الفصل الأول

المنظر الأول

(بالقرب من غرفة فرعون أمازيس الخاصة — تاسو حارس فرعون — الأميرة نفريت ابنة الملك)

تاسو :
نفريت؟
نفريت :
تاسو هنا؟
تاسو :
وهل أُرى إلا هنا؟
أحومُ حول صنمي
وحول هذي القَدَمِ
نفريت (وتنظر إلى رجلها) :
حول رِجلي أنا؟
تاسو :
أجل حول هذا الشُّهْـ
ـدِ والزُّبْدِ والنميرِ الصافي
ما بِكِ يا نفريتُ ما هذا الأسى؟
ما بالُ عينيكِ تريدانِ البكا؟
نفريت :
تسألني ما بي ألم تعلم بما
جرى ويجري من فجائعِ القضا
تاسو :
ماذا جرى؟ ماذا لقيتِ ملكتي
من القضاء؟ مُهجتي لكِ الفِدا
نفريت :
كيف لقد كان حسابي أننا
بخطْبَة الفُرْسِ تَحطَّمنا معا
تاسو :
إذن فهذا الغمُّ من جرَّائها
وأنتِ تخشَيْنَ الرحيلَ والنوى
نفريت :
وأنتَ يا تاسو ألم تحزنْ؟
تاسو :
أنا!
أحزنُ يا سلطانةَ الفُرْس أنا؟
لقد ودِدْتُ لو مَلَكْتِ كلَّ ما
دبَّ على الأرض وطار في السما
نفريت :
وفُرْقتي تاسو ألم تحزنْ لها؟
تاسو :
ولِمْ وفي الفرس يكون الملتقى
نفريت :
في فارسٍ! في قصر زوجي نلتقي!
يا عجبًا ماذا تقولُ يا فتى؟
تاسو :
لِمْ لا أليسَ في القصورِ سَعَة؟
نحن هناكَ مثلُ ما نحن هنا
نفريت :
هذا الغَباءُ منك تاسو عجبٌ
ليس المكانان على حدٍّ سَوا
هنا أبي إذا بَكَيْتُ رقَّ لي
وإن شفعتُ لكَ عنده عفا
تاسو :
وثَمَّ؟
نفريت :
وحشٌ في إهاب بَشَرٍ
يَقْتُلُ مَن يَلْقى
تاسو :
أمونُ نجِّنا!
وماذا اعتزمتِ؟
نفريت :
اعتزمت البقاء
بمصرَ وفي ظلِّ هذي الحُجَرْ
وبالقُرب منكَ ومن والديَّ
ومن إخوتي وذويَّ الأُخر
وبين وصيفاتيَ المُشْفِقاتِ
ومن لاذ بي من بنات الأُسر
تاسو :
ولكن تُرى كيف تجري الأمورُ
إذا علمت فارسٌ بالخبر
وقيل لقمبيزَ فرعونُ خالـ
ـفَ وابنةُ فرعونَ لم تأتَمر
نفريت :
ليجرِ بما شاء تاسو القضاء
ليجرِ بما شاء تاسو القَدَرْ
لتُخْسَفْ بقومٍ عليها البلادُ
ليستَأخرِ النيلُ أو ينفَجِرْ!
فأما أنا فسأبقى هنا
وإن غَضبَتْ فارسٌ والنمرْ
فما الفرسُ لي بالصحاب الكرام
ولا ليَ في مُلْكهم من وَطَرْ

(تدخل الأميرة نتيتاس)

نفريت :
من المُفاجئ (نتيتا)؟
نتيتاس :
نفريتُ، تاسو سلامُ
نفريتُ أصغي لقولي
فلي إليكِ كلامُ
نفريت :
تكلمي واقتصدي
نتيتاس :
ولم أزل مقتصدهْ
نفريت :
أتيتِني شامتَةً
نتيتاس :
لا بل أتيتُ مُسْعدَه
آمون قد مد إليـ
ـك وإلى الوادي يدهْ
وقد كفى مصرَّ البلا
ء والخطوبَ المُرْعدهْ
وكفَّ عن ربوعنا
نارَ المجوس الموقَدَهْ
نفريت :
وكيف نتيتاس ماذا ما الخبر؟
كيف جرى غيرَ مجاريه القَدَرْ؟
تاسو :
ما الأمر يا سيدتي!
نتيتاس :
وأيُّ شأنٍ فيه لَكْ
إن الذي عنديَ لا
يُقالُ إلا للمكْ
نفريت :
عجِّلي إذن. قابلي أبي.
أسرعي الخطى. اذهبي اذهبي.
واسأليه ما. شئتِ واطلبي.
نتيتاس :
ما ذاك ما ذا تقوليـ
ـن فكِّري يا نَفَرْتُ
ما جئتُ أطلبُ مالًا
ولا لهذا حضرتُ
ولا بشأنك يا بنـ
ـت آمزيسَ افتكرتُ
نفريت :
ففيمَ إذن جئتِ يا نتيتاسُ
وفي أيِّ شأنٍ نقلتِ القَدَمْ؟
نتيتاس :
أتيتُ لمصلحة الآخرينَ
وجئتُ لشأنٍ جليل العِظَمْ
أتيت لأفدي بنفسي البلادَ
وأدفعُ عن مصرَ شرَّ العَجَمْ
فإِنَّكِ إن ترفُضي يزحفوا
كزحفِ الذئاب ونحن الغَنَمْ
فأين أبوكِ؟
نفريت :
تُلاقينهُ
هنالك في حجرات الصَّنَم
نتيتاس :
سأمضي إليه
نفريت (بتهكم) :
اذهبي افدي البلادَ
نتيتاس :
نعم أنا أفدي بلادي نعم

(تخرج)

نفريت :
يا ويحَها قد ذهبتْ
دعنيَ تاسو واذهبِ

(يخرج تاسو)

(يدخل فرعون إلى غرفته الخاصة، وهي حجرة صغيرة أرضيتها من الخشب الملون، وفيها بضعة كراسي خفيفة الوزن لطيفة الصنع، وفي زواياها الأربع تماثيل للآلهة المصرية، فرعون أمازيس وابنته نفريت مقبلة عليه)

نفريت :
سلامٌ يا ضُحى الشمس
ويا غُرَّةَ آبيس
ويا حاميَ ساييس
ويا حارسَ منفيس
فرعون :
سلامٌ شبهَ هاتور
سلامٌ شبهَ إيزيس
نفريت :
أبي بل نادني يا بنـ
ـتَ فرعونَ أمازيس
فرعون :
تعالَيْ أقبلي يا بنـ
ـت فرعونَ أمازيس
وفي أيِّ جليل أو
صغيرٍ يا تُرَى جئْتِ
تعالَيْ يا ابْنَتي قولي
سَلي فرعون ما شئْت
نفريت :
أبي كُنْ لي فقد أظلـ
ـمت الدنيا بعيْنَيَّا
فرعون :
سأجْلُو ظُلْمةَ الدنيا
وأمحوها بكفَّيَّا

(تغرورق عيناها بالدموع)

