الفصل الثالث

الآراميون والخلفية التاريخية العامة لصعود دمشق

(١) الآراميون

لا يوجد مكان تعايشت فيه الثقافة البدوية مع الثقافة الحضرية، وتبادلتا الاعتماد على بعضهما البعض مثل منطقة الهلال الخصيب. فمنذ العصر النيوليتي كان سكان المنطقة يتبادلون الأدوار، حيث يتحول الرعاة إلى مزارعين مستقرين كلما مال المناخ نحو الرطوبة والبرودة، ويتحول المزارعون المستقرون إلى رعاةٍ كلما جفَّ المناخ وعزَّ المطر. ولعل التفسير الأقرب إلى الصواب لظاهرة الهِجران المفاجئ للقرى الزراعية النيوليتية في بعض أحقابها، وخلوِّها من السكان دون شواهد على حدوث تدميرٍ مُتعمَّد أو زلازل وحرائق في مواقعها، هو ذلك التفسير الذي يرى في تلك الظاهرة نتاجًا لتحولٍ مناخي دفع السكان إلى ترك الزراعة والتجول مع قطعانهم بحثًا عن المرعى، ثم العودة إلى مواقعهم السابقة أو الاستقرار في غيرها مع عودة الشروط الملائمة للزراعة مجددًا.

وقد بقي القوم على هذا الحال، حتى بعد ظهور المدن وارتقاء الحضارات الكبرى في المنطقة. ولعل أكبر مثالٍ على التحول الجمعي لثقافةٍ بأكملها، تقريبًا، من حياة القرية الزراعية وحياة المدن الكبرى إلى حياة الرعي المتنقل أو البداوة؛ هو ما حدث في مناطق بلاد الشام خلال الفترة الانتقالية من عصر البرونز المبكر إلى عصر البرونز الوسيط (أي فيما بين أواخر الألف الثالث وأوائل الألف الثاني قبل الميلاد). فخلال هذه الفترة انتهى المناخ المطري البارد الذي ساد المنطقة منذ أواسط الألف الرابع قبل الميلاد، وتبعه مناخٌ حارٌّ وجافٌّ أدى إلى انهيارٍ شامل لثقافة عصر البرونز المبكر، فانهارت المملكة القديمة في مصر وإمبراطورية أكاد في وادي الرافدين، وفي المناطق السورية هُجرت معظم القرى الزراعية، والكثير من المدن التي تقع في المناطق الحساسة للجفاف، ثم تحولت بعد فترةٍ إلى أطلال. وقد عثر المنقبون في مواقع هذه المدن المهدَّمة خلال أواخر عصر البرونز المبكر، وخصوصًا في منطقة فلسطين، على آثارٍ واضحة تشير إلى قيام حياة بدوية على أطراف المدن القديمة، فظنوا أن هؤلاء البدو هم المسئولون عن ذلك التدمير. وفي الحقيقة، فإن ما لاحظه المنقبون لم يكن سوى ظاهرةٍ عادية ومألوفة في سياق حضارة الشرق القديم، حيث تحل البداوة محل الحضارة، وتنتقل هذه إلى تلك، كوسيلةٍ عملية للتعامل مع الطبيعة في هذا الجزء من العالم. ففي نهاية عصر البرونز المبكر أخذت الجماعات الآمورية بالظهور حول المدن المهدَّمة، وحول المدن التي بقيت تتنفس بصعوبةٍ في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية. ولكن هذه الجماعات البدائية نفسها هي التي كتبت الصفحة التالية في حضارة الشرق القديم، وأعني بها حضارة البرونز الوسيط.

ولقد أعاد التاريخ نفسه في الفترة الانتقالية من عصر البرونز الأخير إلى عصر الحديد، عندما أدت الكارثة المناخية الشاملة إلى هجراتٍ واسعة وتحولاتٍ سكانية شملت شرقي أوروبا واليونان وبحر إيجة والأناضول وأقطار شرقي المتوسط. فانطلقت شعوب البحر من مواطنها في بحر إيجة تبحث عن أرضٍ جديدة في الشرق، وحلَّت المجاعة في أرجاء المملكة الحثية جميعها، وفي مناطق سوريا وفلسطين. ويبدو أن المملكة الحثية قد انهارت من الداخل قبل وصول شعوب البحر إليها، وكذلك المدن السورية التي كانت مزدهرة خلال البرونز الأخير، مثل أوغاريت وغيرها. فمن المُرجَّح أن أوغاريت قد هدمتها الزلازل قبل وقتٍ من وصول شعوب البحر إليها، وهجرها أهلها لعدم قدرتهم الاقتصادية على إعادة البناء، وكذلك بعض المدن الكبرى الأخرى في سوريا وفلسطين. وربما تحوَّل هؤلاء السكان إلى رعاةٍ متنقلين، أو إنهم أوغلوا شرقًا بحثًا عن أماكنَ أكثر ملاءمة لاستقرارٍ جديد. وبذلك تكون شعوب البحر قد وصلت إلى مناطقَ مُقفِرة ومُهدَّمة لم تشجعها على الاستقرار، لذلك فقد تابعت هذه الجماعات التائهة — التي كانت ترتحل مع نسائها وأطفالها وأدواتها المنزلية الخفيفة — مسيرتها نحو مصر، حيث قضى الفرعون رمسيس الثالث على كل طاقتها وزخمها القتالي. ولم تمضِ بضعة عقود حتى ذابت هذه الجماعات الغريبة في الأمكنة التي توقفت عندها، وضاع أثرها.

