رواية «هوَّ أنت»١

تعريب: الأستاذ أحمد أفندي كامل
العرض الأول بتاريخ ٢٤ / ١٠ / ١٩٢٣

الفصل الأول

(يُرفع الستار عن هيئة كازينو على يمين المرسح. على اليسار كابينات عدد ٢ على شاطيء البحر مكتوب على إحداهما عثمان بحار من الساعة تمانية إلى الساعة ١٢ ما عدا أيام الآحاد. بجوار الكازينو كشك صغير وجيه. صيادون ومصطافون. يقولون اللحن الافتتاحي.)٢
نارسيس (بعد اللحن لابسًا فراكة وجيهة خارجًا من الكازينو) : يا سلام! تمللي موسم الصيف عندنا هنا دوشة، باللو رقص مقص كلام فارغ، يا حفيظ مخ بتاعي راح يروح (واضعًا يده على التربيزة ناظرًا إليها) يا سلام! قد إيه الجرسونات وسخين (مناديًا) عبد الرحمن، عبد الرحمن.
عبد الرحمن (داخلًا لابسًا قفطانًا أبيض وعلى ذراعه فوطة) : نعم فيه حاجة يا متر، يا حضرة الكومندة؟
نارسيس (بتهكم) : آه فيه حاجة، فيه حاجات كمان، إذا كان جناب المدير يشوف التراب دي، راح يعمل إيه (مشيرًا على التربيزة).
عبد الرحمن : معلهش يا حضرة الكومندة أنا أنضفها (يقترب منها ويهم بتنضيفها).
نارسيس : معلوم ماعلهش، علشان أنا اللي يسمع كل الكلام فارغ، أنت يشوف إيه، تاني مرة وديني إذا كان أنا بشوف ترابيزة والا كرسي فيه تراب أنا راح نكسر الدنيا خالص، ودلوقت لازم تروح امسك اتنين جرسون ودور على كل الترابيزات نضفه، أحسن جناب المدير راح يعمل مرور علشان الاحتفال بتاع البالو بتاع النهاردة.
عبد الرحمن : حاضر (يهم بالخروج).
نارسيس : اسمع فري عبد الرحمن.
عبد الرحمن : نعم.
نارسيس : تمللي نضف الكابينة دي (مشيرًا بيده على كبينة الكونتيسة) أنت عارف دي بتاع مين؟
عبد الرحمن : إزاي ماعرفش! بتاع الكونتيس مراة جناب الكونت اللي واخد الصالون الكبير.
نارسيس : برافو، وعلشان كده أنا موش عاوز يشوف فيه وساخة.
عبد الرحمن : لا ماتفتكرش.
نارسيس : يالله روح شوف الشغل بتاعك (يخرج عبد الرحمن، ويدخلون اتنين سيدات بملابس البحر لابسين برانس، إحداهما تحمل فرعتي عوم، والثانية معها نظارة معظمة).
أماندا (وهما داخلتان) : ودا حانلتقيه فين؟
جوليت : ندور عليه، آه من حق اسمع يا مسيو.
نارسيس (بحفاوة) : أفندم.
جوليت : ماتعرفش فين عثمان المعلم بتاع العوم؟
نارسيس (مشيرًا بيده على الكبينة) : دي الكبينة بتاعه، لكن هو موش موجود.
أماندا : لا لا لا، أنا يستحيل أنزل البحر من غير ما يكون معايا معلم العوم.
جوليت : ماتخافيش يا أختي، إذا كنت خايفة خدي الفرع بتاعي.
أماندا (وهي ناظرة لجهة البحر) : أبدًا، وخصوصًا النهاردة البحر هايج قوي.
جوليت (لنارسيس) : وماتعرفش هو فين؟
نارسيس : لازم يكون جوه في الميه (ناظرًا جهة البحر) أهه يا ست (تقتربان منه وتنظران معه).
جوليت : يا سلام! وشايفه من المسافة دي؟!
نارسيس (مشيرًا بيده) : أهه راسه أسود زي البدنجانة.
أماندا (تخرج نظارة وتنظر) : يا سلام يا سلام!
جوليت ونارسيس : فيه إيه؟
أماندا : الست اللي مع عثمان راح تغرق.
جوليت : يا سلام! وريني!
أماندا : خدي خدي شوفي.
جوليت (تاخد منها النظارة وتنظر) : يا حفيظ دي الولية أم أحمد!
أماندا : أم أحمد دي إيه كمان؟
جوليت : إزاي أنت ماتعرفيهاش؟
نارسيس : باردون يا ست (ياخد النظارة وينظر).
أماندا : أم أحمد دي إيه؟
جوليت : دي وليه دلالة غنية جدًّا وجمعت كل ثروتها من شراء الديون اللي على بنات الهوا، وإزاي ماتعرفيهاش مع أنها من مصر؟!
أماندا : أيوة؛ لأني أنا ماعلياش ديون.
جوليت : يا رب تغرق وتروح في داهية.
أماندا : لازم حضرتك مديونة لها؟
جوليت : في تلتمية وخمسين جنيه، وأهي بقى لها شهر لازقة، وقاعدة عندي في البيت، لا والغريبة أن السنة اللي فاتت برضه غرقت وعثمان ده اللي طلعها!
أماندا : دا واجب عليه لأن صنعته ينقذ الغرقان، وراخر ده بياخد مكافآت وميداليات.
جوليت : لا ورخرة بتحبه حب غريب الشكل، تمللي بتبعت جوابات من مصر وهدايا، ودايمًا مافيش في بقها غير سيرته ليل ونهار.
نارسيس : برافو برافو.
جوليت : إيه فيه إيه؟
نارسيس : خلاص طالعة.
جوليت : وريني (تاخد النظارة) آه، الظاهر أنها ماتت، تعالي تعالي، نروح نشوف (يخرجون من جهة البحر).
نارسيس : يا سلام! قد إيه الراجل عثمان دي عنده بخت، كل الستات بتحبه.
عزت (داخلًا لابسًا بدلة وبنطلونها غريب في نوعه وبيده جريدة مشيرًا للجرسون) : اسمع يا …
نارسيس (ناظرًا له) : أو، مسيو عزت بيه، فين حضرتك من زمان؟
عزت : خواجة نارسيس، إزيك؟
نارسيس : الحمد لله، حضرتك شرفت عندنا هنا إيمتى؟
عزت : أو من إمبارح، نازل في الدور التاني في الأودة نمرة ٣.
نارسيس : يا سلام! دور تاني أودة نمرة ٣ جنب الراجل التلياني المجنون، لا لا، أنا لازم أشوف لك واحد أودة تاني.
عزت (ضاحكًا) : لا مرسيه، أنا مبسوط من الأودة اللي جنب التلياني ده.
نارسيس : آه، لازم حضرتك شفت الست بتاعه؟
عزت : وعلشان كده أنا جيت من أبو قير مخصوص.
نارسيس : يا سلام يا مسيو عزت بيه، أنت تمللي كده بتحب الستات الحلوين، ومنين عرفته دي؟
عزت : أيوة؛ لأنهم كانوا ساكنين معايا في اللوكندة في أبو قير.
نارسيس : آه من هنا وحصل الحركات بتاعك ولازم الراجل خاف على مراته هرب جه على هنا؟
عزت : آه يا نارسيس.
نارسيس : آه يا حبيبي إذا كان يشوفك هنا كمان على طول موش راح يستنى.
عزت : وإيه فكرك بقى في اللي عاوز يقابل الست دي؟
نارسيس : ليه فيه حصل بينك وبينه كلام؟
عزت : موش بس كلام، بعت لي جواب وصلني في أبو قير ودا السبب اللي خلاني جيت وتلاقيني محتار أقابلها إزاي؟
نارسيس : أوه، شيء بسيط، مادام حصل بينك وبينه كلام، أنا نقول لك على واحد فكرة كويس.
عزت : هه، قول.
نارسيس : بقى جوزه، الراجل الطلياني دي، بينزل كل يوم في البحر علشان يصطاد السمك، هو ينزل من هنا وأنت تقابله من هنا.
عزت : فكرة (يعطيه نقودًا).
نارسيس : مرسي، مرسي، يا سلام قد إيه بتعجبني القيافة بتاعك في اللبس يا مسيو عزت!
عزت (وهو يجلس على الكرسي) : آه أنت واخد بالك من البنطلون الغريب ده؟
ديزبليت (داخلًا لابسًا ملابس بحر وعليه برنس وعلى راسه شمسية، ووراه خادمة حاملة زهورًا) : دخلي الورد هنان (مشيرًا على كبينة الكونتيس) اسمع يا …
نارسيس : أفندم.
ديزبليت : فتح عينك طيب، ماتخليش حد يجي جنب الكبينة أحسن جناب الكونتيس راح تعمل حمام النهاردة، ونبه على الجرسونات بتوعك ياخدوا بالهم طيب.
نارسيس : حاضر يا أفندم (في أثناء ذلك تكون وضعت أينيت الورد بالكبينة وعادت ثانيًا).
ديزبليت : أنا راح نروح في الحمام، تحب تيجي ويايا يا روحي (يطبطب على خدها).
أينيت (تمنع يده بنفور) : إيه الكلام الفارغ ده (تخرج باستياء).
ديزبليت (متوجهًا لجهة البحر وناظرًا لها بإعجاب) : آه خنزيرة (يخرج).
نارسيس : يا سلام كل الناس هنا روميو، يا حفيظ!
عزت (باستغراب) : علشان مين الكبينة دي؟
نارسيس : دي علشان واحدة كونتيس مرات واحد كونت اسمه الكونت كورنسكي، جه هنا من أسبوع هو والحاشية بتاعته يجي عشر نفر.
عزت : وحضرته يبقى مين البقف ده؟
نارسيس : البقف دي، حضرته يبقى السكرتير بتاع الكونت.
عزت : ويعني مايلاقيش غير اللطخ ده يعمله السكرتير بتاعه؟
نارسيس : يظهر أنه هو عنده السر بتاعه ولا حدش يعرف يقرا الجوابات اللي بتيجي له من الحكومة بتاعه غير الراجل دي؛ علشان الكونت دي ما يشوفش كتير ولا يسمعش كتير.
عزت : ديهدي! على كده دا راجل كهنة؟
نارسيس : لا موش كهنة خالص، يعني راجل عجوز، عنده يجي ٥٠–٥٥ سنة.
عزت : يا سلام! لازم الكونتيس دي رخرة عجوزة زيه؟
نارسيس : لا، الكونتيس صغير خالص زي الفل، جمال مافيش كده، إنما بس فيه عنده عيب واحد.
عزت : عيبها إيه؟
نارسيس : عاقلة فوق اللزوم؛ لأنها من نهار ما جات هنا ماشفتهاش فكرت أنها تنزل الحمام إلا النهاردة.
عزت : غريبة! بقى الزهور والورد دي كله علشانها؟!
نارسيس : أوه، دا دلوقت كمان يجيبوا حاجات كثير.
عزت : يا سلام! آه من حق اسمع، اطلب لي واحد وسكي بالسيفون.
نارسيس : حاضر (يخرج، يُسمع صوت عثمان من الخارج).
عثمان : اسند ياوله، امسك رجله يا ست، حوش راح يتظلفت (يدخل حاملًا أم أحمد على ظهره تتبعه أماندا وجوليت) هاتوا كراسي كراسي (أثناء ذلك يقف عزت مندهشًا وجوليت وأماندا بعد الكراسي وعثمان يجلس آخذًا أم أحمد بجواره مظهرًا التعب).
جوليت (تطبطب على خدها) : أم أحمد أم أحمد.
عزت : مسكينة! ودي غرقت إزاي؟
عثمان (بتهكم) : غرقت زي الناس!
عزت : لا موش قصدي كان لازم تصفوها.
عثمان : مصفية جاهزة.
عزت : طيب هات لها حاجة فوَّقها.
عثمان : لا هي لها عادة تفوق لوحدها.
عزت (باستغراب) : عادة! ليه هي غرقت قبل كده؟
عثمان : أوه، تمللي تغرق.
عزت : شيء غريب (في أثناء ذلك يدخل نارسيس حاملًا صينية عليها كاس وسكي وزجاجة سيفون ويضعها على التربيزة ويذهب لجهتهم).
نارسيس : إيه دي؟ أم أحمد جرى له حاجة؟
جوليت : لا بس مسخسخة.
عثمان (لنارسيس) : من حق اسمع.
نارسيس : فيه إيه؟
عثمان : اجري هات واحد نبيت نرشه على وشها.
نارسيس (يضحك والجميع) : حاضر (يخرج).
عثمان : غريبة بتضحكوا على إيه؟ أنا عارف بآه (في أثناء ذلك تتحرك أم أحمد قليلًا).
الجميع : أيوة أهه حاتنتبه.
عثمان : تنتبه إيه (ناظرًا حوله فيقع نظره على السيفون فيأخذه ويرش أم أحمد).

(أم أحمد تحرك يديها ورجليها شبه عائمة.)

