الفصل الحادي عشر

موسم الصين

قال كيفن: «ليس لديَّ خطة بديلة. كانت هذه هي خطتي البديلة.»

اتصل بي ليخبرني الأخبار السيئة: أكياس النوم الصوفية التي كان يريد أن يطلبها من أجل الطفلين في الكريسماس مصنوعة في الصين.

قلت لكيفن إنني آسفة لسماع هذه الأخبار عن أكياس النوم، ثم انتظرت منه أن يقول لي إنني يجب ألَّا آسف لأنه ليس خطئي. لكنه لم يقل ذلك، ربما لأنه خطئي لأنني أنا صاحبة قرار مقاطعة الصين. ربما كان يفكر أيضًا أنه إذا كنتُ آسفة حقًّا فإنني كنتُ سأقول له لا بأس في أن يمضيَ قُدُمًا ويطلب أكياس النوم الصينية. لم يأتِ أي صوتٍ من جانبه، وهذا يعني أنه في مزاجٍ سيئ حقًّا.

حاولت أن أُدخل عليه البهجة، فقلت:

«يوجد الكثير من الصوف في متجر الأدوات الحرفية من كوريا. وهذا يجعلني أعتقد أن لديك فرصةً حقيقية حيال أكياس النوم تلك.»

ظل هادئًا لفترةٍ أطول قليلًا، ربما كان يحاول أن يجعلني أعاني. بعد ذلك، عندما تكلم، عاد إلى كيفن العادي، رجل لطيف شديد الحماس.

ثم قال: «أتعرفين ما سأفعله؟ سأصنع للطفلين كيسَيْ نوم. سوف أصنعهما بسحَّاب وصوف كوري. وسوف يكونان أفضل من أي كيس نوم صيني يمكنكِ الحصول عليه من منشور تسويقي.»

يستطيع كيفن بناء قوارب خشبية وقيثارات صوتية، ولكنه — وفق ما أعرف — لا يستطيع خياطة زر في مكانه من السروال، حتى لو كانت حياته ستتوقَّف على ذلك. وجدت نفسي مضطرة لإيقاف دفعة المشاعر الإيجابية هذه بتحذيرٍ من أني أرى دائمًا أن تركيب السحَّاب صعب بعض الشيء.

فقال ساخرًا: «ما مدى صعوبة ذلك؟ كل ما عليكِ هو خياطتها.»

انتفضَت الخيَّاطة المبتدئة في داخلي. وتوقف كيفن عن الحديث لبُرهة.

ثم أضاف: «بالطبع، سأحتاج لمساعدتك.»

فقلت: «أنا لا أريد أن أساعد، أريد أن أشاهد فحسب.»

ساد الصمت مرةً أخرى، ثم قال:

«ربما سأستخدم شريط فيلكرو لاصقًا.»

•••

ربما يجب أن أكون أكثر تعاطفًا مع إخفاق كيفن الأول فيما يخص المنشور التسويقي لأكياس النوم. وأنا أيضًا بدأت عملية الاتصال بالشركات صاحبة المنشورات التسويقية لمحاولة اكتشاف هل يوجد أي شيءٍ على قائمة ويس لسانتا يأتي من أي مكانٍ غير الصين. إنه عمل مُمِل، وكنت غالبًا أخفق في اتصالاتي. في الواقع، حتى الآن أخفقتْ جميع محاولاتي؛ حيث إن كل الألعاب التي اتصلتُ للاستفسار عنها كانت صينية الصنع.

اتبعَت المكالمات نمطًا متوقَّعًا؛ كنت أطلب رقم شركة المنشور التسويقي، وأسأل عن بلد المنشأ لعنصرٍ معين، وأستمع إلى تنهيدة أو غيرها من علامات الضِّيق من جانب مندوب خدمة العملاء المنزعج، فأشكره وأنهي المكالمة بعد أن يخبرني أن اللعبة مصنوعة في الصين. أصبحت هذه المكالمات مُمِلة حتى إنني كنت أشعر بالامتنان لأي انحرافٍ عن القاعدة، بما في ذلك الحوار الغريب الذي حدث في اليوم الذي اتصلتُ فيه للاستفسار عن صاروخ يندفع بقوة الهواء يمكنه إطلاق قذيفة من الفوم لمسافة ٤٠٠ قدم في الهواء.

وصفه الكتالوج بأنه «متعة كبيرة للأطفال من سن ثمانية أعوام وأكبر.»

طريقة جيدة لإصابة عينك على ما أعتقد.

شطبت الصاروخ من قائمة ويس في ذهني بمجرد أن قرأت عن قوته، ولكني اتصلت من أجله على أي حال بسبب فضولي لمعرفة أيُّ بلد يصنع لعبة يحتمل أن تكون مضرة للعين كهذه. وهكذا انتهى بيَ الأمر على الهاتف مع كينيث، وهو شخص كثير الكلام أظهر حماسة استثنائية لمكالمتي، ولكنه لم يستطع إخباري بمكان صُنْع الصاروخ.

فقال مستغربًا: «لا فكرة لديَّ! يا له من سؤال!»

