الفصل الحادي عشر

العلل والمعلولات

(١) هل لحلقات هذا الكون التي شرحناها سلك واحد تنتظم فيه من أدناها — البحر الفوتوني — إلى أعلاها — العقل الاجتماعي وأدبيته؟

لا نرى هذه الحلقات تشترك بشيء سوى قوة الجاذبية، هذه القوة عاملة في كل حلقة من الحلقات الست التي أجملناها آنفًا، وفيما سوى ذلك فكل درجة من درجات التطور الكوني عالم مُستقل بظاهراته وتنظيمه مع تشابه النُّظم في مُجملها.

فالأجرام تجمع بلا تركُّب، والجزيئات تجمع وتركب، بحيث إنَّ المُركب يختلف في ظاهراته عن الأجزاء التي تركب منها، وتركبها يكاد يكون ثابتًا أو قليل التغير.

وفي الحياة تجمع وتركب متعدد معقد دائم التحول والتنوع، وتحرك ملازم للتركب والتحول.

وفي العقل تجمع وتركب وتحول، وتحرك خليات سريع.

وفي الجميع يمكنك أن تتقصى الجاذبية.

(٢) ما هو كائن فلا بد أن يكون

هل التطورات الطارئة في هذه العوالم ناتجة حتمًا؟ أو كان مُمكنًا أن يُنتج الكون المادِّي غير هذه العوالم التي نتجت منه؟

إذا كانت طبيعة الكون المادي تستلزمُ حتمًا نشوء تلك العوالم التي شرحناها كانت هذه العوالم مُضمرة في كل فوتون من فوتونات المادة؛ أي: إنَّ طبيعة الفوتون نزوعة للنشوءَات التي نشأت منه. وإذا كان الأمر كذلك وجبَ أن تكون أجزاء الكون مُتماثلة تمام التماثل في كل مكان وزمان، ووجب أنْ تكون الحياة وتاجها العقل في كل جرم من الأجرام؛ وبالتالي وجب أن تكون الأجرام مُتشابهة حجمًا وحرارة وتشععًا … إلخ، ولا تفاضل بينها ولا تفاوت ولا تباين؛ لأنها جميعًا متجمعة من فوتونات ذوات طبيعة واحدة.

والواقع غير ذلك؛ فإننا نرى جماعات المادة مُختلفة الأحجام والأعمار والكثافة ونشاط الحركة، نرى أن التجمع في كل جرم أو جسم ينشئ بيئة خاصة، تؤدي إلى ظاهرات خاصة، تختلف عن بعض ظاهرات جرم آخر خاصة به.

فإذن، ما نراه من اختلاف ظواهر أجزاء الكون ليس نتيجة نزعة عامة في الفوتون، بل هو نتيجة تجمعات الفوتونات على أنماط مختلفة غير مقصودة ولا مضمرة فيها، هي أعراض تلك التجمعات، وكل نمط يُفضي إلى نوع أو أنواع من التطورات والظاهرات، وكل ظاهرة هي نتيجة لظاهرات عديدة سبقتها مُجتمعة، لا لسبب مُتسلسل من سبب أول في الفوتون؛ لذلك كان مُحتملًا أن يكون للكون المادي عوالم غير هذه العوالم، تختلف عن هذه ولو بعض الاختلاف، ولا ندري كيف تكون، فالكونُ إذن مُتطور بلا تقيد في تطوراته سوى تفاعل السوابق المُباشرة له، فليس له مجرى خاص اختطتهُ له طبيعة خاصة بحيث لا يستطيع أن يحيد عنه … ولو كان له مجرى خاص لا ثانيَ له لَأَمْكَنَ للعقل البشري أن يرى هذا المجرى حاضرًا ومُستقبلًا كما يراها، وماضيًا بكل ضبط وبلا خطأ، ولكانت أساليب التطور بسيطة جدًّا لا تعتورها استثناءات واستدراكات عديدة مُختلفة كما هي الحال.

