الروضة التاسعة في مجالس جمادى الآخرة

(١) من المجلس الأول

طلعت يوم الثلاثاء سابع جمادى الآخرة، وقعدوا في الأشرفية خمسًا وأربعين درجة، وكان الإمام الشيخ محب الدين الحلبي، ووقع فيه مسائل وحكاية إلخ.

مرحمة

ثم سألني مولانا السلطان فقال: أنت حجيت يا شريف؟ قلت: لا. فقال: ألا تحج؟ قلت: نعم.

ثم قال: أنت دخلت بلاد الأكراد؟ قلت: خفت أن أدخل.

قال مولانا السلطان: لإيش؟ قلت: دخل شريف إلى بلادهم فعززوه وعظموه غاية التعظيم والتكريم، ثم جاءوا وقالوا له: إن بلادنا ليس فيها تربة شريفة شهيد وأنت رجل في غاية الديانة؛ مقصودنا أن نقتلك ونبني على قبرك تربة عظيمة، هل نقتلك بسيف أو بخنجر؟! فلما سمع الشريف هذا الكلام منهم هرب في نصف الليل وترك حوائجه عندهم.

حكاية

قال مولانا السلطان: إن الأكراد يضيفون الضيف غاية الضيافة، وإذا خرج الضيف من بينهم يجيئون قدامه ويقولون له: إن الأكراد يعرونك، فنحن أولى بالتعرية فإنك أكلت خبزنا وملحنا.

قال أيضًا: هم بعكس العرب، قيل: أعرابي قصد قتل واحد وجاءت زوجته بغيبة الرجل فأعطته رغيفًا، فلما رأى العرب أنه أكل من رغيفه قال: دمك ومالك صار حرامًا علينا، من ناولك هذا الخبز؟

المناسب لهذا المجلس

أنه قيل: دخل لصوص الكرد إلى بيت رجل فقير (مهما فتشوا ما وجدوا فيه شيئًا).١ قال صاحب البيت: يا فتيان، هذا الذي تطلبونه بالليل قد طلبناه بالنهار فلم نجده.٢

الخاتمة

قيل: حضر أعرابي في سماط الحَجَّاج فجابوا الحلاوة، قصد الأعرابي أكلها، قال الحجاج: من يأكل من هذا نضرب رقبته؛ فامتنع الناس كلهم، وكان الأعرابي ينظر إلى الحجاج مرة وإلى الحلاوة مرة، وقال: أيها الأمير أوصيك بأولادي خيرًا. فمد اليد إلى الحلاوة فأكل منها، وضحك الحجاج حتى استلقى وأمر له بصلة.

(٢) من المجلس الثاني

طلعت يوم الأربعاء ثامن جمادى الآخرة في الديوان مع حضرة مفتاح أبواب البر، القاضي كاتب السر والقاضي ناظر الجيش وطلبت إجازة السفر.

قال حضرة مولانا السلطان: ما سبب سفرك؟ قلت: قولكم البارحة أولًا، وصلة الرحم ثانيًا. فقال: البارحة مزحت؛ تروح من البر أو من البحر؟ قلت: أروح من البر، فقال: ما نبعثك إلا من البحر وبلا حج ما نخليك أن تروح. وفي الآخر رضيت بالبحر.

قال مولانا السلطان: الغالب أن الشريف مفلس في هذه الأيام. قلت: وكيف لا؟! أعطيتني وظيفة التصوف في المدرسة وما وصل إليَّ جديد واحد منه.٣

قال مولانا السلطان: أعطيتُ الوظيفة نعم. قلت: اسمع يا قاضي عبد القادر وأنا من المائة.

قال السلطان: ما معنى هذا؟ قلت: القاضي يقول لي: أنت٤ خارج عن جماعة المتصوفة.

قال مولانا السلطان: أنت من المائة بدل شهاب الدين الرملي، وزاد عليها من الجوالي بمصر كل يوم نصف فضة.

ثم قرأنا الفاتحة ونزلنا.

