الفصل العاشر

الانهيار

سألتُ كيفن: «ما سراويل عُمال النظافة؟»

حدَّق في وجهي لحظة طويلة قبل أن يقول ما هو بديهي.

«السراويل التي تُشبه ما يرتديه عُمال النظافة. سراويل مستوية من الأمام، وعرض الساقين ثابت من أعلى لأسفل، وبها مكان لتعليق المفاتيح.»

كانت الساعة السابعة إلا الثلث صباحًا وأشار كيفن للتو إلى أنه سيرتدي أي سراويل أشتريها له ما دامت تُشبه سراويل عُمال النظافة. نظرت لأسفل لأتصفَّح صفحة منشور جيه كرو التسويقي المفتوح في حِجري. لم يكن يذكر أي عُمال نظافة أو أعضاء في أي مهنة أخرى.

غامرت بسؤاله: «هل تعني سراويل من قماش تشينو؟» ثم رفعت المنشور التسويقي بحيث يستطيع كيفن رؤية صورة السراويل القطنية، فتنهد ليُعلِمني أن أسئلتي تُثير ضجره، ثم مال إلى الأمام من مكانه على الأريكة بين الطفلين ثم حدَّق في الصفحة عبر الظلام شبه الدامس.

ثم قال: «نعم، تلك هي سراويل عُمال النظافة. ثم تذمَّر قائلًا: سراويل تشينو! مَن سمع عن تلك السراويل؟»

ثم وجَّه انتباهه إلى شاشة التليفزيون المضيئة مرةً أخرى.

كان هناك تطوُّر مفاجئ في زواجنا؛ فقد أعلن كيفن، في وجود عددٍ من الشهود، أنه على استعداد لارتداء أي ملابس أشتريها له لو كان ذلك يعني أني سأتوقف عن تعليقاتي الساخرة على خزانة ملابسه، التي تتكوَّن في معظمها من السراويل الكاكية المهترئة والقمصان دون الأكمام المغطاة بالشعارات، التي حصل عليها مجانًا مقابل المشاركة في سباقات الجري المحلية لمسافة عشرة كيلومترات. هذه هي مجموعة الملابس المعتادة خلال الوقت الذي يعمل فيه في التدريس، عندما يكون شديد الاعتناء نسبيًّا بمظهره. وفي عطلات نهاية الأسبوع يتخلى عن رسميته تمامًا؛ حيث يرتدي سراويل وقمصانًا بلا أكمام مليئة بثقوب كبيرة كلٌّ منها بحجم كلب صغير، وربما فاق حجمها أحيانًا حجم الكلاب الصغيرة.

كانت أخت زوجي بين الحضور عندما أعلن كيفن أنه مستعد للخضوع لتغيير تام في طراز ملابسه إذا ما كنتُ مستعدةً لتحدي قيادة هذا التغيير. وبينما لم يكن كيفن ينظر إليها، منحتْني إشارة تشجيع من الناحية الأخرى من الغرفة. وفي بعض الأحيان، عندما لم يكن لدينا ما نتحدَّث عنه، كنا نتبادل انتقادات حزينة حيال تدنِّي ذوق كيفن في انتقاء الملابس.

قالت لي وهي تهز رأسها: «يا لها من خسارة. ينبغي عليكِ حقًّا أن تفعلي شيئًا حيال ذلك.»

ربما تكون مُحِقَّة، ولكن مشاعري مشوَّشة حيال التدخُّل في خزانة الملابس، فجزء مني معجب بعقلية كيفن غير المكترثة بمظهره. وجهل كيفن في ارتداء الملابس عنصر أصيل من مكونات شخصيته؛ فهو ليس مزهوًّا بنفسه على الإطلاق؛ فلم أرَه يومًا يسترقُ نظرات نحو انعكاس صورته في نافذة متجر، ومجموعة أدوات التجميل خاصته تتكوَّن من مشط قديم وشفرة حلاقة. إذا كان يوجد شخص يختال بمظهر كيفن، فإنه أنا. وهذا ليس تردُّدي الوحيد إزاء تغيير كيفن؛ أنا أيضًا لا أريد أن أخاطر بوجود مزاعم حول لعب دور المرأة المتسلطة المستبدة لزوج منقاد أو — لا سمح الله — أن ألعب دور أمه. ثم كذلك، كم من مرة تسنح الفرصة لزوجة أن تلعب نسخة البالغين من لعبة تلبيس الدمية مع زوجها، بموافقته؟

وضَع كيفن شرطًا واحدًا لهذه الصفقة: «فقط لا تجعليني أذهب للتسوق معك.»

ظَلِلْتُ أماطل لعدة أيام غير متأكدة هل يعني حقًّا ما قاله، ولكن عندما استيقظت ذلك الصباح كنت مستعدةً لقَبول مهمتي. ما زال الظلام سائدًا عندما بدأت تصفُّح المنشور التسويقي لجيه كرو، ورفعت بعض الصفحات ليراها كيفن. حصلت على الموافقة على السراويل الجديدة في حوالي السادسة وإحدى وأربعين دقيقة، وبعد دقائق كنت أجلس إلى طاولة المطبخ وأطلب رقم خدمة العملاء. وصلت إلى شابٍّ بدا مندهشًا ولكنه كان ودودًا عندما قلت له إنني أريد أن أعرف بلد منشأ سراويل تشينو وحزام أنيق مصنوع من شريط ملوَّن، اتفقت مع كيفن على أنه «سوف يبدو جيدًا على السروالين.» أبقاني الشاب منتظرةً على الخط، أستمع إلى موسيقى راقصة لمدة سبع دقائق.

سأل الشاب عندما عاد: «هل ما زلتِ على الخط؟»

أخبرني أن السراويل تُصنع في هونج كونج والحزام من الصين. قلت له إنني أرغب في المُضي قدمًا في شراء السراويل ولكنني سأتخلى عن الحزام الصيني. شعرت أنه متردد.

فتساءل مستفسرًا بتردُّد: «هل لي أن أسأل لماذا لا تريدين الحزام؟ كنت أتساءل أنا ومشرفي عن سبب رغبتك في معرفة بلاد منشأ هذه الأشياء؛ فالناس عادةً لا يسألون عن ذلك.»

أخبرته أنني أحاول أن أعيش سنة كاملة دون شراء أي شيءٍ مصنوع في الصين، لأرى مدى صعوبة القيام بذلك.

وأضفت: «إنها تجربة.»

فقال ضاحكًا: «هذه فكرة رائعة.»

وأخبرني أن كل الأحذية في المنشور التسويقي إيطالية والأشياء المصنوعة من الكشمير قادمة من منغوليا لكنه لا يعرف أصل الأشياء الأخرى. قلت له إنني ربما سأتصل بشركة جيه كرو في يناير لشراء الحزام الصيني، وهذه العبارة مغازلة صريحة؛ فأنا لا أستطيع مقاومة المعجبين بالمقاطعة.

فقال لي: «آمل أن أُجيب أنا على الهاتف عندما تتصلين حينها.»

