خاتمة

دارت عملية اختيار الأطفال للألعاب الصينية في فترة ما بعد الظهيرة الممطرة في أول يومٍ من العام الجديد في جناح الأطفال في متجرٍ كبير للكتب بالقرب من منزل والدي.

قضينا ساعةً فوضوية في مطاردة الطفلين عبر الممرات قبل أن نتوجَّه إلى المنزل حاملين دُميتَي حيوانين وكومة من الكتب. اختارت صوفي أرنبًا أبيض، وتعلق ويس بدُمية على شكل حيوان إما أنه قط له جسد كلب أو كلب له رأس قط.

سألته: «أهذا كلب؟»

فردَّ عليَّ مصححًا: «بل قِط.»

رسميًّا، ليس من المفترض أن أعرف هل اللُّعَب الصينية المختارة تتضمَّن حقًّا منتجات صينية أم لا؛ حيث إنني أخبرت الطفلين أن رحلتنا هذه إلى المتجر مناسَبة خاصة، وأنني لن أفحص البطاقات التجارية الملصقة لأي شيء. على المستوى غير الرسمي، لم أستطع أن أمنع نفسي؛ ففي هذا المساء، عندما كنت بمفردي في غرفة نومي القديمة، قلبت قط ويس أو ربما كلبه وألقيت نظرة على الجهة السفلية.

كان مكتوبًا على الملصق: «صنع في الصين».

حينها دخل ويس الحجرة؛ فأمسكني متلبِّسة، إذ كان القط أو الكلب مقلوبًا وكانت بطاقته التجارية الملصقة بين أصابعي.

فقال: «إنك تلقين نظرة يا أمي.»

فقرَّرت أنه ربما ينبغي أن يعرف الحقيقة، فأخبرته:

«إنه من الصين.»

فجذب القط/الكلب من يدي وقذفه إلى الناحية الأخرى من الغرفة؛ فوقع مرتطمًا بصوتٍ عالٍ خلف السرير.

فحدَّق فيَّ وقال: «هششش! لا أريده أن يعرف ذلك.»

اتضح أن أرنب صوفي صيني أيضًا، وكذلك أحد كتبها. بعد أن أَوى الطفلان إلى الفراش جلست حاملةً الكتاب الصيني في يدي وتفحصت الكلمات المكتوبة في طيته: «صنع في الصين». توقَّعت أن تنتابني مشاعر قوية — إما بالندم وإما بالراحة — ولكن الشيء الوحيد الذي انتابني هو مدى غرابة الشعور بحمل شيءٍ صنع في الصين اشتريناه بأنفسنا.

نظر كيفن بحزنٍ من فوق كتفي إلى الكلمات المكتوبة على الطية، ثم قال:

«هذا محبط قليلًا، ألا تعتقدين ذلك؟»

انتهت المقاطعة رسميًّا، وكانت عملية اختيار اللُّعَب الصينية مناسَبة واحدة من نوعها. لا يفصلنا عن اليوم الثاني من شهر يناير سوى بضع ساعات ولم نُحدِّد بعدُ أين ستكون الصين في مخططنا في العام الجديد.

•••

كنا لا نزال في إجازتنا في كاليفورنيا عندما اتصل بنا نائب المأمور ليخبرنا أنهم استعادوا سيارتنا التويوتا، على ما يبدو في مركز التسوُّق نفسه الذي اختفت فيه. كانت أبوابها مغلقة ونظيفة وفي حالة جيدة، حسبما قال. أجرى كيفن ترتيباتٍ لقَطْرِها إلى ورشة إصلاحٍ لفحص ما وقع بها من أضرار.

هذه أخبار جيدة، ولكنها طرحت سؤالًا واحدًا دون إجابة: لماذا لم يستطع كيفن إيجاد السيارة في ليلة ١٩ ديسمبر؟

لا بد أنه كان يعرف ما أفكر فيه؛ لأنه عندما أنهينا المكالمة التفتَ إليَّ وقال لي، دفاعًا عن نفسه: ««لم تكن هناك.» لم يكن موقف السيارات كبيرًا لهذه الدرجة. لا بد أن شخصًا ما سرقها ثم أعادها مرةً أخرى.»

أخبرته أنني أصدقه. واحتفظت لنفسي بحقيقة أنه لا يبدو أن أحدًا آخر يُصدِّقه بما في ذلك الضابط الذي اتصل ناقلًا الخبر، وأمي أيضًا، التي راحت تراقبنا باستمتاعٍ من الناحية الأخرى في المطبخ.

