فارصة الزوج الموسوس

ذات فصل واحد
بقلم: موليير
تعريب: عباس حافظ
خاصة جوق عبد الله عكاشة وإخوته
يوليو ١٩١٦١

الفصل الأول

المشهد الأول

(ساحة عمومية فيها بعض المنازل – جورجيبوس – سيلي – خادمتها – تخرج سيلي من البيت باكية وأبوها يتبعها.)

سيلي : آه، لا يمكن أبدًا أنني أوافق.
جورجيبوس : ماذا تقولين يا وقحة، أتريدين أن تعارضيني في أوامري، أليست لي كل السلطة عليك يا قليلة الأدب؛ يعني عقلك أحسن من عقلي، ولا مخك الصغير أكبر من مخ والدك. من الذي يحق له أن تكون كلمته هي النافذة، أنا أم أنت؟ من الذي يستطيع أن يقول إن رأيك ألطف من رأيي؟ آه يا مجنونة! هل ممكن أنك تعرفين الصالح لك أكثر مني؟ أوعي تزعليني أديني بقولك. يجب أن توافقي بدون كلام، وترضي بالعريس المقدر لك إنك تاخديه. ربما تقولين أنك لا تعرفينه ولا تعرفين أخلاقه. ولازم أنك تفكِّري قليلًا في المسألة وتدبري، ولكن بعد ما أخبروني أنه غني جدًّا وصاحب ثروة هايلة، أنا عاوز شيء تاني ولا يهمني شيء بعد هذا الخبر المفرح الجميل. راجل عنده عشرين ألف جنيه لا يمكن أن يكون ثقيل أبدًا، ومستحيل أنك تكرهيه. والنهاية أنا ضامن أنك سترضين به وبهذا المبلغ الطيب الذي تحمليه إلينا، أليس كذلك؟
سيلي : لا، لا يمكن للأسف.
جورجيبوس : آه، آسف في عينك، يعني إيه للأسف، آدي الأسف اللي ناخده منك، ونترك للأسف العشرين ألف جنيه، ولأجل الأسف نضيع من إيدينا هذه الثروة الهايلة، أنا إن لم أكن مالك نفسي من الغضب كنت فرجتك دي لوقت الأسف يكون إزاي، هذه هي النتيجة التي طلعنا بها من قراءة القصص والروايات طول الليل وطول النهار لما امتلى مخك بحكايات العشق ونوادر الغرام. وأنا من هنا ورايح حَاحْرَق كل هذه الكتب الملعونة المفسدة للبنات، ولازم من النهارده وطالع تقرئي الكتب النظيفة؛ كتب الأدب، كتب الأخلاق، كتب الدين، وفضك من الوساخة دي اللي علمتك على آخر الزمن أنك تطلعي في أبوك وتعارضيه في أوامره، ولو كنت قرأت الحاجات دي الطيبة من زمان ماكنتيش النهاردة تجبريني على أني أمشي على كيفك.
سيلي : ولكن هل تريد أن أنسى الصحبة الطويلة اللي كانت بيني وبين ليلي، أنا طبعًا أكون غلطانة إذا مشيت على كيفي، ولكن أنت أيضًا تكون غلطان ومالكش حق إذا نسيت الوعد الذي وعدته لليلي.
جورجيبوس : آه، أنا صحيح ارتبطت معه بهذا الوعد، ولكن وعد آخر جاء ففسخ هذا الوعد الأول؛ لأن المصلحة قبل كل شيء. نعم، إن ليلي شاب طيب ابن حلال، ولكنه مفلس لا حيلته لا شقارة ولا نقارة، ولا يليق، في رأيي أننا علشان خاطر إفلاسه نترك هذا الغني العريض الذي أرسله الحظ إلينا. إن الذهب يا عبيطة يخلي الخِلق المقلبة والسِحَن الملخبطة والأشكال المعفرتة تبان للناس جميلة، منظمة، لطيفة، ويخلي الثقيل في نظر العالم أخف من الريش، ويخلي الأقرع نزهي، ويخلي البارد سخن. ونهايته إن الذهب هو أحسن جمال لصاحبه، ومن غيره تصبح الحياة نكد مستمر مالوش آخر. نعم، أنا عارف إن فالير مش خفيف على قلبك، وما يجيش على ذوقك. آه، ولكن إن ما كنش يكون حبيب يبقى أهو والسلام زوج، ويمكن الحب يجي بعدين؛ لأن الحب في أغلب الأحيان يكون ثمرة الزواج، وربما تتحسن الأحوال وتجديه بعد الزفاف يستاهل الحب، ولكن مالي ولهذه الحماقة، هل أجادلك وأقنعك وأحايل جنابك بدال ما أأمرك وأنفذ كلمتي عليك. فمن فضلك اتركي هذه السخافة، وسيبك من العباطة، ولا تسمعين بعد هذه الساعة شكاياتك السخيفة التي لا محل لها من الإعراب، وسيحضر حماك لزيارتك في هذا المساء، فلازم تقابليه أحسن مقابلة وتحتفلي بحضوره. وإن كشرتي ولا بوزتي وحياة راس والدك. هيه! آدي أنت عارفة زعلي يبقى إزاي (يخرج).

