إهداء الكتاب
ألفَ المؤلفون والكتاب أن يبدأوا كتبهم عند نشرها بإهدائها إلى بعض ذوي الشأن والفضل، والضعيفُ العاجز يُهدي هذا الكتاب إلى كل مَنْ يقرؤه: من أديبٍ يجد فيه طَرفًا من الأدب، وحكيمٍ يرى فيه لمحةً من الحكمة، وعالمٍ يبصر فيه شذرةً من العلم، ولغويٍّ يصادف فيه أثرًا من الفصاحة، وشاعرٍ يشعر فيه بمثل طيف الخيال من لطف الخيال.
وأُهديه إلى أرواح المرحومين: الأديب الوالد، والحكيم جمال الدين، والعالم محمد عبده، واللغويِّ الشنقيطي، والشاعر البارودي، أولئك الذين أنعم الله عليهم، وأولئك الذين تأدَّبْتُ بأدبهم وأخذتُ بهديهم.
•••
وأُهدي هذه الرسالة التي اختصني بها المرحوم الأستاذ جمال الدين الأفغاني بخطِّه الكريم منذ خمس عشرة سنة إلى جماعة أهل الفضل والأدب؛ لمَا تضمنته من الحَثِّ على طلب العلم وأدب النفس، ولحسنِ أسلوبها في كتب المودَّات، وهي لا تزال عندي إمامًا يهديني ونورًا أستضيء به فأردت أن أشاركهم في هذه الذخيرة التي يحق الضنّ بها والحرص عليها، ونقلتها هنا بصورة خطه الشريف تخليدًا لأثر تلك اليد الكريمة، وإذا قدَّرنا أن الشرقيين يتنافسون تنافس الغربيين في اقتناء الرسائل التي تكون قد صدرت عن بعض عظماء الرجال بخطوطهم، ويتسابقون إلى الحصول على بعض أدوات كتابتهم، ويبذلون في سبيل ذلك من الأموال والمساعي ما لا يُقَدَّر، فإني أكون قد أهديت إلى أهل الفضل هدية يعتدُّون بها ويتقبلونها بالقبول الحسن إن شاء الله.
