صراع … ولكن بسيارات!

كان «جليم» يقف هناك، وقد صوَّب مسدسه في اتجاه «رشيد»، توقَّف «رشيد» لحظة وفكر بسرعة: إن كرة واحدة من الدخان تكفي «جليم» لكن، هل «جليم» وحده أو أن هناك آخرين؟ … وبسرعة أخرج كرة الدخان، ودحرجها في اتجاه «جليم» … الذي كان يبتسم في شراسة، فجأةً، بدأ الدخان يتصاعد، وبدأ «جليم» يَسعُل، إلا أنه أسرع بإطلاق طلقة على «رشيد» الذي استطاع أن يقفز في الوقت المناسب. بدأ سُعال «جليم» يشتدُّ، ورفع يدَه يدعك بها عينَيه، وكانت هذه فرصة «رشيد»؛ فقد قفز مسرعًا إليه، ووجَّه له ضربةً قوية جعلَته يطير في الهواء. تابعه «رشيد» حتى إذا استقر على الأرض؛ ضربَه ضربةً عنيفة فسقط بلا حَراكٍ. نظر خلفه، كان «أحمد» لا يزال واقفًا، وهو يحمل «إليك». أشار إليه فأسرع خلفه، دخلَا المطبخ، حيث كان الطباخون قد اختفَوا منذ البداية. عندما سَمِعوا صوتَ الطلقات … وجد «رشيد» بابًا صغيرًا، فتحه بسرعة، ثم أشار إلى «أحمد» الذي أسرع خلفه. كان «إليك» ينظر لما يدور حوله في دهشة؛ فهو لم يكن يدري ماذا يدور. همس يخاطب «أحمد»: ماذا تفعلان يا بني؟!

ردَّ «أحمد»: نُنقذك من يد العصابة.

سأل «إليك»: مَن أنتم؟!

ردَّ «أحمد»: سوف تعرف فيما بعد.

تجاوزَ الباب. كانت هناك طُرْقة طويلة تبدو مظلمة، أسرع «رشيد» جريًا حتى نهايتها … وهناك وجد بابًا، حاول أن يفتحَه إلا أن الباب كان مغلقًا بإحكام. أخرج من جيبه كبسولةً خاصة ثم ثبَّتها في فوَّهة المسدس، وضغط الزناد؛ فانطلقَت الكبسولة إلى قُفْل الباب، فانفتح على الفور. فجأة، ظهر ضوءُ النهار. نظر «رشيد» في حذر، فلم يجد أحدًا. كانت حركة الشارع الخلفي عادية، فكَّر بسرعة، ثم أرسل رسالة إلى «إلهام»، وما هي إلا دقيقتان حتى كانت «إلهام» تقف بالسيارة عند الباب. أشار «رشيد» إلى «أحمد»، فأسرع خارجًا وهو يحمل «إليك».

همس «أحمد»: لا تجعل رأسك تظهر، استلقِ في المقعد الخلفي، وكأنك مصاب.

ثم أغلق الباب الخلفي، وقال ﻟ «رشيد» بسرعة: عليك بالانضمام إلى بقية المجموعة … وسوف ألحقُ بالطائرة، لتطير ﺑ «إليك»، وسوف نكون على اتصال.

أسرع «رشيد» عائدًا من نفس الباب. أما «أحمد» فقد قفز بجانب «إلهام» وهو يقول: هيَّا إلى المطار!

ضغطَت «إلهام» قدمَ البنزين؛ فانطلقَت السيارة بسرعة، وهي تتَّجه خارج مدينة «باريس» في طريقها إلى مطار «أورلي». همس «أحمد»: ماذا تمَّ مع المجموعة الثانية؟

ردَّت «إلهام»: إنها تُطارد أفراد العصابة الذين اختطفوا «جان».

سأل مرة أخرى: أليست هناك أخبار أخرى؟

قالَت: لم يتمَّ اتصال حتى هذه اللحظة!

جاء صوت «إليك كرو» يقول: أليس من حقِّي أن أعرف الآن ماذا يحدث؟

أجاب «أحمد»: يا سيدي، نحن نعرف أن عصابتَين كانتَا تتنافسان عليك.

قال «إليك» وهو راقد في المقعد الخلفي: إنني أعرف هذا!

قال «أحمد»: ونحن نعرف التمثيلية التي أُعدَّت حتى تستوليَ عليك عصابة «سادة العالم».