المشهد الثاني

(سيلي وخادمتها)
الخادمة : إزاي يا ستي! بقى كده ترفضي على طول اللي بيدوروا عليه الناس كلهم في الزمن ده، وبيتمنوه من قلبهم. بقى تعيطي من العدل اللي ربنا بعتولك لحد عندك ولا تضحكيش، وتفرحي وتقولي أيوه طوالي من غير كلام. يا خسارة! ياريتني كنت أنا اللي عاوز يجوزني، دانا كنت أجننت من الفرح، وكنت مش أقول بس أيوه، ولكن ١٢ أيوه في بعضهم. صحيح، صدق خوجة أخوك الصغير لما كان بيقول لنا إن النسوان زي شجرة اللبلاب، ما تفرعش كويس إلا لما تلف على شجرة غيرها وتضم نفسها عليها، وإنها ما تكبرش ولا تمتدش إذا سبناها لوحدها وما لألنلهاش شجرة تطلع عليها. والحقيقة ما كدبش الخوجة في المثل أبدًا؛ لأني كنت بحس بكده لما كنت مع جوزي الله يرحمه، كان راجل طيب، دانا كنت وأنا على ذمته مزهزهة زي الفلة، وسمينة زي الجزيرة، والعنين كده تقولي زي عنين البقر، والخد زي طبق الورد، وكنت فرحانة ومبسوطة ولا حملش هم، وكنت في ديك الزمن اللي حقا فات زي الهوا، أنام في عز الشتا من غير لحاف، وديني الأيام دي باترعش في عز الصيف بأه. يا ستي، صدقيني مافيش أحسن من الجواز، وقطعت العزوبية وسنينها، دا مافيش أزفت منها، وخصوصًا على البنت اللي دخلت في دور البلوغ.
سيلي : وهل تنصحيني بأن أرتكب هذه الجريمة الشنيعة؟ وهي أن أهجر ليلي وأخون حبه وأتزوج برجل غيره لا يوافقني.
الخادمة : ما هو ليلي بذمتي يا ستي راجل خاين ما ينفعش؛ لأنه بأه له زمان مسافر ولا حس ولا خبر، دانا خايفة لايكون غيابه الطويل علشان شيء، يمكن بيحب واحدة ثانية يا ستي، مين عارف!
سيلي (بعد أن تُخرِج صورة ليلي) : آه، لا تؤلميني بهذا الظن الفظيع. تعالي، انظري إلى تقاطيع وجهه الجميل، إنها توحي إلى فؤادي أن حبه لي ثابت لا يزول، وأنا أعتقد أن هذه التقاطيع البديعة لا تكذب، وأن هذه الصورة تدلني على أنه لا يزال يحبني ويحفظ هوى لي في فؤاده.
الخادمة : صحيح باين على وشه، إن الخلقة دي بتوريني بردو خلقة واحد بيحب، ولك حق صحيح أنك تحبيه.
سيلي : ومع ذلك لازم، آه امسكيني، إني لا أقدر أن أقف (تقع منها الصورة).
الخادمة : ستي، آه، مالك؟ يا ربي! آه، أنت دايخة؟ أنت مسخسخة؟ آدي واحد جه أهو، قرب قرب من فضلك.

المشهد الثالث

سنارل (يدخل ويجري نحوها) : ماذا حصل؟ أنا أهو.
الخادمة : ستي حاتموت.
سنارل : إزاي؟ مالها؟ إني أخشى أن يكون انتهى كل شيء، لنقترب منها. سيدتي، هل أنت ميتة؟ ياه! دي يظهر خلصت؛ لأنها ما بتتنفس.
الخادمة : أنا رايحة أنده واحد خدام علشان يشيلها معنا، خلي بالك منها يا سيدي.

المشهد الرابع

(سنارل – سيلي – مدام سنارل)
سنارل (وهو يضع يده على صدر سيلي) : آه، إن جسمها بِرِد ولا أعرف ما العمل! لنجس صدرها، آه يادي المصيبة، ولكن شايف فيها مع ذلك شيء من الرمق.
مدام سنارل (تنظر من نافذة بيتها المطل على الساحة، وإذ ترى زوجها هو وسيلي) : آه! ماذا أرى؟ زوجي بين ذراعي امرأة؟ ولكن لا بد من النزول لأرى ما يكون. إنه يخونني بلا شك ويحب غيري، آه لازم أباغته.
سنارل : يجب أن نسرع في إسعافها، إنها غلطانة جدًّا اللي تموت؛ لأنه من الحماقة والجنون إن الإنسان يذهب إلى العالم الآخر مع أنه يقدر هنا يمشي ويجري ويبرطع (يحملها مع الخادم الذي يأتي مع الخادمة).

المشهد الخامس

مدام سنارل : لقد هرب من هنا، ولا أعرف أين ذهب. ولكن لا أشك الآن في خيانته؛ فقد رأيت كل شيء. آه! هذا هو السر في البرود الغريب الذي يقابلني به في هذه الأيام. آه من الخاين، لقد أصبح يعطي كل اهتمامه وحبه وعناقه وأحضانه لغيرنا، ويسر سوانا على حسابنا، هذه عادة الأزواج دائمًا وهذه أفعالهم؛ يحللون لأنفسهم ما يحرمونه علينا، يبدءون في الأيام الأولى للزواج يستنكرون هجر الزوجة وخيانتها، ويظهرون لنا الحب الشديد والشفقة الجميلة، والاهتمام البديع، ولكن لا يلبث هؤلاء الخونة الغادرون الأدنياء أن يتسللوا خفية من مضاجعنا ليذهبوا إلى حبايبهم ورفقائهم وخلانهم، ونحن المسكينات غافلات ساذجات. (تلتقط الصورة التي وقعَتْ من سيلي) ولكن ما هذه اللُّقطة التي وقعت في يدي؟ إن إطارها جميل، والنقش بديع، إذن لنرى ما في داخلها.

