الفصل الثالث

(حديقة فندق، «فكري» غارق في مقعد كبير مريح إلى جوار مائدة منعزلة، يرشف كوبًا من عصير الليمون، وأمامه «المرأة» تتصفح بعض الجرائد والمجلات.)

فكري : نصيحتي لك من الآن لا تصدقي كل ما ينشر في الجرائد والمجلات!
المرأة : مؤكد، أقرأت ما هو منشور في هذه المجلة؟! (تشير إلى مجلة في يدها.)
فكري (بغير اهتمام) : لا.
المرأة : أقرأ لك؟
فكري : لخصي لي.
المرأة : تزعم المجلة أنك انتحرت من أجل ممثلة، تكتب لها دورًا في أحد الأفلام؛ لأن ممول الفيلم الثري ينافسك في حبها، واكتشف أخيرًا ما بينكما من علاقة فضرب الممثلة ضربًا خطيرًا، هو محل تحقيق النيابة!
فكري : لم يذكروا أسماء طبعًا؟!
المرأة : لا.
فكري : يشيرون إلى حادثة «ميمي كمال» و«أبو النجف»! وقد ربطوا بينها وبين حادث انتحاري المزعوم، أرأيت براعة الصحافة؟!
المرأة : ولكن الحادثتين لا توجد بينهما رابطة، وقد شاهدت الأشخاص بعيني في حجرتك بالمستشفى وسمعت حقيقة ما حدث منهم بأذني، هذه المجلة تكذب، هذه الصحف تختلق.
فكري : إنها تؤلف!
المرأة : مثلك!
فكري : نعم، مع هذا الفارق بيننا، وهي أنها تؤلف تخيلات يأخذها الناس دائمًا على أنها حقائق، وأنا أؤلف حقائق يأخذها الناس دائمًا على أنها تخيلات!
المرأة : ترى ماذا ستقول هذه الصحف عن زواجنا عندما يتم؟
فكري : ستقول إنه قصة خيالية لم تحدث وليس لها وجود!
المرأة : في هذا، الصحف معذورة، أنا نفسي لا أكاد أصدق.
فكري : لا تصدقين ماذا؟
المرأة : قرار كهذا في منتهى الخطورة، تقدم أنت عليه هكذا بكل بساطة وبكل سرعة.
فكري : طبعي، هكذا خُلقت.
المرأة : مستحيل، ألا تفكر قليلًا قبل أن تكتب أو تؤلف؟!
فكري : الكتابة والتأليف شيء آخر، إني فكرت مرة عشر سنوات قبل أن أؤلف قصة، وإني ربما أتردد يومًا كاملًا قبل أن أستعجل كلمةً أو حرفًا من حروف الجر.
المرأة : والكلمة التي قد تجر حياتك كلها إلى الجحيم، تلفظها بدون تردد.
فكري : ثقي بأني أكثر منك دهشةً من نفسي، لكن ماذا في استطاعتي أن أصنع؟ طبعي هكذا، هكذا خلقت!
المرأة : ألست نادمًا على نطقك بهذا اللفظ؟ إني على استعداد أن أحلك منه.
فكري : هذا شيء مفروغ منه، لا بد أن أتزوج، وسأتزوج.
المرأة : إنك حتى الآن لا تعرف عني شيئًا!
فكري : أعرف عنك كل شيء امرأة ككل النساء!
المرأة (ساخرة) : معلومات واسعة حقًّا!
فكري : تكفيني!
المرأة : واسمي؟! حتى اسمي لم تسأل عنه!
فكري : اسمٌ كمئات الأسماء!
المرأة : وأسرتي؟ لم تعرف أسرتي؟!
فكري : أب وأم من نسل آدم وحواء!
المرأة : ألا تلزمك بيانات عني أكثر من هذه؟!
فكري : لا أظن.
المرأة : إلى من ستخطبني إذن؟!
فكري : إلى والدك.
المرأة : أتعرف عنوانه؟
فكري : لا.
المرأة : أتعرف صناعته؟
فكري : لا.
المرأة : تحب أن أقول لك ما عمله؟
فكري : لا بأس!
المرأة : مهندس!
فكري : لا ضرر!
المرأة : هو الذي بنى «منارة الإسكندرية»!
فكري : ماذا؟ «منارة الإسكندرية»؟! ألم نقرأ في التاريخ أن الذي بناها هو «الإسكندر الأكبر»؟!
المرأة : هذا صحيح، في عهد «الإسكندر الأكبر»!
فكري (صائحًا) : في عهد «الإسكندر الأكبر»، وبناها أبوك؟!