قال لي كينيث إنه سيتعيَّن عليه ملء استمارةٍ لي وتقديمها إلى «مختص» في المنشور التسويقي إذا كنت أريد أن أعرف أين يُصنع الصاروخ. وأخبرني أن شخصًا ما سيتصل بي مرةً أخرى ليخبرني بالمعلومات في غضون يوم إلى ثلاثة أيام عمل. بدأنا ملء الاستمارة، وهي العملية التي بدتْ روتينية حتى أعطيته اسم مدينتنا. وحينها كشف كينيث ما كنتُ أعتقد أنه ميل مؤسف لإخبار العملاء بأمور عن نفسه تتجاوز ما ربما يرغبون في معرفته.

قال كينيث: «قضيت ليلة في مدينتك ذات مرة. هذا لا يعني أنني أتذكَّر الكثير عنها. ها، ها، ها. لن أرويَ هذه القصة، مستحيل؛ فهذا أشبه بالجنون، حتى لو كنتُ أستطيع تذكُّرها بأكملها. ها، ها، ها.»

وبينما واصلنا ملء الاستمارة، واصل كينيث تقديم تلميحاتٍ عن ليلته الجامحة في بلدتنا، مكررًا مراتٍ عدةً أنه بالتأكيد لن يُخبرني عنها، مهما حدث، كأنني كنت أتوسَّل إليه أن يفعل هذا. حاولت عدم إبداء رأيي لإبقائه مُركِّزًا على الاستمارة.

استطرد قائلًا: «نعم يا سيدتي، كان وقتًا جامحًا. الرمز الكودي للمنطقة من فضلك؟»

فأعطيته الرقم.

فقال كينيث: «لا، لا، مستحيل، هذا غير ممكن. رقم الهاتف؟»

سمعتُ ضجيجًا في الخلفية عنده واضْطُرَّ كينيث أن يسألني أكثر من مرةٍ عن المنشور التسويقي الذي أتصل من أجله، وهو ما بدا سؤالًا غريبًا حيث أوحى لي أنه لا يعرف الشركة التي يعمل فيها. تخيَّلت كينيث جالسًا في مركز اتصال واسع في ساوث داكوتا أو نبراسكا، ومحاطًا برجالٍ ونساءٍ كانوا يعملون في المصانع التي تدفع لهم الأجور التي تُحدِّدها النقابات العمالية، ولكن خُفِّضَت وظائفهم إلى خدمة العملاء براتبها البالغ ٧٫٥ دولارات في الساعة بسبب المنافسة من المصانع الصينية. ربما كان بعض هذه المصانع — منذ فترةٍ طويلة، أو ربما منذ وقتٍ ليس ببعيد — كانت متخصصةً في صُنْع بعض الألعاب التي أتصل بشأنها، والتي تباع في المنشور التسويقي، والتي أصبحَت الآن تأتي من الصين؛ على نحوٍ شبه مؤكد.

شعرت بإغراءٍ حيال سؤال كينيث ما إذا كان تصوُّري لمكان عمله يقترب من الواقع أم لا، ولكنَّ شيئًا ما منعني؛ إذ أدركت أنني إذا أعطيت كينيث أي تشجيعٍ فسوف يُبقيني على الهاتف طوال فترة الظهيرة على الأرجح ليُقدِّم وصفًا مفصلًا لحياته العملية، بدءًا من رأيه في رئيسه والمال الذي يكسبه إلى نوع الزينة الموجودة على جدران حُجيرة العمل التي يعمل بها. وبطريقةٍ ما أو بأخرى طوال حديثه من المؤكَّد أنه كان سيُقحِم ذكرياته الغامضة من ليلته المنسية في بلدتنا.

لم تكن المسألة أنني لا أحب مزاح كينيث. وليس الأمر حتى أن لديَّ أشياء أكثر أهميةً أقوم بها. معارضتي للأمر عملية؛ فأنا في عجلةٍ من أمري هذا اليوم. وعليَّ إجراء مكالماتٍ لشركات المنشورات التسويقية من أجل صانعة مثلجات وإنسان آلي أزرق إذا كنتُ أريد التمسُّك بالجدول الزمني الذي وضعتُه لفرز قائمة الكريسماس الخاصة بويس التي تأتي كل بنودها من الصين.

شعرت أنني تصرفت بوضاعةٍ بينما كنت أودِّع كينيث. هل كنت سأموت لو أنني استمعت إلى حكاية ليلته المليئة بالعربدة؟ كان هذا هو الشيءَ اللطيفَ الذي ينبغي القيام به، وكنت أشكُّ في أن كينيث سيحتاج قريبًا أكبر قدرٍ يمكنه الحصول عليه من التعاطف. فكَّرت في هذا لأنني عندما أنهيت المكالمة كنت متأكدةً من أن كينيث سيُطرد قريبًا من وظيفته في مركز الاتصال لمحاولة إدخال العملاء مثلي في محادثاتٍ غير لائقةٍ عن مغامراته في فترة شبابه.

من المؤسف أن كينيث لم يكن يمتلك قدرًا أكبر من الحذر. ربما الرَّد على مكالمات الناس الذين يسألون عن منتجات منشور تسويقي ليست فكرة أي شخص عن وظيفة أحلامه، ولكن في عصرِ تفشِّي تعهيد الوظائف الأمريكية إلى الصين، يمكن أن تكون هذه أفضل فرصةٍ لكينيث لوظيفةٍ بأجرٍ ثابت.

يا لكينيث المسكين. آمل أن ينتظروا إلى ما بعد فترة الأعياد لفصله من العمل.

