الفصل السادس

كسر قيود المعلم

القراءة ليست فرضًا؛ وعليه، ما من سبب يدعو لتحويلها إلى أمرٍ كريه.

أوجستين بيريل

أعتقد أن أسوأ كابوس مررت به كان العام الماضي عندما فُرض علينا جميعًا قراءة نفس الكتاب، وحل أوراق التدريبات، وتسجيل ملاحظاتنا بعد كل فصل من الكتاب.

كريستينا

في خريف عام ٢٠٠٧، مَنحتْ معاهد الصحة الوطنية الأمريكية ٣٠ مليون دولار لأربعة مراكز بحثية — وهي جامعة كولورادو في بولدر، وجامعة ولاية فلوريدا، وجامعة هيوستن، ومعهد كينيدي كريجر في بالتيمور — في محاولة منها للكشف عن سبب تراجع الاهتمام بالقراءة والقدرة عليها مع اقتراب الطلاب من مرحلة المراهقة (صامويلز، ٢٠٠٧). وفي حين أني لا أستطيع تقديم تفسير وافٍ لانخفاض الهمة في القراءة أو سبب إصابة كثيرٍ من الطلاب بها، يمكنني إخباركم بمَن يجب أن تسألوه عن هذا الأمر؛ إنهم الأطفال أنفسهم.

على مدار عملي بمهنة التدريس، يخبرني الطلاب باستمرار بأن القراءة على النحو الذي تُدرَّس وتُقيَّم به عادةً تشجعهم في الواقع على كرهها. أخبرتني طالبتي سكايلر في أثناء أحد اجتماعاتنا: «تكون القراءة أمرًا شاقًّا عندما نستغرق وقتًا أطول في حل أوراق التدريبات حول كتابٍ ما مقارنةً بقراءتنا الفعلية لكتاب.» وأخبرتني دانا كذلك عن خبراتها السابقة في الصف الخامس قائلةً: «كنا نقرأ كل يوم فصلًا من أحد الكتب، ونقضي بقية اليوم إما في مناقشته وإما في حل أوراق التدريبات الخاصة به. وعندما جاء وقت تقارير الكتب، كنت أقرأ الكتاب في يومين وأنتهي من التقرير الخاص به بحلول نهاية الأسبوع. وكان لا يزال علينا أن نعمل على التقرير لأسبوعين لاحقين، بينما أنا لا أجد ما أفعله نظرًا لانتهائي منه بالفعل.»

لقد أصبحت القراءة عملًا مدرسيًّا، لا نشاطًا يؤديه الأطفال طوعًا خارج المدرسة. يقيِّد المعلمون القراءة بكثير من القيود؛ مما يمنع الطلاب من بناء علاقة ممتعة مع القراءة سواء داخل الفصل أو — للأسف — خارجه. كتبت جوردان، إحدى طالباتي، قائلة: «أود أن أصرخ قائلةً: «هذا لا يفيدنا»»، مشيرةً إلى التدريبات اللانهائية المرتبطة بقراءة الكتب في المدرسة.

(١) الالتفات للممارسات التقليدية

يطلب منا ناظر المدرسة التي أعمل بها، باعتبارنا فريق التدريس في المدرسة، أن ندقق في الممارسات التقليدية ونتساءل إن كانت هذه الممارسات هي ما يصفه رائد السياسات التعليمية ريتشارد إلمور ﺑ «الممارسات المُسلَّم بها»؛ أيْ ممارسات الفصل المدرسي والسياسات المؤسسية المتأصلة في ثقافة المدرسة أو النظام الفكري للمعلم إلى درجة تَحُول دون التحقق من قدرتها على التأثير في تعلم الطلاب على الإطلاق. هل الأنشطة والتقييمات التي نستخدمها تحقق الأهداف التعليمية التي نرمي إليها؟ أم إننا اعتدنا على أدائها دائمًا فحسب؟

مثلما ذكرت في الفصل الثالث من هذا الكتاب، عندما أصادف إحدى الممارسات المنتشرة على نطاق واسع في فصول القراءة، أفكر في الهدف منها، ثم أبحث عن سبل لتصحيح وضعها كي تكون أكثر تحفيزًا لطلابي وأكثر تماشيًا مع معتقداتي الشخصية عن القراءة والعادات والمهارات التي يتمتع بها القرَّاء المداومون على القراءة طوال حياتهم، وليس من يقرءون في المدرسة فقط.

لنكشف عن بعض الموارد المُجرَّبة والمفيدة (لا شك أنها مُجرَّبة، لكن هل هي مفيدة حقًّا؟) في آداب اللغة، ونتحقق من أهداف التعلم المرادة منها. علاوة على ذلك، لنفكرْ في البدائل التي تحقق الأهداف نفسها، لكنها أكثر تماشيًا مع عادات القرَّاء الحقيقيين وأكثر ما يهم الطلاب.

(٢) ممارسة تقليدية: الروايات المفروضة على الفصل بأكمله

ليس علينا تدريس كتب عظيمة؛ وإنما علينا تعليم الطلاب حب القراءة.

بورهوس فريدريك سكينر

يضع المعلمون وحدات تعليمية مستفيضة حول روايات بعينها، مُحلِّلين نص الرواية إلى مفاهيم منفصلة لدراستها على نحو أكثر تفصيلًا. وإذا كنتَ معلمًا جديدًا، فقد ترى أن أفضل ما يمكنك أن تطمح فيه للاستمرار في المهنة هو أن يقدم لك معلم أكثر منك خبرةً حجر رشيد الذي سيفك لك شفرة الأسلوب الذي من المفترض منك اتباعه في تدريس القراءة، بالإضافة إلى جميع الأنشطة التي تحتاج إليها «لحمل الطلاب على الانتهاء» من قراءة الكتب. وإذا لم يكن لديك هذا المعلم المرشد الذي يقدم لك خططًا للدروس، فما عليك سوى البحث في متجر لوازم المعلم في منطقتك حيث يوجد كمٌّ هائل من وحدات الروايات المُعدَّة مُسبَّقًا في انتظارك.

تضع بعض المدارس والمناطق التعليمية قوائم بالروايات المطلوب من الطلاب قراءتها في كل صف. وتُبجَّل هذه القوائم كما لو كانت قانونًا مقدسًا، بالرغم من عدم وجود معيار قومي واحد يَفرض على الطلاب قراءة نصوص معينة.

إن تدريس الروايات المفروضة على الفصل بأكمله لا يؤدي إلى تنشئة مجتمع من المثقفين. لتَستطلِعْ آراء أصدقائك وأقاربك في هذا الشأن (ممن لم يصيروا معلمين)، واسألهم عن شعورهم تجاه الكتب التي قرءوها في المدرسة الثانوية، ثم عن مقدار قراءتهم الحالية. في المقال، الذي نُشِر بصحيفة «فاي دلتا كابان»، تحت عنوان «وداعًا لرواية «وداعًا للسلاح»: دحض مفهوم الرواية الواحدة للفصل بأكمله»، يثير دوجلاس فيشر وجاي أيفي التساؤلات حول الاستعانة الواسعة الانتشار بمنهجية التدريس القائمة على فرض رواية واحدة على الفصل بأكمله في فصول القراءة، مشيرَين إلى أن: «الطلاب لا يقرءون أكثر ولا يتحسنون في القراءة نتيجة تطبيق منهجية فرض رواية واحدة على الفصل بأكمله، وإنما على العكس يتراجع مقدار قراءتهم وحافزهم للقراءة وانجذابهم إليها واحتمالية أن يقرءوا في المستقبل.»

ومن ثم، إذا كان اشتراك الفصل في قراءة كتاب واحد لا يحسِّن قدرة الطلاب على القراءة أو يزيد استمتاعهم بها، فما الهدف من هذه الممارسة إذن؟ يؤكد بعض المعلمين على أن هذه الممارسة بالغة الأهمية لتعريف الطلاب بالأعمال الأدبية العظيمة (مثل أعمال جون ستاينبيك، ومارك توين، وناثانيال هوثورن) باعتبارها جزءًا من إرثهم الثقافي. لكن ما السبل الأخرى التي يمكننا تحفيز المراهقين من خلالها على القراءة لهؤلاء الكتَّاب من تلقاء أنفسهم؟

لا أختلف مع هذا الهدف من الناحية النظرية؛ فقد كان عليَّ أن أبتسم في الواقع عندما أشارت ابنتي المراهقة إلى مدينة «سالم» في مزحة من مزحاتها، بعد قراءة مسرحية «البوتقة». لكن هل كل ما استفادته من قراءة مسرحية آرثر ميلر هو القدرة على صياغة إشارة أدبية بليغة؟ لا ريب أن قراءة الأعمال الأدبية المهمة من الناحية التاريخية والثقافية تعزز المعرفة العامة للقرَّاء، لكن بأي مقابل؟ إن ابنتي المراهقة لا تقرأ سوى الكتب التي تفضلها في الصيف؛ لأنها تكون مثقلة بالقراءة المفروضة عليها في أثناء العام الدراسي. إن الاعتماد على حمية أدبية قوامها الأساسي الأعمال الكلاسيكية فحسب لا يتيح للطلاب فرصة استكشاف أذواقهم الشخصية في نصوص القراءة، ويضيِّق منظورهم للقراءة لتصبح قاصرة على كوْنها مهمة مدرسية مكلفين فيها بالتحليل المفرط للنصوص الأدبية؛ لذا، لا بد من وجود توازن بين ضرورة تعليم الطلاب الأدب وضرورة تيسير تطورهم ليصبحوا قرَّاءً لمدى الحياة. ماذا عن الهدف الأعظم المتمثل في تشجيع الطلاب على القراءة عند انتهاء وقت تحليل الأعمال الكلاسيكية؟

(٢-١) ما يناسب البعض لا يناسب الكل

إن تلقين العقل أعمال الأدب الكلاسيكي يُبطل، على ما يبدو، جميع الأهداف الأخرى المحددة للقرَّاء في فصولنا. يستطيع المعلمون دائمًا الإشارة إلى قليل من الطلاب الذين يحبون هذه الأعمال الكلاسيكية، لكنني أعترض بأن هؤلاء أقلية، أو أن عددًا قليلًا منهم هم من يصيرون قرَّاءً في المستقبل نتيجة لقراءة هذه الأعمال؛ فما السبب وراء ذلك؟ ليس كل طالب يجتاز الدراسة في فصولنا يُقدَّر له أن يصير متخصصًا في الأدب الإنجليزي، ولا يمكننا إعداد منهجنا التدريسي كما لو كانوا جميعًا سيتخصصون في هذا المجال. إن استخدام وحدات الروايات المفروضة على الفصل كله كوسيلة أساسية لتعليم القراءة ينطوي على مشكلات متأصلة، وقد قادتني رؤيتي لهذه المشكلات في فصلي وفصول أخرى، واستماعي لشكاوى طلابي بشأن وحدات الروايات المفروضة عليهم جميعًا إلى الحقائق التالية:
  • «ما من نص واحد يمكنه تلبية احتياجات جميع القرَّاء»: فالفصل المدرسي النموذجي متباين العناصر قد يضم طلابًا تتفاوت مستوياتهم ما بين أربعة صفوف دراسية أو أكثر. من المستحيل أن تعثر على كتاب بمستوًى تعليمي مناسب لجميع هؤلاء الطلاب. والسبيل الوحيد للتمييز بين مثل هذه المجموعة المتنوعة من القرَّاء هو إتاحة حرية أكبر في اختيار مواد القراءة.