المشهد السادس

سنارل (يدخل وهو يظن نفسه منفردًا) : كنا نظنها ماتت، ولكن المسألة جات سليمة والحمد لله، وستشفى في الحال … ولكن أرى امرأتي هنا.
مدام سنارل (وهي تحسب نفسها منفردة) : يا إلهي! هذه صورة مصغرة، ما أجمل هذا الشاب! إن الرسم يكاد يكون مجسمًا.
سنارل (لنفسه وهو ينظر من كتف امرأته للصورة التي في يدها) : ما هذا الذي تنظر إليه بهذا الاهتمام؟ آه، إن هذه الصورة يظهر صورة رجل غريب، أنا قامت نفسي تُوسوس لي، وقمت أشكُّ في أمانتها.
مدام سنارل (دون أن تلاحظ زوجها) : إني لم أرَ صورةً أجمل من هذه الصورة في حياتي، ولم تقع عيني على أبدع من هذا الشاب.
سنارل : آه، وبتبوسه كمان. آه، آديني أفشتها.
مدام سنارل (مسترسلة في نجواها) : إني لا أكتم عن نفسي إنني مسرورة من رؤية هذا الجمال، يا للأسف! ياريت لي زوج بهذا الحُسْن بدال جوزي ده، المجرد، النتن، الأرف، اللي يوقع اللقمة من الحنك.
سنارل (يخطف منها الصورة) : آه يا دون! آديني ظبطك وأنت بتخوني شرفي، شرف جوزك العزيز. آه يا خاينة، وهو أنا ناقص حاجة من لوازم الزواج، مين يقدر يطلع فيَّ عيب، مش عاجبك ومالي عينيك هذا القوام الرشيق؟! وهذا القد الساحر الذي أعجب كل العالم، وهذا الوجه الفاتن البديع الذي تتلهف على تقبيله ألوف من النساء الجميلات والبنات الحسان، وهذا الجسم النظيف الخفيف الذي أصبح فتنة الجنس اللطيف، ألا يكفي كل هذا لإشباع فؤادك، حتى إنك علشان تملي معدتك حب؛ لأنك دباغة في الحب، رحت تجمعي بين حلاوة الزوج وحلاوة العشيق.
مدام سنارل : بس بأه! هو الكلام ده يخش عليَّ أنا؟ يعني بتسبق حضرتك.
سنارل : من فضلك بلاش هزار، المسألة انكشفت، وفي إيدي الآن شهادة إثبات على خيانتك.
مدام سنارل : بزيادة من فضلك ولا تزيد في زعلي، لا تظن أنك ستأخذ هذه الصورة أبدًا، ولكن فكر قليلًا …
سنارل : لا أفكر إلا في أن أخنقك وأقصف رقبتك، آه بس لو يقع في إيدي مع الصورة صاحبها كمان.
مدام سنارل : وحاتعمل إيه؟
سنارل : مالكيش دعوة. (ينظر إلى الصورة) آه، هذا هو الشاب الجميل هذا هو رفيق السرير، هذا هو الوصمة التي وصمت بها جبيني، هذا هو الفاجر الذي …
مدام سنارل : الذي … كمِّل … كمِّل.
سنارل : الذي … أنا حَاطَأ من الزعل.
مدام سنارل : ماذا تريد أن تقول لي بعد هذا أيها الزوج السكير؟
سنارل : وأنتِ لِسَّا سمعت حاجة مني يا فاجرة.
مدام سنارل : وأنت تستجري تكلمني؟
سنارل : وإزاي أنتِ استجريتِ تعملي العمايل دي؟
مدام سنارل : عمايل إيه؟ إكلم، إكلم، بلاش ملاوعة.
سنارل : آه، ما الفائدة من الشكوى الآن، وقد نبِّتِتْ في جبيني هذه القرون الجميلة الزاهية التي تشبه قرن الخرتيت؟ آه يا للأسف! تعالي انظري موضعها اللطيف.
مدام سنارل : أغرب شيء! بأه بعد ما أهنتني أكبر إهانة تستدعي الانتقام، جيت تدعي الغضب علشان تتسلى على حسابي، وعلشان تعرف تأثير كلامك عندي. أما وقاحة جديدة مالهاش مثيل! يبقى محقوق ويأَوِحْ.
سنارل : أما سفيهة صحيح! مين يقدر يصدق النسوان بعدك يا فاجرة.
مدام سنارل : اذهب وأمشي في الخبص والهلس اللي أنت عايش فيه، وابتهج بمومساتك ورفايقك وأشرح لهن حبك وهيامك، وأعطيهن بوسك وأحضانك، ولكن رجع لي الصورة فقط التي خطفتها مني (تخطف من يده الصورة وتهرب).
سنارل (وهو يجري وراءها) : ما تظنيش إني حاسيبك أبدًا، لازم آخد الصورة غصب عنك.

المشهد السابع

(ليلي – خادم)
الخادم : أدحنا وصلنا بعد سفر تمانية أيام بالعدد لما إكسرت رجلي، واسلخت أفخاذي، ولما وصلنا انبسطت حضرتك وفرحت وجايبنا على وشنا كده من غير ما نستريح شوية، ولا ناكل لنا لقمة.
ليلي : إن هذا الاستعجال لا يستحق الملامة؛ لأني حزين مضطرب البال من جو زواج سيلي، وأنت تعرف أنني أكاد أعبدها عبادة، وأريد قبل كل شيء أن أتحقق من هذه الإشاعة الملعونة.
الخادم : أيوه، ولكن لازم أنك تاكل ولو لقمة صغيرة قبل ما تروح تحقق المسألة دي، علشان تتقوى شوية ويجمد قلبك وتقدر تقاوم الأخبار المحزنة؛ لأني مجربها في نفسي لما أكون على الريق وتجي لي مصيبة آسُورَأْ وأقع في الأرض، ولكن لما أكون واكل وداببها مافيش حاجة تزحزحني من حتتي. وصدقني يا سيدي كلام جد، لازم تملى بطنك وماتخليش فيها حتة فاضية أبدًا، وعلشان تصادم الحزن طيب، لازم تشرب لك عشرين كباية نبيت على الأقل لأجل تطرد الزعل وتفتح نفسك للكلام.
ليلي : لا أقدر أن آكل شيء مطلقًا.
الخادم (لنفسه) : يا سلام! أنا حاموت من الجوع. (إلى سيده) ولكن الغدا متحضر خلاص.
ليلي : اخرس، أنا لا أحس بالجوع ولكن بالألم.
الخادم : ولكن أنا حاسس بالجوز.
ليلي : إذن اتركني أخلو بنفسي وروح كُلْ إنْ كنت تحب.
الخادم : أنا ما أقدرش أعارضك في شيء أبدًا.

المشهد الثامن

ليلي (لنفسه) : لا، لا، لا داعي للحزن، إن الأب قد وعدني، والبنت قد رأت مني مائة دليل ودليل على حبي.

المشهد التاسع

(يدخل سنارل وفي يده الصورة.)