بنتاه
نفريت :
ربَّاهُ أبِي
فرعون :
ما للأميرةِ باكيَهْ؟
هلَّا ادَّخرتِ لمَصْرِعي
هذي الدموعَ الغاليَهْ
نفريت :
لا بل تعيشُ أبي وتبْـ
ـقى في ظِلالِ العافيَهْ
أبتِي تهيَّأْ كلُّ شي
ءٍ للنَّوَى المُتَرَاميَهْ
فغدًا تضُمُّنيَ القصو
رُ بل القبورُ الجافيَهْ
في ألفِ جاريةٍ لقمـ
ـبيزٍ هناكَ وجاريَهْ
من كلِّ مرْسَلَةٍ هنا
لكَ كالبهيمةِ ساليَهْ
فبأيِّ قلبٍ يا مليـ
ـكُ تَزُفُّني للطَّاغيَهْ
أدرِكْ فتاتَكَ قد ضعُفـ
ـتُ عن احتمال الدَّاهيَهْ

(تدخل نتيتاس على فرعون أمازيس فتخرج نفريت)

فرعون :
مَن أرى؟ إنه لحظٌّ عظيمٌ
نتتاسُ بنت الفراعين عندي
نتيتاس :
التَّحايَا لعرشِ مصرَ المُفدَّى
من أبي ساكنِ السماءِ وجدِّي
فرعون :
وسلامُ الذي على عرشِ مصرٍ
لا تؤدينه؟
نتيتاس :
وكيف أؤدِّي؟
ليس بينَ ابنةٍ وساقي أبيها
غصَّة الموتِ من سلامٍ وردِّ
إن حقدي عليك دَيْنٌ وبِرٌّ
ربّ لا يَذْهبِ العقوقُ بحقدِي
فرعون :
احملي الحقدَ لي أو اطْرَحيه
وتمنَّيْ عليَّ جاهي ورِفدي
اسألي تسألي أباك
نتيتاس :
معاذ الد
مِ فرعونُ ليس دنياكَ قصدي
فرعون :
فيمَ قد جئتِني إذن؟
نتيتاس :
في حقوقٍ
لدِياري وواجبٍ نحو مَهدي
كلَّ عامٍ صبيَّةٌ من بنات الشَّـعبِ
تُختارُ للفداء فتفدِي
تنزِلُ النيلَ غيرَ عائفةٍ ما
فيه للموتِ من حياضٍ وَوِرْدِ
سمحتْ بالحياة في غير سأمٍ
وسَخَتْ بالشباب في غير زُهدِ
تبتغي الخصبَ والرَّخَاء وتحتا
لُ لعيشٍ بنعمةِ النيلِ رَغدِ
سقتِ الناسَ بعدَها لم تقُل قو
لَ الأنانيِّ: يهلكُ الناسُ بعدي
فرعون :
قد عرفنا فهل تريدينَ منَّا
أن تكوني التي نزُفُّ ونُهدي
نتيتاس :
تلك مدفوعةٌ يقدِّمها الكُهَّانُ
لكنَّني تقدَّمتُ وحْدِي

(مستمرة):

جئتُ أفدي وطني من
سيفِ قمبيزَ ونارِه
جئتُ أفدي وطني من
دَنَس الفتحِ وعارِه
فرعون :
ماذا تقولين فيمَ جئتِ؟
قمبيزٌ؟ الفتحُ؟ مصر؟ فارسْ؟
نتيتاس :
نفريتُ تأبى المسيرَ هبْ لي
مكانَها منك يا أمازِسْ
فرعون :
أنتِ التي تذهبين؟
نتيتاس :
لم لا؟
فرعون :
هذا هو النُّبْلُ يا نتاتِسْ
بخٍ بخِ، بِنتَ أخي
نتيتاس (في استنكار) :
أنت يا قاتِلُ، عمِّي؟؟
لا … أبِي يأبَى وأمِّي
فرعون :
لا تدفعي نَتِيتَ بي
ولا تَهيجي غَضَبي
نتيتاس (كالمستهزئة) :
تقتُلني مثلَ أبي!

(تظهر نفريت بالباب)

فرعون :
من ذا أرى؟ نفريت، هيَّا ادخلي
لا تقف الأقمارُ بالبابِ
نفريت :
تحيَّةُ الشمس لسارعِ أبي
تحيةُ المعبودِ آمونِ
فرعون :
أتيتِ لوفقِ الأمرِ نفريتُ أقبِلي
تعاليْ أنبِّئْكِ الجليلَ تعَالِي
نفريت :
أبي لا جليلَ اليوم إلا مُصيبتِي
فرعون :
ولكنَّها قد آذنتْ بزوال
نفريت :
وكيف وأنَّى؟
فرعون :
أُنظري مَنْ بمجلسي
وأيُّ رسولٍ للسماءِ حِيالِي
إلهٌ لعمرِي في قمِيصِ أميرةٍ
سعى لك يحبو عونَه وسعى لي
نفريت :
نتيتاسُ أختي؟
نتيتاس (لنفسها) :
أختُهَا ما أضلَّها!
متى كان بيتي مجرمينَ وآلي
نفريت (لأبيها بعد أن سمعت نجواها) :
أبي ألهذا تجمعُ اليوم بيننا
وما لابنَةِ الملِك القديمِ وما لِي
فرعون :
لقد بعَثَتْها الشمسُ من عرشِ مجدِها
شعاعَ هدًى من حَيْرَةٍ وضلالِ
تُزَفُّ إلى قمبيزَ في موضع ابنتِي
وفي موكبٍ من وَفدِه ورجالي
نفريت :
نتيتاس
فرعون :
قولي بنتَ فرعون
نتيتاس :
أعْفِهَا
نفريت :
ولِمْ
نتيتاس :
ذاك عهدٌ يا أميرةُ خالي
فلا يستوي المُلْكُ القشيبُ جلالُه
وآخرُ مخلوعُ الجلالةِ بالي
نفريت :
أحقٌّ نتيتا ما رَوَى المَلْكُ
نتيتاس :
ما رَوَى
أبوكِ صَدَى صوتي ورجْعُ مقالي
نفريت :
رويدًا نتِيتَا راجعي الرشدَ إنَّما
تُضحِّين يا أختِي بأنفسِ غالي
تُضَحِّين بالدُّنيا الجميلةِ والصِّبَا
وهذا الفضاءِ السافرِ المُتَلَالِي
أحقٌّ عقدْتِ العزْمَ؟
نتيتاس :
بعد رويَّةٍ
وأقنعتُ نفسي بعدَ طول نِضَال
ومَا لي لا أعطِي الحياةَ إذا دعتْ
بلادي. حياتي للبلادِ ومالِي

المنظر الثاني

(حجرة عظيمة في قصر فرعون — وفد من الفرس ينتظر رسول الملك أمازيس، هنا وهناك في الحجرة نفر من حاشية فرعون)