  • «قراءة الفصل كله لرواية واحدة يستغرق وقتًا طويلًا للغاية»: فقضاء شهر أو أكثر في تدريس نص واحد يستهلك وقتًا طويلًا كان من الممكن أن يقضيه الطلاب في قراءة عدد أكبر من الكتب في مجموعة أكبر من الموضوعات. فأبطأ قارئ في فصول الصف السادس التي أدرِّس لها يحتاج أسبوعًا واحدًا فقط أو نحو ذلك للانتهاء من أي كتاب في مستوى قدرته على القراءة. لك أن تقدِّر الأمر بنفسك.

  • «الاجتهاد في العمل على رواية واحدة يقلل من الفهم»: إن تقسيم الكتب إلى فصول يُصعِّب على الطلاب الاندماج في القصة. فلا يتبع الكثير من الناس خارج المدارس أسلوب التقسيم هذا.

  • «عدم كفاية وقت القراءة»: تمتلئ كثير من وحدات الروايات بما تطلق عليه لوسي كالكينز «الفنون والمهارات القائمة على الأدب»؛ تلك التدريبات الإضافية والممتعة التي يكون الغرض منها إثارة اهتمام الطلاب، لكنها تستهلك الوقت الذي كان من الممكن للطلاب القراءة أو الكتابة خلاله.

  • «منهجيةُ التدريسِ القائمةُ على فَرْضِ روايةٍ واحدةٍ على الفصلِ بأكملِه تتجاهلُ اهتمامَ الطلابِ بما يحبون قراءتَه»: تصبح القراءة تدريبًا على ما يتوقع المعلم من الطالب الاستفادة به من الكتاب الذي اختاره له، وهي طريقة أكيدة النجاح لقتل الدافع الداخلي لديه للقراءة.

  • «منهجيةُ التدريس القائمةُ على فرض رواية واحدة على الفصل بأكمله تستهين بخبرات القراءة السابقة»: ماذا عن الطلاب الذين سبق لهم قراءة الكتاب المفروض عليهم بالفعل؟ رغم أنه لا شك أنهم عدد قليل من الطلاب، لكن بعض طلاب الصف السادس الذين أدرِّس لهم قرءوا بالفعل روايتَي «أن تقتل طائرًا بريئًا» و«الغرباء»، وهما كتابان أعلم أنهما يُدرَّسان للصفوف الأعلى من الصف السادس؛ فهل من المتوقع من هؤلاء الطلاب قراءة هذه الكتب مرة أخرى؟ إن القرَّاء المتقدمين يستحقون بدورهم أن تُتاح لهم الفرصة لمتابعة تطورهم كقرَّاء.

لا شك أن الطلاب يستفيدون من التحليل العميق للأدب الذي تقدمه النظرة المتعمقة في كتاب واحد، لكن لا بد من وجود توازن بين تجزئة أي كتاب لدراسة محتوياته من جانب، واختبار مجمل ما يقدمه الكتاب من جانب آخر. وثمة سبل أخرى لتعليم مهارات القراءة والتحليل النقدي غير الاستفاضة في كتاب واحد لأسابيع. ولنتذكر دائمًا هدفنا الأعظم؛ حث الطلاب على القراءة على المدى الطويل.

(٢-٢) حل بديل: إعادة النظر في منهجية التدريس القائمة على فرض رواية واحدة على الفصل كله

إن أول اقتراح أقدِّمه بشأن موضوع منهجية فرض رواية واحدة على الفصل بأكمله هو تقييم إن كنت بحاجةٍ حقًّا لقراءة نصوص معينة مع طلابك أم إن ذلك ليس سوى تقليد اعتدنا عليه. فعندما تكون الإدارة التي تَتْبع لها قد استثمرت أموال الميزانية والوقت في عدد كبير من مجموعات الروايات المفروضة على الفصل بالكامل، يكون من الصعب الهروب من الموقف المتعصب المؤيد لفكرة أن فرض قراءة نفس الكتاب على كل طلاب الصف الدراسي هو أفضل أسلوب لتعليم الطلاب.

وإذا طالبَتْك المنطقة التعليمية، أو إدارة آداب اللغة، أو ثقافة المدرسة بقراءة نصوص معينة مع طلابك، فابحث عن سبل لتقديم الدعم لطلابك الذين قد يكونون غير قادرين على قراءة الكتاب وحدهم، وضَعْ قيدًا على مقدار الوقت الذي تقضيه في قراءة الكتاب.

وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن اتباعها للوصول إلى حل وسط في هذا الشأن:
  • «اقرأ الكتاب بصوت مرتفع على طلابك»: فقدرتك على قراءة نص غير متاح أو عسير بالنسبة لكثير من الطلاب بطلاقة يساعدهم على الفهم وتطوير حصيلتهم من المفردات والاستمتاع. يستطيع الطلاب الاستعانة بجهدهم الذهني في بناء المعنى من الكتاب بدلًا من تفسير اللغة.

  • «شارِكِ الطلاب في قراءة الكتاب»: تتضمن هذه المشاركة أن تقرأ بصوت مرتفع للطلاب، بينما يتبعك كلٌّ منهم بالقراءة من نسخته. علاوةً على فوائد القراءة بصوت مرتفع، يمكن أن تزيد المشاركة في القراءة من سرعة الطلاب في القراءة؛ لأنه سينبغي عليهم مواكبة قارئ أسرع منهم في معدل القراءة، هذا فضلًا عن تحسُّن تعرُّف الطلاب على المفردات عند رؤيتها؛ لأن الكلمات التي يجهلونها تُنطَق لهم. مرة أخرى، يمكن توجيه تركيز الطلاب نحو الفهم بدلًا من محاولة التفسير.

  • «انظر بعين ناقدة في الأنشطة الإضافية والتدريبات المتعلقة بالفنون والمهارات»: إن أي نشاط لا يتضمن القراءة أو الكتابة أو المناقشة يمكن أن يكون نشاطًا زائدًا يسلب من الطلاب فُرَصَهم في أن يصبحوا قرَّاءً وكتَّابًا ومفكرين. ويذكِّرنا ريتشارد ألينجتون في كتابه «أمور مهمة للقرَّاء المتعثرين» بأننا «عندما نخطط لقضاء ستة أسابيع في تدريس رواية «جزيرة الدلافين الزرقاء»، فإننا نخطط للحد من قراءات الأطفال وشَغْل وقت الفصل بأنشطة أخرى.»

  • «قلِّصْ عدد العناصر الأدبية ومهارات القراءة التي تدرسها بنحو واضح مستعينًا بكتاب واحد (فيشر وآيفي، ٢٠٠٧)»: لا تحاوِل استخدام نص واحد لتعليم الطلاب كل شيء يحتاجون لمعرفته عن الرمزية أو التشخيص أو اللغة المجازية. ركِّز على تدريس العناصر والمهارات التي يحتاج إليها الطلاب لفهم هذا النص تحديدًا. والأمر نفسه ينطبق على أهداف التدريس الصريحة المتعلقة بالمفردات؛ فأنا أُفضِّل تقديم خمسة عشر نصًّا مختلفًا لطلابي لتحقيق أهدافي التعليمية على أن استخدم كتابًا واحدًا فقط، متوقعةً أن يقدم هذا الكتاب كمًّا هائلًا من المفاهيم الأدبية لهم.

لا يمكنني إنكار مزايا قراءة كتاب واحد مع فصل كامل من الطلاب؛ فالنص يمثل نموذجًا للمهارات والمعرفة التي تدرسها، كما تحقق خبرة تثقيفية مشتركة يمكنك الإشارة إليها في المستقبل، وقراءة كتاب واحد معًا يعزز أيضًا الترابط بينك وبين طلابك. ويتضمن تحقيق التوازن البحثَ عن أساليب تحترم هذه الأهداف، مع التخلص من العوامل التي تجعل من منهجية فرض رواية واحدة على الفصل بأكمله ممارسة تضر بمصلحة الطلاب.

(٢-٣) حل بديل: التركيز على القرَّاء، لا الكتب

تتيح المنطقة التعليمية — التي أَتْبع لها — للمعلمين حرية اختيار المواد التي يستخدمونها للوفاء بالمتطلبات التعليمية لمعايير ولاية تكساس ومدى منهج المنطقة التعليمية وتتابعه. فلا بد أن يتخرج الطلاب في فصلي وهم يعرفون كيفية القراءة بأسلوب نقدي والكتابة جيدًا، لكن كيفية تدريس ذلك تُترَك لي. إذا كنت مثلي ومن المتوقع منك تدريس معايير فقط، لا كتب محددة، فعليك بالتفكير في الأساليب التالية:
  • «اختر موضوعًا أو مفهومًا من المتوقع من الطلاب فهمه، واجمع مجموعة واسعة النطاق من النصوص حول هذا الموضوع، وقسِّم الطلاب لمجموعات بحيث تشترك كل مجموعة في كتاب واحد»: إنني أستعين بمجموعات الكتب في مادة آداب اللغة أو الدراسات الاجتماعية لأن هذا النظام يسمح لي بتدريس المفهوم أو المهارة المنشودة، وتقديم نصوصٍ مختلفة للطلاب لتحقيق هذه الأهداف. بطبيعة الحال، يمثل استخدام عناصر أدبية أو موضوعات عامة كأساس للتدريس بدلًا من استخدام نص واحد إقرارًا على وجود مجموعة واسعة النطاق من مستويات القراءة والاهتمامات في الفصل المدرسي الواحد. ولقد توصلت إلى أن هذا هو أيسر سبيل أمام معلم القراءة لتمييز تدريس القراءة.

    والخطوة الأولى في تطبيق مجموعات الكتب هو اتخاذ القرار بشأن المفهوم أو الموضوع الذي يتعين عليك تدريسه. اكتب بضعة أسئلة إرشادية تودُّ أن يتمكن الطلاب من الإجابة عنها للاستدلال على استيعابهم للمفهوم المستهدف من قراءة الكتاب الذي بين أيديهم. بعد ذلك، اختر كتبًا ذات صلة من ناحية المفهوم أو الموضوع، سوف يكوِّن الطلاب مجموعات على أساس اختياراتهم من الكتب التي جمعتها.

    ولمساعدة الطلاب على استعراض الكتب، أستخدمُ نشاط تمرير الكتب، وهو نشاط ابتكرَتْه جانيت ألِن. يبدأ الطلاب باختيار كتاب لاستعراضه، ويسجلون العنوان واسم المؤلف في سجل تمرير الكتب؛ ومن ثم، يستعرض الطلاب الكتاب، ويطَّلِعون على عبارة النبذة الدِّعائية على الغلاف، ويقرءون الصفحة الأولى أو نحو ذلك، ويقلِّبون صفحات الكتاب للاطلاع على الصور. وبعد الاستعراض، يسجل الطلاب بضع ملاحظات عن الكتاب في السجل الخاص بهم، ويصنفون الكتاب بالنجوم للإشارة إلى مدى اهتمامهم بقراءته.

