رفات تنتقل

يتولى عني اليوم تحرير هذا الحقل رجل لم أسمع به من قبل أن قرأت رسالته إلى جريدة التيمز النيويوركية مؤرخة في ٣٠ أكتوبر سنة ١٩٥١، واسم هذا المراسل «جاد تلر» Gudd l.Teller يرد بها على مراسل آخر سماه ممتازًا، ويدعى هنسن بولدون Hanson W.Baldwin وقد كان هذا سبق فنشر مقالًا ينذر به الغربيين من حرب العصابات التي قد يقوم بها العرب، فرد عليه بقوله: لا تخافوا؛ فالعرب لن يقاتلوا.
ولقد استلفت نظري هذا المقطع الذي جاء في مقال المراسل «جاد تلر»:

إن العربي لا يزال مقاتلًا باسلًا خطرًا، غير أنه من الظاهر أن ليس في وسع قادته أن يثيروه، وليس له من ثقة فيهم ولا في قضيتهم. أما قادة صفوفه الثانية والثالثة، فأكثرهم انتهازيون، متنعمون، مثقفون على يد الغرب، محجمون عن المخاطرة بأعناقهم فيما هم يحرضون العامة كي يقاتلوا من أجلهم.

إن العقيدة القومية الاجتماعية ما هي بعقيدة تحريض، وأبناؤها لا يكِلُون إلى سواهم أمر القتال، بل هم يتولون بأرواحهم الدفاع عن إيمانهم.

وفي مقابر بيروت رفات، تحركت وانتقلت، لتنبئ الناس عن الإيمان الذي ليس بين معتنقيه خاصة وعامة، وعن الأبطال الذين لا يحرضون بل يبدءون بنفوسهم، بدلًا من أن يقصروا همهم على التحريض والتغني الخامل بذلك الذي قال منذ أكثر من ألف عام: «أبدأ بنفسي.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