•••

تلقينا مكالمة هاتفية غريبة أخرى في منزل والديَّ، هذه المرة كانت من مراسل صحفي صيني. كان المراسل الصيني يرغب في إجراء مقابلةٍ معي من أجل مقالةٍ عن السنة التي قضتْها أسرتنا دون منتجاتٍ صينية.

لم تكن مكالمة المراسل الصيني الهاتفية مفاجِئة على نحوٍ تام، ولكنها أصابتني بالتوتر؛ ففي أواخر ديسمبر، نشرت صحيفة كريسشان ساينس مونيتور مقالة كتبتها عن مقاطعتنا للمنتجات الصينية. ونقلت الصحف في إسرائيل وكندا ودبي وأماكن أخرى هذه المقالة. وأرسلت سي بي إس نيوز فريق تصوير إلى منزلنا في اليوم التالي للكريسماس. وأجرت محطة ناشونال بابليك راديو مقابلة معي.

تساءلتُ هل الفكاهة في مقالي ضاعت في الترجمة أم لا وما إذا كنتُ سأحظى بلقب عدوة الشعب. اتصلتُ بالمراسل الصيني على أي حال، بدافعٍ من الفضول أكثر من أي شيءٍ آخر. أجرى معي مقابلةً سريعة وفي اليوم التالي أرسل إليَّ مقالته بالبريد الإلكتروني باللغة الصينية؛ فأرسلتها إلى أخي الأصغر من أجل ترجمتها.

أضفى المراسل بعض الإثارة إلى الفكرة العامة للمقال وغيَّر في قليل من الحقائق.

ترجم لي أخي عبر الهاتف قائلًا: «لم يكن لدى الطفلين أي لُعَب … واختفت الضحكات والابتسامات من على وجهيهما.»

فقلت في نفسي إن هذا ليس صحيحًا، وليس ما كتبته أيضًا.

ربما كان ينبغي أن أتعلم الدرس حينها، ولكني وافقت على إجراء مقابلةٍ مع الصحافة الصينية بعد أسبوعٍ أو نحو ذلك عندما عدنا من كاليفورنيا ووصلتْني مكالمة من طاقم تليفزيوني صيني. قضى الطاقم ثلاث ساعات في منزلنا ووقع ويس في حب المصوِّرة، التي قضت وقتًا طويلًا للغاية في تصوير ويس بينما يرمي الكرة للكلب وكان ويس يبتسم في جنون. وقبل أن يرحلوا، أهدَوْنا مزهرية جميلة من الخزف الصيني.

قالت لي جارتي الخبيرة بشئون الناس والحياة لاحقًا: «ابحثي فيها عن ميكروفون خفي. تذكَّري مَن تتعاملين معهم.»

تجاهلتُ مخاوفها. أعتقد أنني يجب أن أتذكَّر أنني ألعب بالنار، على الرغم من أنها لم تبدُ مثل النار في ذلك الوقت. كان طاقم التليفزيون رائعًا. كانت المراسِلة الرئيسية ذات جمالٍ مرهف وكانت تتمتع بحسِّ دعابة رائع، وكانت لغتها الإنجليزية ممتازة. وقد أحببت حذاءها. وقد تشكلت بيننا علاقة صداقة على الفور. بدت تفاعلاتنا مع وسائل الإعلام الصينية طبيعية بنحو مدهش.

ثم جاءتني مكالمة هاتفية من مراسل تليفزيوني صيني عدواني قضي معظم الساعة التي استغرقتْها مكالمته معي في محاولة جعْلي أقول إن المقاطعة دمَّرت تقريبًا زواجي وسعادة أطفالي ونبذتْني من المجتمع. جاءت أسئلته كالآتي:

ألم يكن من الغريب عدم شراء سلع صينية بينما جميع أصدقائكِ يفعلون ذلك؟ نعم، لم يكن غريبًا.

هل كان أصدقاؤكِ يعتقدون أنكِ غريبة؟ لا، بل ظنُّوا أننا مرحون.

هل تشاجرتِ أنتِ وزوجكِ عن هذا طوال العام؟ لا، ليس شجارًا فعليًّا.

ألم يسبب هذا الكثير من المشكلات في زواجك؟ نعم، لم يسبب كثيرًا من المشكلات.

ألم يكن زوجكِ غاضبًا؟ نعم، لم يكن غاضبًا.