رئيس الوفد :
لقد جُلتُم في بلدةِ العِجلِ جَوْلَةً
وما بَرِحتْ بالزائرينَ تُجابُ
فكيف وجدتم قوم فرعون؟
قباذ :
أمةٌ
إذا هيَ قيستْ بالشعوب عُجابُ
لهم مثلُ ما للأُسدِ بالجنسِ عِزَّةٌ
ضواري الفلا عندَ الأسودِ كلابُ
هُم الشهْبُ والناسُ الجنادلُ والحَصى
وتِبرُ الثَّرَى والعالَمُونَ تُرَابُ
وكلُّ الذي صاغوا من الفنِّ آيةٌ
وكلُّ الذي قالوا هُدًى وصَوابُ
الرئيس :
خطبْنا إليهم أَمسِ بنتَ مليكهِم
فما كان إلا الاحتقارَ جوابُ
وأشفق أهلوها وقالوا حمامةٌ
دعاها إلى الوَكْرِ السحيقِ عُقابُ

(ثم يعرض ببصره رجال القصر من المصريين)

تأمَّل (قباذُ) القومَ وانظر وجوهَهم
وجوهٌ عليها للهموم سَحابُ
ألستَ تراهُم كلَّما نقَّلوا الخُطى
لهم جيئةٌ من ريبةٍ وذهابُ
قباذ :
ولكنهم ما قصَّروا عن ضيافةٍ
طعامٌ ونُزْلٌ طيِّبٌ وشرابُ
وخمرٌ فِنِيقيٌّ بأيدي سُقَاتِها
لها نفحةٌ مِسكيَّةٌ وحبابُ
وماذا علينا أن تضيقَ وجوهُهُم
إذا لم تَضق ساحٌ لهم ورحابُ

(وعلى أثر ذلك يخاطب رجل آخر من الوفد صديقًا له في ناحية أخرى من الحجرة وكان عائدًا هو أيضًا من المدينة)

الرجل :
زفيروس، من أينَ؟
زفيروس :
من جولة
بمنفيس
الأول :
كيف وجدت البلدْ؟
وكيف احتقارُهُمُ للغريبِ
إذا قام في شأنه أو قعد
وكيف عُيونُهُمُ حولَهُ
إذا حَمَلته احتمالَ الرَّمد
زفيروس :
وجدتُ وجوهًا عليها النعيمُ
ودُنْيَا على جانبيْها الرَّغَدْ
وسُوقًا تُفضُّ وسوقًا تُقامُ
وخَلقًا يروحُ وخلقًا يَفد
وشعبًا على خُطةٍ في الحياةِ
ونَظْمِ بِه في الشعوبِ انفرد
ولم أرَ مثلَ صناعاتِهِم
سُمُوًّا وبُعدًا على المنتقِد
ولا مثلَ أخلاقهم مبلغًا
من الفضل أو من خلالِ الرَّشَد
إذا مرَّ يافِعُهم في الطريق
بشيخٍ تنحَّى له أو سَجَدْ
الأول :
تباركت النارُ. كِلتَ المديحَ
لمصرَ جُزافًا ولم تقتصِدْ
زفيروس :
أخِي ما الذي أنت ناعٍ عليَّ
وما قلتُ إلا الذي أعتقد
الأول (مبتسمًا) :
لقد سَحَرَتْ مصرٌ الفارسيَّ
ويا طالما نفثتْ في العُقَد
ولكن زفيروس كيف الجنودُ
وكيف الحديدُ وكيف الزَّردْ
وهل كنتَ تلقاهُمُ في الطريقِ
وتنظُرُ أظفَارهم واللَّبَدْ
زفيروس :
أخي ما رأيتُ بمصرَ الجنودَ
ولم يأخذِ العينَ منهم أحد
سوى فتيةٍ من جنود القصورِ
وضباطِها في الثيابِ الجُدُدْ
يروحُونَ في الخُوَذِ اللَّامعات
ويغدونَ في الذَّهب المتَّقِدْ
الأول :
إذن هو مُلكٌ بلا حائطٍ
رقيق الأواسي ضعيف العَمَد
خلا الوكرُ من صرخاتِ العُقاب
ونامت عن الغابِ عينُ الأسدْ
أولئك لا في حماةِ الديارِ
ولا في العديدِ ولا في العُدَدْ
طواويسُ في عرصاتِ القصورِ
تروقُ تهاويلُها من شَهِدْ
ولا يُعجبنَّك سلمٌ يرفُّ
وخيرٌ يفيضُ ومالٌ لُبَدْ
وآثارُ فنٍّ تروعُ العقولَ
وأجسادُ موتى تعيش الأبَد
فما أنتَ راءٍ سوى جَنَّةٍ
هي الخلدُ أو طيفُه في الخَلَد
يهُبُّ عليها غدًا عاصفٌ
من الفرسِ أنَّى تمشَّى حَصَدْ
ثالث متدخلًا :
صدقتَ أخا الفرسِ قلتَ الصوابَ
غدًا يعصفُ الفُرسُ أو بعد غَدْ
أحدهم لآخر :
أعلمتُم ماذا يُردَّد في القصـ
ـرِ وماذا يقالُ همسًا ووحْيا
الثاني :
ما يقولون هاتِ قُلْ
آخر :
كيفَ صِدتَ السـ
ـرَّ في القصر كيف صدتَ النَّجيَّا
هاتِ قل ما بأرضِ مصرَ عجيبٌ
مصرُ دنيا وسائرُ الأرضِ دُنيا
الأول :
هم يقولون إن بنتَ أمازيـ
ـسَ عروسَ المليكِ تأبَى المُضِيَّا
الثاني :
هازلٌ أنت؟
الأول :
بل سمعتُ حديثًا
إن يكُن مفتَرًى فماذا عليَّا؟
آخر :
إنه يَهذِي دعوهُ
كاذبٌ لا تسمعوه
ما الذي زخرفَ
الثالث :
ألقى
كِذبَة الأجيال فوهُ
يزعم الملكَةَ نفريـ
ـت ابنةَ الملْكِ أَمازسْ
ترفُضُ السَّيرَ مع الوفـ
ـدِ إلى أقطارِ فارسْ
آخر :
ما خطبُه ما يدَّعي
إمضِ بنا لا تسمعِ
يقولُ فرعونُ مصرَا
لم يرضَ قمبيزَ صِهْرَا
الثاني :
مَنْ أمازيس ما الأميرةُ ما مصـ
ـرُ أفي الأرض من بقمبيزَ يهزَا
آخر :
أهذا خبرٌ يُروى
غبيٌّ أنت واللهِ
أتحتَ القُبَّة الزَّرْقا
ءِ من يسخَرُ بالشاهِ
الأول :
اعزبوا ما لكم ولي
قلِّلُوا الشتمَ والسَّخَرْ
ما الذي قد أتيتُه؟
ناقلُ الكفرِ ما كفر!
خبرٌ قيلَ قد يصِحُّ
وقد يكذِب الخَبرْ
أحدهم :
يا صحبُ كيف تُرى تَقضون ليلَكُم
وكيف نومُكُم في هذه الدار
آخر :
أمَّا أنا فإذا استلقيتُ طوّفَ بي
شتَّى الخيالاتِ من سحرٍ وسحَّارِ
وأنت؟
الأول :
يغشَى الكرى عيني فيصرفُهُ
عنها خيالُ تماسيحٍ وأثوار
من التَّوابيتِ حولي كلُّ منتقلٍ
بغير رجلٍ ولا ساقيْنِ دوَّار
يُجيلُ من خلفِها الأمواتُ أعيُنَهم
كأنها في الدُّجى أحداقُ أنمارِ
ولا تزال بيَ الأرواحُ طائفةً
مناجياتٍ بألغازٍ وأسرارِ
آخر :
أمَّا أنا فإذا ما جئتُ مُضطجعي
عوَّذتُ نفسيَ قبلَ النوم بالنارِ
فلا يطوفُ من الأرواحِ بي شَبَحٌ
من خيِّرينَ وإن جلُّوا وأشرارِ
آخر :
هيَّا اسمعوا ماذا رأيتُ أمسِ
آخر :
ما ذاك؟
الأول :
صَهْ تكلَّموا بهمسِ
رأيتُ عصفورًا برأسِ إنسِ
أقبلَ حتى صار عند رأسِي
فما ملكتُ عند ذاك حسِّي
آخر :
ثُمَّ؟
الأول :
صحوتُ فوجدتُ نفسِي
منطرحًا أغطُّ فوقَ كرسِي
آخر :
وأنا
ثان :
أنتَ ما رأيتَ؟
الأول :
أعجَبَا
مما رأى صاحبُكم وأغرَبَا
رأيتُ آبيسَ أتى مضاجعي
فهزَّها بقرنِه وقلَّبَا
ثم رأيتُ
الثاني :
ما رأيتَ؟
الأول :
حدقًا
تقلَّبَت في الليل تَحكِي اللَّهَبَا
آخر :
ثُمَّ؟
الأول :
وقال العجل أنتم فارسٌ؟
قلتُ نعم فقال لي لا مرحبَا
آخر في دهشة :
يا عجبًا. ألعجلُ قد
كلَّمه يا عجبَا