عثمان (يضحك) : شوفوا شوفوا، لسه بتعوم الملعونة!
أم أحمد (تفوق تدريجيًّا) : أنا فين؟
جوليت : ماتخافيش أنت هنا.
أم أحمد : أنا كنت غرقت وإيه اللي طلعني؟
جوليت : طلعك حبيبك عثمان البحار.
أم أحمد : هو فين؟
عثمان (بتهكم) : أديني أهه يا روحي!
أم أحمد (تقوم بسرعة وتقبله) : آه يا عثمان! أنا دلوقت مديونة لك بحياتي لأنك خلصتني من الغرق مرتين.
عثمان : لا دا شيء بسيط، بس اغرقي أنت مالكيش دعوى (على حدة) إن شاء الله النوبة الجاية حاسيبك تروحي في داهية.
أم أحمد : ودلوقت موش عارفة أقدر أكافئك بإيه، لازم أوهب لك روحي وحياتي لأني أنا بقيت ملكك، يعني أنت تبقى أبويا وأمي وجوزي وكل حاجة.
عثمان : أبوك وأمك ماعلهش، لكن جوزك وكل حاجة دي خازوق (يضحك).
أم أحمد : إيه بتقول إيه؟
عثمان : لا بأقول أنك تروحي تنشفي نفسك وتغيري هدومك وتاخدي لك واحد شاي وتنامي يومين تلاتة علشان صحتك ترجع تاني (يغيظ الجمهور) والَّا نامي على طول إلهي ما تقومي، يا حفيظ دي مصيبة!
جوليت : أيوة أحسن تيجي وياي تروحي ترتاحي في البيت علشان تفوقي.
أم أحمد (لعثمان) : طيب موش تيجي توصلني؟
عثمان : إزاي نوصلك ونسيب الشغل بتاعي؟
أم أحمد : آه يا بو قلب قاسي! طيب أنا مروحة لكن حارجع تاني.
عثمان : أيوة ارجعي تاني (على حدة) الله لا يرجعك.
أم أحمد (وهي خارجة مع جوليت وأماندا) : خليتك بعافية يا روحي.
عثمان : يا حفيظ! لو كان كل الناس اللي بيغرقوا زي دي، الله يلعني إن كنت أطلع حد أبدًا.
عزت : لازم فيه سر بينك وبين الست دي يا عثمان؟
عثمان : إيه عزت بيه!
عزت : ليه أنت ماكنتش عارفني؟
عثمان : لا والله علشان من التعب ماكنتش شايف؛ لأنها تعبتني الملعونة دي. كل ما أجي أمسكه أبص ألقاه يظفلت.
عزت : معذور لأنها تقيلة.
عثمان : تقيلة الجسم والدم كمان.
عزت : يا شيخ دي الظاهر عليها بتحبك.
عثمان : أيوة يا سيدي، وقال حضرتها عايزة تتجوزني وبتقول أنا غنية وباطلع فلوس بالفايظ ولما تتجوزني يبقى كله بتاعك.
عزت : أما راجل عبيط! طيب وفيها إيه إذا كنت تتجوزها؟
عثمان : بس بس يا شيخ، نتجوز بواحدة أكبر من أمي؟
عزت : دي كلها مدة بسيطة وتموت وأنت اللي تورثها.
عثمان : بالعكس، دي هي في مدة بسيطة تخلص عليَّ وتورث فيَّ؛ لأن مين عارف اللي زي دي دوبت كام جوز.
عزت : والله برضه فكرك في محله.
عثمان : معلوم، لازم الواحد لما يحب والَّا يتجوز، يتجوز حاجة تلحس كده يرعرع جسمه، أما ولية مغفلة! قال علشان بعتت لي جوابين من مصر وأنا شفت أن من الواجب أرد عليها، قال يعني بقيت بالسبب ده نحبها!
عزت : لها حق مادام بتكاتبها.
عثمان : عال، إذا كان كل واحد نكاتبه نتجوزه، أوه دانا كنت دلوقت بقيت … آه من حق فكرتني، أنا ارتجلت جواب إمبارح لكن على كيفك.
عزت : طيب قوله.
عثمان : أنا رايح نوري لك المسودة بتاعه راح يعجبك خالص؛ علشان تشوف القريحة بتاع محسوبك (يبحث في جيوبه).
عزت : في جيبك، دانت كنت في المية، دا لازم مسودتك بقت على بياض.
عثمان : لا لا في جيب البرنس (يخرج الجواب ويقرأ) أخ دا اتشلفط، لكن برضه يتقري، اسمع بقى يا سيدي، سيدتي الكونتيس، ياللي ياللي، بس الكلمة اللي بعده اتشلفط، آه آه! ياللي جمالك فتني لو كنت معلم العوم بتاعك كنت أتمنى أنك تغرقي لأجل ما يكون لي الشرف في إنقاذك، شايف السجع؟ مافيش فيه حاجة مكسورة أبدًا على الوزن.
عزت : الله الله على البلاغة! الله عالخيال! والجواب ده يا سيدي بعته لمين؟ لأم أحمد برضه؟
عثمان : لا يا شيخ أم أحمد مين، دا لواحدة ست عظيمة من ذوي الرتب.
عزت : يا سلام!
عثمان : لا والأحسن من كده أني أديت لها الجواب ده قدام جوزها.
عزت : بالدرجة دي! أما أنك جرئ.
عثمان : لا ما هو حاكم جوزها أطرش.
عزت : أطرش! ومالوش عنين؟!
عثمان : له لكن بيطشش.
عزت : بيطشش! آه، ماتكونش الست دي الكونتيس كورنسكي؟
عثمان : ولا كلمة، أنت تعرفه؟
عزت : لا، إنما سمعت عليها، يظهر أنها جميلة؟
عثمان : جميلة! يا ولد يا ولد على العيون على الجمال على القوام!
عزت : عال عال! وأهه على بختك حاتستحمى النهاردة.
عثمان : أي! ومنين عرفت؟
عزت : روح بص كده في الكبينة بتاعتها.
عثمان (ينظر في الكبينة) : دي فيها ورد.
عزت : هه، صدقت؟
عثمان : لا مادام المسألة كده عن إذنك، أنا أروح ألبس بدلتي الرسمي اللي فيها الميداليات؛ علشان أبقى وجيه، عن إذنك عن إذنك (يدخل الكبينة بتاعته).
عزت (لنفسه) : أما راجل شيطان خالص (يقرأ الجرنال) أخبار العاصمة انخفضت درجة الحرارة أمس، أوكازيون بمحل بلاتش، تنزيل خمسين في الماية لبيع ملابس فصل الشتاء، يمثل جوق أمين صدقي وعلي الكسار بتياترو ماجستيك رواية هو أنت، سيُباع بالمزاد العلني في أوائل الأسبوع القادم موبليات وممتلكات السيدة سوزان الشهير بمنزلها الكائن بشارع عشرة، التي اختفت فجأة من عدة شهور وأحدث اختفاؤها ضجة في بعض الدوائر، غريبة! عفش سوزان يُباع! مسكينة سوزان! يا ترى جرى لها إيه؟ المعلوم أنها اختفت على طول بعد ما انقطعت العلاقات بينها وبين البرنس لاديسلاس، دلوقت أنا متخيلها بعيونها السود الواسعة وشعرها الأصفر اللي ياما سلب عقول ناس، ومن ضمنهم عقلي، مسكينة سوزان!
عثمان (من النافذة بصوت عالٍ) : عزت بيه.
عزت : عثمان! إيه فيه إيه؟
عثمان : استنى ماتمشيش أما أنزل أوري لك شكلي.
عزت : طيب أديني قاعد.
عثمان : ماعندكش زرار ورا؟
عزت : لا ماعنديش غير اللي لابسه.
عثمان : خازوق!
عزت : يا سيدي اشبكها بدبوس.
عثمان : برضه فكرة.
نارسيس (داخلًا بلهفة) : عزت بيه، استناني أما أجي لك أحسن صاحبك بيلبس ورايح للصيد زي ما قلت لك.
عزت (بفرح) : طيب أديني مستنيك.
نارسيس : حالًا حالًا (يخرج).
عثمان (خارجًا من الكبينة) : إزيك بقى في القيافة دي؟
عزت : يا سلام! اللي يشوفك دلوقت مايقولش عليك واحد بحار، يقول عليك واحد كونت والَّا سفير دولة.
عثمان : ياخي قول بس ولو أكون سكرتير سفير دولة.
عزت : ليه؟ وهي مهنتك دي وحشة؟ دي شرف؛ لأنك بتنقذ أرواح.
عثمان : لك حق، لكن كل واحد في الدنيا له مطامع، وأنا في نفسي أكون في خدمة واحد سفير.
عزت : ودا ليه بقى؟
عثمان : أيوة؛ لأني وقتها يمكني أتحصل على رتب ونياشين، ويا سيدي على الألقاب!
عزت : طيب وأنت صدرك ما كله ميداليات أهه؟
عثمان : ياخي لا، الميداليات دي حاجة بسيطة، بمجرد ما تنتشل غرقان تاخد ميدالية، وآه يا حظه لو كان الغريق ده تقيل، أو يتعلق في رقبتك غلط، تغرقوا أنتوا الاتنين، لا ينوبك نفسك ولا ميدالية لكن النشان بمجرد ما تعمل حاجة بسيطة ولو كدب تاخد نيشان موش دا اللي بيحصل؟
عزت : يا سلام! مخك كبير خالص، خسارة علشان تكون غطاس!
عثمان : بأقول لك أنا حاسس بنفسي؛ وعلشان كده أنا بنجتهد أني أعمل خدمة للكونت ربما ياخدني سكرتير عنده بدال الراجل السكرتير المغفل بتاعه.
عزت : والله يا حظه لو بقيت السكرتير بتاعه، بالطبع تبقى كمان الكونتيس زوجته.
عثمان : بخاطرك بقى، دانا أبقى سكرتير الدولة كلها، زوجته وخاله وأمه، وكل الفاملية بتوعه.
نارسيس (داخلًا هامسًا لعزت) : يالله، صاحبك راح.
عزت : وهي موجودة هناك؟
نارسيس : أيوة في الأودة بتاعه.
عزت : طيب عن إذنك يا سي عثمان (يخرج مسرعًا ويتبعه نارسيس).
عثمان : غريبة! دول بيعملوا كده ليه؟ لازم فيه سر بينهم وبين بعض.
الكونت (داخلًا ويتبعه اتنين خادمات ومعهم سجادة) : افرشوا السجادة هنا حالًا وهاتوا مباخر وفوط وبشاكير وقزايز الكولنيا وكل اللازم بسرعة على بال ما أدور على البحار اللي حايحمي الكونتيس (يفرشن ويخرجن).
عثمان (يفرح) : أيوة دلوقت لازم أعرفه بنفسي.
الكونت (متلفتًا حوله) : يا ترى دلوقت موجود فين البحار؟
عثمان (يقترب من الكونت محييًا بحفاوة) : بونجور جناب الكونت.
الكونت (واضعًا نظارة على عينه ناظرًا عثمان جيدًا) : بونجور جناب الكونت.
عثمان : كونت! دا باين مغفل!
الكونت (على حدة) : نياشين إيه دي؟ يا ترى دا تابع لأنهي دولة (لعثمان) بردون، مين جناب الكونت؟
عثمان (للجمهور) : أقول لده إيه دلوقت (للكونت) كونت عثمان.
الكونت : كونت عثمان! جنابك تابع لأنهي دولة؟
عثمان : تابع تابع دولت حلفه (للجمهور) حلفه ما تبقاش دولة؟
الكونت : حلفه؟ حلفه دي دولة؟
عثمان : أيوة دولة بالرذالة.
الكونت : وجنابك مصيف هنا؟
عثمان : مصيف ومشتي.
الكونت : آه، يعني مقيم هنا على طول، موش بطال.
عثمان : أنا كنت سامع جنابك بتدوَّر على واحد بحار.
الكونت : أيوة أظن جنابك تعرف محله.
عثمان : أنا … (على حدة) أعرفه بنفسي والَّا أخليه على عماه (للكونت) أعرف محله هنا (مشيرًا على الكبينة).
الكونت (ناظرًا ثم يقرأ) : عثمان بحار من الساعة ٦ إلى الساعة ١٢ ما عدا أيام الآحاد، وهو موجود دلوقت.
عثمان : لا، إذا كنت تحب جنابك أنا أروح نجيبه لك؟
الكونت : لا لا، العفو يا جناب الكونت، يا سلام موش قد كده.
عثمان : لا اسمح لي أقولك إن دا واجب، الناس الكبار لازم يحترموا بعض ويخدموا بعض.
الكونت : لا دا بس من تربيتك وأدبك (للجمهور) مافيش كده إنسان!
عثمان (للجمهور) : ما فيش كده مغفل (للكونت) أظن جناب الكونتيس هي اللي راح تستحمى.
الكونت : أيوة يا جناب الكونت.
عثمان : كمان الراجل عثمان البحار ده راجل أمين وأخلاقه حسنة للغاية، ودايمًا ما حدش بيحمي الستات بتوعنا إلا هو.
الكونت : لولا أنه طيب ما كنتش جنابك تشكر فيه.
عثمان : اسمح لي أروح أستحضره لك.
الكونت : أنا موش قادر أسمح لك؛ لأن دا شيء كتير.
عثمان : لا عن إذنك (يهم بالخروج).
الكونت (معترضه) : يسمح جناب الكونت بتناول الشاي الساعة ٤ مساء سوا؟
عثمان : مرسي أنا ممنون.
الكونت : وأظن واجب إني أعرفك بنفسي.
عثمان : مين ما يعرفش جناب الكونت كورنسكي؟ عن إذنك (يخرج وتحصل حركة من الخارج).
الكونت : آه أظن جناب الكونتيس والحاشية بتاعتها اتفضلوا (تدخل الخدامات ومعهن أدوات الحمام ويقولون اللحن. معنى اللحن تجهيز الحمام للكونتيس. وبعد نهاية اللحن الخدامات يضعن ما معهن داخل الكشك).
الكونت : اتفضلي يا جناب الكونتيس (مشيرًا بيده على الكبينة) وحالًا يحضر البحار. وأنتو روحوا شوفوا شغلكم وجهزوا الشاي علشان جناب الكونتيس (الخدامات يخرجن وتدخل الكونتيس).
الكونت (من الخارج) : يلزمك حاجة؟
الكونتيس (من الداخل) : لا مرسي.
الخادم (داخلًا معه البوسطة) : جوابات لجناب الكونت.
الكونت : إيه، وريني (ياخد الجوابات وينظر فيها بالنظارة) آه، دي الرسالة اللي كنت منتظرها بفارغ الصبر، دي مختومة بختم الأمير، أيوة علشان أعرف الحكومة أرسلتني لمصر علشان إيه، لكن دي بالأرقام وفين ديزيليت؟
الخادم : نبحث عنه إذا أمر سيدي الكونت.
الكونت : حالًا، وإذا كان موجود في اللوكندة خليه ينتظرني وأنا جاي (يحيي الخادم ويخرج).
الكونتيس (داخلة بملابس البحر لابسة برنسًا فخمًا متلفة حولها) : الله مافيش حد هنا والَّا إيه؟ أنيت أنيت، غريبة! لا أنيت ولا البحار!
عثمان (من الخارج) : حاضر أديني جاي.
الكونتيس (باستغراب) : إيه، إيه اللي حاضر أديني جاي؟!
عثمان (داخلًا لابسًا لباس البحر ومرتديًا برنسًا بسيطًا) : أديني جيت أهه يا جناب الكونتيس.
الكونتيس : مين حضرتك؟
عثمان : أنا اللي حضرتك بتبحثي عنه.
الكونتيس : إيه! أنت البحار؟
عثمان : دي عايزة كلام؟
الكونتيس (على حدة) : أبدًا أبدًا، موش أنت اﻟ…
عثمان : أيوة أنا.
الكونتيس : غريبة! أنا عاوزة بحار.
عثمان : وأنا البحار.
الكونتيس : أبدًا أبدًا، بقى موش أنت اللي أديتني الجواب المكتوب اللي فيه يا حضرة الكونتيس ياللي جمالك فتني، لو كنت معلم العوم بتاعك.
عثمان (متممًا) : كنت أتمنى أنك تغرقي ويكون لي الشرف في إنقاذك، موش تمام؟
الكونتيس (ضاحكة) : بقى هو أنت.
عثمان : أيوة هو أنا، وإن ما كنتيش مصدقة شوفي (يفتح البرنس ليريها بدلة العوم).
الكونتيس (ترى الكونت) : ابعد بعيد أحسن جوزي جاي.
عثمان : أبعد! هو جوزك اللي باعت لي.
الكونت (يدخل من الصدر منشغلًا) : آه كونتيس، ماشفتيش ديزيليت؟
الكونتيس : لا، ما شفتوش (على حدة) آه يا ربي، دلوقت يقول إيه لما يشوفه؟
الكونت (ناظرًا ملبوسها) : ما نزلتيش البحر ليه؟ مستنية إيه؟
الكونتيس : لا مافيش حاجة.
الكونت : هو لسه ما جاش البحار؟
عثمان : أنا جيت من الصبح.
الكونت : هه، أنت جيت، أظن اللي باعتك جناب الكونت عثمان؟
عثمان : هه، أيوة يا أفندم، جناب الكونت عثمان هو اللي بعتني.
الكونتيس (على حدة) : عثمان مين، ورمضان مين! دا افتكره البحار صحيح!
الكونت : دلوقت تاخد جناب الكونتيس تحميها وتوعى لها، وتخلي ضهرها ضد الموج.
الكونتيس (على حدة) : صدري إيه وضهري إيه!
عثمان : اتفضلي يا جناب الكونتيس.
الكونتيس : لا، أنا موش عاوزة أعمل حمام النهاردة.
الكونت : إزاي ده؟
الكونتيس : أيوة لأني … خايفة.
الكونت : خايفة من إيه؟ وياك العوام، يالله شيلها (عثمان يريد حملها).
الكونتيس : لا لا لا ارجع.
عثمان (للكونت) : إيه الرأي؟
الكونت (بحدة) : يالله شيلها بلا كلام فارغ.