سنارل (دون أن يرى ليلي) : سنرى، إني أريد أن أجد هذا الفلاتي المجرم الذي جرَّ علىَّ هذا العار. إني لا أعرفه.
ليلي (لنفسه) : يا إلهي! ماذا أرى؟ هذه صورتي، فماذا حصل؟
سنارل (دون أن يرى ليلي) : آه! مسكين يا سنارل خسرتَ شرفك على الأواخر. لازم … (يرى ليلي فيعطي ظهره وينظر إلى الناحية الأخرى.)
ليلي (لنفسه) : إن هذا التذكار لازم أُخِذ من اليد التي أخذته مني.
سنارل (لنفسه) : آه يا غلبان يا سنارل! الناس من هنا ورايح حايجعلوك لقمة في حنكهم، ما يسيبوش سيرتك، ويمكن يعملوا عليك مواويل، ويتفرجوا على الوصمة التي طبعتها على جبينك امرأة سافلة، دون، مغفلة.
ليلي : ولكن هل أنا غلطان؟
سنارل (لنفسه) : آه يا خائنة! هل طاوعتك نفسك على أن تجعليني خروف وأنا في زهرة الشباب، زوجة راجل يمكن أن يقال عنه إنه جميل أتفضل عليه واد مفعوص ماطلعش لسَّا من البيضة.
ليلي (لنفسه وهو ينظر إلى الصورة التي في يد سنارل) : أنا غير مخطئ، هذه صورتي بعينها.
سنارل (يعطيه ظهره) : أما الراجل ده غريب!
ليلي (لنفسه) : إني مندهش جدًّا.
سنارل (لنفسه) : ماله بيطلع لي كده؟
ليلي (لنفسه) : أنا عاوز أكلمه. (بصوتٍ مرتفعٍ) هل ممكن … (يبتعد سنارل إلى الجهة الأخرى) من فضلك كلمة يا حضرة …
سنارل (وهو يبتعد أيضًا) : عاوز يقول لي إيه يا خويا؟
ليلي : هل ممكن إني أعرف منك كيف تحصلت على هذه الصورة.
سنارل (لنفسه) : وهو ماله يسأل السؤال ده؟ ولكن أنا شايف … (ينظر إلى ليلي، ثم إلى الصورة) آه، عرفت الآن، هذا هو الرجل الذي وسخ شرفي، هذا هو رفيق حضرة زوجتي.
ليلي : ريحني من فضلك وقول لي جات لك الصورة منين؟
سنارل : أنا واخد بالي يا أفندم، هذه الصورة هي صورة حضرتك، وكانت في إيد صاحبتك إياها، والمسألة ما يصحش إنها تتخبى عليَّ، لي الشرف يا حضرة الفاضل بمعرفتك، ولكن من فضلك اترك من الآن هذا الحب الذي لا يوافق عليه الزوج، وأعرف أن روابط الزواج …
ليلي : ماذا تقول؟ زوج التي كانت عندها هذه الصورة؟
سنارل : أيوه يا أفندم، امرأتي ولا مؤاخذة وأنا زوجها.
ليلي : زوجها؟
سنارل : أي نعم، لي الشرف يا حضرة … وزوجها المغفل ولا مؤاخذة، وأنت تعرف السبب، وأنا الآن ذاهب لأخبر أقاربها.

المشهد العاشر

ليلي : آه، ماذا أسمع؟ أتتزوج هذا الرجل القبيح الخلقة، الشايب المخلع، وبعد الحلفان الذي خرج من فمها الخائن. تتزوج هذا الزوج الثقيل المخجل وتنساني أنا وحبي، آه من الخائنة! آه من ناكرة الجميل! إني أحس بتعب شديد من هذه الضربة المؤلمة، ومن مشقة هذا السفر الطويل، وأشعر بضعف في القلب ولا أستطيع الوقوف.

المشهد الحادي عشر

مدام سنارل (تدخل وهي معتقدة أنها وحدها) : آه، إن المغفل أخذ مني الصورة غصب عني. (ترى ليلي) آه ما بالك؟ هل أنت مريض؟ إني أراك يا سيدي توشك أن تسقط من الضعف.
ليلي : إني لا أستطيع أن أقف، إني مريض.
مدام سنارل : أخاف أن يغمى عليك في الحال. تعال يا سيدي، تعال حتى تستريح.
ليلي : أشكرك كثيرًا يا سيدتي.

المشهد الثاني عشر

(يدخل سنارل وأحد أقارب زوجته.)

القريب : أنا طبعًا متصور إحساس الزوج في مثل هذه المسائل، ولكن يجب أن لا نستعجل لأن الذي سمعته منك يا نسيبي العزيز لحد الآن لا يدل مطلقًا على أنها خائنة، هذه نقطة صعبة لا يمكن إثباتها؛ لأن هذا الذنب لا يمكن يتحقق على الزوجة إلا إذا عرف الزوج أن يثبته تمامًا.
سنارل : يعني لازم إن الإنسان يظبطها وهي متلبسة بالجريمة، مش كده؟
القريب : إن الاستعجال يعرضنا للخطأ. من الذي يعرف كيف وقعت هذه الصورة في يدها؟ وهل تعرف هي صاحب الصورة أم لا؟ فحقق أنت ذلك، وإذا أمكنك أن تثبت لنا خيانتها، فنحن أول مَن يعاقبها أشد العقاب (يخرج).

المشهد الثالث عشر

(مدام سنارل وهي على بابِ بيتها تقود ليلي.)

سنارل (وقد رآهما) : آه، ماذا أرى؟ المسألة مش مسألة صورة المرة دي، آه آدي الجد ولا بلاش.
مدام سنارل (إلى ليلي) : ما الفائدة من هذا الاستعجال يا سيدي، ربما يعاودك المرض مرة أخرى إذا خرجت الآن.
ليلي : كلا، كلا، إني أشكرك كل الشكر على هذا الجميل الذي صنعته لي.
سنارل (لنفسه) : الفاجرة بتتأدب معاه قوي (تدخل مدام سنارل المنزل).

المشهد الرابع عشر

سنارل : لقد رآني، إذن لننظر ماذا يقول.
ليلي (لنفسه) : آه، إني حزين الفؤاد، ولكن يجب أن لا أتسرع مع الحزن، ولازم أحقق المسألة بنفسي. (يقترب من سنارل) آه، إنك سعيد جدًّا بهذه الزوجة الجميلة للغاية.

المشهد الخامس عشر

(سيلي من شباك بيتها وهي تنظر إلى ليلي وهو ذاهب.)