    وعندما أُعلنُ انتهاء الوقت، يمرر كل طالب الكتاب الذي استعرضه للطالب المجاور له، ويواصلون عملية الاستعراض مع الكتاب التالي. وبعد الانتهاء من تمرير معظم الكتب، يكتب الطلاب أسماء أكثر ثلاثة كتب يودُّون قراءتها على ظهر سجل تمرير الكتب الخاص بهم، ويعطونني إياه، فأُلقي نظرة على اختياراتهم لتحديد مجموعات الدراسة، وأضع في الاعتبار مستويات القراءة للكتب المختارة، وبالاستعانة بما لديَّ من معرفة عن الكتب وقدرات كل طالب، أحدد الكتاب الأكثر ملاءمةً لكل طالب. وأضع في الاعتبار أيضًا المسائل الإدارية، مثل نشاط كل مجموعة وعدد النسخ المتوافِرة لديَّ من كل كتاب.

    على سبيل المثال، عندما كان طلاب فصلي يَدْرسون الحرب العالمية الثانية في مادة الدراسات الاجتماعية، أردت أن يفهموا مجموعة وجهات النظر المتعددة حول هذا الصراع عن طريق قراءة مجموعة متنوعة من الكتب. ومن خلال نشاط تمرير الكتب، اختار الطلاب كتبًا تتناول موضوع الحرب العالمية الثانية من مكتبة الفصل الزاخرة، وقرءوها على مدار الأيام الثمانية لورشة عمل القراءة في الفصل، وحددت كل مجموعة أهدافًا للقراءة لأفرادها عن طريق الاجتماعات اليومية. وحين كان الطلاب يحتاجون إلى اصطحاب الكتاب معهم إلى المنزل لمجاراة بقية أفراد مجموعتهم، كانوا يفعلون ذلك.

    تمحورت كل الكتابات والمناقشات فيما بين أفراد مجموعات الكتب، بل فيما بين أفراد الفصل بأكمله، حول سؤالين جوهريين؛ ألا وهما: «كيف اشتركت الشخصيات الموجودة في الكتاب (أو الأفراد في حال كان الكتاب غير روائي) في الحرب؟» و«ماذا كانت العواقب القصيرة المدى والطويلة المدى عليهم؟» وهذه الدراسة القائمة على الموضوع أتاحت لطلابي الفرصة لتقييم وجهات النظر المذكورة في الكتب التي قرأها طلاب آخرون، بالإضافة إلى وجهات النظر التي وجدوها في الكتب التي قرءوها بأنفسهم. فدَرَسْنا وجهات نظر أمريكيين من أصل ياباني وجنود ألمان، وضحايا الهولوكوست، وأطفال من الذين حارب إخوانهم وآباؤهم في الحرب. وقد وجدت أن مناقشاتنا في الفصل عن الحرب العالمية الثانية كانت أكثر ثراءً مما لو قرأنا جميعًا الكتاب نفسه؛ وذلك لأن الطلاب تناولوا الموضوع من وجهات نظر مختلفة، ومتناقضة في أغلب الأحيان. وخرج طلابي من هذه الوحدة بفهم أوسع نطاقًا للحرب وآثارها على جميع الأشخاص الذين مسَّتهم.

  • «استخدِمْ قصصًا قصيرة أو مقتطفات أو قصائد لتعليم العناصر الأدبية أو مهارات القراءة، واطلبْ من الطلاب تطبيق ما فهموه على كتبهم المستقلة»: من خلال استخدام التسلسل التعليمي المتمثل في تقديم الأمثلة والممارسة المشتركة والممارسة المستقلة، فما أقدمه من أمثلة وأمارسه مع الطلاب دائمًا ما يصبُّ في تطبيق مهارة أو تقييم مفهوم معين بالاستعانة بالكتب التي يختارونها بأنفسهم.

    عندما أدرِّس مفهوم الصراع الأدبي لطلاب الصف السادس، أتناول تعريفات أنواع الصراع عن طريق ضرب أمثلة من الكتب والأفلام التي يعرفها الطلاب جيدًا. بعد ذلك، نقرأ عديدًا من القصص القصيرة من الكتاب الدراسي الخاص بالأدب، ونحدد الصراعات في هذه القصص، وأحلل الحلول في كل قصة منها؛ ثم أطلب من الطلاب بعد ذلك أن يعود كلٌّ منهم إلى روايته المستقلة، وأن يحدد الصراع (أو الصراعات) الموجودة فيها، وتقييم الكيفية التي حُلَّت بها هذه الصراعات. وتحاكي هذه العملية كيفية استعانة المعلمين عادةً بالروايات التي يقرؤها الفصل بأكمله لتعليم المفاهيم الأدبية، لكن مع اختلافين بارزين؛ ألا وهما: تستغرق خطوة عرض الأمثلة وقتًا أقل بكثير من وقت قراءة الكتاب بالكامل، وفي نهاية تدريسي يبدأ الطلاب في القراءة المستقلة، لا البحث عن الإجابات نفسها في كتاب واحد. والطلاب الذين يمكنهم إظهار المهارة بهذا الأسلوب لا يثبتون لي أنهم يستوعبون مفهومَي الصراع الأدبي والحل فحسب، وإنما يفهمون القصة التي يقرءونها أيضًا، دون الحاجة لتقارير الكتب.

لقد تعلمت أن منهجية التدريس بفرض رواية واحدة على الفصل بأكمله ليست أفضل وسيلة لتعليم القراءة والكتابة في الفصل المدرسي؛ لأنها تحرم الطلاب الذين لا يمكنهم قراءة الكتاب المكلف قراءته على الفصل وحدهم، أو الطلاب الذين لا يهتمون بهذا الكتاب؛ من حقوقهم. يتبادل الطلاب الكتب لإعجابهم بها وشعورهم بأنها هادفة، ويرجون منك قراءتها عليهم بصوت مرتفع، ويتجادلون حول دوافع الشخصيات في الكتب التي يقرءونها؛ كل هذه الأنشطة تشير إلى أن الطلاب يقرءون ويستوعبون كل ما نتمنى أن يستوعبوه من القراءة. وهكذا، فإن تفاعلاتي اليومية مع الطلاب توضح لي ما أحتاج إلى معرفته.

يرتبط كل مفهوم ومهارة أدرِّسها للطلاب — حتى وإن تضمنت القواعد — بعمل الطلاب المستقل في مرحلةٍ ما، وأنا أشعر بأن هذا العمل المستقل لا بد أن يتمثل في القراءة والكتابة التي يختارها الطلاب بأنفسهم، وليس هدفًا قصير المدى يتمثل في ورقة تدريبات أو تدريب على الاختبار. وإن لم يكن كذلك، فكيف لي أن أعرف إلى أي مدًى استوعب الطلاب ما أدرِّسه لهم؟ ومن ثم، فإن هذا الأسلوب في التدريس يعزز من استقلالية طلابي ويحررني من إعداد التقييمات والتدريبات لجميع القرَّاء في فصلي المدرسي. فلا يمكنني مطلقًا إعداد تقييمات لستين طالبًا توضح ما يعرفه الطلاب جيدًا بقدرِ ما يفعل تطبيقهم لاستراتيجيات القراءة والمفاهيم الأدبية على كتبهم الخاصة. عندما لا يستطيع المعلم العثور على منهجية لتقييم الطلاب تستعين بنصوصٍ أصليةٍ، فإنني أتساءل لماذا يستحق هذا المفهوم الذي يُقيَّم فيه الطالب أن يُدَرَّس من الأساس؟

(٣) ممارسة تقليدية: اختبارات الفهم

بالنسبة لعدد لا يُحصى من الطلاب، تمثِّل درجات النجاح في اختبار الفهم الهدفَ الأسمى من وراء أي كتاب سبق لهم قراءته في المدرسة؛ لذا، بدلًا من الاستمتاع بالكتب التي يقرءونها أو الاحتفاء بما تعلموه منها، تصبح القدرة على اجتياز هذه الاختبارات هي هدف الطلاب من القراءة. إن اختبارات الفهم تغذي دورة صفِّية متمثلة في فرض تكليف بعينه ثم تقييمه، لكن أين التعلم والتعليم من هذه الدورة؟ يضع المعلمون هذه التقييمات التراكمية لتحفيز الطلاب على القراءة ولتحديدِ إن كان الطلاب قد قرءوا الكتاب بالفعل أم لا. أين المتعة إذن التي نتمنى أن يشعر الطلاب بها عند القراءة؟

يجب ألا نخلط أيضًا بين آليات التقييم وآليات التحفيز؛ فالقراءة بهدف الأداء لا تحفز الطلاب على تحقيق أي شيء يتجاوز حدود رغبتهم في الحصول على درجة جيدة في الاختبار، بل يمكن أن تقلل في الواقع من استمتاعهم بالقراءة وحماسهم لها خارج المدرسة؛ ففي النهاية، كم قارئًا بالغًا سيُؤْثر القراءة إذا كان ملزمًا بإجراء اختبار مكون من أسئلة اختيار من متعدد لكل كتاب انتهوا من قراءته؟ تخيَّلِ التراجع الهائل في كم العروض التليفزيونية المزعج الذي يشاهده الأمريكيون، إذا لزم عليهم إكمال اختبار بعد كل برنامج!

ربما يكون تذكُّر التفاصيل المتعلقة بشخصيات كتاب أو حبكته جزءًا من عملية الفهم، لكن تكرار هذه الحقائق لا يثبت للمعلم أن القارئ قد فهم الفروق الدقيقة بين الموضوعات في الكتاب أو حصَّل أي شيء ذي مغزًى (أو ممتع) من قراءته؛ فكثيرون من طلابي السابقين اشتركوا في برامج التحفيز على القراءة واختبارات قياس القدرة على القراءة المعتمدة على الكمبيوتر بمجرد التحاقهم بالمدرسة الإعدادية؛ ويخبرونني بكرههم لهذه البرامج، وكيف أنهم غشوا (ويمكنني القول بأنهم فعلوا ذلك بنجاح) في الاختبارات عن طريق مشاركة الأجوبة فيما بينهم دون أن يضطروا لقراءة الكتاب على الإطلاق.