أنهينا المكالمة ودلفت مرةً أخرى إلى غرفة المعيشة وألقيت جسدي على الأريكة، ثم بدأت في التفكير في هونج كونج، وهل هي في الواقع جزء من الصين، وهل ربما ينبغي أن أنهض وأتوجَّه عائدةً إلى المطبخ، وأتصل مرةً أخرى بصديقي الجديد في جيه كرو لإلغاء طلبي لسروالَيْ عُمال النظافة اللذين من المحتمل أن يكونا صينيين. أقلقني هذا الاحتمال لبضع دقائق، مفكرةً في كيفن وخزانته المليئة بالسراويل المثقوبة. ثم تذكرت مَن يستطيع مساعدتي في حل هذه الورطة: وكالة المخابرات المركزية.

قبل شهور، عندما سألت أخي الأصغر — الذي عاش سنوات عديدة في آسيا — هل هونج كونج الآن جزءٌ من الصين أم لا، قال لي إنه يعتقد أنها «منطقة إدارية خاصة تابعة للصين» نوعًا ما. شكرته، على الرغم من أن كلماته بدت وكأنها هراء بالنسبة إليَّ؛ فما معنى «منطقة إدارية خاصة»؟ مصطلح لا معنى له في رأيي. ألم يستطع أخي — ذو العقل الكبير والأفكار الخبيرة بالحياة وشئونها — أن يأتيَ بشرح أفضل لمكانة هونج كونج في العالم؟

لا، لم يستطع. وعلى ما يبدو، لم تستطع وكالة المخابرات المركزية أيضًا؛ فعندما توجَّهت لكتاب «حقائق العالم» الذي تُصدره وكالة المخابرات المركزية على شبكة الإنترنت للقراءة عن هونج كونج، وصفها بأنها «منطقة إدارية خاصة تابعة للصين.» والأسوأ من ذلك أن اسمها الرسمي، وفقًا لوكالة المخابرات المركزية، هو «منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة»، والرئيس جين تاو، الرئيس الصيني، هو رئيسها، واليوم الأول من يوليو هو يوم عطلة وطنية يحتفل بتأسيس منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة. هذا تطوُّر مثير للقلق، ليس فقط لأنني لا يمكن أن أتصوَّر اسم مكان أقل شاعريةً من «منطقة هونج كونج الإدارية الخاصة»، ولكن أيضًا لأنني واثقة تمامًا من أنني اشتريت شيئين على الأقل من هونج كونج خلال الأشهر الماضية. كان ينبغي عليَّ مراجعة الجغرافيا السياسية الآسيوية قبل أشهر، عندما كانت المقاطعة في مهدها.

بدت أخطائي التي تشمل هونج كونج سيئة بما فيه الكفاية، ولكني بعد ذلك تذكَّرت أنني اشتريت أيضًا لصوفي ثوبًا من ماكاو، المنطقة البرتغالية القديمة في هونج كونج؛ لذا بحثت عن ماكاو في كتاب «حقائق العالم» الذي تصدره وكالة المخابرات المركزية. اسمها الرسمي؟ «منطقة ماكاو الإدارية الخاصة» التابعة للصين.

ما تأثير هذا على سروالَيْ كيفن الجديدين؟ هل ينبغي أن أعيدهما؟ أم يمكنني الاحتفاظ بهما ثم أتجنب هونج كونج وماكاو لبقية السنة؟ درست خياراتي بدقة، ثم قرَّرت أن المقاطعة عمل لا يزال يتطور، مشوب بالعيوب لا محالة، مثل الكثير من أمور الحياة.

وهكذا احتفظ كيفن بسروالَيْه الجديدين.

•••

اصطحبنا الأطفال لتناول الإفطار في مطعمٍ صغير شهير وقذر إلى حدٍّ مذهل. جلبَت النادلة لِويس فوطة مائدة وعلبة تحتوي أربعة أقلام تلوين صينية. وظَلِلْتُ أعبث بأدوات المائدة الفضية أثناء الانتظار لإبقاء عينيَّ بعيدتين عن الجدران، التي كانت مبقعة بقِطَع بيض قديمة. وعلى الجانب السفلي من مقبض سكيني قرأت الحروف «صنع في البرازيل». ولم أجد أي شيء مطبوع على شوكتي أو قاع فنجاني وصحنه، ثم أحضرَت النادلة طعامنا ونسيتُ الصين لبرهة من الوقت. وعندما عدنا إلى المنزل قررت القيام بشيء كان يدور بخلدي خلال الأيام القليلة الماضية: تحديد ما إذا كانت هانا ويجنز صينية أم لا.

هانا ويجنز هي دمية موجودة في الصفحة الثانية من منشور تسويقي للألعاب وصل في البريد هذا الأسبوع. وتأتي الدُّمية مع مجموعةٍ من أربع باروكات يمكن التبديل بينها مصنوعة من خيوط تُعلَّق على رأسها بشريط فيلكرو لاصق. ويقول المنشور التسويقي: «مثل معظم الفتيات، هي تحب تغيير شعرها عندما تُغير ملابسها.» ترتدي هانا ويجنز في الصورة جوربًا زاهيًا مخططًا بالبرتقالي والأحمر. صوفي أيضًا تملك جوربًا مخططًا بالبرتقالي والأحمر. كنت مغرمةً بها. تمثل هانا ويجنز هدية مثالية لصوفي في الكريسماس.

والسؤال هو هل هانا ويجنز — على غرار كل دميةٍ أخرى تقريبًا تُباع في أمريكا — من الصين أم لا. جلستُ على الأريكة ممسكةً المنشور التسويقي، وأخذت نَفَسًا عميقًا، وطلبت رقم الهاتف. ردَّ بول على الهاتف فورًا، فأعطيته رقم العنصر، ثم سألته عن بلد المنشأ. ساد صمت مؤقت دام عشر ثوانٍ، كانت هادئة تمامًا حتى إنني لم أكن متأكدة هل بول ما زال يحدثني أم لا. وهو بعيد كررت في داخلي عبارة: «رجاءً قل فيتنام، رجاءً قل فيتنام.»

قال بول: «الصين.» فكتمت الأنين في نفسي.

فقلت: «شكرًا، هذا كل ما أحتاجه.» وأنهيت المكالمة على نحوٍ مفاجئ؛ كنت محبطة لدرجة منعتني من ملاطفة بول.

تجهمت لبضع ساعات ثم فعلت ما أفعله في الغالب عندما أشعر بالحزن. اتصلت هاتفيًّا بأمي، وقدَّمت لها موجزًا لآخر أخبار الأسرة بطريقةٍ مرحة، ثم انسللت عرَضًا إلى موضوع دمية هانا ويجنز. وتمكنت من ذكر اسمَيِ المنشور التسويقي والدمية مرتين. كانت تعرفني حق المعرفة.

فسألت: «أي منشور دعائي هو؟»

أخبرتها باسمه ثم أضفت: «لا أقترح عليكِ شراء الدمية لها بالطبع؛ فإنني أخبرك فحسب بما حدث، فقط لكي تعرفي ما يجري هنا.»

أنهيت المكالمة وقضيت بضع دقائق وأنا أشعر بأنني كاذبة آثمة. وبعد برهة قصيرة جاءني ويس عند الأريكة وطلب مني طلبًا غيَّر مزاجي من الشعور بالذنب إلى الشعور بالذعر. أرادني أن أضيف شيئًا آخر لقائمته المخصصة لسانتا.