سنارل (لنفسه) : المسألة مش عاوزة كلام، وهذه الكلمة اللي قالها لي حاتطلع روحي. آه من وجع القرون! (ينظر إلى الناحية التي خرج منها) اذهب، إن هذه الفعلة التي ارتكبتَها تخالف الشرف.
سيلي (لنفسها وقد نزلت إلى المسرح) : آه، إن ليلي كان هنا الآن وقد رأيتُه بعيني، أين تراه ذهب؟
سنارل (دون أن يراها) : آه سعيد جدًّا بهذه الزوجة الجميلة للغاية. نعم، ولكن حزين جدًّا وسيئ البخت جدًّا بهذه الخيانة الفظيعة جدًّا للغاية. آه! أيصح مني أن أتركه يذهب بعد هذه العملة السودة، وأنا واقف بسلامتي مكتف زي البأف. آه! كان أقله أرمي له برنيطته في الأرض وأضربه طوبتين ثلاثة، أو أقطع له هدومه حتت، وعلشان أفش غليلي فيه كان حقي عنفته وجبت التايهين حتى يعرفوا هذا اللص الذي جاء ليسرق مني أعزَّ شيء في الدنيا وهو الشرف (في خلال هذا الكلام تقترب منه سيلي قليلًا قليلًا، وتنتظر حتى ينتهي من مناجاته لنفسه).
سيلي : هل تعرف هذا الشخص الذي كان هنا الآن وكنت تكلِّمه؟
سنارل : أنا لا أعرفه أبدًا للأسف، ولكن امرأتي هي التي تعرفه.
سيلي : ولماذا أراك حزينًا مضطربًا هكذا؟
سنارل : إني حزين مجروح الفؤاد … دعيني أتنهَّد، دعيني أبكي …
سيلي : ولكن ما سبب هذا الحزن؟
سنارل : إذا كنت تجديني الآن حزينًا مهمومًا فمش من شيء شوية، وخصوصًا إني لا أحتمل الحزن، ولا صبر لي على الهموم، ولكن أنا الآن أكبر مثال للأزواج السيئ البخت، الأزواج الأنطاع، الأزواج المغفلين؛ لأنهم سلبوني شرفي وعرضي … أفسدوا سمعةَ سنارل المسكين، خسروا اسمه، ضيعوا راس ماله، قلبوا كيانه.
سيلي : ماذا تقول؟
سنارل : هذا الولد الرقيع، هذا الولد المخنث، هذا الولد المفعوص قد … عفوًا يا سيدتي … قد طلع لي هنا (يشاور على جبينه) ورأيت بعيني العلاقات الجميلة التي بينه وبين زوجتي.
سيلي : هل الشخص الذي كان هنا الآن؟
سنارل : أي نعم، هو بعينه، هو الذي لوَّثَ شرفي … حضرته بيدوب في امرأتي، وامرأتي حضرتها بتدوب في جنابه.
سيلي : أواه! لقد صدق ظني، إن هذا الحضور الفجائي كان لغرض فاسد، وقد ارتعشت عندما رأيته من النافذة، وكان قلبي يتوجس شرًّا من حضوره.
سنارل : لقد أظهرتِ يا سيدتي الرقة لحالي في هذا المصاب الذي أصابني، مع أني لا أجد هذه الرقة عند أحد من الناس، بل بالعكس أرى كثيرين عندما يسمعون هذه الحكاية يضحكون ويتهامسون.
سيلي : وهل في الدنيا أفظع من هذه الجريمة؟ ألا يوجد عقاب لهذا الخائن؟ وهل يليق بك أن تعيش بعد الآن وشرفك ملطَّخ بهذه الوصمة الشنعاء؟ يا إلهي! أحقًّا ما أسمع؟!
سنارل : حقًّا، بالنسبة لي.
سيلي : ويل للخائن، ويل للوغد الدنيء، ويل للمنافق الخدَّاع.
سنارل : أشكرك يا سيدتي على هذه الحمية للشرف.
سيلي : آه من الخبيث الذي خدعنا وعكَّرَ فؤادنا وبدَّدَ هناءنا.

(سنارل يتنفس طويلًا.)

سيلي : إن فؤادنا نقيًّا لم يرتكب ذنبًا ولم يحدث سوءًا، فؤادًا طاهرًا عذبًا مخلصًا، لا يستحق هذه الإهانة الفظيعة، وهذه الجريمة النكراء.
سنارل : هذا صحيح.
سيلي : آه، ولكنه قد هرب. إن هذا الفؤاد ليموت حزنًا وكمدًا كلما تذكر هذه الدناءة الشائنة.
سنارل : سيدتي لا تحزني ولا تتأثَّري لمصيبتي هذا التأثُّرَ الشديد، هدِّئي بالك قليلًا، إن مصابي قد أحزنك وجرح فؤادك.
سيلي : ولكن لا تتصور أبدًا أنني سأقنع من هذه المصيبة بالشكوى والتأوه والحسرات. كلا، إني سأعرف كيف أنتقم، وسيكون انتقامي أشد الانتقام، إني ذاهبة (تخرج).