(عثمان يهجم عليها ويذهب بها لجهة البحر.)

الكونت : خليها تعوم على ضهرها، برافو برافو، وابقى قلبها في الرمل، أنا لازم أروح أبحث عن ديزيليت بنفسي (يخرج).
عزت (داخلًا من جهة الكازينو بحالة خوف، ويقع على كرسي) : أخ! روحي راحت، مين كان يصدق إنه يرجع دغري كده؟!
نارسيس (داخلًا بسرعة هامسًا لعزت) : قوام اهرب، أحسن جوزه الطلياني بيدور عليك، ماسك في إيده الفرفر.
عزت : إزاي؟ هو عرفني؟
نارسيس : لا بس عرف البنطلون بتاعك وداير جوه زي المجنون وبيقول الراجل أبو بنطلون مسخرة.
عزت : إيه الرأي؟ تعملش معروف تاخد بنطلوني وتديني بنطلونك؟
نارسيس : لا أنا أروح أجيب لك بنطلون من الأودة بتاعك.
عزت : أيوة اعمل معروف خلصني من المصيبة دي أحسن دا راجل مجنون.
نارسيس : استنى أنا نجيب لك البنطلون حالًا (يهم بالخروج).
الطلياني (من الخارج) : أيوة لازم هو مستخبي هنا.
نارسيس : الحق اهرب.
عزت (باضطراب) : أروح فين اعمل معروف؟
نارسيس : خش هنا (مشيرًا له على الكبينة المجاورة لعثمان).
عزت (يدخل الكبينة) : ما تغيبش عليَّ بالبنطلون.
الطلياني (داخلًا بحالة انفعال) : فين دي أبو بنطلون مسخرة؟ أنا راح نكسر راسه.
نارسيس : بارودن أنا ما شفتوش.
الطلياني (يضرب بالعصا على الأرض) : هرب، موش ممكن، لازم نمسكه ننزل مصارينه، ناكل القلب بتاعه، نكسر الراس بتاعه، شرمط البنطلون بتاعه، لازم يروح في البحر هناك يمكسه (يخرج).
نارسيس (مناديًا بصوت منخفض) : عزت بيه.
عزت (يطل براسه من نافذة الكبينة) : هه مشي؟
نارسيس : أيوة، انزل.

(عزت ينزل بسرعة حتى يبقى على آخر السلم فيسمع صوت الطلياني مقبلًا وهو يضرب بعصا على الأرض فيعود للكبينة ثانية ويخرج نرسيس مسرعًا.)

الطلياني (داخلًا) : موش ممكن، لازم يمسكه يمسكه يمسكه، أنا نستنى هنا (مشيرًا على الجهة التي بين الكازينو وكشك الكونتيس) يخرج من جوه يمسكه، يجي من البحر يمسكه، لازم يمسكه (يخرج).

(الكونتيس داخلة ويتبعها عثمان.)

عثمان : إن شالله يكون جنابك انبسط؟
الكونتيس : أف! أنا تعبت قوي.
عثمان : علشان ما بتنزليش البحر كل يوم.
الكونتيس : يا سلام كل يوم! دانا كنت أموت.
عثمان : تموت! دي اللذة، شوف وشك بقى أحمر زي الدم وخدودك زي الورد.
الكونتيس : إيه بتقول إيه! بس بس بلا كلام فارغ (تدخل الكشك).
عثمان (يقترب من باب الكشك) : أنت زعلت يا ست؟ دانا بنهزر وياك (في أثناء ذلك تدخل أم أحمد ترى عثمان وهو واقفًا يخاطب الكونتيس فتقف صامتة ناظرة له بدون أن يشعر بها عثمان) أخش ألبسك؟
أم أحمد : يلبسها! هي إيه دي اللي يلبسها؟
الكونتيس (من الداخل) : لا لا خليك بره خليك بره.
عثمان (بدون أن يرى أم أحمد) : يا خواتي على الخفافة! على الدم اللي زي الشربات بقيت شايلها على إيدي كده خف الريشة، موش الولية أم أحمد … (يقع نظره على أم أحمد. يطلع يجري على البحر).
أم أحمد (وهي تتبعه) : استنى تعالى هنا، مالها أم أحمد (تخرج وراه).
أنيت (داخلة معها صينية وعليها أدوات الشاي) : يا ترى الست خرجت من البحر ولا لسه؟
عزت (ناظرًا من النافذة) : إس إس … مادموازيل مادموازيل.
أنيت : إيه … أنا؟
عزت : أيوة، من فضلك قولي للخواجة نرسيس القومندة يجيب لي البنطلون.
أنيت : بنطلون إيه يا مسيو؟
عزت : بس قولي له كده أنت، مالكيش دعوى.
أنيت : أوه، دا باين عليه مجنون (تذهب لتدخل الكشك فتقابلها الكونتيس خارجة).
الكونتيس : إيه ده؟ الشاي؟
أنيت : أيوة.
الكونتيس : روحي وديه في الصالون وأنا جاية.
أنيت : حاضر (وتهم بالخروج).
الكونتيس : اسمعي، قولي لجناب الكونت أنا هنا.
أنيت : حاضر (تخرج).
عزت (من النافذة) : دي واحدة ست تانية، يا ست يا ست، بنطلون بنطلون، يا هو بنطلون لله!
الكونتيس : إيه، أنت إيه؟
عزت : بنطلون يا ست بنطلون.
الكونتيس : إلا بنطلون! إيه أنت مجنون؟!
عزت : إيه، السيدة سوزان!
الكونتيس : إيه، عزت بيه؟
عزت : سوزان هنا غريبة دي!
الكونتيس : هس هس، وطي صوتك أحسن جوزي يسمعك (ملتفتة حولها بخوف).
عزت : جوزها! سوزان متجوزة؟
الكونتيس : بأقول لك هس وطي صوتك، أنا دلوقت ما اسميش سوزان … انزل هنا وأنا أفهمك.
عزت : موش قادر أنزل.
الكونتيس : موش قادر تنزل من إيه؟
عزت : من بنطلوني.
الكونتيس : بنطلونك! ماله؟ مشرمط؟
عزت : ياريت، إنما فيه واحد متربص له.
الكونتيس : واحد دا مين؟
عزت : واحد ما أقدرش أقول لك عليه، بص كده، مافيش حد عندك؟
الكونتيس (ملتفتة حولها) : لا مافيش حد.
عزت : ماعلهش أقدر أنزل.
الكونتيس : الحمد لله اللي ماعرفنيش حد غير عزت؛ لأن من حسن الحظ هو دايمًا يكتم السر.
عزت (يخرج من الكنبة) : سيدة سوزان (ثم يتقدم منها ويصافحها).
الكونتيس : خليك بعيد، أحسن جوزي يشوفك.
عزت : بقى متجوزة! إنما يعني جوز صحيح، والَّا جوز …
الكونتيس : صحيح … صحيح وكسور.
عزت : شيء مدهش، ومتجوزة مين؟
الكونتيس : الكونت كورنسكي سفير مملكة الجبل الأسود.
عزت : إيه إيه … بقى أنت الكونتيس كورنسكي المشهورة، اللي كانوا دلوقت بيحضروا لك الحمام هنا (مشيرًا على الكبينة) أما شيء غريب! فهميني إزاي المسألة دي حصلت؟
الكونتيس : إنما تكتم السر؟
عزت : زي القبر؛ لأني صديق، صديق صحيح، ودا لكونك مارضيتيش إني أكون حاجة تانية خلاف الصديق.
الكونتيس : المسألة إني أخلصت للبرنس لاديسلاس، ولي عهد مملكة الجبل الأسود، فلما هجرني تركت مصر لأبحث عنه في أوروبا، ومن ضمن سياحتي نزلت في بلد من بلاد النمسا وتظاهرت بأني أرملة مات جوزها وغيرت اسمي باسم دولي فالتقيت هناك بالكونت كورنسكي سفير مملكة الجبل الأسود وأحد رجال السياسة فأحبني وتزوجني، وأصبحت الآن الكونتيس كورنسكي.
عزت : أما أنك جريئة! والكونت طبعًا مايشكش في حاجة؛ لأنه ما يعلمش شيء عن الماضي.
الكونتيس : أنا دلوقت بقيت سيدة من السيدات المصونات، ما أحلى الفضيلة! يا سلام قد إيه كنت أشتاق لحياة الزوجية وأشعر دلوقت إني تغيرت خالص.
عزت : الحقيقة إن ماحدش دلوقت يقدر يعرف أنك سوزان بتاعة زمان.
الكونتيس : يا سلام!
عزت : أيوة لأن سوزان كان شعرها أصفر موش أسود، وسوزان كان ظاهر عليها الخلاعة، وأنت ظاهر عليك الطهر والاستقامة.
الكونتيس : لكن أديك عرفتني، ودا الشيء اللي كنت خايفة منه، وللسبب ده ماكنتش عايزة أرجع مصر.
عزت : وليه رجعتي مصر؟
الكونتيس : علشان جه لجوزي أمر من حكومته بأنه يسافر لمصر وينتظر تعليمات بخصوص مسألة سرية.
عزت : إيه المسألة دي؟
الكونتيس : ما أعرفهاش؛ لأن جوزي يستحيل يدي سره لحد أبدًا حتى ولا لزوجته.
عزت : آه من حق، أنا قريت كلمتين عنك في الجرنال النهاردة، لكن زعلوني جدًّا.
الكونتيس : كلمتين إيه؟
عزت : أيوة أهم (يخرج جرنالًا من جيب السترة ويقرأ) يُباع بالمزاد العلني في أوائل الأسبوع القادم موبليات وممتلكات السيدة سوزان بمنزلها الكائن بشارع عشرة …
الكونتيس : إيه! يبيعوا عفشي وممتلكاتي! وريني الجرنال (تاخد الجرنال وتنظر فيه وتقرأ) آه! رحت بلاش.
عزت : رحتِ بلاش! إزاي؟
الكونتيس : جوابات البرنس لاديسلاس وأوراق سرية موجودين عندي، واللي أهم صورة متصورين أنا وهو سوا بمنظر مخالف للطبيعة، يعني ما يصحش الاطلاع عليها.
عزت : خازوق! وخصوصًا الجرايد بتنتظر حاجات زي دي وتشنع بأصحابها.
الكونتيس : وفي الوقت ده يعرف جوزي إن أنا سوزان اللي كنت مترلية لابن الملك بتاعه، موش ممكن، أنا لازم أتحصل على الجوابات دي والصورة بأي طريقة، هس هس أحسن حد جاي.
عزت : جاي (يسرع بالهرب يدخل كبينة عثمان).
الكونتيس : خليك أنا رايحة أقابلك تاني (تخرج بسرعة).
عزت (من النافذة) : استني أنا لقيت بنطلون، لقيت بنطلون (ثم يظهر لابسًا بنطلون عثمان. في أثناء نزوله من الكشك يدخل الطلياني).
الطلياني (داخلًا بصوت عالٍ) : شرمطه كسره، بنطلوني (أثناء ذلك يقف عزت بحالة اضطراب ويحاول إخفاء وجهه من الطلياني ثم يقترب منه الطلياني ويسأله) شفت خواجة فيه بنطلون مسخرة؟
عزت : نو نو.
الطلياني : نفر ماين، لازم يمسكه (يخرج).
عزت : الحمد لله! أحسن طريقة أهرب من هنا (يخرج).
عثمان (داخلًا ملتفتًا حوله) : أيوة، أديني زغت منها، يا سلام دي موش مرة، دي مصيبة، دي عاوزة تحتلني، يا ترى جناب الكونتيس جوه والَّا خرجت. (ناظرًا في الكشك) لا مافيش حد لكن إحنا موش في كده، دول صهينوا ولا أدوني بقشيش ولا نيشان زي ما كنت فاهم، آه، أظن مستنين لما أقدم لهم كشف حساب، أحسن طريقة إني ألبس هدومي اللي قابلت بها الكونت وأروح أشرب الشاي اللي هو عازمني عليه، ووقتها أقول له ادي عثمان نيشان وادي له ميت جنيه متين جنيه، يسمع كلامي أيوة أيوة (يدخل الكبينة بتاعته).
الكونت (داخلًا وهو يتكلم من الخارج) : أيوة ابعتوه لي هنا حالًا (يدخل) ما أرتاحش إلا أما أعرف إيه اللي في الرسالة دي.
ديزابليت (داخلًا مسلمًا بحفاوة) : سيدي الكونت.
الكونت : ديزابليت.
ديزابليت : سيدي.
الكونت : أنت فين؟ خد اقرأ الرسالة دي.
ديزابليت : حاضر يا أفندم (يأخذ الرسالة بأدب ويقرأ) ٤٨٢ × ٩٠٧ — كوزيموس، ألفًا، لا برادو.
عثمان (من النافذة) : إيه، إيه يا خويا اللغة دي! دي لغة عفاريتي خالص!
ديزابليت : يسمح سيدي الكونت، أنت مرسل إلى مصر لأجل مهمة سرية، وهذه المهمة تتعلق بشرف البرنس لاديسلاس.
الكونت : نجل الملك؟
ديزابليت : نعم؛ لأن البرنس لما كان موجود بمصر تعلق بإحدى بنات الهوا ويوجد خطابات صادرة من البرنس إلى هذه المرأة التي تُسمى سوزان، وأيضًا صورة لا يصح الاطلاع عليها، وهذه الخطابات على جانب عظيم من الأهمية.
الكونت : يا سلام!
عثمان : دي شغلانة عال!
ديزابليت : ويخشى أن سوزان تنشر هذه الخطابات انتقامًا من البرنس الذي قطع علاقاته معها فجأة، وهذا الأمر إذا حصل تنشأ عنه فضيحة هائلة وقد يترتب عليه عدم اقتران البرنس ببنت ملك السرب، والمطلوب منك الآن أن تذهب حالًا إلى مصر، وتقابل سوزان المذكورة وتحصل منها على هذه الخطابات مقابل الثمن الذي تطلبه.
عثمان : أما عبارة غريبة!
الكونت (يظن أن المتكلم ديزابليت) : غريبة جدًّا!
ديزابليت : وإذا احتاج الأمر إلى توزيع بعض أوسمة من أوسمة الدولة فيمكنك أن تفعل ذلك بسخاء.
عثمان : أوسمة! أهه داللي نفسي فيه.
الكونت : إيه، نفسك في وسام؟
ديزابليت : أفندم.
الكونت : اقرأ، اقرأ بلاش كلام فارغ.
ديزابليت : وبما أنه يهمنا أنه لا تظهر شخصيتك في هذه المسألة، فليكن ذهابك إلى سوزان تحت اسم ملخبور فرمبواز.
عثمان والكونت (يكتبان) : ملخبور فرمبواز.
ديزابليت : وقد أعطينا أمر إلى بنكنا بمصر بأن يسدد تحت هذا الاسم جميع الديون الموجودة على سوزان (حاشية. سوزان تسكن بشارع عشرة).
الكونت وعثمان (يكتبان) : شارع عشرة.
عثمان : إن شالله أنا راح نخلص العبارة دي وناخد النيشان، آدي وقتك يابو عفان.
الكونت : أحسن مانضيعش شيء من الوقت، ولازم نسافر حالًا، بس واحذر أنك تبوح بالسر ده حتى ولا لزوجتي الكونتيسة، أيوة لأن مافيش حد موجود هنا إلا أنا وأنت بس.
عثمان : أيوة وأنا.
ديزابليت : إزاي أبقى سكرتير مولاي الكونت وأخرج سره بره؟
عثمان : دانا اللي حاخرج عينه.
الكونت : وحالًا تروح تحضر كل أدوات السفر.
ديزابليت : أمرك (يخرج).
الكونت (لنفسه) : أما لو كانت الكونتيس تعرف إني رايح مصر عند واحدة اسمها سوزان كانت … آه … أهي جاية.
الكونتيس (داخلة) : إيه فيه إيه؟
الكونت : أنا مضطر أسافر حالًا لبورسعيد.
الكونتيس : بورسعيد! وراح تاخدني وياك؟
الكونت : للأسف! لا يمكني أخدك معايا لأن المسألة سياسية بخصوص قنال السويس.
الكونتيس : يا سلام!
الكونت : أيوة عايزين نعمل قنال تاني جنب الموجود دلوقت.
الكونتيس : صحيح؟
الكونت : أيوة، إنما دي مسألة سرية أوعي تقوليها لحد.
الكونتيس : وراح تغيب كتير؟
الكونت : يومين تلاتة.
الكونتيس (على حدة) : يومين تلاتة، عال عال (للكونت) وإيمتى حاتسافر؟
الكونت : حالًا؛ لأن ضروري الليلة أكون بايت في بورسعيد، اتفضلي يا روحي علشان تجهزي لي أدواتي (يخرج).
الكونتيس (لنفسها) : حاضر أيوة، أهه الفرصة اللي حاتمكني من سفري لمصر ضروري الساعة ٨ صباحًا أسافر على مصر.
الكونت (من الداخل) : كونتيس كونتيس.
الكونتيس : حاضر أديني جاية (تخرج).
عثمان (يخرج من الكشك) : شوف الراجل اللئيم! راح يسافر مصر ويقول لمراته إنه رايح بورسعيد، مافيش حد حايروح مصر ويخلص المسألة دي غيري أنا، اسمه إيه؟ الاسم المزيف (ياخد النوتة من جيبه ويقرأ) ملخبور فرامبواز (ناظرًا للبنطلون الذي هو لابسه) الله إيه ده! النص التحتاني موش أنا، خبر أسود (أثناء ذلك يدخل الطلياني بيده عصا فيرى عثمان بالبنطلون).
الطلياني : آه! مسكتو البنطلون، روحو فين، دلوقت ننزل مصارينك، نطلع المخ بتاعك.
عثمان (باستغراب) : إيه البنطلون دا بتاعك؟
الطلياني : الراس دي بتاعك (يهجم عليه يضربه. فيصرخ عثمان فتدخل أم أحمد).
أم أحمد : إيه ده! إيه ده! الحقوا حايموت الراجل … ياهو ياهو.

