أكبر مغامرة في تاريخ الشياطين!

عندما انتهى «جان» من ماكياج «سيلفيا»، كان وجهُها قد تغيَّر تمامًا … وظهرَت عليه آثارُ الضرب، حتى بدأ وكأنه حقيقة … أُضيئَت القاعة قليلًا … واختفى العرض على شاشة الخريطة، نظرَت «إلهام» إلى «عثمان» الذي كان يجلس قريبًا منها وهمسَت: إنه عمل رائع!

ردَّ «عثمان»: نعم …

ثم ابتسم وهو يُضيف: لكن الأكثر منه روعة، أن نعرف ما هي علاقتنا ﺑ «جان».

فجأةً، جاء صوت رقم «صفر» يقول: أرجو ألَّا تتعجَّلوا في معرفة طبيعة المغامرة … غير أنها سوف تُعجبكم كثيرًا …

صمتَ لحظة ثم أضاف: سوف أنشغلُ عنكم بعضَ الوقت؛ فإن موعد العشاء لم يتحدَّد بعدُ.

نظر الشياطين إلى بعضهم، كانت الكلمات الأخيرة التي قالها الزعيم تبدو كأنها لغزٌ يحتاج إلى حلٍّ … فماذا يعني أن موعد العشاء لم يتحدَّد بعدُ، وهم يعرفون موعدَ عشائهم … وهو موعد ثابت دائمًا؟! …

ولم تستطع «إلهام» السكوتَ … فتساءلَت: هل تغيَّر موعد العشاء؟ …

ردَّت «زبيدة»: لا أظن أن الزعيم يقصد موعدَ عشائنا. من الضروري أن يكون للموعد علاقة بالمغامرة!

قال «باسم»: هذا صحيح؛ ولهذا ذكره رقم «صفر».

كان «أحمد» يراقب الشياطين وهم يتحاورون، في نفس الوقت كان يفكِّر في عملية الماكياج وفي «جان»، وفي موعد العشاء، كان يحاول أن يربط بينهما جميعًا … ولذلك نظر إليه … «قيس» مبتسمًا وهو يقول: أظن أن هناك علاقةً حقيقية بين هذه الأشياء الثلاثة!

ابتسم «أحمد» ولم يردَّ. غير أن «قيس» استمرَّ يقول: إن الماكياج، و«جان»، الذي قال رقم «صفر»: إن له علاقة بالمغامرة، ثم الموعد المفاجئ للعشاء … أعتقد أن هذه أشياء لها علاقة بالمغامرة الجديدة.

صمتَ لحظة، ثم أكمل: دعوني أطرح أفكاري أمامكم … وأظن أن رقم «صفر» قد ترك لنا هذه المهمة حتى نحاول أن نَصِل إلى شيء ما …

ثم نظر إلى «أحمد» مبتسمًا وهو يُضيف: أليس كذلك يا عزيزي «أحمد»؟

بعد لحظة ردَّ «أحمد» مبتسمًا: أعتقد أن أفكارك صحيحة إلى حدًّ بعيد.

ضحك «قيس» وهو يقول: إذن هناك جزءٌ لم أَصِل إليه، ما دامَت أفكاري ليست صحيحة تمامًا.

ضحك «أحمد» وهو يقول: أظن أن التعبير قد خانني … إنني أسمعك جيدًا؛ فقد كنت أفكِّر بنفس الطريقة.

كان الشياطين ينظرون إلى «قيس» وكلٌّ منهم يحاول أن يُضيفَ إلى أفكار «قيس» شيئًا؛ ولذلك قال «عثمان» بسرعة: هناك عشاء سوف يتمُّ … هذا العشاء الذي لم يتحدد موعدُه بعد … وسوف يكون «جان» طرفًا هامًّا في هذا العشاء قد لا يحضره لكن من الضروري أن تكون له علاقة به … ما دام رقم «صفر» قد قال إن «جان» سوف يكون من بين الذين نتعامل معهم في مغامرتنا …

فجأة، قطع حوارَهم صوتُ رقم «صفر» يقول: لقد اقتربتُم فعلًا من الحقيقة … فقط هناك بعضُ المعلومات التي أظنُّ أنكم لن تَصِلوا إليها … غير أني سعيدٌ أنكم تَصِلون باستنتاجاتكم إلى هذه المرحلة.