المشهد السادس عشر

سنارل (لنفسه) : أما شابة رقيقة الإحساس صحيح، الله يخليها ويطرح فيها البركة، ويحمي عنها كل شر. يا إلهي! ما هذا الحنان الذي أظهرته، وهذه الحمية التي أبدتها، إنها تريد أن تنتقم لي، أنا وشرفي، وا فرحتاه! وفي الحقيقة إن تحمسها هذا لمسألتي يعلِّمني كيف أصنع الآن؛ لأنه لا يصح أبدًا أن يسكت الإنسان ويحط في نفسه والصبر على هذه الإهانة الملعونة، اللهم إلا الأحمق والمغفل والنتن. إذن لازم أجري وأدور على هذا الوغد الذي أهانني، ويجب أن أُظهِرَ كلَّ الشجاعة في الانتقام لشرفي وعرضي من هذه المخزية الشائنة، وستعرف أيها السافل إزاي يكون الضحك على قفا العالم، وإزاي جنابك تستغفل الناس وتلعب على ظهر الأزواج. (يمشي قليلًا ثم يرجع) ولكن لازم أهدِّي بالي شوية، وأبلع ريقي، لازم ما أتهورش لحسن أنا شايف كده إن الجدع ده شُضَلِي وفتوة، وأخلاقه ضيقة، يمكن يرأعني بُنِيَّة ياخد وشي أنا راخر، تبقى مصيبة فوق مصيبة، وتبقى قرون وعُصي وبُنِيَّات وبُكْس وشلاليت وأخواتها. لا لا يا عم، أنا من طبعي ما أحبش الفتوات والمرازيين، وما أحبش الشَكَل والبهدلة … ولكن شرفي بيقول لي إن في حالة بطالة زي ده لازم يجَّدَعَنْ ياواد وتنتقم … ولكن خللي شرفي يقول اللي يقوله، ما يجي هو يدافع عن نفسه ويعمل اللي يعمله. طيب ولما أعمل جدع يا حضرة الشرف وبعدين أكلها لما أشبع، ويروح واخدني شلوت في معاشي ثم البلد تسمع بالخبر ده، تبقى مبسوط جنابك يا سي الشرف. أنا عندي أَقَرَّن ثلاثين مرة ولا إنيش أتبهدل وانبطح ويسيح دمي؛ لأن الضرب طبعًا حايلخبط لي خلقتي ويكسر لي ضلوعي، ويخليني عاديك ما أتنظرش أبدًا. الله يلعن اللي اخترع الزعل وقال لنا أنه فيه حاجة اسمها شرف، وأنه لازم على الإنسان أن ينتقم له من المرأة الخائنة؛ غيرنا يعمل العملة واحنا اللي نتلام عليها، نسوانا ترتكب الشيء المخل بالشرف واحنا اللي نقع في جرايره، دي مسألة كان لازم يتداخل فيها البوليس ويفضها من سكات. نعم، ولكن مش فيه حاجات كتيرة بتحصل للإنسان وبيصهين بردو، ويحطها تحت دِرسه وانتهت. مش فيه آلام تانية ألعن من دي، القضايا والخناق والجوع والعطش والمرض، وليه الإنسان يزعل على مسألة مالهاش أساس، لازم الإنسان يهزأ بالحاجات دي وما ياخدش في باله ويحط تحت جزمته كل هم، وإذا كانت مراتي هي التي عملت عملتها، فهي التي حقها تعيط وتزعل مش أنا؛ لأني حاعيط على إيه وأنا ما عملتش شيء، ولا ليش ذنب أبدًا؟ وعلى كل حال أنا مستريح من ناحية واحدة؛ وهي أنني مش وحدي اللي وقعت في الورطة دي، كتير من الأزواج في هذه الأيام يلاحظون نسوانهم تشاغل من وراهم، وتداعب وترافق وتغازل و… و… وهم في غفلة ربنا. إذن فلا لزوم مطلقًا لأن أذهب وأخلق لي خناقة من الهوا على إهانة ماخرجتش عن كونها كلام فارغ في فارغ … ولكن ربما يسموني الناس أحمق مغفل؛ لأني لم أنتقم لهذا الثقيل الذي يُسمَّى الشرف. (يضع يده فوق صدره) آه، إني أحس هنا بفوران شديد، والغضب يتملكني الآن. نعم، ما يصحش إن الإنسان يكون جبان إلى هذا الحد، إني أود من صميم فؤادي أن أثأر من هذا الوغد … إذن لأجل أن أفش غللي. الأول أبدأ بأن أنشر في كل مكان وكل حتة في البلد أنه نائم الآن مع زوجتي.

المشهد السابع عشر

(جورجيبوس – سيلي – الخادمة)
سيلي : نعم يا أبي، أريد أن أطيع أوامرك؛ لأنه من أكبر واجبات البنات، فافعل كما تشاء يا والدي العزيز وزوِّجني لمَن تشاء، فأنا رهينة إشارتك.
جورجيبوس : آه، إني مسرور الآن بهذا الكلام الجميل، تعالي يا ابنتي تعالي لكي أعانقك؛ لأن عناق الوالد مش عيب زي عناق الغرب، إن فرحي بك كبير جدًّا الآن، وكأني رجعت صبي للمرة الثانية (يخرج).

المشهد الثامن عشر

الخادمة : أنا الحق أقول لك مستغربة خالص من أنك غيرت فكرك كده بالقوام من غير مناسبة.
سيلي : ولو عرفت المناسبة لاحترمتني لهذا السبب.
الخادمة : ويا ستي مافيش داعي أنك تخبي عني.
سيلي : إذن فاعلمي أن ليلي قد جرح فؤادي بجناية فظيعة لا تُحتمَل، إنه لم يحضر إلى هنا، إلا لأجلها …
الخادمة : ولكن … أهو جاي أهو

المشهد التاسع عشر

ليلي : قبل أن أذهب من هذا المكان ولا أعود إلى الأبد، أريد أن أعاتبك قبل الرحيل.
سيلي : ماذا؟ أتريد أن تكلمني أيضًا بعد كل الذي حصل منك؟ ما هذه الجرأة؟
ليلي : نعم إن جرأتي كبيرة، ولكن ذنبك أكبر. إذن فعيشي يا سيدتي وتناسيني، وابتهجي بالحياة في أحضان هذا الزوج الفاضل البديع الجميل الذي تفتخرين به وتفرحين.
سيلي : نعم أيها الغادر إني سأعيش معه، وأكبر سروري أن أفأعك.
ليلي : ولكن ما هو الذنب الذي ارتكبته أنا؟
سيلي : سبحان الله! ترتكب الذنب ثم تسألني أنا ما هو!

المشهد العشرون

(سيلي – ليلي – الخادمة – سنارل)

(يدخل سنارل مسلح من رأسه إلى قدميه استعدادًا للنزال والقتال.)

