الفصل الثاني

الحكم

(١) تعريف الحكم

قلنا إننا لا ندرك الأشياء بجميع خصائصها وأعراضها دفعة واحدة، ولكننا ندرك الأعراض والخصائص شيئًا فشيئًا باستخدام حواسنا وإعمال الفكر، فنحلل الشيء إلى معانٍ عدة ونحن نعلم أن هذه الكثرة متحققة فيه، فنردها إليه في قول يعلن أنها له، مثل قولنا: «سقراط فاضل»، ويسمى هذا تركيبًا. وقد نخطئ فنضيف إلى الشيء ما ليس له، فإذا تبينا خطأنا عدنا فاستبعدنا عن الشيء تلك الإضافة في قول يعلن أنها ليست له، مثل قولنا: «ليس سقراط كافرًا»، ويسمى هذا فصلًا أو تفصيلًا باعتبار المقصود منه وهو الاستبعاد، ولكنه تركيب أيضًا من حيث إنه تأليف بين معينين في صيغة سالبة.

هذا التركيب الموجب أو السالب مغاير للمعنى المركب المتصور دون إيجاب أو سلب، فليس تصورنا «الإنسان الشجاع» كتصورنا «هذا الإنسان شجاع»: في التصور الأول معنيان مؤلفان في ماهية واحدة، وفي التصور الثاني تقرير بأن المعنى المضاف موافق للشيء المعبر عنه بالمعنى المضاف إليه (أو غير موافق له). فالحكم يقتضي ثلاثة أفعال تمهد له: وهي تصور معنيين، والمضاهاة بينهما، وإدراك ما بينهما من نسبة توافق أو عدم توافق، فيعقب الحكم هذا الفصل الثالث توًّا، فإن إدراك النسبة مجرد العلم بإمكان إضافة معنى إلى آخر، وماهية الحكم الإضافة فعلًا والتصديق بالنسبة.

أما أن الحكم تركيب بين معنيين، وأن التصور الساذج سابق عليه، فهذا ما يبدو واضحًا وما قيل به أزمنة متطاولة. لكن بعض علماء النفس المعاصرين ارتأوا أن الحكم تصور إجمالي نحلله إلى المعاني المؤلفة له، أي إننا ندرك أولًا كل موقف جملة ونعبر عنه بقضية، مثل: «أمشي» و«أعطي»، ثم ندرك جزأي القضية ونحصل على معنيين، فالمعنى الواحد يركب بحكم أو بجملة أحكام. هذا الرأي قائم على سوء فهم: فإنه إذا لم يكن تمايز جزأي الحكم سابقًا عليه امتنع الحكم وامتنع التعبير عنه في قضية لعدم توافر المعاني والألفاظ التي نؤلف بينها، والتي يجب أن يكون لكل منها في ذهننا مدلول محدد مستقل عن مدلول الآخر. وإدراك موقف ما جملة هو إدراكه بوساطة ما لدينا من معانٍ، فتعقل طرفين سابق على الجمع بينهما، وإلا كان الجمع عبثًا. والأمر واضح للغاية في الحكم السالب؛ فإن المسلوب غير موجود، فلا يمكن أن يقال إننا ندركه في تصور تركيبي ثم نحلل هذا التصور إلى جزأيه، والمعنى الذي يكتسب بحكم أو بعدة أحكام مسبوق ضرورة بمعانٍ أبسط منه تركب منها هذه الأحكام.

هذا التركيب يجيء إيجابًا أو سلبًا. والإيجاب متقدم عمومًا على السلب؛ لِتقدم الوجود على اللاوجود، ولتقدم إدراك الوجود على إدراك اللاوجود، ولما هو بَيِّنٌ من أن السلب، لاحتوائه على أداة سالبة في العقل وفي اللفظ، فهو أعقد من الإيجاب، والأعقد متأخر عن الأبسط. وإذا سلمنا أن الحكم السالب احتجاج على حكم موجب ممكن، كما يقول برجسون، وأنه من ثمة متأخر عنه، كان هذا من الوجهة النفسية فقط، أي باعتبار كيفية صدور الحكم السالب، لا من الوجهة المنطقية أو الميتافيزيقية، أي باعتبار قيمة الحكم السالب، فلا نتابع رأيه أن الحكم الموجب منصب على الموضوع، وأن الحكم السالب تعليمي واجتماعي يصدر للإنكار: إن الحكم، موجبًا أو سالبًا، يفترض أننا قد وضعنا مسألة وضاهينا بين معينين، وهذه المضاهاة يمكن أن تحدث في بادئ الأمر في قضية سالبة بحيث يقع السلب على الموضوع كما هو الشأن في الحكم الموجب. فمن هذه الناحية نضع الحكم السالب والحكم الموجب على قدم المساواة، ونقول إن قسم حكم إلى موجب وسالب هي قسمة جوهرية.