سكت الزعيم، ثم فجأة، أظلمَت القاعة من جديد … فاتجهَت أعينُ الشياطين تلقائيًّا إلى الخريطة الإلكترونية التي كانت قد أُضيئَت فعلًا، ظهرَت خريطة لأوروبا، ثم تحدَّدَت أكثر فظهرَت «فرنسا»، تكاد تملأ الشاشة وظهَر في شرقها «سويسرا»، و«بلجيكا» … وفي جنوبها «إسبانيا»، وفي غربها خليج «بسكي»، ثم تحدَّدَت الخريطة أكثر، فظهرَت مدينة «باريس». وفجأة انسحبَت الخريطة، وظهر فيلم عن مدينة «باريس» عاصمة «فرنسا» … حركة الشوارع والناس … اقتربَت الكاميرا أكثر من مطعم، استطاع الشياطين أن يقرءوا اسمه، وهو مطعم «مكسيم».

عندما قرأَت «إلهام» اسمَ المطعم، هتفَت: إنه مطعمٌ مشهور عالميًّا!

فجأةً، انسحبَت الخريطة تمامًا، وجاء صوتُ أقدام رقم «صفر». انتبه الشياطين وركَّزوا اهتمامَهم على مكان الصوت، الذي جاء بعد قليل يقول: لقد تحدَّد موعدُ العشاء سوف يكون غدًا في الخامسة مساءً بمطعم «مكسيم» الذي شاهدتموه.

انتظرَ لحظةً ثم أضاف: إن «جان» سوف يكون هو بطل مغامرتنا الجديدة.

وقال بعد لحظة: إن هناك صراعًا بين عصابتَي «سادة العالم» و«اليد الحديدية» حول عالِم الإلكترونيات «إليك كرو»، كلُّ عصابة تريد أن تخطفَه، ومن عادة «إليك» أن يتناول عشاءَه يوميًّا في مطعم «مكسيم»، وقد استطاعَت عصابة «سادة العالم» أن تخطف العالِم «إليك كرو». وهذا جعل الصراع بين العصابتَين يزداد … وقعَت بينهما مصادماتٌ رهيبة، وقد فكَّرَت عصابةُ «سادة العالم» في فكرة جهنمية، وهي فكرةٌ شديدةُ الذكاء … فقد تسرَّبَت أخبار إلى عصابة «اليد الحديدية» بأن عالِم الإلكترونيات «إليك كرو» ليس شخصيةً هامة ولا خطيرة، وأنها قد أطلقَت سراحه فعلًا، وحتى تؤكد لعصابة «اليد الحديدية» ذلك، فسوف يظهر «إليك كرو» في مطعم «مكسيم» يتناول عشاءَه كعادته كلَّ مساء …

فجأةً، توقَّف رقم «صفر» عن تكملة حديثه، في نفس الوقت كان الشياطين مستغرقين في متابعةِ كلِّ ما يقوله؛ فهذه أول مرة يدخل فيها الشياطين في صراع بين عصابتَين معًا، لكنهم حتى هذه اللحظة لم يتضح أمامهم ما سوف يفعلونه مرة أخرى … جاء صوت رقم «صفر» يُكمل: لقد أحضرَت عصابة «سادة العالم» «ماكيير السينما» «جان» الذي رأيتموه على الشاشة، وسوف يقوم بعمل ماكياج كامل للعالِم «إليك كرو» بطريقة تجعل كلَّ مَن يراه … يتصور أنه قد انتهى … ففي الوقت الذي سوف يكون فيه «إليك كرو» في مطعم «مكسيم»، سوف يدخل أفرادٌ من عصابة «سادة العالم»، وسوف يُطلقون الرصاص عليه، وبذلك تُصبح الشخصية التي كانت عصابة «اليد الحديدية» تُصارع عليها، قد انتهَت إلى الأبد … سوف يكون دورُ «جان» الماكيير، هو تجهيز عدة خُدَع، تجعل «إليك» وكأنه قد أُصيب بالرصاص فعلًا، في الوقت الذي سوف تكون فيه طلقات الرصاص عبارة عن طلقات صوت فقط، وسوف يسقط «إليك» على الأرض بطريقة تمثيلية … في هذه الحالة سوف ينصرف أعضاء عصابة «اليد الحديدية» من المطعم، وقد تأكَّدوا أن «إليك كرو» قد اختفى إلى الأبد … ولم يَعُد له وجود … بعدها، سوف يحمله أفرادٌ من عصابة «سادة العالم»، لا يعرفهم أحد … ويعودون به إلى مقر العصابة.