إن برامج مثل «القارئ السريع» أو «تقييم أداء القراءة المدرسية»، التي تُعطَى فيها الكتب قيمة نقطية، ويلزم فيها على الطلاب استكمال اختبار أسئلة اختيار من متعدد بعد قراءة هذه الكتب؛ هي أسوأ تشويه يمكنني تصوُّره للقراءة. وعلى الرغم من أن كل المدافعين عن هذه البرامج يدَّعون أن الطلاب يتمتعون بحُرية القراءة، فالحقيقة هي أن اختيار الطلاب للكتاب يكون مقيدًا بالقيمة النقطية له وإن كان هناك اختبار مخصص له أم لا؛ ومن ثم، فإن الطلاب الناشئين في القراءة يكافحون لجمع ما يكفي من النقاط لتلبية متطلبات المعلم، بينما يتقيَّد القرَّاء السريُّون بالكتب التي يوجد لها اختبار في برنامج «القارئ السريع». وهذه البرامج المُسلَّم بها في تعليم القراءة في الكثير من المدارس تُفهِّم القرَّاء الصغار أن قيمة أي كتاب تكمن في عدد النقاط التي يستحقها، ويختزل الفهم إلى مجموعة من الأشياء المتدنية العديمة القيمة التي يلتقطها القارئ من الكتاب. كيف يُعِد إذن هذا النوعُ من البرامج الطلابَ للقراءة في عالمٍ ما خارج المدرسة؟

علاوةً على ذلك، فإن تحويل الهدف من قراءة أي كتاب إلى حفظ تفاصيل الحبكة بدلًا من الشعور العام بالتقدير تجاه الكتاب يغيِّر من الكيفية التي يقرأ بها الطلاب. وعلى هذا النحو يقرأ الطلاب القصة بسطحية، ويتصيدون فقط اللحظات التي يتوقعون أن يُختَبَروا فيها فيما بعد، بدلًا من الانغماس في الكتاب وخوض رحلة مع الشخصيات.

وإذا لم تكن بصفتك مُعلمًا قد قرأتَ ما يكفي من الكتب وكتبتَ اختبارات بنفسك، فكيف يمكنك تحديدُ إن كان الطلاب قد قرءوا بالفعل الكتاب وفهموه؟ مثلما أوضحتُ سابقًا في هذا الفصل، فإنني أطلب من الطلاب أن يُظهروا لي فهمهم للعناصر الأدبية التي دَرَّستُها لهم في الفصل عن طريق الانغماس في كتبهم. ولا يمكن للطلاب فعل ذلك بفاعلية إلا إذا كانوا قد قرءوا الكتاب وفهموه.

(٣-١) كلمة عن التدرب على الاختبارات القياسية

نحن نعيش في عالم مليء بالاختبارات القياسية؛ لذلك، من المتوقع من طلابي في نهاية العام إثبات ما تعلموه من مفاهيم واستراتيجيات في فصلي في تقييم تكساس للمعرفة والمهارات. لا يقلقني هذا الهدف النهائي كثيرًا؛ لعلمي بأن المجهود الذي يبذله طلابي في كمِّ القراءات الكبير وتقديم الآراء حول قراءاتهم هو أفضل إعداد لهذا التقييم. وفي الواقع، هدف الولاية أضيق نطاقًا من هدفي؛ فتقييم الولاية لا يقيس سوى عدد صغير من المعايير التي تفرض عليَّ الولاية تدريسها. أما أنا، فأريد أن يصبح الطلاب قرَّاءً لمدى الحياة، أريدهم أشخاصًا يقرءون بِنَهَم.

أعرف أن الطلاب الذين يقرءون كثيرًا ويمكنهم التحدث والتفكير بأسلوب نقدي بشأن الكتب التي يقرءونها لا يجدون صعوبة كبيرة في تقييمات القراءة القياسية، ويؤكد طلابي على إيماني هذا بتفوقهم في اختبار الولاية كل عام. ولا أتحدث هنا عن القرَّاء الموهوبين فقط، وإنما أتحدث أيضًا عن الطلاب الذين رسبوا في هذا الاختبار العامَ السابق وكانوا عرضة للرسوب فيه مرة أخرى. ليست لديَّ مشكلة مع الاختبارات القياسية في حد ذاتها؛ فأنا أُومِن بأن الطلاب الذين لا يمكنهم اجتياز التوقعات الدنيا المحددة في هذه الاختبارات ليسوا قرَّاءً جيدين، لكنَّ ما يثير ريبتي هو النحو الذي أخلَّ به الطابع البالغ الأهمية لهذه الاختبارات بجودة تعليم القراءة.

في عديد من الفصول، أشاهد تحولًا من تدريس القراءة العميقة باستخدام مجموعة متنوعة من المواد إلى التدريبات اللانهائية والحفظِ الصمِّ لحيل حل الاختبارات. ليس ذلك تدريسًا للقراءة، وإنما تدريسٌ لخوض الاختبارات، فكثير من هذه الحيل لا يمكن أن تُطَبَّق على أي موقف للقراءة سوى اختبار القدرة على القراءة؛ ومن ثم فإنها لا تُعِدُّ الطلاب لأغلب أنشطة القراءة التي ينبغي عليهم أداؤها بعيدًا عن الاختبارات.

عند بلوغ طلابي الصف السادس، يكون معظمهم قد قضى ثلاثة أعوام على الأقل في فصول كان الإعداد فيها للاختبارات والتدريب المضني على استراتيجيات خوض الاختبارات هو النوع الأكثر شيوعًا من تعليم القراءة الذي تلقوه؛ ولم تسبق لهم قراءة كثيرٍ من الكتب بخلاف القليل من الروايات التي يدرسونها في الفصول؛ وفرصتهم في انتقاء نصوص القراءة بأنفسهم كانت شبه منعدمة؛ ولم يمارسوا الكتابة على الإطلاق تقريبًا. إن أي نشاط يحل محل أنشطة القراءة والكتابة والخطاب المكثفة في الفصل المدرسي يجب أن يكون أفضل مما يحل محله، ولا شيء — بما في ذلك الإعداد للاختبارات — أفضل لشحذ قدرة الطلاب على القراءة من القراءة يومًا بعد يوم. والإعداد اللانهائي للاختبارات هو السبب الأول وراء دخول الطلاب فصلي وهم كارهون للقراءة؛ فهم لا يرون الإعدادات للاختبار نوعًا من أنواع القراءة، وإنما يعتقدون أنه هو القراءة في حد ذاتها.

(٣-٢) القراءة إعدادًا للاختبار كنوعٍ من أنواع القراءة

بدلًا من حصر نطاق تركيزي في التدريس على الإعداد للاختبارات، أُفضِّل تدريس اختبارات القراءة القياسية كنوعٍ من أنواع القراءة في حد ذاتها؛ فأُعلِّم الطلاب كيفية قراءة الخرائط، وكيفية قراءة مقالات الصحف، وكذلك كيفية قراءة الاختبار. أقضي بضعة أسابيع قبل الاختبار القياسي السنوي في شرح كيفية وضع الاختبارات للطلاب، مع مناقشة الأنواع المختلفة من أسئلة الاختبارات معهم، ودراسة المصطلحات المستخدمة في رءوس الأسئلة. نتحدث عن المهارات والمعرفة التي تحاول هذه الاختبارات تقييمها وكيفية الاضطلاع بالبحث عن الأجوبة. أُعلِّم الطلاب كيفية قراءة الاختبارات، لكنني لا أعلمهم القراءة عن طريق الاختبار. ينبغي أن يكون لدى الطلاب بالفعل أساس في جميع الموضوعات التي سيتم تقييمها في أي اختبار قياسي قبل أن يطلعوا عليه. وأعتقد أنه لا ينبغي أن يرى الطلاب مصطلحات أدبية للمرة الأولى في سياق أسئلة الاختبار. وعندما نتحدث عن الاختبارات، نتحدث عن الكيفية التي يُصمَّم بها الاختبار لسؤالهم عما يفهمونه بالفعل عن القراءة والتحليل الأدبي.

ثمة أساليب عدة لتقييمِ ما تعلَّمَه الطلاب باستخدام المقاييس المرتبطة بالقراءة المستقلة، وإن كان أي تقييم سيحمل شيئًا من التصنُّع؛ ففي النهاية، لا يخضع القرَّاء المداومون على القراءة مدى الحياة لتقييمات. لكن الأساليب التي أقترحها أثرها على القارئ أقل وطأة وعدائية من اختبارات الفهم وتقارير الكتب التقليدية. وينبغي أن يكون الهدف من كل التقييمات هو الاحتفاء بإنجازات القرَّاء، والتشجيع على القراءة في المستقبل والتخطيط لها، وتعزيز التعاون بين أفراد مجتمع القراءة.

(٤) ممارسة تقليدية: تقارير الكتب

إن الهدف العام — من وجهة نظري — لتقارير الكتب هو أن يثبت الطلاب للمعلم أنهم قد قرءوا بالفعل الكتاب عن طريق إظهار قدرتهم على سرد جميع الأحداث أو الحقائق المهمة فيه بالتفصيل. لكن في حالةِ ما إذا لم يكن الطالب قارئًا، فلا يتم أبدًا معالجة الكيفية التي تحفز بها تقارير الكتب هذا الطالب على التقاط كتاب من الأساس. وبعض الطلاب لا يقرءون لعدة أسابيع، ثم يشقون طريقهم بإصرار في القراءة خلال الأيام التي تسبق موعد تسليم تقرير الكتاب؛ فينجزون تقريرًا، ثم يتنفسون الصعداء، ثم يعودون إلى حالة عدم القراءة حتى وقت قصير من موعد التقرير التالي. يصير التقرير محفزًا خارجيًّا تمثل فيه الدرجة عامل ضغط من أجل القراءة. ولا يحاكي هذا النوع من التحفيز بأي شكل من الأشكال الدافع الداخلي الذي يشعر به القرَّاء المداومون على القراءة مدى الحياة، الذين تزيد متعتهم بالقراءة من رغبتهم فيها. لا تمثل القراءة أي أهمية شخصية للطلاب الذين يرون التقرير سببًا للقراءة؛ أيْ يرون دائمًا العقاب، لا الثواب. إن تكليفات كتابة تقارير الكتب لا تفشل فحسب في تشجيع الطلاب على تطوير سلوكيات القراءة المستمرة، وإنما تمثل أيضًا مهمة روتينية في كتابتها ومملة بالنسبة للطلاب الآخرين الذين يستمعون إليها؛ ففي النهاية، مَن الذي يرغب في سماع ملخص كامل عن كتاب ربما تكون قرأتَه أو لم تقرأه؟ هذا فضلًا عن أن تصحيح تقارير الكتب شيء ممل بالنسبة إلى المعلم أيضًا.

(٤-١) فخ العروض التقديمية للكتب

لعل ذلك الملل المرتبط بتقارير الكتب هو السبب الذي أدى إلى حلول نشاط العروض التقديمة للكتب محل تقارير الكتب في كثير من الفصول المدرسية. ولا يتمثل هدف هذا النشاط في أن يثبت الطالب للمعلم أنه قرأ الكتاب بالفعل، وإنما الهدف منه هو مشاركة الطالب لكتاب قرأه مع القرَّاء الآخرين، وإقناعهم بقراءته بأنفسهم. إن ترشيح كتاب بهدف جَعْل صديقٍ ما يقرؤه يتماشى أكثر مع ما يفعله القرَّاء البالغون عند انتهائهم من قراءة أي كتاب.

