الفصل السابع

قال سبيد لبرنتون بنبرة انتصار: «أترى! ما رأيك فيما حدث؟ ألم أقل لك إن جورج ستراتون كان أذكى صحفي في شيكاجو؟ أصدقك القول إن حصوله على ذلك الخطاب من براون العجوز كان أذكى تصرُّف دبلوماسي رأيته على الإطلاق. ها قد رأيت سرعة إدراكه وشجاعته. لقد كان يقيِّم شخصية براون العجوز طوال حديثه معه. انظر كيف تصرَّف بهدوءٍ وهو يرتدي قفازيه ويزرر معطفه وكأنه يتهيأ للانصراف. ثم ألقى الصاعقة على براون بغتةً وبهدوءٍ وكأنه لم يقل شيئًا غريبًا على الإطلاق، وظل طوال الوقت يراقبه بطرف عينه. عليَّ أن أعترف يا سيدي، بأنه على الرغم من معرفتي بجورج ستراتون لسنوات، حسِبتُ أن ذلك المحامي من سينسيناتي قد انتصر عليه. وظننت أن جورج كان يُواري انهزامه بلباقة فحسب، ولكن ها هو قد أحبط خطة براون العجوز في غمضة عين. والآن بوسعك أن ترى نتيجة كل هذا. لقد اعترف له براون فعليًّا بخط الدفاع الذي يتبناه. لن ينشر ستراتون هذا، بكل تأكيد؛ فقد وعده بألا يفعل، لكنك ترى أن بإمكانه أن يُمسك هذا الأمر عليه، ويحصل على كل ما يريده ما لم يغيِّر المحاميان خطتهما في الدفاع.»

علَّق برنتون بنبرة متباطئة: «هذا صحيح، يبدو أنه صحفي شديد الذكاء بالفعل، لكني لا أستسيغ فكرة ذهابه لمقابلة زوجتي.»

«عجبًا، وما الخطأ في ذلك؟»

«حسنًا، الخطأ في ذلك هو أنها في ظل اكتئابها قد تفصح عن شيءٍ يؤخذ ضدها.»

«حتى إن فعلت، فماذا في ذلك؟ ألن يطَّلع المحامي على المقال قبل إرساله إلى الصحيفة؟»

«لست واثقًا من ذلك. هل تظن أن ستراتون سيعرض المقال على براون إذا توصَّل إلى ما تُسمِّيه سبقًا أو خبطةً صحفية؟»

أجابه سبيد بغضب: «بالطبع سيفعل، ألم يعِدْه بذلك؟»

أجابه برنتون بنبرة ارتياب: «بلى، أعرف أنه قد وعده بذلك، لكنه صحفي.» رد سبيد بنبرة تأكيد حاسمة: «قطعًا صحفي، ولهذا السبب سيَفي بوعده.»

«أتمنى ذلك، أتمنى ذلك، لكن عليَّ أن أعترف بأنَّه كلما تعمقت معرفتي بكم أيها الصحفيون، تكشَّف لي استهواؤكم الشديد للاحتفاظ بعناصر تحقيقٍ صحفيٍّ مدوٍّ إن أمكن.»

صحَّح له سبيد قائلًا: «أراهنك على شراب؛ لا، لا يمكننا أن نفعل ذلك، لكنك سترى أنه إذا تصرف براون بنزاهة مع ستراتون، فسيفي الأخير بكلمته مع براون بحذافيرها. لن يجدينا الحديث عن الأمر هنا نفعًا. دعنا نتتبع ستراتون، ونرى ما سيجري في المقابلة.»

قال برنتون بنبرةٍ فاترة: «أعتقد أنني أفضِّل الذهاب وحدي.»

أجابه سبيد باقتضاب: «كما تشاء، كما تشاء. ظننتك تحتاج إلى مساعدتي في هذا الأمر، ولكن إذا كنت في غنًى عن المساعدة، فلن أفرض نفسي بكل تأكيد.»

قال برنتون: «لا بأس، فلْتأتِ معي. بالمناسبة يا سيد سبيد، ما رأيك في خط الدفاع هذا؟»

«حسنًا، لا أعلم ما يكفي عن ملابسات القضية حتى أكوِّن رأيًا فيه. لكن يبدو لي أنه خط جيد إلى حدٍّ ما.»