المرأة : بالضبط، ورأيت أبي وهو يضع التصميم!
فكري (بدهشة) : على هذا الاعتبار عمرك كم سنة؟!
المرأة : خمس وعشرون!
فكري : قبل الميلاد؟!
المرأة (ضاحكةً) : قبل ميلادك أنت، على وجه التقريب، ربما أكون مغاليةً في سنتين أو ثلاث.
فكري : إني لم أولد في عهد «الإسكندر»!
المرأة : ولا أنا.
فكري : والمنارة؟! ألم تقولي إنك رأيت وضع تصميمها؟!
المرأة : رأيت ذلك بعيني وكنت طفلة، كان أبي يرسم على الورق الأزرق السميك خريطةً للبرج الجديد الذي يوضع فيه المصباح الكهربائي.
فكري : المصباح الكهربائي، أبوك إذن مهندس في مصلحة.
المرأة : المواني والمنائر.
فكري : قولي هذا من أول الأمر.
المرأة : وهل تركت لي وقتًا لأوضح قصدي، إنك لا تريد مني بيانات ولا إيضاحات، وتسمع بدون أي عناية أو اهتمام!
فكري : سأسمع، تفضلي!
المرأة : هذا فيما يختص بوالدي!
فكري : الكلام سيكون إذن مع حضرته؟
المرأة : إنه غير موجود!
فكري : مسافر؟
المرأة : متوفى!
فكري : ألف رحمة عليه، من غيره؟
المرأة : أخي!
فكري : ماذا يعمل أخوك؟
المرأة : صاحب أطيان، سبع عزب!
فكري : صاحب سبع عزب؟! ورثها أو اشتراها؟!
المرأة : لم يرثها ولم يشترها، وجدها!
فكري (بدهشة) : وجدها؟! وجد سبع عزب؟! وجدها أين؟!
المرأة : وجدها حيث هي موجودة، دائمًا، بمساحاتها الشاسعة!
فكري : مساحاتها الشاسعة؟! كم فدانًا؟ ألف؟!
المرأة : ألف فدان فقط؟!
فكري : ألفين؟ ثلاثة آلاف فدان؟
المرأة : فقط؟ قل ثلاث مائة ألف فدان، مليون فدان.
فكري : مليون فدان! في أي مديرية؟ هذه، هذه الأطيان؟
المرأة : ليست في مديرية، ليست على البر.
فكري : ليست على البر؟!
المرأة : في البحر، ألا تعرف أنه توجد سبعة بحار؟! هذه هي السبع عزب، التي يتنقل بينها أخي، كأنه يتنقل بين أطيان وغيطان خضراء هي الأخرى، ذلك الاخضرار الذي لا يقل جمالًا عن اخضرار الزرع، هكذا يقول لي أخي دائمًا كلما عاد إلينا بعد رحلة بحرية طويلة.
فكري : أهو ضابط بحري؟!
المرأة : نعم.
فكري : قولي هذا من أول الأمر.
المرأة : إني أضع لك المعلومات في القالب الخيالي الذي يروق لك!
فكري : وحضرة الأخ هو الذي سيكون معه الكلام؟!
المرأة : لا، إنه غير موجود.
فكري : متوفى؟!
المرأة : مسافر!
فكري : ومتى يعود؟
المرأة : هذا شيء لا يمكن معرفته، ولا التنبؤ به؛ لأنه يعمل على سفينة تجارية، تجوب كل البحار، وتقف على كل المواني، وقد يمضي العام دون أن نراه.
فكري : غيره؟
المرأة : عمي!
فكري : ماذا يعمل عمك؟
المرأة : تاجر.
فكري : كفى، عرفت.
المرأة : كيف يمكن أن تعرف قبل أن أقول لك؟!
فكري : ألم تقولي تاجر؟! طبعًا لا بد أن يكون تاجر رمال في الصحراء الغربية، أو تاجر سحاب في السماء الشتوية، أو تاجر هواء في البلاد القطبية.
المرأة : خيالك شطح أكثر من اللازم!
فكري : أنت التي فتحت الباب، ثقي بأني أقل الناس حبًّا للخيال، وأتمنى لو تسردين لي الحقائق عاريةً مجردة!
المرأة : عمي يا سيدي العزيز ليس تاجر رمال ولا سحاب ولا هواء.
فكري : تاجر حبوب؟ قطن؟ حرير؟
المرأة : ليس تاجر طعام ولا ثياب!
فكري : تاجر ماذا هو إذن؟
