الرسالة الثالثة

من جون جراهام في يونيون ستوك ياردز في شيكاجو إلى ابنه بييربون في هارفارد. بعد أن عبَّر السيد بييربون عن إعجابه بكامبريدج واقتراحه أن يُكمل في الدراسات العُليا لسدِّ بعض الفراغات التي اكتشف وجودها في دراسته.

***

٣

١ يونيو …١٨٩

عزيزي بييربون، كلَّا، لا يُمكنني القول إنَّني أرى أيَّ وجاهةٍ في فكرة إكمالك الدراسات العليا. فأنت لن تُصبح شاعرًا ولا بروفيسورًا، وإنما تاجر لحوم، والمكان الوحيد الذي يُمكنك أن تأخذ فيه دراساتٍ عُليا في هذا المجال هو شركة تصنيع اللحوم. بعض الناس يتعلَّمون كل ما يعرفونه من الكتب؛ البعض الآخر من الحياة، وكِلا النوعَين يتَّسم بضيق الأفق. ذلك لأن أهل الفئة الأولى يَقتصرون على الجانب النظري، وأهل الفئة الثانية يقتصرون على الجانب العملي. ووحدَه مَن يعرف ما يكفي عن الجانب العملي ليسدَّ به الثغرات في نظرياته هو القادر على دفع العالَم إلى الأمام، وتحقيق هامشِ ربحٍ كبير أثناء دفعه.

ثمة فرصة لأن تَستخدِم كل ما تعلمتَه، بداية من اللغة اللاتينية وحتى الشعر، في تجارة اللحوم، رغم أننا لا نَستخدِم الشِّعر كثيرًا هنا إلا في الإعلانات التي نضعُها على عربات الشوارع، ولا تَقترن مُنتجاتنا بأسماء لاتينية إلا حين تُصدر وزارة الصحة عليها قرارًا بأنها غير صالحة. لذلك أرى أنك لن تجد بأسًا في أن تبدأ العمل مع ما يَنقُصك من تفاصيل التعليم؛ وإن كنتَ حريصًا بما يكفي على استكمال ما نقَصَك، فستجد طريقةً لتفعل ذلك، بعد انتهاء ساعات العمل.

أهمُّ شيءٍ بالنسبة إليك هو الانطلاقة الصحيحة، وهذا هو ما أرسلتُك إلى الجامعة لأجله. لم أتوقَّع منك أن تستوعب كلَّ ما قُدِّم لك من تعليم؛ فقد كنتُ أعرف أنك ستَترك شيئًا للطلاب من بعدك. ولكنني أردتُك أن تُكوِّن عاداتٍ عقليةً جيدة، تمامًا كما أُريدك أن تكتسب عاداتٍ بدنيةً مستقيمة وصحية. ولأنني قضيتُ سنوات صباي في العمل والكد، ولأنَّني لم أبدأ في أن أعقِل الأمور إلا بعد أن تجاوزتُ الثلاثين، لا أجد في نفسي تعاطفًا مع أبناء جيلي من المُسنِّين الذين يسيرون مُتباهين بجهلهم ويقولون إن الصِّبية لا يجب أن يتعلَّموا أكثر من الجمع والطرح، وأن يتحلَّوا بالأمانة ما دامت هي «السياسة المُثلى».

لقد بدأنا حياتنا في عالمٍ مُختلفٍ تمامًا، وكنا جميعًا جهلةً آنذاك. فقد أنعم علينا الرب بالبدء منذ زمنٍ بعيد، ومنَحنا فرصًا هائلة للكسب. لم يكن علينا أن نتعلم الكسور لنحسب قيمة أرباحنا. أما اليوم، فقد ازدادت الأمور تعقيدًا وأصبح التاجر يحتاج إلى تعلُّم الكثير من التفاصيل الدقيقة. في حين ما زالت المبادئ الأساسية باقيةً كما هي، إلا أن هناك المزيد من التعقيد في عالم التجارة اليوم. لم تنقص الفرص المتاحة للناس عما كانت عليه من قبل، ولكن الوصول إليها أصبح أصعب، ولا يُمكنك أن تقنصها بالطرق التقليدية.