«لا يمكن أن يبدو جيدًا وهو غير حقيقي. قطعًا لن يفلح.»

قال سبيد: «بالتأكيد، ولكن أراهنك على أربعة دولارات ونصف أنهم سيثبِتون أنك كنت معتوهًا مختلًّا قبل أن تنقطع صلتهم بك. ومن المرجح للغاية أن يُثبتوا محاولتك تسميم نفسك مرتين أو ثلاثًا، ويستدعوا العشرات من أصدقائك ليثبتوا أنهم عرفوك طيلة حياتك تعاني من اختلالٍ عقلي.»

سأل برنتون في اضطراب: «هل تعتقد أنهم سيفعلون ذلك؟»

«أعتقد ذلك؟! لا يساورني شك في ذلك. ستتناقل الأجيال من بعدك أنك واحد من أكثر المختلين عقليًّا على الإطلاق ممن عاشوا في سينسيناتي. ولن تُخلَّد أي ذكرى لك عندما تنقطع صلتهم بك.»

في تلك الأثناء، كان ستراتون في طريقه إلى مقر إقامة المأمور.

قال ذلك المأمور عندما التقيا: «آها، لقد نجحت في الحصول على خطاب منه، أليس كذلك؟ حسنًا، كان ظني أنك ستنجح في ذلك.»

«لو سمعت الحوار الذي دار بيني وبين صديقي المبجل السيد براون حتى اللحظة الأخيرة، لما ظننت ذلك.»

«حسنًا، براون يتعامل بدماثة شديدة مع الصحفيين عمومًا، وهذا أحد الأسباب التي تجعلك تلاحظ تردد اسمه كثيرًا في الصحف.»

«لو كنت أحد صحفيي سينسيناتي، بوسعي أن أجزم لك أن اسمه لم يكن ليظهر كثيرًا في أعمدة صحيفتي.»

«يؤسفني أن أسمعك تقول ذلك. ظننت أن براون يتمتع بشعبية واسعة بين الصحفيين. لكنك بالرغم من ذلك حصلت على الخطاب، صحيح؟»

«أجل، حصلت عليه. تفضَّل. يمكنك قراءته.»

ألقى المأمور نظرةً سريعةً على الخطاب الموجز، ثم وضعه في جيبه.

«تفضَّل بالجلوس لحظة، إذا تكرَّمت، وسأرى إذا كانت السيدة برنتون مستعدةً لاستقبالك.»

figure
جين.

جلس ستراتون، ثم سحب ورقةً من جيبه، وكان منشغلًا بقراءتها عند دخول المأمور مجددًا.

بدأ المأمور الحديث قائلًا: «يؤسفني أن أخبرك بأنه بعد كل ما تكبدته من عناء، ترفض السيدة برنتون رفضًا قاطعًا أن تقابلك. وكما تعرف لا أملك أن أُجبر سجينًا على مقابلة أي شخص. تتفهم ذلك، بالتأكيد.»

قال ستراتون بعد تفكير لبرهة: «بالتأكيد. اسمع، أيها المأمور، ببساطة أنا مُصر على التحدث مع هذه السيدة. والآن، هل لك أن تخبرها بأني على معرفةٍ شخصية بزوجها، أو شيء من هذا القبيل؟ وسأصحح هذه المعلومة عند مقابلتها.»

قال برنتون لسبيد بعد أن تفوَّه ستراتون بهذا التعليق: «الوغد.»

قال سبيد: «سيدي الفاضل، ألا ترى أن هذا الرجل تحديدًا هو الشخص الذي نريده؟ ليس هذا هو الوقت المناسب للتدقيق في كل شيء.»

«أنت مُحق، ولكن فكِّر في مدى الخيانة والدناءة في أن يخبر امرأةً بائسةً مسكينةً بأنه كان على صلةٍ بزوجها، الذي لم تمر على وفاته سوى بضعة أيام.»