(يدخل الجميع ويقولون لحنًا ختاميًّا.)

(انتهى الفصل الأول.)
(ستار)

الفصل الثاني

(يُرفع الستار عن صالون فخم وبه دولابان مختومان بالشمع الأحمر وجملة مقاعد وبرافان، ويقولون اللحن وتبقى وردة الخادمة بالمسرح.)

وردة : عيني عليك يا ست يا ترى فين أراضيكِ يا روحي؟ بس لو كانت تبعت لي جواب وتعرفني هي فين، كنت أنا رخرة أعرفها على اللي حصل في بيتها، مسكينة دي لما تيجي وتعرف أنهم حايبيعوا حاجتها دي راح تتجنن …
صالح (بصوت عالٍ من الخارج) : هي فين (داخلًا لابسًا بنطلونًا بسيطًا وقميصًا بدون ياقة وعلى راسه طقية وعلى صدره فوطة).
وردة : يُه، دا مين ده (يقع نظرها عليه) يُه! صالح؟
صالح : أيوة صالح، لسه ماجاش خبر عن الست؟
وردة : لا لسه، يُه أنت اشتغلت والَّا إيه؟
صالح : أمال حانموت من الجوع، موش بزيادة الفلوس المتأخرة عند الست، وأهي راحت.
وردة : يا بختك لقيت لك شغلانة.
صالح : لا والله زيك، أقعد هنا أموت من الجوع وأقول أبدًا ما أفوتش البيت إلا لما تيجي ستي، أهه ماجاتش ستك يا شيخة سيبك وتعالي اشتغلي معايا في الأوتيل اللي اشتغلت فيه، دي بتيجي عندنا ناس هناك في غاية الشياكة، وبقشيشات إيه وفلوس إيه …
وردة : كبدي عليَّ يا حسرة! أنا أقدر أتحرك من هنا؟
صالح : ماتقدريش، ماتقدريش ليه؟ إيه اللي ماسكك ياختي؟
وردة : مانتش شايف (مشيرة بيدها على الأختام الموجودة على الدواليب).
صالح : يا خبر أسود! دي المسألة دخلت في دور كبير! حجز؟
وردة : آه … وأنا الحارسة عليه.
صالح : إخيه! بقى حجزوا عليكِ أنت رخرة ويَّا الموبولية؟ آه من حق على فكرة خدي تلغراف أداهولي الراجل البواب قال علشان الست.
وردة (وهي تتناول التلغراف) : علشان الست! طيب وهي فين الست يا مسخَّم؟ هو موش عارف أن الست موش موجودة؟
صالح : أنا إيش عرفني، أنا رايح ياختي أحسن يجوا يحجزوا عليَّ أنا لاخر، عاوزاش حاجة؟ أبعت لك جبنة وزتون؟
وردة : لا كتر خيرك، بس ابقى تمللي تعالى طُل عليَّ.
صالح : مسكينة ربنا يفك سجنك، خليتك بعافية (يخرج).
وردة (لنفسها) : يا ترى دا مين اللي باعت التلغراف ده! لكن دي كل الدنيا عارفة إن ستي موش هنا، والجرانيل بتتكلم، ياختي قطيعة أنا حاحمل نفسي هَم على همي على إيه (تضع التلغراف على الطاولة. جرس من الخارج) يو! دا مين كمان؟ الباب ماهو مفتوح يادلعدي، يادلعدي ياللي بتخبط (تتجه لجهة الباب فيقابلها عزت).
عزت (داخلًا) : أنت فين؟
وردة : سيدي عزت بيه! فين من قبل غياب الست بشهر ماحدش شافك؟
عزت : أديني جيت أهه وراح أبشرك.
وردة (بلهفة) : تبشرني، ستي جه خبر عنها؟
عزت : خبر وبس، دانا حاوري لك حاجة تنبسطي منها خالص.
وردة : إيه؟ والنبي تقول، قول، قول طمني.
عزت (مشيرًا بيده) : اتفضلي يا ست (أثناء ذلك تدخل الكونتيس على وجهها نقاب).
وردة (لعزت) : مين حضرتها؟
عزت : اكشفي وشها وأنت تعرفيها.
وردة (تقترب منها وترفع النقاب) : ستي ستي (وترتمي على صدرها وتقبلها وهي تبكي).
الكونتيس : بس بس ما تعيطيش.
وردة : آه يا ستي!
عزت : من حقة، أما أروح أصرف العربجي (يخرج).
الكونتيس : أنا يستحيل أنسى مرؤتك وإخلاصك ليَّ يا خالتي وردة.
وردة : يا سلام يا ستي، قد إيه شكلك اتغير خالص، لو كنت شفتك في السكة كنت يستحيل أعرفك.
الكونتيس : يا سلام للدرجة دي! بس لازم من تعب السفر؟
وردة : لازم دلوقت تخشي تعملي حمام وترتاحي يا قلبي، يا ألف نهار أبيض اللي نورت بيتك (تزغرت) من حق أنت موش جايبة شنط وياك ولا حاجة؟
الكونتيس : لأ، الشنط في اللوكندة القريبة دي؛ لأني حجزت أودة هناك علشان ما أعرفش إيه اللي حصل هنا في بيتي، أنا اتحجز عليَّ صحيح؟
وردة : ماتزعليش نفسك يا بنتي كله فداك، راسك والدنيا، نعوضه وتعوضي أحسن منه، أنت لسه شباب.
الكونتيس : بس بس بلاش كلام فارغ، وما تعرفيش قرروا البيع إيمتى؟
وردة : بيقولوا بعد بكرة.
الكونتيس : الحمد لله! يعني ماجيتش متأخرة، كان فيه محفظة حمرة فيها صورة وجملة جوابات.
وردة : موش جوابات البرنس رسراس؟
الكونتيس : ياختي النبي تتلهي، رسراس إيه! جالك رسراس في عينك.
وردة : أنا عارفة يا بنتي اسمه إيه!
الكونتيس : يا ولية البرنس لاديسلاس.
وردة : أيوة، المحفظة الحمرة اللي فيها الصورة بتاعتك أنت والبرنس والجوابات محطوطة في الدولاب ده (مشيرة على دولاب من المختومين).
الكونتيس : طيب روحي هاتي لي المفاتيح علشان أفتحه وأطلع المحفظة.
وردة : على عيني (تخرج).
عزت (داخلًا) : هه، عملت إيه؟
الكونتيس : الحمد لله! الجوابات موجودين هنا في الدولاب ده.
وردة (داخلة ومعها سلسلة وبها جملة مفاتيح) : المفاتيح أهم يا ست.

(الكونتيس تتناول المفاتيح وتقترب من الدولاب تريد فتحه.)