خلال هذه الفترة القاتمة أخذت القبائل الآرامية، التي كانت متواجدة منذ زمنٍ طويل في البادية السورية وعلى أطراف المناطق الزراعية في الهلال الخصيب، بالظهور على المسرح مستفيدةً من فترة الفراغ الشامل وحالة الفوضى والاضطراب، التي ميزت نهاية البرونز الأخير وبداية عصر الحديد. وعندما أخذت موجة الجفاف بالانحسار مع التقدم في عصر الحديد الأول (١٢٠٠–١٠٠٠ق.م.) كانت هذه القبائل قد استقرت في الأرض، وأخذت ببناء القرى الزراعية فالمدنِ الكبرى فالممالكِ. وقد ساعدها على ذلك غياب القوى العظمى التقليدية من حولها، والوضع الداخلي المتضعضع لمناطق الجزيرة العليا وغربي الفرات، وانعدام السلطة المركزية فيها. ومع مطلع القرن العاشر قبل الميلاد كان الآراميون قد شكلوا دويلات قوية على طول حوض الخابور وحوض الفرات الأوسط والأعلى، وفي الشمال السوري فيما بين الفرات والبحر المتوسط، وكذلك فيما بين حلب شمالًا ودمشق في الجنوب السوري. وفي مقابل الضغط الآشوري العسكري على بلاد آرام منذ مطلع القرن العاشر قبل الميلاد، كان الآراميون يمارسون ضغطًا سلميًّا ومعاكسًا على منطقة وادي الرافدين، وخصوصًا باتجاه بابل، حتى استطاع الفرع الكلداني من المجموعة الآرامية السيطرة تمامًا على جنوب بلاد الرافدين بعد فترةٍ من التسرب التدريجي، وأسَّس المملكة البابلية الجديدة في أواخر القرن السابع قبل الميلاد، التي كان نبوخذ نصَّر ثالث ملوكها.

من الممالك الآرامية التي تكونت في سياق عصر الحديد الأول، واستمرت خلال عصر الحديد الثاني مملكة بيت بحياني في حوض الخابور، وكانت عاصمتها جوزان في موقع تل حَلَف، الذي يقع في أقصى الشمال السوري عند منابع نهر الخابور. وقد تم اكتشاف موقع جوزان عام ١٨٩٩ صدفةً من قِبل المنقب الألماني فون أوبنهايم، واستمر التنقيب فيه حتى عام ١٩٢٩ على فتراتٍ متقطعة. ونظرًا لقلة المواقع القديمة المعروفة في سوريا خلال ذلك الوقت، فقد صُنفت آيات النحت العظيم والعمارة الراقية لتل حَلَف تحت تسميةٍ جديدة، هي «الفن الحثي الجديد»، وأخذ دارسو فنون وثقافة هذه الممالك بالبحث عن الروابط التي تجمعها إلى فنون وثقافة كل من آشور وحاتي، وذلك دون النظر إلى الطبيعة الخاصة لهذه الثقافة وتفرُّدها. ورغم أن تسمية «الحثي الجديد» قد بقيت مصطلحًا تاريخيًّا وفنيًّا وأركيولوجيًّا لفترةٍ طويلة من الزمن، إلا أن الاتجاهات الحديثة في علم الآثار وتاريخ الفن في سوريا القديمة قد أخذت تتلمس الشخصية المستقلة لهذه الثقافة السورية في عصر الحديد، وترى فيها طابعًا آراميًّا رغم تأثرها بالثقافتين الحثية والآشورية، وهو أمرٌ طبيعي يفرضه تداخل التاريخ والجغرافيا لهذه الثقافات المتقاربة. ويجب ألا ننسى أن هذه المناطق من الشمال السوري قد استوعبت عددًا كبيرًا من المهاجرين من آسيا الصغرى عقب انهيار المملكة الحثية، وأن هؤلاء المهاجرين قد ساهموا في بناء ثقافة عصر الحديد السوري. ويقول المؤرخ وعالم الآثار المعروف باولو ماتييه، مُكتشف مدينة إيبلا، بخصوص مصطلح «الحثي الجديد»: إن هذا المصطلح من أكثر المصطلحات والمفاهيم التي كوَّنها الباحثون المبكرون دوغمائيةً وخطأً، وهو يَحرم الفن السوري من كل أصالةٍ وإبداعٍ خاص.١