قال لي: «أنياب مصاص دماء، ولكن ينبغي أن تكون حادة للغاية.» أنياب مصاص دماء بلاستيكية صينية حادة، على ما أعتقد. نعم.

•••

أرادت صديقة لي أن تعرف خططنا للعام الجديد.

فسألتْني: «هل ستعودين للتعامل مع المنتجات الصينية مرة أخرى؟»

ثم روت لي أنها حاولت استعادة صديقها القديم من الكلية مرةً أخرى، ولكنهما لم يبقيا معًا طويلًا بعد عودة أحدهما للآخر.

وأضافت: «بالطبع، لم نكن قط في علاقة عميقة مثلك أنت والصين؛ ففي حالتنا، لم يكن مكتوبًا للعلاقة أن تدوم.»

يجب أن أعترف أنني لم أفكر في الأمر كثيرًا، فطالما اعتبرتُ مقاطعة الصين انفصالًا تجريبيًّا، رحلةً تدوم لعامٍ كامل للحصول على فرصةٍ لالتقاط الأنفاس قليلًا قبل التصالح الحتمي القائم على الراحة لا الحب. قرأت عن أشخاصٍ خرجوا عن قواعد المجتمع وعاشوا في مجمعاتٍ سكنية في ولاية إيداهو دون كهرباء أو مياه جارية، ولكن الحقيقة هي أنني لست متأكدةً ما إذا كنت أستطيع أن أتخلى للأبد عن شيءٍ أساسي في الحياة الحديثة مثل البضائع الصينية. لا أستطيع أن أتخيل نفسي أعيش بهذه الطريقة على المدى الطويل. لست متأكدةً من أنني أستطيع أن أرى نفسي أعيش بهذه الطريقة مدة الشهرين والنصف التالية. كانت مدة الأشهر التسعة والنصف الأولى من العام مثيرةً بما فيه الكفاية، لكن في هذه اللحظة بدا الكريسماس دون الهدايا الصينية تحت شجرة عيد الميلاد شيئًا بالغ الكآبة. شعرت بالإرهاق.

علاوةً على ذلك، كما اكتشفت هذا الأسبوع، توجد أيضًا مسألة تأثير مقاطعة الصين على سعادة صبيٍّ صغير معين، التي تعتمد أحيانًا على حيازة شيءٍ أرجواني بلاستيكي صيني. إنه درس تعلمتُه خلال رحلة عائلية إلى متجر تارجت لشراء زينة عيد الهالوين. كانت الرحلة من اقتراح كيفن. وكان ينبغي أن أستشعر الخطر منذ البداية؛ فرغم كل شيء، ما من أحدٍ أعلم منِّي بالأماكن التي تُصنِّع الزينة لكل عيدٍ أمريكي. ولكنه كان يوم سبت خريفيًّا منعشًا مع سماءٍ زرقاءَ شاسعةٍ تبثُّ فيَّ الشعور بحُسن الحظ، واعتقدت أن هذا الشعور بحُسن الحظ ربما يمتدُّ إلى قسم زينة الأعياد في تارجت.

لم يحدث هذا.

كان كل شيءٍ صينيًّا. كل جزءٍ منه، وكان ينبغي أن أعرف ذلك. شبكات العنكبوت الرقيقة المصنوعة من البوليستر، واليد الزائفة ذات الأصابع المتحركة، والمصابيح الكهربائية المُشكَّلة على هيئة يقطينة مرعبة، والصخرة المضيئة المكتوبة عليها الرسالة المُهدِّدَة «عُدْ أدراجك!»، كل ذلك كان محظورًا. لمعتْ عينا ويس بترقُّب ونحن نتنقل عبْر الممرات، متفحصين لملصقات «صنع في الصين»، آملين في الحصول على ما نبحث عنه. راح بريق عينيه يتلاشى ونحن نمرُّ بشيءٍ صيني تلو الآخر. وبعد عشرين دقيقةً من دخولنا المتجر، وعندما أصبح من الواضح أن الصين تُهيمِن على منتجات عيد الهالوين، وكانت عربة التسوق الخاصة بنا لا تزال فارغة، تجمعنا في دائرةٍ حزينة في نهاية الممر، وحينها تخلت شجاعة ويس عنه، وتدلَّت كتفاه كما لو أنهما كانتا تحملان العالم كله. ثم نظر إليَّ وبدأ يبكي.

فقال منتحبًا: «ألا يمكن أن يكون هذا وقتًا استثنائيًّا لأنه عيد الهالوين فنتمكن من شراء أشياء من الصين؟»

أمسَك بذراعي، وتدلى بجسده. طفل بائس يزن أربعين رطلًا يشدُّ معصمي. كان طفلي البكر، أميري ذو الشعر المجعد، في أمسِّ الحاجة إلى السعادة التي تأتي من امتلاك شيءٍ جديد متوهِّج بلاستيكي. لاحظت أنه لم يوجِّه نظرةً واحدة إلى الحلقة الأضعف — كيفن — الذي يقف على بُعْد بضع أقدام حاملًا الرضيعة ومحدقًا فيَّ. عرف ويس بالغريزة أنني مصدر عذابه، حارسة المقاطعة، وعدوة الأشياء الصينية اللذيذة المحظورة، القوة التي يجب أن يكسرها بصرخاته البائسة. تسارعتْ دقات قلبي، وكان معصمي يؤلمني، وبكاء ويس يقتلني.

لم أستطع للحظةٍ أن أُفكِّر في شيءٍ أقوله، ولكن بعد ذلك، وبِحسٍّ تشاؤميٍّ سريع خليق بأفضل محتال في فيجاس، تذكرت الكلمات التي أنقذتْني في مناسباتٍ عديدة خلال العام الماضي.

فقلت لِويس بصوتٍ مرتعش غير مُقنِع — حتى بالنسبة إليَّ — ولكني كنت آمل ألا يلاحظ ويس: «في المرة القادمة؛ في عيد الهالوين القادم يمكننا الحصول على أي شيءٍ تريده.»

لكن ويس ضاق ذرعًا بانتظار المرة القادمة، فاكتفى من السعادة المؤجَّلة والألعاب الصينية الممنوعة. كان يأسه يزداد أكثر في هذه اللحظة، فبدأ يجذب ذراعي بعنف.

فقال في توسل: «دعيني أُرِكِ الشيء الوحيد الذي أريده. إنه شيء واحد صغير فحسب.»

تركته يجرُّني معه بينما كان عقلي يعمل ويحاول التوصُّل إلى طريقةٍ لتغيير وجهة هذه السفينة قبل أن تتحطم على الصخور وتغرق للقاع. اجتزنا أكوامًا عالية من الرءوس البلاستيكية وأزياء الأبطال الخارقين الوامضة، التي لا ريب في أنها جميعًا صينية. قادني ويس عبر منعطفٍ حتى طاولةٍ تَعرِض ثمار يقطين كهربائية من مختلِف الأحجام مرصوصة في صفوف برتقالية وأرجوانية بالتناوب. وترك ذراعي ورفع يقطينة برتقالية صغيرة تجاهي. كانت مغطاة بخرز برتقالي وأسود صغير وعليها ابتسامة شيطانية بأسنان ثلاثية.