ألم يكن طفلاكِ حزينين لأنهما لم يكن لديهما أي لُعَب؟ نعم، لم يكونا حزينين؛ كما كان لديهما بعض الألعاب، ولكنها ليست لُعَبًا صينية ليس أكثر.

ألم تشعري بالحزن عندما كنتِ لا تستطيعين شراء كل الصيحات الجديدة؟ نعم، لم أشعر بالحزن.

هل ذهبتِ من قبل إلى الصين؟ لا، لم أذهب.

ماذا تعرفين عن الصين؟ لا أعرف عنها سوى ما قرأتُه في العديد من الصحف والمجلات التي تتوافر لي من خلال وسائل الإعلام لدينا.

ثم طلب التحدُّث إلى كيفن.

ألم تَخُضْ شجاراتٍ كثيرةً مع زوجتك بسبب هذا؟ نعم، لم نَخُضِ الكثير منها.

ألم تشعر بالحرج من ارتداء خفين غير متماثلين؟ ضحك كيفن، ثم قال على نحوٍ قاطع: «نعم، لم أشعر بالحرج.»

ألم تغضب من زوجتك لعدم السماح لك بشراء أشياء من الصين؟ نعم، لم أغضب منها.

وهكذا سار الأمر، سريعًا ومتتابعًا، وكأنه استجواب.

بعد هذا كنا قد اكتفينا. توقَّفتُ عن الرد على الاتصالات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني من الصحافة الصينية. ربما لم يكن هذا مهمًّا للغاية من وجهة نظرهم؛ فقد كان لديهم القصة التي يريدونها وفعلوا بها ما يريدون؛ فقد كان الجوهر المثير للاشمئزاز للمقالات في وسائل الإعلام الصينية هو أن الأمريكيين يعتمدون كثيرًا على السلع الاستهلاكية الصينية، حتى إن محاولة العيش من دونها تذهب بسعادتك أدراج الريح. وما عليك إلا أن تنظر إلى الصعوبات التي واجهتْها عائلة بونجورني عندما حاولتْ ذلك. يبدو أن وسائل الإعلام الحكومية تلاعبت جيدًا بالقصة. وبعد أشهر، عندما كنت أتصفح بعض مواقع الإنترنت، وجدت مقالًا صحفيًّا باللغة الإسبانية ثقيل الظل تحت عنوان «المنتجات الصينية مفيدة للعالم» يسلط الضوء على اعتماد العالم على المنتجات الصينية، وكانت قصة أسرتنا واردة فيه على أنها حكاية تحذيرية.

ربما كان يجب أن أستمع إلى نصيحة جارتي. وربما كان ينبغي أن أتوقَّع هذا، ولكن في النهاية أصابني هذا بالذهول؛ فقد أصبحت عن غير عمدٍ أداة للدعاية للحكومة الصينية. الحكومة الصينية الشيوعية «الحمراء».

•••

وردتْني مكالمة هاتفية بشأن سيارتنا التويوتا من نائب مأمور آخر. كان يضع الصيغة النهائية لإحصاءات الجرائم لشهر ديسمبر، ويريد مراجعة تفاصيل السرقة المزعومة لسيارتنا.

بدأ حديثه قائلًا: «حسنًا، عُثر على السيارة في المكان نفسه الذي أفيد أنها سُرقت منه، صحيح؟»

قلت له: «أعتقد ذلك.»

ثم خاض في الأحداث المتعلقة باختفاء السيارة.

«إذن، سُرقت من موقف السيارات حيث يوجد مطعم هوترز؟»

هوترز؟ ماذا يقصد بالتحدُّث عن هوترز؟ رددتُ عليه قائلة: لا ليس هوترز؛ فهذا المكان يبعد نحو أربع مربعات سكنية ناحية الغرب عن المطعم الصيني. زوجي لم يكن هناك، بل كان في المطعم الصيني في الناحية المقابلة من الجادة.

واستطردتُ قائلة: «لم تكن السيارة قط في ذلك المركز التجاري.»

لم يكن ينصت إليَّ.

وقال معارضًا: «ليس هذا ما هو مكتوب في التقرير.»

أشرت بلطفٍ أنه ربما يوجد خطأ في التقرير إذا ما كان يذكر المركز التجاري الذي يوجد فيه مطعم هوترز. وعند هذه النقطة، تغاضى عن الإشارة إلى هوترز وألمح إلى ما كان يعتقد حقًّا أنه حدث في تلك الليلة المعنية.