المرأة : ابحث في ذهنك قليلًا.
فكري : تاجر زهور؟
المرأة : لا.
فكري : تاجر عطور؟
المرأة : لا، تاجر عيون.
فكري : عيون؟! أعترف أن هذا لا يمكن أن يخطر لي على بال، تاجر عيون؟ عيون بشرية؟!
المرأة : طبعًا، عيون بشرية.
فكري : وأين يجد هذه العيون البشرية؟
المرأة : إنه لا يصنعها، بل يحصل عليها «جاهزة»!
فكري : «جاهزة»؟! يا لطيف!
المرأة : ترد إليه من الخارج، إنه الوكيل العام لشركة سويسرية كبرى.
فكري : آه، عيون صناعية!
المرأة : طبعًا، أوكنت تظنها حقيقية؟!
فكري : ماذا أصنع لك؟ «لخبطت» دماغي!
المرأة : أنت الذي ترى بدهشةٍ الأشياء البسيطة، وترى ببساطة الأمور الخطيرة!
فكري : وعمك هذا، موجود؟
المرأة : ومحله خلف البورصة.
فكري : الكلام إذن مع عمك؟
فكري : نعم، وقد مهدت للأمر، وذهبت إليه أمس، وأخبرته أنك ستخرج من المستشفى إلى هذا الفندق، وأقنعته بأن يأتي لزيارتك والتعرف بك، زيارتي هنا؟ متى؟
المرأة : كم الساعة عندك بالضبط؟
فكري (ينظر إلى ساعته) : الساعة الآن الخامسة والنصف.
المرأة : لن يلبث أن يأتي، سيحضر على كل حال قبل المغرب.
فكري : ولماذا لم تخبريني بذلك ساعة مجيئك؟
المرأة : أخبرك بحضوره قبل أن أحدثك عنه!
فكري : ألم يكن من الواجب أن أذهب أنا إليه؟
المرأة : أنت خارج من المستشفى، والواجب على الناس أن تزورك.
فكري : معقول!
المرأة : كل ما أخشاه هو أن تستثقل عمي، فهو رجل عمل، لا يجيد الكلام في أي موضوع خلاف الموضوع المتعلق بعمله!
فكري : لن أكلمه طبعًا في الأدب ولا في الفن!
المرأة : ستفاتحه في هذه الجلسة؟
فكري : في مسألة الزواج، ولم لا؟
المرأة : ماذا ستقول له؟
فكري : سأقول له بكل بساطة أطلب إليك يد … يد … ما هو اسمك؟
المرأة : عرفت الآن أن اسمي له بعض اللزوم؟!
فكري : حقًّا، أخبريني باسمك!
المرأة : اسمي «جنبرية».
فكري (بدهشة) : «جنبرية»؟!
المرأة : نعم «جنبرية»، ألا تعرف الجنبري؟
فكري : الجنبري الأحمر الذي يؤكل مع الأرز؟!
المرأة : نعم، ويسلق ويوضع في الزيت والليمون.
فكري : ويؤكل بصفة «مزة».
المرأة : ويطبخ بالبصل والطماطم!
فكري : أنت هذا؟!
المرأة : نعم!
فكري : «جنبرية»! أتزوج «جنبرية»؟!
المرأة : «جنبرية مسلوقة»، بدون أرز ولا زيت ولا ليمون ولا بصل ولا طماطم.
فكري : مسلوقة؟!
المرأة : بالشمس وماء البحر، منذ صغري، أحيا هكذا بين الموج والرمل والصخر، لهذا أطلق عليَّ أهلي اسم «جنبرية»!
فكري : عاشت «الأسامي»!
المرأة : ألا يعجبك؟
فكري : وفي شهادة ميلادك كتبوا جنبرية؟!
المرأة : طبعًا لا، اسمي الأصلي في شهادة الميلاد «درية».
فكري : «درية»!
المرأة : لك أن تختار ما يحلو لك.
فكري : أختار … أختار … أختار «جنبرية».
المرأة : أرأيت؟! هذا الاسم لا يريد أن يتركني.
فكري : سيتركك يوم تتركين البحر.
المرأة : متى ذلك؟
فكري : عندما نذهب إلى «القاهرة»، سنقيم بالضرورة في «القاهرة» أغلب العام، أيضايقك هذا؟
المرأة : لماذا؟
فكري : فراق أهلك؟ والدتك؟
المرأة : والدتي توفيت بعد وفاة والدي بعامين، وليس لي هنا غير عمي وزوجته، وهي في نفس الوقت خالتي، وفي منزلها أقيم، هنا قرب بلاج «جليم».

