قيام الجامعة المصرية وتطورها
كانت سنوات الحرب العالمية الأولى بالنسبة لمصر سنوات مخاضٍ تبشِّر بولادة نظام سياسي جديد، فقد شهدت بداية الحرب تغييرًا في وضع مصر الدولي؛ إذ أسقطت بريطانيا السيادة العثمانية على مصر، وخلعت الخديوي عباس حلمي الثاني، وفرضت الحماية على مصر من طرف واحد، وعينت الأمير حسين كامل «سلطانًا» لمصر، فعاشت البلاد كلها مرحلة ترقُّب لمستقبل مجهول ينتظرها عندما تضع الحرب أوزارها. وفهم المصريون هذا المستقبل على أنه «الاستقلال»، فتفاوتت تقديراتهم له بتفاوت مواقفهم الاجتماعية ومصالحهم. وعلى حين رأى رجال النخبة الاجتماعية من كبار الملاك المتصفين بالاعتدال أن الاستقلال الذاتي وتنظيم العلاقة مع بريطانيا بما يحفظ لها مصالحها هو الخطوة الأولى في الطريق إلى تحقيق الاستقلال التام، لم يرضَ أبناء الطبقة الوسطى والكادحون من الفلاحين والعمال بالاستقلال التام بديلًا.
ورأت النخبة الاجتماعية التي احتلت مقاعد الوزارة ومناصب الإدارة أن إظهار المصريين لحسن نواياهم تجاه بريطانيا، ومساعدتهم لها خلال الحرب كفيلٌ بإقناعها بحق مصر في الاستقلال، فبذلوا أقصى الجهد في تنفيذ كل ما طلبته سلطات الحماية؛ من تعبئة لموارد مصر الاقتصادية لخدمة المجهود الحربي للحلفاء، إلى تعبئة قوة العمل المصرية لخدمة قطاع النقل والأعمال الهندسية بالجيش البريطاني، إلى تحمُّل الخزانة المصرية نفقات جنود بريطانيا وحلفائها في مصر مقابل أذونات الخزانة البريطانية؛ لعل بريطانيا تقدِّر هذه المساعدة الجليلة، فتكافئ مصر والمصريين بالاستجابة لمطالبهم الوطنية.
غير أن النخبة الحاكمة اطمأنت إلى أن الاستقلال آتٍ لا ريب فيه على أي وجه كان، ما دامت الحكومة المصرية تلبِّي طلبات بريطانيا. وساعد على بث الطمأنينة في نفوس حكام مصر — عندئذٍ — استقرارُ السلطة في أيديهم، فقد ظل حسين رشدي باشا رئيسًا للوزراء طوال الحرب، ولم يطرأ تغيير على هيئة الوزارة؛ ومن ثَمَّ كان المجال متسعًا أمام الوزارة للعمل على إعداد مصر لمرحلة الاستقلال بوضع الأسُس التي يقوم عليها كيان الدولة المستقلة وهما: الاقتصاد والإدارة، دون دفع تلك الأسُس من حيز الدراسة إلى حيز التطبيق؛ حتى لا يقع الصدام بالإنجليز خلال الحرب. فلا بأس من أن تعد الخطط اللازمة للسياسة الاقتصادية والإدارية في عهد الاستقلال، وتبقى في ملفاتها حتى يحين موعد التنفيذ.
وانطلاقًا من هذه السياسة (غير المعلنة) فكرت وزارة المعارف في إنشاء جامعة تضم المدارس العليا القائمة عندئذٍ، عندما شاع اتجاه الإرسالية التبشيرية البروتستانتية في مصر إلى إقامة جامعة أمريكية بالقاهرة، وقدم عدلي يكن باشا وزير المعارف مذكرة بهذا الشأن إلى مجلس الوزراء، فوافق المجلس (في ٢٧ فبراير ١٩١٧م) من حيث المبدأ على اقتراح وزير المعارف بإنشاء جامعة حكومية تخضع لإشراف الوزارة، وشكلت لجنة لدراسة المشروع واقتراح نظام للجامعة والهيئات المكونة لها، وما يخص أعضاء هيئة التدريس بها من قواعد ولوائح. وتولى رئاسة اللجنة إسماعيل حسنين باشا وكيل المعارف، وضمت في عضويتها الدكتور كيتنج (ناظر مدرسة الطب)، والمستر والتون (ناظر مدرسة الحقوق)، والمستر شيرر (ناظر مدرسة الزراعة)، ومحمد علي المغربي (مراقب التعليم)، ومحمد عاطف بركات (ناظر مدرسة القضاء الشرعي)، وأحمد برادة (ناظر مدرسة المعلمين)، ومسيو كليش ومستر إدجار (المفتشان بالوزارة).
وحدَّد مجلس الوزراء اختصاص اللجنة بالنظر في تشكيل لجان فرعية لوضع المناهج الدراسية لأقسام الجامعة المقترحة، والقواعد العامة للالتحاق بها، ونظم الامتحانات والشهادات والميزانية اللازمة للمشروع، مع دراسة مدى إمكانية الاستفادة من المباني القائمة وما تحتاجه الجامعة من مباني جديدة.
وفي ١٧ نوفمبر ١٩١٧م، قدمت اللجنة تقريرها المبدئي إلى وزير المعارف الذي أوصت فيه بإدماج المدارس العليا في الجامعة، وأن يتولى مجلس الجامعة أمورها، ووضعت نظام الجامعة وامتحاناتها، وأوصت بضرورة الإسراع في إقامة «جامعة أميرية» لأن أي هيئة أهلية لا تستطيع النهوض بهذا العمل الذي يتطلب نفقات لا تتوفر إلا للحكومة. وأوصت اللجنة أن تكون إدارة الجامعة قائمة بذاتها، فتكون لها ميزانيتها الخاصة بها، ويرأسها وزير المعارف، ويتولى إدارتها مدير الجامعة وهيئات الجامعة الثلاث وهي: مجلس الإدارة، والمجلس العلمي، وهيئة أساتذة الأقسام. وأن يكون من بين أعضاء مجلس الإدارة عضوان على الأقل يمثلان وزارة المعارف، على أن تضم الجامعة سبعة أقسام هي:
-
(١)
قسم الآداب (ويشمل فروعًا خاصة بالتربية والعلوم الشرقية والآثار).
-
(٢)
قسم العلوم.
-
(٣)
قسم الطب (ويشمل طب الأسنان).
-
(٤)
قسم الحقوق.
-
(٥)
قسم الهندسة والعمارة.
-
(٦)
قسم الزراعة والطب البيطري.
-
(٧)
قسم التجارة والعلوم الاقتصادية.
وكما احتفظت الوزارة بتقرير «لجنة التجارة والصناعة» دون أن تتخذ قرارًا بشأنه، احتفظت — أيضًا — بتقرير «لجنة مشروع الجامعة»، فلم تكن الظروف عندئذٍ تسمح باتخاذ مثل هذه الخطوة الهامة، حتى إذا انتهت الحرب العالمية الأولى، وشهدت مصر ما شهدته من ثورة شعبية تطالب بالاستقلال، وانقشعت سحب الموقف السياسي عن تصريح ٢٨ فبراير ١٩٢٢م الذي أعطى مصر استقلالًا منقوصًا، فأعلنت مصر دولة مستقلة ذات سيادة مع احتفاظ بريطانيا بالتحفظات الأربعة التي سلبت مصر جوهر الاستقلال، وأعلن قيام «المملكة المصرية» وأصبح السلطان أحمد فؤاد (أول رئيس للجامعة الأهلية) ملكًا، عادت الحكومة إلى تقرير لجنة مشروع الجامعة عام ١٩١٧م تنفض عنه غبار الزمن، وتبحث أمر وضعه موضع التنفيذ، فوضع في خريف ١٩٢٣م مشروع لائحة الجامعة الجديدة، كما وضع مشروع الأمر العالي بإنشاء الجامعة.
وفي لقاء تم بين أحمد لطفي السيد والملك فؤاد، ذكر له الملك أن الحكومة تعتزم إنشاء جامعة تضم المعاهد والمدارس العليا، وأنه يمكن اعتبار الجامعة المصرية كلية الآداب فيها. وبذلك جاءت مبادرة ضم الجامعة المصرية إلى الجامعة الحكومية من جانب الملك فؤاد نفسه، مما يعكس اهتمامه بضمان مستقبل الجامعة التي اشترك في تأسيسها.
ونقل أحمد لطفي السيد فكرة الملك إلى مجلس إدارة الجامعة، فاتخذ قرارًا (في ديسمبر ١٩٢٣م) بتسليم الجامعة المصرية إلى وزارة المعارف العمومية، وفوض حسين رشدي باشا — رئيس الجامعة — في توقيع الاتفاق الخاص بذلك مع وزير المعارف.
وفي ١٢ ديسمبر ١٩٢٣م وقع حسين رشدي الاتفاق مع أحمد زكي أبي السعود باشا وزير المعارف، فتنازل بمقتضاه عن كل ما تمتلكه الجامعة المصرية من منقول وعقار إلى وزارة المعارف العمومية على الشروط التالية:
-
(١)
أن تكون الجامعة المصرية معهدًا عامًا محتفظة بشخصيتها المعنوية وتدير شئونها بنفسها بكيفية مستقلة تحت إشراف وزارة المعارف العمومية كما هي الحال في جامعات أوروبا.
-
(٢)
أن تقوم الحكومة بإتمام النظام الحالي الذي لا يشمل سوى كلية الآداب بأن تدمج في الجامعة مدرستَي الحقوق والطب بعد تحويلهما إلى كلِّيتين، وأن تضم إليها كلية العلوم، ويجوز أن تضم إليها كليات أخرى فيما بعد.
-
(٣)
أن تستعمل نقود الجامعة البالغ قدرها نحو ستة وأربعين ألف جنيه في البناء احترامًا لشروط بعض الواقفين.
-
(٤)
أن تحترم تعهدات الجامعة نحو أساتذتها وموظفيها الحاليين. أما فيما يتعلق بالدكتور طه حسين فقد رؤي — نظرًا لحالته الشخصية — أن يبقى أستاذًا بكلية الآداب.
-
(٥)
أن يكون من مجلس إدارة الجامعة المصرية الحالي عضوٌ أو أكثر في مجلس إدارة قسم الآداب، وفي مجلس إدارة الجامعة، وذلك في الدور الأول من التشكيل استيفاء لآثار النهضة القومية التي أوجدت الجامعة المصرية.
وشكلت وزارة المعارف لجنة برئاسة إسماعيل حسنين باشا وكيل الوزارة (الذي رأس لجنة مشروع الجامعة عام ١٩١٧م على نحو ما ذكرنا)، ضمَّت في عضويتها ممثلين لمدارس: الحقوق، والمعلمين العليا، والطب، والجامعة المصرية، لوضع نظام الدراسة لكليات الجامعة الأربع وهي: الآداب، والحقوق، والعلوم، والطب. مع مراعاة مرحلة الانتقال من نظام المدارس العليا إلى نظام الجامعة بالنسبة لكليتَي الحقوق والطب. وتولت اللجنة وضع لائحة تحدد اختصاصات رئيس الجامعة ومديرها ومجلس إدارتها، وأعضاء هيئة التدريس بكلياتها وسلطات الكليات والشهادات التي تمنحها وخطط الدراسة بها ومناهجها.