قال «إليك»: هذا عظيم، وأشكركم عليه، لكن مَن أنتم؟

وقبل أن يُجيبَ «أحمد» ظهرَت سيارة سوداء، واعترضَت سيارة «إلهام» … قال «أحمد» بسرعة: إنها سيارة لإحدى العصابتَين.

ثم قال: توقَّفي!

أوقفَت «إلهام» السيارة، فقال «أحمد»: أعطني مكانَكِ وخذي مكاني؛ فمن الواضح أننا سوف ندخل في معركة صعبة.

قال «إليك»: إنني أستطيع استخدام المسدسات بمهارة، ويمكن أن أساعدكما.

ابتسم «أحمد» وهو يجلس إلى عجلة القيادة. وقال: لا بأس، عندما نحتاج إلى ذلك، فلن يكون أمامنا غيره!

ضغط «أحمد» قدمَ البنزين؛ فتحرَّكَت السيارة صارخة … كانت السيارة السوداء تقف بعرض الطريق. اندفع «أحمد» بسيارته إليها حتى إذا اقترب منها، انحرف يمينًا بسرعة، ثم أعاد عجلة القيادة إلى وضْعِها الأوسط، فتجاوز السيارة. كانت المساحة على جانب الطريق تكفي بالكاد حتى يمر، لكن لا يستطيع المرورَ منها إلا سائقٌ ماهر. نظر «أحمد» في مرآة السيارة فرأى السيارة السوداء خلفه وهي تتقدم بسرعة نحوه، قال في نفسه: إنها تحتاج إلى صدمة قاسية تقلبها، وتُشعل فيها النيران.

اقتربَت السيارة أكثر، ثم بدأ وابلٌ من الرصاص يصطدم بسيارة «أحمد»، إلا أن الطلقات كانت ترتدُّ؛ فهي سيارة مصفحة، وضد الرصاص. أوقف رجال السيارة السوداء طلقاتِهم، ثم اندفعوا بقوة في اتجاه سيارة «أحمد» ليصطدموا بها، إلا أن «أحمد» انحرف بسيارته في الوقت المناسب، فاندفعَت السيارة السوداء إلى الأمام. ابتسم «أحمد» وقال: إنهم لا يزالون في حاجة إلى تدريب طويل!

في نفس اللحظة، فكر بسرعة، ثم قال: أمسكوا أنفسكم جيدًا … فسوف أعلِّمهم كيف يكون الصراع!

ضغط قدمَ البنزين حتى نهايته؛ فاندفعَت سيارتُه كالصاروخ، وأخذَت طريقَها إلى السيارة السوداء، كانت تقترب في سرعة. حاولَت السيارة أن تنحرف عن الطريق كما فعل «أحمد»، إلا أنه كان قد فكَّر جيدًا، فانحرف معها بسرعة واصطدم بها صدمةً عنيفة، جعلَتها تدور حول نفسها، ثم أعاد سيارته إلى الطريق، وفي مرآة السيارة شاهد السيارة السوداء وهي لا تزال تدور حول نفسها ثم تنقلب في النهاية على جانبَيها، كان مندفعًا في طريقه إلى المطار، فقال ﻟ «إلهام»: أرسلي رسالة للمجموعة الأولى لنعرف ماذا تم هناك.

أسرعَت «إلهام» بتنفيذ الأمر، وأرسلَت الرسالة، مدَّ «أحمد» يدَه وفتح راديو السيارة، وثبَّت الجهاز على موجة خاصة. فجأة، سمع رسالةً تقول: «إن الصيد في الطريق إليكم، وهو صيد صعب.» ابتسم. في نفس الوقت كانت «إلهام» تستقبل رسالة شفرية من «فهد» يقول فيها: «لقد جاءت الشرطة الفرنسية الحقيقية، وسيطرت على كلِّ شيء، سوف نكون في الطريق إليكم بعد دقائق.»

نقلَت «إلهام» الرسالة إلى «أحمد» الذي قال: رسالة أخرى إلى المجموعة الثانية.

أخذَت «إلهام» تُرسل الرسالة الشفرية الثانية إلى «خالد»، في نفس الوقت كانت ثلاث سيارات تقف بعرض الطريق، وتبدو بعيدة، وقعَت عينَا «إلهام» عليها، فقالت في دهشة: هل ترى؟!

ابتسم «أحمد» وهو يقول: لقد التقطت الرسالة، وكنت في الانتظار!