«ألا تعتقدين أن زوجكِ ربما قد أفرط في الشراب قليلًا ولم يستطع أن يجد السيارة؟»

فقلت: «إنه لم يشرب سوى الماء.»

كنت أستطيع قراءة فكرته التالية بوضوحٍ كما لو كان يتكلم بصوتٍ عالٍ: «نعم، أتصوَّر أن هذا هو ما أخبركِ به، مباشرةً بعد أن أخبركِ أنه لم يكن في مطعم هوترز.»

لم يُصدِّق الرجل قصتي، التي كانت قصة كيفن، والتي كانت قصة حقيقية وإن كانت تبدو سخيفة، وهو ما أعترف به. أستطيع أن أدرك سبب تشكك الضابط. وأنا أستمع إلى تفسيراتي، أدركت أنني أبدو عاجزة، كزوجة ساذجة في حالة إنكار. لم يكن صوتي مقنعًا؛ فقد بدوتُ غير متأكدة، حتى لنفسي. ولكن كيفن ليس من النوع الذي يرتاد حانة هوترز، وليس من النوع الذي يكذب على زوجته. بالطبع، لا يعرف الضابط ذلك، ولن يُصدِّقه حتى لو أخبرتُه به، وهو ما لن أفعله.

سألني بعد ذلك: «ولكن السيارة وُجدت بحالة جيدة؟»

نعم.

«وكانت الأبواب مغلقة ولا شيء منها مفقود؟»

صحيح.

«لا شيء مسروق ولا محطم؟»

صحيح.

سمعته يتنهَّد، ثم قال:

«هذا لا يبدو منطقيًّا على الإطلاق. لا تظهر السيارات المسروقة بهذه الحالة.»

وافقتُه على ذلك.

قلت له: «حسنًا، قال زوجي إنه خرج من المطعم ومشى إلى المكان الذي يُفترض أن تكون فيه السيارة، ولكنها لم تكن فيه. وقال إنه ما لم يكن قد فقد عقله، فإن هذا هو ما حدث.»

كنت أستطيع أن أعرف أن الرجل يعتقد أني مجنونة، وكيفن أيضًا.

قضينا فترة على هذه الحال حتى اكتفى الضابط. ثم أخبرني أنه لا بد أن يقرر بطريقةٍ أو بأخرى هل هناك جريمة قد وقعت أم لا حتى يتمكن من إنهاء تقريره.

«ألا تعتقدين أنه من الممكن أن زوجكِ ربما لم يتمكن من العثور على السيارة وحسب في تلك الليلة، وأنها كانت موجودة هناك طوال الوقت وأنه على نحوٍ ما نسي مكانها؟»

تردَّدت. هل أعتقد أن هذا ممكن؟ من الناحية الفنية، إنه ممكن تمامًا مثل أي شيء آخر.

فاعترفت: «هذا محتمل، نعم. لكنني فحسب لا أعتقد أنه مرجَّح.»

لم يكن يرغب في المجادلة عن الفرق بين المحتمَل والمرجَّح؛ فقد أسرع بإنهاء المكالمة بمجرد أن سمعني أعترف بأن ذلك ممكن.

كان لغز التويوتا الذي لا حل له محيرًا لسببين:

أولًا: ما زلت أعتقد أن السيارة سُرقت وأن كيفن لم ينسَ مكانها، على الرغم من أن هذا الاحتمال الأول بات الآن وجهة نظر الأقلية، حتى بين أصدقائنا وعائلتنا. كانت النظرية التي طرحتُها على مستمعيَّ المتشككين هي أنه ربما قاد شخص آخر — ملتزم بالقانون ولديه سيارة تويوتا زرقاء تشبه سيارتنا بالضبط ومفتاحها يناسب سيارتنا — السيارة عن غير قصدٍ لعدة أميال قليلة قبل أن يدرك خطأه ويعيدها إلى موقف السيارات بسرعة. ربما منعه الحرج من ترك ملاحظة بذلك. وربما كان قد شرب شيئًا آخر إلى جانب المياه في تلك الليلة.

ثانيًا: لست متأكدةً مما تعنيه استعادة السيارة بالنسبة إلى فضيحة بسكوت الحظ الصيني التي اعتقدت أني كشفت عنها الشهر الماضي. وهل يمكن أن يوم التاسع عشر لا يزال يوم حظ سعيد لكيفن؟

•••

قرَّرنا أنه يمكننا نوعًا ما العيش مع البضائع الصينية.