وقال: «هذه هي ما أريده. أترَيْن؟ إنها صغيرة!»

نظر إليَّ ويس بعينَين واسعتَين لا يزال يلمع فيهما بصيصٌ من الأمل، وكان يضم اليقطينة البرتقالية إلى صدره بقبضة قوية؛ هنا بدأ شيء ينهار في داخلي، وبسرعة.

سألني بصوتٍ يكاد يكون هامسًا: «ألا يمكننا كسر القواعد هذه المرة؟» وأشار إلى صفوف اليقطين الكهربائي الأكبر وأضاف: «لا أريد واحدة كبيرة، فقط هذه اليقطينة الصغيرة.»

ثم كرَّر قائلًا: «إنها صغيرة.» تحسُّبًا لئلا أكون قد سمعتُه في المرة الأولى.

تجمَّدت في مكاني ووقفت صامتة بينما انهار هذا الشيء داخلي بسرعةٍ ساقطًا نحو الأعماق. هل يمكن أن تكون مقاطعة الصين قاسية إلى هذا الحد على ويس؟ قلت لنفسي لا، مستحيل. كنت سأتراجع عن قراري في يناير لو أني اعتقدت أنه كان يعاني حقًّا. وبطبيعة الحال، كنت أعلم أنه لم يعانِ ولو قليلًا بمعنى المعاناة الحقيقية الموحية بالفقر المدقع، لكنه أيضًا لم يعانِ بالمقارنة مع زملائه في المدرسة التمهيدية من الطبقة الوسطى المُرَغَّدة بوجهٍ عام في أمريكا. ربما سمع عبارات «لا»، و«في المرة القادمة»، و«ماذا عن مجموعة ليجو؟» أكثر مما كان يودُّ سماعها، ولكن هذا لا يمتُّ للمعاناة بِصِلة. وهذا أمر أنا متيقنة منه أيضًا. بالتأكيد شبه متيقنة منه.

بالتأكيد، كان يضع نُصْب عينَيه جائزة السيف المضيء الصيني في مكانٍ ما في مستقبله، ولكنه لم يكن قلقًا من التخلي عن لُعَب صينية أخرى، على الأقل قبل هذا الحين؛ فهو لم يكن مستاءً ولا ضَجِرًا؛ فقد كان يعيش أيامه كما يعيشها دائمًا، بابتسامةٍ وفيضٍ لا يتوقَّف من النِّكات التي لا يفهمها سوى مَن هم في الرابعة من العمر. كان يرضى بلُعَب ليجو وأقلام التلوين الإيطالية، ولم يكن الأمر كما لو أنه لا تأتيه ألعاب جديدة على الإطلاق؛ فمنذ وقتٍ ليس ببعيدٍ وجدت له سيف فقاعات بلاستيكيًّا مصنوعًا في تايوان يُخرج فقاعاتٍ من الصابون بحجم ست أقدام. كانت الفقاعات الضخمة تطير فوق العشب وتُحوِّل كلبنا ريك إلى كرة طائرة من الفراء تُقرقع بأسنانها وتُزمجر وتُدمر الفقاعات. إذا لم يكن هذا ترفيهًا، فلا أعرف ماذا يكون.

وكان لدى ويس شيء آخر تحت تصرُّفه طوال الوقت ليساعده على تجاوز الأوقات العجاف في مجال الألعاب: طاقة والده غير المحدودة، وشخصيته الساحرة الخفيفة المُسلية للأطفال؛ إذ يُقدِّم لهم تلك النوعية من التسلية التي تقع في المنتصف ما بين التسلية التي تُقدِّمها الجِراء وتلك التي تُقدِّمها القِرَدة حين ترتدي السراويل.‎ فلا يكاد يمرُّ يوم دون أن يُمرجِح فيه كيفن الأطفال في الهواء، أو يقلد الغوريلا، أو يساعدهم على بناء قِلاع شاهقة في غرفة المعيشة، وهي تُهدد سلامة الأطفال أنفسهم وكذا سلامة المصباح القائم إلى جانب الأريكة، ويجبرني على الجلوس على زنبركات الأريكة دون وسادات وأنا أشاهد نشرات الأخبار المسائية. لست من نوعية الأمهات اللاتي يفتقرن إلى حِسِّ الفكاهة واللاتي يبحثن عن أي فُرصٍ لهدم لحظات المُتعة؛ فأنا أسمح للأطفال بركوب الدراجات الصغيرة (الاسكوتر) في المنزل، ومطاردة بعضهم بعضًا بسرعة شديدة حول طاولة المطبخ، وغرس أصابعهم المغطاة باللُّعاب في عجينة الكعك. وذات مرةٍ نصبنا خيمة مناطق مفتوحة في غرفة المعيشة، وظلَّت في مكانها لعدة أسابيع. كيف يمكن لِلُعب الأطفال الصينية أن تنافس ذلك؟

لذا، قلت لنفسي لا، لم يعانِ ويس بسبب المقاطعة. ولو لحظة واحدة؛ فهذا غير وارد، وسخيف.

مع ذلك، عندما نظرت إلى العينَين اللتين تحدقان فيَّ وأنا واقفة في قسم زينة الهالوين في تارجت، لم أستطع أن أنكر أن هاتين عينان تُعانيان. لا يوجد أي فرصة للمراوغة. كنت أنظر إلى عينين زرقاوين واسعتين تعانيان وتتوسلان استجداءً للشفقة وتوسلًا للحصول على يقطينة برتقالية صغيرة. هذا طلب بسيط، وهو ما كانت هاتان العينان اللتان تعانيان تقوله لي. وفجأة، شعرت بسخونةٍ في رأسي، وبجفافٍ في فمي. ربما كان ويس يعاني طوال الوقت — هذا ما دار بخلدي — وربما كنت في حالة إنكارٍ لهذا وحسب.

وفجأة، كنت على استعدادٍ للاستسلام، للتخلي عن المقاطعة وإلقاء اليقطينة البرتقالية في عربة التسوق، وربما حتى إضافة يد زائفة وبعض شبكات العنكبوت المصنوعة من البوليستر؛ فبعد تسعة أشهر ونصف من التخلص من طلبات السيوف المضيئة والشاحنات الوحشية بدهاء، لم أستطع في هذه اللحظة أن أفكر في شيءٍ واحد أقوله، باستثناء وداعًا للمقاطعة ونعم لابني الحبيب صاحب العينين الزرقاوين الواسعتين اللتين تعانيان. ولكن عندما فتحت فمي لأتكلم، لم أقل نعم، بل قلت شيئًا مختلفًا تمامًا.

قلت لويس: «نحن على وشك الانتهاء من تجرِبة مقاطعة الصين. عليك فحسب الصمود لفترةٍ أطول قليلًا، هل توافق؟»

ثم أضفت رشوة، كما كنت أفعل في كثيرٍ من الأحيان على مدى الأشهر الماضية.

استطردتُ قائلة: «يمكننا اختيار لعبةٍ من ليجو لك الآن، وفي العام المقبل يمكننا الحصول على يقطينة كهربائية، بل حتى يمكننا الحصول على واحدةٍ كبيرة إذا أردت. ربما اثنتين، واحدة برتقالية وواحدة أرجوانية.»