وفي ١١ مارس ١٩٢٥م صدر مرسوم بقانون إنشاء الجامعة المصرية ونظامها نص في مادته الأولى على إنشاء جامعة تُسمى «الجامعة المصرية» ومقرها مدينة القاهرة وتتكون من كليات: الآداب، والعلوم، والطب (وتشمل فرع الصيدلة)، وكلية الحقوق، وغير ذلك من الكليات التي تنشأ فيما بعد. ونصت المادة الثالثة على أن يكون للجامعة المصرية «شخصية معنوية قانونًا خاضعة لقضاء المحاكم الأهلية، ويكون لها الأهلية الكاملة للتقاضي، ولها أن تقبل التبرعات التي ترد إليها من طريق الوقف والوصايا والهبات وغيرها، وتدير أموالها المنقولة والثابتة وتتصرف فيها» طبقًا لأحكام القانون. ونص القانون على أن يكون وزير المعارف الرئيس الأعلى للجامعة، ويدير الجامعة مدير يعين بمرسوم، بناءً على طلب وزير المعارف العمومية يتولى إدارة الجامعة من النواحي العلمية والإدارية، ويمثل الجامعة في جميع ما لها وما عليها، ويعين وكيل الجامعة بأمر من وزير المعارف وينوب عن المدير في كل اختصاصاته في حالة غيابه. ويدير كل كلية «ناظر» يعيِّنه وزير المعارف بعد أخذ رأي مجلس الكلية، ويضم مجلس الكلية الناظر ووكيل الكلية الذي ينتخبه مجلس الكلية كل عام من بين أعضائه، والأساتذة ومساعدو الأساتذة في الكلية، وعضو تعيِّنه كل وزارة لها اهتمام خاص بأعمال الكلية، ولكل مجلس كليةٍ الحق في أن يضم إليه عضوين على الأكثر ممن لهم دراية خاصة بالمواد التي تدرس في الكلية.
أما مجلس الجامعة فيتألف من المدير (رئيسًا)، وعضوية الوكيل وناظر كل كلية وعضوين يمثلانها ينتخبهما مجلس الكلية سنويًّا، وعضو من وزارة المالية يعينه وزير المالية، وخمسة أعضاء يعيَّنون بمرسوم بناءً على طلب وزير المعارف لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. ويختص مجلس الجامعة بالنظر في شئون التعليم والامتحانات ومنح الدرجات العلمية واستثمار أموال وإيرادات الجامعة والتصرف فيها.
ونص القانون على أن يتولى وزير المعارف تعيين الأساتذة وسائر المشتغلين بالتدريس؛ بناءً على طلب مجلس الجامعة بعد أخذ رأي مجلس الكلية المختصة. على أن تسري على جميع العاملين بالجامعة شروط التوظف المعمول بها في الحكومة.
وهكذا جاء القانون مقيدًا لحركة الجامعة على غير ما كان يشتهي جيل الرواد، فأعطى القانون لوزير المعارف سلطات واسعة لتعيين المدير والوكيل وأعضاء هيئة التدريس وموظفي الجامعة وخمسة من أعضاء مجلسها، كما أخضع أعضاء هيئة التدريس للقوانين الخاصة بموظفي الدولة، وسنرى — فيما بعد — كيف أدى استخدام الوزير للسلطات التي منحها له القانون بنقل الدكتور طه حسين من الجامعة إلى تفجير قضية استقلال الجامعة (مارس ١٩٣٢م).
وعندما بدأت الدراسة بالجامعة المصرية في أكتوبر ١٩٢٦م، لم يكن بناء الحرم الجامعي قد تم، فأعدت مباني ملحقة بقصر الزعفران (بالعباسية) لتأوي كلية الآداب وكلية العلوم بصفة مؤقتة. وفي أكتوبر ١٩٢٩م انتقلت كلية الآداب إلى مبناها بحدائق الأورمان بالجيزة، ثم تبعتها كليات الحقوق والعلوم والطب.
وبرزت مشكلة التقييم الرسمي لشهادات الجامعة، وكان قانون تأسيس الجامعة (١٩٢٥م) قد عادل شهادات الحقوق والطب بتلك التي كانت تمنحها مدرسة الحقوق ومدرسة الطب قبل الانضمام للجامعة، وأرجأ البتَّ في شهادات الآداب والعلوم. ونوقش الأمر بالبرلمان، فأصدر مجلس الوزراء قرارًا في (٢٠ يناير ١٩٣٠م) يقضي بأن يعيَّن الخريجون الحاصلون على شهادات الجامعة المصرية في وظائف الحكومة براتب قدره خمسة عشر جنيهًا، فاستقرت الدراسة بالجامعة وزاد الإقبال عليها.
وشهد عام ١٩٣٥م — أيضًا — صدور عدد من القوانين الخاصة بتنظيم الجامعة ولوائحها ونظم الدراسة بها، لعل أهمها ما جاء بالقانون رقم ٩٦ لسنة ١٩٣٥م، فقد أدخل هذا القانون تعديلًا على هيئات الجامعة لتصبح على النحو التالي:
-
(١)
مدير الجامعة ويعيَّن بمرسوم بناءً على طلب وزير المعارف.
-
(٢)
مجلس إدارة الجامعة، ويتكون من المدير (رئيسًا) وعضوية وكيل وزارة المعارف، ووكيل وزارة المالية، وعمداء الكليات، وأربعة أعضاء يعينون بمرسوم بناءً على طلب وزير المعارف من بين ذوي الخبرة في شئون التعليم العالي بشرط أن يكونوا قد مارسوا مهنة التعليم في إحدى كليات الجامعة، ويكون تعيينهم لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.
-
(٣)
مجلس الجامعة، ويتكون من أعضاء مجلس إدارة الجامعة ومن عضوين من كل كلية ينتخبهما مجلسها لمدة سنتين من بين الأساتذة ذوي الكراسي.
وعلى حين كانت اختصاصات مجلس إدارة الجامعة إدارية ومالية محضة، كانت اختصاصات مجلس الجامعة مقصورة على شئون التعليم والامتحانات ومنح الدرجات العلمية بمختلف مراتبها، وما يتصل بشئون الطلاب، كما يقوم بانتخاب وكيل الجامعة.
وهكذا استكملت الجامعة لوائحها ونظمها فيما يتصل بالدراسة وشئون أعضاء هيئة التدريس وشئون التدريس وشئون الطلاب ولوائح الكليات على مدى عشر سنوات، وُضعت خلالها أسُسٌ متينة للتعليم الجامعي في مصر، واتجه تعديل نظام الجامعة عام ١٩٣٥م إلى توسيع صلاحيات مجالسها، وإكسابها قدرًا من الديمقراطية باشتراك مجالس الكليات في اختيار العمداء، وكذلك انتخاب مجلس الجامعة لوكيل الجامعة من بين عمداء الكليات ومن الملاحظ أن المشرع اتخذ من هذا النظام إطارًا مرجعيًّا له عند صياغة القوانين الخاصة بتنظيم الجامعة في الخمسينيات والسبعينيات.
أمَا وقد استقر نظام الجامعة في منتصف الثلاثينيات، فلْنُلقِ نظرة على تطور كليات الجامعة، سواء تلك التي بدأت بها الجامعة عند تأسيسها، أو ضُمت إليها في عام ١٩٣٥م أو أُنشئت فيما بعد ذلك التاريخ.
(١) كلية الآداب
تمتد جذور كلية الآداب — كما رأينا — إلى الجامعة الأهلية التي انتظمت في الجامعة منذ عام ١٩٢٥م، وبدأت الدراسة بالكلية في أكتوبر ١٩٢٥م بقصر الزعفران بالعباسية، ثم انتقلت إلى المبنى المخصص لها في حرم الجامعة عام ١٩٢٩م، واستقر قسم الجغرافيا بمبنًى خاص بشارع الرماحة بالجيزة. وعندما ضاقت مبانيها بطلابها شُيِّد لها في حرم الجامعة عام ١٩٣٧م ملحقٌ لقسمَي اللغة الإنجليزية والتاريخ، ثم أضيف إليها ملحق آخر كبير افتتح عام ١٩٨٣م.
وبدأت الكلية بخمسة أقسام هي: قسم اللغة العربية واللغات الشرقية، وقسم اللغات الأوروبية، وقسم التاريخ، وقسم الجغرافيا، وقسم الفلسفة، بالإضافة إلى معهد الآثار (١٩٣٣م)، ومعهد اللغات الشرقية وآدابها (١٩٣٩م)، ومعهد التحرير والترجمة والصحافة (١٩٣٩م)، ومعهد الدراسات السودانية (١٩٤٧م)، الذي استقل عن الكلية عام ١٩٥٠م ثم عاد إليها عام ١٩٥٤م، باسم «معهد الدراسات الأفريقية». وكانت المعاهد تمنح الدبلومات والدكتوراه في التخصصات المختلفة المتصلة بها.
ثم تحول قسم اللغة العربية واللغات الشرقية إلى قسمين هما: اللغة العربية وآدابها، واللغات الشرقية وآدابها، وأنشئ قسم للدراسات الأوروبية القديمة (اليونانية واللاتينية). وتحول قسم اللغات الأوروبية إلى أقسام: اللغة الإنجليزية وآدابها واللغة الفرنسية وآدابها، ثم أُنشئت — فيما بعد — أقسام اللغة الألمانية وآدابها، واللغة اليابانية وآدابها، واللغة الإسبانية وآدابها. وتحول قسم الفلسفة إلى قسم للفلسفة، وعلم النفس، ثم انفصل علم النفس في قسم مستقل، وأُنشئَ قسمٌ لعلم الاجتماع، وآخر للمكتبات والوثائق.
أما بالنسبة لمعاهد الدراسات العليا الملحقة بالكلية، فقد أصابها التغيير أيضًا، فأُلغي معهد اللغات الشرقية وآدابها عند إنشاء قسم بهذا الاسم يمنح درجة الليسانس في إحدى اللغات الفارسية أو التركية أو العبرية، وتحول معهد الآثار إلى قسم الآثار (١٩٥٥م)، وتحول معهد التحرير والترجمة والصحافة إلى قسم الصحافة (١٩٥٤م)، ثم انفصل القسمان عن الآداب ليكوِّنا كلية الآثار وكلية الإعلام (عام ١٩٧٠م)، وأخيرًا تأسَّس بالكلية مركز الدراسات النفسية (١٩٨٧م).