وإلى الغرب من مملكة بيت بحياني الآنفة الذكر ظهرت مملكة بيت عديني التي شملت الأراضي الواقعة بين نهر بليخ والفرات. وقد اكتُشفت عاصمة هذه المملكة، واسمها تل برسيب، في موقع تل أحمر على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وعلى مسافة ٢٠كم إلى الجنوب من بلدة جرابلس الحالية على الحدود التركية. وعُثر في الموقع على كتاباتٍ تذكر اسم ملكها المدعو آخوني المعروف في السجلات الآشورية. كما عُثر في بوابة قصر تل برسيب على أسود بازلتية ضخمة عليها نقوشٌ للحاكم الآشوري، الذي وَلِي المدينة بعد أن ألحقها الآشوريون بممتلكاتهم، وحكموها بشكلٍ مباشر.٢ وفي منطقة الفرات الأعلى قامت مملكة كركميش، التي اكتُشفت عاصمتها التي تحمل الاسم نفسه قرب بلدة جرابلس على الفرات، وقد تبين من الألواح المسمارية المكتشفة في الموقع أن المدينة كانت مزدهرةً قبل وصول الآراميين إليها. كما أن الوثائق الكتابية من مدينة ماري ومن مدينة حاتوسس عاصمة الحثيين تذكر كركميش كمدينةٍ كبرى مزدهرة في عصر البرونز الوسيط، وخصوصًا خلال عصر الإمبراطورية الحثية في القرن الرابع عشر قبل الميلاد. ونستطيع في هذا الموقع القديم أن نتابع تشكُّل الفن المدعو بالحثي الجديد منذ بداياته الأولى، ومن خلال تطوره الذاتي، لنستكشف ملامح هذا الفن المتميز وتفرده كفنٍّ سوري أصيل.٣
وإلى الشمال الشرقي من كركميش قامت مملكة حداتو. وقد اكتُشفت عاصمتها التي تحمل اسم حداتو في موقع أرسلان طاش على مسافة ٣٠كم شرقي الفرات. وأهم ما تم العثور عليه في الموقع مجموعةٌ من المنحوتات العاجية، التي تُعبِّر عن مدرسةٍ فنية سورية متميزة، وتُظهر روابط واضحة مع عاجيات فينيقيا وفلسطين.٤ وفي مناطق غربي الفرات قامت مملكة بيت جوش في منطقة حلب، وعاصمتها أرفاد، التي يُرجَّح أن تكون في موقع تل رفعت على مسافة ٣٥كم إلى الشمال الشرقي من حلب. وفي أقصى الشمال الغربي قامت مملكة يأدي التي سيطرت على منطقة جبال الأمانوس، وقد اكتُشفت عاصمتها شمأل في موقع تل زنجرلي الحالي. ومن أهم ما أفاض به هذا الموقع من آياتٍ فنية هو مجموعةٌ من المنحوتات البارزة الضخمة على بوابات قلعة المدينة، تُشكِّل في حد ذاتها مدرسةً سورية متميزة في هذا النوع من الفن. وقد أُلحقت هذه المنحوتات، من قِبل مكتشفيها الأوائل في مطلع القرن العشرين، بمدرسة النحت البارز الآشوري، أما اليوم، وبعد أن توفر لدينا ما يكفي من الأعمال الفنية المشابهة، فإن الوقت قد حان لدراسة النحت السوري في استقلاله وتميزه كمدرسةٍ قائمة في حد ذاتها.٥

أما فيما يتعلق بآراميي وسط وجنوب سوريا، فإن المعلومات على بدايات تواجدهم في هذه المنطقة قليلةٌ جدًّا ومبعثرة. فمن المؤكد أن كلًّا من حماة ودمشق قد وقعتا تحت السيطرة الآرامية منذ أواخر القرن الحادي عشر قبل الميلاد، إلا أن المعلومات التفصيلية تنقصنا عن بدايات التواجد الآرامي في هاتين المدينتين، وعن الأُسر الحاكمة الأولى فيها. والمعلومات التوراتية، التي وردت عنهما ضمن أخبار داود وسليمان، ليست مما يمكن الاعتماد عليه. وبخصوص الممالك الآرامية التي يذكرها سفر صموئيل الثاني، وهي آرام معكة، التي وضعها المؤرخون في سفوح جبل الحرمون مع امتداداتٍ تصل إلى بحيرة الحولة، وطوب التي وضعوها في شرقي الأردن شمالًا إلى الجنوب من جيشور، وآرام صوبة التي صنعوا منها قوةً