ظل ويس مدليًا كتفيه بينما مددت يدي كي يعطيَني اليقطينة.

وبعد ذلك، ولدهشتي، استسلم. اختفت المعاناة منه دفعةً واحدة. وتطلع في وجهي بصمتٍ للحظة، ثم أومأ موافقًا ومسح أنفه الراشح بظهر كُمِّ قميصه. ثم أعطاني اليقطينة البرتقالية الصغيرة، فأعدتُها مرة أخرى إلى طاولة العرض. ثم مددت يدي فشبك أصابعه في أصابعي.

ثم قلت: «دعنا نذهب لإلقاء نظرةٍ على لُعَب ليجو.»

كانت بقية الرحلة في المتجر روتينية. أخذتُ جوارب كورية لصوفي، وشاحنة شرطة دنماركية من ليجو لِويس، وشاحنة أخرى لطفلٍ صغير كنا سنذهب إلى حفل عيد ميلاده في وقتٍ لاحق من اليوم نفسه. قلت لنفسي إنني يجب أن أشعر بالارتياح لإنقاذ المقاطعة من حادثٍ آخر، ولكني في الواقع شعرت بوهن العزيمة؛ ففوزي في معركة اليقطين الكهربائي انتصار أجوف، لعدة أسباب؛ بداية: أوحى لي بأن النبضات في صدري لا يمكن أن تكون ناتجةً عن قلبي لأنني ليس لديَّ قلب. ثانيًا: لم يتوقَّف كيفن عن تسديد نظرات كراهية لي حيث أصبح واضحًا أن المقاطعة ستفسد احتفال أسرتنا بالهالوين؛ فقد كان يتطلع لتزيين المنزل من أجل الهالوين، وكنا جميعًا نتطلع لتزيين المنزل من أجل الهالوين. والآن، قضيت على كل هذا. وجعلت ويس يبكي، حتى لو كانت شاحنة ليجو قد أسكتته في ذلك الوقت.

خلاصة القول هي أنْ لا أحد يحب مفسدي المتعة، خاصةً أنا، لا سيما عندما يكون مفسد المتعة هو أنا.

وجهت ناظرِيَّ للخارج عبر نافذة سيارتنا التويوتا خلال طريق عودتنا إلى البيت وبحثت عن جانب مضيء. قلت لنفسي إنني حللت بمهارةٍ مسألة سخط ويس، وواسيت نفسي بفكرةٍ مريحة هي أن حزنه على اليقطينة كان مجرد حزن «سطحي»، وليس حزنًا حقيقيًّا يتغلغل في داخلك ويستمر معك لفترةٍ طويلة. لقد اشتريت شهرين ونصفًا من الصبر — السبعين يومًا الباقية حتى النهاية الرسمية للمقاطعة في ٣١ ديسمبر — من ويس بشاحنة ليجو ثمنها ستة دولارات ووعْد بيقطينة كهربائية في العام الجديد. ولن يواصل كيفن العبوس لفترةٍ طويلة؛ فليس من طبيعته أن يلعب دور مُفسِد المتعة. وجميعها أمور تشير إلى أنه على الرغم من أن الأمر لم يكن ممتعًا، فإنني نجحت في تجنيب المقاطعة مهانة عملية شراء أخرى للبضائع الصينية المحظورة. وعند وصولنا إلى مدخل المنزل، اعتبرت حالة اليقطينة البرتقالية قضية منتهية، وأُغلِقَت ملفاتها.

واتضح أني كنت مخطئة في هذا الصدد.

في ذلك المساء على الأريكة، بعد أن أنهينا للتوِّ قراءة قصة ما قبل النوم بفترةٍ وجيزة، انهار ويس مرةً أخرى، فجأةً وتمامًا ودون سابق إنذار.

قال منتحبًا على نحوٍ مفاجئ: «لماذا لم نَعُد نستطيع شراء أشياء صينية؟» وانكمش في نفسه على الأريكة بجانبي كما لو كان يتألم: «لا أريد أن نمتنع عن شراء مزيدٍ من الأشياء الصينية؛ هذا صعب جدًّا.»

حدث هذا على حين غِرة. فتحتُ فمي لتذكيره بشاحنة ليجو، ولكني في هذه اللحظة أدركت بوضوحٍ تام أن شاحنة ليجو ليست كافية لعلاج هذا المستوى من الأسى، وأنني ربما كنت مخطئة حتى في الحزن السطحي مقابل الحزن الحقيقي. ورأيت ويس يُلقي كتابًا إلى الأرض بينما كان يتلوَّى جرَّاء اضطرابه الداخلي. لم أنظر إلى كيفن أو صوفي، اللذين تجمعا معًا عند الطرف الآخر للأريكة وراحا ينظران إليَّ نظرات استهجان.

ثم جاءتني معجزة صغيرة من الفراغ؛ رأيت شيئًا كنت نسيته لعدة أشهر؛ صندوق المال المعدني في الدُّرج العلوي في خزانة غرفة نوم ويس. في آخر إحصاءٍ لمحتوياته كان يحتوي على تسعة عشر دولارًا، على الرغم من اعتقادي أنني اقترضت منه خمسة دولارات ووضعت مكانها ورقة تحمل عبارة: إني مدينة لك، عندما نَفِدَتْ مني النقدية في إحدى الليالي وكنت متعجِّلة للخروج للقاء صديقة لي. التفتُّ إلى ويس وقدَّمت عرض سلام.

قلت له: «حسنًا، يمكنك شراء اليقطينة، ولكن بأموالك. لن تشتريَها لك والدتُك. سوف أصطحبك مرةً أخرى إلى المتجر في الصباح، وأساعدك على إعطاء المال لموظف الخزانة، ولكن ستكون أنت الذي يشتري اليقطينة الصينية، وليس أنا.»

جلس ويس وفرك عينيه، وتنشق بشِدةٍ في محاولة لِلَمْلَمة شتات نفسه ثم سألني:

«ولكن لو لم أكن أمتلك ما يكفي من المال، فهل ستُعطينني بعضًا منه؟»

أخبرته أنني أعتقد أن لديه ما يكفي من المال.

وأضفت: «فقط هذا الشيء الصيني. ثم بعد ذلك لن نشتريَ أشياءَ صينيةً مرة أخرى حتى بعد الكريسماس. لا شيء.»

لست متأكدةً من أنني اتخذت القرار الصحيح، ولكن كيفن أقرَّه.

فقد قال لي لاحقًا بينما كنا نأوي إلى الفراش: «لستِ قاسيةً للغاية.»

بدا عليه الارتياح، كما لو أنه كان يجد صعوبةً في تحديد مسألة طيبتي أو قسوتي، وفقط مؤخرًا حُلت هذه المسألة لصالحي.

•••

قال ويس لي في صباح اليوم التالي ونحن نركب سيارتنا التويوتا: «أنا سعيد أننا نشتري أشياء صينية أخيرًا.» حاولت أن أرى عينيه في مرآة الرؤية الخلفية.

