تمهيد

قدَّمَ ألبرت أينشتاين كتابه التوضيحي الرائع «النسبية»، بالكلمات التالية:

إن الهدف من هذا الكتاب هو تقديم رؤية دقيقة متعمقة لنظرية النسبية، بقدر المستطاع، للقراء المهتمين بالنظرية من منظور علمي وفلسفي عام، لكنهم غير مُلمِّين بالنظام الرياضي للفيزياء النظرية. يَفترض هذا العملُ مسبقًا وجودَ مستوًى تعليميٍّ مطابقٍ لمستوى اختبار القبول بالجامعات، وقدْرٍ معقولٍ من الصبر وقوة الإرادة من جانب القارئ، على الرغم من قِصَر الكتاب. إن الكاتب لم يألُ جهدًا في محاولته عرْضَ الأفكار الأساسية بأبسط وأوضح شكل … أتمنى أن يجلب الكتاب لأحدكم بضع ساعات من التفكير المثير!

بعيدًا عن استبدال «الاختيار» ﺑ «النسبية» و«المنطق» ﺑ «الفيزياء»، لا يمكنني أن أجد أسلوبًا أفضل للتعبير عن هدف هذا الكتاب.

تَستكشف نظريةُ الاختيار المنطقَ الكامن وراء الأنماط المترابطة للاختيار؛ فهي تستكشف معنى التصرُّف بعقلانية. لماذا يعدُّ ذلك مهمًّا؟ كما يذكِّرنا أرسطو «أن الأصل في الفعل هو الاختيار، والأصل في الاختيار هو الرغبة والمنطق … والفعل الجيد ومضاده لا يمكن أن يتواجدا من دون وجود مزيج من التفكير والشخصية.» إن نظرية الاختيار تُرسي المنطق العقلاني اللازم للفعل الجيد. أما الشخصية اللازمة أيضًا لهذا، فمرجعها إليك.

إن قِصَر الكتاب لا يُعزى إلى كونه يغطي مجالًا صغيرًا؛ بل لأنه لا يخوض في تفاصيل مرهقة للمجال الذي يغطيه. هناك رؤًى مثيرة كثيرة مذكورة، ولكن في كثير من الحالات لا يقدم الكتاب سوى توجيهات غير مكتملة، الغرض منها إعانة القارئ على العثور على هذه الرؤى؛ فالكتاب أقرب إلى دليل منه إلى معجم جغرافي. كثير من الحجج غائبة، أو مذكورة بشكل سريع بلا تفاصيل. وقد يرغب القارئ في استكمال هذه الحجج، وخيرًا سيفعل إن قام بهذا في المواضع التي يُقترح فيها هذا من خلال عبارة «من السهل رؤية ذلك». تشير الملاحظات الواردة في نهاية الكتاب إلى المواضع المحتمل إيجاد المساعدة فيها، وتحذِّر أيضًا من الارتقاء إلى المناطق التي ليس من الحكمة — حتى لِأَشْجع المستكشفين — محاولةُ الصعود إليها. هناك العديد من التساؤلات والتناقضات مثارة، ولكن دون حل لها، على الرغم من وجود إشارة إلى الإرشادات التي قد تُعين القارئ على إيجاد حلها؛ فلا بد للقارئ أن يعتمد على آرائه في مثل هذه الأمور.

أَدين بالشكر لشيلي كوكس بمطبعة جامعة أكسفورد؛ لاقتراحها تأليف هذا الكتاب وما أبْدَته من تعليقات على مخطوطة الكتاب الأوَّليَّة، ولأفراد عائلتي وأصدقائي الذين أدلَوا بتعليقاتهم أيضًا. كما أَدين بالامتنان لجامعة سيينا؛ للأجواء المثالية التي وفَّرتها لتدبُّر الأفكار الأساسية للكتاب، ولكلية مودلين؛ لِمَنْحِي الإجازةَ التي مكنتني من تحويل تلك الأفكار إلى كلمات.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