عزت : إيه؟ أنت راح تعملي إيه؟
الكونتيس : أفتح الدولاب وأطلع المحفظة.
عزت : إزاي؟ تكسري الأختام؟ مانتيش عارفة إن كسر الأختام دي عليه عقاب كبير؟
الكونتيس : عقاب؟
عزت : أيوة على الأقل ست أشهر سجن.
الكونتيس : وإيه العمل دلوقت؟
عزت : اسمعي يا خالتي وردة، أنت ما استلمتيش ورق ولا إعلانات؟
وردة : أيوة يا بني اسم الله على وعيك أدوني إنظار وورق ملفوف في بعضه، والله ما أعرف فيه إيه.
عزت : طيب روحي هاتي كل الأوراق اللي استلمتيها.
وردة : حاضر (وتعزم على الخروج ثم تعود) من حق يا ست؟
الكونتيس : إيه فيه إيه؟
وردة : تلغراف جه لحضرتك (تاخذ التلغراف من على الطاولة وتعطيه لها وتخرج).
الكونتيس (تتناول التلغراف) : يا ترى من مين ده (تفتحه وتقرأ) أطلب مقابلتك في مسألة هامة، سأحضر إليك غدًا، ملخبور فرمبواز.
الكونتيس : ملخبور فرمبواز؟
عزت : ليه؟ أنت ما تعرفيهش؟
الكونتيس : ولا عمري سمعت الاسم ده، تاريخه إمبارح، الله دا جاي من إسكندرية.
عزت : من إسكندرية؟
الكونتيس : وأهه دا الشخص اللي ما يصحش أقابله؛ لأنه يجوز أنه شافني في إسكندرية مع جوزي.
وردة (داخلة) : آدي الورق كله أهه (تخرج).
عزت (يتناول منها الورق ويفتحه وينظر فيه) : يا سلام!
الكونتيس : لا أنا كان عليَّ ديون لناس كتير.
عزت : شيء ظاهر ٤٠٠ جنيه لست أم أحمد، أم أحمد دي إيه كمان؟
الكونتيس : لا دا واحدة دلالة.
عزت : يا سلام ٤٠٠ جنيه لواحدة دلالة؟
الكونتيس : لأ، دا أصلهم ديون عليَّ وهي اشترتهم.
عزت : دلوقت أنا حاخد الأوراق دي معايا وأروح للمحامي وأستفهم منه عن النتيجة.
الكونتيس : أيوة اعمل معروف لأني ما أقدرش أستنى هنا كتير.
عزت : خايفة ليه؟ موش جوزك الكونت راح يقعد تلات تيام في بورسعيد؟
الكونتيس : ربما يخلص شغله قبل كده، ويرجع على إسكندرية ما يلقنيش.
عزت : يا شيخة ما يبقاش قلبك ضعيف.
الكونتيس : إيه دي حياة! ما ألذ الحياة الشريفة! مين كان يصدق إن الكونتيس كورنسكي زوجة السفير تتوجد تاني هنا في بيت سوزان في وسط الزهريات والموبليات دي، اللي بتفكرني بأشياء كثيرة؟!
عزت : لا ما هو الحاضر جاي يزور الماضي.
الكونتيس (تذهب إلى التواليت وتمسك مراية صغيرة) : المرايا بتاعتي أظن ما بقتيش تعرفيني دلوقت، والخطوط بتاعي وكل الحاجات اللي كنت باستعملها وهجرتها بقى لي مدة طويلة.
عزت : إنما دا مايمنعش أنك ترجعي سوزان تاني لمدة بسيطة.
الكونتيس : إزاي ده؟
عزت : أيوة لأن المُحْضَر لما يجي موش رايحة تقولي له إنك الكونتيس، لازم تقولي له إنك سوزان.
الكونتيس : طبعًا.
عزت : إذًا، لازم ترجعي سوزان علشان المحضر على الأقل ما يخطرش في باله أن سوزان والكونتيس شخص واحد.
الكونتيس : برضه لك حق (تتقدم من تربيزة التواليت وتبتدي في تصليح زيها) العيون أولًا، موش كده؟
عزت : أيوة، لازم يكونوا أكبر من كده؛ لأن سوزان ماكانش فيها إلا عنين.
الكونتيس (مستمرة) : والشفتين، والشرطة اللي جنب العينين (تضعها) كده تمام (تنظر في المرآة ثانيًا) لا لا الشعر لازم يكون أصفر لأن سوزان كان شعرها أصفر ولازم ألبس ملابس خلاف دي؛ لأن دي حشمة (تدخل غرفة وتقفل الباب نصف قفلة).
عزت : رايحة فين (يريد يتبعها).
الكونتيس : لا لا، خليك عندك.
عزت : آه (على حدة) دي بتلبس، لو كنت أبص ولو بصة واحدة بس (ينظر من خرم الباب).
الكونتيس : شايفاك.
عزت : لا ما شفتش حاجة.
الكونتيس : وموش لازم تشوف حاجة.
عزت : موش عايزة حاجة؟
الكونتيس : ناولني شوية دبابيس من على اللاقامانو.
عزت : حاضر (يسرع ويناولها الدبابيس ثم ينظر في الورق كأنه يقرأ) مسكينة سوزان! ديون كتير!
الكونتيس : هه، دلوقت أنا بقيت مين؟
عزت : سوزان بدون شك، حقة دلوقت لو شافك جوزك الكونت يستحيل يعرفك.
الكونتيس : ودلوقت يالله حالًا على المحامي وبعدها عند المحضر.
عزت : حالًا، وإنشالله بعد ساعتين ينفك الحجز (يخرج).
الكونتيس : بس ما تغيبش عليَّ، يا سلام! آدي أودة النوم بتاعتي اللي هجرتها من مدة كبيرة، أظن ما بقت كلها تراب، أما أخش أشوفها (تدخل).
عثمان (من الخارج) : هو دا باب الصالون؟ مرسي كتر خيرك (يدخل ناظرًا في أركان الغرفة) يا ولد يا ولد! دي حاجة أبهة خالص، معلوم لأنها ما بتعرفش غير صنف برنسات بس، لكن إزاي البرنس المغفل ده يسلم جوابات تهمه لواحدة زي دي؟ معذور، لازم دي من النسوان البلافين إياهم، وإنشالله أنا اللي حا تحصل عليهم قبل وصول الكونت؛ لأني سبقته بقطر ومين عارف يمكن تجي له مصيبة يتعطل في السكة، إزاي مافيش حد؟! يا ست يا صاحبة البيت ياللي هنا.
الكونتيس (داخلة) : الله إيه ده؟
عثمان : بردون، جنابك صاحبة البيت؟
الكونتيس (على حدة) : غريبة! دا موش الراجل اللي إداني الجواب في إسكندرية؟
عثمان : الله مالك خايفة كده ليه؟ موش حضرتك المدموازيل سوزان؟
الكونتيس : أيوة.
عثمان : سوزان الشهيرة اللي سلبت عقول كل الناس؟
الكونتيس : إيه الكلام ده؟ وحضرتك مين؟
عثمان (يخرج النوتة بسرعة ناظرًا فيها) : حضرتي أنا ملخبور فرمبواز.
الكونتيس : فرمبواز! (على حدة) برضه أنا كنت متأكده أنه موش بحار.
عثمان : أيوة، أنا ملخبور فرمبواز من الساعة ٦ إلى الساعة ١٢ ما عدا أيام الآحاد، إخيه عليَّ أنا بألخبط كده ليه؟
الكونتيس : إيه إيه! بتقول إيه؟
عثمان : لا مافيش (ينظر إليها جيدًا) غريبة دي!
الكونتيس : هي إيه اللي غريبة؟
عثمان : أنت مالكيش أخت تانية متجوزة؟
الكونتيس : إيه؟ وليه السؤال ده؟
عثمان : لا بس … فيكِ شبه كبير من واحدة ست شفتها إمبارح في إسكندرية من ذوي المقامات.
الكونتيس (على حدة) : الحمد لله ما عرفنيش (لعثمان) شفتها في إسكندرية؟
عثمان : موش بس شفتها … ومحميها بإيدي كمان.
الكونتيس : محميها! أنت؟
عثمان : أخ! أيوة بصفتي غاوي عوم موش بصفتي بحار.
الكونتيس : طيب اقعد من فضلك.
عثمان : مافيش مانع (يجلس بعيدًا عنها).
الكونتيس : بقى حضرتك جاي من إسكندرية؟
عثمان : في المفتخر مخصوص علشان أقابلك.
الكونتيس : أنا كنت عارفة أنك جاي.
عثمان : عارفة! إزاي؟
الكونتيس : أيوة، من التلغراف اللي بعته.
عثمان : تلغراف! آه آه … صحيح أنا كنت نسيت (على حدة) لازم الراجل الكونت هو اللي بعت التلغراف.
الكونتيس : قل لي بقى، وحضرتك عاوز إيه؟
عثمان : في الحقيقة أنا كنت عاوز أخش في الموضوع على طول، ولكن ماكنتش فاهم إني حاكون واقف قدام جناب الكونتيس.
الكونتيس : إيه بتقول إيه؟
عثمان : بأقول أنك أنت الكونتيس كورنسكي.
الكونتيس : إيه الكلام الفارغ ده؟
عثمان : أظن مافيش لزوم للإنكار لأن موش معقول أكون حميتك إمبارح ولا أعرفكيش النهاردة؟
الكونتيس : بأقول لك ما تتكلمش الكلام ده، وإلا أنده للخدامين يطردوك.
عثمان : لا مافيش لزوم، موش أنت الكونتيس كورنسكي، لازم أنا نظري اختلف (يضحك).
الكونتيس : هه، وحضرتك جاي هنا ليه؟
عثمان : في الحقيقة اللي جابني هنا، أو اللي جابنا هنا …
الكونتيس : اللي جابنا؟
عثمان : أيوة لأني أنا جاي أنا والكونت كورنسكي …
الكونتيس (منزعرة بصوت عالٍ) : آه يا ربي!
عثمان : أظن دلوقت مابقاش فايدة من الإنكار؛ لأن ده يعد أكبر اعتراف والَّا حاتنكري تاني؟ مافيش لزوم، دلوقت يصح إني أقول لك على الحقيقة، أنا ملخبور فرامبواز أحد سفراء مملكة الجبل الأسود، وردت لي رسالة من البرنس لاديسلاس، فيها يكلفني باستلام صورة وجملة جوابات موجودين طرفك، فبالصدفة جوزك الكونت كورنسكي اطلع على نفس الرسالة ففكر إنه يجي هو يقوم بالمأمورية بدلًا عني في استلام الجوابات والصورة؛ لأجل يكون محبوب عند مولاي البرنس أكتر مني، ولكن لحسن الحظ ولأجل بختك أني سبقته بقطر واحد وأظن الأحسن دلوقت أنك تسلميني الجوابات والصورة بدل الفضيحة، وأما من جهة تفهيم جوزك على أنك أنت سوزان، ما تفتكريش، اعتمدي عليَّ.
الكونتيس : آه يا ربي! وإيه الرأي دلوقت؛ لأن الجوابات موش في إيدي.
عثمان : موش في إيدك! أمال في إيد مين؟
الكونتيس : موجودين في الدولاب المبرشم ده (مشيرة على الدولاب) ودلوقت لازم أنتظر المحضر لما يجي يشيل الأختام بأيده.
عثمان : مافيش مانع ننتظر سوا، وأظن انتظار اتنين أحسن من انتظار واحد (أثناء ذلك تدخل وردة).
وردة (داخلة) : حاضر، حادي لها خبر.
الكونتيس : إيه فيه إيه؟ مين يا خالتي وردة؟
وردة : الست أم أحمد.
الكونتيس : أم أحمد، خليها تخش.
وردة : حاضر (تخرج).
عثمان : يا حفيظ في كل حتة أسمع اسم أم أحمد! الظاهر أن الدنيا كلها بقت أم أحمدات.
أم أحمد (داخلة) : عواف عليك يا ست، حمد لله عالسلامة.
عثمان (بحالة اضطراب) : خازوق دي هي!
أم أحمد (يقع نظرها على عثمان) : يُه! دا مين؟ عثمان؟ إيش جابك هنا؟
عثمان (مشيرًا لأم أحمد بالسكوت) : هس هس.
أم أحمد : قل لي أنت هنا بتعمل إيه؟
الكونتيس : عثمان مين يا ولية (للجمهور) أما مرة مجنونة.
أم أحمد : عثمان، عثمان.
عثمان (هامسًا لأم أحمد) : اسكتي بعدين أعرفك؛ لأني أنا موجود هنا بخصوص مسألة سياسية (للكونتيس) أظن يصح دلوقت أستنى بره شوية، ربما يكون عندكم أشغال خصوصية (هامسًا للكونتيس) من فضلك ما تفهميهاش اسمي الحقيقي، عن إذنك (يخرج).
أم أحمد : تعالى هنا.
الكونتيس : يا ولية تعالي هنا.
أم أحمد : أنا بأحلم ياخواتي (تخلع الملاية والبرقع وتضعهم على الكرسي) قولي لي دا هنا بيعمل إيه؟ فيه بينك وبينه حاجة؟
الكونتيس : أيوة دا واحد من أصحابي، ومنين تعرفيه؟
أم أحمد : دا بحار في إسكندرية.

(الكونتيس تضحك بصوت عالٍ.)