وهكذا لعبت كلية الآداب دورًا رياديًّا في تاريخ التعليم الجامعي، فكانت نواة هذا التعليم عندما بدأت بها الجامعة عام ١٩٠٨م، ثم كانت مهدًا للدراسات الإنسانية والأدبية، ووضعت أسُس الدراسات العليا في تلك المجالات.
وتعاقَبَ على عمادة الكلية منذ عام ١٩٢٥م أستاذان أجنبيان هما: الأستاذ هنري جرجيوار (يونيو ١٩٢٥–يناير ١٩٢٨م) ثم الأستاذ جوستاف ميشو (يناير ١٩٢٨–نوفمبر ١٩٣٠م)، قبل أن يلي أمرها جيلٌ الرواد وعلى رأسهم الدكتور طه حسين، والدكتور منصور فهمي، والأستاذ محمد شفيق غربال، والأستاذ أحمد أمين، والدكتور حسن إبراهيم حسن والدكتور عبد الوهاب عزام وغيرهم من الأساتذة الأعلام.
ولمع من بين خريجي الكلية روَّاد الفكر والثقافة في مصر، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: طه حسين، وعبد الوهاب عزام، وأحمد أمين، وسهير القلماوي، وشوقي ضيف، ولويس عوض، ورشاد رشدي، ومصطفى عبد الرازق، وإبراهيم بيومي مدكور، وعثمان أمين، وزكي نجيب محمود، ومصطفى سويف، وعلى عبد الواحد وافي، ومحمد عوض محمد، ومحمد مصطفى زيادة، وجمال حمدان، وأحمد عزت عبد الكريم، والكاتب الكبير نجيب محفوظ، والشاعر صلاح عبد الصبور، وغيرهم من عمالقة الإبداع الأدبي والثقافي في مصر والعالم العربي.
(٢) كلية الحقوق
كانت كلية الحقوق من بين الكليات الأساسية التي بدأت بها «الجامعة المصرية» عام ١٩٢٥م، وقد حرصت الجامعة على تحويل «مدرسة الحقوق» إلى كلية جامعية تضارع الكليات الأوروبية، فأسندت إدارة الكلية إلى الأستاذ ليون ديجي لمكانته العلمية وواسع خبرته الإدارية (نوفمبر ١٩٢٥–مارس ١٩٢٦م)، وفي تلك الفترة الوجيزة، ثم تحضير أهم لوائح الجامعة وتحديد وظائفها.
وفي ٢٦ يونيو ١٩٣٣م، صدر القانون رقم ٦٠ لسنة ١٩٣٣م بوضع اللائحة الأساسية لكلية الحقوق، ثم أدخلت عليها تعديلات بمرسومين صدرا في مايو وسبتمبر ١٩٣٥م. وبموجب تلك اللائحة كانت الكلية تمنح الدرجات العلمية الآتية:
-
(١)
درجة الليسانس في الحقوق.
-
(٢)
دبلومات الدراسات العليا في: القانون الخاص — القانون العام — الاقتصاد السياسي.
-
(٣)
درجة الدكتوراه في الحقوق.
ومدة الدراسة للحصول على الليسانس أربع سنوات تدرس فيها: الشريعة الإسلامية، والقانون المدني، والتاريخ العام للقانون، والقانون الروماني، والقانون التجاري البري والبحري، وقانون المرافَعات المدنية والتجارية، والقانون الجنائي، وقانون تحقيق الجنايات، والقانون الدستوري، والقانون الإداري، وعلم المالية والتشريع المالي، والقانون الدولي الخاص، والقانون الدولي العام، والاقتصاد السياسي والإحصاء واشترطت اللائحة حصول الطالب على ٦٠٪ من مجموع النهايات الصغرى للنجاح في الامتحان.
وبعد الأستاذ ليون ديجي، تعاقَب على عمادة الكلية الأستاذ أحمد أمين، والدكتور محمد كامل مرسي، والدكتور عبد الرازق السنهوري، والدكتور محمد صالح، والأستاذ على محمد بدوي، والدكتور محمد مصطفى القللي، والدكتور محمد حامد فهمي، والدكتور السعيد مصطفى السعيد، والدكتور محمد عبد المنعم بدر، والدكتور محمود مصطفى، والدكتور جابر جاد عبد الرحمن، والدكتور عبد المنعم البدراوي، والدكتور جميل الشرقاوي، والدكتور محمود نجيب حسني، والدكتور أحمد فتحي سرور، والدكتور فتحي والي.
وكانت كلية الحقوق قبل ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م وبعدها المصدر الذي استمدت منه مصر الساسةَ ورجال الحكم والإدارة، فقدمت لمصر حتى الآن — اثني عشر رئيسًا للوزراء، وعشرة من رؤساء مجالس النواب والأمة والشعب، وستة من رؤساء مجلس الشيوخ، وما يزيد على مائة وزير تولى بعضُهم وزارات المعارف، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والعدل والخارجية.
وفضلًا عن ذلك، أمدَّت الكلية مصر والعالم العربي بفقهاء القانون الكبار الذين لعبوا دورًا بارزًا في تحديث التشريع في مصر والوطن العربي؛ مثل الأستاذ الدكتور عبد الرازق السنهوري والأستاذ الدكتور وحيد رأفت، والدكتور عبد الحميد بدوي، وغيرهم من أعلام الفقه القانوني في مصر والعالم العربي.
(٣) كلية العلوم
ترجع نشأة كلية العلوم إلى عام ١٩٢٥م، فكانت الكلية المستحدثة الوحيدة بين الكليات الأربع التي بدأت بها الجامعة. وبدأت الدراسة بالكلية في أكتوبر ١٩٢٥م بملحق سراي الزعفران بالعباسية، ثم نُقلت — فيما بعد — إلى مبناها بحرم الجامعة.
وانفردت كلية العلوم عن غيرها من كليات الجامعة بنظام للدراسة في مرحلة البكالوريوس يجمع بين الدراسة العامة والتخصص في أحد فروع العلوم، فتضمنت اللائحة الأساسية للكلية (القانون ٦٢ لسنة ١٩٣٣م) النص على أن الكلية تمنح درجة البكالوريوس العامة أو الخاصة في العلوم. واشترط للحصول على درجة البكالوريوس العامة متابعة الدراسة مدة أربع سنوات، فيختار الطالب في السنتين الأوليين أربعًا من المواد الآتية: الرياضة البحتة – الرياضة التطبيقية – الطبيعة – الكيمياء – علم النبات – علم الحيوان – الجيولوجيا. ووزعت هذه المواد على ثلاث مجموعات، فضمت المجموعة الأولى: الرياضة البحتة، والرياضة التطبيقية، والطبيعة، والكيمياء. وضمت المجموعة الثانية: الطبيعة، والكيمياء، وعلم النبات، وعلم الحيوان. وضمت المجموعة الثالثة: الكيمياء، والجيولوجيا، وعلم النبات، وعلم الحيوان. وكان على الطالب دراسة مواد المجموعة التي يقع اختياره عليها في السنة الأولى، ثم يختار في السنة الثانية مجموعة من بين خمس مجموعات للمواد ضمَّت كل منها — هذه المرة — ثلاث مواد. أما في السنتين الثالثة والرابعة، فيختار مادتين من المواد الثلاثة؛ لتصبح أساسية وتظل المادة الثالثة كمادة فرعية.
واشترط في الطالب الذي يتقدم للحصول على درجة البكالوريوس الخاصة في العلوم، أن يكون ناجحًا في جميع مواد القسم الأول (الفرقتان الأولى والثانية) وأن يدرس في السنتين الثالثة والرابعة إحدى مواد التخصص التالية: الرياضة – الفلك – الطبيعة – الكيمياء – علم النبات – علم الحيوان – الجيولوجيا. ولا تمنح درجة البكالوريوس الخاصة في العلوم إلا للطلاب الذين ينجحون مع الحصول على مرتبة الشرف الأولى أو الثانية.
وكانت الكلية قد بدأت بستة أقسام هي: الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، النبات، علم الحيوان، الجيولوجيا. ثم أنشئ — بعد ذلك — قسم علم الحشرات، وقسم الفلك والأرصاد الجوية. واستُحدث قسمَا الجيوفيزياء والبيوفيزياء في عامَي ١٩٨١م، ١٩٨٢م على التوالي.
وعند إنشاء كلية العلوم، كان معظم أعضاء هيئة التدريس من الأجانب باستثناء عدد محدود من المصريين، كما كان يرأس أقسام الكلية أساتذة من الأجانب، فيما عدا قسم الرياضيات الذي رأسه أول أستاذ مساعد مصري هو الدكتور علي مصطفى مشرفة، كما كان أول عميد للكلية من المصريين.
وكانت كلية العلوم تقوم — حتى عام ١٩٨١م — بإعداد طلاب كليات الطب، والطب البيطري، والصيدلة، والأسنان من طلاب السنة الإعدادية بهذه الكليات، حتى تم إلغاء هذا النظام في العام الجامعي ١٩٨١-١٩٨٢م. وقامت الكلية بتأسيس أول محطة للأحياء البحرية بالغردقة عام ١٩٣٠م، ولم تمضِ سنوات حتى أصبحت ذات مكانة علمية عالمية، وأنشئ بها متحفٌ فريد للكائنات البحرية في منطقة البحر الأحمر، ثم مكتبة قيمة، ومجلة علمية مرموقة، ووفد إليها الكثير من علماء التخصص في الغرب لإجراء البحوث والدراسات. ويرجع الفضل في ذلك كله إلى الدكتور كروسلاند والدكتور حامد عبد الفتاح جوهر الذي يُعد من أبرز علماء العالم في هذا التخصص. وأنشأت الكلية فرعًا للمحطة بمنطقة عتاقة بالسويس عام ١٩٤٧م، ثم تحولت المحطة إلى معهد لعلوم البحار (عام ١٩٤٨م) وانتقلت تبعية المعهد إلى وزارة البحث العلمي (١٩٦٣م) ثم أكاديمية البحث العلمي (١٩٧١م).
وأنشأت الكلية معشبة قسم النبات (عام ١٩٢٦م)، وتضم الآن أكبر مجموعة مرجعية للنباتات الزهرية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ويرجع الفضل فيما وصلت إليه المعشبة من مكانة علمية طيبة إلى جهود روَّاد التخصص وعلى رأسهم الأستاذة فيفي تاكهولم (العالمة السويدية). وبفضل هبات ومساعدات الهيئات الدولية زودت المعشبة بالأجهزة والمراجع الهامة، وتم إنشاء مكتبة فريدة من نوعها في النباتات المصرية، وما يرتبط بها من فروع العلم والمعرفة، ثم افتتاحها عام ١٩٧٩م باسم «مكتبة فيفي تاكهولم التذكارية». وتُصدر المعشبة نشرة علمية تُطبع بالخارج، كما تم إصدار «موسوعة نباتات مصر».