ونظرًا لأنني أدرك العيوب المتأصلة في طلب إعداد تقارير الكتب من طلابي، طبقت نشاط العروض التقديمية للكتب لفترة من الوقت. لكنني — مع ذلك — ظللت غير سعيدة بالنتائج؛ فالطلاب، الذين اعتادوا على كتابة ملخصات تقارير الكتب وتقديمها على مدار أعوام، كانوا يقدمون كثيرًا من المعلومات في حديثهم عن الكتب. وعلى الجانب الآخر، عندما كنت أطلب من الطلاب التعبير عن لحظتهم المفضلة في قراءة الكتاب، غالبًا ما كنت أسمعهم يقولون: «أفضل جزء في نظري هو النهاية.»

لقد شجعَت العروض التقديمية للكتب بعضَ الطلاب بالفعل على قراءة الكتب التي رشحها أقرانهم، لكن كان عليَّ تخصيص يومين على الأقل من وقت التعليم كي نتمكن من الانتهاء من جميع العروض التقديمية. ومرة أخرى، لم يكن الطلاب يقرءون أو يكتبون شيئًا في هذا الوقت. ودائمًا ما كان عديد من الطلاب يقدمون نفس الكتاب؛ ومن ثم كنا نضطر جميعًا إلى الاستماع إلى كلمات متكررة. وقد علَّمْتُ طلابي مصطلح «كشف حبكة الكتاب»، مشجِّعةً إياهم على عدم الإفصاح عن الكثير من المعلومات لدرجة تجعل الآخرين يحجمون عن قراءة الكتاب بعد انتهاء العرض التقديمي عنه. وبدأت أتساءل فيما بعد إن كان هذا النشاط أفضل بأي حال من الأحوال من تقارير الكتب، وتوصلت إلى أنه ليس كذلك. تزامن هذا الإدراك مع اكتشافي لعدم قدرتي على استنساخ نموذج الفصل المدرسي الذي يشير إليه الخبراء في كل النواحي. كان يتعين عليَّ الاستجابة لملاحظاتي وحدسي بشأن ما نجح وما لم ينجح في فصلي المدرسي.

يمثِّل تقديمُ ما يكفي من المعلومات للأصدقاء لإثارة اهتمامهم بقراءة كتابٍ ما، والحصولُ على ترشيحات من قرَّاءٍ آخرين من ذوي الثقة؛ سببين قويين لمشاركة الآراء في الكتب. وعندما نشوِّه هذه المحادثة الطبيعية بين القرَّاء بتحويلها إلى موقف يقف فيه طفل في مقدمة الفصل بينما يجلس الآخرون معتدلين وصامتين ومستمعين على نحو مطيع إلى ساعات من العروض التقديمية، فإننا نجرد ذلك الحوار من طابع التدفق الحر الذي يميزه؛ لذا، استبعدتُ كلًّا من تقارير الكتب والعروض التقديمية للكتب، وانتقلت إلى إعلانات الكتب والمراجعات النقدية لها.

(٤-٢) حل بديل: إعلانات الكتب

إعلانات الكتب هي إعلانات ترويجية؛ أي شهادات قصيرة مرتجلة من الطلاب عن الكتب التي قرءوها واستمتعوا بها (على سبيل المثال، تخيل نفسك تتحدث مع صديق لك عن أحد الكتب في أثناء تناولكما وجبة الغداء). والهدف من إعلانات الكتب هو إتاحة منتدًى للطلاب يُمْكنهم من خلاله مشاركةُ الكتب التي أحبوها وترشيحها لقرَّاء آخرين في الفصل.

أسأل الطلاب مرة واحدة أسبوعيًّا تقريبًا، ويكون ذلك عادةً في يوم الجمعة، آخر يوم في الأسبوع الدراسي، قرب انتهاء وقت الحصة، إن كان أيٌّ منهم يرغب بترشيح كتاب للفصل. وكوسيلة لمشاركة الكتب التي قرأتها وقد يرغب الطلاب في استعارتها، أقدِّم إعلانات الكتب الخاصة بي لهم في كثير من الأحيان. ونناقش خلال هذه المحادثات ما لا أفصح به عن الكتاب. ونقرأ كثيرًا من عبارات الدعاية والنبذات التشويقية والنبذات الدعائية الموجودة على أغلفة الكتب الخلفية والأجزاء الداخلية من الأغلفة الورقية الخارجية؛ وذلك من أجل إعداد محادثتنا بعد هذه النماذج المنشورة.

يمكن للطلاب الوقوف بجوار مكاتبهم أو الجلوس على الكرسي الأخضر الخاص بي (رفاهية نادرة)، ليشاركوا ما قرءوه مع بقية الطلاب في الفصل بصفة ودية. وإذا كان هناك أيُّ طالب آخر سبق له قراءة نفس الكتاب، أطلب من هذا الطالب إضافة آرائه بشأنه أيضًا. ويسجل الطلاب أي كتب تثير اهتمامهم من هذه الإعلانات في جزء «الكتب المراد قراءتها» في دفتر القارئ الخاص بكلٍّ منهم، وأفعل أنا أيضًا الشيء ذاته.

أحتفظ بلائحة بأسماء الطلاب في الفصل على لوح مشبكي، وأضع علامة أمام الطلاب الذين قدموا مشاركتهم، مع التأكد من أن كل طالب قد قدم إعلانًا واحدًا على الأقل على مدار فترة وضع الدرجات وعدم استئثار أفراد بعينهم بالمناقشات الأسبوعية. وأعطي لكل طالب درجة على إعلان الكتاب الذي قدمه؛ ونتمكن جميعًا من التعرُّف على كتب أعجبَتْ قرَّاءً آخرين؛ ولا تتجاوز التجربة برمتها عشرين دقيقة أسبوعيًّا. يتحمس الطلاب لإخبار الآخرين عن الكتب التي قرءوها، ويمكننا التحدث جميعًا عن هذه الكتب بدلًا من الاستماع دون تفاعل إلى تقارير الكتب أو العروض التقديمية لها. ولا أضطر للتساؤل عن مدى فهم الطلاب الذين يقدمون الترشيحات لأن حماسهم وآراءهم تثبت لي أنهم قرءوا الكتاب وتجاوبوا معه بصدق. وإذا لم يعجبهم الكتاب، يمكنهم التعبير عن ذلك أيضًا!

(٤-٣) حل بديل: المراجعات النقدية للكتب

أعشق المراجعات النقدية للكتب، ويتضح ذلك من كمِّ الساعات التي أقضيها كل شهر في الاستغراق في قراءة مجلة «بوكليست» ودراسة الترشيحات المقدمة على موقعَي آمازون وجودريدز على الإنترنت. انظر في المنتديات الحقيقية للمراجعات النقدية للاحتفاء بالكتب ومشاركة المعلومات عنها في الفصل المدرسي أيضًا. يكتب طلابي مراجعات نقدية للكتب وينشرونها على مدونة الفصل، أو يطبعون نسخًا منها بحجم أعمدة الصحف ويلصقونها داخل الكتاب ذاته بجانب النبذة الدعائية والمراجعات النقدية للمتخصصين. وبينما قد أختار أنا كتابًا ميَّزَتْه مجلة «بابلشيرز ويكلي» بنجمة، ينتقي طلابي على الأرجح كتابًا رشحه لهم أحد زملائهم!

على مدار الأسبوع الماضي أو نحو ذلك، راح طلابي يقرءون مراجعات المتخصصين النقدية للكتب والنبذات الدعائية والنبذات التشويقية المنشورة على الأغطية الورقية الخارجية للكتب بهدف تحديد المعلومات التي يستخدمها المتخصصون عند تقييمهم للكتب. وقد وضعنا مخططًا للمعايير التي تتضمنها هذه المراجعات النقدية.

معايير المراجعات النقدية للكتب

  • اقتباسات من الكتاب.

  • اقتباسات من كتَّاب ومراجعين نقديين مشهورين.

  • أسئلة مشوِّقة.

  • آراء وردود فعل شخصية.

  • الجوائز التي حصل عليها الكتَاب والمؤلِّف.

  • السنُّ الموصى بها لقراءة الكتاب.

  • كتب أخرى للمؤلف نفسه.

  • مقارنات مع كتب أخرى.

يلاحظ جيكوب أن جميع المراجعات النقدية للكتب التي قرأها تضمنت كلمة «آسر»؛ ومن ثم نضيف إلى مخططنا قائمة بالكلمات التي يستخدمها المراجعون النقديون لإغراء القارئ وجعل الكتاب يبدو مثيرًا للاهتمام، وتتضمن القائمة كلمات مثل: «آسر»، «زاخر بالأحداث»، «مشوِّق»، «مثير»، «ممتع»، «يأسر الانتباه».

ومع وجود قائمة من المعايير للبدء، يقضي الطلاب الأسبوع التالي في تأليف المراجعات النقدية الخاصة بهم للكتب (انظر الإطارين القادمين للاطلاع على أمثلة). ويطلب منِّي طلابي تقديم اقتباسات لعدد لا نهائي من المراجعات النقدية لعلمهم أنني قرأت الكثير من الكتب التي يقرءونها، وأحرص على تجنب استخدام كلمة «آسر» لوصف أي كتاب، رغم ذلك.

لحثِّ الطلاب على القراءة عند استبعاد المتطلبات المدرسية، لا بد أن نتيح لهم فرصًا حقيقية ليخبروا القرَّاء الآخرين بما يحبونه عن الكتب التي قرءوها. وإذا كانت أنشطة الفصل المدرسي قاصرة فقط على تقييمِ إن كان الطلاب يقرءون أم لا — أو تنفيذ جدول أعمال التدريس — فإننا لا نشجع الطلاب على القراءة. إن التعليم التقليدي للقراءة — ذلك الذي يركز على التكليفات وليس على الطالب، وتثير فيه الحافز القائم على الخوف — يسلب القراءة من القرَّاء، وعلينا إعادتها إليهم.

(٥) ممارسة تقليدية: سجلات القراءة

تُستخدَم أنواعٌ عديدة من سجلات القراءة في الفصول المدرسية، لكنها تشترك جميعًا في بعض الخصائص. يُطلَب من الطلاب تسجيل عدد الدقائق أو الصفحات التي قرءوها على مدار فترة زمنية معينة، ويَطلب المعلمون من الطلاب القراءةَ عددًا معينًا من الدقائق أو عددًا من الصفحات في اليوم أو الأسبوع أو فترة وضع الدرجات. ليس الاحتفاظ بهذه السجلات — التي يكون هدفها الأساسي هو تدوين الطلاب لقراءاتهم المستقلة لتكون إثباتًا للمعلمين على أنهم قرءوا — بالممارسة الفعالة؛ وذلك لأن الوقت الذي يُسجَّل قضاؤه في القراءة ليس دليلًا على أن الطلاب قد قرءوا كثيرًا بالفعل؛ فقد يدوِّن الطلاب مقدار ما قرءوه أو طول الفترة الزمنية التي قضوها في القراءة كل ليلة، لكنهم مع ذلك لا ينتهون من قراءة كثير من الكتب. وقد كشفت لي محادثة مع طلابي في السنة الأولى من عملي في التدريس عن عدم جدوى سجل القراءة المنزلية. باختصار، لا تحقق هذه السجلات الهدف المفترض بها تحقيقه.