(يدخل تاسو حارس فرعون):

تاسو :
أيُّها الوفدُ سلامٌ لكُمُ
بنتُ فرعونَ ستأتي بعدَ حينْ
تتلقَّاكم بما يَزْكُو بكم
من تَحَايا وتجيبُ الخاطبينْ
رئيس الوفد :
أيُّها السيد تاسو
أُدْنُ منا مرحبا بِكْ
غِبتَ عنَّا زمنًا حتـ
ـى اغْتَمَمْنَا لغيابِكْ
لم تَسَلْ عنَّا ولم تبْعَـ
ـثْ رسولًا من صِحَابِكْ
تاسو :
يا كبير الوفد هذا العطـ
ـفُ قد أثَّرَ فِيَّا
أنتَ لا تجهلُ مِن أنـ
ـظِمةِ الدِّيوانِ شَيَّا
شرَفُ الخِدمةِ لا يجعـ
ـلُ وقتي بيَدَيَّا
فارسي (لآخر بصوت منخفض) :
تاسُو؟! ومن تاسُو؟
الآخر :
فتًى
في القصرِ مرمُوقٌ جميلْ
نَدْمان فرعون وصا
حبُه وحارسُه النبيلْ
ويَميلُ فرعونٌ إليْـ
ـهِ وبنتُه أيضًا تَميلْ

(حارسان يدخلان فيصيح أحدهما):

الأول :
الملْكُ فرعونُ سَارعْ
الثاني يردِّد :
الملْكُ فرعونُ سَارعْ

(يدخل الملك والأميرة نتيتاس وكبار الكهنة المصريين، فيجلس الملك والأميرة ويقف تاسو وراء الملك، فينهض رئيس الوفد ويقول)

رئيس الوفد (إلى فرعون) :
بركاتُ السماءِ فرعونَ مصرَا
وسلامٌ من عاهِلِ الأرض كسرى
رُسُل قمبيزَ نحن لم نألُ إحسا
نَكَ يومًا ولا اهتمامكَ شكرَا
قد خطبْنَا إليكَ زنبقَةَ الوا
دِي وأعْلَى عقائلِ النيل قدْرَا
نحمِلُ الشامَ إن أردتَ صداقًا
ونسوقُ العراقَ إن شئتَ مَهْرَا
ونُزَجِّي الكُنُوزَ من قيِّم اليا
قوتِ والدُّرِّ والزُّمُرُّدِ تترَى
إنها فارسٌ وإنَّا لنرجو
أن سترْضَى بها حليفًا وصِهْرَا
فرعون أمازيس (إلى تاسو) :
قُمْ أجِبْ عنيَ الدهاقينَ تاسُو
تاسو :
سيدي من أكونُ! مولايَ. عُذْرا
نتيتاس :
أَبَتِي أَعْفِهِ

ثم إلى تاسو:

مكَانكَ تاسُو
أنا بالفصل في مصيريَ أَحْرَى
نتيتاس (إلى الوفد الفارسي) :
مرْحَبًا وفْدَ فارسْ
رسْلَ قمبيزَ مرحبَا
قد تأخرتُ عنكمُ
وأطلتُ التحجُّبَا
ونَهَاني مُطَبِّبي
فسمعتُ المطبِّبَا
خبَّئوني لوَعْكةٍ
ومن البردِ يُخْتَبَا
لم ير الناسُ صاحبًا
كالعَوافي مُحبَّبَا
رئيس الوفد :
اشكري اللهَ يا ابْنَتي
واذكري فضلَ مَا حَبَا
كم سأَلنأ فجاءَنَا
بالذي طمأَنَ النَّبَا
أمازيس (إلى تاسو بصوت منخفض) :
ما لَها تاسُ أطنَبتْ
ولذا الشيخِ أطنَبا
تركا خِطبَة الزَّوا
ج وقامَا ليخطُبَا
نتيتاس (بصوت منخفض وقد سمعت ما دار بينهما) :
ما الذي ساءَ والدِي
من كلامِي وأغْضَبَا
ما لِفرعونَ ساخطًا
ولِتَاسُو مُقطِّبَا
فرعون (بصوت منخفِض) :
اجْعَلي القصدَ يا ابْنَتي
لكِ في القولِ مذهبَا
نتيتاس للوفد :
قد دعوتم أبي لِمَا
يرفعُ البنتَ والأَبَا
إن فرعونَ كوكبٌ
صاهَرَ اليومَ كوكَبَا
اذكرُوا لي مُقامَكم
أتُرى كان طيِّبَا
أيُّها الوفدُ قلَّمَا
صاهَرَتْ مصرُ أجْنَبَا
مَرْحَبًا وفدَ فارسٍ
الملك (بصوت منخفض) :
شَبِعَ الوفدُ مرحبَا
نتيتاس :
أنا إِن عشتُ شِدتُ للـ
ـنارِ بيتًا مطنَّبَا
في عيونِ الوهادِ مِنْ
فارسٍ أو على الرُّبَا
كلما لاحَ ضوؤُه
هزَّتِ الأرضُ مَنكِبًا
رئيس الوفد :
هلُمِّي باركي يا نارْ
على بنتِ الفراعينِ
ويا فارسَ هاتُوا الغارْ
وجيئوا بالرياحينِ
وحيُّوا زوجةَ الجبَّارْ
على كلِّ السلاطينِ

(وينثر الفرس الرياحين على الأميرة نتيتاس وهم يتغنون)

الكهنة المصريون يتغنون :
آمونُ قم شاركْ
فرعونَ في العُرسِ
تعالَ طُفْ بارِكْ
في ملكةِ الفُرسِ