من قسم الحكم هذه يلزم للحال خاصية تميزه من التصور الساذج، وهي أنه يتضمن بالذات الصدق أو الكذب. أجل إن الإحساس المطابق للمحسوس صادق، وإن التصور الساذج الواقع على ماهيته هو صادق أيضًا، ولكن هذا الصدق غير ظاهر فيهما صراحة، على حين أنه ظاهر في الحكم حيث يعلن العقل أن الموضوع هو كذا فيبين عن عمله بمطابقته للموضوع. إن مثل الإحساس والتصور الساذج كمثل المرآة تعكس صور الأشياء ولا تدري أنها تعكسها، على حين أن العقل في الحكم يعلم أنه يقول قولًا يؤدي معنى تامًّا يحسن السكوت عليه، إن لم يقابل بالإنكار.

والنسبة الحكمية قد تبدو إما بالمضاهاة بين معنيين مستفادين من الحس، كقولنا: «هذا الماء ساخن»، أو بالمضاهاة بين معنى مستفاد من الحس ومعنى آخر معقول، كأن نحكم بوجود نار لا نراها بسبب الدخان الذي نراه. أو بالمضاهاة بين معنيين معقولين، كأن نحكم بوجود صفة لا نراها لشيء لا نراه بسبب أثر نراه، فنقول: «النار عظيمة» بسبب شدة تكاثف الدخان. وهذه هي الحال كلما انتقلنا من معلول نراه إلى علة لا نراها صفة لا نراها ولكنها مقتضاه لها في نظر العقل. والأحكام التي من هذا القبيل صادقة ضرورية لا ينتقص من قيمتها خفاء المعنيين على الحس، فإن العبرة هي في النسبة بينهما وفي سبب إيقاعها.

وإنا لنلفت النظر إلى هذه النقطة، فقد اختلط الأمر على بعض الفلاسفة، وفي مقدمتهم الحسيون: فإذا قلنا إن لأفعال الكائن الحي علة نسميها النفس، وإن للعالم علة نسميها الله، قالوا إنهم لا يرون النفس ولا يرون الله، ونحن لا نطلب إليهم أن يروهما، بل أن يؤمنوا بوجودهما كما يؤمنون بوجود النار ولنفس السبب الذي هو ضرورة العلة. وإذا قلنا إن العلة الأولى غير متناهية، قالوا إن العقل الإنساني لا يتصور اللانهاية، ونحن لا ندعي أننا نتصورها، بل إننا نتصور ضرورتها للعلة الأولى. وغير هذا كثير سننبه عليه كلما صادفناه.

ومن الفلاسفة، وعلى رأسهم ديكارت وسبينوزا، من جافوا منطق أرسطو حتى تجاهلوا هذا الفهم للحكم، وقرروا أن في النفس معاني، وأن الحكم هو التصديق بالمعاني. قال ديكارت: إن العقل قوة انفعالية بحتة، وبالعقل وحده لا أثبت ولا أنفي، بل أقتصر على تصور الأشياء التي أستطيع أن أثبتها أو أنفيها؛ والإرادة هي القوة الفاعلية، وهي التي تحكم أي تثبت أو تنفي أو تمتنع من الإثبات والنفي. وقال سبينوزا: ليس المعنى شيئًا أخرس كالصورة المنقوشة، ولكنه قوة فاعلية؛ فإنه مصحوب بضرب من الشعور بوجود موضوعه ما لم يعارضه معنى آخر، فتصديقاتنا هي التصورات الغالبة فينا، وليس يوجد في النفس من إثبات أو نفي إلا من ينطوي عليه المعنى بما هو معنى.

لكنا لا نرى لهذه النظرية معنى ولا سندًا: فليس من شأن الإرادة الإثبات أو النفي، التصديق أو الإنكار، إلا بتسويغ من العقل. فمتى كانت النسبة الحكمية بينة أثبتها العقل وصدَّق بها، ومتى كانت غير بينة نفاها العقل أو علق حكمه. فليس العقل منفعلًا وحسب كما يقولون، وإنما هو فاعل أيضًا. أجل كثيرًا ما تحرض الإرادة العقل على الحكم لناحية أو لأخرى، تبعًا لما يوحي به الاستعداد الشخصي من هوى، ولكنا هنا أيضًا نرجع إلى تقدير العقل؛ إذ إنا نزعم أن من المعقول أو من الخير أن نفعل كذا أو كذا. ومهما يكن من أمر الإرادة، فإن الوجدان يظهرنا على أن تفكيرنا وكلامنا مؤلفان من أحكام بالمعنى الذي نقصده، أي مركبة من موضوع ومحمول ورابطة بين الاثنين، فيتعين اعتبار الحكم إطلاقًا على هذا الغرار، ويتعين تفسيره، وهو لا يفسر إلا بالمعنى المجرد، فإن المحمول صفة أو معنى مجرد دائمًا، والموضوع معنى مجرد في كثير من الأحيان، أعني في الأحكام العلمية فإنها كلية ضرورية.