مراجعة رايلي النقدية لرواية «انقر هنا» (المصدر: رايلي، الصف السادس)

عندما بدأت قراءة رواية «انقر هنا» لدينيس فيجا، لم أستطع التوقف! وعلى مدار الأيام الخمسة التالية، كنت أقرأ فيها كلما سنحت لي الفرصة. «انقر هنا» رواية مشوِّقة لا يمكنك تركها من بين يديك! تدور أحداثها حول فتاة تُدعَى إيرين انتقلت إلى الصف السابع. وفي تلك المدرسة الإعدادية التي التحقت بها، كانت الإدارة تقسِّم جداول الطلاب إلى ثلاثة مسارات؛ المسار «أ»، والمسار «ب»، والمسار «ﺟ». وعند الفصل بينها وبين صديقتها الحميمة جيلي في مسارين منفصلين، ظنت إيرين أنها ستموت! وما زاد الأمور سوءًا أن جيلي مرضت في اليوم الأول من الدراسة؛ مما أدى إلى ذهاب إيرين إلى المدرسة بمفردها. وعندما دخلت أول فصل لها، لاحظت وجود فتًى لطيف للغاية معها، شعرت إيرين آنذاك بشيء من السعادة لوجود جيلي في مسار مختلف لأنها لن تضطر للتنافس معها دائمًا على دفع الفتيان إلى الإعجاب بها. تبدأ إيرين في كتابة مذكراتها هذه على الإنترنت، لكنها وحدها من يمكنها رؤيتها، إلى أن نُشِرت على الموقع الإلكتروني لمدرسة «مولي براون الإعدادية» ورآها الجميع. اقرأ «انقر هنا» لتطَّلع على أسرار الصف السابع. «انقر هنا» كتاب رائع للفتيات من سن ١٢ إلى ١٤ على الأرجح. وأعتقد أن هذا الكتاب سينال إعجاب أي فتاة؛ فهو يتناول الأمور التي تحدث بالفعل في الصف السابع. لقد «أدمنتُ» قراءة «انقر هنا» ما إن بدأتُ فيها. لقد كانت رائعة لدرجة تدفعني لقراءتها مرة أخرى.

«كتاب رائع، ومدونة لطيفة» (جوردان).

مراجعة كينان النقدية لرواية «إنكسبيل» (المصدر: كينان، الصف السادس)

«إنكسبيل» رواية فانتازيا آسرة بقلم كورنيليا فونكه. تدور أحداثها حول فتاة في الثالثة عشرة من عمرها تُدعَى ميجي، التي قادها حبها للكتب وقدرتها السحرية على بث الحياة في موضوع أي كتاب إلى عالم «إينك وورلد»؛ ذلك العالم الزاخر بالأماكن المذهلة والمخلوقات العجيبة بما فيه من أخطار تحلِّق في كل ركن من أركانه. وفي «إينك وورلد»، تجد ميجي نفسها تهرب من باستا المتوعد لها الذي يحاول أن يثأر منها لقتلها سيده السابق، كابريكورن. كل عشاق الخيال سيغرمون بهذا الكتاب. إذا كنت قد أحببت «إنكهارت» و«راكب التنين» (وهما اثنان من أعمال كورنيليا الرائعة)، فسوف تحب «إنكسبيل» بلا أدنى شك.

تقول ميشيل: ««إنكسبيل» رواية آسرة لا يمكنك تركها من بين يديك، فلم أستطع أن أدعها، وقد كانت أحد كتبي المفضلة على الإطلاق.»

كان ذلك من أول الدروس التي علَّمَني إياها طلابي، وقد جرى الأمر على النحو التالي:

«حسنًا، يا شباب، هذا آخر يوم في الأسبوع، فلتسلموني سجلات القراءة الخاصة بكم.» فسمعت همهمات الاستياء التي تلاها تسليم الأوراق الخمس والعشرين.

«سيدة ميلر، لقد نسي والدي التوقيع على سجل القراءة الخاص بي.»

«حسنًا، أعتقد أنك ستضطر لتوقيعه منه في عطلة نهاية الأسبوع وإحضاره يوم الإثنين معك.»

وأواصل الحديث متسائلةً: «ألا يوقع والدك عليه كل ليلة؟ من المفترض أن تحصل على توقيعه كل ليلة بعد قراءتك.»

«يقول لي والدي إنه ليس لديه الوقت لفعل ذلك. فأوقعها منه صباح يوم الجمعة ونحن في السيارة.» وقد أدركت من إيماء بقية الطلاب برءوسهم تأكيدًا على ما يقوله هذا الطالب أن هذه ممارسة شائعة.

«هل معنى ذلك أن والديك لا يعلمان إن كنت تقرأ كل ليلة أم لا؟ ألا يتابعان مقدار قراءاتك في المنزل؟»

«تصدقني أمي عندما أخبرها بأنني أقرأ، وتوقِّع السجل فقط لأنكِ تلزميننا بأن نملأه للحصول على الدرجات.»

يقول الطلاب جميعًا في صوت واحد: «نعم، وأنا أيضًا.»

ورفعت جولي صوتها قائلةً: «إنني أكره هذا السجل، سيدة ميلر، فأنسى دائمًا تدوين ما أقرؤه كل ليلة فيه، ولا أفعل ذلك إلا في اليوم الذي سأسلمه فيه. لن أحتفظ بهذا السجل معي ليلًا في السرير كي أتمكن من تدوين ما أقرؤه.»

وتقول أماندا: «لا يعني تدويننا في السجل أننا نقرأ بالفعل.»

عندما سألتُ بقية طلابي عن هذا الأمر، اتضح لي أن معظمهم لا يدونون ما يقرءونه يوميًّا في السجل، وأن أغلبية الآباء لا يتابعون مقدار ما يقرؤه أطفالهم في المنزل، هذا إن فعلوا من الأساس. وفي ظل تراجع اهتمام الآباء بسجلات القراءة ونظرة الطلاب لها على أنها عبء يثقل عاتقهم، فمن المؤكد أن هذه السجلات زائفة. قد يكون في ذلك شيء من التضليل، لكنني أتصور أن هناك طلابًا في جميع الفصول يزيفون سجلات القراءة الخاصة بهم في مرحلةٍ ما، بما في ذلك الطلاب الدءوبون في القراءة. وبصفتي أمًّا، أقبل التوقيع على أي أوراق تدسها ابنتاي في يدي على عجل في أثناء هرولتنا الجنونية للخروج من الباب كل صباح.

إن مطالبة الآباء بالتوقيع على سجلات القراءة لا تسفر للأسف إلا عن الفشل؛ فما كنت أفعله في حقيقة الأمر هو فرض تكليف منزلي عائلي، يكون في أفضل الأحوال محاولة عشوائية. وبصفتي معلمة جديدة، كنت أكلف الطلاب بإعداد سجلات القراءة لأن ذلك ما كان يفعله كل المعلمين الآخرين، فهل من وسيلة أخرى يمكنني بها متابعة مقدار ما يقرؤه طلابي؟

يُعَد سجل القراءة مكافأة للطلاب الذين يحظون بدعم قوي في المنزل للقراءة، لكنه عقاب لمن لا يحصلون على هذا الدعم؛ لذا، فإنه لا يفيد مطلقًا الطلاب الذين من المفترض أن يفيدهم. علاوةً على ذلك، في حالة الطلاب الذين يقرءون في المنزل كل ليلة، لكنهم يرون سجل القراءة نوعًا من التعذيب، يكون هذا السجل دليلًا على أنني لم أكن أصدقهم عندما كانوا يخبرونني بأنهم يقرءون، ولا أحد يخرج فائزًا من هذه المعركة.

لماذا إذن نكلف الطلاب بهذه السجلات في المقام الأول؟ كيف أَصبح سجل القراءة نشاطًا واسع الانتشار إلى هذا الحد؟ أرى سببين لهذا الأمر؛ يطلب المعلمون من طلابهم الاحتفاظ بسجلات القراءة لاعتقادهم بأن الآباء سيستجيبون لتكليف القراءة في المنزل، ويراقبون قراءة أطفالهم على نحو أكثر دقة. ويعتقد معلمون آخرون أن تكليف الطلاب بالاحتفاظ بسجل للقراءة وتقديمه سيحفزهم على القراءة.

فكِّر طويلًا وبجدية في الطلاب الذين تدرِّس لهم. أراهن على أن الطلاب الذين لا يحتفظون بسجل للقراءة هم من تعتقد أنهم ليسوا متحمسين للقراءة؛ ولذا فإن أسلوب العصا والجزرة هذا — المتمثل في مطالبة الطلاب بتحمل مسئولية السجل؛ مما سيجعلهم يقرءون — ليس ناجحًا. فما دام الدافع للقراءة كان صادرًا من خارج الطالب، فإنه لن ينبع من داخله أبدًا. ولا تندهش إذا واجه الأطفال، الذين تعرف أنهم قادرون على القراءة بما في ذلك القرَّاء النهمون، صعوبات مع سجل القراءة. فهؤلاء الطلاب يفضلون قضاء وقتهم في القراءةِ، لا حساب الوقت الذي يقضونه فيها. فبعد أن يقضي أي طالب ساعة من الاستغراق في قراءة أيِّ كتاب، يذكِّره السجل بأن القراءة واجب مدرسي.

لماذا إذن تشيع سجلات القراءة شيوعًا كبيرًا بين المعلمين؟ يرجع السبب في ذلك إلى أنها — من الناحية النظرية — تقدم لنا دليلًا ماديًّا على أن الطلاب يقومون بالقراءة المستقلة. لكنها لا تحقق النتيجة التي نرجوها. والحقيقة هي أنه لا يمكنك مطلقًا فرض أو متابعة مقدار القراءة التي يقوم بها طلابك في منازلهم. لا شك أنه سيكون هناك دائمًا طلاب وآباء يحتفظون بسجل القراءة لأنك تفرضه عليهم، لكن أيضًا سيظل هناك دائمًا مَن لا يسفر معهم هذا السجل إلا عن تثبيط عزيمتهم على القراءة. ونظرًا لأن هذا السجل حافز خارجي، فإنه لا يحفِّز الطلاب على القراءة بعد إعفائهم منها. باختصار، يتعلق هذا السجل بالمعلم، لا الطلاب؛ فالسجلات لا تقدم حسابًا دقيقًا لمقدار ما يقرؤه الطلاب، والاحتفاظ بها لا يحفزهم على المزيد من القراءة كذلك.

(٥-١) حل بديل: زيادة مقدار القراءة في الفصل

أتوقع من طلابي القراءة في المنزل مدة عشرين دقيقة على الأقل كل ليلة، لكنني لا أتحقق من ذلك مطلقًا أو أختبرهم بشأن ما إذا فعلوا ذلك أم لا. لا يمكنني مراقبة هذا الأمر بفاعلية بأي وسيلة معقولة. وإذا لم يحقق طالبٌ ما تقدُّمًا في متطلبات القراءة أو بدا أنه يقضي وقتًا طويلًا للغاية في قراءة كتاب واحد، أعقد معه اجتماعًا وأسأله عن مقدار الوقت الذي يقضيه في القراءة في المنزل. لكن هذا كل ما أفعله.