•••

نَحِّ الشياطينَ
وانفِ العفاريتَ
واحرسْ بعينيْكَ
موكبَ نفريتَ

•••

آمونُ هَيَّ اشتركْ
في عُرسِ بنتِ الملِك
وقُمِ إليهَا كلِّلِ
براحتَيْكَ راسَها
واشهدْ بمصرَ واجتلِ
بفارسٍ أعراسَها

المنظر الثالث

(بهو عظيم من القصر زين بالمصابيح البديعة الألوان المصنوعة من ورق البردي وأغصان الزيتون، وصففت الأزهار.. والرياحين هنا وهناك، وفي ناحية من البهو جوقة العزف من حاملات القيثارة، والعود، والناي، والدف، يموج المكان بأعضاء الوفد الفارسي في ملابسهم الفارسية الفاخرة، وبرجال الحاشية وخدم القصر من الحرس والكهنة كبارهم وصغارهم وفتيان النوبيين، وقد وقف قهرمان القصر يصرف الوصفاء والندل ويسخرهم في شئون الوليمة، وقد مدَّت الموائد الفخمة وجعلت عليها ألوان الطعام المختلفة من خراف مشوية وباردة وبط صيد، ومن سمك النيل، ومن الحلوى بأنواعها، وسلال الفاكهة، ووضعت هنا وهناك أباريق الذهب والفضة المملوءة من عتيق الخمر، يجلس على المائدة فرعون أمازيس وبجانبيه وأمامه كبار رجال الوفد الفارسي وعظماء رجال الكهنوت والدولة، وينتشر الآخرون على جنبات المائدة يتحادثون جماعات جماعات)

فارسي (لصاحبه) :
فيروزُ. اُنظُر ترى الخِرافا
حُمرًا لطافًا على الخوان
ذا سمكُ النيل في الأوانِي
كأنَّهُ مِعصَمُ الغوانِي
وأعيُنٌ تلك في جُفونٍ
أم ذلك البَطُّ في الجِفَانِ
فيروز :
ذكرتَ كلًّا ولم تُرحِّبْ
بخمر ساموسَ في الدِّنانِ
وخمرِ فينيقيا المصَفَّى
كأنه ريقةُ الحسانِ
وخمرِ مصرٍ في قصرِ فرعو
نَ
ثالث :
تلك مجهولةُ المكانِ
الأول :
فيروزُ، دَعنِي خلِّني
الخمرُ ليستْ دَيْدَنِي
من خمرِ آتينا وسا
موسٍ ومصرَ أعْفِنِي
الأكلُ يا فيروزُ شغـ
ـلي وبه تَفَنُّنِي
تشربُ والبطنُ خلِي!
يا لَكَ من مُغَفَّلِ!
كُلْ هَيْءَ فيروزُ كُلِ
هذا الخوان قد كَمَلْ
من كل جانبٍ حَمَلْ
هذا شوُيِ هذا قُلِي
والبَط في الأطباقِ
بطبَط في الرقاقِ
من رأسهِ للأرجلِ
ثالث :
وهذه الإوَزُّ
رَجْرَاجَةٌ تهتزُّ
قد طُيِّبَتْ بالتابِلِ
فيروز (للأوَّل) :
أخي كلانا قد صدَقْ
فما لنا لا نتَّفِقْ
آكلُ ما تأكُل من طعامِ
ونَحْتَسِي معًا من المُدامِ
الثالث :
هذا لعَمْرِي مُحكمُ الكلامِ
فرعون (إلى رئيس الوفد) :
سيدي لو تقولُ لي
كيفَ قمبيزُ والقدحْ
الرئيس :
إنَّ قمبيزَ سيدي
ملِكٌ كله مَرَحْ
ليس تخلُو قصورُه
من سرورٍ ومن فرَحْ
فارسي آخر :
لكن له شُغلٌ عن الـ
ـخمرِ بطُولِ غَزوتِهْ
فرعون :
أينَ تُرى يشربُها
الفارسي :
يشربها في خوذتِه
كعبدِه ابن أمَتِه

(ويخلع الفارسي خوذته ويصب فيها خمرًا، ويشرب بعض صغار رجال الوفد الفارسي يتحادثون فيما بينهم)

أحدهم :
ليتَ شعري فلستُ أدري إلى أ
يِّ بلاءٍ قمبيزُ يدفَعُ فارسْ
قد فتحنَا الفضاءَ شرقًا وغربًا
وملكناه من عُبابٍ ويابسْ
اتسعنا من الفتوح
آخر :
يقينًا
غيرَ أنَّا لم نفتكر بالحارسْ
خلِّ «ماني» عنك السياسة دَعْهَا
خلِّ عنك الفضولَ خلِّ الوساوسْ
إن شرقَ البلاد ضيعةُ قمبيـزَ
وغربَ البلادِ حقلُ أمازسْ
سائسُ العالمين أسعدُ منه
رجلٌ للحمار والبغل سائسْ
ثالث :
انظر الحَفلَ «بَهَارٌ»
استَخَفَّتْهُ الكئوسْ
رابع :
وفدُ قمبيزَ وهذا
ملْكُ مصرٍ آمزيسْ
ذهبُ الأرضِ عليهم
غَرِقَت فيه الطقوسْ
ساسَةُ الدنيا وكلٌّ
غيرَهم فيها مَسوسْ
الثاني :
خَلِّنَا بالله من سا
سَ ودَعْنَا من يَسوسْ
لِمْ نَظلُّ الدهرَ مَرْءو
سينَ والغيرُ الرئيسْ
لِمَ «ماني» لا أنا رذْ
لٌ ولا أنتَ خسيسْ
الأوّل :
كلُّ ما أعجبَ كسرَى
فهو في الفُرسِ نفيسْ
كلَّ حينٍ حاكمٌ يمـ
ـشي علينا ويدوسْ
هكذا يختلفُ الحـ
ـظُّ سعودٌ ونُحوسْ
إنَّ بعضَ النَّاس أذنا
بٌ لبعضٍ هُمْ رؤوسْ
منزلُ الأُسْدِ الصحارَى
وعلى المرْعَى التيوس
الأول :
لِمَ يا «ماني» يسُودُو
ن ونبقى لا نسود
ونُقادُ الدهرَ والآخـ
ـرُ يا «ماني» يقود
آخر :
يا أخي نحنُ كلانا
عاجِزُ الرأيِ بليد
هذه الدنيا لِمَن
يُقدِمُ فيها أو يُرِيد
سنَّةُ الكونِ وما
عن سنَّةِ الكونِ مَحِيد
آخر :
أنا يا «ماني» طوحٌ
أنا لا أكتُمُ عنكَا
أنا في الدنيا وفي زيـ
ـنتها أرغبُ منكَا
أنا أهوى سَعَةَ العَيـ
ـشِ ولا أرضَاهُ ضَنْكَا
الأول :
إِرْضَ بما كان وما
يكونُ أو فانْفَلِقْ
وهيَّ نشربْ قَدَحَيْـ
ـنِ أو فَهَيَّ انطلِقْ
أحدهم :
ألقَدَحَا. ألقَدَحَا
الخمرُ تَنفي التَّرَحَا
قصرًا أرى أم فَلَكًا
وشجرًا أم قُزحا١
وغادةً تسقي أمِ الظـ
ـبْيةَ أم شمس الضحى
وخوذًا على رؤو
س فارسٍ أم الرَّحى
ألقَدَحَا. ألقَدَحَا
هاتوا الشعاعَ المفرَحَا
هاتِ السَّنَا هاتِ القَبَسْ
هاتِ الشَّذَا هاتِ النَّفَسْ
هاتِ سراجَ المِهرجا
ن هاتِ شمعةَ العُرُسْ
هاتِ ابنةِ الشعاعِ والظـ
ـلِّ ابنةَ العَذْبِ السَّلِسْ
أحدهم (لرئيس الوفد) :
مولاي ألقِ السمـ
ـعَ وابعثِ النَّظَرْ
ماذا ترى؟
الرئيس :
أرى «بهارًا» قد سَكِرْ
الأوَّل :
فتاكَ غنَّى وفتـ
ـايَ قد شَعَرْ
الرئيس :
وما الذي ضرَّ؟
الأول :
صدقتَ لا ضرَرْ
الرئيس :
ونحنُ ما نصنَعُ؟
الأول :
شُربٌ وسَمَرْ
الرئيس :
ونحنُ أيضًا بَـ
ـشَرٌ وهُمْ بَشَرْ
فليشربوا من هـ
ـا هنا إلى السَّحَرْ
أحد الشبان :
رئيسَ الوفدِ لا زلتَ
لما يَرفَعُ تُختارُ
ولا ساواكَ دهقانٌ
ولا داناكَ أسوارُ
وغالَى بكَ قمبيزٌ
وحلَّت جسمَك النَّارُ