إنَّ مجرى التطوُّر الكوني مُتعرِّج مُتفرِّع مُتنوِّع، وفروعه يُعارض بعضها بعضًا، وكُلما تقدمت في الزَّمان تواتر تعارضها وتفرعها وتعرُّجها، الأمر الذي يجعل التطور تحت حكم المصادفات أكثر مما هو تحت حكم التنسيق المُتسلسل؛ يجعل النتيجة الواحدة مُسببة عن أسباب مُتعددة مُجتمعة ومُتقاطعة، لا عن سبب واحد يجعل المجرى ملتويًا غير مطرد في خط مُستقيم.

إن تفرع مجاري التطور وتنوعها وتعرضها وتقاطعها هي التي تجعل بعض الظاهرات مُتباينة مُتعاكسة، كدوران بعض أقمار السيارات عكس دوران الأقمار الأخرى في الاتجاه، وكنشوء جزيئات وذرات في نجوم وأجرام ليس لها وجود في أجرام أخرى، ونحو ذلك.

لو كان سبب التطورات الكونية سجية من سجايا الفوتون لاقتضى أن يكون لكل فوتون سجية خاصة به تختلف عن سجية غيره، والمعلومُ أنَّ الفوتونات مُتماثلة تمامَ التماثل، فليس سبب تلك التطورات إلَّا تعدد الفوتونات، وتجمعها في جماعات مُتعددة بفعل تجاذبها ودورانها، فالفرق بين جماعة وأخرى هو في عدد الفوتونات وكثافتها وسرعة دورانها — بسبب الجاذبية كما علمت. هذه هي أسباب اختلاف جماعاتها في الخواص، وهذا الاختلاف سبب الاختلاف في نتائج تفاعلها — تطوراتها. فالسرُّ في اختلاف أشكال الجماعات وتطوراتها هو في العدد والكثافة والحركة في الحيز؛ هو عدد الفوتونات في جماعة، والحيز الذي تشغله الجماعة بكثافة خاصة بها، وسرعة حركتها، فبين عدد الفوتونات وحيز كثافتها تلعب الجاذبية أدوارها المُختلفة في التطور.

فما هو كائن لم يكن بد من كينونته.

(٣) سلاسل الأسباب والنتائج

هل النتائج والأسباب سلسلة مُتصلة بحيث إنَّ لكل نتيجة مُعينة سببًا خاصًّا لا ينتج غيرها، وهي لا تنتج عن غيره؛ وبالتالي يمكن التنبؤ عن النتائج من مَعرفة الأسباب؟

السببية طبيعة حتمية في جاذبية الذرات — فوتونات أو مجموعات فوتونات. التجاذب يجمع الذرات، والدوران يفرِّع تجمعاتها؛ فلذلك لا يمكن أن يحدث حادث إلَّا من جراء حادث آخر أفضى إليه، لا يُمكن أن يحدث حادث من تلقاء نفسه، ولا يُمكن أن ينتهي حادث بنفسه؛ لأنَّ القُوَّة لا تفنى، بل لا بدَّ أن يفضي إلى حادث آخر.

فالحوادث سلاسل متصلة، ولما كانت الحركات المادية مُتعددة ومتنوعة كثيرًا، ومُتجاورة في الحيز يُصادم بعضها بعضًا؛ كانت كل حادثة نتيجة لعدة عوامل مُتصادمة أفضت إليها؛ فلا يُمكن أن تعثر على حادثة نتجت من عامل واحد فقط.