مثلما أوضحت في الفصل الثالث من هذا الكتاب، السبيل الوحيد للتأكد من أن طلابك يقرءون يوميًّا هو تخصيص وقت للقراءة في الفصل؛ فالطريقة الوحيدة لمعرفة إن كان الطلاب يقرءون كل يوم أم لا هي مشاهدتهم وهم يقرءون أمام عينيك. والقراءة اليومية هي التي تحوِّل القراءة إلى عادة تستمر مع الإنسان مدى الحياة، وتبني القدرة على القراءة؛ ومن ثم، فهي أفضل بكثير من تلك الفترات القصيرة التي يقضيها الطلاب في القراءة عند مغيب الشمس في الليلة التي تسبق مباشرة اليوم الذي يلزم فيه تقديم سجل القراءة. وتزداد احتمالية مواصلة طلابي قراءة كتابٍ ما في المنزل عندما يقرءونه في المدرسة أيضًا. أعرف ذلك لأنهم يأتون إلى المدرسة متحمسين بشأن ما قرءوه الليلة الماضية، أو متذمرين لاضطرارهم مرة أخرى للبقاء مستيقظين حتى وقت متأخر من الليل للقراءة مرة أخرى. والقرَّاء المتحمسون، الذين يخبرونني بحماس عما قرءوه في الليلة السابقة، هم الدليل الوحيد الذي أحتاج إليه ليثبت لي أنهم قد قرءوا في المنزل. وتقييمات نهاية العام التي حصلت عليها من طلابي هذا العام كشفت لي أن معظمهم كانوا يقرءون في المنزل، حتى عندما لم أكن أحاسبهم على ذلك. ويصرِّح كينان قائلًا: «لقد قرأت المزيد من الكتب بسبب الوقت الذي أقرأ فيه في الفصل، بل إنني أقرأ أكثر في المنزل بسبب ذلك أيضًا. فحين أصل إلى جزء مثير للغاية أو أقترب من نهاية الكتاب، أضطر لمواصلة قراءته في المنزل.» هكذا، يقرأ الطلاب لأنهم يريدون ذلك، وليس لأنني دفعتهم إلى القراءة.

(٥-٢) حل بديل: الحرية داخل إطار تكليف القراءة

يكون وضع هدفٍ ما لقراءات الطلاب المستقلة إجراءً مفيدًا إذا تَطلَّب منهم هذا الهدف إنهاء قراءة الكتب؛ فقد كان لديَّ طلاب يقرءون ويكتبون يوميًّا في فصلي أو يسجلون إلى الأبد ما يقرءونه كل ليلة، لكنهم لم ينتهوا فعليًّا قط من قراءة أي كتاب أو كتابة أي نص بالكامل. يصبح الطلاب قرَّاءً بارعين عندما يتمكنون من التعبير عن مشاعرهم بشأن الكتب التي قرءوها، لا الإشارة إلى عدد الساعات التي قضوها في قراءة كتاب. كيف ينجح ذلك مع الطلاب الذين يعانون من صعوبة في أداء تكليفات القراءة؟ توضح محادثتي التالية مع جون كيفية تشجيع الطلاب الذين لا يزالون في مرحلة الإعداد.

يشكو جون بصوت يسمعه جميع الطلاب في الفصل قائلًا: «لم أقرأ سوى ستة كتب فحسب هذا العام. وها قد بلغنا منتصف العام الدراسي تقريبًا. لن أتمكن أبدًا من قراءة الأربعين كتابًا.»

كان بإمكاني أن أتوجه ناحية جون وأن ألقي عليه خطابًا حماسيًّا عن القراءة، لكنني أعلم أن ثمة طلابًا آخرين في الفصل يمكنهم الاستفادة مما سأقول، فسألته قائلةً: «كم عدد الكتب التي قرأتها العام الماضي، يا جون؟»

«همم، كتابان أو ثلاثة!»

ولعلمي بأن جون مشجع رياضي متعصب، سألته قائلةً: «جون! إذا تحسَّن أداء لاعب رياضي بنسبة ٢٠٠ في المائة على مدار موسم واحد، فما سيكون رأي مدربه؟»

«أعتقد أنه سيعتبر ذلك تقدمًا جيدًا للغاية.»

«هل قرأت بعض الكتب التي أعجبتك هذا العام، يا جون؟»

«نعم، قليل منها.»

أعرف أن جون قد رشح روايتَي «قلب جندي» و«هذا الكلب أحبه» لبعض من أصدقائه في الفصل؛ لذا يمكنني القول بأنه يقدِّر على الأقل بعضًا مما يقرؤه.

قلت له: «هل تتذكر عندما أخبرتكم بأن المواطن الأمريكي البالغ العادي لم يقرأ سوى أربعة كتب فقط العام الماضي؟ أي إنك تقرأ أكثر من معظم البالغين؛ فافرح بذلك، ولا تقلق كثيرًا بشأن التكاليف، ما عليك سوى أن تداوم على القراءة!»

جون يقرأ، وإن لم يكن بالقدر الذي يعتقد كلانا أنه يجب أن يقرأ به. تعكس مشاركتُه في مجتمع القراءة بفصلنا من خلال ترشيحه الكتب التي يقرؤها للقرَّاء الآخرين تزايُدَ اهتمامه بالقراءة، ولن أستفيض هنا في الحديث عن أن جون قد تَمكَّن في السابق من اجتياز عام دراسي كامل مع قراءة كتابين أو ثلاثة كتب فقط، وكان ذلك مقبولًا. لكنَّ ما أقدره حقًّا هو زيادة قدر قراءته؛ فبحلول نهاية العام الدراسي، كان جون قد قرأ في الواقع خمسة وعشرين كتابًا، وشعر — على الأقل في بعض الأحيان — بأن القراءة تستحق العناء المبذول في سبيلها.

(٦) ممارسة تقليدية: القراءة بالاختيار العشوائي والتخصيص التناوبي

القراءة بالاختيار العشوائي هي ممارسة راسخة في الفصول تتمثل في نداء المعلم على الطلاب عشوائيًّا للقراءة بصوت مرتفع. ويستخدم بعض المعلمين صورة حديثة من هذه الممارسة — ألا وهي القراءة بالتخصيص التناوبي من جانب الطلاب — في محاولة منهم لإضافة مستوًى من المرح على تعذيب القراءة بصوت مرتفع. خلال القراءة بالتخصيص التناوبي من جانب الطلاب، ينادي المعلم على أحد الطلاب الذي يقرأ لفترة محددة من الوقت أو جزءًا محددًا من النص، ثم ينادي على طالب آخر ليكمل من حيث انتهى؛ مما يجعل الطلاب يتناوبون الوقوف للقراءة عبر الفصل مثل الفُشار في المقلاة. تشيع أنشطة القراءة بصوت مرتفع — مثل القراءة بالاختيار العشوائي من جانب المعلم أو بالتخصيص التناوبي من جانب الطلاب — بين المعلمين عندما يقرأ الفصل بأكمله نفس الكتاب أو القصة القصيرة أو نفس الفقرة من الكتاب المدرسي.

من خلال النداء عشوائيًّا على الطلاب للقراءة، تهدف هذه الأساليب إلى ضمان متابعة جميع الطلاب وأنهم يعيرون انتباههم لما يُقرَأ، وكذلك لضمان أن الجميع يقرأ بصوت مرتفع بين الحين والآخر، لكنني لا أظن أن هذه الأهداف تخدم احتياجات الطلاب، علاوة على أن عامل كراهية الطلاب لهذا النوع من التخصيص؛ الاختيار العشوائي للقراءة، يجعلها ممارسة تثير تشككي. اسأل أصدقاءك عن ذكرياتهم المتعلقة بالقراءة بصوت مرتفع بهذا الأسلوب، وأراهنك على أن الكثيرين سيتذكرون أن القراءة بالاختيار العشوائي كانت تثير توترهم بقدر يضاهي التوجه إلى السبورة لحل مسائل الرياضيات أمام الفصل بأكمله. إن القراءة بصوت مرتفع عند الطلب ما هي إلا نوع من التعذيب المتخفي في صورة نشاط ممتع؛ تعذيب لمن يقرءون ولمن يستمعون على حدٍّ سواء.

(٦-١) نظرة عن كثب على القراءة بالاختيار العشوائي

لنُلقِ نظرة عن كثب على ما يحدث بالفعل خلال ممارسة القراءة بالاختيار العشوائي: ينادي المعلم على بيلي لقراءة جزء من الكتاب المدرسي لمادة الدراسات الاجتماعية. يجتهد بيلي — القارئ غير البارع — للانتهاء من الفقرة، متوقفًا عندما يلتقي كلماتٍ لا يعرفها حتى يساعده المعلم، أو الطلاب على الأرجح، على المواصلة. يشعر بيلي بالإحراج لضعف قدرته على القراءة، والإحباط الذي يشعر به من الطلاب الآخرين، ويشعر الجميع — ومنهم بيلي — بالارتياح عند انتهائه من القراءة. لا يتذكر بيلي كثيرًا مما قرأه لأنه لم يفهمه، لكن ذلك لا يهم، ولا يستمر في المتابعة مع الفصل؛ فلقد نودي عليه للقراءة مرة، وأصبح في مأمن ليوم آخر.

أعتقد أنه بإمكاننا تجنب إهانة القرَّاء الناشئين من خلال تجنب مطالبتهم بالقراءة بصوت مرتفع، والحال ليس أفضل كثيرًا أيضًا مع القرَّاء ذوي الإمكانات المرتفعة.

تنتهي سوزي — القارئة المذهلة — من الجزء الذي تقرؤه دون أن تواجه كثيرًا من المشكلات. يشعر القرَّاء الناشئون، الذين لا يمكنهم مجاراة إيقاع سوزي في القراءة، بالضياع. وحتى إن قرأت سوزي النص بطلاقة، لا يملك بعض الطلاب على الأرجح ما يكفي من المعلومات العامة عن الموضوع أو المفردات لفهم ما تقرؤه. ونظرًا إلى أن الهدف الأساسي لسوزي هو إذهال الفصل بمدى تفوقها على بيلي في القراءة، فإنها لا تنتبه كثيرًا لما تقرؤه كذلك. وعندما تنتهي من أداء دورها، لا تتابع قراءة بقية الطلاب في الفصل، لكنها تتقدم عليهم في القراءة لأن بإمكانها فعل ذلك.

يستمر التخصيص التناوبي بين الطلاب، يُستنزَف القرَّاء عقليًّا واحدًا تلو الآخر، ويتراجع مستوى الفهم لدى الجميع في الفصل.