قال سبيد: «انتبه إليَّ، إذا كنت ستنظر إلى الأمور بهذه الطريقة، فستصبح عقبةً وليس عونًا في هذا الأمر. ألا تقدِّر الموقف؟ إن محامِيَي زوجة السيد برنتون، كما قلت، يريان أنها مذنبة. ما الذي يمكن إذن أن يتوصلا إليه من حديثهما معها، أو المنفعة التي قد يسديانها لها وهما في قرارة نفسيهما متحيزان ضدها بالفعل؟ ألا ترى ذلك؟»

لم يرد برنتون بأي شيء، لكن بدا واضحًا عليه أنه مضطرب اضطرابًا شديدًا.

سأل المأمور: «هل كنت تعرف زوجها؟»

«لا، لأكون صادقًا، لم أسمع به مطلقًا قبل ذلك. لكن لا مفر من مقابلة هذه السيدة، لمصلحتي ومصلحتها، ولن أدع أمرًا بسيطًا مثل هذا يقف حائلًا بيننا. ألن تخبرها بأني أتيت حاملًا خطابًا من محاميَيها؟ فقط أرِها الخطاب، وأخبرها بأني لن آخذ من وقتها سوى القليل. أعتذر عن الإلحاح عليك في هذا الطلب، لكنك ترى موقفي.»

قال المأمور بأسلوبٍ دمِث: «لا بأس. من دواعي سروري أن تحقق ما تريد.» ومِن ثَم اختفى في الحال مرةً ثانية.

ظل المأمور في الخارج هذه المرة لفترةٍ أطول من سابقتها، وأخذ ستراتون يذرع الغرفة في نفاد صبر. وأخيرًا، عاد المأمور، وقال:

«لقد وافقت السيدة برنتون على مقابلتك. تفضل من هنا.» ثم تابع المأمور حديثه، وهما يسيران معًا: «أعلم أنك ستلتمس لي العذر، لكن جزءًا من واجبي أن أبقى في الغرفة طوال مدة لقائك بالسيدة برنتون.»

قال ستراتون: «بالتأكيد، بالتأكيد. أتفهَّم ذلك.»

«عظيم؛ إذن، لو كان لي أن أُدلي باقتراح، لقلت إنه ينبغي لك أن تستعد للاستفسار فقط عما تريد معرفته، وأن تنجز هذا في أسرع وقتٍ ممكن؛ لأن السيدة برنتون في حالة إنهاكٍ عصبي حقًّا، ومن القسوة أن تخضعها لأي استجواب عنيف.»

قال ستراتون: «أتفهَّم ذلك أيضًا، لكن عليك ألا تنسى أنها ستخضع لمحاكمة أكثر قسوةً مستقبلًا. أنا في غاية التعطُّش للوصول إلى حقيقة هذا الأمر؛ ولهذا، إذا بدا في نظرك أنني أطرح أسئلةً كثيرةً غير ضرورية، أتمنى منك ألا تتدخَّل ما دامت السيدة برنتون ترتضي الإجابة عنها.»

قال المأمور: «لن أتدخَّل أبدًا، أردت تنبيهك فقط؛ لأنها قد تنهار في أي لحظة. أظن أنه سيكون من الحصافة أن ترتِّب أسئلتك بحيث تطرح الأسئلة الأكثر أهميةً أولًا. أحسبك قد رتبت الأسئلة جيدًا في عقلك، صحيح؟»

«حسنًا، لا يمكنني الجزم بذلك؛ كما ترى، فالمشهد ضبابيٌّ أمامي. فلم أحصل على أي شكلٍ من المساعدة من المحاميَين، ومقتنع تمام الاقتناع بأنهما يسلُكان مسلكًا خاطئًا بناءً على ما أعرفه عن دفاعهما.»

«ماذا! هل أفضى لك براون بأي شيءٍ عن خطة الدفاع؟ هذا ينافي حيطته المعتادة.»

أجابه ستراتون: «لم يقصد، لكني توصَّلتُ إلى كل ما سعيت لمعرفته. كما تعرف، سوف أحتاج إلى طرح أسئلة كثيرة تبدو عشوائيةً لا أهمية لها لأنك لا يمكنك أبدًا في قضية على هذه الشاكلة أن تحدد متى قد تحصل على مفتاح حل اللغز بأكمله.»