لم يعاود أحد الاتصال بي من شركة كينيث.

•••

ثَمَّةَ مكالمة هاتفية أخرى بشأن أحد المنشورات التسويقية أيضًا لا تُنسى. أبلغتْني المرأة التي أجابت على الهاتف، بصوتٍ مرتجف، أنه سيُحتَّم عليَّ إرسال طلبٍ لمحامٍ يُدعى السيد كلاين، إذا أردت معرفة معلومات عن بلد المنشأ لمجموعة مكعبات في صندوق عملاق في الصفحة الثالثة عشرة من المنشور التسويقي الخاص بهدايا عيد الميلاد. وأعطتْني عنوانًا في جراند فيو بولاية ميسوري، ولكن أخبرتْني أنني سأحصل على إجابةٍ أسرع إذا أرسلت إلى السيد كلاين خطابًا عن طريق الفاكس. وأشارت إلى أنها ليست لديها فكرة عن الوقت الذي سيستغرقه للرَّد، وسألتْني عما إذا كنت أريد رقم الفاكس أم لا، فدوَّنته.

لم أجد قط وقتًا لإرسال رسالة إلى السيد كلاين. بدا في الأمر مشقة أكثر من اللازم. وبدلًا من ذلك، تخليت عن فكرة شراء صندوق المكعبات، الذي كان سيُمثل هدية رائعة لصوفي، حتى لو لم تكن موجودةً على قائمتها لسانتا.

•••

في إحدى الأمسيات، انتزع ويس قائمته لسانتا من باب الثلاجة وأشار إلى أنه يريد أن يكتب واحدةً جديدة. استلقى على بطنه على أرضية المطبخ وأسند ذقنه إلى كفيه. وطلب مني إعادة نسخ قائمته على ورقة جديدة وأمرني أن أقرأ البنود المدرجة على قائمته القديمة. وقال إنه يحتاج إلى أن يُحدِّد الأشياء التي يُبقيها في القائمة الجديدة، في حال غيَّر رأيه عمَّا يريده حقًّا.

قال لي: «سأقول نعم أو لا.»

بدأنا.

حقيبة ظهر عليها بطل خارق؟

ضيَّق عينيه ونظر عبر المطبخ، وكأنه يفكر في هذا بعناية وأنه قرار صعب، ثم قال: «نعم.»

أدوات بطل خارق داخل حقيبة الظهر؟

أبقى عينيه نصف مغلقتين فيما يشبه نوعًا من الأوضاع التأمُّلية: «نعم.»

سيف مضيء؟

دون تردُّد: «نعم!»

خطاف معدني حقيقي وحبل؟

«نعم.»

يويو؟

«نعم.»

سيف؟

«نعم.»

درع؟

«نعم.»

دراجة نارية صغيرة قابلة للفك والتركيب من ليجو؟

«نعم.»

شعرت بالارتياح لسماع ذلك؛ لأن الدراجة النارية من ليجو بدت كأنها البند الوحيد الذي ربما يكون غير صينيٍّ على القائمة حتى الآن.

سيارة إطفاء يمكن ركوبها؟

«نعم.»

عربة نقل باليد؟

«نعم.»

صاروخ يندفع بقوة الهواء؟

قال: «نعم.»

فكرت قائلة في نفسي: «عذرًا أيها الطفل، هذا غير وارد.» ولكني دوَّنته على أي حال. سوف نخوض معركة الصاروخ المندفع بقوة الهواء في يومٍ آخر.

لعبة أسماك القرش الطائرة؟

«نعم.»

سيارة مورفيبيان؟

«نعم.»

أنياب مصاص دماء؟

«نعم.»

صندوق غداء؟

«نعم.»

سيارة ضخمة؟

«نعم.»

دمية دب محشوة؟

«نعم.»

صانعة مثلجات؟

«نعم.»

شارة شرطي؟

توقف للتفكير في هذا العنصر. ثم قال ببطءٍ ودون اقتناع: «لا.»

قبعة رجل شرطة؟

هز رأسه. وقال بثقةٍ هذه المرة: «لا، لا أريد واحدة.»

خزانة؟

«نعم.»

صافرة تُعلَّق حول عنقك؟

«نعم.»

أصفاد؟

سكت وفكَّر مُضيِّقًا عينيه: «نعم.»

نظارة شمسية؟

«نعم.»

إنسان آلي؟ واحد أزرق وجميع الألوان الأخرى، أيضًا؟

«نعم.»

تجهَّمت أمام القائمة الجديدة. بدت مطابقة تقريبًا للقائمة القديمة، باستثناء حذف شارة وقبعة رجل الشرطة، اللتين لن أفتقدهما لأنهما بالتأكيد مصنوعتان في الصين. نهض ويس عن الأرض، ووقف إلى جانب ركبتي، وطلب مني إضافة عنصرين إضافيين من منشور الألعاب التسويقي الجديد الذي كان بجانبه على الأرض.

فقال: «شاحنة ضخمة تعمل بموت كاترول.»

وحمل المنشور التسويقي. ورسم لي دائرة حول الشاحنة الضخمة.

وأضاف: «وسيارة سباق بموت كاترول. أخبري سانتا أني أرغب بشِدة في واحدة منها.»