وتضم الكلية أيضًا متحفًا للحشرات أنشئ عام ١٩٥٢م ليضم مجموعة الأستاذ حسن أفلاطون، ثم أصبح الآن يضم أكثر من سبعين ألف عينة حشرية من أربعة آلاف نوع من الحشرات. ويعتبر المتحف الوحيد في نوعه في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وارتبط بكلية العلوم جيل الرواد من علماء مصر الذين تبوَّءُوا مراكز قيادية ومراكز دولية، نذكر منهم على سبيل المثال الدكتور علي مصطفى مشرفة رائد علوم الرياضيات في مصر، والدكتور أحمد زكي رائد علوم الكيمياء، والدكتور حسن شاكر أفلاطون رائد علم الحشرات، والدكتور حسين محمد سعيد رائد علم النبات، والدكتور أحمد مصطفى رائد علم الكيمياء العضوية، والدكتور عبد المعبود الجُبيلي رائد الكيمياء النووية في مصر، والدكتور محمد رضا مندور رائد علم الفلك، والدكتور محمد كامل محمود رائد كيمياء النسيج في مصر، والدكتور محمد عبد الفتاح القصاص رائد علوم البيئة في مصر، والدكتور حامد عبد الفتاح جوهر رائد علوم البحار في مصر. وقد تتلمذ على هؤلاء جيل آخر تبعته أجيال من العلماء، لعل أبرزهم الدكتور محمد مرسي أحمد، والدكتور مصطفى كمال حلمي، والدكتور أحمد رياض تركي، وغيرهم ممن لعبوا دورًا كبيرًا في تطوير البحث العلمي في مصر والعالم العربي، وشاركوا في نشاط الهيئات والجمعيات العلمية الدولية.
(٤) كلية الطب
تمثل كلية الطب الركن الرابع من الأركان التي قام عليها كيان «الجامعة المصرية» عام ١٩٢٥م. وقد ألحقت بها مدرسة طب الأسنان عند إنشائها ثم ألحقت بها مدرسة الصيدلة عام ١٩٢٧م. وعندما وضعت اللائحة الأساسية لكلية الطب (مرسوم بقانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٣٩م). أصبحت كلية الطب تشمل ما يلي:
مدرسة الطب، معهد القاهرة للصحة وطب البلاد الحارة، مدرسة طب الأسنان، مدرسة الصيدلة، مدرسة الممرضات والمولدات والمدلكات والزائرات الصحيات، المستشفى التعليمي.
أما مدرسة الطب، فكانت تمنح درجة البكالوريوس في الطب والجراحات وست دبلومات في تخصصات: طب وجراحة العيون، الأشعة والكهرباء الطبية، الطب الشرعي، طب الأطفال، أمراض النساء والتوليد، الباثولوجيا الإكلينيكية. كما تمنح درجة الماجستير في الجراحة، ودرجة الدكتوراه في الطب. بينما كان معهد الصحة وطب البلاد الحارة يمنح دبلومين؛ أحدهما في الصحة العامة، والآخر في طب البلاد الحارة وصحتها.
وكانت مدة الدراسة للحصول على درجة البكالوريوس في الطب والجراحة خمس سنوات ونصف سنة دراسية، وتتناول الدراسة مقررًا علميًّا وعمليًّا، وكانت موزعة على النحو التالي:
-
(١)
في السنتين الأولى والثانية، يدرس الطالب: التشريح البشري (ويدخل فيه علم الأجنة)، والفسيولوجيا (ويدخل فيها الهستولوجيا والفسيولوجيا التجريبية، والكيمياء الفسيولوجية وعلم النفس الطبيعي) ويكون الامتحان الأول لدرجة البكالوريوس في هذه المواد.
-
(٢)
في السنة الثالثة يدرس الطالب: الأقربازين (وتدخل فيه المادة الطبية وفن تركيب العقاقير)، والباثولوجيا، والبكتريولوجيا، ومبادئ الأمراض الباطنة والجراحة، والأشعة والكهرباء الطبية.
-
(٣)
في الفترة الباقية من مدة الدراسة يدرس الطالب: الأمراض الباطنة، والجراحة، والرمد، وأمراض النساء والتوليد، والطب الشرعي، وعلم الصحة والطب الوقائي. ويتلقى الطلاب في هذه المواد مقررات إضافية في الفروع الخاصة المتصلة بها.
وكانت الكلية تمنح درجة الماجستير في الجراحة في أحد الفروع الآتية: جراحة عامة، جراحة المسالك البولية، جراحة العظام، أمراض النساء والتوليد، جراحة الأنف والأذن والحنجرة، الرمد وجراحة العيون. واشترط للحصول على هذه الدرجة النجاح في مقرر الدراسة وإعداد رسالة علمية أو كتابة مقال في موضوع تحدده لجنة الامتحان خلال ثلاث ساعات.
أما بالنسبة لدرجة الدكتوراه في الطب، فكانت تُمنح في أحد الفروع الآتية: الطب الباطني العام، أمراض الأطفال، طب البلاد الحارة، الصحة العامة، الطب الشرعي، العلوم الفنية. واشتُرط للحصول على هذه الدرجة اجتياز الامتحان في مقررات الدراسة وإعداد رسالة علمية يناقَش فيها الطالب. أما بالنسبة لدرجة الدكتوراه في الصحة العامة، فكان على الطالب أن يقدم بدلًا من الرسالة تقريرًا مفصلًا عن الحالة الصحية في منطقة يكون قد عاينها بنفسه.
واستقر الرأي مع هذا التوسع في تنظيم كلية الطب، على إقامة مستشفى جديد يسع ١٢٠٠ سرير على الطراز الحديث، وتجديد الكلية وتجهيزها بالمعامل، وكان ذلك عام ١٩٢٧م. ووقع الاختيار على جزيرة الروضة مكانًا لها، ووضع حجر الأساس في ١٦ ديسمبر ١٩٢٨م، وسميت «مستشفى فؤاد الأول» (ثم تغير اسمها بعد الثورة ليصبح: مستشفى المنيل الجامعي)، وبعد ذلك ضم إلى كلية الطب مستشفى جمعية رعاية الطفل بأبي الريش.
وبصدور القانون رقم ٤٤٤ لسنة ١٩٥٠م، ثم تحويل مدرستَي الصيدلة وطب الأسنان إلى كلِّيتين مستقلتين، ثم أنشئ المعهد العالي للتمريض تابعًا لكلية الطب. وفي نوفمبر ١٩٥٩م، أنشئ معهد السرطان، واعتُبر من أقسام الكلية حتى استقل عنها عام ١٩٦٨م.
وقد لعبت كلية الطب دورًا هامًّا في تخريج الأطباء من مختلف التخصصات لمصر والعالم العربي، بل ينتشر خريجو الكلية في مواقع طبية وعلمية هامة بمستشفيات وجامعات أوروبا وأمريكا، فضلًا عن البلاد العربية. وقامت الكلية بإعداد الكوادر من هيئات التدريس لكليات الطب التي أُنشئت — فيما بعد — في مصر، مثل: طب الإسكندرية (١٩٤٢م)، وطب الدمرداش (١٩٤٧م) وقد تولت كلية الطب إدارة مستشفى الدمرداش وكلية طب العباسية، حتى أصبحت تابعة لجامعة إبراهيم باشا الكبير (عين شمس) عام ١٩٥٠م. ثم كليات طب أسيوط (١٩٦٠م)، والمنصورة (١٩٦٢م)، وطنطا، والأزهر (١٩٦٤م)، والزقازيق (١٩٧٠م).
وتولى عمادة كلية الطب في السنوات الأولى لانضمامها إلى الجامعة أستاذان إنجليزيان، هما الدكتور ولسون (مايو ١٩٢٥–مارس ١٩٢٦م) والدكتور مادن (مارس ١٩٢٦–أبريل ١٩٢٩م)، ثم تولاها الأساتذة المصريون وفي مقدمتهم الدكتور علي إبراهيم باشا (١٩٢٩–١٩٤١م)، ثم تعاقب على العمادة كوكبة من الأساتذة الأعلام في تخصصاتهم هم: الدكتور سليمان عزمي باشا، والدكتور إبراهيم شوقي باشا، والدكتور مصطفى فهمي سرور بك، والدكتور عبد الوهاب مورو باشا، والدكتور عبد الله الكاتب، والدكتور أحمد حندوسة، والدكتور محمد إبراهيم، والدكتور محمود عبد الحميد عطية، والدكتور عبد العزيز سامي، والدكتور على حسن سرور، والدكتور حسن إبراهيم، والدكتور حسن حمدي، والدكتور يحيى طاهر، والدكتور هاشم فؤاد (الذي لعب دورًا كبيرًا في تطوير الكلية وتنظيمها)، وغيرهم.
(٥) كلية الهندسة
رغم أن التعليم الهندسي كان أول ما أقيم بمصر من نظم التعليم الحديث في عهد محمد علي (على نحو ما رأينا)، ورغم استمرارية مدرسة المهندسخانة لما يزيد على القرن (مع سنوات انقطاع محدودة)، فإن «مدرسة الهندسة الملكية» لم تنضم إلى الجامعة المصرية عند إنشائها، كما لم ينضم إليها عدد آخر من المدارس العليا (كالزراعة والتجارة والطب البيطري)؛ إذ رأى القائمون على مشروع الجامعة التروي في ضم هذه المدارس العليا حتى تستكمل الجامعة إطارها التنظيمي، وتتهيأ لتوسيع نشاطها؛ لذلك تأخر انضمام هذه المدارس العليا إلى الجامعة حتى عام ١٩٣٥م، فأصبحت تحت مظلة الجامعة، وعدلت من نظمها ولوائحها بما يتناسب مع رسالة الجامعة.
ولم يقتضِ ضم «مدرسة الهندسة الملكية» إلى الجامعة إقامة مبانٍ لها، فقد كانت تحتل المبنى الذي أقيم لها خصوصًا عام ١٩٠٥م، (وهو المبنى الحالي المواجه للحرم الجامعي)، ثم أضيفت للمبنى أقسام جديدة، مثل مبنى قسم الهندسة الكهربية (١٩٣٢م)، ومبنى قسم التعدين (١٩٥٢م)، ثم مبنى دراسة السنة الإعدادية (١٩٧١م)، ثم مبنى النادي (١٩٧٧م).
وكانت بداية كلية الهندسة بأربعة أقسام هي: قسم الهندسة المدنية، وقسم العمارة، وقسم الهندسة الميكانيكية، وقسم الهندسة الكهربية. وكانت مدة الدراسة للحصول على درجة البكالوريوس أربع سنوات تسبقها سنة إعدادية.
واستمر تطور التخصصات بالكلية، فأضيفت أقسام هندسية لخدمة قطاعات متخصصة، بدأت تتزايد أهميتها في المجتمع وهي: قسم الهندسة الكيماوية (١٩٤٣م)، قسم هندسة المناجم والبترول (١٩٤٤م)، وقسم هندسة الطيران (١٩٥٤م) وقسم هندسة الفلزات (١٩٦٢م)، وأخيرًا قسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات (١٩٧٧م).
