الفصل الأول

أبو الفضل بن العميد

أبو الفضل بن العميد هو محمد بن الحسين سيد كتاب اللغة العربية في القرن الرابع، وأعرف الوزراء لعهده بسياسة الملك، وبناية المجد، وكان معاصروه يسمونه «الجاحظ الثاني»؛ لتوسعه في العلوم العقلية والنقلية، واطلاعه على ما دون الأقدمون في الأدب واللغة والفلسفة والتشريع، وما أحسبهم سموه الجاحظ الثاني في الكتابة؛ لأنه أكتب من الجاحظ وأعرف منه بأسرار الكلام البليغ.

وقد اهتم كثير من كتاب التراجم بالكلام عن أبي الفضل بن العميد؛ فتحدث عنه الثعالبي١ وياقوت٢ وابن خلكان٣ بشيء من التفصيل، وعرض له التوحيدي في غير موضع، ولكن أجمل ما قرأنا في ترجمته هو الفصل الممتع الذي عقده للكلام عنه أبو علي بن مسكويه في كتاب «تجارب الأمم»٤ بعد أن لازمه ليل نهار في صحبة دامت سبع سنين.

كان ابن العميد باتفاق من ترجموا له أكتب أهل عصره، وأحفظهم للغة والغريب، وأكثرهم توسعًا في النحو والعروض واهتداء إلى الاشتقاق والاستعارات، وأعرفهم بشعراء الجاهلية والإسلام، وأدراهم بتأويل القرآن وحفظ مشكله ومتشابهه، وأبصرهم باختلاف فقهاء الأمصار، وأنفذهم سهمًا في الهندسة والمنطق وعلوم النفس والإلهيات.

ولا يحسبن القارئ أن من الكثير أن يتصف رجل واحد بكل هذه المزايا، فقد كان ابن العميد خصب الذهن جدًّا، وكان يؤمن بأن المجد يفرض على طلابه وصل النهار بالليل في الدرس والتحصيل وتدبير الأمور، ولم تشغله الوزارة عن الاختلاف إلى مجالس العلماء والاستفادة ممن عرفوا بسعة العلم ودقة البحث، وإنهم ليذكرون أنه كان يقرأ كتاب الطبائع للجاحظ على أبي بكر الخياط فاتفق أنه كان عنده في بعض الأيام وقد نزع نعله فأخذه كلب في الدار وأبعده عن موضعه، وأراد أبو بكر الطهارة فقام ولم يره، وطلبه فلم يجده، فرأى ابن العميد أن يقدم إليه نعل نفسه، فعد ناس ذلك إسرافًا من ابن العميد، فلما بلغته هذه المؤاخذة قال: كيف ألام على تعظيم رجل ما قرأت عليه بيتًا من «الطبائع» إلا عرف ديوان قائله، وقرأ القصيدة من أولها حتى ينتهي إليه. ولقد كنت وغيري نتهم أبا عثمان الجاحظ فيما يستشهد به من غريب الشعر حتى دلنا على مواضعه … أفما يستحق من هذه الصفة صفته هذه الكرامة اليسيرة في جنب هذه الفضيلة الكبير؟٥

ولهذا الخبر قيمته الأدبية فضلًا عن قيمته الخلقية، فهو من جهة الخلق دليل على تواضع ابن العميد وبره بالعلماء، ولكنه من الجهة الأدبية دليل على ميله إلى التعمق وشغفه بالاستقصاء، فكان من همه أن يحفظ دواوين القدماء، وأن يستدرك على قاصديه من أهل الأدب والرواية ما يقع في كلامهم من لحن أو حذف أو تصحيف.