ثَمَّةَ شيء لا أفهمه. «موت كاترول»؟ لم أفهم ذلك. هل هذا شيء جديد صُنع من أجل الأطفال العصريين؟ هل أنا في خطرِ أن أُصبِح مثل والدتي، غافلةً عن الدعائم الأساسية للطفولة المعاصرة مثل سكوبي دو؟ أو مثل والدي، الذي أحضر مؤخرًا ملصقًا لفيلم الرسوم المتحركة الأمريكي «عائلة سمبسون» كتذكار من رحلته إلى السويد؟

كرَّرت في داخلي: «موت كاترول.» ثم فهمتها: «جهاز تحكُّم عن بعد (ريموت كنترول).» أضفت الشاحنة الضخمة وسيارة السباق إلى القائمة، ولكنهما لن تفيدا ويس بشيء، ففي آخر مرة تفحصتهما فيها، كانت الألعاب ذات أجهزة التحكم عن بُعد تنتمي إلى الصين بقدر ما ينتمي ماو تسي تونج إليها.

•••

سمحتُ للطفلين بالبقاء في المنزل وعدم الذهاب إلى المدرسة بعد أن استيقظا مصابُين برشحٍ من الأنف. وجلسا في شبه غيبوبةٍ أمام التليفزيون معظم فترة الصباح، وبعد ذلك اصطحبتهما إلى الصيدلية لشراء دواءٍ للبرد.

كنا محاطين بمعروضات الكريسماس الصينية الصنع؛ فرفَّهنا عن أنفسنا بالضغط على زر تمثالٍ لرجل الثلج فروستي الراقص المصنوع في الصين، ثم قضينا عدة دقائق في إلقاء نظرةٍ على الملصقات أسفل أشجار كريسماس مصغرة، وشمعدانات على شكل منازل سيراميكية، وغيرها من معروضات الكريسماس، التي كانت جميعها مصنوعة في الصين. اعتقدتُ أن ويس ربما أثبت أنه طفل مبكر النضج وعلَّم نفسه القراءة لأن كل مرة كنا نفحص فيها ملصقًا معًا، كان يهز رأسه ويعلن بحزمٍ أنه من الصين. ثم أعطاني علبة قصديرية بها شمعة وكان مكتوبًا على أسفلها «صنع في هونج كونج».

قال ويس متنهدًا: «شيء آخر من الصين.»

أمسكت لساني عن الحديث.

جعلني ويس أَعِدُه بأنه يستطيع في العام المقبل شراء شجرة كريسماس مصغَّرة بزينة ملونة صغيرة معلقة عليها. ووجَّه حديثه لصوفي ليُعلِمها بالأخبار الجيدة.

فقال لها رافعًا الشجرة: «أمي تقول إنه يمكنني الحصول على هذه عندما يحين موسم الصين.» بدت صوفي منبهرة.

كانت وسيلة ممتعة لتمضية الوقت مع الأطفال، لم أشعر بالقلق إلا في لحظة واحدة.

سمعت ويس يصيح: «أوه، لا!»

قفزتُ وقطعتُ بضع خطوات في الممرِّ نحوه، معتقدةً أنه ربما جرح يده بشيءٍ ما. وبحثت عن الدم ولكني لم أرَ شيئًا. كان ويس يحمل علبة دواء البرد في يده وينظر باهتمام للكتابة الموجودة عليها من الخارج.

وأخبرني بينما كان يعطيني العلبة: «أرعبني هذا لأنني اعتقدت أن الدواء ربما يكون مصنوعًا في الصين.» تفحَّصت علبة دواء البرد ووجدت عنوانًا في رود آيلاند، فأكَّدت له أنه ليس صينيًّا.

غادرنا المتجر ومعنا دواء البرد وعلبة من المناديل الأمريكية. على الأقل حتى الآن لا يزال بإمكانك تنظيف أنفك من المخاط دون الاستعانة بالصين.

•••

مزيد من الملاحظات عن مقاطعة الصين:

أوقفتْ صديقة لنا شاحنتها الصغيرة (ميني فان) بعد الظهر في الشارع ولوَّحت لي عبر نافذة السائق.

ثم قالت: «ابنتي البالغة من العمر ثلاثة عشر عامًا توقفتْ عن شراء الأشياء المصنوعة في الصين من أجلك. ظننت أنك ستُحبِّين معرفة ذلك. وهذا بالإضافة إلى مقاطعة وول مارت، الذي قاطعتْه من أجلك أيضًا. إنها تحبك.»

لم أكن متأكدةً مما يجب أن أقوله. شكرًا؟ هذا رائع؟ «هل» هذا رائع؟ فلم يقاطع أحدٌ من قبلُ وول مارت أو الصين من أجلي، على الأقل ليس بإرادته. كنت لا أزال أحاول معرفة ما يجب أن أقوله عندما أغلقتْ صديقتي نافذة سيارتها وواصلَت القيادة.

طلبتُ صندوقًا من لُعَب الكريسماس الألمانية من منشور تسويقي مزخرف للأطفال. وصُدمْتُ عندما وصل الصندوق. ما صدمني هو حجم الصندوق؛ فلم يكن أكبر من صندوق حذاء، على الرغم من أنني أنفقت حوالي ٢٠٠ دولار مقابل محتوياته.