كان بوسع المرء قبل ثلاثين عامًا أن يأخُذ بندقيةً قديمة ويَصطاد الكثير من البط عند حدود المدينة، وحينها لم تكن شيكاجو قد أصبحت مقاطعة كوك بعد. ما زال بوسع المرء أن يحصل على البط الآن، ولكن عليه أن يذهب إلى كانكاكي ويَصطحب معه سلاحًا مَخفيَّ الزند. حين بدأتُ عملي في صناعة اللحوم، كان الأمر برمَّته واضحًا للغاية، دون تزيُّد، فكلُّ ما كان علينا فعله هو تحويل الخنازير إلى لحم خنازير، مع تقديدِه بالملح للسُّود في الجنوب، ومعالجته بالسكَّر للبِيض في الشمال. وكل ما عدا ذلك كان يُحوَّل إلى نقانق أو يُرمى. أما حين نتعامَل مع خنزير اليوم، فإننا نُفرقه بين عُلب وأغلفة مختلفة، ونعرف كيف نستغلُّ كل قطعةٍ منه. وما كنا نرميه في الماضي أصبح مصدر ربحنا اليوم. وباتت إدارة العمل تتطلَّب وجود أطباء ومُحامين ومهندسين وشعراء، وغيرهم كُثر، وأعتقد أن الأيام القادمة حُبلى بتحسيناتٍ ستتطلَّب وجود قساوسة أيضًا. والطبيعي أن أيَّ شابٍّ يتوقَّع أن يملأ مركزه وسط كل هذا الحشد من صفوة الناس يجب أن يكون مستقيمًا وحادَّ الذهن كأنياب السبع، وإلا أكله مَن حوله حيًّا.

كان أول شابٍّ جامعي عيَّنتُه لديَّ هو جيم ابن العجوز جون دُرهام. كان هذا قبل سنوات عديدة مضَت حين كانت الشركة أصغر حجمًا. كان والد جيم يَملك الكثير من المال إلى أن بدأ يُعاند نواميس الكون ويَحتكِر القمح. حضر الفتى جميع المواد الأساسية المهمة في الجامعة، بل أيضًا المواد الإضافية الزائدة. كان الأب شديد الفخر بابنه. ويرى له مكانًا في الأوساط المثقفة. غير أن دُرهام العجوز كان مصيرُه ما ينتهي إليه كل مَن يخرج به طموحه عن حدِّ المعقول؛ إذ علم بوجود الكثير من القمح في أنحاء البلاد. لم يُضيِّع المُضاربون على نزول الأسعار وقتًا، واستمرُّوا في توفير القمح لدرجة أنه في أحد أيام التسوية، اضطرَّ ستةٌ منَّا إلى خفض الأسعار أقل من سعر السوق مخافةَ أن تهبط الأسعار هبوطًا يستمرُّ طويلًا.

في ذلك اليوم بدأ جيم الشاب البحثَ عن وظيفة. إذ لم يَلبث أن قرَّر أن الرب سيتدخل ليستمرَّ وصول مَعين الشِّعر للناس، وأن الأفضل له أن يَصرف انتباهه إلى أسهُم لحم الخنزير المعلَّب. وفي صباح اليوم التالي، حين وصلتُ إلى المكتب وجدته ينتظرني ومعه خطاب تعريفي، وحين عرَف أنني لن أُعين سكرتيرًا خاصًّا بأيِّ حال، تقدم لشغل كل وظيفةٍ مُمكنةٍ في المكان وصولًا إلى وظيفة الساعي. أخبرتُه بأسفي لأنني ليس في يدي ما يُمكنني أن أفعله له، وأنَّنا نُسرِّح الموظَّفين، ولكنني سأضعه في الاعتبار، وما إلى ذلك. والحق أنني لم أرَ في فتًى في مستوى جيم ما يمكن أن يُقدِّمه للشركة على أي حال. غير أن جيم ثابَرَ، وقال إن شركتنا قد حازت إعجابه، وأنه يرغب بالعمل فيها. واعتاد أن يمرَّ مرتَين أسبوعيًّا ليسأل عما إذا كانت لدَينا أي وظيفة شاغرة.