أم أحمد : الله! بتضحكي ليه؟
الكونتيس (على حدة) : آه فهمت، هو مش عاوز يعرفها بنفسه علشان أكمنها شافته ببدلة البحار في إسكندرية، زي أنا ما شفته (لأم أحمد) يا شيخة دا واحد عظيم من الناس الكبار، كان متخفي وعامل نفسه بحار، ودا علشان يتعرف بواحدة ست بخصوص مسألة سرية.
أم أحمد : ياخواتي أنا حاتجنن، دي الجوابات بتوعه عندي في البيت وصوره.
الكونتيس : إيه! عندك منه جوابات؟
أم أحمد : آه، جوابات حب وفيهم أشعار وحواديت وبإمضة عثمان عبد الباسط ومتفق معايا أنه حايتجوزني.
الكونتيس : يتجوزك؟
أم أحمد : آه وحياتك، دانا رخرة عماله أبعت له في هدايا وفلوس.
الكونتيس : غريبة دي! لكن إحنا موش في كده، أنت كنتِ جاية علشان إيه؟
أم أحمد : كنت جاية علشان أردلك مبلغ تستحقيه.
الكونتيس : مبلغ إيه ده؟
أم أحمد : أيوة لأني كنت مسافرة ويادوبك رجعت من السفر النهاردة، إلا وواحد جاني من طرف المحامي بتاعك ودفع لي المبلغ اللي أنت مديونة لي فيه.
الكونتيس : طيب كويس.
أم أحمد : وبعدها بشوية جاني واحد تاني من طرف واحد اسمه ملخبور فرامبواز ودفع لي نفس المبلغ تاني.
الكونتيس : إزاي! وخدتيه؟
أم أحمد : فيها إيه؟
الكونتيس : تاخدي المبلغ مرتين؟
أم أحمد : فيها إيه؟ دا شيء بيحصل كل يوم، ودي عادة عند الستات اللي زيكم الست لما يكون لها عاشقين تلاتة، كل واحد منهم بيجي يدفع الدين اللي عليها وياخد وصل وبعدين الفلوس تترد للست تاني، اتفضلي ٤٠٠ جنيه أهم.
الكونتيس : لا يستحيل أقبل المبلغ ده، ولازم ترديه تاني لصاحبه.
أم أحمد : صاحبه! وأنا حاعرف طريقه فين فرامبواز ده؟
وردة (داخلة) : ستي.
الكونتيس : فيه إيه؟
وردة : قال تسمحي بدخول المسيو ملخبور فرامبواز؟
الكونتيس : أيوة بكل ممنونية، خليه يتفضل.
وردة : حاضر (هامسة لها) وسيدي عزت بيه جه فأقعدته في الأودة التانية وقفلت عليه الباب.
الكونتيس : عملتِ طيب.
وردة : أما أروح أبعت فرامبواز (تخرج).
الكونتيس : أيوة روحي (لأم أحمد) وأنت دلوقت حالًا تردي المبلغ بتاعه، وأنا داخلة جوه لأن يستحيل أقدر أقابله إلا لما تسلميه المبلغ؛ لأن دا شيء يكسف (تخرج. أثناء ذلك يدخل الكونت).
الكونت (داخلًا يمسك البرنيطة مسلمًا بحفاوة) : بونجور مادموازيل.
أم أحمد (للجمهور) : يو … ودا حاقول له إيه دلوقت؟ اتفضل يادلعدي (مشيرة له بالجلوس) بقى دا عاشق سوزان؟ دا مافيهش نفس يمشي، آه، بتحبه علشان فلوسه، لازم بيصرف عليها دم قلبه.
الكونت (أثناء ذلك يلبس النظارة ويحقق في أم أحمد للجمهور) : دي سوزان اللي بيحبها البرنس؟! أما دا ذوقه مجليط خالص!
أم أحمد : تشرفنا يا حضرة.
الكونت : ألف شكر يا مزمزيل.
أم أحمد (للجمهور باستهزاء) : مادموازيل! دا باين عليه مغفل! الحمد لله اللي حضرتك جيت دلوقت لأني كنت مضطرة أدور عليك.
الكونت : أشكرك يا مدموازيل.
أم أحمد (برقة) : مدام مدام من فضلك؟
الكونت : لامؤاخذة أنا ماكنتش عارف إن حضرتك متجوزة.
أم أحمد : ليه باين عليَّ إني بنت بكر؟!
الكونت : لا أبدًا (على حدة) يظهر إن النساء العموميات بقوا كلهم متجوزين دلوقت.
أم أحمد : بقى حضرتك ملخبور فرامبواز؟
الكونت : أيوة، هو الاسم اللي أنا مسمي نفسي به، إنما ماهواشي اسمي الحقيقي؛ لأني أنا من أكبر رجال دولة الجبل الأسود، وأرجوك ما تسألنيش عن اسمي الحقيقي.
أم أحمد : على كيفك، إنما المهم دلوقت أرد لك المبلغ اللي دفعته لي.
الكونت : لا يستحيل … لأني أنا مكلف بدفعه وراح أفهمك عن مسألة اللي بها تعرفي إن رد المبلغ ده مافيهش فايدة.
أم أحمد : مسألة! مسألة إيه؟ بخصوص تجارتي؟
الكونت : أيوة بخصوص تجارتك (على حدة) أما تعبير وسخ!
أم أحمد : كويس! اتكلم أديني سامعة.
الكونت : بس أنا آسف ربما كلامي يؤلمك.
أم أحمد : يؤلمني! ليه راح تشتمني والَّا إيه؟
الكونت : لا العفو يا مدموازيل يا سلام! بس يعني المسألة اللي أنا جاي بخصوصها هي مسألة سرية تتعلق بالشخص اللي حبتيه وموجود عندك جواباته وصورته.
أم أحمد : عثمان؟
الكونت : عثمان؟
أم أحمد : ما هو أنت ما تعرفش، أول ما عرفته كان مسمي نفسه عثمان، وبعدين ظهر أنه موش اسمه عثمان.
الكونت : بقى ماكنتيش تعرفي أنه …
أم أحمد : إزاي كنت أعرفه وهو لابس اللبس اللي شفته عليه أول مرة؟
الكونت : على كل حال حصل تبادل جوابات بينك وبين جناب البرنس لاديسلاس.
أم أحمد (تنهض واقفة) : البرنس لاديسلاس؟
الكونت (واقفًا) : أيوة، وليِّ عهد دولة الجبل الأسود.
أم أحمد : ولي عهد؟ آه آه (تسخسخ وتقع على الكرسي مغمى عليها).
الكونت : الله! دي جرى لها إيه (يقترب منها) سلامتك فيه إيه؟
أم أحمد : آه، موش قادرة أبلع ريقي من فرحتي.
الكونت : ودلوقت أرجوكِ تسلميني جوابات جناب البرنس والصورة.
أم أحمد : إيه، أسلمك الجوابات والصورة؟ دول هم اللي عندي من رحته، يستحيل أديهم لك أبدًا.
الكونت : ولكن الجوابات دي تضره خالص.
أم أحمد : تضره! ليه؟
الكونت : لأن فيها طبعًا سيرة حاجات حصلت بينكوا وبين بعض زي ما أنت فاهمة.
أم أحمد : أبدًا وحياتك ما حصل بيننا وبين بعض غير كل شيء شريف.
الكونت : إيه … على مين الكلام ده؟
أم أحمد : وإن ماكنتش مصدقني، أحلف لك على أي شيء يعجبك.
الكونت : لا لا مافيش لزوم.
أم أحمد (بحياء) : إنما ما يمنعش أني بأحبه خالص حب شريف ويدوب فيَّ.
الكونت : إذن باسم هذا الحب الشريف وباسم هذا الدوبان أتوسل إليك.
أم أحمد : تتوسل إليَّ!
الكونت : نعم، إن دولة الجبل الأسود تحت رحمتك الآن، مستقبل العائلة جميعها في يدك، الجوابات، أتوسل إليك الجوابات، أبوه يتوسل إليك، بل الملك نفسه يرجوك بلسانه.
أم أحمد : بيقول إيه! أبوه ملك الجبل الأسود (على حدة) مايكونش دا الملك نفسه أبوه، لكن دكهه أسود ودا أبيض يمكن ابن جارية.
الكونت : مافيش لزوم لذكر اسمي؛ لأني قلت لك إني جاي هنا متنكر.
أم أحمد (على حدة) : لازم هو بنفسه، ملك الجبل الأسود (للكونت) مادام الجوابات دي تهم جلالة الملك استناني وأنا أروح أجيبهم لك حالًا.
الكونت : أشكرك جدًّا (يخرج دفتر شيكات من جيبه) وفي مقابل ذلك، اسمحي لي.
أم أحمد : فلوس! لا لا أبدًا، فشر.
الكونت : أرجوك.
أم أحمد : يستحيل، أنا أتشرف إني أخدم جلالتك وأخلص البرنس حبيبي.
الكونت : أما مكارم أخلاق، أما عزة نفس، طيب أظن أنك ما ترفضيش ده (يقدم لها وسام).
أم أحمد : نشان ليَّ! أيوة دا الشبكة يا فرحتي! بقيت برنساية، عن إذنك أما أروح أجيب الجوابات وأرجع لك حالًا (تاخد ملايتها وبرقعها وتخرج).
الكونت : عال، دلوقت تجيب لي الجوابات حالًا، أما مفاوضة نجحت فيها بشكل غريب (يجلس).
عثمان (يظهر من الصدر داخلًا بظهره متكلمًا من الخارج) : أيوة أهه راحت في داهية (ملتفتًا فيرى الكونت) إيه؟ الكونت (يختبئ بسرعة).
عزت (داخلًا من اليسار مضطربًا لنفسه) : خازوق جوزها! ودلوقت إن لقى سي ملخبور هنا ماتبقاش لطيفة، لازم أخليه ينصرف بأي شكل.
عثمان (وهو مختبئ) : عزت بيه … عزت بيه.
عزت (يرى الكونت على حدة) : لازم يكون ده المسيو ملخبور اللي قالت لي عنه الكونتيس (بصوت عالٍ) حضرتك المسيو ملخبور؟
الكونت : أي نعم.
عزت : بقى المسألة بصراحة أن جوز السيدة سوزان جاي هنا دلوقت، والأحسن إن حضرتك تنصرف لأنه راجل شديد جدًّا.
الكونت : مافيش مانع، إنما لازم أقابلها قبل ما أنصرف.
عثمان (على حدة) : خازوق! دا موش ناوي يخرج.
عزت : لكن بأقول لك إن جوزها جاي حالًا.
الكونت : لما يجي يبقى فيها فرج.
عثمان (على حدة) : إذا كان موش حاينصرف إلا لما يجي جوزها، أنا أعمل نفسي جوزها وأصرفه حالًا، لما أروح أتفق مع الخدامة (يخرج).
عزت : دا جوزها راجل فظيع جدًّا، وإذا وجدك هنا ربما يحصل شيء بطال.
الكونت : إذا كان كده أديني رايح، إنما بس هيَّ فين سوزان؟
عزت : أهه هنا (مشيرًا بيده).
الكونت : آه، بس أقول لها كلمة واحدة وأنصرف على طول (يتجه إلى باب اليسار).
وردة (داخلة بلهفة بصوت واطٍ) : اهربوا اهربوا.
هزت : إيه فيه إيه؟
وردة : جوز ستي جه.
الكونت : خازوق!
عزت : كده؟ موش قلت لك، دلوقت يفتكر أن إحنا الاتنين حبايبها.
وردة : اهربوا أحسن جاي في رجلي، طالع على السلالم.
عزت : لا، أنا أخلص نفسي (يسرع إلى غرفة يدخل فيها ويقفل الباب).
الكونت : خدني وياك (يقترب من الغرفة) أف! دا قفل الباب.
وردة : أهه جه أهه.
الكونت (ملتفتًا حوله فيرى البرافان) : أيوة استخبى هنا.
عثمان (من الخارج بصوت رهيب) : فين الكلب ده؟ فين هو (يدخل معه عصا).
وردة : اعمل معروف يا سيدي.
عثمان : ابعدي عني، لازم أخد روحه.
وردة : أنا أحلف لك إن مافيش حد هنا يا سيدي.
عثمان : مافيش فايدة من الإنكار، أنا عارف كل شيء (بصوت منخفض) هو فين؟
وردة (بصوت واطٍ) : ورا البرافان.
عثمان (بصوت واطٍ) : فين ستك؟
وردة (بصوت واطٍ) : في أودتها.
عثمان (بصوت واطٍ) : روحي فهميها المسألة.
وردة : طب أديني رايحة (تهم بالخروج ضاحكة).
الكونتيس (خارجة) : إيه ده؟

(وردة تريد تفهمها.)

عثمان (بصوت عالٍ) : هس اخرسي (لوردة هامسًا) سيبيني أنت واخرجي (تخرج وردة).
الكونتيس (مندهشة) : عايز إيه ده؟
عثمان (يتقدم إليها ويقول بصوت واطٍ) : هس جوزك هنا (مشيرًا على البرافان).
الكونتيس (تصرخ) : آه …
عثمان (بصوت منخفض) : ماتخافيش ماتخافيش (بصوت رهيب) إزاي دلوقت تقدري تبصي في وشي بصفتي جوزك اللي خنتيه وأهنتي شرفه؟ يا ناموسة يا خاينة يا عديمة الإحساس.
الكونتيس (باستغراب) : يا ختي … دا إيه ده … يو آه فهمت.
عثمان (بصوت منخفض) : اسبكي المسألة واترجيني.
الكونتيس : لكن صوتي.
عثمان : غيريه، دلوقت موش ممكن تمشي من قدامي إلا لما تقولي لي فين هو الكلب ده.
الكونتيس : مافيش حد هنا أبدًا وحياتك.
عثمان : اخرسي، أنا عارف أنه هنا، لازم النهاردة يكون آخر يوم من حياته قولي لي مخبياه فين؟
الكونت : آه يا ربي!
الكونتيس : في عرضك سامحني.
عثمان : لا لا. لا يمكن أسامحك ولو أني لا أزال أحبك.
الكونتيس : أرجوك.
الكونت : على الله تلين قلبه.
الكونتيس : سامحني وانسى اللي حصل.
عثمان : أبدًا أبدًا (بصوت واطٍ) بوسيني بوسيني.
الكونتيس : إيه؟
عثمان (بصوت واطٍ) : بوسيني والَّا ما أمثلش الدور؟
الكونتيس : في عرضك أنا أبوس إيدك (تقبله من خده).
عثمان : لا لا أبدًا (بصوت منخفض) الخد التاني (يعطيها خده).
الكونتيس : وحياتي (تقبله).
الكونت : على الله يسطلحوا.
عثمان : آه (يتصنع البكاء) مين كان يظن أن الشفايف الحلوة دي، يلمسهم واحد غيري.
الكونت : الحق عليك، مين قال لك تتجوز واحدة عمومية؟
عثمان : قولي لي شريكك فين هو (يضرب على البرافان بالعصا. هنا يتحرك الكونت من الرعب فيتحرك البرافان) إيه! البرافان بيتحرك، لازم هو هنا.
الكونت : آه، رحت بلاش!
الكونتيس : هو مين بس اللي هنا؟
عثمان : امشي من قدامي (هامسًا لها) خشي أنت جوه مالكيش دعوى.
الكونتيس (بصوت عالٍ) : أديني خارجة وفتش مطرح ما يعجبك (تخرج).
عثمان : أضربه بالفرفر؟ لا الجيران يسمعوا حس الطلق يسبتو عليَّ جريمة، أحسن شيء إني أجيب سكينة من المطبخ وأنزل مصارينه، وبعدين نرميه في بيت الراحة ولا من دري ولا من شاف (يخرج لسانه ويشير للجمهور على الكونت ويخرج).
الكونت (يخرج راسه من البرافان بخفة ناظرًا ويقول بصوت منخفض) : هه، خرج، أيوة، أحسن شيء أهرب (يخرج من ورا البرافان مسرعًا، يسمع صوت عثمان من الخارج) آه يا ربي! رجع تاني! أستخبى فين (يرى الدولاب المختوم بالشمع الأحمر فيفتحه بسرعة ويختفي فيه ويقفله).
عثمان (داخلًا ومعه سكينتان يسنهما على بعض) : أديني جيت لك أهه (يتقدم وينقل قدماه بخفة ويقترب من البرافان) اطلع هنا (فيرى البرافان فاضي فيقف مندهشًا) الله هو راح فين؟ آخ لازم دخل في أودة من الأود دول (يسرع ويدخل غرفة).
الكونت (يفتح الباب قليلًا فيرى عثمان داخلًا الغرفة فيخرج من الدولاب بسرعة ويقفل عليه الباب ويرتكن عليه بظهره) : أديني حبسته.
عزت (داخلًا من الصدر) : مافيش حد.
الكونت : هس هس.
عزت : إيه فيه إيه؟
الكونت : جوزها هنا حبسته.
عزت : جوزها (ناظرًا للدولاب) الله! مين كسر الأختام دي (يقترب من الدولاب ويخرج منه محفظة حمراء فيأخذها على حدة) أهه دي المحفظة اللي فيها الجوابات إياهم.
عثمان (من الداخل) : افتح الباب بأقول لك أحسن أجيب البلطة وأكسره.
الكونت (مظهرًا التعب) : اعمل معروف تعالى ساعدني.
عزت (يقترب منه ويعطيه المحفظة) : امسك دي (ثم يتكئ على الباب).
الكونت : إيه دي؟
عزت : دي بتاعة سوزان ابقى اديها لها.
الكونت (بخوف) : وهي فين؟
عزت : في اللوكندة البحرية.
الكونت : إيه؟ اللي أنا نازل فيها؟
عزت : بس اهرب اهرب، أحسن الباب حاينكسر.
الكونت (وهو خارج) : طيب، أنا حاستناها في اللوكندة (يخرج).
الكونتيس : إيه فيه إيه؟
عزت (بصوت منخفض) : هس اخرجي اخرجي.
الكونتيس : ليه؟ أخرج ليه مادام مشي؟
عزت : هو مين اللي مشي؟
الكونتيس : جوزي (مشيرة بيدها للخارج).
عزت : لهو اللي خرج ده يبقى …
الكونتيس : جوزي.
عزت : خازوق … أمال مين اللي جوه ده (يفتح الباب).
عثمان (خارجًا بحدة) : هو فين؟ ديهدي! هو أنت اللي كنت قافل الباب؟
عزت : باب إيه وزفت إيه؟ أما أنا عملت حتة فصل لكن في غاية البواخة.
الكونتيس : فصل إيه تاني؟
عزت : أديت المحفظة بالجوابات لجوزك.
الكونتيس : إيه بتقول إيه؟ جوابات البرنس لاديسلاس، يا مصيبتي!
عثمان (مشيرًا عليه) : يا شيخ اتلهوا لنا بقى.
الكونتيس : آه يا ربي! وإيه العمل دلوقت؟
عثمان : أحسن طريقة يالله بنا نحصله جري في السكة.
الجميع : يالله بنا (يهموا بالخروج).
وردة (داخلة بسرعة) : ستي ستي الجماعة المحضرين جم (يدخل المحضرين ومعهما عساكر واتنين مشايخ حارات).
المحضر : كل شيء على أصله (ينظر للدولاب) إيه! الأختام مكسورة، اقبضوا على الولية دي (مشيرًا على وردة فتقترب منها العساكر وتمسكها).
وردة : لا والنبي يا سيدي أنا ماعرف حاجة.
المحضر : هس اخرسي، وأنتو ماحدش منكم يتحرك، ودلوقت يالله كلكوا قدامي على القسم لعمل التحقيق اللازم (لحن ما بين المحضرين والعساكر والمتهمين).
(تنزل الستار)
(انتهى الفصل الثاني.)

