رسالة

فراقك هندٌ طويل المدى
ثلاثين يومًا، تقبل عليَّ
يباعد صوتكِ عن مسمعي
ويحجبُ نورَكِ عن ناظريْ
كتبتُ إليك بأني عليه
سأصبر حتى يحين اللقاءْ
وما كنتُ أعلم أن اصطباري
قليلٌ وأني كثير الشقاءْ
تلاحقني وحشة لا تطاقُ
فأين حللتُ أراها معي
على الباب، في الدار، خلف
الرياش، وحول السرير وفي مضجعي

•••

ألا ما لهذي الحياة التي
رماها زماني بشتى العِللْ
فيأتي الصباح ولا من سلام
ويمضي المساء ولا من قُبلْ
وأطوي الليالي على ذكريات
تُثير همومي وتذكي الشجونْ
فأشتاق أنفاسك العاطرات
وألثم بالوهم تلك الجفونْ

•••

فيا لكَ من ضجر دائم
ويا لكِ من وحدة يائسة
أراني وحيدًا، وحيدًا، وما
رفيقي سوى غرفتي العابسة
وأشياؤها الجامدات فلا
يحركها الساعد الناعمُ
ويزعجني كل صوت ولو
أتاني به النغمُ الحالمُ
و«مرتا» تئن وتشكو لما
ترى من جمودي على المائدة
وكيف يطيبُ الطعام لنفسٍ
تحنُّ إليكِ ولا فائدة؟
جلُّ همِّي أن ينقضي الشهر هذا
بسلام وتنتهي أيَّامه
أقتل الوقت في الكتابة حتى
جفَّ حبري وعُطِّلت أقلامه
أمسح الطرس لست أعلم ماذا
خط في الطرس خاطري وبناني
فبغير ابتسامة منك أو لحْظ
وصوتٍ هل يستقيم بياني؟
ولماذا، إذًا أخط وأمحو
كل سطرٍ بألفِ سطرٍ وسطرِ؟
رمت فيه إيداع قلبي وفكري
فعصاني في الشرح قلبي وفكري
عبثًا تُكتَبُ الرسائلُ هذي
فهي لا تُبلغ النداء المرادا
وأراها تطيل أيام هجري
لا أراها تقرِّب الأبصارا
ذاك أن الحديث يعوزه الأخذ
والردُّ رضا أو تحمسًا لا عتابا
وأنا ها هنا أناجي سطوري
لا سميع أو من يرد جوابا

•••

يا فتاتي وفتنتي وحياتي

هل صحيحٌ

ما جاءني في مقالكْ؟
هل صحيحٌ بأن فكرك عندي
هل صحيح أني خطرتُ ببالكْ؟
فأنا مُرسلٌ إليك فؤادي
بهمومي ولوعتي وغرامي
وسهادي ووحشتي ودموعي
واشتياقي لضمِّ ذاك القِوامِ
وإليك المساء هدهدة الواله
مني، كما تهدهدُ طِفلةْ
قبلةٌ ملؤها الحنان، تليها
قبلةٌ إِثرَ قبلةٍ، إِثرَ قُبلةْ

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