(يظهر «جلال» وهو يمسح عرقه بمنديله، ويروِّح به على وجهه من الحر والتعب.)

جلال (وهو يحني رأسه للمرأة) : مساء الخير!
فكري : أنت قادم الساعة من الخارج؟
جلال : لأصعد توًّا إلى حجرتي، وأعد حقائبي وأعود إلى القاهرة الليلة.
فكري : تعود نهائيًّا؟
جلال : نهائيًّا.
فكري : وما الداعي إلى عودتك الفجائية؟
جلال : وما الداعي إلى إقامتي هنا؟! كل شيء انتهى.
فكري : ما هو الذي انتهى؟
جلال : الفيلم، لن يعمل الفيلم.
فكري : ومساعيك؟
جلال : فشلت!
فكري : و«ميمي كمال»؟
جلال : رأسها والخشب!
فكري : و«أبو النجف»؟
جلال : طردته «ميمي» شر طرد، وهددت باستدعاء «البوليس» إذا حاول الاقتراب من بابها.
فكري : وأخيرًا؟
جلال : أخيرًا، خاف أبو النجف من كلمة البوليس، وقرر إقفال باب الموضوع بأكمله، وقال لي «على الله العوض فيما صرفته على الفيلم حتى الآن»، وودعني وكلفني أن أودعك، وذهب إلى حال سبيله، والآن، ما مشروعاتك؟
فكري : زواجي.
جلال (فاغرًا فاه) : زوا… زوا… زواجك؟!
فكري : ما لك ارتعت هكذا؟!
جلال : المفاجأة.
فكري : شديدة؟!
جلال : أخذت على غرة.
فكري : أنت أو أنا؟
جلال : بدون مقدمات؟!
فكري : كم من الزمن يلزم أن أنتظر ليزول عنك أثر المفاجأة، وتصغي بهدوء؟!
جلال : هدأت، تكلم!
فكري : سأتزوج.
جلال : من؟ ستتزوج من؟
فكري : تلك المرأة التي كانت ها هنا منذ لحظة.
جلال : «إستر وليامز»؟!
فكري : ما رأيك؟
جلال : الآن زالت دهشتي، ولم يعد في الأمر مفاجأة لي، إني منذ رأيتها عندك في المستشفى حدثتني نفسي أنكما لا بد سائران معًا في طريق طويل، لقد سخرت أنت مني، عندما سرت خلفها من «بولكلي» إلى ميدان «محمد علي»! وها أنت ذا ستسير خلفها من هنا إلى آخر محطة في العمر!
فكري : اللهم لا اعتراض!
جلال : هذا أسلم عاقبة، على أي حال، من سيرك خلفها إلى قاع البحر!
فكري : اللهم لا اعتراض!
جلال : تشجع، وسر في طريقك بصبر وجلد!
فكري : لا تشمت!
جلال : بالعكس، إني أهنئك، وطالما تمنيت لك …
فكري : هذه المصيبة!
جلال : هذه المرأة التي تشاركك الحياة، وتسير معك.
فكري : على «كورنيش» العمر، إلى أن تقع مفاصلي، وتنخلع ركبي!
جلال : عجبًا، إذا كان هذا رأيك، فكيف تقدم على هذه الخطوة؟!
فكري : لأنه يجب أن أخطوها، لا أستطيع أن أقف.
جلال : ما الذي يرغمك؟!
فكري : وأنت ما الذي أرغمك أن تسير يومها من محطة إلى محطة، دون أن تقف؟!
جلال : أردت أن أمضي إلى نهاية المطاف، إصرار وعناد!
فكري : أنا أيضًا أريد أن أذهب إلى النهاية! قرار عناد وإصرار!
جلال : فليكن، من يدري؟ ربما كانت نهايتك سعيدة!
فكري : إنها نهاية، على كل حال.
جلال : وبداية أيضًا.
فكري : بداية ماذا؟
جلال : بداية حياة جديدة، لا تعلم عنها شيئًا، وربما كانت أجمل من حياتك هذه الأولى؟!
فكري : هكذا نقول دائمًا عندما تشرف على الموت! نعلل النفس بحياة أخرى في العالم الآخر، أجمل من حياتنا الأولى!
جلال : ولماذا لا يكون هذا صحيحًا؟! هل يعلم أحد ما يخبئه لنا الغد؟!
فكري : حقًّا، من ذا الذي كان يستطيع منذ يومين أن يتنبأ بما وقع اليوم؟!
جلال : وقعة سليمة إن شاء الله!
فكري : أنت موافق إذن؟!
جلال : بلا تحفظ.
فكري : على موتي؟!
جلال : على زواجك.
فكري : الاثنان واحد! وكان يجب أن ألقي بنفسي في أحدهما لأصل إلى الآخر.
جلال : على خيرة الله!
فكري (فجأةً) : أتحب الجنبري؟
جلال (بدهشة) : الجنبري؟! ما هي المناسبة؟!
فكري : حقًّا لا توجد مناسبة!
جلال (ناظرًا إليه بقلق) : ماذا بك؟
فكري : علامات الساعة!
جلال : لا تتشاءم! فكر في عش الزوجية الجميل!
فكري : على ذكر العش، هل تعتقد أن الوحي يستطيع أن يبيض ويفقس ويفرِّخ في عش الزوجية؟!
جلال : جدًّا، جدًّا، ومن غير الزوجة يحسن هذا العمل؟! أليست هي التي تعنى بتربية الحمام والدجاج؟! وإذا كانت هي التي تعرف كيف ترعى أعشاش الدواجن، ألا تعرف كيف ترعى عش «الوحي» وتعنى بفراخه وكتاكيته؟!
فكري : معقول!
جلال : من هذه الناحية اطمئن كل الاطمئنان، سوف تجد حياتك قد انتظمت، وبيتك قد خيم عليه الهدوء. تجلس إلى مكتبك تكتب الساعات كما تشاء، دون أن يعكر عليك أحد صفاءك، لأن زوجتك وحارسة معبد فكرك واقفة على الباب بالمرصاد، إذا حدثت ضجة منعتها من الوصول إليك، وإذا سمعت همسة خافت أن تبلغ أذنيك، إنها هي التي ستحيط وحيك بذراعيها لتحميه من الهرب أو الشرود، وتمسح على ريشه بيدها الحريصة، وتجعله يألف عش الزوجية ويجعل منه عشه الدائم.
فكري : هذا حلم!
جلال : ثق بأنه سيتحقق.
فكري : هذا حقًّا ما يلزمني!
جلال : ثق بأنك ستناله.
فكري : عش الزوجية هو عش الوحي الدائم!
جلال : ثق بأن هذا هو الذي سيحصل.
فكري : إنك تجعل لي البحر طحينة!
جلال : ثق بأن هذه جنتك وجنة فنك الموعودة.
فكري : إنك تملأ نفسي بالأمل في المستقبل!
جلال : إياك أن تفقد هذا الأمل لحظة، ومثل «إستر وليامز» قديرة على أن تحقق لك كل هذا الحلم، إن التي لها الجلد على السير هكذا إلى آخر محطة، ولها البراعة أن تسبح هكذا إلى الأعماق، لن تعجز عن اقتناص وحيك ولو هرب إلى «واق الواق»!
فكري : معقول!
جلال : ثق بأني لو كنت وجدت مثلها لتزوجت منذ زمن طويل!