سنارل : الحرب … الحرب … الحرب … الدموية … الهائلة … المميتة … على هذا الأثيم الغادر السارق للشرف، هذا الدني الذي لوَّث سمعتي وعرضي، من الباب للطاق.
سيلي (إلى ليلي وهي تنبهه إلى سنارل) : التفت وانظر تعرف ذنبك.
ليلي : آه، إني أرى …
سيلي : إن هذا المنظر يكفي لاندهاشك، أليس كذلك؟
ليلي : ولكنه يخجلك أنت الأخرى أكثر مني، أليس كذلك؟
سنارل (لنفسه) : إن غضبي الآن على آخر استيم، فلازم أتشجع، لازم أقتله بلا شك وأسيح دمه. (يخرج سيفه من غمده قليلًا ويقترب منه) إذن يجب أن أضربه.
ليلي (وهو يلتفت إليه) : مع مَن تريد أن تتقاتل؟
سنارل : لا أحد … لا أحد …
ليلي : إذن فلِمَ هذه الأسلحة كلها؟
سنارل : هذه … هذه ثياب. (لنفسه) لأقول له إنها ثيابي لبستها من المطر، آه ما أشد فرحي الآن لأني سأقتله وأربح شرفي منه. لازم أتشجع، تشجع يا سنارل، تشجع.
ليلي (يلتفت إليه ثانية) : هيه.
سنارل : إني لم أتكلم، إني لم أتكلم … (يضرب نفسه بضع لطمات فوق وجهه لكي يغضب ويفور دمه)(لنفسه) آه، أيها الجبان! يجب أن تغضب، خللي دمك يفور. آه يا سنارل يا ضعيف، يا مسكين يا غلبان، أخص عليك! يا نعجة تحمس شوية، وحِس على عرضك.
سيلي (إلى ليلي) : كان يجب أن يقال لك في العتاب أكثر من هذا.
ليلي : آه، إني أعرف جريمتك وغدرك بالحب والأقسام المؤكدة التي أقسمتِها لحبيبك.
سنارل (لنفسه) : يا سلام، مالي كده جبان ضعيف القلب!
سيلي (إلى ليلي) : آه، كفَّ عن هذه الوقاحة أيها الخائن.
سنارل (لنفسه) : سنارل، أدنت شايف أهو عاوز يتخانق وياك، وبيجر شكلك، الشجاعة يا بني، كن قويًّا قليلًا، تمالك نفسك واجتهد أنك تغلبه بشرف وأمانة، وهو أن تضربه وهو معطيك ظهره، حتى لا يقال أنك ضربته على غفلة منه.
ليلي (يتمشى خطوتين أو ثلاثة دون قصد، فيجعل سنارل يتراجع وكان من قبلُ يهمُّ بالاقتراب) : (إلى سيلي) أما وقد أغضبكِ حديثي، فأنا مسرور من فعلتِكِ وراضي عن هذا الاختيار الجميل.
سيلي : نعم، اختيار جميل على الرغم منك، اختيار لا يستطيع إنسان أن يعيب عليه أبدًا.
ليلي : وقد أحسنت في الدفاع عنه.
سنارل : بلا شك، إنها أحسنت في الدفاع عني وعن شرفي، إن هذا العمل يا سيدي الذي عملته لا يتفق مع القانون، ولي الحق في الحزن والزعيق والصريخ، وإذا أنا كنتُ مغفلًا من الأول، فأنا أريد أن أصلح هذا التغفيل الآن.
ليلي : ولكن ما سبب هذه الشكوى وهذا الحزن؟
سنارل : بزيادة بأه يا سيدي ماتاخدناش في لهجة! بأه حضرتك ما تعرفش المسألة اللي مطلعة روحي، ولكن كان لازم أن ضميرك ودمك يفهمك إن امرأتك هي امرأتي، ولا يليق بك أن تضحك على دقني وتأتي هذه العملة الملعونة.
ليلي : أما تهمة غريبة مضحكة لم أسمع بمثلها في حياتي … لا، لا، اطمئن يا عزيزي وأرح ضميرك، وأعلم أنها لك، وأنني أرفع من أن …
سيلي : كفى كفى أيها الغادر، ودعك من هذا النفاق والكذب.
ليلي : ماذا؟ أتريدين أن تعتقدي أنني أرتكبتُ فاحشةً مثل هذه؟ أتصدقين أنني أفعل هذا؟ أتريدين أن ترميني بهذه الخسة وهذا الجبن.
سيلي : كلِّمه هو، كلِّمه، إنه يستطيع أن يشرح لك ويفسر.
سنارل (لسيلي) : إنك دافعتِ عني أحسن دفاع، حتى إني لا أعرف ماذا أفعل الآن؛ ولذلك، الأفضل أني أوكلك في هذه المسألة.