في كل ما تقدم لم نلحظ سوى الحكم البسيط أو الحملي، ولم نشر إلى الأحكام المركبة التي أهمها الأحكام الشرطية، والسبب في ذلك أن الأحكام المركبة تنحل إلى حمليات، وتخضع لقواعد الحمليات، فلا تثير مسائل جديدة. غير أن بعض الفلاسفة المعاصرين اعتقدوا أنهم استكشفوا نوعًا من الأحكام المركبة لم يذكره أرسطو ولا هو يرد إلى منطقه ولكنه يؤلف منطقًا على حياله، ذلك هو الحكم الإضافي أو النسبي الذي يثبت إضافة أو نسبة بين شيئين، على حين أن الحكم الحملي يسند صفة إلى موصوف. ما أكثر ما نقول: «أكبر من «ب»» أو «هذا المثل غير مساو لذاك» إلى سائر ما هنالك من نسب: كالتشابه والتخالف والتباين والتقارن والتعاقب والتساوي والعِلِّيَّة … إلخ. فأكبر من «ب»، وغير مساوٍ لذاك، قول يعبر عن نسبة لا تقوم الموضوع ولا في حد المقارنة الوارد بعده، ولكنه يجمع بين النسبة وبين الحد الثاني ويكون من الاثنين محمولًا مثبتًا للموضوع كأنه صفة له وجزء منه، وليس الحال كذلك. وقولنا: ««أ» و«ب» غير متساويين» يجعل من عدم المساواة محمولًا مشتركًا بين الحدين، وهذا واضح البطلان؛ فقد ضاهينا بين «أ» و«ب» ولم نضاه بين «أ» و«ب» من جهة وبين معنى عدم المساواة من جهة أخرى. وإذا قلنا: ««ﺣ» متقدم على «د»» أو ««ﺣ» و«د» متعاقبان»، كان الحدان الحقيقيان «ﺣ» و«د» مع إدراك نسبة تعاقب بينهما، لا «ﺣ» من جهة والمحمول «متقدم على «د»» من جهة أخرى، ولا «ﺣ» و«د» من جهة والمحمول «متعاقبان» من جهة أخرى. وهكذا نصوغ الحكم في أمثال هذه النسب كأن الحد الثاني صفة للأول، فنرجع النسب الإضافية إلى نسبة الملائمة أو عدم الملائمة بين موضوع ومحمول.

ونحن نقول: لا يوجد منطق إضافي أو نسبي مستقل عن قوانين المنطق الحملي وقواعده، والقضايا الإضافية مركبة من موضوع ورابطة ومحمول كالقضايا الحملية: ««أ» (الموضوع) هو (الرابطة) أكبر من «ب» (المحمول)» إلا أن الرابطة تنصب على الموضوع لا كما هو في نفسه، فلا تعبر عن تقوم المحمول فيه، بل باعتبار الإضافة والنسبة بينه وبين الحد الآخر، أي في تصورنا إياه وقت عقد المقارنة، وحينئذ يتضمن الموضوع المحمول؛ إذ يكون معنى المقارنة أن «أ» بالنسبة إلى «ب» هو أكبر من «ب». كما نستطيع أن نجعل من النسبة غير المعينة موضوعًا، ومن تعيينها محمولًا، فنقول: نسبة «أ» إلى «ب» (وهذا هو الموضوع) هي (الرابطة) نسبة أكبر إلى أصغر (وهذا هو المحمول). وفي الحالين إسناد محمول إلى موضوع كما هو الحال في الحكم الحملي. فالعقل على حق في تصور المحمول كالصفة في القضايا الإضافية، والمنطق واحد لم يتعدد.

(٢) المذهب الحسي والحكم

فيما سبق من شرح كان الغرض تحليل الحكم كما يبدو في الذهن، وتعيين شأنه في المعرفة الإنسانية. لكن الحسيين ينقدون هذا الفهم للحكم، ويعرضون له تفسيرًا يرده إلى الحسية والاسمية. فتمحيص أقوالهم يتيح لنا إكمال هذا الشرح بدرء الشبهات عن موقفنا وبيان فساد الموقف الحسي.