فكر بسرعة، ونظر في تابلوه السيارة، ثم ابتسم، رفع السرعة، ثم ضغط زرًّا في التابلوه، كان يقترب من السيارات الثلاث التي تسدُّ الطريقَ. وفي الوقت المناسب حرَّك عجلة القيادة بطريقة خاصة؛ فارتفعت مقدمة السيارة، ثم طارت في الهواء متجاوزة السيارات الثلاث. كان «إليك» قد رفع رأسه، فرأى ما حدث. أغمض عينَيه وهو يقول: يا إلهي، كأنني أتعامل مع الشياطين!

ضحك «أحمد» وقال: هذا صحيح!

وفي مرآة السيارة، شاهد السيارات الثلاث تتقدَّم في اتجاهه، لكن ذلك لم يكن يُخيفه؛ فهو يعرف كيف يتعامل معها. في نفس الوقت، جاءَت رسالة «خالد» تقول: «لقد اختفى «جان» وأفراد العصابة، وإن كنَّا نُحدِّد مكانَهم بالضبط، المسألة تحتاج لجولة أخرى.»

نقلَت «إلهام» الرسالة إلى «أحمد»، فقال: لا بأس، ننتهي من واحدة لنبدأ الأخرى!

ثم أضاف بعد لحظة: ينبغي أن تنضمَّ المجموعة الأولى إلى الثانية. أرسلي رسالة ﻟ «فهد» ليتصل بالمجموعة الثانية، حتى نفرغ إليهم.

أخذَت «إلهام» في إرسال الرسالة إلى «فهد»، بينما كان «أحمد» قد رفع سرعة السيارة حتى نهايتها. ورغم أن السيارات الثلاث كانت سريعة هي الأخرى، إلا أنها لم تكن تستطيع أن تندفع بنفس سرعة سيارة «أحمد»، ومن بعيد ظهر مطار «أورلي». كان الغروب قد بدأ يغطِّي الطريق، لكن «أحمد» لم يكن في حاجة لإضاءة أنوار السيارة؛ لأنها تتحرك نتيجة جهاز توجيه. بدأت أنوار المطار تظهر. في نفس الوقت الذي اختفَت فيه السيارات الثلاث. فكَّر «أحمد»: لعل أحدهم ينتظرهم هناك، ويكون هدفه التخلص من «إليك» حقيقةً هذه المرة. ولذلك فعندما وصل إلى المطار رفع سماعة التليفون وتحدَّث إلى أحد مسئولي المطار، يُخبره أن معه شخصية هامة، وينبغي أن يدخل بالسيارة حتى سُلَّم الطائرة. وكانت إجابة المسئول أنه يستطيع ذلك. عندما وصَل؛ دخَل أرض المطار مباشرةً. لكنَّ عينَيه لمحَت مَن يقف فوق أحد أبنية المطار. وقد صوَّب بندقية إلى السيارة. ابتسم ثم أخرج مسدسه. وقال ﻟ «إلهام»: ثبِّتي فيه إبرة مخدرة.

اقترب من المبنى الذي يقف فوقه الرجل، حتى أصبح على مسافة تُعطيه فرصةَ إصابتِه. أخرج يدَه من نافذة السيارة، ثم ضغط زناد مسدسه، فانطلقَت الإبرة في اتجاه الرجل، وما هي إلا لحظة، حتى كان الرجل يسقط فوق سطح المبنى، اتجه إلى الطائرة، حتى وقف تحتها مباشرةً، وطلب من كابتن «صقر» أن يفتح الباب الأسفل حتى لا تكونَ فرصة لإصابة «إليك».

وبسرعة كان «إليك» يأخذ طريقَه من بطن الطائرة إلى داخلها، وقال «أحمد»: أتمنَّى لك رحلة موفَّقة يا عزيزي الكابتن «صقر»، أما أنا فلا تزال لدينا مأمورية أخرى.

ثم دار بالسيارة عائدًا، ومعه «إلهام»، وأرسل إلى رقم «صفر» يشرح له ما حدث … ويُخبره بوصول «إليك كرو» إلى الطائرة التي أقلعَت فعلًا إلى المقر السري. وجاءَت رسالة رقم «صفر» يُهنِّئه فيها بنجاح المغامرة، ويقول: إنني في انتظار عودتكم ومعكم «جان»، فسوف نحتاجه في عملية قريبة.

وغادرَت السيارة مطار «أورلي» لتكملة المغامرة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