وأصبحت الكلية تضم الآن ثلاثة عشر قسمًا علميًّا هي: قسم الرياضيات والفيزيقا الهندسية، قسم العمارة، قسم الهندسة الإنشائية، قسم الري والهيدروليكا، قسم الأشغال العامة، قسم هندسة القوى الميكانيكية، قسم التصميم الميكانيكي والإنتاج، قسم ميكانيكا الطيران، قسم الإلكترونيات والاتصالات الكهربائية، قسم القوى والآلات الكهربية، قسم الهندسة الكيماوية، قسم هندسة المناجم والبترول والفلزات، ثم قسم الهندسة الحيوية الطبية والمنظومات.
وبالإضافة إلى درجة البكالوريوس في الهندسة في مختلف فروع التخصص، تمنح كلية الهندسة دبلوم الدراسات العليا في الهندسة المدنية (سبع دبلومات)، والهندسة الميكانيكية (خمس دبلومات)، والهندسة الكهربية (خمس دبلومات)، ودبلوم واحد في العمارة (تخطيط المدن). كذلك تمنح درجتَي الماجستير والدكتوراه في تخصصات الهندسة المختلفة وفي العمارة.
ويمثل نشاط أعضاء هيئة التدريس بكلية الهندسة معظم أعمال مركز التخطيط التكنولوجي وبحوث التنمية لخدمة المجتمع، الذي يشرف على بحوث مشتركة مع وزارات النقل والكهرباء والطاقة، والصناعة في موضوعات حيوية وهامة مثل: الموارد المائية، ترشيد الطاقة ومصادرها، تخطيط المدن والمجتمعات الجديدة.
وقد لعبت كلية الهندسة دورًا بارزًا في إرساء دعائم كليات الهندسة بجامعات الإسكندرية وعين شمس وأسيوط، وأمدَّتها بالكوادر التدريبية، كما قام على عاتقها خدمة خطة التنمية الاقتصادية منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢م، سواء في القطاعات المدنية أو العسكرية، ويكفي أن نذكر أعمال إنشاء السد العالي، ومشروعات التوسع الصناعي بعد إقامة القطاع العام، وتطوير قناة السويس، والمصانع الحربية، وغير ذلك من مشروعات شارك أساتذة الهندسة في تصميمها وتنفيذها بقدر ما شارك خريجوها في إرساء دعائمها.
وفي عهد ثورة يوليو كان خريجو الهندسة من صناع القرار ورجال الحكم، فاحتلوا جانبًا من المكانة التي احتكرها خريجو الحقوق ردحًا طويلًا من الزمان. وخلال السنوات الخمس والثلاثين الأخيرة كان أكثر من ثلث الوزراء من المهندسين، وتولى رئاسة الوزراء ثلاثة من المهندسين هم: محمد صدقي سليمان، والدكتور عزيز صدقي، والدكتور مصطفى خليل.
وتولى عمادة كلية الهندسة في أول عهدها أستاذ أجنبي هو الدكتور شارل أندريا (أغسطس ١٩٣٥–أغسطس ١٩٣٧م)، وهي الفترة التي وضعت فيها نظم الدراسة بالكلية لإدماجها في نسيج الجامعة، ثم تعاقب الأساتذة المصريون على عمادتها على التوالي، وكان أول عميد مصري هو الدكتور عبد الرحمن الصاوي، ثم تبعه المهندس محمد شفيق عبد الرحمن، والدكتور إبراهيم أدهم الدمرداش، والدكتور عبد العزيز صالح، والمهندس محمد شريف نعمان، والدكتور أنور خفاجي، والدكتور حسن محمد إسماعيل، والدكتور محمد عبده السعيد وغيرهم من أقطاب أساتذة التخصصات الهندسية المختلفة.
(٦) كلية الزراعة
أدمجت «مدرسة الزراعة العليا» بالجامعة عام ١٩٣٥م، وكانت تحتل موقعها الحالي بالقرب من ميدان الجيزة منذ عام ١٩٠٢م. ووضعت لائحتها الأساسية عام ١٩٣٨م (قانون رقم ٨١)، فتحددت مدة الدراسة للحصول على درجة البكالوريوس في الزراعة بأربع سنوات دراسية، يدرس خلالها الطلاب مقررات في: الزراعة، فلاحة البساتين، علم النباتات الزراعية، الكيمياء الزراعية، تربية الحيوان، تربية النحل، علم الوراثة، الألبان، علم الحشرات، الطب البيطري، إليكترولوجيا الزراعة، المساحة، الهندسة الزراعية، إمساك الدفاتر، الطبيعة، علم الحيوان، الاقتصاد والتعاون، الصناعات الزراعية.
وبمرور الزمن تطورت الأقسام العلمية بكلية الزراعة نحو إرساء دعائم التخصصات المختلفة، فبعد أن كانت الكلية تضم ستة أقسام عند إنشائها — ككلية جامعية — هي: الزراعة، علم النباتات الزراعية، الكيمياء الزراعية، علم الحشرات الاقتصادي، فلاحة البساتين، الألبان والصناعات الزراعية، أصبحت الآن تضم ثلاثة عشر قسمًا هي: الاقتصاد الزراعي والإرشاد، الأراضي، المحاصيل، البساتين، الحشرات الاقتصادية والمبيدات، الحيوان والنمالوجيا الزراعية، النبات الزراعي وأمراض النبات، والوراثة، الميكروبولوجيا الزراعية، الإنتاج الحيواني، الكيمياء الحيوية الزراعية، الصناعات الغذائية والألبان، الهندسة الزراعية.
وفي أغسطس ١٩٤٣م، أُنشئت الدراسات العليا بكلية الزراعة، فأصبحت الكلية تمنح درجتَي الماجستير في الزراعة ودكتوراه الفلسفة في الزراعة، وذلك في مختلف التخصصات العلمية بالكلية.
وعلى عكس الكليات الأخرى كان عمداء كلية الزراعة منذ انضمامها إلى الجامعة من المصريين، فكان أول عميد لها الأستاذ محمود توفيق حفناوي، وتبعته كوكبة من الأساتذة الرواد الذين تركوا بصماتهم على نظام الدراسة بالكلية.
وكانت كلية الزراعة — وما زالت — صاحبة الريادة فيما يتصل بالتجارب والبحوث الزراعية في مصر والبلاد العربية وكثير من البلاد الأفريقية والآسيوية الصديقة، وكان ذلك حافزًا للكلية لإنشاء مركز التجارب والبحوث الزراعية، وهو يشتمل على مزارع كلية الزراعة التي تبلغ مساحتها حوالي ٢٠٠ فدان بما فيها من حظائر للحيوانات وأماكن للدواجن ومعامل أبحاث في المجالات المختلفة، ومبنى إعداد الحاصلات الزراعية للتخزين والتصدير.
ويتجه نشاط المركز إلى مجالين هما: الإنتاج الزراعي والميكنة الزراعية، والتعليم والإرشاد الزراعي. وتشارك في نشاط المركز أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وبعض الجامعات الأمريكية.
ونظرًا لأهمية الزراعة في التنمية الاقتصادية، حرصت الدولة منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢م على إسناد وزارة الزراعة إلى متخصصين من خريجي وأساتذة الزراعة. وقد بلغ عدد من تولوا وزارة الزراعة من خريجي الكلية (حتى الآن) ثمانية عشر وزيرًا إلى جانب وزيرين للتخطيط، وآخرين للتموين. وتولى أربعة عشر من خريجي الكلية منصب المحافظ.
(٧) كلية التجارة
انضمت «مدرسة التجارة العليا» إلى الجامعة المصرية في أغسطس ١٩٣٥م، مع غيرها من المدارس العليا (على نحو ما ذكرنا من قبل)، وتم وضع اللائحة الأساسية لكلية التجارة عام ١٩٣٨م (القانون رقم ٨٢)، فنصَّ على أن تمنح الكلية درجتَي البكالوريوس في التجارة، والماجستير في التجارة. وتحددت سنوات الدراسة بالنسبة لدرجة البكالوريوس بأربع سنوات دراسية يدرس خلالها الطلاب مقررات في التخصصات التالية: المحاسبة، الإحصاء، إدارة وتنظيم الأعمال التجارية والصناعة، الاقتصاد السياسي، التاريخ الاقتصادي، الجغرافيا الاقتصادية، الرياضة (التجارية والمالية والبحتة)، القانون، اللغة الإنجليزية، اللغة الفرنسية.
واشترط للحصول على الماجستير في التجارة متابعة الطالب للدراسة لمدة سنتين في مقررات يحددها مجلس الكلية، وأن يقدم الطالب بحثًا مبتكرًا في موضوع يقره مجلس الكلية.
ثم جعلت الكلية التخصص في مرحلة البكالوريوس في السنتين الثالثة والرابعة وقسَّم منهجهما إلى قسمين: أحدهما تجاري، والآخر اقتصادي. وانقسم القسم التجاري إلى ثلاث شعب هي: المحاسبة، إدارة الأعمال التجارية، إدارة الأعمال الصناعية. كما قسم القسم الاقتصادي إلى شعبتين هما: «العلوم الاقتصادية» و«العلوم السياسية». وربطت درجة الماجستير بواحد من التخصصات الأربعة: المحاسبة، إدارة الأعمال، الاقتصاد، العلوم السياسية. وفي عام ١٩٥٠م، أُنشئت دراسة الدكتوراه للشعب المختلفة، وفي عام ١٩٥٩م، أُنشئت بالكلية دبلومات للدراسات العليا، مدة كل منها سنتين دراسيتين في المحاسبة وإدارة الأعمال.
وقد تم إعادة النظر في البرامج كلها عندما تقرر إنشاء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فاقتصرت الدراسة بالكلية على تخصصين فقط هما: المحاسبة وإدارة الأعمال. وفي عام ١٩٦٤م، أضيف تخصص ثالث هو: التأمين، وأصبحت الدراسة موحدة في الفرق الثلاث الأولى، ثم يكون التخصص في الفرقة الرابعة. وفي عام ١٩٦٧م، أُنشئت درجة الماجستير ودرجة الدكتوراه في التأمين.
وأصبحت الكلية تمنح ثلاث دبلومات في المحاسبة هي: المحاسبة، والتكاليف، والحسابات الحكومية. وخمس دبلومات في إدارة الأعمال هي: التسويق، والتمويل، والإدارة العامة، وإدارة المستشفيات، والقوى العاملة. وثلاث دبلومات في التأمين هي: تأمينات الحياة، تأمينات عامة، تأمينات اجتماعية.
وقد اتسع النشاط العلمي لكلية التجارة بعد افتتاح فرع جامعة القاهرة بالخرطوم، وإنشاء كلية التجارة هناك عام ١٩٥٥م؛ حيث قامت الأقسام العلمية بالكلية (المحاسبة، إدارة الأعمال، الرياضة، التأمين) بالإشراف على التعليم بكلية التجارة بالفرع.
