خلق
تشدُّ فيها إلى الشطآن شطآنًا
فانظر تجد لَجِبًا ممن نميتَهُمُ
جاءوا إليك زرافات ووحدانًا
أهل الوفاء، ومن منهم إذا عرض الـ
ـوفاء، لا يبذل المأمول جذلانًا
ماذا أقول؟ أتى لبنان في عُرُسٍ
يُزجي على البر والمعروف برهانًا
أتى الرئيس، فما الأمجاد تحرزها
إن لم يكن قدره إياك فرقانًا
توحَّدت عندك الأهواء وانتبهت
مكارمٌ كُنَّ أشتاتًا وقُطعانًا

•••

ذكرتُ عهدك والدنيا مواتيةٌ
أنى مشينا إليها الدهر ماشانا
ولي أب تركت منه شمائله
للمكرمات وللأخلاق عنوانًا
فكنتَ في العز من تغني مشورته
ومن ينزِّه أرواحًا وأذهانًا
وكنت ذاك المواسي يوم طاح بنا
غدر الزمان وولَّى السعد شنآنًا
ذكرت فيك أديبًا رقَّ ميسمه
وشاعرًا تَرِفَ الإحساس ملآنًا
ذكرت حزم أنيس من بداهته
ورأفة تغمر العافي، ولو هانا
فيا معلمُ، ليت الدر من أدبي
أصوغه فيك تمثالًا وتيجانًا
وما تمنيت شيئًا لستَ نائله
لأنت أرفعُ مما أشتهي شانًا
جزاك ربك بالإحسان ما وسعت
سماء ربك، فاملأ قلبك الآنا

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