الفصل الثالث عشر

أيرلندا

في كل يوم يقيم الإنجليزي برهانًا منطقيًّا ودليلًا جدليًّا على أنه ما ذهب إلى مصر إلا بقصد إقرار الراحة ووضع قواعد العدالة، ولكنه كلما رتب مقدماته لإقناع السذج بقضاياه المشهورة عارضه الأيرلنديون ببراهينَ عمليةٍ تنقضُ ترتيبَه وتبطل نتيجته، فإنه لا يمضي وقت من الأوقات إلا ولهم فيه عمل لكسر شوكة الحكومة الإِنجليزية في أيرلندا، يضعون الديناميت لتدمير الأبنية وهدم الجسور وتعطيل السكك الحديدية، ويفتكون برجال الحكومة ويتضجرون من ظلمها ويطلبون كل وسيلة للتملُّص من سلطتها، وهم في سيرهم لا يَهِنُون ولا يفترون.

هُيئت وليمة للمستر بارنل رئيس حزب الأيرلنديين، حضرها جمٌّ غفير منهم؛ احتفالًا بعيد سان بتريس، وفيهم كثيرٌ من أعضاء البرلمان، فألقى عليهم خطابًا أظهر فيه مَسَرَّتَه من تقدُّم الحركة الجنسية في أيرلندا وأوصى الأيرلنديين أنْ لا يَعتمدوا على حزب من الأحزاب الإِنجليزية وإنما يكون اعتمادُهم على نشاطهم واجتهادِهم، ثم قال: إن له في المستقبل أملًا حسنًا، وختم كلامه بقوله: إن اليوم الذي يجتمع فيه الأيرلنديون على اختلافِ أحزابهم في بسيطة أرضهم هو قريبٌ وسيكونون عما قليل تحت حكم برلمان أيرلندي، وفي ذلك الوقت لا قبله ترسل أيرلندا إلى إنجلترا رسالةً سلمية، وعند رفع كئوس الشراب أبى الحاضرون ذِكْر الملكة وإنما رفع بارنل أول كأس ونادى باسم الأمة الأيرلندية، وطلب من الحاضرين ذلك.

هكذا يطلب الإنجليز ضَمَّ أراضٍ إلى أملاكهم فتنفصل عنهم أراضٍ أُخرى، وإلى الله علمُ العاقبة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