بدا طلبي هائلًا ومسرفًا عندما اتصلت بشركة المنشور التسويقي، ولكن عندما فتحت الصندوق بدا كل شيء صغيرًا ومتواضعًا. كانت هذه الألعاب ساحرة وعالية الذوق ومصنوعة بجودة عالية، ولكن عندما تفحَّصتها أدركت أن هذه الصفات نفسها ربما تُمثل عيوبًا من وجهة نظر الأطفال، الذين يحبون اللعب الكبيرة ذات الصوت العالي والذوق المثير للجدل. بعبارةٍ أخرى، اللُّعَب العادية، التي تعني اللعب الصينية. وكما ذكرت، كانت هذه اللعب «صغيرة جدًّا»؛ فتلك الأسرة المكونة من أربع دُمًى مطلية بيدٍ ألمانية وتكلفت ٨٠ دولارًا يمكن أن توضع داخل فنجان قهوة. لا يمكن أن يكون طول دُمية الأب أكثر من خمس بوصات. كما كانت هناك أيضًا مجموعة من قطع الأثاث الصغيرة الألمانية الصنع لبيت الدُّمى، وإكسسوارات ألمانية أصغر حجمًا لبيت الدُّمى، بما في ذلك محمصة خبز وغيرها من أدوات المطبخ الدقيقة بالمعنى الحرفي.

ثَمَّةَ مفاجآت غير سارَّة أخرى في الصندوق؛ كان يوجد قارب خشبي لحوض الاستحمام أكَّد مندوب خدمة العملاء لي أنه مصنوع في بولندا، ولكن كان هناك شيء آخر مكتوب على صندوقه من الخارج، وهي الكلمات: «صنع في الصين».

صدمني أنني أنفقت ما يقرب من ثلث ميزانيتنا لعيد الميلاد على صندوق اللعب هذا الذي يضاهي حجمه حجم صندوق حذاء. اقترحتُ مؤخرًا على كيفن أن نُحدِّد سقف الإنفاق للعيد ﺑ ٦٨١ دولارًا بعد أن قرأت في مكانٍ ما أن مجموعة إن بي دي — وهي شركة أبحاث سوقية — تتوقَّع أن تنفق الأسرة الأمريكية المتوسطة هذا المبلغ على الهدايا خلال فترة الأعياد. ونحن أسرة متوسطة بما فيه الكفاية في رأيي، على الرغم من أننا في هذه المرحلة لسنا أسرة عادية؛ فالأسرة الأمريكية العادية ستنفق معظم مبلغ اﻟ ٦٨١ دولارًا على هدايا الكريسماس الصينية التي ستُذهل أطفالها الأمريكيين العاديين في صباح يوم الخامس والعشرين من ديسمبر.

بدا لي المبلغ إسرافًا في ذلك الوقت، ولكن فجأةً قلقت من أنه سيكون صعبًا الامتناع عن كسر الحد الأقصى للإنفاق البالغ ٦٨١ دولارًا. رغم كل شيء، لم يحتوِ الصندوق الصغير على أكثر من لعبتين لِويس: القارب الخشبي من بولندا/الصين، الذي سأُضْطَرُّ إلى إعادته، وقارب خشبي ثانٍ مصنوع في ألمانيا ويعمل عن طريق أربطة مطاطية. بعبارةٍ أخرى: لقد استهلكت للتوِّ ما يقرب من ٣٠ بالمائة من ميزانيتنا للكريسماس وما زال ويس يواجه احتمال عدم وجود هدايا له تحت الشجرة، بما في ذلك عدم وجود شيء واحد يعمل ﺑ «موت كاترول». ليس هذا وحسب؛ فبعد تفحُّص طلبي من البضائع الألمانية، أدركت أن ما كنت بحاجةٍ إليه حقًّا هو هدايا غير صينية كبيرة للأطفال، والتي كان العثور عليها في رأيي أصعب من العثور على الهدايا الصغيرة.

وهناك أيضًا مسألة الأصدقاء والأقارب الذين سيرسلون إلينا هدايا، آملين على نحوٍ محتمل أننا سوف نرسل شيئًا إليهم، على الرغم من أنني كنت أُفضِّل عدم التفكير في ذلك في هذا الوقت؛ فلديَّ ما يكفيني.

بدأت أُشفِق على نفسي؛ لذلك اتصلت بأمي، على أمل أن تُشفِق عليَّ أيضًا.

قالت لي بعد أن شكوت لها أنني أُنفِق الكثير من المال مع قليلٍ من النتائج حتى الآن: «آمل بالتأكيد أنكِ لا تفكرين في التوفير فيما يخص لُعَب الطفلين؛ فرغم كل شيء، كانت هذه السنة طويلةً بالنسبة إليهما، فقد كانا …»

توقفت أمي عن الكلام، فأنهيتُ عبارتها بدلًا منها.

قُلتُ متسائلة: «محرومين؟ يمكنكِ أن تقوليها.»

فقالت: «لم أستخدم هذه الكلمة، بل أنتِ من قلتِها.»

صحيح أنها لم تقل هذه الكلمة في الواقع، ولكني كنت أسمعها على أي حال، بصوتٍ عالٍ وواضح.