(٣) المجلس الثالث

طلعت يوم الخميس تاسع جمادى الآخرة وقعدوا ثماني عشرة درجة في الأشرفية، وكان الإمام سيدي علي الأخميمي، ووقع فيه مسائل:

السؤال الأول: قال الله تعالى في حق يحيى: سَيِّدًا وَحَصُورًا.
وقال في حق مالك يوسف: وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ.
كيف يجوز مدح كافر بمدح نبي؟

الجواب: قال مولانا السلطان: وصف الله تعالى مالك يوسف بالسيد؛ لأنه ما التفت إلى شكوى زليخا وحكم بينهما بالحق؛ ولهذا وصفه بالسيد.

السؤال الثاني: ما حكمة وصف مالك يوسف بوصف العزة في قوله: امْرَأَتُ الْعَزِيزِ مع أنه قال في حق نبيه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ؟
الجواب قال مولانا السلطان: بسبب إعزاز يوسف في قوله: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ وصل إلى درجة العز.
السؤال الثالث: يوسف الصديق هل وصل إلى درجة السلطنة أم لا؟
الجواب: قيل: نعم، بدليل رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ، وضعفه ظاهر.

حكاية

قال مولانا السلطان: إن الريان كان سلطانًا ذا شوكة وكان له في مصر ثلاثمائة وستون مقعدًا ويجلس كل يوم في مقعد؛ وفي سنة كاملة يدور جميع المقاعد، وسافر إلى بلاد الحبشة اثنتي عشرة سنة، وكان يوسف نائبًا عنه في مصر، وما تغير حال مملكته قط بغيبته.

قال صاحب العقائق: القميص الذي لبسه يوسف في الجب لما لبسه أبوه ارتد بصيرًا، وبعد هذا كل من يلبس هذا القميص لو كان شيخًا يصير شابًّا.

درة

قال مولانا السلطان: يا ليت هذا كان في خزينتنا حتى نلبس به ابن عبد العزيز ليصير شابًّا. قلت: هو صار شابًّا بسبب التفات مولانا السلطان.

حكمة

قال مولانا السلطان: ملوك الصين يسمونهم بالخاقان قديمًا، وبالفغفور حديثًا.

وملوك الترك العظام يسمونهم خان، ودونهم يسمونهم بكوركان.٥

وملوك العجم يسمونهم قبل الإسلام بكسرى، وبعد الإسلام يسمونهم بادشاه.

وملوك الروم في الجاهلية بقيصر، وفي الإسلام يسمونهم بخوانكار.٦

وملوك الهند يسمونهم قديمًا بِراي، وحديثًا يسمونهم بفور.

وملوك اليمن يسمونهم في الجاهلية بتُبَّع، وفي الإسلام يسمونهم بالمشايخ.

وملوك مصر يسمونهم في الكفر بفرعون، وفي الإسلام يسمونهم بالعزيز.

وملوك الحبشة يسمونهم بالنجاشي.

وفي جميع بلاد الإسلام الآن يسمون ملوكهم سلطان وبَكْ.

المناسب لهذا المجلس

قول سيد العرب والعجم : سيد الكلام العربية، وسيد كلام العربية القرآن، وسيد القرآن آية الكرسي. وسيد الجبال طور سينا، وسيد الأشجار طوبى، وسيد البلدان مكة، وسيد السودان لقمان، وسيد فارس سلمان، وسيد الروم صهيب، وسيد الحبشة بلال، وسيد القوم خادمهم.

الخاتمة

اشترى رجل شيئًا فمر بسلمان الفارسي رضي الله عنه وهو لا يعرفه، وكان أمير المدائن، وقال له: احمل هذا يا علج. ولقيه واحد وقال: ادفعه إلي أيها الأمير. فقال: لا، والله ما يحمله إلا العلج.

(٤) من المجلس الرابع

طلعت يوم السبت حادي عشر جمادى الآخرة، وقعدوا في الأشرفية ثلاثين درجة، وكان الإمام الشيخ عبد الرزاق، ووقع فيه مسائل إلخ.