ذكَّرته قائلة: «أنت ستشتري شيئًا صينيًّا، وليس أنا. وهذا يحدث هذه المرة فحسب.»

كنت أستطيع أن أشعر بعينَيْ ويس العاشقتين لي من خلف رأسي بينما كنا ندلف للطريق السريع. استغرقنا عشر دقائق للوصول إلى تارجت، وكان يدندن مع نفسه طوال الطريق. وفي المتجر، غيَّر ويس فجأةً تعلُّقه باليقطينة البرتقالية الصغيرة إلى يقطينة أرجوانية صغيرة. كان ملصق الثمن يقول ٤٫٩٩ دولارات. أبقيت أصابعي بعيدًا عن الفاتورة بينما كان ويس يدفع المال لأمينة الصندوق. وكان في سعادةٍ بالغة حين أعطتْه اليقطينة في كيسها البلاستيكي الخاص. كان يطير فرحًا بجانبي ونحن نعبُر موقف السيارات وصولًا إلى السيارة، ملقيًا نظراتٍ سريعةً في كيس التسوُّق عدة مرات للتأكد من أن اليقطينة الأرجوانية لا تزال فيه، ولا تزال معه.

في المنزل، أوصل ويس اليقطينة بمقبس كهرباء في الحائط، ووضعها على ظهر أريكةٍ مستندة إلى نافذة بحيث يستطيع المارة أن يُعجَبوا بها. شاهدتُه مع مزيج من الشعور بالذنب جرَّاء انتهاك المقاطعة — مرةً أخرى — والسرور لرؤيته يتمتع بقطعته الصغيرة من البلاستيك المتوهِّج. وجلس قرب النافذة في انتظار أن يمرَّ شخص ما بجوار المنزل حتى يتمكَّن من التلويح له ويشير إلى يقطينته.

بعد بضع دقائق، توجَّه نحوي ناظرًا إليَّ بعينين حزينتين.

وبدأ عبارته: «أمي، هل ستنجبين طفلين آخرين وعندما يصلان هنا ستخبرينهما أنه لا بأس من شراء أشياء صينية؛ لأنني لا أريدهما أن يبكيا طوال الوقت، ويمكنكِ أن تقولي لهما إنهما يستطيعان شراءها وهما صغيران ولكن لا يستطيعان الشراء عندما يصبحان أكبر سنًّا؟»

فهمت ما كان يقصده على الرغم من مشكلات القواعد النحوية في عبارته.

•••

اتصلتْ بي والدتي هاتفيًّا لتسأل عن اقتراحات هدايا الكريسماس للطفلين، وهو أمر غريب؛ لأنها أمضت الأسابيع القليلة الماضية في التفاخر كيف أنها انتهت تقريبًا من تسوُّقها من أجل العيد.

سألتْني: «ما هذا؟» عندما كنت أقول لها إن ويس سوف يطير فرحًا بأي شيء له علاقة بسكوبي دو.

قلت: «ماذا تقصدين ﺑ «ما هذا»؟»

«سكوبي دو؟»

شعرتُ بالحيرة. بدا وكأن والدتي سألتْني للتوِّ عمَّن يكون سكوبي دو.

سألتُها بتشكُّك: «ألم تسمعي قط بسكوبي دو؟»

أجابت: «لم أسمع به قط. هل هذا شيء جديد؟»

قلت لها مَن هو، أو بالأحرى ما هو، سكوبي دو، وأحجمت عن ذِكر أنه كان يُمثِّل كلبًا بطلًا على الأقل لجيلين من أجيال الأطفال الأمريكيين، بما في ذلك أطفالها. كما أنني لم أذكر أيضًا أن أي شيءٍ قد تجده يحمل صورة سكوبي دو سيكون صينيًّا على الأغلب، وأنني أُفضِّل عدم معرفة هذا الأمر إذا كان كذلك بالفعل.

اتصلتْ بي مرةً أخرى في اليوم التالي لتخبرني أنها وجدت آلة صنع فشار على شكل سكوبي دو.

وأضافت: «تَخرُج حبَّات الفشار من فمه.»

لمْ أسألها عن مكان صنع الجهاز، بل بدلًا من ذلك، سألت والدتي عما تودُّ الحصول عليه كهدية للكريسماس.

أجابت: «أنا عجوز. لا أريد أي شيء.»

قلت: «جيد. يمكنني إذنْ حذف اسمكِ من القائمة.»

كان هذا الموضوع امتدادًا لموضوعٍ تناولتْه أمي خلال زيارتنا إلى سان دييجو في الصيف. عندما علَّقت على عدم وجود رف لتجفيف الصحون؛ مما يؤدي إلى فوضى من الأطباق والأواني في الحوض، فأجابت بأنها عجوز لدرجةٍ تمنعها من الاستفادة الكاملة من رفٍّ جديد؛ ومن ثَمَّ فما الهدف من شرائه؟ وبينما أخطأتُ وسألتُها عن الأمر، كانت أمي تستخدم مصفاة سلطة للغرض نفسه، رغم أن النتائج كانت فوضوية.

فقلت لها: «يمكنني أن أشتريَ لك رف أطباق. أعتقد أنه يكلف حوالي ٥ دولارات في محل الخردوات.»

قالت بغضب: «لا تفعلي.»

فلم أفعل.

هذه المرة لم أكن مقتنعةً بِرَدِّها «لا تشتري لي شيئًا.» فهي تريد شيئًا كهدية للكريسماس، لكنها لم تُرِدْ أن تكون صريحةً وتعترف به لسبب لا يعرفه أحد سواها. يمكن أن يكون فهم والدتي صعبًا.

بالتأكيد لا يجد حفيداها مشكلة في الاعتراف بأنهما يريدان هدايا بمناسبة الكريسماس؛ فمؤخرًا عندما كنت أسأل ويس هل يريدني أن أقرأ له قصة، كان يطلب مني أحيانًا قراءة قائمته التي كتبها لسانتا بدلًا من ذلك. وفي كل مرةٍ كنت أُذكِّره بأنه لا يوجد ضمان بأن سانتا سيجلب له أيًّا من الأشياء الموجودة في القائمة، ولكن كان باديًا لي أنه لا يُصغي إليَّ.

فيقول لي بعينين حالمتين: «سيكون من الرائع الحصول على سيفٍ مضيء.»

•••

كان إيمان ويس الذي لا يتزعزع بالكريسماس واحدًا من العديد من التطوُّرات التي تُشعرني بالضآلة. بدايةً، اكتشفتُ شيئًا مقلقًا إزاء حذاء التنس الإيطالي الخاص بِويس، الذي ارتداه منذ ما يقرب من سبعة أشهر. إنه ليس إيطاليًّا.