المشهد الواحد والعشرون

مدام سنارل (إلى سيلي) : أنا يا سيدتي لا أغير منك ولا أحب أن أغير منك، ولكن أنا مش مغفلة للدرجة دي، وإنما أنا عارفة كل شيء، وشفت بعيني ولا حدش قال لي، وما يصحش أبدًا أن ترضي لنفسك العملة دي البطالة خالص، وهي أنك تخدي الراجل اللي ما أحبش غيره.
سيلي : هذا هو التصريح الجميل اللي كنَّا عاوزينه من الصبح.
سنارل (لامرأته) : حد قال لك تجي هنا يا قبيحة، جاية تتخانقي وتغجري، وهي اللي بتدافع عني أنا وشرفي ويَّا بعض، خايفة حضرتك على رفيقك أكتر من خوفك على عرضي.
سيلي : اطمئني يا سيدتي، فإننا لم نفكر أبدًا في أذيته. (تلتفت إلى ليلي) هل سمعت؟ وهل تستطيع الآن أن تنكر؟ إنني مسرورة الآن؛ لأننا عرفنا نكسفك.
ليلي : ماذا تقولون؟ إني لا أفهم منه شيئًا مطلقًا.
الخادمة : إيه يا جماعة ده؟ وآخرة الكلام ده اللي مالوش معنى؟ من الصبح وأنا عاوزة بس أفهم ولو كلمة من اللي بتقولوه ومش قادرة، وكل ما أقول يابت استني للآخر لما تشوفي العبارة إيه، ألقى نفسي مش فاهمة ألعن من الأول، فقلت لما أداخل علشان أعرف المسألة إيه. (تتداخل بين ليلي وسيدتها) جاوبوني بالدور وخللوني أتكلم (تلتفت إلى ليلي أولًا) أنت إيه اللي مزعلك منها؟
ليلي : زعلني إن الخاينة سابتني وحاتجوز واحد تاني، فلما سمعت الإشاعة جيت جري وأنا مهموم جدًّا وحزين وغير مصدق أنني اتنسيت، وأن مركزي ضاع من فؤادها، فلما وصلت عرفت أنها خلاص متزوجة.
الخادمة : متزوجة! متزوجة مين يا خويا؟
ليلي (مشيرًا على سنارل) : الراجل ده.
الخادمة : إزاي؟ داهو؟
ليلي : آه، آه، آه.
الخادمة : ومين قال لك الكلام ده؟
ليلي : هو نفسه في هذا النهار.
الخادمة (إلى سنارل) : صحيح أنت قلت له كده؟
سنارل : أنا! أنا ماقلتلوش إلا أنني مجوز امرأتي بس، وإن امرأتي هي امرأته.
ليلي : وقد تأكدت لما رأيت صورتها في إيده.
سنارل : صحيح، وآدي أهه.
ليلي (إلى سنارل) : وأنت نفسك قلت لي إن المرأة التي أخذْتَ من يدها هذه الصورة مرتبطة معك بروابط الزواج.
سنارل (وهو يشير إلى امرأته) : بلا شك، وخطفتها من إيدها، ولو مكنتش الصورة مكنتش عرفت ذنبها.
مدام سنارل : حضرتك عاوز تقول إيه؟ أنا لقيت الصورة صدفة مرمية على الأرض، وبعدين (تشاور إلى ليلي) وجدت جنابه مريض فأخذته يستريح في البيت حتى يطيب، وأنا مش واخدة بالي أنه هو صاحب الصورة أبدًا.
سيلي : أنا التي أحدثت كل هذا السوء تفاهم بالصورة لأنها وقعت من إيدي لما سخسخت. (إلى سنارل) وحضرتك اللي شلتني وروَّحتني البيت.
الخادمة : ودنتم شفتم إنكم من خيبتكم كنتم حاتفضلوا على الحسبة دي ولانتوش خالصين منها أبدًا، وبقى كل واحد منكم مش في عقله.
سنارل (لنفسه) : آه، بتبلفنا الخدامة دي ولا إيه؟ يظهر عاوزة لها قرشين، ولكن … مالي عرقت كده وسخنت بقيت زي الفرن؟
مدام سنارل (لنفسها) : لسه برضه قلقانة، ولا نيش مصدقة، وخايفة مع كده أنه بيغشني.
سنارل (إلى امرأته) : أحسن شيء أننا ناخدها من قصيرها ونصدق الناس دول المعتبرين، وأنا حاتنازل عن حقي أكتر منك، لازم نتصالح.
مدام سنارل : طيب معلهش، ولكن أديني بقولك لك أهه، خلي بالك وأمشي عدل، ولو عرفت شيء تاني عليك معنديش إلا الشبشب، فهمت؟
سيلي (إلى ليلي بعد أن كانَا يتهامسان) : آه، إذا كان الأمر كذلك فماذا أفعل الآن؟ وأنا لما صدقت المسألة دي رحت من زعلي قايلة لوالدي أنه لازم يجوزني لأي إنسان يعجبه، وكله علشان أنتقم منك وخلاص، ووعدته أنني أرضى بانتخابه، ولكن ها هو قد حضر.

المشهد الثاني والعشرون

(يدخل جورجيبوس الآن.)

ليلي (إلى جورجيبوس) : سيدي، هذا أنا قد رجعتُ من السفر على أحر من الجمر، وأنا معتقد أنني سأنال تحقيق الوعد الذي وعدته لي من زواج عزيزتي سيلي.
جورجيبوس : سيدي، هذا أنا قد رجعت إلى هذا المكان على أحر من النيران، وأنا معتقد أنك لن تنال تحقيق الوعد الذي وعدته من زواج عزيزتي سيلي.
ليلي : كيف يا سيدي؟ هل تخلف وعدك وتقطع أكبر أمل لي في الوجود؟
جورجيبوس : نعم يا سيدي، أخلف وعدك وأقطع أملك، وأقوم بواجبي وأعرف شغلي، وأزوج بنتي لمَن أشاء.
سيلي : ولكن هل واجبك يا أبي أن تخلف الوعد.
جورجيبوس : أخرسي يا بنت، أنت ما تفهميش شيء ولا تعرفيش صالحك، لازم ترضي بفالير. ولكن إني أرى والده قادمًا، لازم جاي عشان ينهي المسألة بالطبع.

المشهد الثالث والعشرون

(يدخل والد فالير.)

جورجيبوس : ماذا جاء بك إلى هنا يا صهري العزيز ويا حما بنتي العزيزة؟
والد فالير : سرٌّ غريب عرفته هذا النهار، وهو يفسخ الوعد الذي كان بيني وبينك؛ إن ابني فالير متزوج من ورانا البنت اللي اسمها ليزا، وبقاله أربع تشهر وهو على كده ومحدش منا عارف شيء، وبما أننا كنا اتفقنا بينا على شيء وجات المسألة بالعند، فرأيت أن أحضر.
جورجيبوس : عشان تفضها؟ أوي يا أفندم، دانا كنت راخر مخبي عليك أن بنتي مخطوبة من زمان لليلي مع أنه فقير يا سيدي، ولكنه غني عن الناس، له رب اسمه الكريم.
والد فالير : عملت طيب في هذا الانتخاب الجميل.
ليلي : ما أكبر سروري الآن! وما أحلى الحياة في نظري!
جورجيبوس : هلموا بنا نختار اليوم الذي نحتفل فيه بالزفاف (يخرجون).
سنارل (لنفسه) : بالذمة ما شفتوش في الدنيا جوز موسوس زيي، ولكن ساعات الإنسان يتهيأ له يقوم يحسب العبارة جد. إذن لا تنسوا أبدًا سنارل المسكين، سنارل الموسوس، سنارل اللي كان فاهم أن فروع هايلة طلعت في دماغه. تذكروني جيدًا واجعلوني أكبر مثل للوسوسة، وإذا رأيتم يومًا كل شيء فلا تصدقوا بشرفي شيئًا.
(تمَّ الفصل)
١  المسرحية مكتوبةٌ بخطِّ اليد بالمداد الأسود والأحمر بقلم الريشة؛ حيث كُتِبت الأسطرُ العادية بالمداد الأسود، وكُتِبت العناوينُ والإرشاداتُ المسرحية بالمداد الأحمر. والمخطوطة مكتوبةٌ في كراسة صغيرة المقطع، اصْفَرَّ ورقُها بفعل الزمن، في ثلاثٍ وسبعين صفحةً.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