لذلك لا نتيجة نتجت من سبب واحد، بل من عدة أسباب تضافرت على إنتاجها، ويندر أن تستطيع الإحاطة علمًا بجميع الأسباب التي أفضت إليها، بل يكاد يستحيل ذلك. وبقدر ما نعرف من الأسباب للنتيجة الواحدة يمكننا أن نُحسن التنبؤ عنها، فالحكم الأرجح في التنبؤ عن النتيجة يتوقف على العدد الأوفر من الأسباب — أو العوامل — التي نعرفها، فإذا استطعنا أن نُحيط علمًا بجميع الأسباب بلا استثناء ظفرنا بمعرفة النتيجة المُطلقة. ولكن هذا أمرٌ يكاد يكون مُستحيلًا؛ يمكن الفلكي أن يقدم لك جدولًا عن مواعيد الكسوف الشمسي أو الخسوف القمري لبضع مئات أو ألوف من السنين لا إلى أبد الآبدين، وكلما تمادى في تعيين المواعيد البعيدة قلَّ التطابق بين حدوث الكسوف وميعاده المحسوب. لماذا؟ لأنه لا يستطيع أن يُحيط علمًا بجميع حركات الأفلاك العديدة المتفاوتة في دورياتها Rithm، وحاصل القول أنه لا نتيجة واحدة لسبب واحد فقط، وإنما هي نتيجة لمجموعة عوامل مُتعددة مُتعارضة غير مُتساوقة تمام التساوق.

يلزم عن هذا أن النتائج والأسباب ليست سلسلة واحدة متصلة مترامية ماضيًا ومستقبلًا، بل هي سلاسل لا تُحصى مُتشابكة معقدة بحيث إنك لا تستطيع أن تُسلسل حادثًا إلى أن تصل راجعًا إلى سببه الأول، ففيما أنت تُسلسله لا تلبث أن ترى السلسلة مُتفرعة طردًا وعكسًا؛ أي: تراها مُتفرعة إلى أسباب من ناحية ومُتفرعة إلى نتائج من ناحية أخرى فتتيه في شبكة الأسباب والنتائج.

لذلك لا يبقى عندك شك في أن النتيجة الواحدة بنت المصادفة التي اجتمعت عندها العوامل المتعددة المفضية إلى تلك النتيجة. فالصدفة التي نعنيها لا تنفي السببية، وإنما هي مآل تعدُّد عوامل السببية، ولأننا لا نعرفُ العوامل نقول: إنها صدفة.

(٤) سبب سلاسل السببية

إذا كانت الأسباب المتعددة سلاسل متفرعة، فلا بدَّ أن تكون متفرعة من سلسلة واحدة، أو من أصل واحد، فما هو السبب الأصلي؟

سلاسل السببية — الأسباب والنتائج — متعددة تعدُّدًا لا يُحصى ولا يُحصر، ولكنك تستنتج بوضوح من غضون أبحاثنا الماضية أنها كلها ترجع إلى خاصتين رئيسيتين في أصل المادة — أي: الفوتون — وهما التَّجاذب والدوران؛ المادة = فوتونات مُتجاذبة دوَّارة، فيُمكنك أن ترد كل حركة أو حادث في الكون فيما أنت متتبع راجعًا إلى أي سلسلة من سلاسل العوامل التي تقدمته — ترده إلى هذه العلة الأصلية — التجاذب والدوران.

وقد لا ترتاح إلى الوقوف هنا بل تسائل: ما علة هذين: التجاذب والدوران؟

(٥) العلة الأولى

ما هي العلة الأولى التي أحدثت التجاذب والدوران؟

أضف إلى هذين الأمرين المادة أيضًا، وقُل: ما هي العلة الأولى التي أبدعت المادة وأحدثت تجاذُبها ودورانها؟ لأنَّ إحداث التجاذُب والدوران ليس أسهل من خلق المادة، فالذي يستطيع أن يحدث تجاذبها ودورانها يستطيع أن يخلقها أيضًا، فالمادة إذن موجودة ولها هاتان السجيتان، فلا تَسَل.