توصلت إلى هذا الاستنتاج المفاجئ على نحوٍ غير مباشر، بعد أن سألتْني عرابة ويس عن مقاس حذائه. دفعني سؤالها لإلقاء نظرةٍ داخل إحدى فردتَي حذائه حيث كان مكتوبًا في الجزء السفلي من لسان الحذاء إما «صنع في سي إس آر» أو «صنع في سي إس إيه». كانت الطباعة على الملصق مهترئة؛ لذلك لم أستطع أن أتأكد من الكتابة، على الرغم من أنه من الواضح أنها لا تشير إلى أنه مصنوع في إيطاليا. ثم مرةً أخرى، لا تشير أيضًا إلى أنه مصنوع في الصين؛ لذلك كان يمكن أن يكون الأمر أسوأ. على أي حال، كانت أصابع ويس تتقدَّم ببطءٍ على نحوٍ خطير نحو نهاية حذائه، وهذا يعني أنني سأُضْطَرُّ لخوض تجرِبة بحثٍ عن حذاء تنس غير صيني جديد قريبًا. قرَّرت عدم التفكير في ذلك الآن؛ فلديَّ ما يكفي من الأشياء التي تدعو إلى القلق فعليًّا.

يتمثَّل أحد دواعي قلقي في طابعة مكتبي المنزلي، التي بدأتْ فجأةً تُسيء السلوك بعد أسابيع من اعتقادي أني انتهيت من مشكلاتها بشراء الخرطوشة البديلة المصنوعة في اليابان/إلينوي. كانت لوحة العرض تشير إلى أني أواجه خطأً، وهو الأمر الواضح للغاية؛ حيث إن الطابعة لا تُصدر أي صوتٍ عندما أُرسِل أمرًا بالطباعة. ثم اختفت رسالة الخطأ تمامًا؛ وهو الأمر الذي بدا نذير سوءٍ على نحوٍ أكبر.

في ظهيرة أحد الأيام استجمعت شجاعتي لأطلب من كيفن أن يبدأ طباعة صفحاتٍ لي في مكتبه مرةً أخرى، فأشاح بنظره، لكنه لم يرفض، وهو أمر جيد بما فيه الكفاية بالنسبة إليَّ. وفي هذا الوقت لم أكن أتوقَّع أن تأتيَ هذه الخدمة بابتسامة.

قمت برحلةٍ ذليلة للمركز التجاري لإصلاح نظارتي الشمسية الإيطالية. كانت الرحلة ذليلةً لأنني كنت أفترض لشهورٍ أن نظارتي الشمسية مميزة للغاية — «إيطالية» للغاية — حتى إن عددًا قليلًا من متاجر النظارات خارج ميلانو بإيطاليا ستجرؤ على محاولة إعادة العدسة مرةً أخرى في الإطار المزخرف. وحتى في معظم الوقت لا أستخدم كلمة نظارة شمسية لوصف نظارتي الشمسية؛ كنت أدعوها روميو جيجليو خاصتي، أو أحيانًا روميو فحسب، احترامًا لمصمم الأزياء الإيطالي الذي ابتكرها. وضعتُ وجهي لأسابيع وراء نظارة كيفن الجليدية وتجاهلتُ النظرات الفضولية التي كانت ترمقني، معتقدةً أنه ليس لديَّ أي خيار في عالَم تُمِّثل فيه خيارات النظارات الشمسية طرفَي نقيض: النظارات الشمسية الإيطالية أو الأمريكية باهظة الثمن بدرجةٍ فاحشة، أو النظارات الشمسية الصينية الرخيصة.

لذا تفاجأت حقًّا عندما ألقتْ شابة من متجر لينسكرافترز في المركز التجاري — في الممرِّ على الناحية المقابلة من الكافتيريا وعلى مقربةٍ من متجر سيرز — نظرةً سريعةً على نظارتي الشمسية الإيطالية المكسورة وقالت لي إنها سوف تُصلحها خلال عشر دقائق.

وبعد عشر دقائق، أعادتها إليَّ.

وقالت: «لا توجد تكاليف إصلاح.»

كبحتُ جماح نفسي ولم أقفز من فوق المنضدة الزجاجية لاحتضانها. هل تحمَّلتُ صداع النظارة الجليدية ونظرات التحديق الفضولية التي يرمقني بها المارة لأجل هذا الأمر البسيط؟ لُمْتُ نفسي على هذا طوال الطريق إلى السيارة. لُمْتُ نفسي، ولكني لم أُضيِّق عينَيَّ؛ فقد أعدتُ نظارتي الشمسية الإيطالية — روميو — إلى مكانها الصحيح، على وجهي.

حاولتُ عدم التفكير في الكريسماس، الذي ربما يكون منهجًا خاطئًا لأنني في حاجةٍ إلى الانخراط في التسوُّق، وأيضًا لأنه من المستحيل تقريبًا عدم التفكير في الكريسماس. كانت كومة المنشورات التسويقية للألعاب الموجودة في صندوق البريد تزداد كل يوم، وبين المنشورات التسويقية كان هناك واحد يبيع ألعاب أطفال غالية الثمن معظمها مصنوع في أوروبا، وكان من بينها دُمًى يدويةُ الصنع من الخشب والقطن مصنوعة في ألمانيا يفوق ثمنها مائة دولار للقطعة. تصفحتُه لمعرفة هل الشركة تبيع سيوفًا مضيئة، أو لعبة أدوات رجل شرطة، أو أي شيء مبتذَل مثل السيارات المورفيبيان، لكنه لم يكن يحتوي على أيٍّ منها.

حتى الأخبار كانت مُقلِقة في الآونة الأخيرة. أشهرتْ صانعة قطع غيار السيارات دلفي إفلاسها، مقللةً عدة آلاف من الوظائف الأمريكية، ويرجع ذلك جزئيًّا إلى المنافسة من العمالة الصينية الأرخص بكثير. وفي الوقت نفسه، أرسلَت الصين رائدي فضاء إلى الفضاء. لا أحسد الصين على هذا الإنجاز، ولكن كنت أتمنى ورود أخبار جيدة من الوطن أتعلق بها. وواصل عمال النسيج الأمريكيون الذهول أمام تخفيض العمالة الذي يُسبِّبه غزو المصانع الصينية للسوق. كانت أكثر الأخبار المحلية إثارةً للبهجة التي مررْتُ بها خلال أسابيع هي خبر مُطمْئِن على نحوٍ غريبٍ عن مؤتمر بيج فوت في ولاية تكساس الذي جذب مئاتٍ من الحضور.

كثَّفتْ والدتي من سخريتها مني. روتْ لي أنها اشترتْ مؤخرًا كيسًا للنوم من أجل ويس، وقطعت الملصق المكتوب عليه «صنع في الصين».

ثم أضافت: «لذلك لا يوجد ما يدعو إلى القلق.»

تمنيت لو أنه لا يوجد ما يدعو إلى القلق بحق.

•••

في أسبوع عيد الهالوين، قمتُ برحلةٍ إلى متجر الأدوات وعدت إلى المنزل حاملةً قماشًا أحمر وذهبيًّا وأزرق من كوريا ونموذجًا أمريكيًّا لصُنْع رداءين للطفلين. ووجدت خيطًا ألمانيًّا قديمًا في خزانة المطبخ. وقضيت فترة طويلة من اليوم منحنيةً على آلة الخياطة، وقرصَت الماكينة إصبعي.