كبرى في الشرق الأدنى ووضعوها في البقاع الشمالي مع امتدادتٍ تصل شرقًا إلى البادية وأطراف الفرات، فهذه جميعًا ممالك يحوم الشك حول وجودها أصلًا. وإنني أطرح هنا، وبكل ثقةٍ علمية، رأيًا مفاده أن هذه الممالك لم تَقُم أصلًا لا في القرن العاشر قبل الميلاد ولا في أية فترةٍ لاحقة من تاريخ المنطقة. فمملكة داود، التي دخلت في حروبٍ مع هذه الممالك، لم تكن قائمةً في القرن العاشر قبل الميلاد، كما أثبتنا سابقًا بالأدلة العلمية، والوثائق الكتابية لممالك الشرق الأدنى القديم لم تحفل بذكر واحدةٍ من هذه الممالك لا في القرن العاشر ولا بعده، والتنقيبات الأثرية في المواقع المفترضة جميعها لهذه الممالك لم تخرج بشاهدٍ أثري واحد يدل على وجودها. فأي شيءٍ يبقى بعد ذلك يدعونا إلى الاستمرار في الحديث عن «هذه الممالك المهمة والقوية»؟ لقد أراد محررو التوراة ابتكار خصوم وهميين لمملكةٍ وهميَّة وملكٍ وهمي، ونظرًا لجهلهم الكامل بتاريخ تلك الحقبة التي يتحدثون عنها وبخارطتها السياسية، وهو جهلٌ استطعنا إثباته عبر نقدنا النصي والتاريخي سابقًا، فقد التقط هؤلاء المحررون أخبارًا متواترة عن مَشْيخاتٍ آرامية قريبة إليهم زمنيًّا، وجعلوا منها شعوبًا وممالك قوية. أما هدد عزر ملك صوبة الأسطوري، الذي امتدت سلطته من البقاع غربًا إلى نهر الفرات، وَفق ما يراه المؤرخون التقليديون، فلا أدري لماذا لم يتساءل هؤلاء المؤرخون عن سبب صمت النصوص الآشورية في القرن العاشر قبل الميلاد عن ذكره، وهي التي لم تترك مملكةً ذات شأن في بلاد الشام إلا وذكرتها. والحقيقة كما أراها بخصوص هذا الملك أنه لم يكن سوى هدد عدر ملك دمشق الذي حكم في أواسط القرن التاسع قبل الميلاد، وواجه الآشوريين في عددٍ من المواقع الحربية المهمة وردَّهم عن مناطق غربي الفرات، وكانت أهم معاركه معركة قرقرة المشهورة على نهر العاصي. ونظرًا لغموض وتضارب الأخبار التي توفرت لمحرري التوراة عن أحداث القرن التاسع، فقد جعلوا هدد عدر هذا ملكًا على صوبة في القرن العاشر قبل الميلاد تحت اسم هدد عزر، وأحلُّوا محلَّه على عرش دمشق في أواسط القرن التاسع قبل الميلاد ملكًا اسمه بنهدد لم يكن موجودًا في ذلك الوقت. ولسوف أتطرق بالتفصيل إلى هذه المسألة في موضعها لاحقًا.

دمشق قبل العصر الآرامي

كانت دمشق بين المناطق الرائدة لثقافة العصر الحجري الحديث (النيوليتي) في المشرق العربي القديم. ورغم أننا لا نملك الأدلة من موقع المدينة ذاتها على تواجد إنسان العصر الحجري، إلا أن انتشار المواقع النيوليتية حول المدينة، مثل موقع تل أسود وموقع تل الرماد، يدل على أن المنطقة كانت مسكونة منذ مطلع الألف السابع قبل الميلاد على أقل تقدير، وأنها قد ساهمت في الثورة الثقافية الأولى في تاريخ البشرية، والتي يدعوها الأركيولوجيون بثورة العصر الحجري الحديث (أو الثورة النيوليتية). وبما أن مدينة دمشق العصر الإسلامي داخل السور ما زالت مسكونةً حتى الآن، وتجثم فوق الطبقات الأركيولوجية السابقة، فإن قصور الأدلة الأثرية من موقع المدينة ذاته عن تلبية حاجة المؤرخ لا يقتصر على العصر الحجري، بل يتعداه إلى العصور التاريخية اللاحقة جميعها، وذلك نظرًا إلى صعوبة التنقيب في المناطق المأهولة، إن لم يكن استحالته من حيث المبدأ.

