عصابة «سادة العالم» يكشفون الشياطين!

قال «أحمد» وهو يخاطب «عثمان» في التليفون: يجب عقدُ اجتماع حالًا.

في لحظات كان الشياطين قد اجتمعوا في غرفة «أحمد» الذي قال: من الواضح أن العصابة قد راقبَتنا منذ أن كنَّا في المحيط، وحتى هنا؛ فليس من المعقول أن يكتشفوا وجودَنا هكذا فجأة.

أضاف «قيس»: أو أنهم سجلوا رسالتنا إلى عميل رقم «صفر».

قال «عثمان»: حتى لو فعلوا ذلك، فكيف تمكنوا من حلِّ الشفرة!

ردَّ «خالد»: أنت تعلم أن هناك أجهزةً حديثة جدًّا تستطيع حلَّ أية شفرة.

تساءل «فهد»: إننا نستخدم موجة خاصة لا يمكن اكتشافها.

قال «أحمد»: كل هذا ليس مهمًّا الآن. المهم أنهم اكتشفوا وجودنا. وما داموا قد هاجمونا في غُرَفنا في وقت واحد، فهذا يعني أنهم لا يعرفون مع مَن توجد الرسالة.

قال «عثمان»: هذا صحيح. ولذلك يجب أن نتصرف بسرعة.

استمر الاجتماع أكثر من ساعة والشياطين يقترحون، ويتناقشون، دون الوصول إلى حل. في النهاية قال «أحمد»: ينبغي أن نلعب ضدَّهم لعبةً مثيرة. سوف يقوم أحدُنا بتغيير هيأته وشكله، ويخرج وحده. ومعه الرسالة إلى المطار، ثم إلى المقرِّ السريِّ. فهذا هو المهم أن تَصِل الرسالة إلى الزعيم. أما الباقون فإنهم سوف يبقَون، ولا يغادرون الفندق، كنوع من التمويه. إننا بذلك نكون قد فوَّتنا عليهم الفرصة. أما صراعنا معهم فهذه مسألة لا تهمُّ. إننا قادرون على أن ندخل معهم في معارك نكسبها في النهاية!

كان الشياطين يُنصتون في اهتمام لكلمات «أحمد»، إلا أن «فهد» قال فجأة: لقد طرأَت على ذهني فكرة، أظن أنها تحقِّق الكثير!

قال «عثمان» بسرعة: علينا بها إذن.

قال «فهد»: لماذا لا نُرسل محتوى الرسالة إلى رقم «صفر»، بعد أن نغيِّرَ الشفرة، وساعتَها لا تهمُّنا الرسالة.

قال «قيس»: فكرة طيبة، لكنَّ هناك احتمالًا لا بد من وضعه في الاعتبار … فالعصابة يمكن أن تكون قد اكتشفَت الموجة التي نُرسل عليها الرسالة، فيقومون بالتشويش عليها، فلا تَصِل. بل إنهم يمكن أن يُرسلوا رسالة مخالفة إلى الزعيم على نفس الموجة.

أخيرًا انتهَوا إلى قرار. أن يظلوا في خطتهم القديمة التي اقترحها «أحمد»، وأن يستمروا في طريقهم مهما كانت العقبات. كان عليهم أن يقضوا الليلة في المدينة، ثم يسافروا غدًا؛ فهم يشعرون بالإرهاق. وعليهم أن ينالوا قسطًا من الراحة.

قال «أحمد»: قبل أن ينفضَّ الاجتماع: عليكم بالحذر؛ فسوف نتعرَّض لهجوم آخر!

انصرف الشياطين. نظر «أحمد» إلى النافذة المكسورة، وقال في نفسه: كيف يمكن أن أنام في مثل هذه الغرفة؟ فكر لحظة، ثم رفع سماعة التليفون، وطلب «فهد» قال له: أفكر أن ننتقل إلى طابق مرتفع. إن ذلك أكثر أمانًا!

وافقه «فهد»، فأسرع «أحمد» بالحديث إلى إدارة الفندق، وأبدى رغبته، ولم يكن هناك ما يعوق ذلك. وفي دقائق، كان الشياطين ينتقلون إلى الدور الواحد والعشرين. لكنَّ الغرف هذه المرة لم تكن متجاورةً؛ فقد كانت كلُّ غرفة بعيدة عن الأخرى. عندما أغلق «أحمد» باب غرفته، قال في نفسه: إن عصابة «سادة العالم» لها في كلِّ مكان عملاء، وليس بعيدًا أن يكون عددٌ من العاملين هنا، أعضاء فيها. ويصبح الوصول إلينا سهلًا تمامًا.