أخيرًا، وبعد حوالي شهر من هذا كله، غلَبَني لدرجة أنني في يومٍ من الأيام أوقفتُه في الشارع بينما كان يمرُّ بي. قلت لنفسي إن عليَّ أن أكتشفَ ما إذا كان يتحرَّق شوقًا للعمل فعلًا كما يزعم؛ أضف إلى ذلك أنني شعرتُ أنني ربما لم أُعامل الفتى كما يَستحق؛ ذلك لأنني كنتُ قد سلمتُ والده بنفسي قدْرًا كبيرًا من ذلك القمح.

قلت له: «مرحبًا يا جيم. هل ما زلتَ ترغب في الحصول على الوظيفة؟»

فأجابني بسرعة البرق: «أجل سيدي.»

كان جيم من الفتية الضخام طوال القامة الذين يتحرَّكون بكسل؛ فرفعت بصري إليه وقلت: «حسنًا، سأخبرك كيف ستَسير الأمور يا جيم. أنا لا أرى أي فرصة لك للعمل في المكتب، ولكنَّني أعرف أن مجموعات التحميل يُمكنها أن تضمَّ إليها رجلًا قويًّا وصالحًا مثلك.»

ظننتُ أن هذا سيَثني جيم ويُبعده عن طريقي؛ وذلك لأنَّ عمل حمل اللحم أو دحرجة البراميل والجِوالات لمائة ياردة إلى العربات ليس عملًا هينًا. غير أن جيم ردَّ عليَّ مباشرة، وقال: «مُوافق، مَن سيكون رئيسي المباشر؟»

وقد زادتْني السرعة التي أجاب بها، وكأنه قد كسَب رهانًا، يَقينًا على يقيني بأنه لم يُخلَق لعالم اللحوم. ولكنَّني قلت له من سيكون رئيسَه المباشر، فانطلق من توِّهِ مُتحمسًا ليعثر على المشرف. أرسلتُ توصيةً عن طريقٍ آخر لأتأكَّد من أنه سيُكلَّف بالكثير من المهام.

نسيتُ أمر جيم تمامًا حتى مرَّت ثلاثة أشهر، حين قُدم إليَّ اسمه ليشغل منصبًا جديدًا براتبٍ أعلى. وبدا أنه قد ابتكر طريقةً يُلغي بها وجود وظيفتِه؛ إذ بعد أن قضى برهةً من الزمن وهو يُدحرج البراميل مما أدَّى إلى هبوط أحد كتفَيه عن الآخر، توصَّل إلى طريقةٍ تجعل العمل أسهل، وخطرت بباله فكرة أقرب ما تكون إلى منظومة سكة حديد عُلوية، يتم من خلالها أرجَحة البراميل خارج المخازن ودفعها مباشرة إلى السيارات، بحيث يؤدِّي رجلان أو ثلاثةٌ عملَ مجموعةٍ بأكملها. كان الأمر كما ظننتُ بالضبط. لقد كان جيم كسولًا، ولكنَّه وضع الشركة في طريق توفيرٍ لكثيرٍ من المال لدرجة عجزتُ معها عن طرده. زدتُ راتبَه، وعيَّنتُه مساعدًا لعامل تسجيل الوقت ومُراقبًا. استمرَّ جيم في وظيفته تلك لثلاثة أشهر أو أربعة، حتى بدأ يشعر بألمٍ في قدمَيه على ما أعتقد، وحينها أصبح عاطلًا مرةً أخرى. وذلك بعدما سمع عن وجود ماكينةٍ جديدة لتسجيل حضور العُمَّال، وأنها حلَّت محلَّ جميع عُمال مراقبة الوقت باستثناء العُمَّال المُكلَّفين بمراقبة الماكينات، وظلَّ يلحُّ على المشرف العام حتى أقنعَه بتركيب تلك الماكينات. وبالطبع طلب زيادةً في راتبِهِ مرةً أخرى بعد أن ساعَدَنا في تحقيق ادِّخار هذا القدر من المال، وبالطبع لم نجد بُدًّا من الموافقة عليها.