في تعليل العلل والمعلولات، وتفسير الأسباب والنتائج، حتى في ظاهرات الطبيعة الثانوية؛ نبلغ أحيانًا إلى نقطة أو نقط لا نجد عندها سببًا حتميًّا لنتيجة حتمية، فنكاد نشعر أنَّ للذرة هُناك إرادة حرَّة؛ مثال ذلك: تنبثق من الشمس — وسائر الأجرام — فوتونات بسرعة النور يُصيب أرضنا منها رشاش، ومن هذا الرشاش ما يُصيب سطح بركة أو غدير. فبعض أمواج هذه الفوتونات تنعكس عن سطح الماء الهادئ وترتد إلى أعيننا؛ بدليل أننا نرى طيفنا في الماء، ونرى سطح الماء نفسه، وبعضها يخترق الماء وينعكس عن قعر البركة أو قعر الغدير؛ بدليل أننا نرى الحصى في القعر. فالفوتونات مُتماثلة لا تباين بينها، والموجات كذلك، فما الذي جعل هذه الفوتونة — أو موجتها — أن ترتد عن سطح الماء إلى أعيننا، وتلك الفوتونة تخترق الماء وترتد عن القعر إلى أعيننا؟ ألست تشعر كأنَّ لهذه إرادة حرَّة تختلف عن إرادة تلك، فأرادت غير ما أرادته تلك؟

لا بدَّ أنه يتعذر عليك أن تتصوَّر للفوتونة الواحدة إرادة حرَّة فتقول لا بدَّ من سبب لتخالف الفوتونتين في المصير. وإنَّما نحن نجهل هذا السبب؛ إذن مهما برعنا في تعليل الظاهرات وردها إلى أسبابها، فلا بدَّ أن نبلغ إلى نقطة يتعذر علينا عندها التعليل؛ فنقول: إنَّ العلة الأولى مَخبوءة وراء هذه النقطة، وبعضنا يسميها «الله».

ثمَّ افرض أننا بمواظبتنا على البحث والاستقراء والامتحان اهتدينا إلى عاملين مختلفين سبَّبَا افتراق الفوتونتين في المصير: الواحدة انعكست عن سطح الماء، والأخرى عن قعر الغدير؛ فلا نلبث أن نشعر أنَّ هناك سببًا أقصى لذينك العاملين نجهله، فنضطر أن ننقل العلة المجهولة من وراء تلك النقطة التي اكتشفنا عندها العاملين إلى وراء نقطة اختلاف هذين العاملين؛ أي: موضع سبب اختلافهما.

بعد هذا التمثيل نعود إلى موضوع العلة الأولى التي نحن بصددها. أمكننا أن نرد أسباب ظاهرات الكون إلى عاملين رئيسيين: تجاذب ذرَّات المادة، ودورانها. وإلى اليوم لم نَسْتَطِعْ أن نعلم سببهما، ولذلك نحن مُضَّطرون أن ننقل عرش العلة الأولى إلى ما وراء هذين العاملين ونقول: إنَّ العلة الأولى — القوَّة القصوى — هي التي أوجدت بحر الفوتونات من العدم بأسلوب لا نفهمه أو لا نستطيع تصوره؛ فجعلت كل فوتونة تدور على محورها، وجعلت الفوتونات تتجاذب مُتداورة حول مركز عام … إلى ما هناك من تجمع وتفرع كما علمت.

أراك مُتململًا، كأنَّ نظرية «العلة الأولى» كما بسطناها لك غير مُقنعة لعقلك، تكاد تقول مَنْ أوجد هذه العلة الأولى التي تستطيع المُستحيل؛ أي: إيجاد شيء من لا شيء؟

صه، هل يُمكنك أن تنتهي من الأسئلة؟ إذا علمت أنَّ علةً عُليا خلقت هذه العلة الأولى ألا تسأل: «ومن خلق هذه العلة العُليا؟» — إلى ما لا نهاية له من الأسئلة؟

إذن أنت حرٌّ بين أمرين. فاختر أحدهما.

إما أن تفرض أن ما وراء الكون المادي علة أولى لا سابق لها أوْجدت هذا الكون كما تراه وكما علمته، وتكم فم عقلك عن التساؤل المتسلسل اللَّامتناهي.