الفصل الثالث

(تُرفع الستار عن صالون فخم وبه أربعة أبواب اثنان على اليمين واثنان على اليسار وباب كبير في الوسط به سلم يصعد إلى الدور الأعلى والأود نمرة ٧، و٨، و٩.)

ظاهر (إلى السواحين) : نمرة ٥٢٧، لا موش في حصتي اسألوا فوق (يذهب إلى غيرهم) لا موش في حصتي اسألوا تحت (على حدة) أما يطلعوا الروح الجماعة دول (يخرج السواحين).
خادم الحمام (داخلًا من الحمام على راسه برنيطة مثل اللبدة، ولابس نظارة) : يا مسيو بانست، أنا استخدمت في اللوكندة النهاردة الصبح بس، ولسه موش واخد على الأصول عندكم، أعمل إيه بالحمام اللي نمرة ١٤؟ طلبه وجهزته له وأهه نمرة ١٤ سافر من غير ما ياخده.
ظاهر : اجتهد ولزقه لزبون تاني.
خادم الحمام : أشكرك يا مسيو بانست.
مرزوق (يدخل من اليسار) : فيه واحدة ست بتسأل عن المسيو ملخبور.
بانست : نمرة ٧، بقى الراجل العجوز ده بيقابل ستات؟
خادم اللوكندة : لا دي موش ست، دي أم أحمد عايزاه في شغل.
بانست : لسه ما رجعش.
خادم : طيب أما أقول لها تفوت تاني (يخرج).
خواجة (يظهر من الغرفة نمرة ٨) : جارسون، هات لي دود دم بالعجل.
بانست : (على حدة) الراجل دا ماينتهيش من طلباته!
الخواجة : بأقول لك هات لي دود دم يا زفت، مانتش شايف الدم راح يلطشني.
الملاحظ (يدخل من الصدر على اليمين) : هه، واقف بتعمل إيه؟ موش سامع؟ نمرة ٨ بيطلب دود دم.
بانست : حاضر حاضر (يخرج من الصدر على اليمين) واحد دود دم.
الملاحظ : لا مؤاخذة يا حضرة، حاكم الجرسونات كلهم جداد وتلاقيني محتار معاهم حالًا الدود يجي لك.
الخواجة : بس بالعجل (يدخل).
الملاحظ : أما خدامين بهايم صحيح (يخرج).
عزت (داخلًا ووراه عثمان) : تعالى هنا فهمني، هي راحت فين الكونتيس؟
عثمان : رحت معاها القسم.
عزت : وبعدين؟
عثمان : حجزوها هي وطردوني أنا.
عزت : وإيه العمل؟
عثمان : ماتخافش عليها، هي تعرف تخلص روحها، إنما إحنا في جوزها.
عزت : جريت وراه لكن ما حصلتوش.
عثمان : وبعدين رايحين نتلم عليه إزاي؟
عزت : هنا هو؛ لأني اديته ميعاد هنا، وموش ممكن مايجيش؛ لأني عرفت أنه نازل هنا في اللوكندة دي.
عثمان : صحيح؟
عزت : أيوة، هنا في نمرة ٧، بص …
عثمان : بس على الله ما يكونش فتح المحفظة.
عزت : على الله يا شيخ.
عثمان : شوف لنا بقى لقمة ناكلها على بال ما يجي.
عزت : في الظروف دي تفكر في الأكل؟
عثمان : وفي ألعن منها كمان، لا هو أنت عايزني أصوم حسب الظروف، أنا إذا ما أكلتش جعت، وإذا جعت لازم أكل، أهي دي الظروف اللي أفهمها (يرى بانست) آدي اللي أنا عايزه.
بانست : بأي حق حضرتك؟
عثمان : إخص دا دود! أعوذ بالله! دا موش اللي أنا عايزه.
بانست : حضرتك تعوز حمام؟ أما عندي حتة حمام جاهز، إنما على كيفك.
عثمان : دانا رايح أقع من الجوع وأنت تقول لي حمام!
خواجة (يدخل) : وبعدين؟ فين الدود بتاعي؟ موش رايح تجيبه النهاردة؟ معناها أموت.
بانست : حاضر (يدخل ثم يخرج).
عثمان : حمام ودود ولا فيش بفتيك! أما لوكندة مهزئة.
عزت : الكونتيسة أهه جات.
عثمان : إيه؟
الكونتيس (تدخل) : هه، عملتم إيه؟
عثمان : عمالين ننتظر حضرة جوزك.
الكونتيس : لا هو هنا.
عثمان : في نمرة ٧.
الكونتيس : وأنا في نمرة ٩، يعني جنب بعض تمام.
عزت : إنما أنت إيه اللي حصل لك لما رحتِ القسم؟
الكونتيس : لما رحت القسم المأمور ماكانش موجود، إنما كان فيه واحد ملاحظ شاب متعين جديد، الملاحظ سمع حكايتي لآخرها وبعدين قال لي إن المسألة جنحة كبيرة، لكن علشان خاطري رايح يعملها مخالفة بسيطة وطلب مني دفع ١٥ قرش غرامة وبوسة فوقهم بصفة مصاريف، وقال لي بس اوعي تقولي للمأمور، فأنا دفعت المبلغ والمصاريف وقلت له بس اوعى تقول للمأمور.
عثمان : آدي مزية الست على الراجل، لو كنت أنا محلك كان زماني دلوقت على الأسفلت.
الكونتيس : إنما إزاي جوزي لحد دلوقت ما يجيش؟ أنا متوغوشة خالص.
الكونت : كويس خالص.
عثمان : أهه طالع على السلالم.
الكونتيس : آه، كل جسمي بيرتعش، أما لو كان فتح المحفظة!
عثمان : ما أظنيش أنه فتحها لأنها أمامه.
الكونتيس : وإذا مارضيش يردهالك؟
عزت : بأي حق؟ يالله قوام ادخلي في أودتك وتشجعي.
عثمان : وأديني جاي معاك.
الكونتيس : دا بعدك.
عثمان : كان قصدي أفضل معاها علشان أشجعها.
عزت : ما تهرب يا سيدي أمال، أنت عايز يجي يشوفك هنا؟
عثمان : المسألة إني ما بديش أبتعد عن هنا، لما أدخل في الباب ده (يدخل).
الكونت (يدخل) : أما حادثة فظيعة! الله ينعل أبو ده زوج، بس على الله سوزان تجيب لي الجوابات دلوقت.
عزت : حضرة الكونت؟
الكونت : آه حضرتك، قول لي حصل إيه بعد ما انصرفت، إيه اللي عمله الراجل الوحش، مسيو سوزان؟
عزت : هدي في آخر الأمر، وتعشم إن المسألة ما يكون لهاش عواقب سيئة.
الكونت : الحمد لله، أنا كنت خايف خالص.
عزت : اسمح لي يا حضرة الكونت.
الكونت : أفندم.
عزت : بس كنت سلمت جنابك محفظة.
الكونت : أيوة موجودة معايا.
عزت : طيب هاتها من فضلك.
الكونت : أبدًا يستحيل إني أسلمها إلا لما أستلم جوابات البرنس.
عزت (على حدة) : أما أوافقه.
عثمان (لنفسه) : بقى موش عايز يرجعها، طيب استنى (يختفي).
عزت : اسمح لي إني ألح يا حضرة الكونت؛ لأن هذه المحفظة تحتوي على أوراق عائلية شخصية تختص السيدة سوزان.
الكونت : إيه؟
عزت : بقى مانتش عارف؟
الكونت : إزاي أعرف؟ أنت كنت قلت لي؟
عزت : صحيح (على حدة) دا بقى مافتحاش، أنا كنت أودعتها عندك خوفًا من وقوعها في يد زوج سوزان.
الكونت : كويس.
عزت : وبما أنه مابقاش فيه خوف من ناحية الزوج دلوقت.
الكونت : مافيش فايدة بأقول لك.
عزت : ولكن يا حضرة الكونت.
الكونت : أنت موش قلت لي إن سوزان جاية هنا؟
عزت : صحيح، ولكن …
الكونت : كويس، أنا رايح أسلم لها المحفظة بنفسي لأن لي غرض في كده.
عزت (على حدة) : واقعة زي بعضها إيه العمل؟
الكونت : إذا كانت تتردد في تسليمي رسائل البرنس لاديسلاس فبواسطة المحفظة دي أجبرها على التسليم.
عزت (على حدة) : بالقوة، ما أقدرش أخدها منه؛ أتخن مني.
الكونت : والآن لم يبق أمامي إلا أن أشكرك على المساعدة التي قدمتها لي، فهل تسمح لي بتقليدك هذا الوسام؟
عزت : بكل سرور.
الكونت : أشكرك، مع السلامة.
عزت : رايح فين؟
الكونت : رايح أنام.
عزت : دلوقت؟
الكونت : طبعًا؛ لأني هلكت خالص النهاردة، سفر طويل، حادثة الزوج، انفعالات شديدة، شيء يتعب بلا شك، ليلتك سعيدة.
عزت : ولكن يا حضرة الكونت (يدخل عثمان).
عثمان : حمام نمرة ٧ جاهز.
الكونت : حمام ليَّ أنا؟
عزت (على حدة) : عثمان.
عثمان : حضرتك نمرة ٧؟
الكونت : أيوة، إنما أنا ماطلبتش حمام.
عثمان : الملاحظ قال لي جهز حمام لنمرة ٧ لأنه رايح يستحمى لما يرجع.
الكونت : لكن أنا بأقول لك …
عثمان : لكن أهه مكتوب على المذكرة اللي عندنا أهه.
الكونت : عجايب!
عزت (على حدة) : فهمت، يمكن تكون طلبته ونسيت؛ لأن الحوادث اللي حصلت تنسي اللي ما تنساش.
الكونت : موش ممكن.
عثمان : مادام الحمام جاهز لازم تستحمى.
الكونت : إزاي ده؟
عزت : جنابك كنت دلوقت أهه بتقول لي إنك تعبان.
عثمان : يا سلام! بقى جنابك تعبان وموش عايز تستحمى؟!
الكونت : لكن …
عزت : الجرسون ده له حق، لازم تستحمى.
عثمان : لأ وكمان جنابك مترَّب خالص.
الكونت : أنا مترَّب؟!
عثمان : مافيش حد في الدنيا أترب منك.
عزت : صحيح.
عثمان : بقى جنابك خايف من الميه؟
عزت : يالله أمال، الحمام يجري الدم.
عثمان : ويقوي العضلات.
عزت : مظبوط.
عثمان : جنابك محتاج خالص للحمام.
عزت : صحيح، محتاج خالص للحمام.
الكونت : أنتم موش رايحين تبعدوا عني؟
عثمان : والَّا يا سيدي التدليك بعد الحمام!
عزت : أما فكرة مسألة التدليك دي.
الكونت : أنت تعرف تدلك؟
عثمان : إلا أدلك، دانا أحسن واحد بتاع دلوكة، دا مافيش حد في الدنيا يدلك زيي، كل المدلكاتية تلاميذي، لما جنابك تخرج من تحت إيدي ما تعرفش نفسك أبدًا؛ لأنك تلاقي نفسك صغرت اتنين وعشرين سنة.
الكونت : يا سلام! اتنين وعشرين سنة؟
عثمان : على الأقل، أدحنا فيها.
الكونت : دانتو رايحين تخلوني أستحمى صحيح.
عثمان (على حدة) : أيوة أمال كده.
الكونت : نهايته، خدلك حمام.
عثمان : أهه جاهز، وأنت راح تكون مبسوط خالص (يدخل الحمام).
الكونت : والردة، ما تنساش الردة.
عثمان : أجيب لك قفة.
عزت : دا رايح يتكلف كتير الحمام ده.
عثمان (داخلًا) : وآدي الردة، بحار وحمامجي المسألة قريبة من بعضها، روح أنت بقى طمن الكونتيس.
عزت : أديني رايح (يدخل).
عثمان : أهه بيقلع، أديني قفشة.
الملاحظ (داخلًا) : الجرس بيضرب ولا فيش جرسون، (يرى عثمان) كمان جرسون جديد ولا نتش سامع؟
عثمان (على حدة) : المسألة خالت عليَّ، حاضر حاضر.
الملاحظ : يالله قوام نمرة ٩، ماتمشي مستني إيه؟ أما جرسونات زي الزفت!
عثمان : أديني ماشي أهو (للكونت) جنابك اقلع على مهلك وأنا راجع لك حالًا، أعوذ بالله! دا الراجل بتاع الدود.
أم أحمد (من الخارج) : نمرة ٧ رجع، كتر خيرك (تدخل) رحت لسوزان ما وجدتهاش (ترى الكونت) أهه.
الكونت (يخرج بالقميص) : جرسون (على حدة) سوزان.
أم أحمد : مولاي، أديني جبت جوابات البرنس.
الكونت : يا سلام بسرعة كده؟!
أم أحمد : أهم.
الكونت (على حدة) : أديني اتحصلت على الرسائل، وأنا كمان لازم أسلمك ده لأنه لكِ (يعطيها المحفظة).
أم أحمد : لازم يكون الوسام، آه يا مولاي.
الكونت : لامؤاخذة، بس ما يصحش حد يشوفني واقف معاكِ باللبس ده، المسألة أني مشغول شوية، راح أخد حمام والميه بعدين تبرد.
أم أحمد : آه آه مفهوم، الوداع بقى يا مولاي (ترسل قبلات).
الكونت (لنفسه) : أنا موش فاهم دي بتعمل كده ليه! يعني وقعت فيَّ والَّا إيه (يدخل).
أم أحمد (تفتح المحفظة) : لما أشوف النشان اللي بيقول عليه ده جنسه إيه … إيه ده … دول جوابات … دا غلط دا إداني جوابات بدال النشان يا مولاي، أنت يا مولاي.
الكونت : ممنوع الدخول.
أم أحمد : دانا دانا.
الملاحظ : خبر أسود!
أم أحمد : عايزة أقول كلمة للي جوه، وأدي له المحفظة دي.
الملاحظ : مين هو اللي جوه؟
أم أحمد : نمرة ٧.
الملاحظ : إزاي؟ بقى جنابه يبقى بيستحمى وحضرتك بدك تدخلي عليه؟ إيه الأمور المسخرة دي؟
أم أحمد : إيه بتقول إيه؟
الملاحظ : إذا كنت عايزاه، انتظريه في أودته.
أم أحمد : في أودته؟