انتظر لحظة ثم قال لنفسه: لا بأس، إننا في الانتظار. وضع مفتاح الباب في ثقبه، ثم أغلق الباب وهو يقول: إن ذلك يجعل الموقف أكثر أمانًا. دار في الغرفة، وفتح نافذتها ثم أطلَّ منها. كان هناك بروزٌ عريض يحيط بالدورِ كلِّه. فكَّر أنَّ أيَّ واحد يستطيع أن يمشيَ فوق هذا البروز. وببساطة أغلق النافذة، ثم وقف لحظة يفكر. قال في نفسه: يجب أن يراعيَ الشياطين ذلك!

رفع سماعة التليفون وتحدَّث إلى «عثمان». لكنه ما إن نطق أول كلمة حتى توقف. لقد أحس أن أحدًا يستمع للمكالمة. تحدَّث بسرعة بلغة الشياطين التي لا يعرفها أحد. ونقَل ما يفكر فيه إلى «عثمان» الذي ردَّ عليه بأن الشياطين جميعهم قد فعلوا نفسَ الشيء، وهم يعرفون الآن جيدًا كلَّ تفاصيل المكان. في النهاية قال «أحمد» باللغة الإنجليزية: لا بأس، سوف أحتاج لقسط من النوم. أرجو ألَّا تُوقظَني، حتى أتحدَّثَ إليك!

ثم وضع السماعة. فكر لحظة ثم قال لنفسه: سوف أجعلها خدعة كبرى.

رفع سماعة التليفون مرة أخرى. ثم تحدَّث إلى استعلامات الفندق، يُخبرهم أنه لا يريد أن يُوقظَه أحد، ثم ابتسم وهو يضع السماعة، ويقول لنفسه هامسًا: هكذا عرف الجميع. ولا بأس في أن يفكر أحدهم في الوصول عندي! بسرعة اندفع إلى الحمام، وأخذ دشًّا ساخنًا. وعندما عاد ألقى نفسه على السرير، وهو يقول: كم أنا في حاجة إلى النوم فعلًا. ولم تمضِ دقائق، حتى كان قد غَرِق في النوم. كانت الرسالة الهامة في جيبه؛ ولذلك فإن أحدًا لا يستطيع الحصول عليها ما لم يُوقظه. وكان هذا السبب في أنه استغرق في النوم. لكن ما إن دقَّت الساعة العاشرة مساء، حتى كان صوت رنين التليفون يتردد في الغرفة. فتح عينَيه مبتسمًا؛ فقد شعر بالنشاط، مدَّ يده، ورفع السماعة، فجاء صوت «خالد» ضاحكًا: ماذا أيها الصديق «رانك» هل تفكر في مواصلة النوم؟

ابتسم «أحمد» وقال: لقد استيقظتُ لتوِّي، ولن أستطيع العودة إلى النوم مرة أخرى، قبل خمس ساعات على الأقل، ثم تساءل: ماذا هناك؟

قال «خالد»: سوف نخرج في جولة سياحية داخلية في الميناء، وعادة توجد أماكن كثيرة يمكن أن تسهر حتى الصباح!

قال «أحمد»: لا بأس. هل دعوتَ بقية الزملاء؟

ضحك «خالد» وأجاب: إنهم جميعًا هنا.

قال «أحمد»: إذن، بعد عشر دقائق نلتقي في الكافتيريا؛ فأنا في حاجة إلى كوب شاي باللبن!

وضع السماعة، ثم قفز في نشاط. مارسَ بعضَ التمارين الرياضية، فشعر أنه يستطيع أن يتصدَّى لخمسة رجال معًا. ضرب صدرَه بيدَيه، وتنفَّس بعمق، ثم قال لنفسه: إن أية معركة الآن تكون مفيدة. ثم ابتسم وبدأ يستعد. بعد سبع دقائق بالضبط، كان يغادر الغرفة في طريقه إلى الكافتيريا. وعندما وصل إلى المصعد، كان بقية الشياطين هناك أيضًا … ابتسم «عثمان» وقال: لقد نمتَ جيدًا، أليس كذلك يا عزيزي «رانك»؟!

ضحك «أحمد» ضحكة قوية وهو يُجيب: نعم أيها الصديق «جونز». لقد كنت فعلًا في حاجة إلى النوم!