أو أن تستغني عن هذه العلة الأولى التي لا تحل المسألة وتقف عند هذه النقطة: إن الوجود = مادَّة مُتجاذبة دوَّارة موجودة — أو واجبة الوجود — ولا لزوم لموجِد لها؛ لأنَّه إذا كان لا بدَّ من وجود موجِد لها وجب أيضًا أن يكون لهذا الموجِد موجِدٌ أيضًا، ولا بد من موجِد له … إلى ما لا نهاية له من تسلسل الإيجاد، وإذا قلت إن هذا الموجِد واجب الوجود ولا لزوم لموجِد له، فلماذا تزيد سلسلة الوجود حلقة لا حاجة بك إليها؟ ولماذا لا تقول: إن المادة المُتجاذبة الدوارة واجبة الوجود ولا لزوم لموجِد لها؟

لا أفهم ما الداعي لفرض العدم ثم إيجاد المادة من العدم. لا أفهم لماذا نعقِّد المسألة بفرض العدم سابقًا للوجود. لا أفهم لماذا استنبطنا فكرة العدم. ولا أدري ماذا نعني بالعدم. ومن يستطيع أن يفهمنا ما هو العدم؟ أليس طبيعيًّا وبديهيًّا أن نقول: إن الكون «موجود» بلا سبب، بل إنَّ وجوده هو العلة الأولى لكل حدثان فيه، ولا معنى لفكرة العدم بتاتًا، «الكون موجود» والسلام؟!

(٦) العقل الأول

لعلك تقول: إنَّ هذه المادة المتجاذبة الدوارة غير عاقلة، ولكن تنظيم هذا الكون يدل على وجود عقل فوقه منظِّم له، فالعلة الأولى تمتاز على المادة بكونها عاقلة، ولذلك لا بُد من افتراض وجودها علة لوجود المادة، وإحداث تجاذُبها ودورانها.

أراك تجعل للعقل شأنًا أعظم من شأنه الحقيقي في هذا الكون الأعظم.

لقد علمت أنَّ العقل السامي — الإنساني — ليس إلا حاصلًا من حاصلات كتلة خليات حيوية؛ هي الدماغ، أعني أنه وليد أربعة عناصر من عناصر المادة الأرضية. فمهما تراءى لك شيئًا عظيمًا فما هو إلا تفلة تفلتها الهيولي صدفة على هذا السيار الأرضي. فهل تريد أن تجعل هذه التفلة أنموذجًا لعقل يُدبر الكون برمته؟

فإذا كان للكون مُدبِّر كما نود فلا نفرض له عقلًا شبيهًا بعقل الإنسان الذي لم يكن إلا لمعة ضئيلة في الكون كلمعة الحباحب في الليل الدامس؛ فإذا شئت أن تُسمي مدبر الأكوان قوة عاقلة فحذار أن تتوهمه ذا عقل من طبيعة عقلك، وإلا عجز عن إدارة هذه الأكوان مهما عزوت لعقله من السمو.

إن مدبر الأكوان قوة لا تُدرَك ولا تُوصَف وتَسْمِيَتها بالعقل — الذي يُعد عقل الإنسان أنموذجًا له — تحط من قيمتها.

هي قوة قصوى مجهولة، يستحيل على العقل البشري إدراكها أو وصفها؛ لأنَّه ليس إلا لمعة في بحر نورها، يتلاشى فيها، وإنما يحس العقل البشري بوجود مقرها وراء الجاذبية إذا لم تكن هي بعينها.

سبب توهم أن القوة المُنظمة الكون ذات عقلية من طبيعة العقل البشري هو أننا نحسب التنظيم من مقتضيات العقل، فنعتقد العقل ينظم، وأنَّ العقل يحكم بين النظام والفوضى، وهذا خطأ؛ العقل لم يوجد النظام، ولا هو الذي استنبطه، وإنما النظام استنبط العقل، فالعقل حين يدرك النظام يكون كالمرآة التي صنعها الإنسان ورأى خياله فيها، فالعقل مرآة النظام الطبيعي، والنظام خلق العقل مرآة له ليرى طيفه فيه.

في نهاية الفصل التالي تعلم سبب محدودية القدرة العقلية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