ظهرَت الدهشة على وجه الشياطين. فهذه فكرة رائعة فعلًا … وهي فكرةٌ تُنهي الصراعَ بين العصابتَين … وتجعل عصابةَ «سادة العالم» تفوز بعالِم الإلكترونيات. لقد فكَّر الشياطين أن مهمَّتَهم هي إنقاذ العالِم «إليك كرو» قبل أن يأخذَه أفراد العصابة. غير أن صوت رقم «صفر» لم يجعلهم يستمرون في أفكارهم … فقد جاء صوتُه يقول: لاحِظوا أن أفراد عصابة «سادة العالم» الذين سيدخلون ليحملوا «إليك كرو» سوف يلبسون ملابسَ الشرطة الفرنسية، حتى لا يشكَّ فيهم أحد …

توقَّف قليلًا ثم قال: هذا جزءٌ من مهمتكم، وهو إنقاذ عالِم الإلكترونيات «إليك كرو»، لكن ليست هذه هي كلَّ المهمة …

انتبهَ الشياطين أكثر … فإن كلمات رقم «صفر» تعني أن هناك مهمةً أخرى، ولقد تعمَّد رقم «صفر» أن يصمت حتى يمرَّ بعض الوقت، ليعطيَ للشياطين فرصةَ التفكير … مرَّت دقائق … كانوا يحاولون خلالها الوصولَ إلى شيء …

لكن رقم «صفر» قال: أظن أن المسألة تحتاج لبعض التفكير … وحتى لا نضيعَ الوقت لأنكم سوف ترحلون مباشرةً بعد نهاية الاجتماع، حتى تصلوا إلى «باريس» الليلة، وحتى يكون لديكم وقتٌ للذهاب إلى المطعم غدًا، ورؤية كل تفاصيل المكان …

سكت قليلًا ثم أضاف: إن من الضروري أن تفكِّر عصابة «سادة العالم» في التخلُّص من «جان»؛ لأنه سوف يكون الوحيد من خارج العصابة، الذي يعرف السر والذي يستطيع أن يبوح به وينقله أحد إلى البوليس الفرنسي … أو يمكن أن يتسرَّب السرُّ من خلاله إلى عصابة «اليد الحديدية» ليشتدَّ الصراع أكثر …

صمتَ مرة أخرى ثم قال: إن هذا كلَّه يعني أن أمامنا مهمَّتَين … الأولى هي إنقاذ حياة عالِم الإلكترونيات «إليك كرو»، والثانية هي إنقاذ حياة «جان» …

وأضاف بعد لحظة: إنها مهمة مركبة … ولذلك، فإن المغامرة تحتاج إلى مجموعتين … مجموعة لإنقاذ «إليك»، ومجموعة لإنقاذ «جان» حتى لا تكون المهمة ثقيلة، وحتى لا نفقد أيهما.

مرت دقائق، ثم قال الزعيم: إن «جان» سوف يُشرف على تنفيذ العملية بنفسه، حتى تأتيَ كاملة متقنة، أي إنه سوف يكون في مطعم «مكسيم» ساعتَها أو سيكون قريبًا منه … والمتوقع أنه بعد الانتهاء من تحقيق تمثيلية التخلُّص من «إليك» واختفائه سوف يتم التخلص من «جان» فعلًا، دون أن تتكرر هذه التمثيلية مرة أخرى …

صمت رقم «صفر» ونظر الشياطين إلى بعضهم، إن مثل هذه الأفكار الشريرة لا يفكِّر فيها إلا رجالُ العصابات فعلًا … كانت الدهشة تظهر على وجوههم … لكنهم في نفس الوقت، كانوا توَّاقين للانصراف، لتحقيق هذه المهمة المزدوجة …

جاء صوت رقم «صفر» يقول: هل هناك أسئلة تحتاج إلى إيضاح؟

انتظر قليلًا، لكنَّ أحدًا من الشياطين لم يسأل سؤالًا، فقال: سوف تجدون تحديد أسماء المجموعتَين في غُرَفكم!

ثم أخذ صوتُ أقدامِه يبتعد شيئًا فشيئًا حتى اختفى تمامًا …

فقالت «إلهام»: هذه خطة ذكية من عصابة «سادة العالم».

فعلَّق «عثمان» قائلًا: لكنها خطةٌ شريرة في النهاية.

أخذ الشياطين طريقَهم إلى غُرَفهم … كان «أحمد» مستغرقًا في تفاصيل ما سَمِع من رقم «صفر». وعندما وصل إلى غرفته … قرأ على شاشة التليفزيون أسماءَ المجموعة الأولى: «أحمد»، «إلهام»، «قيس»، «عثمان»، «فهد». ثم قرأ أسماء المجموعة الثانية … «بو عمير»، «باسم»، «خالد»، «مصباح»، «رشيد». قال في نفسه: إنها مهمة صعبة، فهذه أول مرة يشترك فيها هذا العددُ الكبير من الشياطين اﻟ «١٣».

فجأة دقَّ جرس التليفون … فرفع «أحمد» السماعة، وجاء صوت «إلهام» يقول: لقد تحقق اقتراحي. ابتسم وقال: نعم.

ثم أضاف: موعدُنا عند الطائرة بعد ربع ساعة.

ووضع السماعة، لتبدأ أكبر مغامرة، قام بها الشياطين اﻟ «١٣» في تاريخهم …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