حكاية

قال صاحب العقائق: خرج رجل من مصر ودار البلاد مدة مديدة، ولما وصل إلى الصالحية ومعه خرج من الأقمشة جاء لص نصف الليل وربط رجله بحبل إلى مسمار وأخذ الخرج من تحت رأسه؛ فجاء اللص إلى مصر ودق بابًا وخلَّى الخرج عندهم أمانة، ثم خرج الخواجة٧ إلى بيته مهمومًا فلقي خرجه فسأل امرأته؛ فقالت: أمانة لجماعة غرب. فبعد يوم جاء اللص ودق الباب، فبعث الخواجة له الحبل والمسمار.

المناسب لهذا المجلس

قيل: رجل اشترى الأحجار لأجل البناء فجاء اللص وأخذها؛ فالتقى بصاحب الحجر فقال له اللص: والله ما عرفت أنها لك! فقال صاحب الحجر: هب أنك ما علمت أنها لي؛ أما علمت أنها ليست لك؟!

الخاتمة

سرق خرج لشخص وفيه ثيابه وأسبابه؛ قيل له: وجب أن تقرأ سورة يس وتعملها تعويذًا. قال: المصحف الكامل كان أيضًا في الخرج وسرقوه.

(٥) من المجلس الخامس

طلعت يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الآخرة، وقعدوا خمسين درجة في الدُّهَيشة، والشريف ما كان حاضرًا في خدمته، فسأل عنه السلطان، فقلت: الشريف مريض. ثم قال: هل عنده أحد يخدمه؟ فقلت: عنده جارية سوداء. قال السلطان: ليله ظلام ونهاره ظلام. وكان الإمام الشيخ محب الدين المكي، ووقع فيه حكايات إلخ.

(٦) من المجلس الثامن

طلعت يوم الخميس ثالث وعشرين جمادى الآخرة، وقعدوا في الأشرفية خمسًا وأربعين درجة، ووقع فيه مسائل، وكان الإمام الشيخ عبد الرزاق.

حكاية

قال في التاريخ: ذِكْر الحاكم بأمر الله.٨

لطيفة

قال مولانا السلطان: ينبغي أن يقال: ذكر الحاكم بغير أمر الله.

غريبة

ووقع البحث في نهاية زيادة النيل، قيل: اثنين وعشرين ذراعًا. قال أم أبي الحسن: أنا رأيت الماء في القرافة.

قال مولانا السلطان: هذا جزاف؛ لأنه لو زاد الماء خمسة وعشرين ذراعًا ما يصل الماء إلى القرافة.

عجيبة

ذكروا في التاريخ زيادة شط بغداد وتخريبه ووصول الماء إلى دار الخلافة؛ فركب الخليفة على مركب وما وجد طعامًا يأكله أيامًا.

السؤال الأول: قال مولانا السلطان: هل يجوز الزكاة على اليهود والنصارى في المذاهب الأربعة؟

قلت: عند الإمام أحمد يجوز أن يكون العامل نصرانيًّا أو يهوديًّا.

السؤال الثاني: قيل: هل يجوز للشريف أن يأخذ زكاة؟

الجواب: قالوا: لا.

قال مولانا السلطان: ولا الصدقة أيضًا؛ لأنهم من أولاد أشرف المخلوقين؛ فبسبب أخذ الزكاة والصدقة تكسر حرمتهم، بل لا بد من رعاية الأشراف من جهة الخُمس.٩
السؤال الثالث: هل تجوز الزكاة لليتيم؟

الجواب: قال مولانا السلطان: لا بد من رعاية الأيتام مثل أولاد الصلب.

المناسب لهذا المجلس

أنه قيل: الأمير نصر أحمد الساماني١٠ كان من كبار سلاطين سمرقند، وكان له فقيه وهو صغير، فلأجل التعليم ضربه كثيرًا، وكان في خاطر السلطان أنه إذا تولى المملكة فأول حكمه أن يأمر بضرب الفقيه، لما تسلطن بعث طواشيًّا مع الفلق والعصا، لما رأى الفقيه هذا عرف أنه يوم الانتقام والجزاء، فأخذ سفرجلًا وراح إلى خدمته، قال له الملك: كيف حالك؟ وما بالك؟ فأخرج الفقيه السفرجل وقال: هذه الفاكهة اللطيفة لا تحصل إلا من العصا، وهذه الصفات المرضية والأخلاق الحميدة التي فيك من هذا، وذلك الوقت الأمر أمرك والحكم حكمك. فأمر له بخلعة فاخرة.

