تحيات وطلقات!

نظر «أحمد» إلى ساعته ثم قال: لقد حان وقت التحرُّك.

وقام الشياطين بسرعة وبدءوا في إعداد حاجاتهم للسفر مرة ثانية، ليتجهوا مسرعين إلى مدينة «تاكوما» … وقد قرروا أن يُبادروا بالهجوم.

وبدأ «أحمد» في إرسال تقرير مفصَّل وسريع إلى رقم «صفر»، يشرح له ما توصلوا إليه من نتائج هامة من خلال قراءة أوراق عصابة سادة العالم … والخطة الإجرامية الجنونية التي كانت على وشك التطبيق، والتي يمكن أن تهدد العالم بخراب شامل، إذا ذاب جليد القطب الشمالي، وتدفقت المياه لتغرق الأرض …

وجلس «فهد» ومعه خريطة مفصَّلة عن مدينة «تاكوما» … بدأ في دراستها، وكما هو واضح في الخريطة، فإنها مدينة صغيرة، تقع في غرب ولاية واشنطن، عند خليج «كدمنسمانت»، المتفرِّع من مضيق «بوجت» … تحيط بها الجبال من كل جانب …

وأدرك أن المعركة القادمة، إذا دارت في حيز المدينة، وحولها، فسوف تكون معركة شاقة.

وبدأ «بو عمير» يتَّصل برقم تليفون عميل رقم «صفر» في المنطقة، وطلب سيارة أمريكية، استيشن من طراز «بويك»، بعد أن استقر الرأي على السفر بالسيارة، رغم بعد المسافة ومشقة الطريق. كما طلب مزيدًا من الأسلحة الصغيرة، والنصف آلية، وعددًا كبيرًا من المتفجرات …

وجاءه الصوت على الطرف الآخر، يُخبره بأن كل شيء سوف يكون معدًّا خلال ساعة واحدة.

بعد أن أرسل «أحمد» التقرير إلى رقم «صفر»، التفت إلى بقية الشياطين ودعاهم إلى جلسة سريعة، قبل وصول السيارة وبقية المعدات المطلوبة …

أحمد: أظنُّ أنه لن يكون مع «عوني» عدد كبير من المعاونين، كما شاهدنا في «أيسلندا»!

فهد: المهم، سرعة العثور عليه، قبل أن يغادر «تاكوما» … فقد لا نَعثُر عليه مرةً أخرى في أمريكا، وربما يغادرها إلى مكان آخر!

زبيدة: أظن أن مدينة صغيرة مثل «تاكوما»، سوف يمكن العثور عليه فيها بسهولة …

أحمد: لا أظن أن رجال عصابة سادة العالم، سوف يدخلون المدينة بأسمائهم الحقيقية، أو حتى بأشكالهم الحقيقية …

بو عمير: أهم شيء هو وقف خطة العصابة، بخصوص إذابة الثلج في المنطقة المتجمِّدة … فذلك شيء، كما اتفقنا، قد يهدد العالم كله!

بعد هذه الجملة مباشرة، ظهر مرة أخرى الضوء الأحمر من جهاز الاتصال، وسمعوا الصفارة المتقطعة في غرفة «أحمد».

قفز «أحمد» إلى الجهاز، وبدأ في تلقي الرسالة القادمة، وعاد بها إلى بقية الشياطين … وكانت رسالة هامة توضح بعض النقاط التي كان الشياطين في حاجة إليها، في صراعهم القادم مع العصابة ومع «عوني».

بدأ «أحمد» في قراءة الرسالة:

ظهر «عوني» في فندق «جراند أوتيل» في مدينة «تاكوما»، تحت اسم مستعار هو «عدنان بشير». يلازمه في الغرفة المجاورة اثنان من الحراس الخصوصيين أحدهم ضخم الجثة، أصلع الرأس، يجيد استعمال المسدَّسات، وله شهرة كبيرة في عالم الإجرام … والآخر طويل القامة، نحيل، ذو شارب ضخم، يلبس نظارة سوداء باستمرار، مما يثير شكًّا أن تكون إحدى عينَيه لا ترى.

لا يتحرَّك «عوني» بدونهما … يقطن «عوني» الغرفة «١١٣»، والحارسان في الغرفة «١١٤» … يشاهد «عوني» صباحًا يوميًّا في حمام السباحة بالفندق، يحيط به الحارسان. وهو لا ينزل إلى المياه، ولكن يكتفي بالجلوس في الشمس … ويبدو أنه في انتظار شيء ما!