عند هذه النقطة بدأتُ أهتمُّ بجيم، لذا أحضرته إلى المكتب وعيَّنته في وظيفة نسخ رسائل التعميمات. وكنا نُرسِل الكثير منها إلى الشركات الأخرى. كان هذا مباشرةً قبل الاعتماد العام للآلات الكاتبة، حين كانت لا تزال في المرحلة التجريبية. لم يَكد يمرُّ على عمل جيم في نسخ الرسائل شهرٌ قبل أن تُداهمه تشنُّجات العضلات التي تُصيب الكتبة، وبدأ يدسُّ أنفه في الأمور مرةً أخرى. عرفتُ بعد ذلك أنه حرَّض عليَّ مندوبي مبيعات الآلات الكاتبة الجديدة، وحثَّهم على الاستمرار في محاولات إقناعي حتى جعلوني أُجربها. واختفَت وظيفة السيد جيم مرةً أخرى. وزدتُ له راتِبَه دون أن يَطلُب هذه المرة، وكلَّفته بمهمة خارجية تتمثل في تقديم مُنتَج جديد كنا نصنعه؛ ألا وهو «خلاصة اللحم.»

قام جيم برحلتَين دون أن يبيع ما يكفي ليستمر العمل في المصنع لوقتٍ إضافي، ثم دخل إلى مكتبي وقصَّ عليَّ حكاية طويلة مفادها أننا نتعامل مع الأمر بطريقةٍ خاطئة من الأساس. وقال إنَّ علينا أن نصل إلى المستهلك عن طريق الإعلانات، ونجعل التجَّار يأتون إلينا، عوضًا عن أن نسعى نحن إليهم.

لم يكن فيما قاله شيء خارج عن طبيعته، لدرجة أنني اكتفيتُ بالضحك أولًا؛ أضف إلى ذلك أن هذا النوع من الإعلانات كان جديدًا نسبيًّا حينها، وأنا كنتُ عتيق الطراز من الذين لم يُبدوا له اهتمامًا. غير أن جيم واصل الإلحاح عليَّ بين رحلاته، حتى قرَّرتُ أن يتوقَّف عن رحلاته وأخبرتُه بموافقتي على تجربته للإعلانات كما اقترح، ولكن على نطاقٍ صغير.

كدتُ أموت رعبًا بسبب جيم في تلك السنة الأولى. إذ دخل أخيرًا في شيءٍ كان يُحبه كثيرًا؛ ألا وهو إنفاق المال، وأوغل فيه. فقد اعتاد أن يظلَّ مُستيقظًا لليالٍ طويلة، يَبتكر طرقًا جديدة يُضيع بها الأرباح التي جناها والدك العجوز. ووجدها فعلًا. وبدا لي وكأنه ما من طريقةٍ لأتخلَّص بها من «خلاصة جراهام»، وكلَّما وقعت عيني عليه تجهَّمت؛ لأنني كنتُ أعرف أنه يُكلفني أموالًا لم أكن أَلقَ لها مردودًا؛ ولكن في كل مرةٍ كنتُ أُقرِّر فيها أن أُقلل النفقات، كان جيم يتحدَّث إليَّ، ويُريني الثروة التي تنتظرني على بُعد مسافة يسيرة.

figure
«كلَّفت جيم دُرهام بمهمة خارجية تتمثل في تقديم منتج جديد.»