قال المأمور، وهو يطرق الباب، ثم يدفعه ليُفتَح: «حسنًا، ها قد وصلنا.»

منذ اللحظة التي وقعت فيها عين جورج ستراتون على السيدة برنتون، لم يعُد اهتمامه بالقضية اهتمامًا صحفيًّا محضًا.

كانت السيدة برنتون تقف بالقرب من النافذة، وبدت هادئةً ومتماسكةً للغاية، لكن أصابعها كانت ترتعش بشدة، تتشابك معًا تارةً وتتفرق تارةً أخرى. كان ثوبها الأسود المتواضع لا يختلف اثنان على جماله.

ارتأى جورج أنه لم يرَ في حياته امرأةً بهذا الجمال.

بينما هي واقفة، كان واضحًا أنها تعتزم أن يكون الحوار قصيرًا.

قال ستراتون: «سيدتي، أعتذر كثيرًا عن إزعاجك؛ لكنني مهتم أشد الاهتمام بالوصول إلى حلٍّ لهذا اللغز، وحصلت على إذن بزيارتك من المحاميَين الشخصيين لك. أؤكد لكِ أن أي شيء ستدلين به سيُرسَل إليهما؛ لئلا يتسبب أي تصريح يصدر منك في الإضرار بالقضية وتعريضها لأي خطر.»

قالت السيدة برنتون: «لا أخشى أن تتسبب الحقيقة في الإضرار بالقضية أو تعريضها لخطر.»

أجاب الصحفي: «أنا على يقين من ذلك.» ثم، ولعلمه أنها لن تجلس إذا طلب منها الجلوس، واصل ستراتون حديثه بلباقة: «سيدتي، هل تأذنين لي بالجلوس؟ أريد أن أسجِّل ملاحظاتي بدقة قدر المستطاع. فالدقة هي نقطة من نقاط قوتي المميزة.»

قالت السيدة برنتون: «بالتأكيد.» ولمَّا تبين لها أنه من غير الوارد أن تستغرق المقابلة وقتًا قصيرًا، جلست على مقعدها بالقرب من النافذة، بينما اتخذ المأمور مقعدًا له في الزاوية، وأخرج صحيفةً من جيبه.

قال الصحفي: «والآن، يا سيدتي، ثمة عدد كبير من الأسئلة التي سأطرحها عليكِ قد تبدو تافهة، لكن كما أوضحتُ للمأمور منذ قليل، قد تصدر منك كلمة تبدو لكِ بعيدةً كل البُعد عن القضية ولكنها تمنحني طرف خيط لا يُقدَّر بثمن. لذلك، أثق أنك سوف تلتمسين لي العذر إذا بدت لكِ بعض الأسئلة التي سأطرحها عليكِ خارج سياق القضية.»

أومأت السيدة برنتون برأسها، لكن دون أن تتفوه بشيء.

«هل كانت أعمال زوجك في وضعٍ جيد وقت وفاته؟»

«كانت في وضعٍ جيد على حد علمي.»

«هل لاحظتِ مِن قبلُ أي شيء في سلوك زوجك يدفعك إلى الاعتقاد بأنه قد يكون قد اعتزم الانتحار؟»

رفعت السيدة برنتون بصرها وقد اتسعت عيناها في دهشة.

قالت: «بالطبع لا.»

«هل سبق أن تحدث إليك عن موضوع الانتحار؟»

«لا أذكر أنه تحدث عن ذلك أبدًا.»

«هل سبق أن بدت تصرفاته غريبة؟ باختصار، هل لاحظتِ عليه من قبلُ أي شيءٍ يدفعك إلى التشكيك في قواه العقلية؟ أعتذر إليك إذا كانت أسئلتي تبدو مؤلمة، لكن لديَّ من الأسباب ما يجعلني أرغب في التحقق من هذه النقطة.»

قالت السيدة برنتون: «لا، كان في كامل قواه العقلية. لم يكن هناك من هو أكثر اتزانًا منه. أنا على يقين من أنه لم يفكر مطلقًا في الانتحار.»