•••

اشتريت ثانيَ حذاءٍ لي في هذا العام، حذاءً جلديًّا دون كعبٍ من البرازيل بسعر ٢٩ دولارًا. وصل إجمالي إنفاقي على الأحذية لهذا العام حتى الآن، دون احتساب الضرائب والشحن، إلى ٣٩ دولارًا مقابل ثمن هذا الحذاء وثمن الحذاء القطيفة ذي الرقبة القصيرة الإسرائيلي البالغ عشرة دولارات الذي اشتريته قبل أشهرٍ من متجر يبيع أحذية مصنوعة من الألياف الصناعية. لم أكن أعرف ما سيحدث في الأسابيع التالية، عندما يهزمنا الإنفاق من ميزانية الكريسماس المدفوع بالذعر على لُعَب الطفلين الكبيرة المفترض أنها ألمانية، إلا أن المقاطعة وفَّرت لي مبلغًا صغيرًا جرَّاء الابتعاد عن شراء عديدٍ من الأحذية المصنوعة في الصين.

•••

وجدت هدية غير صينية كبيرة ممتازة لِويس. علَّقتُ آمالي بشيء يُسمَّى «سيارة البلازما»، وهي سيارة حديثة يمكن ركوبها تعمل بالجاذبية وقوة الطرد المركزي وتتحمَّل أوزانًا تصل إلى ٢٠٠ رطل، وهو ما يعني أنني يمكنني ركوبها أيضًا. تخيلتُنا نمرح بحماسٍ بينما نتناوب الانطلاق بها في أنحاء المنزل. سألت كيفن عن اللون الذي يعتقد أن ويس سيفضله.

أجابني: «اطلبي اللون الأحمر.»

لا أستطيع أن أقول بقناعةٍ مطلقة إن سيارة البلازما ليست مصنوعة في الصين لأنني شاهدتها فقط على الإنترنت ولم تُتَحْ لي فرصة للاتصال للحصول على مزيدٍ من المعلومات. لكني أشعر بالتفاؤل حيال الاحتمالات لأن الشركة التي تصنعها كندية وتؤكد على هذه الحقيقة بشعار ورقة القيقب على موقعها على شبكة الإنترنت؛ لذا لم أشعر بأي قلقٍ عندما اتصلتُ بالمقر الرئيسي لشركة سيارة البلازما في أوتاوا صباح يوم الإثنين للحصول على تأكيدٍ بأن السيارات مصنوعة بالفعل في كندا.

قالت المرأة التي تجيب على الهاتف: «لا ليس في كندا، السيارات مصنوعة في الصين.»

وضعتُ السماعة في مكانها وقضيتُ بضع لحظاتٍ جالسةً إلى طاولة المطبخ مذهولة. واستقرَّت فوقي غمامة من الكآبة. التفتُّ وألقيتُ نظرة على التقويم الموجود على الحائط. يفصلنا عن الكريسماس أكثر من شهرٍ بقليل. كان حظ صوفي طيبًا من ناحية توافر نصيبها من الألعاب، حتى لو كانت لعبًا صغيرة. على الأقل سيكون لديها شيء تفتحه، وربما كانت صغيرةً للغاية على أن تدرك أن مجموعتها من الألعاب الألمانية الرزينة تتسم بصغر الحجم.

لكني لم أشترِ شيئًا لكيفن، أو لأقاربي الآخرين، فقط لعبتين من لُعَب حوض الاستحمام لِويس، بما في ذلك القارب القادم من بولندا/الصين الذي ينبغي أن أعيده مرةً أخرى. بالنسبة إلى ويس، لن يوجد سيف مضيء، ولا إنسان آلي، ولا أصفاد، ولا سيارة بلازما.

نظرتي إلى التقويم دفعتْني للتفكير في مناسبةٍ أخرى قريبة للغاية تحتاج عمومًا إلى كثيرٍ من لُعَب الأطفال الصينية، على غرار الكريسماس. سوف يبلغ ويس خمسة أعوام خلال أقل من أسبوعين؛ وهو ما لا يحتمل سوى معنَى واحد:

كارثة.

•••

قال كيفن: «دعينا نذهب لإلقاء نظرة. ربما لن يكون بهذا السوء.»

رأى كيفن أننا يجب أن نذهب للتسوق من أجل عيد ميلاد ويس في موقع يقع في الجوار خاص بسلسلة متاجر ألعاب إقليمية. قلت إننا سوف نُهدر وقتنا.

ثم استطردتُ قائلة: «لقد تفحَّصتُ لُعبًا هذا العام أكثر مما تفحَّصتَها أنت. صدِّقني، لن نجد أي شيءٍ سوى حفنةٍ من الأشياء الصينية هناك. لا جدوى من ذلك. اللُّعَب تأتي من الصين، هذه نهاية الكلام. هكذا هي الحال.»

أصرَّ قائلًا:

«إني أقول إنه يستحقُّ أن نُلقيَ نظرة.»

وافقت على الذهاب معه، والسبب الرئيسي هو توفير الدعم العاطفي الذي سيحتاجه عندما يكتشف بنفسه مدى فداحة وضع اللُّعَب، وأيضًا لكي أستطيع أن أخبره أني قلتُ له ذلك؛ لذلك لم يكن أحد أكثر اندهاشًا مني مما حدث بعد ذلك. لم نكن قد أمضينا سوى عشر دقائق داخل المتجر عندما بدأنا نجد الألعاب غير الصينية التي قضيت العام بأكمله بحثًا عنها ولم أكن أجدها إطلاقًا تقريبًا. في غضون دقائق كان يوجد في سلتنا لعبتان: نَبْلَة‎ من تايلاند ومجموعة من كتب ألغاز المتاهة من إسرائيل.