ولعبت الكلية دورًا رياديًّا في تخريج الكوادر التجارية والإدارية والاقتصادية التي تم على أيديها تمصير الشركات والبنوك العامة في مصر، وتولى عدد من خريجي الكلية مناصب رئيسية في الشركات التجارية والمالية والبنوك، وتولى بعضهم رئاسة مجالس إدارتها. كما قدمت الكلية لمصر نحو عشرة من وزراء التجارة والاقتصاد والتموين، وثلاثة من السفراء، وأحد وزراء الخارجية (إسماعيل فهمي)، ورئيسا للوزراء (الدكتور عبد العزيز حجازي)، فضلًا عن كبار رجال الأعمال الذي قام على أكتافهم بنيان الاقتصاد الوطني، والأساتذة الذين ساهموا في بناء كليات التجارة في الجامعات المصرية والعربية، وخبراء الهيئات الدولية.
(٨) كلية الطب البيطري
كانت «مدرسة الطب البيطري» رابعة المدارس العليا التي ضُمَّت إلى الجامعة المصرية في أغسطس عام ١٩٣٥م، وقد أُلحقت — عندئذٍ — بكلية الطب شأنها في ذلك شأن مدرستَي الصيدلة وطب الأسنان. ثم استقلت بنفسها عن كلية الطب (سبتمبر ١٩٣٨م) دون أن تصبح كلية فظل يطلق عليها «مدرسة الطب البيطري» حتى عام ١٩٤٦م، عندما اتخذ مجلس الجامعة قرارًا باعتبارها «كلية».
وقد تم وضع اللائحة الأساسية لمدرسة الطب البيطري عشية استقلالها عن كلية الطب (سبتمبر ١٩٣٨م – القانون رقم ٨٥)، فأصبحت تمنح ثلاث درجات علمية هي: درجة البكالوريوس في الطب البيطري، ودرجة الماجستير في الطب البيطري، ودرجة الدكتوراه في الطب البيطري.
وحددت مدة الدراسة للحصول على درجة البكالوريوس بخمس سنوات دراسية، تدرس خلالها المواد التالية: الكيمياء، الطبيعة، علم الحياة، بحث العظام، التشريح، علم الأجنة، علم وظائف الأعضاء (فسيولوجيا)، بحث الأنسجة الدقيقة (هِستولوجيا)، سياسة الحيوان، التشريح المرضي (باثولوجيا)، الطفيليات، البكتريولوجيا، علم الأقربازين (بما في ذلك المادة الطبية والسموم وفن تركيب العقاقير)، قانون الصحة، الجراحة والتشريح الجراحي، التوليد، الطب البيطري الشرعي، الكشف على اللحوم، الكشف على لحوم الأسماك، الأمراض الباطنة، أعمال إكلينيكية، فن ركوب الخيل.
وكان الراغبون في الحصول على درجة الماجستير من حمَلة بكالوريوس الطب البيطري يقومون بدراسات وأبحاث في مادة (تخصص) يقرُّها مجلس إدارة المدرسة، ويقدم الطالب في نهاية دراسته رسالة عن نتائج أبحاثه. أما بالنسبة للدكتوراه، فعلى الطالب أن يقدم رسالة تتضمن أبحاثًا مبتكرة في الطب البيطري تقر لجنة الامتحان بفائدتها العلمية.
وفي عام ١٩٥٤م، عدلت مناهج الدراسة بكلية الطب البيطري وفق أحدث النظم الجامعية، فأصبح طلاب السنة الإعدادية يدرسون جميع موادها في كلية العلوم كما هو الحال بالنسبة إلى كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان.
أما طلاب السنتين الأولى والثانية، فيدرسون الوراثة وتربية الحيوان في مزرعة كلية الزراعة، وذلك جريًا على سياسة توحيد الأقسام المتناظرة في الجامعة. وأدخل نظام للتدريب بمقتضاه يتدرب طلاب السنة الثالثة والمنقولون إلى السنة النهائية، وكذلك طلاب السنة النهائية، في المستشفيات البيطرية لمدة شهر على الأقل خلال فترة الإجازة الصيفية. كما ضم مستشفى الحيوان بكلية الزراعة إلى الكلية؛ حيث يتدرب الطلاب على أمراض حيوانات الزراعة، فضلًا عن تدريبهم في المستشفى الأصلي بالكلية. كذلك فصلت مادة الولادة وأمراضها، والتلقيح الصناعي عن مادة الجراحة لأهميتها الاقتصادية. وفي عام ١٩٥٥-١٩٥٦م أدخلت الكلية ضمن مناهج الدراسة مادة مراقبة الأغذية استجابةً لرغبة وزارة الصحة؛ لاستخدام الأطباء البيطريين للتفتيش على اللحوم ومنتجات الألبان. وفي عام ١٩٥٩م، أدخلت الكلية ثلاث مواد هي: أمراض الدواجن، الأمراض المشتركة، التشخيص المعملي.
وفي عام ١٩٦٤م، اشتملت البرامج التعليمية على مادة الإحصاء الحيوي ومادة الفيرولوجيا، وامتدت الدراسة للحصول على البكالوريوس إلى خمس سنوات ونصف.
ويوجد بالكلية الآن ثمانية أقسام، بكل قسم منها عدة تخصصات تتراوح ما بين اثنين وخمسة تخصصات، وبذلك يصل عدد المواد التي تدرس إلى ثمانية وعشرين تخصصًا تواكب أحدث نظم التعليم في العالم.
وبدأت الدراسة بدبلوم الدراسات العليا عام ١٩٧٠م، حيث أنشأت الكلية سبع دبلومات تخصصية هي: دبلوم التلقيح، ودبلوم صحة الحيوان ورعايته، ودبلوم جراحة الحيوان، ودبلوم أمراض الحيوان، ودبلوم مراقبة الأغذية، ودبلوم أمراض الدواجن، دبلوم الباثولوجيا الإكلينيكية، كما تطورت الدراسات الخاصة بالماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات.
وعند انضمام مدرسة الطب البيطري إلى الجامعة ملحقة بكلية الطب، كان يتولى نظارتها الكابتن كروسي حتى عام ١٩٣٧م، وتولى النظارة بعده الدكتور عبد العزيز نعمان (١٩٣٧–١٩٤٦م)، فوقع على عاتقه وضع نظم الدراسة وتطوير المناهج بما يتلاءم مع وضع المدرسة كمعهد جامعي. وعندما تحولت إلى كلية كان أول عميد لها هو الدكتور السيد فؤاد، وخلَفته كوكبة من الأساتذة المرموقين في تخصصاتهم.
(٩) كلية دار العلوم
ظلت دار العلوم تؤدي رسالتها في تخريج المتخصصين في اللغة العربية كمعهد تابع لوزارة المعارف العمومية حتى ٥ مارس ١٩٤٦م، عندما صدر قانون بضمها إلى الجامعة لتصبح كلية من كلياتها (القانون ٣٣ لسنة ١٩٤٦م) مع احتفاظها بصبغتها العلمية الخاصة التي تميزت بها. وتم وضع اللائحة الأساسية للكلية عام ١٩٤٨م.
وفي ظل الوضع الجديد لكلية دار العلوم، ظلت تستقبل طلبتها من حمَلة الثانوية الأزهرية أو ما يعادلها إلى عام ١٩٥٢م حين فتحت أبوابها لحمَلة الثانوية العامة من البنين، ثم بدأت تقبل حمَلتها من البنات اعتبارًا من عام ١٩٥٣م.
(١٠) كلية الصيدلة
كان انضمام «مدرسة الصيدلة» إلى الجامعة عام ١٩٢٧م ملحقة بكلية الطب، شأنها في ذلك شأن «مدرسة طب الأسنان» التي سبقتها في الانضمام إلى الجامعة بعامين.
وعند وضع اللائحة الأساسية لكلية الطب (نوفمبر ١٩٣٩م) خُصص الباب الخامس منها لمدرسة الصيدلة، ويتضح منه أن مدة الدراسة للحصول على درجة بكالوريوس في الصيدلة كانت ثلاث سنوات دراسية. وكان على الطالب المنقول إلى السنة الثالثة أن يقضي فترة تدريب مدتها أربعة أشهر بإحدى الصيدليات التي يحددها مجلس كلية الطب.
وكانت المدرسة تمنح دبلومين للدراسات العليا؛ أحدهما دبلوم الكيمياء التحليلية للأغذية والعقاقير، والآخر دبلوم التحليل الكيميائي الحيوي، ومدة الدراسة في كل منهما سنتان دراسيتان. كذلك كانت المدرسة تمنح درجة الماجستير في الصيدلة بعد نجاح الطالب في المقررات التي يحددها مجلس كلية الطب، وأجازت اللائحة إعفاء الطالب من بعض تلك المقررات إذا أذن له بتقديم رسالة علمية في التخصص.
وفي عام ١٩٥٥م، صدر قانون بتحويل مدرسة الصيدلة إلى «كلية الصيدلة» وبذلك استقلت عن الطب وأصبح لها كيان خاص، وعدلت مناهج الدراسة، وأدخلت مواد جديدة تتناسب مع التقدم العلمي في صناعة الدواء، وأصبحت سنوات الدراسة للحصول على بكالوريوس الصيدلة أربع سنوات زيدت إلى خمس سنوات عام ١٩٥٩م، بإضافة السنة الإعدادية.
ولعبت الكلية دورًا رائدًا في تزويد مصر والعالم العربي والدول الأفريقية بالصيادلة المتخصصين، وخاصة أن تحولها إلى كلية تزامن مع تنمية صناعة الدواء في مصر التي كان خريجو الكلية جنودها المجهولين.
كذلك نشطت الدراسات العليا بالكلية منذ مطلع الأربعينيات، فبالإضافة إلى الدبلومات والماجستير، أُنشئت درجة دكتوراه الفلسفة في العلوم الصيدلية المختلفة عام ١٩٥١م. وعلاوة على ذلك تقوم الكلية بأبحاث علمية مشتركة مع بعض الجامعات الأمريكية ومنظمة الوحدة الأفريقية.
(١١) كلية طب الأسنان
كانت مدرسة طب الأسنان من أوائل المدارس التي ارتبطت بكلية الطب، وانضمت إلى الجامعة مع انضمام كلية الطب إليها عام ١٩٢٥م. وعندما وُضعت اللائحة الأساسية لكلية الطب (نوفمبر ١٩٣٩م) خُصص الباب الرابع منها لمدرسة طب الأسنان، فنُص فيه على أن المدرسة تمنح درجة البكالوريوس في طب وجراحة الأسنان بعد دراسة مدتها أربع سنوات دراسية. وأجازت اللائحة منح هذه الدرجة للحاصلين على درجة أو دبلوم في الطب من جامعة أو معهد علمي معترف به على أن تنظم لهم دراسة خاصة مدتها ٢٣ شهرًا يحصلون بعدها على بكالوريوس طب وجراحة الأسنان.