«وما السبب وراء يقينك التام من هذه النقطة؟»

«لا أعلم السبب. كل ما أعرفه فقط هو أنني على يقين قاطع من ذلك.»

«هل لديكِ فكرة إن كان له أي أعداء قد يتمنَّون موته؟»

«لا أظن أنه كان له ولو عدو واحد على وجه الأرض. ليس لديَّ أدنى فكرة عن وجود أي أعداء له.»

«هل سبق أن سمعتِه يتحدث إلى أي شخصٍ بروحٍ عدائية؟»

«إطلاقًا. لقد كان رجلًا لا يُكِنُّ عداءً تجاه أحد. كان يتجنَّب مَن لا يُحبه.»

«يقال إن السُّم قد دُسَّ له في قهوته.» ثم التفت ستراتون إلى المأمور وقال: «هل تعلم كيف توصَّلوا إلى هذا الاستنتاج؟»

أجاب المأمور: «لا، ليس لديَّ فكرة. في الواقع، لا أجد أي سبب يدفعهم إلى التفكير في ذلك.»

«هل عُثر على المورفين في فنجان قهوته فيما بعد؟»

«لا، وقت التحقيق كان كل شيءٍ قد طُمس. أعتقد أن مسألة وضع المورفين في قهوته كانت مجرد افتراض.»

«مَن صبَّ له القهوة التي شرِبها في تلك الليلة؟»

أجابت زوجته: «أنا مَن صببتها.»

«كنتِ جالسةً عند أحد طرفي المائدة وكان هو على الطرف الآخر، هل ظني في محله؟»

«أجل.»

«كيف وصل إليه فنجان القهوة؟»

«ناولته إلى الخادمة، ثم وضعتْه بدورها أمامه.»

«إذن لم يمر عبر أيادٍ أخرى، صحيح؟»

«نعم.»

«مَن كانت الخادمة؟»

فكَّرت السيدة برنتون للحظة.

«لا أعرف الكثير عنها في الواقع. لقد جاءت للعمل في منزلنا منذ أسبوعين فقط.»

«ما اسمها؟»

«جين مورتون، على ما أعتقد.»

«أين هي الآن، هل تعرفين؟»

«لا أعلم.»

قال ستراتون، مستديرًا إلى المأمور: «بالتأكيد ظهرت أثناء التحقيقات، أليس كذلك؟»

كانت إجابته: «أظن ذلك، لكنِّي لست واثقًا.»

دوَّن اسمها في مفكرته.

«كم كان عدد الحضور في حفل العشاء؟»

«كان هناك ستة وعشرون فردًا وفيهم أنا وزوجي.»

«هل تستطيعين أن تذكري لي اسم كل واحد منهم؟»

«أجل، أعتقد ذلك.»

أخذت تردِّد الأسماء وشرع بدوره في تدوينها مع إضافة ملاحظات وتعليقات بعينها على كل اسم منها.

«مَن كان جالسًا إلى جانب زوجك على رأس المائدة؟»

«الآنسة ووكر كانت جالسةً على يمينه، والسيد رولاند على يساره.»

«أرجو أن تغفري لي إذا سألتك إن كان قد سبق أن واجهتكِ أي مشكلة مع زوجك؟»

«مُطلقًا.»

«ألم ينشب أي شجار بينكما قط؟»

ترددت السيدة برنتون للحظة.

«لا، لا أظن أنه وقع بيننا ما يمكن أن يُطلق عليه شجار.»

«ألم يقع أي خلاف بينكما قُبَيْل حفل العشاء؟»

تردَّدت السيدة برنتون مجددًا.

قالت: «من الصعب أن أُسميه خلافًا. لقد دار نقاش بسيط بيننا عن بعض الضيوف ممن كان من المُزمع توجيه الدعوة إليهم.»

«هل اعترض على أيٍّ من الحضور؟»

«حضر رجلٌ أظن أن زوجي لم يكن يحبه، لكن لم يبدِ اعتراضًا على مجيئه؛ بل كان يبدو أن زوجي في الحقيقة شعر أنني ربما خُيِّل لي أنه معترضٌ على مجيئه بناءً على نقاش بسيط دار بيننا بشأن دعوته، وبعد ذلك، أجْلَس هذا الضيف على يساره، كما لو كان يُصلِح الموقف.»