من هنا، فإن معلوماتنا عن دمشق في العصور القديمة مستمدةٌ بشكلٍ رئيسي من النقوش الكتابية للشعوب والثقافات المجاورة، إضافةً إلى بعض المعلومات القليلة جدًّا التي يقدمها لنا موقع المدينة الإسلامية داخل السور، والذي يتطابق إلى حدٍّ كبير مع موقع مدينة العصر الروماني وما سبقه. فمن المؤكد اليوم أن معبد جوبيتر دمشق الذي بُني في العصر الروماني لإله المدينة هدد، بعد أن طابق الرومان بينه وبين جوبيتر، يقع تحت المسجد الأموي الكبير، وأن المعبد الآرامي الأصلي يقع تحت المعبد الروماني. كما يُرجِّح الباحثون أن التل الذي يرتفع حوالي ستة أمتار، ويقع على مسافة ٢٥٠م إلى الجنوب من القوس الروماني المعروف باسم باب شرقي، هو المكان الذي بُنيت فيه القصور الملكية القديمة، وأنه بمثابة أوكروبوليس دمشق. وفيما عدا ذلك، فقد وصلنا أثرٌ فني واحد فقط من العصور القديمة جميعها للمدينة، هو لوحٌ حجري أبعاده ٨٠ × ٧٠سم، منقوشٌ عليه صورة لسفينكس (أبو الهول)، عُثر عليه مدعومًا بجدار المعبد الروماني عام ١٩٤٠، أثناء عمليات ترميم وإصلاحات في المسجد الأموي. ويُستشف من الأسلوب الفني لتنفيذ العمل أنه ينتمي إلى القرن التاسع قبل الميلاد، وهو العصر الذهبي لآرام دمشق.٦
يظهر الاسم «دمشق» لأول مرة في التاريخ حوالي عام ١٤٥٠ق.م. وذلك في سجلات الفرعون تحوتمس الثالث الحربية، حيث ورد بصيغة تمسكو (تا – مس – كو). ثم ظهر بعد ذلك بقرنٍ من الزمان في رسائل تل العمارنة، حيث ورد ثلاث مرات وبثلاث صيغٍ، هي تمشقي (تي – ما – اش – قي)، ودمشقا (دي – ماش – قا)، دومشقا (دو – ما – اش – قا). وفي السجلات الآشورية فيما بين القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد يرد اسم دمشق في معظم السجلات الآشورية على بلاد الشام، وذلك بثلاث صيغ، هي دمشقا (دي – ماش – قا)، ودمشقي (دي – ماش – قي)، ودمشقو (دي – ماش – قو). أما في النصوص الآرامية فيرد بصيغةٍ واحدة، هي دمشق (د. م. ش. ق). وما زال علماء اللغات السامية مختلفين حول معنى الاسم وجذره السامي.٧
لم تكن دمشق مدينة مهمة خلال عصر البرونز الأخير (١٦٠٠–١٢٠٠ق.م.)، وهو العصر الذي بدأ فيه اسم المدينة بالظهور في الوثائق الكتابية. ورغم أن المدينة تنتمي إلى إقليمٍ يمتد في الجنوب السوري اسمه أوبي (أو أوبو)، إلا أننا غير متأكدين من أن دمشق كانت عاصمة لهذا الإقليم، أو أنها كانت المدينة الرئيسية فيه. وجُل ما وصلنا من معلوماتٍ عن إقليم أوبي وعن مدينة دمشق خلال عصر البرونز الأخير قد جاء في سياق معلوماتنا عن العلاقات بين القوى الكبرى الثلاث في ذلك الوقت، وهي مصر وميتاني وحاتي. فمع مطلع عصر البرونز الأخير أخذت مملكة ميتاني الحورية بالخروج من مناطقها الرئيسية في الشمال السوري والتوسع باتجاه أواسط سوريا. وفي الوقت نفسه تقريبًا ابتدأ فراعنة الأسرة الثامنة عشرة في مصر حركة مدٍّ إمبريالي مستمر باتجاه آسيا الغربية. وبعد ذلك أخذ الملوك الحثيون بالضغط على ميتاني من الشمال حتى استطاعوا إزالتها أخيرًا من طريقهم كقوةٍ عُظمى، ووقفوا وجهًا لوجه أمام مصر. وبين هذه القوى كانت مملكة قادش في سوريا الوسطى على نهر العاصي (قرب حمص الحالية) هي القوة الكبرى في سوريا، وتسيطر على الممالك الصغيرة جميعها في وسط وجنوب سوريا، ولكنها كانت موالية لمملكة ميتاني، وتعمل من خلال استراتيجيتها العسكرية والسياسية في المنطقة. وقد شنَّت مملكة قادش حملةً كبيرة ضد الفرعون تحوتمس الثالث حوالي عام ١٤٥٠ق.م.، يساعدها في ذلك عددٌ من جيوش الممالك الصغيرة في سوريا وفلسطين، والتقت قواتها بالقوات المصرية عند مدينة مجدو بفلسطين، في معركةٍ حاسمةٍ قررت نتيجتها مصير الوجود المصري في آسيا. ويذكر سجل حملة تحوتمس الثالث عن قوات التحالف السوري في مجدو أن الفرعون الذي قاد المعركة بنفسه قد هزم ملك قادش وحلفاءه هزيمةً مُنكَرة. وفي نهاية هذا النص الطويل والمفصَّل يرد ذكر أسماء الممالك والمدن المقهورة، وبينها مدينة دمشق، التي تُذكر بشكلٍ عابر ودون التوكيد على قوتها أو أهميتها. ويبدو أن إقليم أوبي قد بقي منذ ذلك الوقت ضمن المناطق التقليدية للنفوذ المصري.٨