قال «قيس»: نحن جميعًا كنَّا في حاجة إلى النوم! وعندما وصل المصعد، دخلوه. كان بداخله عددٌ من الرجال. اندسوا بينهم. وأسرعَت عينَا «أحمد» تُلقي بنظرة فاحصة فوق أوجه الرجال. كان اثنان يتهامسان، بينما كان أحد الرجال ينظر إليهم بطريقة غريبة.

كان يقف بجوار «فهد» رجلٌ قصير القامة، يبدو عليه الدهاء. ابتسم ابتسامة صغيرة، ثم همس يسأل «فهد» بصوت رفيع: يبدو أنكم غرباء عن المدينة!

قال «فهد» مبتسمًا: نحن صيادون، نأتي في رحلات صيد ثم نعود.

قال الرجل: وما حال الصيد هذه الأيام؟

ابتسم «فهد» مرة أخرى، وقال: لو نزلت سوق السمك غدًا، فسوف ترى أنواعًا جيدة!

ضحك الرجل ضحكة لفتَت أنظار الجميع؛ فقد كان صوته يبدو كخيط رفيع ناعم، ثم قال: إن الأسماك هذه الأيام غير جيدة؛ فهي تتعرض لسموم كثيرة تجعلنا نفقد حياتنا!

ابتسم «فهد»، وقال: إن صيدنا من مكان بعيد عن مناطق التجارب، ونحن نصطاد بطرق صحية، وليس عن طريق المتفجرات.

قال الرجل القصير: إذن. دعني أدعوك لأكلة سمك، حتى أطمئن.

فضحك الجميع، كان المصعد قد هبط إلى الطابق الأرضي، فخرجوا جميعًا الواحد بعد الآخر. وعندما ابتعد الشياطين كان لا يزال الرجل القصير يرمقهم بعينَين تبدوان مغلقتَين. همس «عثمان»: يبدو أنه أحدهم!

قال «خالد»: مَن يدري، إن عصابة «سادة العالم» تبدو وكأنها في كل مكان.

أخذ الشياطين مكانَهم في الكافتيريا حول منضدة مستديرة، وطلبوا شايًا وجاتوهًا. وقعَت عينَا «قيس» على الرجل القصير يجلس مع آخرين على منضدة بعيدة قليلًا. كان يبدو وكأنه ينظر إليهم، في الوقت الذي يتحدث فيه إلى مَن بجواره. فجأة، مرَّ أحدُ عمال الفندق يحمل لافتةً مكتوبًا عليها: السيد «رانك» تليفون. قرأ الشياطين الكلمات المكتوبة، وعلَت الدهشةُ وجوهَهم. فمَن يعرف اسمَ «رانك». همس «فهد» هل يكون عميل رقم «صفر» على التليفون؟

أضاف «خالد»: لعله يقصد «رانك» شخصًا آخر؛ فلا أظن أنه اسمٌ خاصٌّ ﺑ «أحمد».

كان «أحمد» يفكر بسرعة … هل هي خدعة، ولماذا «رانك» بالذات؟

قال «عثمان»: ماذا هناك؟ حتى لو كانت خدعة؛ فنحن على استعداد!

همس «أحمد»: سوف نرى. ثم وقف مباشرة وهو يقول: ينبغي أن تراقبوا الموقف جيدًا. في نفس الوقت، إذا تأخرتُ قليلًا، فعليكم بالتصرف!

وفي هدوء، انحنى وكأنه يربط حذاءه، ثم أخرج الرسالة الهامة من جوربه، ووضعه في جورب «قيس» الذي كان يجلس بجواره مباشرة. لم يشعر أحد من الشياطين بما فعله «أحمد» سوى «قيس» وحده. أخذ طريقَه إلى حيث التليفون. كان الشياطين يتابعون، بينما هو يبتعد. همس «فهد»: أظن أنها خدعة!

ردَّ «خالد»: هذه مسألة لا تحتاج إلى ذكاء كثير؛ فعميل رقم «صفر» لا يُقدِم على هذا التصرف!

قال «عثمان»: مَن يدري، قد تكون رسالة عاجلة من الزعيم!

لكن «قيس» نفَى ذلك بشدة، وهو يقول: لا. كان من الممكن إذا كانت الرسالة هامة أن يُرسل أحدًا، أو أن يُرسل رسالة شفرية.

ردَّ «عثمان»: لا تنسَ أن الرسالة الشفرية قد أصبحَت تحت سيطرتهم.

ومرَّ الوقت دون أن يعودَ «أحمد».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