نظر ستراتون سريعًا لأعلى الصفحة في مفكِّرته، ثم وضع علامة خطأ صغيرةً أمام اسم ستيفن رولاند.

«لقد وقع بينكما خلافٌ آخر قبل ذلك، إن صح تعبيري، هل هذا صحيح؟»

نظرت السيدة برنتون إليه في دهشة.

قالت: «ما الذي يجعلك تظن ذلك؟»

«لأنك ترددت عندما أشرتُ إلى هذه النقطة.»

«حسنًا، وقع بيننا لمرةٍ واحدة ما يمكن أن تصفه بأنه خلافٌ في مدينة لوسرن بسويسرا.»

«هلَّا أخبرتِني به؟»

«أُفضِّل ألا أخبرك.»

«هلَّا أخبرتني إن كان رجل ما هو سبب هذا الخلاف؟»

قالت السيدة برنتون: «أجل.»

«هل كانت الغيرة من طبع زوجك؟»

«لا أعتقد أنه كان غيورًا في العادة. بدا لي حينها أنه لم يكن منصفًا نوعًا ما؛ هذا كل ما في الأمر.»

«هل كان ذلك الرجل في مدينة لوسرن؟»

«قطعًا لا!»

«هل كان في سينسيناتي؟»

«أجل.»

«هل كان اسمه رولاند ستيفن؟»

نظرت السيدة برنتون إلى الصحفي نظرةً خاطفةً مرةً أخرى، وبدت على وشك أن تُفضي بشيء، لكنها راجعت نفسها، واكتفت بقول:

«أجل.»

أسندت ظهرها إلى الكرسي وتنهَّدت.

ثم قالت: «أشعر بإرهاقٍ شديد. إن لم يكن الأمر ذا ضرورة قصوى، أُفضِّل أن أنهي الحوار عند هذا الحد.»

نهض ستراتون على الفور.

وقال: «سيدتي، أنا في غاية الامتنان لكِ لما تكبدته من مشقَّة حتى تجيبي عن أسئلتي التي أخشى أنها بدت لكِ خارج سياق القضية، لكن أؤكد لكِ أنني لم أقصد أن تكون هكذا. والآن، يا سيدتي، سيسعدني كثيرًا إن أخذت عليكِ عهدًا. أتمنى أن تعِديني بمقابلتي حال حضوري لمقابلتك مجددًا، وأنا، من جانبي، أؤكد لكِ إن لم يكن ثمة أمر على قدرٍ خاص من الأهمية لأطلعكِ عليه أو أسأل عنه؛ فلن أتطفل عليكِ.»

«ستسرني رؤيتك في أي وقت، يا سيدي.»

عندما وصل المأمور والصحفي إلى الغرفة الأخرى، قال الأول:

«حسنًا، ما رأيك؟»

فكانت إجابة الصحفي: «أظنها قضيةً مثيرةً للاهتمام.»

«أو، بعبارة أخرى، أنت ترى أن السيدة برنتون امرأة مثيرةٌ جدًّا للاهتمام.»

«لقد عبَّرتَ حرفيًّا، يا سيدي، عن رأيي تمامًا.»

«وفي ظني، ستوفر هذه السيدة البائسة مادةً خصبةً لمقالٍ مثير للصحيفة، أليس كذلك؟»

قال ستراتون، بحماسة أعلى من المعتاد: «دعك من الصحيفة.»

ضحك المأمور. ثم قال:

«أعترف بأن القضية برمتها تبدو لي محيرةً بشدة. هل تبين لك أي جديد في الأفق عن القضية؟»

«سيدي العزيز، سأخبرك بثلاثة أشياء مهمة. أولًا، السيدة برنتون بريئة. ثانيًا، خط الدفاع الذي يتبناه محامياها غير صائب. وثالثًا …» وحينئذٍ نقر على جيبه في منطقة الصدر ثم أردف قائلًا: «لديَّ اسم القاتل هنا في مفكرتي.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