الخاتمة

قال إسكندر: ينبغي للعاقل أن يخاطب الخصم مخاطبة الطبيبِ المريضَ.

(٧) من المجلس العاشر

طلعت يوم الثلاثاء ثامن عشرين جمادى الآخرة، وقعدوا في الدهيشة أربعين درجة، وكان الإمام الشيخ كمال الدين، ووقع فيه مسائل:

مناقشة في الخلافة والسلطنة

السؤال الأول: قال مولانا السلطان: إذا كان السلطان في الجنازة حاضرًا من الأولى بالإمامة؟

الجواب: قلت: السلطان في مذهب أبي حنيفة وقول الشافعي القديم ومالك وأحمد رحمة الله عليهم.

السؤال الثاني: ثم من؟

الجواب: قلت: القاضي.

قال أم أبي الحسن: الأولى هو الخليفة.

قلت: اسم الخليفة ما هو مذكور في كتب الفقه.

قال أم أبي الحسن: لا تصح أنكحة المسلمين في بلاد ما لبس سلطانهم خلعة الخليفة، وأولادهم أولاد الزنا.

قلت: فعلى هذا أولاد بلاد الروم والعرب والعجم كلهم أولاد الزنا؛ لأن سلاطينهم ما لبسوا خلعة الخليفة قط.

المكابرة

قيل: أي شيء في بلاد العجم صحيح حتى تكون سلطنتهم أيضًا صحيحة؟

الجواب: قلت: من يقول هؤلاء خلفاء؟ ومن ولاهم؟١١

حكاية

قبل هذا التاريخ بأربعين سنة١٢ بعث خليفة مصر خلعة إلى سلطان العجم جهانشاه١٣ فقعد في بابه القاصد مدة ستة أشهر فذكروه عند السلطان. لما دخل القاصد وذكر قصة الخلعة قال الملك: لو ما كنت غريبًا لقطعت لسانك. ثم قال الملك: البس خلعة خليفتك أنت، وأعطاه ثلاثمائة دينار؛ وقال: ما أعطيتك هذا الفلوس لأجل الخلعة، ولكن أعطيتك لأنك جئت إلى أبوابنا الشريفة. والعلماء ما أنكروا على السلطان.

حكاية

بعث خليفة مصر خلعة إلى بلاد ابن عثمان لأجل السلطان محمد١٤ الرومي، لما دخل في مجلسه العلي وذكر قصة الخلعة قال السلطان: أنا خليفة الأرض ينبغي أن أُلبس الخلعة جميع سلاطين الدنيا. فقطع خلعة الخليفة وقال: ما يستحيي ذلك الشويخ أن يتكلم بهذا الكلام! وانغاظ يومين، وعلماء الروم ما أنكروه.١٥
الجدل: قال أم أبي الحسن: ما تقولون في حديث عباس: الخلافة فيك وفي أولادك إلى يوم القيامة؟

الجواب: قلت: هذا حديث موضوع؛ لأنه لو كان هذا الحديث صحيحًا لما تقدم أبو بكر على عباس رضي الله عنهما؛ لأن هذا نص في العباس، وأيضًا إذا كان الخلافة بالإرث فلا بد بعد أبي بكر أن يكون الخليفة ابنه، ويلبس الخلعة عمر من ابن أبي بكر رضي الله عنه.

وأيضًا قال أهل السنة: الخليفة الحق بعد النبي عليه السلام أبو بكر. وقال الشيعة: الخليفة علي. وما شك أحد من الفريقين في خلافة عباس.

السؤال الثالث: قيل: وصَّى النبي عليه السلام بالخلافة لأبي بكر ثم لعمر ثم لعثمان ثم لعلي رضوان الله عليهم أجمعين.