الملاحظ : معلوم، استنيه في أودته لما يخرج، يالله يالله، أهه فيه بيانو في الأودة كمان.
أم أحمد : عال مادام فيه بيانو، أقعد أستنى لما يطلع (تخرج).
عثمان (داخلًا) : أما راجل فظيع خلاني أحط له الدود على كل حتة في جسمه، حاجة تكسف.
الكونت (من الحمام) : جرسون جرسون، بزبور المية السخنة ما بيفتحش.
عثمان : جاي لك، أهه قلع، دلوقت أخد المحفظة من هدومه (يدخل).
عزت (داخلًا) : تعالى مابقاش فيه خطر؛ لأنه جوه الحمام ولازم دلوقت …
الكونتيس : لكن قولي، رايحين تعملوا فيه إيه؟
عزت : اطمني موش رايحين نسلخه.
الكونت (من الحمام) : يا سلام! دي باردة قوي.
عثمان : دي بس في الأول.
الكونت : أنت واخد هدومي ليه؟
عثمان : علشان أنفضهم.
الكونت : طيب استنى خد …
عثمان (يخرج من الحمام) : صرخ لما تنفلق، موش هاتقدر تجي لحد هنا وأنت عريان، أدحنا قفشناه.
الكونتيس : الله! إيه ده؟
عثمان : إيه ده … دانا أهه.
الكونتيس : يا سلام! وأنت شكلك يضحك خالص.
عثمان : الله يحفظك.
عزت : يا سيدي فتش بقى واخلص.
الكونتيس : أيوة أيوة يالله قوام.
عثمان : إيه ده! مسواك؟
الكونتيس (تفتش) : إيه تلغرافات هافاس.
عثمان : إيه، كرت فيزيت.
عزت : وسام الإخلاص.
عثمان : وسام تاني.
الكونتيس : وسام تالت.
عثمان : ادوني أنا كل دول (ياخدهم).
الكونتيس : فتشوا كمان.
عثمان : أنا حاسس بحاجة هنا.
الكونتيس وعزت : فين؟
عثمان : في الجيب ده (يخرج الرسائل) أهم أهم.
الكونتيس (تاخدهم) : شريط أحمر.
عزت : بقى لازم طلعهم من المحفظة.
الكونتيس : لكن دي موش رسائل البرنس.
عزت وعثمان : إيه؟
الكونتيس (تقرأ) : إلى الست أم أحمد.
عثمان : إخص!
الكونتيس : يا ست الستات ياللي غايظة الكل.
عثمان (لنفسه) : الله الله الله! دي جواباتي!
عزت : إيه؟ هي دي …
عثمان : هس لحسن تسمعك وتعرف أن أنا اللي أرسلت الجوابات دي لأم أحمد.
الكونتيس : إزاي ده (تضعهم في جيبها).
عثمان : في جيبها، أما خازوق (يشد البنطلون فيتقطع) خبر أسود بنطلون الراجل اتشرمط!
الكونتيس : إيه العبارة دي؟
عثمان : الجوابات كانت في محفظة حمرا، وأنا سلمتها بإيدي للكونت.
الكونتيس : ولسه دلوقت كانت وياه.
عثمان : دي كانت في جيبه.
الكونتيس : أنت متأكد أن ما بقاش فيه حاجة في الحمام؟
عثمان : مافيش غير الصابونة.
الكونتيس : أمال راحت فين المحفظة؟
عثمان : جوزك وحده هو اللي يعرف.
عزت : وهو طبعًا، موش رايح يقول لنا.
الكونتيس : أنتم غلطانين، هو رايح يقول لي أنا.
عثمان : لكِ أنت؟
الكونتيس : أيوة ليَّ أنا.
عثمان : إزاي ده؟
الكونتيس : دلوقت تشوف، أنا رايحة ألاحظ خروجه وبمجرد ما يخرج أقابله وأعمل عليه حيلة لحد ما أعرف محل الرسائل (تدخل في نمرة ٨).
عثمان : حيلة إيه اللي حاتعملها … أنا موش عارف المسألة دي حاتنتهي إزاي؟
الكونت (من الحمام) : جرسون جرسون هات الهدوم.
عثمان : ارمي! وآدي صاحبنا جه دوره.
الكونت : الهدوم بالعجل والبرنس لحسن رايح أتلج.
عثمان : وبعدين إيه العمل؟ دلوقت يلم اللوكندة علينا بزعيقه، ومن جهة تانية ماقدرش أدي له بنطلونه بالشكل ده، قل لي ما تقدرش تاخد البنطلون تصلحه (جرس) حاضر حاضر (يدخل الحمام).
عزت : عال خالص، موش عارف بقت صنعتي إيه والَّا إيه؟ كل دا علشان خاطر سوزان، لما أدي ده لملاحظ اللوكندة (يخرج).
عثمان (داخلًا) : أهه عايز برنس دلوقت، دي آخر مرة نعمل فيها حمامجي … واحد برنس (يخرج).
خواجة (يدخل) : جرسون جرسون، أنا رايح يغمى عليَّ، أنت حطيت لي كتير خالص.
عثمان (يدخل) : وآدي البرنس.
خواجة : جرسون جرسون.
عثمان : وأنت كمان عايز إيه؟ مابقاش فيه دود، كل اللي كان عندي حطيته لك.
الخواجة : لا لا بالعكس.
الكونت : هات البرنس.
عثمان : أهه، أف وقع في الميه!
خواجة : عايز أوقة بفتيك.
عثمان : أنت موش مكسوف من روحك، وأنت واقف بره أودتك بالشكل ده يالله.
الخواجة : أعوذ بالله من دي لوكندة (يخرج).
عثمان : أعوذ بالله من دي لوكندة (يخرج).
الكونت (يدخل) : أعوذ بالله من دي لوكندة! البنطلون بتاعي حاشوه عندهم، وجوابات البرنس جواه، ربنا يسلم، المركز خطير جدًّا. جرسون.
الكونتيس (تدخل) : أديني أهه.
الكونت : مراتي؟
الكونتيس : أيوة مراتك، مراتك اللي أهنتها جاية تحاسبك على سلوكك الفظيع.
الكونتيس : يا مراتي العزيزة.
الكونتيس : سيبني أتكلم، أما راجل مافيش أكدب منك، هو أنت اللي رايح بورسعيد علشان تفحت قنال سويس تاني؟
الكونت : بس اسمعي اللي رايح أقوله لك.
الكونتيس : عارفة اللي رايح تقوله لي، مسألة سياسية موش كده؟
الكونت : مظبوط، مسألة سياسية سرية.
الكونتيس : بتشتغل في مسألة سياسية على سلالم اللوكندة، وأنت لابس اسكوتش؟
الكونت : أظن الواحد يقدر ياخد حمام ولو أنه سفير، دانا كنت خارج من الحمام.
الكونتيس : أظن كنت خارج من الحمام كمان لما كنت خارج من شارع دير البنات.
الكونت : لا لا، أنا أقول لك الحقيقة دلوقت، أقدر أقول لك مادام المسألة تمت بالنجاح، أنا كنت مكلف بالحصول على مراسلات أمير من الأمرا.
الكونتيس : طيب وريني المراسلات دي فين هيَّ؟
الكونت : في بنطلوني.
الكونتيس : موش صحيح.
الكونت : أقسم لك.
الكونتيس (على حدة) : نكون مادورناش كويس! كويس أثبت لي كلامك، فين بنطلونك؟
الكونت : بنطلوني؟
الكونتيس : أيوة، راح فين بنطلونك؟
الكونت : خرج.
الكونتيس : لوحده؟
الكونت : بقى لي ساعة بأنده عليه.
الكونتيس : معناها بتهزأ بي؟
الكونت : اعملي معروف يا حبيبتي ما تزعقيش هنا، بلاش فضيحة لحسن أنا معروف في اللوكندة دي، تعالي بنا في أودتي.
الكونتيس (على حدة) : يمكن الجوابات تكون في الأودة، يالله بنا يا سيدي، بيانو بيضرب في أودتك.
الكونت : إيه العبارة؟
أم أحمد : يا رسراس يا مليكي.
الكونتيس : امرأة في أودتك؟
الكونت (على حدة) : سوزان.
عثمان (داخلًا) : أم أحمد.
أم أحمد : كل الملوك محاسيبك.
عثمان : كل الملوك محاسيبي.
الكونتيس : قل لي، مين المرة دي اللي في أودتك؟
عثمان (على حدة) : في أودته!
الكونت : لا ما تصدقيش.
الكونتيس (على حدة) : أهه دلوقت أقدر أستحصل منه على الجوابات، قل لي مين هيَّ اللي جوه؟ حالًا قل لي على اسمها.
الكونت : دي يا ستي (يرى عثمان) زوجها.
الكونتيس : بتقول إيه؟
الكونت : اسكتي اعملي معروف.
الكونتيس : إيه المسألة؟
عزت (داخلًا هامسًا لعثمان) : أم أحمد هي اللي أخدت المحفظة، ملاحظ اللوكندة شافها.
عثمان : موش ممكن لأنها موجودة جوه … هه ستين سنة.
الكونت : رايح فين؟
عثمان : في الأودة دي.
الكونت : مانتش داخل.
عثمان : ما شاء الله! أنا ما أدخلش، طيب شوف أنا حادخل والَّا لأ.
الكونت : اعمل معروف ما تقتلهاش.
الجميع : هه …
الكونت : أقسم لك بأنها غير مذنبة.
أم أحمد (تدخل) : هم نسيوني والَّا إيه؟
الكونت : آه (لأم أحمد) ألقي نفسك بين ذراعي زوجك.
الجميع : زوجها؟
أم أحمد : هيه!
الكونت : وقولي له إنك لا تزالي جديرة به.
أم أحمد : يكونش دا صحيح … من حق دا صحيح حاتقبل؟
عثمان (هامسًا) : زي ما أنت عايزة، بس المحفظة، فين المحفظة؟
أم أحمد : أنهي محفظة … دي؟
عثمان (ياخدها منها) : الحمد لله (للكونتيس) خدي (تخرج الكونتيس الرسائل).
أم أحمد (لعثمان) : ودلوقت يا حضرة الأمير اركع قدام أبوك علشان يبارك لك.
عثمان : أبويا؟
الكونتيس وعزت : أبوه؟
الكونت : ابني … ده ابني؟
أم أحمد : لهو موش أنت البرنس لاديسلاس؟
عثمان : أنا … أنا عمري ما كنت برنس.
أم أحمد : لكن يا مولاي.
الكونت : إزاي مولاي؟
أم أحمد (للكونت) : لهو موش أنت ملك الجبل الأسود؟
الكونت : أنا ملك! أما سوزان دي مجنونة؟
الكونتيس (على حدة) : سوزان؟
أم أحمد : سوزان؟
عثمان (هامسًا) : هس اسكتي.
أم أحمد : دا بيسميني سوزان!
الكونت : بقى مانتيش سوزان؟
أم أحمد : أنا! آه دي اللي سوزان؟
عثمان (هامسًا لأم أحمد) : يا مغفلة إزاي تقولي كده قدام جوزها.
أم أحمد (على حدة) : يو.
الكونت : إزاي، أنت أنتِ … بقى على كده أنا متجوز سوزان؟
الكونتيس : هاهاها.
الجميع : هه.
الكونتيس : أما أنك يا حضرة الكونت سياسي موش متين.
الكونت : إزاي؟
الكونتيس : بقى لسه ما فهمتش إن ده درس أردت أعطيه لك عقابًا لك على عدم ثقتك فيَّ؟
عثمان (على حدة) : دي بتقول إيه؟
الكونت : برضه لسه موش فاهم.
الكونتيس : شوف، أنا صحيح كنت سوزان، إنما لمدة أربعة وعشرين ساعة فقط، ودا لأجل ما أتمكن من الحصول على جوابات البرنس لاديسلاس وأنقذ بذلك شرفك السياسي.
الكونت : شرفي؟
الكونتيس : أيوة يا حضرة الكونت؛ لأنه لولاي أنا لكانت الجوابات دي طارت منك.
الكونت : ليه؟ مين له مصلحة فيها؟
عثمان : أنا يا جناب الكونت وكيل أمير آخر يرغب الاقتران بكريمة ملك السرب.
الكونت : بس ولا كلمة، فهمت كل شيء.
الكونتيس (للكونت) : آدي الجوابات.
الكونت : خط البرنس.
الكونتيس : لامؤاخذة، إنما أنا أحب أن يكون لي الشرف في تسليمهم للبرنس بنفسي.
الكونت : لك حق، أنا سأقدمك إليه.
الكونتيس (تعطي عثمان جوابات أم أحمد) : آدي جواباتك اللي أنت كنت كتبتها لأم أحمد، أنا فهمت كل شيء.
عثمان : مرسي.
الكونت : لكن هي فين أمال سوزان؛ لأني شايف قدامي سوزانين مزيفين؟
الخادم (داخلًا) : تلغراف لنمرة ٧.
الجميع : تلغراف؟
الكونت (يقرأ) : لما نشوف لا فائدة من البحث عن سوزان؛ لأنها غير موجودة في مصر، وقد تزوجت بأحد المغفلين.
عثمان : صحيح.
عزت : صحيح.
أم أحمد : صحيح.
الكونت : بقى كده! بدي أعرف اسم المغفل ده.
عثمان : لا موش ضروري.
الكونت : يا حضرة الكونتيس، أنت أكبر واحدة سياسية في الوقت الحاضر، بكره نسافر على الجبل الأسود.
عثمان (هامسًا للكونتيس) : طيب وأنا؟
الكونتيس (للكونت) : موش تشوف يا حضرة الكونت إن الشاب ده نبيه جدًّا ومن المستحسن أنك توجد له وظيفة في حكومة الجبل الأسود؟
الكونت : لا … موش في الحكومة، ولكن في سفارتي أنا؛ لأنه عفريت (لعثمان) ترضى تكون السكرتير بتاعي؟
عثمان : قوي خالص.
الكونت : مرسي.
عثمان (على حدة) : العفو الآن تحققت جميع آمالي.

(ينشدون اللحن الختامي.)

(ستار)
(انتهت الرواية)
١  تم التصريح بتمثيل هذه المسرحية في ٢٤ / ١٠ / ١٩٢٣، وذلك بناءً على أختام الرقابة الموجودة على الصفحة الأولى من مخطوطة المسرحية.
٢  أزجال هذه المسرحية غير موجودة في أصل المخطوطة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