(يدخل وصيف من وصفاء القصر وبيده مومياء من الذهب يعرضها على الضيفان، ووراءه رجل يقول ويكرر …)

المُوميَا طُوفُوا بها
واتَّعِظوا بخَطبِها
لا تسألوا ما هي مَنْ؟
نكرَها طولُ الزَّمَنْ
هَيَّا كلوا هَيَّا اشربوا
هَيَّا اسمعوا هَيَّا اطربُوا
تمتَّعوا بالفانيهْ
قبلَ الحياة الثانيَهْ
خُذوا المُدامَ الصافيَهْ
قبلَ انكِسارِ الآنيَهْ
فارسي لآخر :
خورشيدُ هذا هو البلاءُ
كلُّ أحاديثِهِم فناء
خورشيد :
روايةُ الموت حيث راحوا
وقصةُ الموت حيث جاءُوا

(يقترب تاسو من نتيتاس في ناحية أخرى من البهو ويقول)

تاسو :
نتيتاسُ ألَا كاسٌ
الَا شكوى ألا عتْبُ
أيُنْسَى في سُويعاتٍ
ويُطوَى ذلكَ الحُبُّ
نتيتاس :
دعِ الحبَّ فلم يُخلقْ
له من لا له قلبُ
تاسو :
وما ذنبي؟
نتيتاس :
لقد أحسنـ
ـتَ لكن لي أنا الذنبُ
أنا أحبَبْتُ عابثًا
سادِرَ القلبِ جافِيَا
يَعشَقُ الجاهَ والغِنَى
لا يحبُّ الغَوَانيَا

(مستمرة):

أنتَ كالنِّعمَة من قصرٍ لقصرِ
أنت كالنَّحلةِ من زَهرٍ لزَهرِ

(مستمرة):

باعَدَت الأخلاقُ ما بيننا
أينَ أخُو العهدِ من الناكثِ
لعِبتَ بي فيما مَضَى عابِثًا
فالعبْ بغيري اليومَ كالعابثِ
أقسمَتَ لي فاذهب فأقسم لها
فأنتَ أهلُ القسمِ الحانِث
أحبْبتَ بنتَ الحيِّ حتى قضى
واليومَ أحببْتَ ابنةَ الوارثِ
كم مجلسٍ كان لنا ثالثٌ
فيه وقد تَعْمَى عن الثالثِ
تاسو :
ما هو مَنْ؟
نتيتاس :
الحبُّ يا مدَّعِي
والحبُّ حربُ الظالمِ العائِثِ

(يعرض عنها تاسو ويبتعد)

نتيتاس (لنفسها) :
مضى الغادرُ لم يَشْعُرْ
بما حمَّلَني الغدرُ
ولا رقَّ له نابٌ
على جُرحي ولا ظفرُ
تكلَّمتُ فلم يسمعْ
وأنَّى يسمعُ الصخرُ
لقد غامرتُ في تاسو
وتاسو في الهوى غمرُ
كم استشفيتُ بالسِّحرِ
فما عافَانِيَ السِّحْرُ
وكم نادَيْتُ آبائي
فما لبَّانِيَ النَّصرُ
وكم جئتُ إلى الصَّبرِ
فما آوانِيَ الصَّبرُ
جزاءُ المُعرِضِ التَّيَّا
ه منك الصدُّ والكِبرُ
هَبِيهِ نَأت الدارُ
به أو نَزَحَ القبرُ
هَبِي معرفَةَ الغادِ
رِ لم يأْتِ بها الدهرُ
أقلِّي شُغُلَ الفكرِ
فقد أتعبَكِ الفكرُ
هَبِيهِ مرَّت السِّنُّ
عليه ومَشَى العُمرُ
فلم يَبْقَ له نَهْيٌ
على الغِيدِ ولا أمْرُ
ولم يبقَ له في البَا
لِ تمثالٌ ولا ذكرُ

(مدعو من المصريين يشير إلى نفريت وهي متنكرة في زي يوناني ويقول لرجل بجانبه …)

المدعو :
مَن المرأة؟
الآخر :
مَنْ؟
الأوَّل :
تلكَ
تَرَاها مثلَ طاوُسِ
تراها مع كالياسِ
الثاني :
ومَنْ؟
الأوَّل :
وارِثِ فانِيس
أمير الجيشِ في مَنْفٍ
وأسوانَ وساييسِ
الثاني :
أجلْ تلكَ التي تظهـ
ـرُ في أغربِ ملبوسِ
فهذا الوجهُ مصريٌّ
وهذا الزيُّ سامُوسي

(رجل فارسي لآخر يدعى قباذ):

الرجل :
انظر قباذُ ماذا تَرَى؟
قباذ :
أحسَنَ شيءٍ منظَرَا
حمامةٌ تُطارِحُ الشـ
ـجوَ حمامًا ذَكَرَا
يا ليتَ أذْني سمعَتْ
من الحديثِ ما جَرَى
الأوَّل :
دعنِي من ذِكرِ الهَوى إنَّني
مُذ كنتُ لم أعشَقْ ولم أُعشَقِ
قباذ (في تهكم) :
وأنتَ كالناسِ امرُؤٌ عائشٌ
تلك لعَمرِي عيشَةُ الأحمَقِ
الأول :
قباذ قد عرفتُه
ذلك تاسو الحارسُ
قباذ :
الحمد لله على
أن لم تحُزْهُ فارِسُ
إذن لهامَتْ كاعِبٌ
بحبِّه وعانِسُ

(تاسو يقترب من نفريت):