في البداية كان «خلاصة جراهام» شيئًا يُمكنك استخدامه لصنع حساء اللحم؛ كان هذا كل ما في الأمر. لكن قبل أن يبدأ جيم العبثَ به لمدة شهر، ويَطلُب من ابنته أن تُفكر في مائة طريقةٍ مُختلفة يمكن استخدامه بها، وقام بالإعلان عنها جميعًا. وبدا أنه ما من شيء يُمكن طهوُه لا يحتاج إلى قدرٍ يسير منه. وأبقاني في حالة ترقُّبٍ طوال الوقت. وفي بعض الأحيان، وجدتُ نفسي مضطرًّا لأن أبتسم ابتسامةً واسعة في وجه حماقته. أذكر صورةً عرَضها عليَّ تُبين ستَّ عشرة بقرةً تقف بين شيءٍ بدا أنه طباعة بارزة، تقول إن كلَّ رطلٍ تقريبًا من «خلاصة جراهام» يحتوي على عصير مُستقًى من قطيع من العجول. ولو بدأ مُستكشِفٌ رحلته نحو القطب الشمالي، فإنَّ جيم كان يُرسل له عبوة من الخلاصة ويُخبره أنه مصدر دفءٍ كبير في المناخ البارد؛ ولو شرع شخصٌ آخر في رحلةٍ إلى قارة أفريقيا، فإنَّ جيم كان يُرسِل له هو الآخر عبوة، ويعلن أنه مشروب مُنعِش عند تقديمه مع القليل من الثلج.

كان ينطلق إلى مكانٍ جديد كل يوم، ومع كل مُنطلَقٍ كان يُكلف الشركة أموالًا. وأخيرًا قررتُ أن أبتلع الخسارة، وكان السيد جيم قاب قوسين أو أدنى من أن يَفقد وظيفته، حين بدأ الطلب على الخلاصة يزيد، فأرجأتُ تنفيذ العقوبة عليه؛ ثم بدأ يُحقِّق مبيعاتٍ مُقابل ما يسحبه من نفقات، فعفوتُ عنه؛ وأخيرًا تحقَّق زخمٌ في الطلب على الخلاصة فرفع ذلك جيم إلى مكانٍ دائمٍ في الشركة. كان جيم مُحقًّا تمامًا في الطريقة التي استخدمها، ولكنَّها كانت طريقةً جديدة لم أكن واسع الأفق بما يكفي لأُدرك أنها طريقة أفضل.

كانت تلك هي النقطة التي فهمتُ فيها الرابط بين التعليم الجامعي والتجارة. ووضعتُ قاعدةً دائمًا بأن أستثمر في العقول، وتعلَّمتُ من هذه التجربة أنه كلما حصلت تلك العقول على تدريبٍ أفضل، زادت سُرعتها في إيجاد أسبابٍ تُشجعني على زيادة رواتبها. والشخص الذي لم يتلقَّ التدريب يمكن أن يكون على نفس الدرجة من الذكاء، ولكن جهوده للوصول إلى الأفكار ستظلُّ أشبه بتسديد الركلات في الهواء.

أظن أنك تسأل الآن عن سبب مُعارضتي للدراسات العُليا، ما دمتُ متحمسًا للتعليم إلى هذا الحد. دعني أُخبرك أنَّ عادات التفكير ليست الأمر الوحيد الذي يَكتسبه المرء في الجامعة.

أرى أنك قد انتُخبتَ رئيسًا لصفِّك. ويُسعدني أن زملاءك لا يَحقدون عليك، ولكن رغم أن الشاب الأكثر شعبية في صفِّه لا يكون دائمًا فاشلًا في التجارة؛ فإن الوصول إلى هذه الدرجة من الشعبية يتطلَّب قدرًا هائلًا من الوقت. وقد لاحظتُ أيضًا أثناء وجودك في المنزل في عطلة عيد الفصح أنك ترتدي الملابس غير الرسمية وتُدخن. لا جرم في أيٍّ من ذلك، ولكنني لا أعين موظَّفين بملابس غير رسمية على الإطلاق، والجزء الوحيد في الشركة الذي يُسمَح فيه بالتدخين هو مصنع الأسمدة.

وأنا أذكر هذا الأمر عَرَضًا. وكُلِّي ثقة في حكمك السليم على الأمور في النهاية، وأظن أنك ستفهم القصد دون أن أوضِّح بطريقةٍ فجَّة أسباب رأيي في أنك قد حصلتَ على القدر الكافي من التعليم الجامعي في الوقت الراهن.

والدك المحب
جون جراهام

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