(يظهر خادم الفندق، ويقدم بطاقة زيارة إلى «فكري»، فينظر فيها ويلتفت إلى الخادم في الحال.)

فكري (للخادم) : فليتفضل! (للمخرج) عمها!
جلال (يمد يده لفكري) : مبروك، بالرفاء والبنين إن شاء الله، اسمح لي الآن أعد حقائبي.
فكري : أشكرك جدًّا يا «جلال»، مع السلامة! (يخرج «جلال»، ويبقى «فكري» وحده ثم لا يلبث أن يظهر خادم الفندق يقود الزائر وهو العم.)
العم : الأستاذ «فكري»؟
فكري : أنا، تفضل، أهلًا وسهلًا.
العم : أزعجتك؟
فكري : بالعكس، حصل لنا الشرف، ماذا أطلب لك؟
العم : لا شيء، متشكر.
فكري : لا بد!
العم : قهوة مضبوطة، إذا سمحت.
فكري (للخادم) : قهوة مضبوطة.

(الخادم يخرج.)

العم : بنت أخي أخبرتني أن حضرتك خرجت من المستشفى، لا بأس عليك ماذا كان عندك؟
فكري : ألم تخبرك هي بما أصابني؟
العم : لا، أخبرتني فقط أنه كان عندك تعب، استوجب الراحة، ماذا؟ أعصابك؟
فكري : أعصابي؟! نعم، حقًّا كانت أعصابي محطمةً ولا تزال.
العم : آه، هذا فعلًا يؤثر في العيون!
فكري : العيون؟! وغير العيون!
العم (يخرج نظارته ويضعها على أنفه ويحدق في عيني فكري) : بديع، بديع، عمل متقن؟
فكري (غير فاهم) : بديع؟ متقن؟
العم : بدون شك، عمل متقن، تسمح حضرتك.
فكري : ماذا؟
العم : تخلعها لحظة!
فكري : ما هي التي أخلعها؟
العم : العين!
فكري : عين من؟
العم : عين حضرتك طبعًا، اخلعها لحظة واحدة، نفحصها ونردها في مكانها!
فكري (في ذهول) : تخلعها وتردها؟ عيني؟ ما هذا الكلام؟ حضرتك تتكلم بجد؟!
العم (ينهض) : المسألة بسيطة جدًّا ولن تستغرق ربع دقيقة، تسمح لي أنا، يدي متمرنة، تلقطها في ثانية!
فكري (صائحًا) : تلتقط عيني؟ انتظر يا حضرة الفاضل، انتظر!
العم : لا تخف، افحصها أنت بيدك إذا شئت، المهم هو أن أفحصها، وأرى اللون جيدًا، وآخذ المقاس، وأعرف الماركة.
فكري : المقاس والماركة، وبعدها مع حضرتك؟!
العم : فقط لا غير، والباقي عليَّ أنا.
فكري : اجلس من فضلك، أرجوك، يظهر أن بنت أخيك لم توضح لك الموضوع، اسمح لي أدخل مباشرةً في الموضوع!
العم : الموضوع معروف، هذا شغلي الذي أفهم فيه، وأمارسه منذ ثلاثين سنة، سترتاح من عملنا جدًّا، وستكون مسرورًا من شغلنا للغاية!
فكري : الموضوع يتعلق ببنت أخيك.
العم : أخبرتني، أخبرتني، وقد أحضرت معي «العينات».
فكري (مدهوشًا) : العينات؟!
العم (يخرج من جيبه صندوقًا صغيرًا) : انظر حضرتك، انظر البضاعة، هذا شغل سويسرا، لم أحضر معي غير اللون العسلي، لأن بنت أخي أخبرتني أن عينك عسلية.
فكري : أهذا هو كل ما أخبرتك به بنت أخيك؟!
العم : قالت لي عين حضرتك لا هي بالمتسعة جدًّا ولا بالضيقة جدًّا، متوسطة الفتحة، أي مقاس متوسط.
فكري : خلاف فتحة العين ومقاسها، ألم تقل لك شيئًا آخر؟!
العم : قالت لي.
فكري (بأمل) : ماذا قالت لك؟
العم : أن أتساهل معك في الناحية المادية.
فكري : هل تعرف ما هو قصدها بهذه العبارة؟
العم : قصدها طبعًا أن أكارمك في الأسعار، وهذا ما ستلمسه حضرتك بنفسك.
فكري (كالمخاطب نفسه) : شيء عجيب!
العم (مستمرًّا) : لأن أسعارنا لا تقبل المزاحمة، حقيقة أشهد، والشهادة لله، أن الشغل الذي عندك (يشير إلى عيني «فكري») متقن جدًّا، لأني أجد صعوبةً في التمييز بين عين وعين، ولكن الثمن أيضًا لا بد أن يكون باهظًا، بالصراحة كم دفعت في عينك؟!
فكري (يائسًا مخاطبًا نفسه) : آخرتها يا ربي! الموضوع …
العم (مستمرًّا) : أنا أعرف، لا داعي أن تقول، لن آخذ منك أنت مثل هذا السعر، أنا يهمني «الركلام»، وسأعطيك بضاعةً لمجرد الإعلان، تسمح نجرب «العينة».

