الفصل الخامس عشر

نظام الحكومة

تحت أي مبدأ يجب تصور العمل الذي قامت به الحكومة؟ ألاحظ قبل كل شيء أن هذا العمل مركب مؤلف من عملين آخرين؛ وهما: وضع القانون، وتنفيذ القانون.

وبالعمل الأول يقرر السيد وجود هيئة للحكومة قائمة تحت هذا أو ذلك الشكل، ومن الواضح كونُ هذا العمل قانونًا.

وبالعمل الثاني يعين الشعب الرؤساء الذين يقومون بالحكومة القائمة، والواقع أن هذا التعيين ليس قانونًا ثانيًا؛ لكونه عملًا خاصًّا، وإنما هو تابع للأول ووظيفة للحكومة.

والصعوبة في إدراك وجود عمل حكومي قبل وجود الحكومة وفي إمكان تَحَوُّلِ الشعب الذي غير سيد أو تابع إلى أمير أو حاكم في بعض الأحوال.

وهنا تُكْتَشَفُ، أيضًا، إحدى هذه الخصائص المحيرة للهيئة السياسية التي توفق بين أعمال متناقضة ظاهرًا؛ وذلك لأن هذا يتم بتحويل مفاجئ للسيادة إلى ديمقراطية، وذلك أن المواطنين الذين أصبحوا حكامًا ينتقلون من الأعمال العامة إلى الأعمال الخاصة ومن القانون إلى التنفيذ من غير تغيير محسوس وبصلة جديدة بين الكل والكل فقط.

وليس تغيير الصلة هذا براعة نظرية لا مثيل لها في العمل، فهو يقع كل يوم في البرلمان الإنكليزي؛ حيث المجلس الأدنى يتحول إلى لجنة كبيرة لحسن النقاش في الأمور، ويصبح هكذا جماعة بسيطة من مجلس ذي سيادة كما كان ذات حين، وذلك بأن تُقدِّم، فيما بعد، إلى نفسه، كمجلس نواب، تقريرًا عن نتيجة أعماله في اللجنة الكبرى وأن يناقش مجدَّدًا باسم آخرَ غير الذي كان قد قَرَّرَ به.

وهذه هي مزية الحكومة الديمقراطية الخاصة في استطاعتها أن تقوم فعلًا بقرار بسيط من الإرادة العامة، ثم تظل هذه الحكومة المؤقتة قابضة على السلطان عند قبول هذا الطراز، أو أنها تقيم باسم السيدِ الحكومةَ التي يأمر بها القانون، وهكذا يوجد كلُّ شيء في نصابه، ومن المتعذر إقامة الحكومة على وجه شرعي آخر ومن غير عدول عن المبادئ المقررة آنفًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