يجب أن تكونوا في غاية الحذر؛ فقد يكون مع «عوني» أشخاص آخرون غير ظاهرين …

سكت «أحمد» لبرهة ثم أكمل قراءته …

ليس مجرَّد التخلص من «عوني»، يعني انتهاء مهمتكم … فأنتم تعرفون أهمية الوثائق التي حصلتم عليها … فيجب عدم العودة، إلا بعد الانتهاء، وتصفية هذه الخطة الجنونية … إنَّ «عوني»، مجرَّد خطوة من خطواتكم، حتى الوصول إلى نهاية هذه العصابة، التي تفكر في إصابة العالم بأكبر الكوارث التي يُمكن أن تحلَّ بالأرض، منذ انتهاء الحرب العالية الثانية … وفي الحقيقة أن الهدف ربما ليس البترول وحده … إن المسألة قد تكون أكبر من ذلك بكثير، أرجو موافاتي بأية تطورات مع تمنياتي بالتوفيق …

أنهى «أحمد» قراء الرسالة ثم قال: لقد وضع رقم «صفر» أيدينا على كل المعلومات الضرورية … وليس لنا من عذر!

فهد: أظن أن «عوني» سيُصاب بالدهشة، لوصولنا إلى مكانه بهذه السرعة!

إلهام: المهم سرعة السفر إلى «تاكوما»، قبل أن يطير العصفور!

قفز «بو عمير» من مكانه بسرعة، على أثر سماعهم صوت محرك السيارة «البويك» في جراج الفيلا. وهنا أسرع «أحمد» و«بو عمير» لتسلم السيارة. وقاما باختبار الأسلحة التي أحضرها عميل رقم «صفر» … وفي الواقع أنها كانت مجموعة رائعة تصلح لمعركة ضخمة.

كانوا في لحظات داخل السيارة الضخمة القوية … يقودها «بو عمير»، بجواره «أحمد» بينما جلس «فهد» و«زبيدة» و«إلهام» في الخلف، وهم يتجاذبون أطراف الحديث عن «عوني» وهل سيقع هذه المرة … أم يَهرُب كما حدث في الصدام الأول بينهم وبينه.

كان النهار صحوًا، والجو يميل إلى البرودة، وإن كانت الشمس ساطعة، تكشف جمال المنطقة المحيطة بمدينة «سياتل» الضخمة …

كان «بو عمير» يقود السيارة، وقد استسلم لمتعة القيادة على طرُقِ السفر الأمريكية الواسعة، والسيارة تقطع الطريق بسرعة وثبات، حتى أشرفَت بعد نحو أربع ساعات، على مدينة «تاكوما» الصغيرة النائمة في أحضان الجبال، وأخذ «بو عمير» يتبع إرشادات المرور، حتى وصلوا إلى فندقٍ كانوا قد اختارُوه من الدليل، قريبًا من فندق «جراند أوتيل»، حيث ينزل «عوني» حسب معلومات رقم «صفر».

تمَّت إجراءات التسجيل بالفندق في سرعة، وأخذ الشياطين مفاتيح غرفهم … حيث أقامت «زبيدة» مع «إلهام» كالعادة، وانفرد «أحمد» بغرفة، و«بو عمير» و«فهد» في غرفة معًا.

ذهب «أحمد» إلى غرفته، وقد قرَّر ألا ينام، وأن يترك زملاءه الأربعة يَنامون، وينزل هو لدراسة موقع «جراند أوتيل»، استعدادًا للقيام فجرًا بالهجوم … ولكنه بعد لحظات، قرَّر أن من الأفضل أن يتفاهم مع «بو عمير» و«فهد»، فإذا حدث له شيء عرفا ما يجب عمله، وفعلًا، غادر غرفته بعد أن أحكم إغلاقها، وأسرع إلى غرفة «فهد» و«بو عمير» … فوجدهما ما زالا يَخلعان ثيابهما …

قال «أحمد»: إنني أنوي أن أذهب لفندق «جراند أوتيل» … سوف أستطلع الموقف هناك، وأُحاول جمع أكبر قدر من المعلومات … إنني أُفضِّل أن نُفاجئ «عوني»؛ فقد يتمكَّن من معرفة مكاننا ويهاجمنا!

بو عمير: فكرة جيدة، ولكن من الأفضل أن نذهب نحن الثلاثة!

أحمد: لا … سأذهب مع «فهد» وابق أنت هنا لتَتتبَّع سير الأحداث … وحتى نستطيع إيقاظ «زبيدة» و«إلهام» في وقت مناسِب للهجوم … واتركهما ترتاحان الآن!

بو عمير: لا بأس … كما تشاء …

وبعد أن كاد «فهد» ينتهي من خلع ملابسه، عاد لارتدائها مرة أخرى …

ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان … فقد فُتح الباب فجأة، وعندما التفت الثلاثة إليه، فوجئوا بفوهة مسدس طويلة، تبرز من الباب المفتوح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