الفصل الرابع والمائة

إخفاق سعي الإنجليز

بيَّنا العلة في اهتمام الإنجليز بتحوير قانون المالية المصرية ومعارضة الدول لهم فيما يرغبون، ولما لم يجدهم إلحاحهم، وثبتت الدول في امتناعها، نكبوا عن طريقهم واستكانوا لرأي الدول، وأعلن ترجمان سرهم ولسان حالهم «نوبار باشا» لجميع قناصل الدول في مصر أن الحكومة المصرية (الإِنجليزية) رجعت عما عزمت عليه — وكانت نفذته — من توقيف الاستهلاك، كان قصد الإنجليز بهذا التصرف إثبات سلطتهم وتقوية شوكتهم على المصالح العامة في مصر، وهو نفوذٌ عاجلٌ، وكانوا يؤملون فيه فائدة آجلة كما أشرنا إليه، ولما رأوا أن طول الزمن على معارضة الدول لهم ربما يحول بينهم وبين غايات أخر يبتغون الوصول إليها؛ انقلبوا عن وجههم ونقضوا عزيمتهم بلا خجل، ولا نظن أن يخفى على المصريين سر العزيمة الأولى وسر النقض الثاني، وأن هذا التنازل إنما دعت إليه الضرورة الحاضرة ووجود العقبة السياسية، أما سائر مطامعهم وبقية مقاصدهم فإنهم يغذون إليها السير ولا يدعون منها نقيرًا، إلا أن تصادمهم جيوش الهمم وتقوم في وجوههم عقبات العزائم، هناك يرجعون بالخيبة ويخسرون خسرانًا مبينًا.

الحق

اعتدى على الحق جاهل فنال نكاله.

ينتصر الحق ويخذل الباطل وإن طاوله الكرم وأمهله العفو ومده الغرور.

جمال الدين الأفغاني – محمد عبده
(تمت كلمات «العروة الوثقى» بفضل الله.)

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