نفريت :
تاسو هنا؟ هاتِ اسقِنا
تاسو :
لبَّيْكِ يا ذاتَ البهاءْ
لبَّيْكِ يا بنتَ السماءْ
يا ليتني كنتُ الرَّحيـ
ـق وليتَنِي كنتُ الإناءْ

(ويناولها قدحًا):

نفريت :
تاسُ، مِنْ أينَ ومَنْ
كنتَ من الغيد تُحدِّثُ؟
تاسو :
كنتُ أُجامِلُ الضيو
فَ وأُلَبِّي الملِكا
فعارضتني نيتتا
سُ في خلالِ ذَلكا
نفريت :
وما الذي قلتَ لها
تاسُ وما قالت لكا
تاسو :
عادَت لذكرِ حبِّنا القديم
وعَطَفَتْ على الهَوَى الذَّميم
وطالَ العتابُ
نفريت :
وطالَ السِّبابُ
تاسو :
بحقِّ الحبِّ نفريتُ
أقِلِّي الشُّغْلَ بالأُخرَى
ولا تُلقي لناتيتا
س لا بالًا ولا فكرَا
غدًا تخلُو لنا مِصرُ
غدًا يصفُو لنا القصرُ
غدً ترحلُ لا أرجَـ
ـعها البَرُّ ولا البحرُ
نفريت :
ما لَكَ تاسُو ولها
خَلِّ الفتاةَ خَلِّهَا
لله ما أعظَمها
عِندي وما أجَلَّها
قد أظهرَتْ أمْسِ أمـ
ـامي فضلَها ونُبْلَهَا
تاسو :
ما فعلَتْ؟
نفريت :
ما أنتَ مَنْ؟
يقدُرُ تاسُ فعلَها
ألم تصبِر عن الوطن المُفَدَّى
وتسمحْ بالدِّيار وبالشبابِ
وترضَ بأن تُزَفَّ غدًا مكانِي
إلى النمِرِ الأمير على الذئابِ
تاسو :
صهٍ نفريتُ صهْ لا يسمعونا
فتلقى مِصرُ أنوَاعَ العذابِ

(في ضجة الوليمة يقف صاحبان هما: منا، وأحامس ويتحادثان)

(صديقهما خوفو يقبل عليهما ثم القائد كالياس …)

منا :
أُنظر أحامسُ
أحامس :
ماذا؟
منا :
فرعونَ بينَ صِحابِهْ
أحامس :
وما تَرَى من عجيبٍ؟
ماذا بفرعونَ ما بِهْ
منا :
أُنظر تجده إلهًا
في عبقريِّ ثيابِهْ
أحامس :
لا تُلْقِ بالًا إليه
ولا إلى أذنابِهْ
غدًا يصُبُّ عليهم
قمبيزُ سَوْطَ عذابِه
منا :
أحامس، استغفر لما قلتَه
فالُ الشياطين ولا فالُكْ
أحامس :
قد كنتَ مثلي يا مِنا ساخطًا
تلعَنُ فرعون فما بالُكْ

(ثم مستمرًّا):

تأمَّلِ القصرَ مِنَا
وانظره أرضًا وَسَمَا
أُنظر ترى الإغريقَ فيـ
ـه هُمْ لفيفُ العُظَما
أُنظر تجدهم كلَّهم
يملِّقونَ العجما
منا :
ماذا على فرعونَ إنْ
رعاهمُ وقدَّما
أليس للضيفِ على
ضائفِه أن يُكرَمَا
أحامس :
وصاحبُ الدارِ إذنْ
يموتُ جوعًا وظَمَا
وصاحبُ الدارِ إذنْ
لا يتَعَدَّى السُّلَّمَا
خوفو :
ماذا أثار الصاحبيْـ
ـن لِمْ وفيمَ اختَصَمَا
أحامس :
كنْ مُنْصِفًا إن رُمْتَ يا
خوفو تكون الحَكَمَا
تأمَّلِ القصرَ خوفو
أفيهِ من مصرَ شيُّ
أليسَ فرعونُ فيهِ
كأنَّه أجنبيُّ
فأينَ حفارُ مصرٍ
وفنُّه العبقريُّ
والجيشُ خوفو
خوفو :
خذ الحِذْ
رَ يا مِنَا يا أحامِسْ
كالياسُ آتٍ إلينا
منا :
ومَنْ؟
خوفو :
خليفة فانِسْ
أحامس :
اليومَ كالياسُ وأمسِ فانِسُ
احتَكَرَ القيادةَ الأبالسُ

(ويقبل عليهم كالياس)

فرعون أمازيس (لتاسو) :
أينَ أقزامِيَ؟ إِمضِ
جِئْ بأقزَامِيَ تاسُ

(يدخل الأقزام في أزياء المهرجين، فيقولون):

تحيَّاتٌ لفرعونَ
سلامُ الشمسِ للمَلْكِ
سلامٌ قائِدَ الخيْلِ
سلامٌ حامِيَ الفُلْكِ
قهرمان القصر (للأقزام) :
هلُمُّوا رقصةَ الحورِ
إذا طُفْنَ بهاتُورِ
سماء العزِّ والنُّورِ
أحد الأقزام :
نحنُ القُزُم
أنصافُ ناسْ
ناسٌ وبالشِّبْرِ نُقَاسْ
ثان :
نحنُ الدمَى واللُّعَبْ
بنا يتمُّ الطَّرَبْ
ثالث :
هلُمُّوا رقصةَ الموتَى
من الكهفِ إلى الكهْفِ
ودُورُوا كالتماثيل
من الرَّفِّ إلى الرَّفِّ
آخر :
ثِبِي جُثث على الجَدث ثِبِي ثِبِي
حَبْوَ الصِّغارْ على اليدِ والرُّكبِ
هَيا قِفي هَيا ازحَفِي هَيا العبي
هنا الطعامْ هيَّا كُلِي
هنا الشَّرابْ هيَّا اشْرَبِي
آخر :
تعالَ يا دهقانْ
أُرقُصْ مَعي
وأنتَ يا «أسوار»
قُمِ اطْلعِ
واقْتَبسا الأنوار
من سارَع
الجميع :
عِشْ يا ملِك
مع الزَّمَنْ
مُطَوِّقًا مِصرَ المِنَنْ
وذائدًا عن الوَطَنْ

(ثم يكررون: عش يا ملك، وينصرفون)

فرعون أمازيس (إلى وجهاء الفرس) :
يا وُجهاءَ الفرس قالوا لكم
مصرُ بلادُ السِّحرِ والسَّاحرِ
فرُبَّما سرَّكُمُ أنَّنِي
أجيئكُم بالساحرِ القادرِ

وينادي:

حوتيب
حوتيب :
لبَّيْكَ سارعْ
فرعون :
تعالَ لَهِّ الضُّيُوفَا
حوتيب :
سادتي إنِّيَ في الكـ
ـفِّ وفي الجَبْهةِ أقرا
أنا أقرَا لكَ حَظًّا
أنا أقرَا لكَ عُمرَا
أنا الذي بسحريَ المبينِ
أستطلعُ المكتوبَ في الجبين
فرعون (إلى تاسو) :
تاسُو اقْترِبْ
تاسو :
لبَّيْكَ يا ساراعِ
فرعون :
لِمْ أجلبُوا ما خَطْبُهم ما الدَّاعِي