كذلك كانت «مدرسة طب الأسنان» تمنح درجة الماجستير في جراحة الأسنان بعد اجتياز الطالب الامتحان في المقررات التي يحددها مجلس كلية الطب على أن يقدم الطالب — إضافة إلى ذلك — رسالة تقبلها الكلية ويناقش فيها، أو يكلَّف بكتابة مقال في موضوع تحدده لجنة الامتحان خلال مدة ثلاث ساعات.
وفي عام ١٩٥٥م، تحولت مدرسة طب الأسنان إلى «كلية طب الأسنان» وأصبح لها كيانها الخاص بها، فعُدلت برامج الدراسة بها بما يتناسب مع وضعها الجديد، فزيدت سنوات الدراسة للبكالوريوس إلى خمس سنوات بإضافة السنة الإعدادية، وأُدخلت تخصصات فنية جديدة في علوم طب الأسنان المختلفة، مثل جراحة الفم، وطب الفم، وطب الأسنان للأطفال، وتقويم الأسنان وغيرها تمشِّيًا مع التطور الحديث في هذا المجال.
وتقوم الكلية بدور علاجي كبير؛ إذ يتردد عليها نحو مائة ألف مريض سنويًّا من كافة أنحاء البلاد للعلاج في أقسام الكلية المختلفة.
(١٢) كلية الاقتصاد والعلوم السياسية
انفصل قسمَا الاقتصاد والعلوم السياسية عن كلية التجارة، وتم إنشاء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام ١٩٦٠م، وتتكون من ثلاثة أقسام هي: الاقتصاد، والعلوم السياسية، والإحصاء. وتمنح الكلية درجة البكالوريوس في أحد هذه التخصصات الثلاثة بعد دراسة أربع سنوات دراسية.
وفي نوفمبر ١٩٦٥م تم افتتاح الدراسات العليا في أقسام الكلية الثلاثة، فأصبحت الكلية تمنح درجتَي الماجستير والدكتوراه في هذه التخصصات. وتم إنشاء ثلاث دبلومات للدراسات العليا عام ١٩٧٣م هي: دبلوم التنمية الاقتصادية، ودبلوم الإحصاء التخطيطي، ودبلوم التنمية السياسية. وفي العام التالي أنشئ دبلومان آخران هما: دبلوم السياسة الدولية، ودبلوم الإدارة المحلية.
وأخيرًا أنشئ بالكلية مركز البحوث والدراسات السياسية، ومركز البحوث والدراسات الاقتصادية. ورغم حداثة عهد الكلية مقارنة بالكليات الأخرى، إلا أنها تمارس نشاطًا علميًّا واسعًا، وتلعب دورًا هامًّا في تحقيق التواصل العلمي بين المتخصصين في الاقتصاد والعلوم السياسية في مصر والعالم العربي والجامعات الأجنبية والهيئات الدولية. وشغل عشرة من أساتذة الكلية مناصب وزارية مختلفة، كما أصبح أحدهم رئيسًا لمجلس الشعب.
(١٣) كلية الأعلام
يرجع العهد بالدراسات الإعلامية الجامعية في مصر إلى عام ١٩٣٩م حين أنشئ معهد الصحافة العالي الذي عُدل اسمه بعد ذلك إلى معهد التحرير والترجمة والصحافة بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وكان يمنح دبلومًا عاليًا معادلًا للماجستير.
ثم أنشئ قسم التحرير والترجمة والصحافة عام ١٩٥٤م كقسم من أقسام كلية الآداب، وكان يمنح درجات الليسانس والماجستير والدكتوراه. وفي عام ١٩٧٠م أنشئ معهد الإعلام لخدمة المجتمع، وتزويد مصر والبلاد العربية الأفريقية بالمتخصصين في الإعلام، وبدأت الدراسة بالمعهد في مارس ١٩٧١م لطلاب الفرقة الأولى بدبلوم الإعلام، ثم بدأت الدراسة في أكتوبر من العام نفسه لطلاب الفرقة الأولى بمرحلة البكالوريوس. وتحول المعهد إلى كلية الإعلام في ١٩٧٤م.
ويوجد بكلية الإعلام ثلاثة أقسام علمية هي: قسم الصحافة، قسم الإذاعة (راديو وتليفزيون)، قسم العلاقات العامة والإعلان. وتمنح الكلية درجة البكالوريوس في أحد التخصصات الثلاثة حسب التخصص الذي يختاره الطالب. كما تمنح الكلية درجة الدبلوم في الإعلام في أحد التخصصات التالية: الصحافة، الراديو، التليفزيون، العلاقات العامة، الإعلان، الإعلام المتخصص. كما تمنح درجة الماجستير في الإعلام في أحد تخصصات الأقسام الثلاثة وكذلك درجة الدكتوراه في الإعلام.
وتحرص الكلية على توفير فرص وإمكانات التدريب العملية لطلبة الكلية بأقسامها المختلفة، فأصدرت صحيفة «صوت الجامعة» لتدريب طلاب السنتين الأولى والثانية بقسم الصحافة. بالإضافة إلى معمل التصوير والاستديوهات الإذاعية والتليفزيونية، ومطبعة أوفست حديثة تُستخدم جميعًا لتدريب الطلاب عمليًّا على المهارات المتصلة بتخصصاتهم، بالإضافة إلى التدريب العملي بالمؤسسات الصحفية والإذاعة والتليفزيون والهيئة العامة للاستعلامات، وأجهزة الإعلان والعلاقات العامة بالمؤسسات والشركات والهيئات الحكومية.
(١٤) كلية الآثار
بدأت دراسة الآثار مع بداية الجامعة، غير أن الجامعة لم تبدأ منح درجات علمية في تخصص الآثار إلا بعد إنشاء معهد الآثار ملحقًا بكلية الآداب (عام ١٩٣٣م)، حيث كان يضم قسمين هما: الآثار المصرية والآثار الإسلامية. وكان المعهد يمنح دبلومًا في الآثار للحاصلين على درجة الليسانس الممتازة في الآداب بعد دراسة مدتها ثلاث سنوات. كما كان المعهد يمنح درجة الدكتوراه في الآثار للحاصلين على دبلوم الآثار، وذلك بعد قضاء ثلاث سنوات بعد الحصول على الدبلوم في الاشتغال بأبحاث يقرها مجلس كلية الآداب، وكان على الطالب أن يتابع الدراسات التي يقررها مجلس الكلية، ويتقدم برسالة علمية مبتكرة تناقشها لجنة خاصة (المرسوم بقانون ٥٠ لسنة ١٩٣٩م).
وفي عام ١٩٥٥م، استُبدل بالمعهد قسم الآثار بكلية الآداب ليمنح درجة الليسانس في الآثار في أحد فرعَي التخصص: الآثار المصرية أو الآثار الإسلامية، وظلت دراسة الدبلوم كما هي، وكذلك درجة الدكتوراه ثم تحول القسم إلى كلية مستقلة للآثار عام ١٩٧٠م، تحتل مبنًى خاصًّا ملحقًا به متحف للآثار المصرية ومتحف للآثار الإسلامية، بكل منهما مجموعة كبيرة من الآثار المنقولة التي تُعتبر في الوقت نفسه أحد جوانب التدريب للطلاب.
وتضم كلية الآثار ثلاثة أقسام علمية هي: الآثار المصرية، والآثار الإسلامية، وترميم الآثار. وتمنح درجة الليسانس في أحد هذه التخصصات. كما تمنح درجة الدبلوم في الآثار المصرية أو الدبلوم في الآثار الإسلامية للحاصلين على درجة الليسانس أو البكالوريوس من إحدى الجامعات المصرية أو ما يعادلها بتقدير جيد على الأقل، وذلك بعد دراسة مدتها سنتين. وتمنح الكلية درجة الماجستير ودرجة الدكتوراه في أحد التخصصات العلمية الثلاثة بالكلية.
وتمثل الحفائر الأثرية التدريبات العملية والأبحاث العلمية بالنسبة لكلية الآثار، فقد قامت الكلية بحفائرها في منطقة الأهرام بالجيزة، ومنطقة تونة الجبل بمحافظة المنيا، وحفائر بلاد النوبة؛ حيث قام قسم الآثار المصرية بمجهود ضخم في عملية إنقاذ آثار النوبة، وتم اكتشاف آثار هامة هناك. كذلك قامت الكلية بالحفر في منطقة تل الحصن بالمطرية وعين شمس، وبمنطقة الفسطاط (حوش أبو علي)، أضف إلى ذلك حفائر منطقة بطن أهريت بالفيوم وحفائر كوم أوشيم.
ولكلية الآثار علاقات أكاديمية وثيقة مع هيئة الآثار المصرية والمعاهد الأجنبية المهتمة بدراسة وتسجيل الآثار المصرية والإسلامية مثل المعهد الألماني والمعهد الفرنسي والمعهد السويسري والمعهد الإيطالي والمعهد البولندي، والمعهد الكندي، ومركز البحوث الأمريكية للآثار. وتتبادل الكلية الأساتذة الزائرين مع الجامعة الأجنبية في فروع الآثار المصرية والإسلامية وترميم الآثار للتدريس والبحث وتبادل الخبرات.
وقد تعاقب على عمادة كلية الآثار خمسة أساتذة هم: د. مصطفى الأمير، د. سعاد ماهر، د. عبد العزيز صالح، د. سيد توفيق.
ومن أعلام خريجي الآثار في جامعة القاهرة: د. أحمد بدوي، د. أحمد فخري، د. باهور لبيب، د. جرجس متى، د. عبد المنعم أبو بكر، د. لبيب حبيش وغيرهم من كبار المتخصصين في الآثار المصرية. كذلك كان من أعلام الخريجين في الآثار الإسلامية، د. حسن الباشا، د. جمال محرز، د. رياض العتر، د. زكي حسن وغيرهم.
(١٥) معهد البحوث والدراسات الأفريقية
أنشئ بكلية الآداب «معهد الدراسات السودانية» عام ١٩٤٧م تعبيرًا عن اهتمام مصر بالسودان باعتباره العمق الاستراتيجي لمصر، وتعزيزًا للروابط التاريخية والثقافية والسياسية بين البلدين من خلال البحوث والدراسات الأكاديمية. واقتصرت الدراسة فيه على قسمين هما: قسم التاريخ والآثار، وقسم الجغرافيا والأنثروبولوجيا. وكان يمنح دبلومًا في الدراسات السودانية بعد عامين من الدراسة للحاصلين على الدرجة الجامعية الأولى.
وعندما صدر القانون رقم ١٤ لسنة ١٩٥٠م بإعادة تنظيم الجامعة، استقل المعهد عن كلية الآداب، مع استمرار التخصصين السابقين وزيادة مدة دراسة الدبلوم لتصبح ثلاث سنوات بدلًا من سنتين.
