مقدمة المترجِم
عندما تنطق الطيور والحيوانات بالحكمة!
الخرافة حكاية قصيرة ذات مغزًى أخلاقي، تُروَى عادةً على ألسنة الطيور والحيوانات شعرًا ونثرًا. وقد عَرَفَت الثقافات القديمة كلها تقريبًا ذلك النوع من الحَكْي الباقي إلى اليوم كجزءٍ مُهِم من الموروث الشعبي. وربما تكون اليونان كما تقول معظم المصادر، هي مهد ذلك القالب الأدبي؛ حيث تُنسَب أول مجموعة من الخرافات إلى «أيسوب» — القرن السادس قبل الميلاد — ذلك العبد اليوناني الحكيم الذي أَعتَقه سيِّدُه بعد أن اكتشف عِلْمه وذكاءه. وبعد أيسوب جاء «فيدروس» و«بابريوس» في القرن الأول الميلادي، وقد حافظَ أوَّلُهما على خرافات أيسوب إلى أن ظهرت تعديلاتٌ وتنويعات عليها بعنوان «رومولوس»، وقد تواصلت شهرة ذلك العمل حتى القرن السابع عشر.
وللخرافة في الصين تاريخٌ ضاربٌ في القِدَم؛ حيث عُرِفَت، شعرًا ونثرًا، منذ القرن الثالث أو الرابع قبل الميلاد، واستُخدِمَت كوعاءٍ أدبي لنقل حكمة السنين عبر مختلف الأجيال والعصور، أما الخرافات المنشورة هنا فهي خرافات حديثة تتبع نفس الأسلوب حيث الحكمة والموعظة الحسنة والدروس الأخلاقية على ألسنة الطير والحيوان والجماد … بقرة وكلب يتفقان على الهرب، وفي نهاية الخرافة تكشف لنا أن المِلْكية والتعلُّق بها هُما سبب كل بلاء، أشجار تتكلم عن دور الفرد في الجماعة، ضفدع رديء الصوت كأنه شاعر يُزيِّن للطاغية أعماله بقصائد أكثر رداءة، قمر يتكلم ونَمِر يتشدَّق بالحديث عن الكرامة وحمَّار يسخر من القاضي. وهي مختارة من كتاب: «خرافات» للكاتب الصيني «فنج زوفنج» (١٩٠٣–١٩٧٦م) والذي كَتب مُعظَمها في الثلاثينيات والأربعينيات مُجبرًا على استخدام لغة مُقنَّعة ورموز يفضح بها مساوئ وشرور تلك الفترة، كما كانت الخرافة أيضًا شكلًا فنيًّا مناسبًا في فترة «الرعب الأبيض» في الصين عندما اضطرَّت رقابةُ «كومنتانج» الكُتَّابَ الصينيين إلى اللجوء إلى هذا الأسلوب. كما يجد القارئ أيضًا خرافاتٍ أخرى لكُتَّاب مختلفِين نُشِرَت متفرقة في مجلة «الأدب الصيني» الطبعة الإنجليزية (أعداد: صيف ٨٦، شتاء ٩٢، صيف ٩٤، شتاء ٩٤).