وأول ما نلقاه من أقوالهم مأخذان وجههما إليه السفسطائيون اليونان: أحدهما أن الحكم إسناد لفظ إلى لفظ مختلف عنه، مثل «الإنسان طيب»، وليس يتضمن معنى الإنسان أو معنى الطيبة شيئًا من معاني الصفات التي تسند إليه. فهذا الإسناد غير سائغ، وكل ما يسوغ هو قول: «الإنسان إنسان» و«الطيب طيب» وهكذا، بحيث يجتمع اللفظان على معنى واحد. والمأخذ الآخر أن الحكم قد يُسند إلى لفظ واحد ألفاظًا عدة، كما لو قلنا: «سقراط عالم فاضل شجاع»، وما فيه كثير هو كثير لا واحد، ومن ثمة لا يصح الإسناد …

وفي العصر الحديث ردد الحسيون المذهب القديم، فقال هوبس: إن الحكم تركيب ألفاظ، فالقضية الموجبة تعني أن الموضوع والمحمول اسمان لشيء واحد، وتعني القضية السالبة أن اسمين يختلفان في الدلالة. وقال كوندياك: إن الحكم انتباه مزدوج، فمتى وُجد في الذهن في وقت واحد إحساسان أو صورتان أو إحساس وصورة وجد الحكم على الفور، مثل «الشمس مضيئة» و«الثلج بارد». وقال ستوارت مل: إن الحكم يرجع إلى تداعي الصور، فحين أقول: «الثور مجتر» فالمقصود هو فقط أنه كلما صادفت الظواهر المتضمنة في لفظ «الثور» استطعت أن أتوقع الظاهرة المتضمنة في لفظ «مجتر».

ليس أبعد عن حقيقة الحكم من هذه التفسيرات، فليس الحكم إسناد لفظ إلى لفظ أو معنى إلى معنى حتى يقال إن اللفظين أو المعنيين مختلفان وإن تركيبهما معًا غير سائغ. إن اللفظ دال على معنى، والمعنى دال على شيء هو موضوع الإسناد، كما لو قلنا: «الإنسان فانٍ» و«النفس باقية»، فلسنا نسند لفظ الفناء إلى لفظ الإنسان، ولا معنى الفناء إلى معنى الإنسان بما هو معنى، ولكنا نسند الفناء إلى الإنسان بما هو موجود حقيقي أو ممكن. فالحكم يوحد بين موضوع ومحمول مختلفين تعريفًا موحَّدين وجودًا لكون المحمول متحققًا في الموضوع.

ويقال مثل ذلك في تعدد المحمولات؛ فإن الكثرة ههنا ليست كثرة موجودات مستقلة، ولكنها كثرة وجهات لموجود واحد. فالتوحيد في الحكم صورة للوحدة في الشيء، وكاد يكون نقد السفسطائيين صائبًا لو كان قولنا: «الثلج بارد» يعني أن الثلج هو البرودة، وكان قولنا: «الإنسان طيب» يعني هو أن الإنسان هو الطيبة. ولكن المقصود أن للثلج صفة البرودة، وأن للإنسان صفة الطيبة، والبرودة والطيبة وكل محمول فهو معنى مجرد. ولولا التجريد لما أمكنت إضافة لأن الأشياء موجودة في نفسها والإضافة نسبة ذهنية.

والفارق الجوهري بين الحكم وتداعي الصورة هو أن في الحكم رابطة تعني إسناد المحمول إلى الموضوع إسنادًا صريحًا موعيًا مسبوقًا بمضاهاة، على حين أن التداعي يتم آليًّا دون مضاهاة ولا إسناد، فلا تدرك النسبة فيه إلا بعد حدوثه. وهو إنما يحدث بسبب ما بين الصور من تشابه أو تضاد أو تقارن، على حين يحدث الحكم بسبب حقيقة الموضوع والمحمول. فحين أقول: «الثور مجتر» أثبت نسبة معينة بين الثور وبين نحو معين من أنحاء الهضم وأنفي عنه سائر الأنحاء المعروفة في سلم الحيوان والمتواردة على ذهني بالتداعي. أجل لقد وجدت «المجتر» بالتجربة حين عرفت «الثور» وأنا أتوقع الأول عند إدراك الثاني، لكن هذا التوقع يتخذ في الحكم معنى مغايرًا لمعناه في التداعي، وهو أن الاجترار صفة جوهرية في الثور وأن توقعي ضروري لابتنائه على هذا الأساس.

ولو صدق الرأي الحسي لكانت أحكامنا كلها موجبة تسند محمولًا إلى موضوع لإدراكنا إياهما مجتمعين، وليس السلب موضوع إحساس. وكانت أحكامنا كلها مطابقة للظواهر المحسوسة، فلم نقل إن الأرض تدور حول الشمس، وإن الشمس أكبر من الأرض، وغير ذلك مما هو مكتسب بالبرهان العقلي ومعارض للتجربة المتمكنة فينا بالتداعي منذ أول نشأتنا. فالحكم فعل عقلي يثبت نسبة معقولة بين محمول هو دائمًا معنى مجرد وبين موضوع هو معنى مجرد في القضايا العلمية، وهذا يخرجه من دائرة الحس بالمرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