(ينهض بالصندوق ويقترب من وجه «فكري».)

فكري (متراجعًا) : ارحمني يا حضرة، أرجوك، دعني أفهمك الموضوع، بنت أخيك لم تقل لك شيئًا، أنا أقول لك، اجلس.
العم (يجلس) : أمرك.
فكري : إني لست زبون عيون، عيناي طبيعيتان، سليمتان، انظر …
العم (ينهض مادًّا أصابعه) : أرني …
فكري (بخوف) : أبعد أصابعك من فضلك، الموضوع لا يمس عيني بالكلية، إنه خاص بزواج بنت أخيك!
العم (مفاجأة) : زواج بنت أخي، «درية»!

(الخادم يحضر القهوة.)

فكري : تفضل القهوة أولًا.
العم (يتناول القهوة من الخادم الذي ينصرف) : درية ستتزوج؟!
فكري : إذا سمحت لها.
العم : إني دائمًا أسمح، ولكنها هي التي دائمًا ترفض.
فكري : أسبق أن رفضت؟
العم : كثيرون تقدموا لطلبها، شبان من متخرجي الجامعة، ومن مهندسين وضباط وموظفين وتجار، إن بنت أخي لها عقلية خاصة وطراز خاص، إنها من صغرها تميل إلى الأشياء الغريبة.
فكري : وهل أُعتبر أنا من الأشياء الغريبة؟!
العم : حضرتك؟!
فكري : أريد التقدم لطلبها، هل عندك مانع؟
العم : إذا قبلت هي فإني أرحب.
فكري : هل أستطيع أن أزورك عصر الغد؟
العم : يحصل لنا الشرف، هل تعرف المنزل؟ «فيلا» صغيرة زرقاء اللون، بالقرب من «بلاج»، انتظر أكتب لك العنوان بالضبط.

(يضع فنجان القهوة ويخرج بطاقةً من جيبه ويكتب العنوان ويسلمه «لفكري».)

فكري : شكرًا!
العم : إني آسف، أزعجتك بالعيون و«العينات» بدون مبرر، لقد فهمت خطأً من «درية» أنك خارج من المستشفى متعب الأعصاب والعين، فاتجه ذهني إلى ما يتصل بعملي بالطبع.
فكري : بالطبع!
العم : أكرر أسفي وخجلي، لست أدري لماذا فهمت أن الموضوع يتعلق بعين صناعية بالذات لا «بنظارة» مثلًا، مع أن تجارتي الأصلية هي في كل أصناف «النظارات» والعدسات، قد تكون العفريتة «درية» هي التي تركتني أفهم ذلك، إني أزعجتك (ينهض ويسلم) أدعك الآن تستريح، أنا سعيد بالمعرفة، إلى الغد!
فكري (ناهضًا مسلمًا) : إلى الغد!

(يخرج العم، ويبقى «فكري» وحده، وما يكاد يجلس في مكانه، حتى تظهر «درية» باسمة.)