ولم تكن معارف ابن العميد على كثرتها من النوع الذي يقدر بالمكان، بل كانت في غاية من الدقة ولطف الجوهر؛ فقد حدثنا الصاحب بن عباد أنه لم يجد فيمن صحب من يفهم الشعر كما يفهمه ابن العميد «فإنه يتجاوز نقد الأبيات إلى نقد الحروف والكلمات، ولا يرضى بتهذيب المعنى حتى يطالب بتخير القافية والوزن.» إلى أن قال: «وسمعته — أيده الله — يقول: إن أكثر الشعراء ليس يدرون كيف يجب أن يوضع الشعر، ويبتدأ النسج؛ لأن حق الشاعر أن يتأمل الغرض الذي قصده، والمعنى الذي اعتمده، وينظر في أي الأوزان يكون أحسن استمرارًا ومع أي القوافي يحصل أجمل اطراد.»٦

وهذا كما يرى القارئ فهم دقيق، وسمو بالنقد إلى أبعد مما كان يتطلع إليه الناقدون من وزن المعاني والألفاظ؛ فالرجل يرى أن جودة الشعر تتصل بوزنه وقافيته ولفظه ومعناه وكلماته وحروفه، ثم تختلف عنده القوافي والأوزان باختلاف المعاني والأغراض، وتلك نظرة لا يدركها إلا الفحول.

وهناك خبر صغير يبدو قليل الأهمية، ولكني وقفت عنده طويلًا: فقد ذكر يومًا أبو بكر الخياط بحضرة ابن العميد فقال: أفادني في نقد الشعر ما لم يكن عندي؛ وذاك أنه جاءني يومًا باختيار له فكنت أرى المقطوعة بعد المقطوعة لا تدخل في مرتضى الشعر فأعجب من إيراده لها واختياره إياها فسألته عنها، فقال: لم يقل في معناها غيرها فاخترتها لانفرادها في بابها.٧

فهل رأى القارئ أدق من هذه النظرة في تعقب الأشعار والأحاديث؟

وكان ابن العميد يجمع إلى سعة العلم أدب النفس، على قلة ما يتفق من ذلك في طباع الناس، فكان «قليل الكلام، نزر الحديث، إلا إذا سئل ووجد من يفهم عنه، فإنه حينئذ ينشط فيسمع منه ما لا يوجد عند غيره، مع عبارة فصيحة، وألفاظ مخيرة، ومعانٍ دقيقة، لا يتحبس فيها ولا يتلعثم … وكان لحسن عشرته، وطهارة أخلاقه، ونزاهة نفسه، إذا دخل إليه أديب أو عالم منفرد بفن سكت له وأصغى إليه، واستحسن كل ما يسمعه منه استحسان من لا يعرف منه إلا قدر ما يفهم به ما يورد عليه.»٨

على أن أدب النفس في صدر ابن العميد لم يقف عند هذه المعاني السلبية، بل تعدَّاه إلى الجرأة القاهرة والإقدام الغلاب «فإذا حضر المعارك وباشر الحروب فإنما هو أسد في الشجاعة لا يصطلى بناره، ولا يدخل في غباره، ولا يناوئه قرن، ولا يبارزه بطل، مع ثبات جأش، وحضور رأي، وعلم بمواضع الفرص، وبصر بسياسة العساكر والجيوش، ومكابدة الحروب»، وكان إلى هذه الخلال حسن التدبير إلى حد الإعجاز، فقد تولى الوزارة لركن الدولة بعد أن تقدمه قوم غلبهم الجند على أمرهم، وصارت مملكة ركن الدولة تحت سلطانهم ملعبًا للفتن والدسائس، وميدانًا للفوضى والاضطراب، فلما تولى ابن العميد الوزارة استقام الأمر، واستطاع بحزمه وقوة نفسه أن ينظم الأمور ويضبط الأعمال «وبسط عدله وأقام هيبته في صدور الجند والرعية حتى كان يكفيه رفع الطرف إلى أحدهم على طريق الإنكار فترتعد الفرائص وتضطرب الأعضاء، وتسترخي المفاصل» كما عبر ابن مسكويه، وهو عندنا صادق فيما وصف به ابن العميد.

وكان ابن العميد من الوزراء الممدَّحين، فقصده الشعراء من كل صوب، وساقوا إليه جياد المدائح، وللمتنبي فيه قصيدة رائية يحفظها أكثر الناس.