مع التقدم في عصر البرونز الأخير، وازدياد صراع القوى العظمى على المناطق السورية، يكتسب إقليم أوبي أهميةً متزايدة نظرًا لوقوعه على حدود التوتر الفاصلة بين مناطق نفوذ تلك القوى. وقد بقي هذا الإقليم بمثابة الحد الشمالي التقليدي للنفوذ المصري في آسيا الغربية، وصولًا إلى عصر العمارنة الذي حمل معه تغييراتٍ أساسية في ميزان القوى، وذلك بسبب تزايد المد الإمبريالي الحثي، وتوسع أباطرة حاتي الجدد على حساب مملكة ميتاني. ومع اعتلاء الملك شوبيلوليماس عرش حاتي قام بحملته السورية الأولى، واستولى على أملاك ميتاني كلها في الشمال السوري، وجعل ملكها توشراتا تابعًا له. وبعد عودته المُظفَّرة من واشوكاني عاصمة ميتاني، استولى على المناطق الشمالية الغربية من سوريا، ثم هبط فاستولى على مملكة قطنة في سوريا الوسطى (شرقي حمص في موقع تل المشرفة)، ثم تابع جنوبًا نحو أراضي إقليم أوبي، الذي يدعوه الحثيون أبينا. ولكن ملك قادش المجاورة لقطنة٩ اعترض طريقه في محاولةٍ منه لعون ميتاني، فهزمه ثم قبض عليه وأرسله أسيرًا إلى حاتي، ووضع مكانه على عرش قادش ابنه المدعو إيتوغاما، الذي حوَّل ولاءه من ميتاني إلى حاتي. بعد ذلك تابع مسيرته نحو أوبي فاستولى عليها وهزم ملكها المدعو أريوانا. وعند هذه النقطة في الجنوب السوري تنتهي حملة شوبيلوليماس ويقفل عائدًا إلى عاصمته في الأناضول، بعد أن فتح صفحةً جديدة في التوازن الدولي، حيث غابت ميتاني باعتبارها قوةً عظمى، ووقفت حاتي وجهًا لوجه أمام مصر.١٠
ويبدو أن حملة حاتي على سوريا الوسطى والجنوبية لم تعزز مواقعها تمامًا إلا في قادش، التي بقي ملكها المُعيَّن من قِبل الحثيين إيتوغاما يسعى جاهدًا لرعاية مصالحهم في المنطقة، ويتدخل في شئون الدويلات السورية والفلسطينية إبان فترة الاضطرابات التي سادت المنطقة خلال حكم الفرعون إخناتون. وفي مقابل ملك قادش الذي كان يرعى مصالح حاتي، يتكرر في رسائل تل العمارنة ذكرُ شخصيةٍ عسكريةٍ هامة اسمها بيرياوازا، ولا نعرف على وجه التحديد منصب هذا القائد العسكري؛ لأن الرسائل كانت تشير إليه بالاسم فقط وكأنه أشهر من أن يُعرَّف. ويبدو أنه كان المفوَّض المصري الأعلى في المنطقة، رغم أنه من أصلٍ آري لا من أصلٍ مصري.١١ ويرتبط اسم بيرياوازا هذا بمدينة دمشق، إذ نعرف من إحدى الرسائل المتبادلة بينه وبين الفرعون أنه قد هرب من وجه أعدائه وانسحب إلى دمشق. ثم نعرف أنه قد انتقل من دمشق إلى مدينة كاميدو في البقاع الجنوبي، ومن هناك أرسل إلى الفرعون قائلًا إنه متحصنٌ الآن في مدينة الملك. من هنا يعتقد بعض دارسي رسائل تل العمارنة بأن بيرياوازا كان حاكمًا لمدينة دمشق، ويدعوه الباحث وليم فوكسويل أولبرايت بأمير دمشق. لا ندري كيف عادت أوبي وقطنة إلى الجانب المصري بعد حملة شوبيلوليماس، ولكن المؤكد أن دمشق وقطنة كانتا مواليتين للفرعون إخناتون ومفوَّضه بيرياوازا خلال الأحداث التي تغطيها تلك الرسائل. نقرأ في رسالةٍ من ملك قطنة إلى الفرعون قوله: «إن قطنة خاضعةٌ تحت قدمي مولاي مثل دمشق في بلاد أوبي …» لكن إيتوغاما ملك قادش كان دائم التآمر ضد الممالك الموالية لمصر، معتمدًا بشكل رئيسي على عازيرو ملك آمورو، الذي تعاون مع جماعات العابيرو المرتزقة، وشكَّل حلفًا من الدويلات المناهضة للنفوذ المصري، فكانت قطنة وأوبي من جملة الدويلات التي عانت من تعدياته، على ما نفهم من تقارير بيرياوازا إلى البلاط المصري. غير أن أوبي لم تسقط على ما يبدو في يد التحالف المعادي لمصر، لأننا نعرف من رسالةٍ تعود إلى أواخر عصر العمارنة أن ملك أوبي المدعو زلايا كان مواليًا للفرعون، لأن الفرعون يطلب إليه في تلك الرسالة أن يبعث بفريقٍ من جماعات العابيرو المُرحَّلين من المنطقة لإسكانهم في النوبة بمصر العليا. وقد وُجدت الرسالة في كامد اللوز بالبقاع الجنوبي، وهو موقع كاميدو القديمة.١٢