إذنْ لا يبدو التخلي عن المنتجات الصينية للأبد أمرًا عمليًّا؛ لأنه قد يعني أننا لن نشتريَ مرة أخرى هاتفًا محمولًا، أو مسدس مياه، أو ربما حتى تليفزيونًا في أحد الأيام. لا نريد أن نتخلى عن تلك الأشياء إلى الأبد.

في الوقت نفسه، قدَّمت لنا المقاطعة انضباطًا كنا نفتقر إليه في سلوكياتنا الاستهلاكية. كانت تجرِبةً مُرْضِيَة؛ فقد جعلت رحلاتنا إلى مراكز التسوق والمتاجر ذات مغزًى بطريقةٍ غير متوقَّعة، بل ربما مرحةً في بعض الأحيان. ومن الناحية المالية، ربما كانت ذات تأثير معادل؛ لأننا أنفقنا أموالًا أكثر على بعض الأشياء — هدايا الكريسماس، والنظارات الشمسية — وأموالًا أقل على أشياء أخرى مثل الأحذية وحالات الشراء الاندفاعي؛ حيث إن هذه المشتريات في كثيرٍ من الأحيان تتضمَّن منتجاتٍ صينية. وأحببنا توزيع أموالنا بين العدد الكبير من المتنافسين تحت مظلة الاقتصاد العالمي عن طريق شراء بضائع مصنوعة في العديد من البلدان المختلفة، بما في ذلك بلدنا.

لذلك أوجدنا حلًّا وسطًا؛ قرَّرنا أن نبحث عن بدائل للمنتجات الصينية عندما يكون ذلك ممكنًا، ولكننا سنشتري المنتجات الصينية عندما يكون هذا هو الخيار العملي الوحيد، الذي غالبًا ما يكون هكذا. طبَّقنا مبدأنا التوجيهي الجديد على مسألةٍ صغيرة في منتصف يناير عندما كنت أشتري للأطفال فُرَش أسنانٍ جديدة؛ واحدة أمريكية وواحدة صينية. وعندما اشترى لي كيفن جهاز كمبيوتر جديدًا، اكتشفت أن الطراز الذي أريده يُصنع في الصين وأيرلندا أيضًا؛ فطلب إرسال جهاز أيرلندي، ولكنهم أرسلوا لنا واحدًا مصنوعًا في الصين على أي حال.

شعرت بطريقةٍ ما براحةٍ للعودة إلى شراء السلع الصينية؛ فرغم كل شيء، ثَمَّةَ دم صيني يسري في عروقي، وفي عروق ويس وصوفي، مختلطًا مع دم مجهولين سويديين وإيطاليين وألمان وأيرلنديين. لا أريد أن أنكر إرثي الصيني. إنه جزء نفخر به من جذور آل بونجورني الصغار الحاليين والمستقبليين. ومنع الصين من حياتنا إلى الأبد يبدو كإغلاق الباب في وجه سَلَفِي الصيني السيد تشانج، الذي أُحبُّه للغاية. بصراحة، تُمثِّل قصته أكثر الأجزاء حيويةً في تاريخ العائلة حتى الآن، وأغتنم أي فرصة يمكنني فيها التباهي به، للأصدقاء والغرباء على حدٍّ سواء. لا أريد التخليَ عن السيد تشانج، الذي قد يبدو التخلي عن البضائع الصينية إلى الأبد مشابهًا للتخلي عنه.

•••

ثَمَّةَ عمل بسيط آخر غير منتهٍ؛ مجرد مسألة ثانوية. مضى ما يزيد قليلًا على العام منذ أن استبدلت بطارية ساعتي، وكنت أتساءل منذ ذلك الحين عن مكان صُنْع البطارية.

عدت إلى متجر المجوهرات ذات صباح هادئ لاستبدال بطارية جديدة بهذه البطارية. وأنا أنتظر، شاهدت امرأة مُسِنة تُجرِّب خواتم ماسية كبيرة وزوجها ينظر إليها بسرور. لم تستطع زوجة صاحب المتجر إخفاء خيبة أملها عندما أخبرتُها أن كل ما أحتاج إليه بطارية ساعة جديدة.

عندما عادت مرةً ثانية حاملةً ساعتي، سألتُها على نحوٍ عرضي هل من الممكن أن تخبرني بمكان صُنْع البطارية. ابتسمت وتجاهلت سؤالي. سألتُها ثانية، مرتين، بطريقتين مختلفتين، حتى عادت للتحقُّق من العلبة.