ولنُشِر هنا إلى أن ابن نباتة السعدي ورد عليه وهو بالري وامتدحه بقصيدته التي أولها:٩
يرح اشتياق وادكار
ولهيب أنفاس حرار
ومدامع عبرانها
ترفض عن نوم مطار
لله قلبي ما يجن
من الهموم وما يواري
لقد انقضى شكر الشبا
ب وما انقضى وصب الخمار
وكبرت عن وصل الصغا
ر وما سلوت عن الصغار
سقيا لتغليسي إلى
باب الرصافة وابتكاري
أيام أخطر في الصبا
نشوان مسحوب الإزار
حجي إلى حجر الصرا
ة وفي حدائقها اعتماري
ومواطن اللذات أوطا
ني ودار اللهو داري
لم يبق لي عيش يلذ
سوى معاقرة العقار
أحيا بألحان قمر
ت بهن ألحان القماري
وإذا استهل ابن العميد
تضاءلت ديم القطار
خرقٌ صفت أخلاقه
صفو السبيك من النضار
فكأنما زفت موا
هبه بأمواج البحار
وكأن نشر حديثه
نشر الخزامى والعرار
وكأننا مما تفرق
راحتاه في نثار
كلفٌ بحفظ السر تحسب
صدره ليل السرار
إن الكبار من الأمور
تنال بالهمم الكبار
وإلى أبي الفضل اتبعت
هواجس النفس السواري
ولكن صلة ابن العميد تأخرت عن هذا الشاعر فشفع هذه القصيدة بأخرى وأتبعها برقعة، فلم يزده ابن العميد على الإهمال مع رقة حاله التي ورد عليها إلى بابه فتوصل إلى أن أدخل عليه يوم خميس وهو جالس حافل بأعيان الدولة، وتعدى أرباب الديوان فوقف بين يديه وأشار بيده وقال:

أيها الرئيس، إني لزمتك لزوم الظل، وذللت لك ذل النعل، وأكلت النوى المحروق انتظارًا لصلتك، والله ما بي من الحرمان، ولكن شماتة الأعداء، وهم قوم نصحوني فأغششتهم، وصدقوني فاتهمتهم، فبأي وجه ألقاهم، وبأي حجة أقاومهم، ولم أحصل من مديح بعد مديح، ومن نثر بعد نظم، إلا على ندم مؤلم، ويأس مسقم، فإن كان للنجاح علامة فأين هي وما هي؟ إلا أن الذين تحسدهم على ما مدحوا به كانوا من طينتك، وأن الذين هجوا كانت مثلك، فزاحم بمناكبك أعظمهم شأنًا وأنورهم شعاعًا، وأمدهم باعًا، وأشرفهم بقاعًا.

فحار رشيد ابن العميد ولم يدر ما يقول، فأطرق ساعة ثم رفع رأسه وقال: هذا وقت يضيق عن الإطالة منك في الاستزادة، وعن الإطالة مني في المعذرة، وإذا تواهبنا ما دفعنا إليه استأنفنا ما نتحامد عليه. فقال ابن نباتة: أيها الرئيس، هذه نفثة مصدور منذ زمان، وفضلة لسان قد خرس منذ دهر، والغني إذا مطل لئيم! فاستشاط ابن العميد وقال: والله ما استوجب هذا العتب من أحد من خلق الله تعالى؟ … ولست ولي نعمة فأحتملك، ولا صنيعتي فأغضي عليك، وإن بعض ما أقررته في مسامعي ينغص مرة الحليم، ويبدد شمل الصبر، هذا وما استقدمتك بكتاب، ولا استدعيتك برسول، ولا سألتك مدحي ولا كلفتك تقريظي!

فقال ابن نباتة: صدقت أيها الرئيس، ما استقدمتني بكتاب، ولا استدعيتني برسول، ولا سألتني مدحك، ولا كلفتني تقريظك، ولكن جلست في صدر ديوانك بأبهتك، وقلت: لا يخاطبني أحد إلا بالرياسة، ولا ينازعني خلق في أحكام السياسة، فإني كاتب ركن الدولة، وزعيم الأولياء والحضرة، والقيم بمصالح المملكة، فكأنك دعوتني بلسان الحال، ولم تدعني بلسان المقال!

فثار ابن العميد مغضبًا وأسرع في صحن داره إلى أن دخل حجرته، وتقوض المجلس، وماج الناس، وسمع ابن نباتة وهو في صحن الدار مارًّا يقول: والله إن سف التراب والمشي على الجمر أهون من هذا! فلعن الله الأدب إذا كان بائعه مهينًا له، ومشتريه مما كسا فيه!