بعد وفاة إخناتون استمر التوتر على المناطق الحدودية بين القوتين العُظميَين، وخصوصًا في مناطق أوبي والبقاع وقادش. ففي السنوات الأخيرة من حكم توت عنخ آمون تخبرنا السجلات الحثية عن حملةٍ مصرية على قادش، وكان ملكها القديم إيتوغاما ما زال على العرش. وقد رد شوبيلوليماس على العدوان المصري بهجومٍ على منطقة البقاع، إلا أن كلا الحملتين لم تسفر عن نتيجةٍ حاسمة بالنسبة إلى الطرفين. وبعد ذلك بمدةٍ قصيرة توفي توت عنخ آمون في ريعان الصبا، وسادت مصر فترة اضطرابات استغلها الحثيون بإرسال حملةٍ جديدة إلى المنطقة لم تكن حاسمة أيضًا، وعاد الجنود إلى الأناضول حاملين معهم وباء الطاعون الذي تفشَّى في المملكة الحثية، ومات الملك شوبيلوليماس نفسه بالمرض، وخَلَفه ابنه مورشيلي الثاني عام ١٣٤٦ق.م. وقد عاصر مورشيلي الثاني الفرعون حور مُحب، القائد العسكري الذي أنهى فترة الاضطرابات، مما أعقب وفاة توت عنخ آمون واعتلى عرش مصر. وقد عمل حور مُحب على دعم ثورةٍ محلية في سوريا ضد حاتي، تركزت في منطقة قطنة ومنطقة نوخاشي (بين حمص وحلب)، فأرسل فرقًا عسكرية مصرية لدعم المتمردين، ولكن مورشيلي قضى على المتمردين وهزم الفرق المصرية المساندة لهم.١٣
كان الفرعون حور مُحب آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة، ومات دون أن يكون له وريثٌ على العرش، فخَلَفه رمسيس الأول، الذي أسس الأسرة التاسعة عشرة وحكم مدة سنتين فقط، ثم مات وخَلَفه سيتي الأول، الذي حكم من ١٣٠٢ إلى ١٢٩٠ق.م. وقد وطَّد سيتي الأول سيطرة مصر على مناطق نفوذها في فلسطين وسوريا الجنوبية، وقام بحملةٍ على قادش فأعادها إلى النفوذ المصري، ثم انقلب نحو الساحل السوري فأخضع مملكة آمورو، الصديق التقليدي للحثيين، وأخبار حروب سيتي الأول موثقةٌ في نصوصٍ قصيرة منقوشة تحت عددٍ من المنحوتات البارزة في معبد الكرنك، تُصوِّر مشاهد حروبه في سوريا، التي تدعوها النصوص المصرية من تلك الفترة ببلاد ريتينو. نقرأ في أحد هذه النصوص تحت مشهدٍ يُصوِّر عودة الفرعون: «عودة جلالته من ريتينو العليا بعد أن وسَّع حدود مصر.» وتحت مشهدٍ آخر نقرأ: «تقديم القرابين من الفرعون إلى أبيه آمون رع، لدى عودته من بلاد حاتي بعد سحق المتمردين وبلدانهم. وقد أتى معه بأمراء ريتينو الأوغاد ليضعهم في معبد أبيه آمون رع.» وهناك مشهدٌ يُصوِّر حصار مدينة قادش كُتب تحته: «صعود الفرعون لتدمير قادش وبلاد آمورو.» وقد تم العثور في موقع مدينة قادش على حجرٍ تذكاري للفرعون سيتي الأول، الأمر الذي يؤكد صحة الروايات المصرية.١٤
تابَع رمسيس الثاني (١٢٩٠–١٢٢٤ق.م.) ما بدأه أبوه سيتي الأول من حركة ضغطٍ مستمرة على حاتي. وقد ترك لنا هذا الفرعون عددًا من النُّصُب التذكارية لحملاته على بلاد الشام، اكتُشف واحدٌ منها في موقع بيت شان بفلسطين، وثلاثةٌ على الساحل. وكان لا بد أخيرًا من الصدام مع حاتي، فالتقى رمسيس مع الجيش الحثي في قادش عام ١٢٨٦ق.م. ورغم أن المعركة لم تكن حاسمة، وأن الفرعون قد وقع في كمينٍ كاد يودي بحياته لولا أن تخلص منه بشجاعته الفردية، إلا أن رمسيس الثاني قد خلَّد هذه المعركة في نصٍّ مفصَّلٍ طويلٍ. وقد استمرت المناوشات بين الفريقين لمدة ستة عشرة عامًا تلت معركة قادش، وانتهت عام ١٢٧٠ق.