فكري (في حدة) : أين كنت حضرتك؟
درية : هنا مختفية على مقربة منكما، أشاهد ما يجري ولا أحد يراني.
فكري : تشاهدين ما يجري؟! وتتركينه هكذا يريد يخلع عيني، ويركب بدلًا منها «ماركة» جديدة؟!
درية (تضحك) : ثق بأني ساعة الخطر كنت تقدمت لنجدتك! كالعادة!
فكري : نعم كالعادة! إني منذ رأيتك والخطر يحوم حولي في كل لحظة.
درية : وماذا يهم الخطر، ما دام هناك من ينقذك منه دائمًا؟!
فكري : وهل يوقعني في الخطر غير حضرتك؟! أنت التي توقعينني فيه دائمًا! أخبريني! لماذا تركت عمك يفهم أني زبون؟!
درية : لأنه لو لم يفهم أنك زبون، لما حضر بهذه السرعة!
فكري : كان يجب أن تفهميه أني زبون … يريد عينيك أنت، بنظراتها الحقيقية، لا عيونه هو الزجاجية!
درية : لن يهتم.
فكري : لن يهتم بخاطب يطلب يدك؟!
درية : لن يأخذ الأمر على سبيل الجد، سيظن الحكاية كغيرها لن تؤدي إلى نتيجة!
فكري : ولماذا لا تؤدي إلى نتيجة؟!
درية : هذه فكرته عني الآن.
فكري : معذور، لأنك سبق أن رفضت طلابًا من خيرة «العرسان»!
درية : ربما، ولكنهم لا يصلحون لي، ولا أصلح أنا لهم، إني لا أريد زوجًا عاديًّا، لا أريد رجلًا مثل كل الناس.
فكري : تريدين شيئًا غريبًا؟
درية : نعم، أريد رجلًا يسبح فيه خيالي، كما يسبح في هذا البحر الغامض العجيب، الذي نشأت في أحضانه، رجلًا يريني ألوانًا من تلك المشاعر، التي غصت عليها بين سطور صفحاته، كما أغوص على الأصداف تحت صفحات الماء، رجلًا يجعلني أعيش في كنفه حياة بطلات القصص التي يبدعها، تلك الحياة التي تهمس في أرجائها موسيقى الكلمات الشعرية، وترفرف على عشها أجنحة الأحلام الذهبية!
فكري : اسمعي! ما دمنا قد دخلنا في الأعشاش والأجنحة، أنا أيضًا لي حلمي، الذي أريد أن يتحقق على يديك!
درية : حلمك؟! ما هو حلمك؟
فكري : هل تفهمين في تربية الكتاكيت؟!
درية (بدهشة) : الكتاكيت؟!
فكري : كتاكيت، حمام، دجاج، أي طير يبيض ويفقس ويفرخ، ويريش، ويعشش.
درية : لم أكن أعلم أن لك هذه الهواية!
فكري : هواية؟ هذا عملي، هذا صميم عملي.
درية : عملك؟ «فرارجي»؟ إني أعلم أنك مؤلف؟!
فكري : طبعًا، مؤلف.
درية : وما علاقة المؤلف بالطير؟
فكري : الوحي!
درية : آه، فهمت!
فكري : أليس الوحي من لوازم عملي؟!
درية : بالتأكيد!
فكري : هذا الوحي بأجنحته الرقيقة أين يهبط؟
درية : أين؟
فكري : في عش، لا بد له من عش.
درية : طبيعي.
فكري : عش الوحي يجب أن يكون عندي هو عش الزوجية، وعش الزوجية هو عش الوحي!
درية : اطمئن، سأجعل الوحي لا يفارق العش!
فكري : بماذا؟
درية : ما الذي يحبه الوحي؟
فكري : الهدوء!
درية : سأفرش له البيت بالهدوء!
فكري : أوتعرفين متى يهرب الوحي؟
درية : متى؟
فكري : إذا سمع صوت مناقشات ومشاجرات.
درية : لن يسمع، ستكون أعصابي في ثلاجة صيفًا وشتاءً، وستكون على فمي الابتسامة صباحًا ومساءً، لن يعرف وجهي العبوس، ولا جبيني التقطيب، ولا ملامحي التجهم، ولا شفتاي التبرم ولا ضميري القلق، ولا روحي الحيرة!
فكري : ولا قلبك الغيرة؟
درية : الغيرة؟ ممن؟ من ماذا؟
درية : من كلام مع ممثلة، من خطاب معجبة، هذه الأشياء الداخلة في أعمال المهنة، ولا يمكن تفاديها ولا تحاشيها ولا الخلاص منها.
درية : أأنت إلى هذا الحد ضعيف الثقة بعقلي؟!
فكري : عقلك مهما يكن هو عقل امرأة!
درية : إني حقًّا امرأة، ولكني لست كالأخريات!
فكري : كل امرأة تقول عن نفسها ذلك!
درية : سترى، وستعرف، وستتأكد!