الجواب: قلت: هذا مخالف لقوم المتكلمين؛ لأنهم قالوا: ما وصَّى النبي عليه السلام بالخلافة لأحد من الصحابة؛ بل صار الأمر بعده بالمبايعة؛ فبايع الصحابة لأبي بكر رضي الله عنه ثم وصَّى لعمر، فعمل عمر أمر الخلافة بالشورى بين طلحة والزبير وعثمان وعلي وعبد الرحمن وسعد، وقال: لو اتفق هؤلاء الستة على واحد فهو الخليفة، ولو اتفق أربعة على واحد فاعملوه، ولو اتفق ثلاثة على واحد وثلاثة على واحد فاعملوا مَنِ ابنُ عوف معه، واتفق الثلاثة مع ابن عوف على عثمان فعملوه الخليفة، ثم بعد عثمان بقي أمر الخلافة مهملًا فاختار المسلمون علي بن أبي طالب.

التحقيق

وأنت تعلم أن معاوية ما لبس خلعة الخلافة من العباسيين ولا يزيد، وكذلك مروان والوليد، مع أن عبد الله بن عباس كان في زمانهم.

أعلم أن الخلفاء العباسية ما ولَّاهم إلا أبو مسلم الخراساني.

السؤال: قال مولانا السلطان: ما مقصودك من هذا البحث؟

الجواب: قلت: أريد أن أخرج نفسي من بين أولاد الزنا؛ لأن سلاطين بلادنا ما لبسوا خلعة الخليفة قط.

السؤال: قال مولانا السلطان: أنت دخلت مجالس سلاطين العجم ورأيت مجالسنا؟

الجواب: قلت: إشكالي ما هو إلا هذا، لأنهم بطول النهار في الخمر والزمر؛ ومع هذا لا يشك أحد في صحة توليتهم؛ فكيف يجوز أن يشك أحد في سلطان الحرمين الشريفين وعزيز مصر ويقول: توليته بغير إذن الخليفة لا تصح؟!

السؤال الرابع: قال مولانا السلطان: كم تكبيرة في صلاة العيد؟

الجواب: قلت: يرتعد بدني وما أقدر أن أتكلم.

قال مولانا السلطان: خفت؟ قلت: لا.

الجواب: قلت: خمسة في مذهب الشافعي في الركعة الأولى بغير تكبيرة الإحرام وتكبير الركوع، وخمسة في الركعة الثانية، وعند أبي حنيفة رحمه الله في الركعة الأولى خمسة مع تكبيرة الافتتاح وأربع في الثانية فالمجموع ثمانية.١٦
المجادلة: قال كمال الدين البرقوقي: يا مجنون.
الجواب: قلت: المجنون ما هو إلا أنت.

قال مولانا السلطان: لا تتكلم مع الشريف بالخرق.

جدل: قال خواص المؤذن: يا مولانا السلطان، من وُلد في بلاد ما لبس سلاطينهم خلعة الخليفة لا يليق بهذا المجلس.
الجواب: قلت: اسكت. قال مولانا السلطان: تخلصت لو جبت الفتوى من الأئمة الأربعة. قلت: لو ما جبت ليضرب رقبتي حضرة المقام الشريف.

المناسب لهذا المجلس

قول سلطان الأنبياء عليه أفضل الصلاة والسلام: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون ملكًا وإمارة.

الخاتمة

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أعدل الناس يستحق أن يكون أميرًا عليكم.

(٨) من المجلس الحادي عشر

طلعت يوم السبت ثامن عشرين جمادى الآخرة، وقعدوا في الدهيشة أربعين درجة، وكان الإمام الشيخ شمس الدين السمديسي، وجاء المماليك الصغار وقرءوا قدَّام مولانا السلطان جوقًا بعد جوق، وما وقع البحث في تلك الليلة.

الخاتمة

قال أفريدون الملك: لا بد أن يكون السلطان تام الخلقة، عظيم البطش والقوة، جهير الصوت؛ لأنه أوقع في النفوس، تام القامة، سليم الأعضاء والحواس.