م. بتوقيع معاهدة سلام بين مصر وحاتي، تُعتبر من أشهر معاهدات العالم القديم. وقد أطلقت المعاهدة يد الحثيين في مناطق بلاد الشام الوسطى والشمالية ابتداءً من قادش، واحتفظ المصريون بمنطقة أوبي التي بقيت الحد الفاصل بين المملكتين. وقد تم اكتشاف نسختين من المعاهدة؛ واحدة في حاتوسس عاصمة حاتي، والثانية في طيبة عاصمة مصر. وقد أعقب المعاهدةَ زواجُ رمسيس الثاني من ابنة الملك الحثي حاتوشيلي. وتشير مراسلات الطرفين بخصوص ترتيبات موكب الأميرة الحثية إلى أن الموكب سيصل تحت حراسةٍ حثية حتى أراضي أوبي، ومن هناك تتعهده الحراسة المصرية حتى الوصول إلى طيبة.١٥

استمر حكم رمسيس الثاني حتى العقود الأخيرة من القرن الثالث عشر. وفي عهد ابنه مرنفتاح لم يحصل تغييرٌ يُذكر في موازين القوى الدولية. فقد كان مرنفتاح مشغولًا بالتصدي لليبيين الذين هاجموا الدلتا بمعونة شعوب البحر. وبعد ذلك ظهرت في الأفق جحافل الفريق الآخر من شعوب البحر، الذي هبط من آسيا الصغرى متخذًا طريقه نحو مصر، فتصدى له رمسيس الثالث وشتته. ومع هذه الأحداث الجسام، التي ختمت ثقافة عصر البرونز الأخير وافتتحت عصر الحديد، تغيب أخبار أوبي ودمشق لعدة قرونٍ تالية. وعندما يظهر ذِكرُ دمشق مجددًا نراها مدينةً آرامية قوية.

وخلاصة القول بشأن مدينة دمشق في العصور السابقة للعهد الآرامي أن المعلومات التاريخية حولها قليلةٌ ومبعثرة، ومصدرها الرئيسي سجلات القوى العظمى، التي تضاربت مصالحها في منطقة بلاد الشام وتصادمت مع بعضها لفترةٍ طويلة. وبما أن ذِكر إقليم أوبي لا يرد في هذه السجلات إلا في سياق أحداث الصراع على مناطق النفوذ، فإن منطق الأمور يشير إلى قلة شأن هذا الإقليم خلال عصر البرونز، وكونه مجرد منطقة تنافُسٍ وتطاحُنٍ لا يُعتد بقوتها الذاتية أو بتكوينها المدني والسياسي، وفيما يتعلق بمدينة دمشق بشكلٍ خاص، فإن الأخبار المتفرقة عنها لا ترسم صورةً عن أوضاعها الداخلية، وبنيتها السياسية. فهي تظهر تارةً كإمارة أو حتى مشيخة بدون كيان سياسي واضحٍ عندما يأتيها المفوَّض المصري بيرياوازا ويقيم فيها دون ذِكرٍ لحاكمها أو ملكها، وتارةً تخبرنا النصوص عن ملوكٍ يحكمونها، وتُعْلِمنا عن ملكين منهم، هما أريوانا الذي قبض عليه الملك الحثي، وزلايا الذي خاطبه الفرعون في رسالته بخصوص ترحيل العابيرو إلى مصر. من هنا، يمكن القول بأن دمشق في عصر البرونز لم تكن سوى بلدةٍ صغيرة تعيش على هامش الأحداث. غير أن هذه البلدة قد قُيِّض لها بعد ثلاثة قرونٍ من عصر العمارنة أن تغدو القوة الرئيسية الثانية بعد آشور في مناطق غربي الفرات تحت حكم ملوك آرام. وهذا ما سنتابع قصته في الفصل التالي.

١  Paolo Matthiae, Ebla, Hodder and Stoughton, London, 1980, p. 19.
٢  د. علي أبو عساف، الآراميون، دار أماني، سوريا ١٩٨٨، ص٨٨.
٣  Paolo Matthiae, op. cit., pp. 19-20.
٤  Ibid., p. 24.
٥  Ibid., pp. 16–18.
٦  Wayne T. Petard, Ancient Damascus, Eisenbrauns Winona Lake, Indiana, 1987, p. 4.
٧  Ibid., pp. 7-8.
٨  Ibid., pp. 46–56.
٩  يتوسط موقع مدينة حمص الحالية بين موقعَي قادش وقطنة اللذين لا يفصل بينهما أكثر من ٦٠كم.
١٠  Ibid., pp. 66-67.
١١  وقد كان الكثير من ملوك الدويلات السورية والفلسطينية من أصلٍ آري خلال تلك الفترة، كما تدلُّ أسماؤهم، وبينهم ملك قادش إيتوغاما، وملك أوبي أريوانا.
١٢  Ibid., pp. 67–71.
١٣  Ibid., pp. 67–71.
١٤  John A. Wilson, Egyptian Historical Texts (in: James Pritchard: Ancient Near Eastern Texts, p. 271).
١٥  W. T. Petard, op. cit., pp. 42-43.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