فكري : واثقة؟
درية : كل الثقة.
فكري : ضمنَّاك، من يضمن الأولاد؟
درية : أي أولاد؟
فكري : ألن يولد لنا طفل؟!
درية (كالحالمة) : حقًّا، ما أجمل ذلك!
فكري : لا أتكلم عن جماله، بل عن صراخه!
درية : لن يصرخ!
فكري : كيف تتنبئين بذلك؟
درية : سأجعل حجرته بعيدة عنك.
فكري : وإذا مرض؟
درية : سأتولى أنا ملاحظته، ولا أشغلك بشيء، ولن يبلغك من أمره ما يزعجك، يصحو وينام، ويبكي ويضحك، ويصيح ويتوعك، دون أن تعلم أنت عن ذلك شيئًا.
فكري : هذا هو الحلم، هذا حقًّا هو عش الوحي!
درية : ثق بأن الوحي سيشعر أن البيت بيته، ولن يسمع فيه صوتًا غير صوته.
فكري : على رأي المثل «دبورين ما يزنوش في عش واحد»! إما طنين المرأة، وإما طنين الوحي!
درية : لن يسمع في العش غير طنين الوحي وحده!
فكري : أبشري إذن ببقائه الدائم!
درية : لن يهرب ما دمت أنا في البيت، سيجد من حناني وشفقتي!
فكري : انتظري من فضلك، على ذكر الشفقة والحنان، إذا أطلت الجلوس إلى مكتبي والوحي مرفرف بجناحيه على ورقي، فإياك أن تقطعي عملي بحجة الشفقة والحنان، ولو مكثت الساعات، تلو الساعات!
درية : وإذا جاء وقت الطعام؟
فكري : لا تنبهيني.
درية : وكيف تعمل ومعدتك خاوية؟
فكري : لا بأس بقطعة «ساندوتش» تضعينها برفق وهدوء وحذر تحت يدي، دون أن تشغليني عن مواصلة العمل!
درية : وإذا أذن عليك الفجر، وأنت لم تزل تكتب؟
فكري : ماذا تفعلين؟
درية : أقول لك هذا أذان العصر.
فكري : أي عصر؟
درية : عصر اليوم السابق طبعًا.
فكري : أحسنت، «برافو»!
درية : وإذا جاءنا زائر في البيت وأنت تكتب؟
فكري : ماذا تصنعين؟
درية : أغلق بابك عليك بالمفتاح، أضع خلفه المتاريس من الموائد والكراسي والأثاث.
فكري : أحسنت، «برافو»، «برافو»!
درية : وإذا لا سمح الله حدث في المنزل حريق وأنت تؤلف؟
فكري : ماذا تفعلين؟
درية : لا أقاطعك، وأتركك في عملك لا تشعر بشيء.
فكري (صائحًا) : يا للمصيبة النازلة! تتركيني لا أشعر بشيء حتى تلتهمني النار؟!
درية : لا أقصد ذلك، لا أقصد ذلك!
فكري : ماذا تقصدين إذن؟
درية : أقصد أني لن أدعك ترتاع وتنزعج وتضطرب ويهرب منك الوحي!
فكري : في هذه الحالة كيف ستتصرفين؟
درية : سأعرف كيف أتصرف في الوقت المناسب!
فكري : قولي لي من الآن، أتوسل إليك!
درية : لا تخف، إنك تخشى أن أزعجك، اطمئن، لن أزعجك أبدًا.
فكري : والنيران؟
درية : ما لك أنت والنيران، لا شأن لك أنت ولا وحيك بنار ولا دخان، سأطفئ أنا الحريق من حولكما، دون أن تفطنا إلى ما حدث.
فكري : كيف ستطفئين أنت النار؟!
درية : سأنزل إلى الطريق وأصيح.
فكري : أنت تنزلين في الطريق وأنا أبقى في البيت الذي يحترق؟!
درية : نعم، حتى أصيح في طلب النجدة بملء فمي دون أن يزعجك الصوت؟!
فكري : حتى لا يزعجني الصوت؟!
درية : نعم، لأني سأصيح بأعلى صوتي حريق، حريق، حريق.

(خدم الفندق يسمعون صوتها وهي تصيح، فيهرعون مرتاعين.)

خدم (صائحين) : الحريق! الحريق!
فكري (ينهض مرتاعًا يتلفت حوله) : الحريق؟ أين هو؟ أين؟ أين؟
الخدم (مشيرين إلى درية) : الست صرخت، الست صاحت الآن!
فكري (متنفسًا) : آه، الست! أف، دمي هرب!
درية (للخدم) : هذا خيال، (لفكري) وأنت أيضًا صدقت الخيال؟
الخدم (بدون فهم) : خيال؟!
فكري (يشير إلى رأسه ويفهم الخدم) : نعم، الحريق هنا، في الخيال، في الخيال، الخيال!
(ستار)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