ومع قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م، وزيادة الاهتمام بأفريقيا، تحول معهد الدراسات السودانية إلى «معهد الدراسات الأفريقية» وأُلحق — مرة أخرى — بكلية الآداب (١٩٥٤م) وأصبح الدبلوم الذي يمنحه المعهد معادلًا للماجستير، ويسمح للحاصلين عليه بالتحضير لدرجة الدكتوراه.
وفي عام ١٩٧٠م، أنشيء «معهد البحوث والدراسات الأفريقية» كمعهد مستقل نواته معهد الدراسات الأفريقية بكلية الآداب، وأصبح المعهد يضم ستة أقسام هي: الجغرافيا، التاريخ، الأنثروبولوجيا، النظم السياسة والاقتصادية، اللغات واللهجات، والموارد الطبيعية.
ويمنح المعهد درجتَي الماجستير والدكتوراه في الدراسات الأفريقية في أحد تخصصات الأقسام السابقة. وتشمل الدراسة للحصول على الماجستير مقررات دراسية لمدة سنتين ورسالة في موضوع التخصص.
وفي عام ١٩٨١م، أضيف دبلوم الدراسات الأفريقية، ومدة الدراسة به عامان في أحد التخصصات الآتية: جغرافيا، تاريخ، أنثروبولوجيا، نظم سياسية واقتصادية، لغات، موارد. وأصبح الحصول على الدبلوم شرطًا لقيد الطالب لدرجة الماجستير.
وقد تعاقب على عمادة المعهد في مراحل تطوره المختلفة خمسة من أعلام المتخصصين هم: د. محمد عوض محمد، د. حسن عثمان، د. عز الدين فريد، د. محمد السيد غلاب، د. محمد محمود الصياد.
(١٦) المعهد العالي للتمريض
أنشئ المعهد العالي للتمريض بقرار من مجلس الجامعة (في ٩ أكتوبر ١٩٦٣م) على أن تبدأ الدراسة في العام الجامعي التالي. وحدد الغرض من إنشائه بإعداد خريجات لهن ثقافة مهنية ممتازة لإشراف الفني على التمريض بالمستشفيات وتدريس فن التمريض. وإعداد ممرضات محترفات على أعلى مستوًى لتولي مسئولية تحسين خدمة التمريض. ويتبع المعهد كلية الطب.
وبدأت الدراسة بالمعهد في أكتوبر ١٩٦٤م لمرحلة البكالوريوس وانتدبت خبيرة من منظمة الصحة العالمية لإدارة المعهد؛ حيث تم الاتفاق مع المنظمة على المساهمة في تطوير المعهد وتقديم المعونات الفنية والتدريسية اللازمة لمدة عشر سنوات. وقد التحق بالمعهد عند تأسيسه سبع طالبات، تخرجت منهن عام ١٩٦٨م خمس خريجات.
والدراسة بالمعهد لمدة أربع سنوات جامعية للحصول على بكالوريوس التمريض، تعقبها سنة تدريبية إجبارية تحت إشراف المعهد، وطبقت السنة التدريبية على الخريجات اعتبارًا من دفعة ١٩٧١م.
وتم إنشاء دراسة لدرجة الماجستير عام ١٩٧٤م، ولدرجة الدكتوراه في التمريض عام ١٩٧٩م.
ولا يوجد بالمعهد أقسام علمية، وإنما توجد تخصصات هي: أساسيات التمريض، تمريض جراحي وباطني، تمريض أطفال، تمريض صحة الأم والرضيع، تمريض صحة المجتمع، تمريض نفسي، إدارة خدمات التمريض.
(١٧) معهد الأورام القومي
تم إنشاء معهد الأورام القومي عام ١٩٥٩م باستقلال قسم جراحة السرطان بكلية الطب. وافتتح المعهد رسميًّا عام ١٩٦٨م ويشمل مستشفى من ٢٩٠ سريرًا، وأقسامًا علاجية، وعيادة خارجية، وأقسامًا للبحوث والمعامل. والمعهد عضو في عدد من الهيئات الدولية؛ سواء في مجال الصحة والطب عامة أو تخصص السرطان والبحوث العلمية.
ويضم المعهد أقسام: جراحة السرطان، الأشعة العلاجية والتشخيصية، طب الأورام، باثولوجيا السرطان، الباثولوجيا الإكلينيكية، بيولوجيا الأورام، التخدير.
ويمنح المعهد دبلوم في علوم السرطان ودرجة الدكتوراه في جراحة السرطان.
(١٨) معهد العلاج الطبيعي
يُعتبر معهد العلاج الطبيعي الوحيد من نوعه في مصر والبلاد العربية، وقد أنشئ خصوصًا لمواجهة الاحتياج للأخصائيين في العلاج الطبيعي.
وكانت دراسة العلاج الطبيعي قد بدأت في مصر عام ١٩٥٤م تحت إشراف منظمة الصحة العالمية لخريجي وخريجات معاهد التربية الرياضية، من قبيل مسايرة التقدم العلمي في استخدام كل ما هو مستحدث في وسائل العلاج. وبدأ إعداد الكوادر اللازمة لهذا التخصص عام ١٩٥٦م بإيفاد البعثات الخارجية لأمريكا وبريطانيا وألمانيا.
وفي عام ١٩٥٨م، بدأ تطبيق نظام البعثات الداخلية لخريجي وخريجات معاهد التربية الرياضية العالية لدراسة مكثفة لمدة سنتين، ثم اتجه التفكير بعد ذلك إلى إنشاء المعهد العالي للعلاج الطبيعي على أن يلحق — مؤقتًا — كشعبة بالمعهد العالي للتربية الرياضية، وهو ما تم بالفعل عام ١٩٦٢م.
وفي عام ١٩٦٩م، أصبح المعهد مستقلًّا، ثم انضم إلى الجامعة عام ١٩٧٦م بعد أن كانت تُشرف عليه وزارة التعليم العالي. وأصبحت الدراسة فيه خمس سنوات للحصول على البكالوريوس بدلًا من أربع سنوات؛ حيث تقرر إضافة سنة تدريبية لزيادة كفاءة الخريجين واكتسابهم مهارات الأداء.
(١٩) معهد التخطيط الإقليمي والعمراني
تم إنشاء معهد التخطيط الإقليمي والعمراني في إطار اتفاق للتعاون التكنولوجي بين مصر وإيطاليا. وقد اتفق الجانبان المصري والإيطالي في ٣٠ أكتوبر ١٩٧٧م على أن ينشئ الجانب المصري معهدًا جديدًا على مستوى الجامعة يتبع جامعة القاهرة.
ويمنح المعهد شهادة البكالوريوس في التخطيط الإقليمي والعمراني بعد فترة خمس سنوات من الدراسة في مختلف التخصصات الأساسية في التخطيط والعلوم الهندسية والاجتماعية والاقتصادية. كما يمنح المعهد دبلوم الدراسات العليا في التخطيط العمراني والماجستير ودكتوراه الفلسفة في التخطيط العمراني.
وللمعهد قنوات علمية مشتركة مع معهد التخطيط العمراني بباريس ومع بعض الجامعات الأمريكية، وتخرجت أول دفعة من طلابه عام ١٩٨٣م، وكان عددهم أربعين طالبًا.
(٢٠) مركز بحوث التنمية والتخطيط التكنولوجي
أنشأت جامعة القاهرة مركزًا لبحوث التنمية والتخطيط التكنولوجي في مارس ١٩٧٩م بهدف تطوير ودعم البحوث التطبيقية وبرامج التدريب وتقديم الخدمات الاستشارية التي تساعد على تحقيق أهداف التنمية في مصر، وبما يحقق الاستفادة القصوى من القدرات العلمية لأعضاء هيئة التدريس بها.
ويقدم المركز خدماته إلى كافة الجهات التي يمكن أن تفيد من إمكاناته، كما يركز في ممارسة نشاطه على الأسلوب التكاملي من التخصصات المتنوعة في تقديم خدماته في مجالات البحوث وتصميم البرامج التجريبية، والاستشارية، وعقد الندوات والمؤتمرات والحلقات العلمية التي تطرح قضايا ومتطلبات التنمية للبحث والنقاش؛ سواء في مصر أو البلاد العربية.
ويحتوي المركز على ست وحدات فنية وإدارية مهمتها الأساسية تقديم العون إلى الفرق البحثية التي يتم تكوينها من الأساتذة والمتخصصين من الأقسام المختلفة بكليات الجامعة والمعاهد والهيئات المشاركة، وكذلك لمنسقي البرامج في مجالات البحوث والتدريب والمؤتمرات والندوات.
(٢١) معهد الدراسات والبحوث الإحصائية
أُنشئ معهد الإحصاء ملحقًا بكلية التجارة (عام ١٩٧٤م) وكان يمنح دبلوم الدراسات العليا في الإحصاء. وفي عام ١٩٦٢م أنشئ معهد الدراسات والبحوث الإحصائية كمعهد علمي مستقل تحت جناح جامعة القاهرة، ويقتصر على الدراسات العليا.
ويضم المعهد أقسام: الإحصاء الرياضي، الإحصاء التطبيقي والاقتصاد القياسي، الإحصاء الحيوي والسكاني، علوم الحاسب والمعلومات. ويمنح المعهد دبلوم الدراسات العليا في أحد هذه التخصصات، كما يمنح — كذلك — درجتَي الماجستير والدكتوراه في تلك التخصصات.
•••
وهكذا تطورت الجامعة تبعًا لتطور حاجات المجتمع، وخاصة متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية منذ قيام ثورة يوليو ١٩٥٢م.
وخلال تلك الفترة التي شهدت نمو الجامعة المصرية، تغير اسمها بموجب القانون رقم ٢٠ لسنة ١٩٣٣م لتصبح «جامعة فؤاد الأول»، وتغير اسمها مرة أخرى بعد قيام ثورة يوليو ١٩٥٢م وسقوط الملكية لتصبح «جامعة القاهرة».
ومهما كان من أمر تقلب الزمن وتغير العهود، فإن جامعة القاهرة كانت دائمًا رائدة التعليم الجامعي في مصر والعالم العربي، فلعبت دورًا أساسيًّا في تأسيس الجامعات المصرية الأخرى، التي نشأت معظمها في حجر جامعة القاهرة، وما زالت تبني لمصر جامعة جديدة تنبت من نواة فروعها في الفيوم وبني سويف والخرطوم. أضف إلى ذلك دور الجنود المجهولين من أساتذة جامعة القاهرة في تأسيس جامعة البلاد العربية في سوريا، والأردن، والعراق، ولبنان، والمملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربي، وليبيا، والجزائر.
سامية حسن: الجامعة المصرية ودورها في الحياة السياسية ١٩٠٨–١٩٤٦م، رسالة دكتوراه غير منشورة، بنات عين شمس، القاهرة ١٩٨٣م، ص١٢٩–١٣٢.