قدَّمت في نهاية اليوم للطفلين النتائج النهائية: زي أمير باللونين الأزرق والذهبي لِويس، ومتمَّمًا بتاجٍ من الورق المقوَّى مغطًّى بالقماش، ورداءً أحمر لصوفي يشبه رداء ذات الرداء الأحمر. وإذا دقَّق شخصٌ ما النظر بما يكفي فسيجد خطوطًا متعرِّجة غير مُتعمَّدة على طول الطرف السفلي للرداءين، ولكني استغلَلْت الجمهور غير المنتقد، واستخدمت قماشًا لامعًا أُخفِى غُرَزي المتذبذبة وعدم قدرتي على الانتقال من مستوى المبتدئين إلى مستوى المتقدمين في الخياطة، على الرغم من سنواتٍ من المحاولات.

ارتدى ويس زي الأمير عند ذهابه إلى المتجر، حيث جذب نظرات استحسانٍ من المتسوِّقين الآخرين الذين لم يُظهروا انتقادًا لخطوط الخياطة غير المستوية أو التجعيدات المحتمَل وجودها في غُرَز الكتف. حتى كيفن بدا راضيًا عن زي ويس، على الرغم من أن ابنه الوحيد يرتدي قماشًا ذهبيًّا احتفالًا بالعيد بالمعنى الحرفي.

تلقَّيت أنا وكيفن دعوةً لحضور حفل هالوين للكبار. لم يكن ارتداء أزياء خاصة أمرًا لازمًا، ولكن كيفن ارتدى شعرًا مستعارًا أسود طويلًا ومثنيًا إلى الداخل عند الأطراف جعله يبدو مثل سوني بونو دون شارِب. لقد كان الشعر المستعار موجودًا لدينا منذ سنوات، وقبل أن يضعه كيفن على رأسه، نظرت داخل فروة الرأس الاصطناعية. كان مكتوبًا عليها «صنع في الصين».

وفي الحفل أخبرتُ صديقةً لي — لم أرَها منذ فترةٍ طويلة — بقصة اليقطينة الأرجوانية وويس. وأدركتُ في منتصف القصة أنها بدت كما لو كانت على وشك البكاء.

فقالت: «مسكين ويس!» وسكتتْ لبُرهة، ثم سألتْني: «هل ستنزعجين لو أحضرت بعض الألعاب القديمة لطفليك؟ فأنا أشعر بالأسى الشديد حيالهما.»

ضحكتُ وقلتُ لها لا بأس في هذا، ولكن حقًّا، ويس على ما يرام.

وأردفتُ: «أقسم أنه على ما يرام.»

بدتْ غير مقتنعة.

نسيت أمر هذه المحادثة للأيام القليلة اللاحقة، ثم ذات صباح وأنا أخطو خارج الباب الأمامي، وجدت كومة من اللعب عند أسفل درجات السلم. وكانت توجد ملاحظة مكتوبة بخط اليد على صندوقٍ يحتوي على دُمية باربي تقول:

«أُغلق ملجأ مُشرَّدي الإعصار لدينا، وقد تُرِكت جميع الألعاب والأشياء التي يستخدمونها وراءهم. ولم أتمكن من العثور على مأوًى آخر في حاجةٍ لهذا الصندوق الأخير. هل يستطيع طفلاك قضاء وقت ممتع مع كل أنواع الأشياء الصينية التي ظهرت على نحوٍ سحريٍّ أمام باب منزلهما؟ لا تتردَّدي في الاتصال بي لأخذه لأحد صناديق التبرعات الخيرية التابعة لشركة جودويل؛ كنت سأفعل ذلك بنفسي ولكنني فكرت في قصة اليقطينة الأرجوانية و… تحياتي وقبلاتي، كارولين.»

نقلتُ معظم الألعاب سريعًا إلى الجزء الخلفي من السيارة، حيث غطيتها بغطاءٍ بلاستيكي. ثم ألقيت نظرةً سريعةً على ما يوجد بها. كان يوجد حيوانات وجنود كثيرة مصنوعة من البلاستيك، ومجموعة من أقنعة الغاز المزيفة، وسيارات لعبة، وصندوق يحتوي على ما يُدَّعى أنه حافلة مدرسية برمائية، والعديد من دُمى باربي، ولعبة مجسمات البيوت، وعشرات من قطع الأثاث الخاصة ببيوت الدُّمى المغطَّى بالزهور. تفحَّصتها بسرعة، وكنت قلقة من أن يتسكع الطفلان خارج المنزل ويقعان في حب المجموعة بأسرها. أخذت الأشياء التي اعتقدت أنهما سيحبانها أكثر من غيرها: مجسمات البيوت، والحافلة المدرسية البرمائية، وقطع الأثاث اللعبة، وبعض أقلام التلوين، وبعض الحيوانات البلاستيكية. تركت دُمى الجنود، ليس بسبب مناهضة الحرب، ولكن لأنه لا يوجد باطن قدم بشرية شديد الصلابة لدرجةٍ تُمكِّنه من تحمُّل أن تخترقه البندقية البلاستيكية الصُّلبة لدمية جندي. قمت بجرد سريع لمكان صناعة الألعاب المختارة. كان كل شيءٍ مصنوعًا في الصين.

جلست في غرفة المعيشة مع الهدية الصينية الممنوحة للطفلين، اللذين هجما عليها بطمع. وحصلتُ على رد فعل رائع من كيفن بعد أن شرحت له أن اللعب كانت متروكة غير مرغوب فيها من المأوى المحلي.

قال: «حسنًا، هذا رائع! لقد أصبحنا مؤسسة خيرية للأطفال المحرومين.»

•••

نأمل أن يدوم الحب إلى الأبد، ولكن ليست الحال هكذا دائمًا. وبالتأكيد حب ويس لليقطينة الأرجوانية الكهربائية لم يدم؛ فلم ينجح حبهما في تجاوز الأسبوع الأول من شهر نوفمبر.

بدأ افتنانه باليقطينة يقلُّ كل يوم حتى عيد الهالوين، وبعد يومين من العيد أصبح غير مبالٍ بها، حتى إنه لم يعترض عندما حملتْها صوفي في جميع أنحاء المنزل وأوصلتْها ونزعتْها عن كل مقابس الكهرباء في المنزل. كانت تُبقي ذراعيها ملفوفتَين حولها كأنها مِلْكها، ومع ذلك لم يَبدُ ويس معارضًا.

وأخيرًا سألتُه: «ألم تَعُدْ معجبًا بيقطينتك بعد الآن؟»

هزَّ كتفيه في لامبالاةٍ وقال:

«أعتقد أنه لا بأس بذلك.» ولم تتزحزح عيناه عن التليفزيون.

إنه «يعتقد» أنه لا بأس في التخلي عن اليقطينة الأرجوانية الكهربائية؟ ألهذا بعتُ مبادئي؟

حسنًا، هذا كل شيء. لن يحدث ذلك أبدًا مرةً أخرى. لا مزيد من التنازلات. لا مزيد من اللعب الصينية. لا مزيد من أي شيءٍ صيني. لا مزيد من مراوغةٍ أو كسرٍ لقواعد المقاطعة، بصرف النظر عن الدموع، والتوسلات، ونظرات الاستهجان من كيفن. سأواجه الجزء الأخير من المقاطعة الممتد لشهرين بحماسةِ مَن تحوَّل حديثًا لديانةٍ أخرى وأحقق ما افتقرتْ إليه المقاطعة طوال العام: الكمال.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