لم يكن ينبغي أن أتفاجأ بتغيُّر حظنا؛ فكيفن يمتلك موهبة الاصطدام بما هو غير متوقَّع؛ فمنذ سنوات، في رحلةٍ إلى هاواي، كنت أنا وكيفن نَسبَح في مياه ضحلة عندما انتهى بنا الأمر في وسط مجموعةٍ من السلاحف البحرية. اصطدم كيفن بواحدة، ولم أعرف مَن كان أكثر اندهاشًا، كيفن أم السلحفاة. وعندما وصلنا إلى الشاطئ، قالت زوجة أخي كيفن متبرِّمة: «لقد حدث ذلك لأن كيفن كان هناك. يذهب الأشخاص الآخرون للسباحة ويرَوْن عددًا قليلًا من الأسماك. أما أنتِ فتذهبين للسباحة مع كيفن ويتحوَّل الأمر إلى فيلم وثائقي عن الطبيعة.»

يصادف كيفن فعليًّا أيضًا رجال السياسة (حسنًا، أحد رجال السياسة، السناتور الراحل بول سايمون، الذي بدا خائفًا عندما رآه كيفن في المطار وهتف «بول سايمون!»)، والمصارعين المحترفين (حسنًا، أحد المصارعين المحترفين، سارجنت سلوتر، الذي سحق أصابع كيفن أثناء مصافحته بعد لقاء مفاجئ في موقف للسيارات)، ونجوم موسيقى الروك (حسنًا، أحد نجوم موسيقى الروك، جوناثان ريتشمان، الذي جلس بجانبه في إحدى الحانات وربما لم يكن أحد نجوم موسيقى الروك له متابِعون أكثر منه)، ورؤساء أوروبا الشرقية (حسنًا، واحد منهم على أي حال، فيكتور يوشينكو، الرئيس الأوكراني الذي تحوَّلت بشرته إلى اللون الرمادي وامتلأت بالبثور بعد أن تعرَّض للتسمم؛ إذ التقى به كيفن في الشارع الصيف الماضي في باريس، وقال إن الرجل بدا أشدَّ مرضًا مما يبدو على شاشة التليفزيون). وفي عالم الحيوان، اصطدم كيفن بدببة ودلافين وسلاحف بحرية وأغنام برية أيضًا. عندما تكون مع كيفن، لا تعرف أبدًا ما سيحدث.

هذه نقطة تنطبق على رحلتنا إلى متجر اللُّعَب؛ حيث أوحت الأشياء القادمة من تايلاند وإسرائيل إلى أن كيفن سوف يُنقِذ عيد ميلاد ويس؛ وهو ما يعني أنه قد يُنقِذ الكريسماس له أيضًا. وقد بدأ كيفن لتوِّه؛ فطلب من الفتاة البائعة السماح له بإلقاء نظرة على بندقية معروضة على الحائط في مكانٍ عالٍ. أعتقد أنه كان يُجرِّب حظه.

همست لكيفن بينما ذهبت الفتاة لإحضار سلم: «لا يمكن أن تكون هذه البندقية مصنوعة في أي مكان غير الصين. يجب ألَّا تجعلها تتسلق إلى هناك.»

قدَّمَت الفتاة البندقية لكيفن الذي ألقى نظرة فاحصة على غلافها.

وقال: «تايلاند.» وألقاها في سلة المشتريات والزهو ينضح على جبينه.

بعد ذلك تجوَّل مُلقيًا نظرةً على الألغاز. والتقط واحدًا مرسومًا عليه فارس من العصور الوسطى وقذفه في السلة.

وقال متفاخرًا: «أمريكا.»

بدأتُ التفكير في أنه ربما لا توجد مصاعب شديدة في مقاطعة الصين. ربما أنني السبب. ربما تكون غرائزي الشرائية سيئة، أو أنني أتسم بسوء حظ، أو أن غرائز كيفن الشرائية جيدة ويتمتع بحُسن حظ.

أيًّا كان ما في الأمر — حظ أو غريزة — فإنه اليوم أنقذ عيد ميلاد ويس.

•••

شهد كيفن معركة بين سيدتين أرستقراطيتين في متجرٍ أرستقراطي لأدوات المطبخ حيث ذهب للبحث عن أداة لمساعدتي في صنع عجينة الفطائر. أراد أن يُقدِّمها لي في الكريسماس.

كيفن لا يمانع الشراء من المحلات التجارية الأرستقراطية، إما لأنه لا يُدرِك هذا أو لأنه ببساطةٍ لا يهتم به بشكلٍ أو بآخر، ولم تخرج هذه الزيارة عن هذا النهج. قادتْه إحدى البائعات الأرستقراطيات إلى قسم الخَبْز وأحضرَت الأداة التي يريدها. ثم تذكَّر كيفن المقاطعة وفحص الملصق عليها.

وقال لها: «عذرًا، لا يمكنني شراؤها؛ فأنا لا أشتري الأشياء المصنوعة في الصين.»

رمقتْه البائعة الأرستقراطية بنظرةٍ باردة — وهي سمة مميزة لهؤلاء البائعات — وسمعتْ تعليقَه مصادفةً سيدةٌ أرستقراطية أخرى، كانت عميلة تسير في الممر.