كانت لا تزال مبتسمةً عندما عادت وقالت: «الولايات المتحدة الأمريكية.»

إذن، هذا كل شيء. لم أعد مضطرةً لإضافة علامة خطأ أخرى إلى قائمتي العقلية لخطايا المقاطعة؛ إلا أنه طرأت على ذهني فكرة أنني لا ينبغي عليَّ أن أطمئن هكذا ما لم تكن بطارية الساعة الجديدة تلك أتت من علبة بطاريات في الحجرة الخلفية في محل المجوهرات مختلفة عن علبة البطارية التي اشتريتها قبل عام. ربما كانت هذه العلبة صينية وأن هذه البطارية فقط هي الأمريكية. تفكرت لفترةٍ وجيزة في محاولة تحديد هذا مع زوجة صاحب متجر، ولكني كنت بالفعل قد عُدْتُ إلى السيارة التويوتا وخرجت من موقف انتظار السيارات عندما فكرت في ذلك. سوف يظل هذا الأمر لغزًا، مثل مصير السيارة التويوتا نفسها في ليلة ١٩ ديسمبر. بدت محاولة حل هذا اللغز مَضيَعةً للوقت.

يمكنك القول بالطبع إن العام الماضي كان مَضيَعةً للوقت، هذا ما فكرت فيه بينما أدخل بالسيارة وسط زحام السيارات في الشارع. ولكن مع ذلك، هذا الفكر الانهزامي لا يوصلني إلى أي شيء؛ لأن الهدف من المقاطعة لم يكن الفوز على الصين، أو الفوز على أي شيءٍ حقًّا، بل كان محاولة تحديد مكاننا في العالم، ومكان الصين في عالمنا. يتمثل ما اكتشفتُه في أنه يمكن للمرء أن يعيش دون منتجاتٍ صينية، لا سيما إذا لم يكن لديه شريك حياة وأطفال متمردون أو تعلُّق بالأحذية والأجهزة الإلكترونية الرخيصة. أما كوننا لم نستطع تحقيق هذا تمامًا فلا يعني أنه لا يمكن القيام به على الإطلاق.

أحيانًا أفتقد المقاطعة. أشعر أنني أستسلم عندما نشتري شيئًا عليه ملصق «صنع في الصين». يبدو الأمر سهلًا للغاية، ولكن محاولة العيش دون الصين بدتْ أحيانًا على النقيض: صعبة للغاية، أو على الأقل، بدا التمسك بها إلى الأبد أمرًا صعبًا. وبينما أشعر بسعادةٍ للعودة إلى سَلَفِي المحترم السيد تشانج، أعترف أن مشاعري إزاء مكان الصين من حياتنا لا تزال مشوشة. أحب أن يكون كل شيءٍ جميلًا ومرتبًا، ولكن مشاعري إزاء مكان الصين في العالم، ومكانها في منزلنا، معقدة.

عندما أرى عبارة «صنع في الصين»، جزءٌ مني يقول: «هذا جيد للصين.» في حين أن جزءًا آخر يشعر بحنين لشيءٍ فقدتُه، ولكني لست متأكدةً من ماهيته بالضبط؛ المقاطعة؟ الفترة السابقة للمقاطعة؟ ربما شيء آخر مختلِف تمامًا، مثل الطفولة الضائعة أو الفترة السابقة حتى لاختراع مصطلح «العولمة» — التي باتت تبدو لي وكأنها قبل مليون عامٍ مضت — عندما لم تكن فكرة مقاطعة الصين قد طرأت على ذهني من الأساس.

أخشى أنني نقلت حيرتي لكيفن أيضًا.

فقد أخبرني قائلًا: «أشعر بالذنب عندما أشتري أشياء صينية، وبعد ذلك أشعر وكأنني أتحامل على الصين عندما أتجنَّب الأشياء الصينية.»

ربما أفتقد المقاطعة من وقتٍ لآخر ولكني لا أعرف إذا ما كنت سأُجرِّبها مرةً أخرى أم لا. بطريقةٍ ما أُفضل ألا أعرف مدى ازدياد صعوبة الحياة دون البضائع الصينية بعد عَقْدٍ من الآن. وأيضًا لست متأكدةً من أنني أريد سماع جواب كيفن لو أنني طرحت مسألة مقاطعة الصين مرةً أخرى أمامه في فترةٍ قادمةٍ ما من حياتنا.

ومن يدري، فقد يوافق!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