فلما سكن غيظ ابن العميد وثاب إليه حلمه التمسه من الغد ليعتذر إليه ويزيل آثار ما كان منه، فكأنما غاص في سمع الأرض وبصرها، فكانت حسرة في قلب ابن العميد إلى أن مات.

وقد نقلنا هذا الخبر على طوله لأهمية خاصة سيعرفها القارئ بعد لحظة، فإن راويه وهو ابن خلكان عاد فحدثنا أنه وجد هذه القصيدة وهذا المجلس منسوبين إلى غير ابن نباتة، وأنه كشف ديوان ابن نباتة فلم ير فيه هذه القصيدة وأنه وجدها في «مثالب الوزيرين» للتوحيدي منسوبة لأبي محمد عبد الرازق بن الحسن البغدادي وهذه لمخاطبة لشاعر من أهل الكرخ.

ونحن نأسف مر الأسف على أن لم نتمكن من الاطلاع على كتاب «مثالب الوزيرين»، ونخشى أن يكون ضاع أبد الآبدين، مع أنه كان موجودًا بالآستانة منذ ثلاثين عامًا، ولو أتيح لنا الاطلاع على هذا الكتاب لاستطعنا تخطئة ابن خلكان، فإننا نجزم جزمًا قاطعًا بأن هذا المجلس الذي نقلناه آنفًا من صنع التوحيدي، ولا يضيرنا أن النسبة لم تصح بطريقة علمية، فإنا نعرف التوحيدي معرفة قوية لطول ما صاحبناه وعاشرناه، ولو ألقيت جملة من كلامه في أكداس من الأوراق لميزناها لأول نظرة. فليكن الشاعر من يكون، وليكن المخاطب من يكون، فإن واضع المجلس هو التوحيدي على كل حال، ولا يبقى إلا أن نرجح أنه أداره على ابن العميد لا على غيره؛ لأن هذه الحفيظة من التوحيدي ما كانت لتثور في هذه القوة على رئيس غير ابن العميد الذي شغل بثلبه وتجريحه حينًا من الزمان.

وكان لابن العميد ولد ذكي القلب، قوي الحس، مشرق الذكاء، فاهتم بتأديبه وأحضر له كبار الأساتذة، وجعل عليه في صباه جماعة من ثقاته يشرفون عليه في منزله ومكتبه وينهون إليه أنفاسه، فرفع إليه بعضهم أن اشتغل ليلة بما يشتغل به الأحداث من عقد مجلس مسرة وإحضار الندماء في خفية شديدة واحتياط من أبيه، وأنه كتب إلى من سماه يستهديه شرابًا فحمل إليه ما يصلحهم من الشراب والنقل والمشموم، فدس ابن العميد إلى ذلك الإنسان من جاء بالرقعة الصادرة عن ابنه أبي الفتح فإذا فيها بخطه:

بسم الله الرحمن الرحيم

قد اغتنمت الليلة — أطال الله بقاء سيدي ومولاي — رقدة من عين الدهر، وانتهزت فيها فرصة من فرص العمر، وانتظمت مع أصحابي في سمط الثريا، فإن لم تحظ علينا النظام، بإهداء المدام، عدنا كبنات نعش، والسلام.١٠

فاستطير ابن العميد فرحًا بهذه الرقعة البديعة وقال: الآن ظهر أثر براعته، ووثقت بجريه في طريقي، ونيابته منابي. ووقع له بألفي دينار.

ولكن هذا الفرح لم يدم طويلًا؛ لأن ذلك الوليد أخذ يمعن في أسباب الزهو والخيلاء، فكان يحمل رؤساء الجند وقوادهم على الخيول الفره بالمراكب الثقال ليسلموا له الرياسة. «حتى لا يأنف أحد من تقبيل الأرض بين يديه والمشي قدامه إذا ركب، مما لا يؤثره الأستاذ بالرئيس ولا يرضاه لسيرته، وكان يعظه وينهاه عن هذه السيرة، ويعمله أن ذلك لو كان مما يترخص فيه لكان هو بنفسه قد سبق إليه».