لا يمكنني أن أصدق أن أي معلم سيظل يتبع أسلوب القراءة الجماعية هذا بعد أن يتأمل كيفية عمل هذا الأسلوب فعليًّا في الفصل المدرسي؛ فافتراض أن الطلاب يتابعون ما يُقرأ عليهم على مدار هذا النشاط افتراض خاطئ، ولك أن تفكر في المرات التي نودي فيها على الطلاب لكي يقرءوا وكان من الواضح عليهم أنهم لم يتابعوا ما كان يُقرَأ وكانوا بحاجة للمساعدة للعثور على النقطة التي يجب البدء منها؛ فالطلاب الضعاف المستوى في القراءة يخشون من النداء عليهم للقراءة، والطلَّاب البارعون فيها يشعرون بالملل من اضطرارهم للاستماع إلى قراءة القرَّاء الأبطأ والأقل قدرةً منهم. إن القراءة بالاختيار العشوائي لا تعزز الشعور بالنجاح في القراءة إلا لدى أفضل القرَّاء، ولا تبني القدرة على القراءة الجهرية أو حتى الطلاقة فيها لدى أحد.

(٦-٢) حل بديل: الإعداد للقراءة الجهرية وممارستها

من المهم أن يمارس الطلاب القراءة بصوت مرتفع ليكتسبوا الثقة والقدرة على القراءة الجهرية بطلاقة، فكيف يمكننا إذن تشجيع الطلاب على القراءة بصوت مرتفع، لكن مع تجنب سلبيات القراءة بالاختيار العشوائي والتخصيص التناوبي؟

  • «استعراض النص قبل قراءته»: وضِّح لطلابك خصائص النص، مثل الرسوم أو المفردات التي سيحتاج الطلاب إلى فهمها لاستيعاب الفقرة. حدِّد ما يعرفونه بالفعل عن مادة النص، وعلِّمْهم مسبَّقًا أيَّ مفاهيم أو مفردات لا يعرفونها، لكنهم سيحتاجون إلى فهمها.

  • «تخصيص أجزاء للطلاب ليقرءوها مسبقًا، ومنحهم الوقت لقراءتها»: فَقِراءة جزء من النص في صمت بضع مرات سيحسِّن من قدرة الطلاب على قراءة النص بصوت مرتفع لاحقًا. وإذا تمكن الطلاب من قراءة النص بصوت مرتفع بضع مرات أيضًا، فإن ذلك أفضل.

(٦-٣) حل بديل: بدائل القراءة الجهرية

يجب أن نفكر إن كنا نطلب من الطلاب القراءة بصوت جهوري لأننا نرى فائدة ستعود عليهم من هذا النشاط أم لأنه يوفر الوقت أو الجهد على المعلم؛ فقراءة الفصل بأكمله للنصوص بصوت مرتفع يستغرق وقتًا طويلًا يمكننا تجنب إهداره على نشاط لا يحسِّن من قدرة الطلاب على القراءة. وثمة أساليب أفضل لزيادة طلاقة الطلاب من القراءة بالاختيار العشوائي والتخصيص التناوبي، من ذلك القراءة المشتركة مثلما أشرت مسبقًا في هذا الفصل، وفيما يلي بعض الأفكار الأخرى:
  • «اجعل كل طالبين يشكلان فريقًا، ودعهما يقرآن النص معًا»: اختر شركاء متقاربين في مستوى القدرة على القراءة. ضَع القرَّاء الناشئين أو متعلمي اللغة الإنجليزية مع الطلاب الذين يقرءون على نفس مستوى الصف الدراسي الملتحقين به، ولا تجمع الطلاب الأقل كفاءة مع الأكثر موهبة في القراءة؛ فالطلاب ذوو القدرات العالية يستاءون من استخدامهم كمعلمين خصوصيين، وهم يستحقون أيضًا تمكينهم من التطور في القراءة؛ الأمر الذي لن يتمكنوا من تحقيقه بالقراءة مع قرَّاء أقل قدرة منهم. لا شك أن القرَّاء الناشئين يحتاجون إلى دعم من قارئ أفضل منهم كنموذجٍ يُحتذَى به، لكن جمعهم في فريق واحد مع قارئ شديد البراعة لا يسفر إلا عن تغذية شعورهم بالقصور في القراءة.

  • «استخدِم أشرطة صوتية أو أقراصًا مدمجة أو نشرات صوتية غير مختصرة»: مع هذه الوسائط، يكون لدى طلابك نموذج طليق في القراءة يتبعونه، ولن يضطر المعلم لقراءة النص ذاته ست مرات في اليوم الواحد. أنا موقنة من نجاح هذه الوسيلة؛ فبوسع طلابي أن يخبروك بأن أداء المؤلف جاري سوتو الذي تشوبه اللكنة الإسبانية لأغنية «لا بامبا» في قصته القصيرة التي تحمل الاسم نفسه أفضل كثيرًا من أدائي! وبينما يستمع الطلاب للتسجيلات الصوتية، يمكنك إيقاف التسجيل عند النقاط المهمة في النص أو إعادة تشغيل أجزاءٍ معينةٍ من أجل المناقشة. ويمكن لأمناء المكتبات في المدارس في كثير من الأحيان تحديد أماكن الأشرطة الصوتية أو الأقراص المدمجة الخاصة بعديد من كتب الأطفال، ويضيف الكثير من الناشرين حاليًّا الأقراص المدمجة الخاصة بالكتب المدرسية في أغلفة ملحقة بها، وثمة خدمات على الإنترنت — مثل «تامبل توكينج بوكس» (http://www.tumblebooks.com/talkingbooks/) و«أوديبل» (www.audible.com) — تقدم مجموعة ضخمة من النشرات الصوتية للكتب.

(٧) ممارسة تقليدية: البرامج التحفيزية

بعد فترة وجيزة من إجازة عيد الشكر، ألقيتُ التحية على طلابي وفي يدي رِزْمة من الأوراق. قلت لهم: «آنساتي سادتي! أحمل معي هنا رِزْمة أوراق مسابقة «سيكس فلاجز» للقراءة. لعلكم اشتركتم في هذه المسابقة من قبل. إذا قرأتم لمدة ٣٦٠ دقيقة خلال الفترة ما بين الآن وحتى ١٥ فبراير، فستحصلون على تذكرة مجانية للطلاب لمدينة ملاهي «سيكس فلاجز».»

قال كوربين متشككًا: «ثلاثمائة وستون دقيقة من الآن حتى ١٥ فبراير؟ لكننا سنقرأ أكثر من ذلك بكثير، سيدة ميلر، في شهر واحد.»

«هذا صحيح، يا كوربين، وأعتقد أنكم ما دمتم تقرءون بالفعل، فقد تحصلون على الأرجح على التذكرة المجانية كذلك.»

سأل دانيال — رائد الأعمال الصغير في فصلي: «إذا قرأنا أكثر، فهل يمكننا الحصول على مزيدٍ من التذاكر؟»

«لا يا دانيال، تذكرة واحدة فقط.»

تقول بريتاني متأففة: «هل سينبغي علينا التدوين في هذا السجل السخيف للحصول على التذكرة؟ لن تهمني التذكرة إذا كان ينبغي عليَّ تدوين الوقت الذي أقضيه في القراءة في هذا السجل.»

«يا شباب، إنكم تقرءون بالفعل، والحصول على التذكرة مكافأة جيدة، ألا تعتقدون ذلك؟ سأحتفظ بمجلد على مكتبي لسجلات مسابقة «سيكس فلاجز»، وعند استكمالكم للسجلات الخاصة بكم، ضعوها في المجلد. وسأسلمها للآنسة تايلور [أمينة مكتبة المدرسة] عند اقتراب الموعد المحدد للمسابقة.» أَخْرَجَ أحد الطلاب آلة حاسبة ليحسب عدد الأيام التي ينبغي عليه القراءة فيها داخل الفصل وليلًا لتحصيل ٣٦٠ دقيقة.

«لنرَ، إذا قرأت لمدة عشرين دقيقة على الأقل يوميًّا في الفصل وعشرين دقيقة يوميًّا في المنزل، فسوف يستغرق مني الأمر تسعة أيام لتحصيل ٣٦٠ دقيقة من القراءة. ما المدة المحددة لنا لفعل ذلك، يا سيدة ميلر؟»

«شهران أو نحو ذلك. أتصوَّر أن معظمكم سينتهي من ذلك قبل عطلة الشتاء.»

أشعر بالامتنان تجاه ملاهي «سيكس فلاجز» وأمينة المكتبة بالمدرسة لتنظيمهما برنامجًا يحفز على القراءة، وأعتقد أن هدفهما المتمثل في مكافأة الطلاب على القراءة بمنحهم يومًا ممتعًا في متنزه مثير ومشوق هدف نبيل، لكن وجه اعتراضي عليه هو مقدار القراءة القليل جدًّا إلى حد محرج الذي يُتَوقَّع من الطلاب إنجازه على مدار فترة زمنية طويلة للحصول على مكافأة. علاوةً على ذلك، لم أَرَ من قبلُ أي طالب اكتسب عادة القراءة على المدى الطويل بسبب برنامج تحفيزي. حتى عندما يكون الطلاب متحمسين بصورةٍ ما للقراءة بسبب التذكرة، أو بيتزا مجانية، أو أي جائزة أخرى، فمن المرجح أنهم سيتخلون عن القراءة بمجرد أن يحصلوا على الجائزة التحفيزية. للأسف، الغاية الوحيدة من هذه البرامج هي إقناع الطلاب بأنه لا توجد قيمة متأصلة في القراءة في حد ذاتها، وأنها جديرة فقط بفعلها إذا ارتبطت بالفوز بجائزةٍ ما.

(٧-١) حل بديل: هبات القراءة للقارئ

أريد أن يتعلم طلابي أن القرَّاء مدى الحياة يعرفون أن القراءة مكافأة في حد ذاتها. القراءة درس في الحياة؛ فهي تجعلنا أكثر ذكاءً بزيادة حصيلة المفردات والمعرفة العامة لدينا حول عدد لا نهائي من الموضوعات. تتيح لنا القراءة السفر إلى وجهاتٍ ما كنا لنراها خارج صفحات الكتب، وبالقراءة نجد أصدقاء يعانون نفس مشكلاتنا، ويمكنهم تقديم النصائح لنا لحلها. وعن طريق القراءة، يمكننا أن نرى كل ما هو نبيل أو جميل أو مروِّع في أناس آخرين، ويمكننا أن نتعلم أيضًا كيف نحسن التصرف من شخصيات الكتب، وأهم من كل ذلك أن القراءة سلوك جمعي يجعلك تتواصل مع قرَّاء آخرين، رفقاء سافروا إلى نفس الأماكن المذهلة التي سافرت إليها، وتغيَّروا بسببها أيضًا.

إن منح الجوائز كمكافأةٍ على القراءة يحط من شأنها، ويقلل من قدر فرصة الطلاب في تقدير تجربة القراءة لما تجلبه من احتمالات إلى حياتهم. بالنسبة للطلاب الذين يكثرون من القراءة، لا تمثل هذه البرامج تحفيزًا أو تحديًا. حقًّا في الواقع، تشارك فصولي في البرامج التحفيزية التي تقام على مستوى المدارس عند طرحها؛ فسوف يلبون المتطلبات سريعًا على أي حال، لكنني لا أسمح لطلابي مطلقًا بنسيان الجائزة الحقيقية؛ وهي أن التقدير الحقيقي للقراءة سيضيف إلى حياتهم أكثر مما تستطيع أن تضيفه مائة يوم في ملاهي «سيكس فلاجز» على الإطلاق.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