(ضجة وهمس)

فرعون (مستمرًّا):

وفيمَ هذا الهَمْسُ والتَّراعي
تاسو :
مولايَ إن الوفْدَ في ارتياعِ

تاسو (في أذن الملك):

انقلبتْ عصيُّهم أفاعِي
فرعون :
يا لحتيْبَ من فتَى صناعِ
رئيس الوفد :
لله دَرُّ السَّاحِر
هذا من العباقِرِ
حوتيب :
أناةً وفدَ فارسَ لا تُرَاعُوا
ولا تُحصُوا دُعاباتِي عليَّا
خُذُوا قضبانَكم وتأمَّلُوها
لقد عادَتْ كما كانتْ عِصيَّا
فرعون :
حوتيبُ قد سرَّ ضيو
في أن يروْا ويسمعوا
فزدهُمُ فعندك السـ
ـحرُ الغريبُ الممتعُ
حوتيب :
فرعون هذا شرفٌ
يطيرُ بي ويرفَعُ
أصنَعُ ما كان دَدَا السـ
ـاحِرُ قبلي يصنَعُ
فرعون :
وما الذي تصنَعُ؟
حوتيب :
جيئوني برأسٍ يقطعُ
فإنني أردُّه
لجسمِه وأُرجعُ
فمنْ من الوفد برأ
سه إليَّ يَدفعُ
رئيس الوفد (لرجاله) :
هل منكُم يا معشرَ الفرسِ بَطلْ
عن رأسِه لساحرِ النيل نَزَلْ
حوتيب :
هاتوا الرءوس لا يخافنَّ أحدْ
فكلُّ رأسٍ سيُرَدُّ للجسدْ
أحدهم :
رأسيَ غيرُ هيِّنِ
ثان :
رأسِي عمودُ بدني
ثالث :
رأسي لديَّ غالي
رأسيَ كلُّ مالي
فرعون :
حوتيبُ ما من أحدٍ
هان عليه رأسُهُ
أُنظر إليهم. كلهم
عزَّتْ عليهِ نفسُه
خلِّ حُتيْبُ الناسَ واخـ
ـتَرْ غيرَهم للتجربهْ
حوتيب :
مُرْهمْ إذن أن يُحضروا
إوَزَّةً أو أرنبهْ
فرعون (لتاسو) :
امضِ تاسو جئ حُتَيْـ
ـبًا بإِوَزٍّ وأرَانب

(يخرج تاسو ثم يعود ببضع من الأوز والأرانب، فيقطع حوتيب رأس إوزة ويقول: شال هبد شال هبد لا يعجز السحر أحد يا رأس عُد إلى الجسد)

الفرس :
تعالتْ قدرةُ النارِ
المصريون :
تعالَ الربُّ آمونُ
فرعون :
هيَّ حتيبُ إمْش ما بينَ الصُّفُوفْ
وطالِع الجَبْهَاتِ واقرأِ الكُفوفْ
حوتيب :
برأسِ مَنْ أَبْدَأْ
مُرْنِيَ يا سارَعْ
فرعون (مبتسمًا وملتفتًا إلى تاسو) :
برأسِ تاسُو اقرَأ في جبينِه
وبَيِّن المحجوبَ من شئُونِه
حوتيب (وهو يتأمل جبين تاسو) :
هذا فتًى باطنُه جمادُ
ليس وراءَ رأسِه فؤادُ
رأسٌ عليه وَقف الجلَّادُ
تاسو :
إخْسَأْ كذبـ
ـتَ وضلَّ سحْرُكْ
فرعون :
ورأسي يا حُتيب ألا تراهُ
حوتيب :
جَبينُكَ أعفني مولايَ منه
فرعون :
تعالَ حُتيب
حوتيب :
لا، هذا شديدٌ
جبينُ الشمس تنبو العينُ عنه
يا عجبًا ماذا أرى؟
فرعون :
ماذا ترَى
حوتيب :
دَمٌ جَرَى
فرعون :
دَمِي أنا؟
حوتيب :
لا سيدي
عُوفيتَ بل دَمُ الوَرى
تاسو :
إذن ليجرِ كالمطرْ
ما هَمَّنا دَمُ البَشَر
إذن سلِمْتَ يا ملِكْ
فليَهْلِكَنَّ مَنْ هَلَكْ
كاهن لآخر (بصوت منخفض) :
إنَّ هذا الغلامَ فيه قساوهْ
الآخر :
قلتَ حقًّا وفيه أيضًا غباوَهْ
فرعون :
وبعدُ ماذا؟
حوتيب :
حربٌ عوانُ
يَشيبُ من هَوْلِهَا الزمانُ
فرعون :
وهل أكونُ يا حُتيْبُ فيها
حوتيب :
سِواك يا مولاي يَصْطَلِيها
فرعون :
وابْنِي بسامَا يا حُتيْبُ ما تَرَى؟
هل يَشهَدُ الحربَ وهل يراها
حوتيب :
سيدي ليتَ الأميرَ حاضرٌ
أنا لا أقرَأُ إلا في الجبين

(قهرمانة القصر تطيف بالعازفات والحسان وتقول):

القهرمانة :
قُمنَ إلى اللهو يا عَذَارَى
وخُذْنَ صَنْجًا وخُذنَ دُفَّا
واهتِفْنَ بالشِّعرِ والأغانِي
واقطَعنَ ليلَ الشبابِ قصفَا

•••

وأنشدْنَ مع القومِ
نشيدَ الملِكِ العالي

(ينشد الجميع نشيد فرعون مع الرقص وآلات الطرب)

النشيد :
فرعونُ أنتَ الرفيعُ
أنتَ العظيمُ الشَّانِ
وأنتَ سدٌّ منيع
من جارِف الفيضانِ

•••

وأنتَ كالصَّخرِ تحمِي
من نكباتِ العواصفْ
مِن قاطع الطرق يأوِي
إلى حِماكَ الخائِفْ

•••

وأنتَ صخرِ طيبهْ
حِصنٌ مشيدُ الجدارِ
يُؤْوَى إليكَ ويُلْجَا
إلى طلوع النهارِ

•••

أنت اخضِرارُ الرِّيفِ
وأنتَ حُسنُ الرَّفيفِ
ترُدُّ بطشَ القويِّ
وفتْكَهُ بالضعيفِ

(فرعون يغادر مكان الوليمة فينطلق المدعوون على إثره ولا يبقى إلا نتيتاس)

نتيتاس (لنفسها) :
أفيقِي بنتَ فرعونٍ
فما يَزْكُو بكِ السُّكْرُ
غدًا تَذْرُو رياحُ الفر
سِ من موتاكِ ما تذرُو
غدًا يصبَغُ من شَطٍّ
لشطٍّ بالدِّم النَّهرُ
غدًا يُهْتَكُ عن أربا
بِكِ المحرابُ والستْرُ
فما تاسو وفتيانٌ
كتاسُو في الحِمى كثر
هم النَّحلُ وإن هابُوا
لقائي وأنا الزهرُ
يموجون بساحاتي
ويَزْهُو بهمُ القصرُ
ولكن بينَ جنبيَّ
هوًى أولَى به مِصرُ
١  قوس قزح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