«هذا جيد.» قالتها السيدة بصوتٍ مدوٍّ لا يَصدُر إلا عن امرأةٍ اعتادت أن يكون العالم بأكمله طوع بنانها، ثم أضافت: «يمكنك الذهاب إلى وول مارت إذا كنت تريد الأشياء التي يصنعها العمال الصينيون العبيد. هذا ليس سبب قدومنا إلى هذا المكان.»

أعجبتْني هذه القصة، فسألت كيفن:

«ماذا قالت السيدة الأرستقراطية الأولى بعد ذلك، تلك التي تعمل في المتجر؟ كيف ردَّت على ذلك؟ أم كادت تموت غيظًا وحسب؟»

أجاب: «لم تقل أي شيء.»

فسألته: «كيف يمكن أنها لم تقل أيَّ شيء؟ لا بد أنها قالت شيئًا.»

هزَّ كتفيه في لامبالاة. ضغطتُ عليه من أجل مزيدٍ من التفاصيل؛ فهذا مشهد رائع — سيدة أرستقراطية تتعالى عليها سيدة أرستقراطية أخرى — أريد أن أعرف كل شيءٍ بالتفصيل.

«حسنًا، كيف كانت تعبيرات وجهها حينها؟ هل كانت تشعر بالمرارة؟ هل ثار جنونها؟»

هزَّ كتفيه مرةً أخرى.

فسألتُه بعدها: «هل وقفتم أنتم الثلاثة تنظرون بعضكم إلى بعض؟»

فقال: «ابتعدتُ فحسب. وعندما غادرت، كانت كلتاهما تقفان في صمت.»

استلقيت للخلف حاملة كأس نبيذ وأعدت تكرار هذا المشهد في رأسي. كان من الأفضل أن أحصل على مزيدٍ من التفاصيل بالطبع. تمنيت لو أنني كنت هناك أيضًا. إنني أحتاج حقًّا أداةً لمساعدتي في صنع عجينة الفطائر، ولكني أعتبر هذه القصة تعويضًا كريمًا بدلًا منها، انتقامًا لطيفًا ضد كل بائعات المتاجر الأرستقراطيات اللاتي لاحقنني أثناء الخروج من متاجرهن بنظراتٍ غاضبة. اعتبرتها هديةً لي من مقاطعة الصين، أفضل من عجينة فطيرة جيدة في أي يومٍ وأحلى لأنها لم تُكلفنا شيئًا.

•••

استغلت أمي مناسبة عيد ميلاد ويس الذي بلغ من العمر خمس سنواتٍ لتوضِّح من جديدٍ شعورها حيال المقاطعة؛ مقاطعتي.

أزالت أمي ملصق «صنع في الصين» من صانعة الوافل على شكل سكوبي دو، ولكن استخدمتْ تقنية مختلفة لتغيير العلبة الخارجية التي تحتوي على كيس النوم الصيني الذي أحضرتْه لويس؛ استخدمتْ قلم تلوين أسود لتغيير الحروف المطبوعة بحيث أصبحت الآن «صنع في شيلي». كانت لا تزال تُصر على أنني صعبة المِراس ولن أقبل الهدايا الصينية، على الرغم من أنني قد شرحتُ في مراتٍ كثيرةٍ أن هذا ليس هو الحال وفقًا لقاعدة إعفاء الهدايا من المقاطعة.

قالت لي عبر الهاتف: «أوه، أعرف كيف تشعرين حيال هذه الأمور. لا يمكنكِ خداعي.»

أحضر جميع الضيوف لعب أطفال صينية للحفلة، بما في ذلك حقيبة ظهر عليها بطل خارق ومجموعة من لُعَب الأبطال المنقذين. استسلمتُ أمام هذا التسرُّب المتوقَّع للمنتجات الصينية إلى المنزل واستخدمتُ المناسبة للنظر إلى الجانب المشرق؛ فشطبت حقيبة الظهر التي عليها صورة بطل خارق وأدوات البطل الخارق من قائمة ويس لسانتا.

وعلى غرار إسرائيل وتايلاند، ساعدت المكسيك في إنقاذ اليوم. نفخ كيفن ما لا يقل عن مائة بالون مكسيكي ونثرها حول المنزل. واستخدم الأطفال مضربًا لتدمير تمثالٍ مكسيكي على شكل ديناصور مليء بالحلوى. وهذه المرة، أعدنا الضيوف إلى منازلهم حاملين أكياس حفلات تحتوي على شاحنات ليجو دنماركية. شعر ويس بسعادة غامرة حيال كومة اللعب، وكان سعيدًا إلى حدٍّ واضح بالنبلة التايلاندية، التي كان يستخدمها لرشق أخته بكراتٍ من الفوم عندما لا نكون منتبهين.

إذن، أنهينا نوفمبر بنجاح؛ تقريبًا بنجاح، على أي حال.

في آخر ليلةٍ من شهر نوفمبر، بينما يحوم الكريسماس حولنا كروحٍ شريرة، ذكَّرني ويس بأن كل شيءٍ ليس على ما يُرام، وأن هذا ليس بالوقت المناسب للاعتماد على ما حققناه من نتائجَ جيدةٍ في عيد ميلاده.

فقال وأنا أضعه في السرير: «اقترب الكريسماس للغاية يا أمي. وهذا يعني أن سانتا سيأتي قريبًا وسوف يجلب لي كل ما أريد. حتى السيف المضيء.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