وكان العجم يصوِّرون صور سلاطينهم ووقائعهم في جدران بيوتهم؛ تخليدًا لذكرهم.

وهذا موافق للشريعة الغراء المحمدية (عليه الصلاة والسلام) وهو أنهم قالوا: شرط الإمام أن يكون عاقلًا بالغًا مسلمًا حرًّا ذكرًا مجتهدًا شجاعًا ذا رأي وكفاية سميعًا بصيرًا ناطقًا سليم الأعضاء قرشيًّا، وإن لم يوجد قرشي مستجمع للشروط فكناني، وإن لم يوجد فمن ولد إسماعيل، وإن لم يوجد يولى المستجمع من العجم أو من ولد إسحاق.

الحمد لله والمنة؛ أصل الجركس من بني إسحاق، وجميع هذه الشرائط موجودة في السلطان الأعظم، الخليفة المعظم، عمدة سلاطين الآفاق، وقدوة الملوك بالاستحقاق، مظهر أسرار جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ سلطان الأقاليم السبع بالطول والعرض، أمير المؤمنين، وخليفة المسلمين، الملك الأشرف أبي النصر، عزيز مصر، قانصوه الغوري، اللهم كما محوت راية الظلم وجعلت آية النهار مبصرة، وصيرت هجوم عصاة دولته عند ارتفاع شعاع صولته كحُمُر مستنفرة فَرَّت من قسورة، اجعل ذيل مدة بقائه إلى الأبد، وزين ملكه بزينة «ما لم يؤت أحد»١٧ بجاه محمد يا واحد يا أحد، إنك بالإجابة جدير يا فرد يا صمد.
١  مهما هنا تقابل بالفارسية: جندانكه، وظاهر في العبارة المحاكاة الفارسية.
٢  هذه الحكاية في كلستان الشيخ سعدي الشيرازي.
٣  الجديد سكة لا تزال تذكر على لسان عامة مصر.
٤  بنى السلطان مدرسة في الغورية وأجرى فيها أرزاقًا على الصوفية.
٥  معناه بالمغولية: الصهر، وبه لقب تيمور.
٦  يعني سلاطين السلاجقة والعثمانيين في آسيا الصغرى التي كانت تسمى بلاد الروم، وكلمة خوانكار (وتكتب أحيانًا خنكار) مختصرة من خداوندكار بمعنى السيد أو الأمير.
٧  يعني التاجر، وكلمة خواجة (والواو غير ملفوظة) تقال للسيد والتاجر، وبها سمي تجار الأوروبيين، ثم قيلت لكل أوروبي.
٨  يعني أنهم كانوا يقرءون كتابًا في التاريخ وفيه فصل عنوانه: ذكر الحاكم بأمر الله.
٩  خمس الغنائم.
١٠  يعني نصر بن أحمد؛ وهو الرابع من الملوك السامانيين (٣٠١–٣٣١).
١١  يعني الخلفاء العباسيين في مصر.
١٢  سلطان مصر قبل أربعين سنة من تأليف هذا الكتاب كان السلطان قايتباي (٨٧٢–٩٠١).
١٣  ينبغي أن يكون المراد جهانشاه بن قره يوسف من أسرة قرا قيونلي الذين حكموا في العراق وأذربيجان (٧٨٢–٨٧٤) وكان ولاية جهانشاه من ٨٤١ إلى٨٧٢، وكان الخليفة العباسي إذ ذاك المستنجد بالله يوسف (٧٥٩–٨٨٤).
١٤  السلطان محمد إما أن يكون محمد بن بايزيد المعروف باسم محمد جلبي (٨١٦–٨٢٤)، وإما أن يكون محمدًا الفاتح (٨٥٥–٨٨٦).
١٥  رواية فيها نظر؛ فإن رسائل السلاطين العثمانيين تدل على تعظيم الخليفة العباسي.
١٦  تكبيرات العيد عند الحنفية ثلاث في كل ركعة، وقد زاد المؤلف عليها تكبيرتي الركوع.
١٧  إشارة إلى الآية: وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