قال ابن مسكويه: «ولقد سمعته في كثير من خلواته يشرح له صورة الديلم في الحسد والجشع، وأنه ما ملكهم أحد قط إلا بترك الزنية وبذل ما لا يبطرهم ولا يخرجهم إلى التحاسد، ولا يتكابر عليهم، ولا يكون إلا في مرتبة أوسطهم حالًا، وأن من دعاهم واحتشد لهم وحمل على حالة فوق طاقته لم يمنعهم ذلك من حسده على نعمته والسعي على إزالتها، وترقب أوقات الغِرة في آمن ما يكون الإنسان على نفسه فيفتكون به في ذلك الوقت.»١١

ولكن تلك العظات لم تغن شيئًا في تقويم ذلك الفتي، فكان أبوه يأخذه معه في أسفاره حتى لا تكون سيرته سببًا في تغير ركن الدولة على وزيره، واتفق أنه خرج أبو الفضل في إحدى سفراته واستصحب معه ابنه أبا الفتح، فلما كان في بعض الطريق — وكان يركب العماريات ولا يستقل على ظهور الدواب لإفراط علة النقرس وغيرها عليه — التفت حوله فلم ير في موكبه أحدًا، وسأل عن الخبر فلم يجد حاجبًا يخبره ولا من جرت العادة بمسايرته غير ابن مسكويه، فسأله فأخبره أن الجند بأسرهم مالوا مع أبي الفتح إلى الصيد.

قال ابن مسكويه: «فاستشاط من ذلك وساءه أن يجري مثل هذا ولا يستأذن فيه، وقد أنكر خلو موكبه وهو وجه الحرب، ولم يأمن أن يستمر هذا التشتت من المعسكر فتتم عليه حيلة، فدعا أكبر حجابه ووصاه بأن يحجب عنه ابنه أبا الفتح، وأن يوصي النقباء بمنع الديلم من مسايرته ومخالطته، وظن أن هذا المبلغ من الإنكار سيغض منه وينهي العسكر من اتباعه على هواه، فلم يؤثر كلامه هذا كبير أثر، وعاد الفتى إلى عادته واتبعه العسكر ومالوا معه إلى اللعب والصيد والأكل والشرب، وكان لا يخليهم من الخلع والألطاف، فشق ذلك على الأستاذ الرئيس جدًّا، ولم يحب أن يخرق هيبة نفسه بإظهار ما في قلبه، ولا أن يبالغ في الإنكار وهو مثل ذلك الوجه فيفسد عسكره ويطمع فيه عدوه، فدارى أمره، وتجرع غيظه، وأداه ذلك إلى زيادة في مرضه حتى هلك بهمذان وهو يقول في مجلس خلواته: ما يهلك آل العميد ولا يمحو آثارهم من الأرض إلا هذا الصبي (يعني: ابنه). ويقول في مرضه: ما قتلني إلا جرع الغيظ التي تجرعتها منه.»١٢

وكانت وفاته — رحمه الله — بالري سنة ٣٥٩ بعد أن عانى ما عانى من القولنج والنقرس يعاودانه صباح مساء. ويقال: إنه رأى أكارًا في بستان يأكل خبزًا ببصل ولبن وقد أمعن فيه، فقال: وددت لو كنت كهذا الأكار آكل ما أشتهي! وكذلك كانت العافية أنفع وأجمل من الملك والجاه والمال، وهل تبسم الدنيا لإنسان عليل؟

هوامش

(١) يتيمة الدهر (٣ / ٢–٢٥).
(٢) في مواطن كثيرة من «إرشاد الأريب».
(٣) (٢ / ٤٦٣–٤٦٦).
(٤) (٢ / ٢٧١–٢٨٢).
(٥) معجم الأدباء (٥ / ٩، ١٠).
(٦) انظر: رسالة الصاحب عن المتنبي ص٨.
(٧) معجم الأدباء (٥ / ١٠).
(٨) راجع: تجارب الأمم (٢ / ٢٧٧، ٢٧٨).
(٩) راجع: ابن خلكان (٢ / ٤٦٤–٤٦٦).
(١٠) اليتيمة (٢ / ٢٦).
(١١) تجارب الأمم (٢ / ٢٧٢).
(١٢) تجارب الأمم (٢ / ٢٧٣).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