الخروج من برلين!

نزل الزعيم أولًا … وخلفه «كول» ثم «أحمد» و«خالد» … واتجه الجميع إلى الباب، وقال «أحمد» محذرًا: إنَّ أيَّ تصرُّفٍ طائش سوف تكون نتيجته قاتلة.

لم يلتفت الزعيم إلى هذا الكلام، وظل سائرًا حتى وقف أمام الباب ودق الجرس …

وفُتح الباب على الفور … ودخل الأربعة واتجهوا أمام الممرض الذي فتح الباب إلى غرفة مكتوب عليها «الأطباء». وعندما فتح الباب ظهر رجل يلبس بالطو الأطباء الأبيض … وقد استغرق في قراءة كتاب …

قال الزعيم: صباح الخير يا دكتور!

رد الدكتور مندهشًا: ماذا تريد يا سيدي؟!

الزعيم: إنك لا تعرفني … أين الدكتور «لافن»؟

الدكتور: إنه نائم طبعًا في غرفته!

الزعيم: اطلبه فورًا … قل له إنني أريد أن أراه الآن!

الدكتور: مَن أنت يا سيدي؟

الزعيم: قل له «كاف» يريد أن يراك!

الدكتور: «كاف» فقط؟

الزعيم: نعم … «كاف» فقط!

رفع الدكتور سماعة تليفون داخلي وأدار رقمًا، وبعد لحظات تحدث إلى الدكتور «لافن» واعتذر له عن إيقاظه وطلب منه الحضور لمقابلة السيد «كاف».

لم تمضِ دقائق قليلة وظهر الدكتور «لافن» … وعلى الفور أحس «أحمد» حياله بكراهية شديدة.

كان رجلًا أشبه بالجزار منه بالدكتور … ضخم الجثة غزير الشعر قاسي الملامح … لم يكد يرى الموجودين حتى صاح: ما هذا؟ ماذا تريدون الآن؟

رد الزعيم: إننا نريد الثلاثة الذين جئنا بهم إلى هنا في اليومين الأخيرين!

لافن: ولكن لا بد أن يأتيَني أمر من «شاخت»!

الزعيم: إنني الذي أرسلت هؤلاء الثلاثة وأريدهم الآن!

لافن: لا يمكن … إلا إذا …

وقبل أن يُتمَّ جملتَه أحس «أحمد» بالباب يُفتح، واستدار على الفور وشاهد فوهةَ مسدس … رشاش … وبسرعة أطلق رصاصة على المصباح الذي يضيء الغرفة، وانبطح على الأرض، وكذلك فعل «خالد» …

دوت طلقات المدفع الرشاش في الغرفة، وزحف «أحمد» مسرعًا في اتجاه الباب، و«خالد» معه.

أطلق «أحمد» الرصاص مرتين على الأقدام التي زاحمَته في الخروج، وحدث هرج ومرج وإطلاق رصاص في جميع الاتجاهات.

وقال «أحمد» ﻟ «خالد»: سنبحث عن الزملاء!

وانطلقَا في وسط الدهليز ثم صعدَا إلى الدور الثاني … وقابلَا ممرضًا يجري في اتجاه إحدى الغرف، وتبعاه … وكان استنتاجهما صحيحًا … فقد شاهدَا الشياطين الثلاثة … «إلهام» و«رشيد» و«ريما» واقفين في وسط الغرفة، بعد سماع طلقات الرصاص المدوية.

قفز «رشيد» فورًا على الممرض فطرحه أرضًا … وقال «أحمد»: سننزل من النافذة على الأشجار.

وأسرع «رشيد» يفتح النافذة، ووقف «أحمد» يغطي انسحاب الشياطين من الغرفة … وفجأة ظهر أحد رجال العصابة يجري متجهًا إلى الغرفة المفتوحة، وأطلق «أحمد» رصاصة مرت من الباب المفتوح، فقد أصابت الرجل في قدمه فسقط على الأرض صائحًا من الألم.

أسرع «أحمد» يُغلق الباب، وجرَّ خلفه سريرًا أغلق به الباب بإحكام، ثم قفز إلى النافذة وتسلق إحدى الأشجار ونزل … جرى الشياطين في ظلمة الفجر الذي أوشك على البزوغ … وصاح «أحمد»: سنأخذ السيارتين.

جرى الشياطين وسط الغابة، وهم يسمعون أصوات كلاب المطاردة … وفرقعة الأسلحة … وأخذت أضواء متناثرة تلمع هنا وهناك بحثًا عنهم ولكنهم استطاعوا تجنُّبَ المطاردة والوصول إلى السيارتين … ولكن مفاجأة كانت بانتظارهم.

كان هناك ثلاثة رجال يقفون أمام السيارتين وقد أشهروا أسلحتهم ولم يكن هناك وقتٌ للتفاهم إلا بالرصاص … وانطلق مسدس «أحمد» ثم مسدس «خالد» وأسرع «رشيد» و«إلهام» كلٌّ منهما إلى سيارة وأدارَا المحركَين … وقفز «أحمد» بجوار «إلهام» في السيارة المرسيدس … بينما قفز «رشيد» و«خالد» و«ريما» إلى السيارة الثانية وانطلقت السيارتان … وخلفهما سيارتان من جوف الغابة … وبدأت مطاردة عنيفة في الشوارع الخالية بعيدًا عن المدينة.

طلب «أحمد» من «إلهام» الاتجاه إلى المطار وقال: لقد أحضرت جميع جوازات السفر، سنغادر «برلين» إلى أي اتجاه مؤقت لحين إخطار رقم «صفر» بما حدث …

ووجد «رشيد» في السيارة الكبيرة جهاز تليفون، فرفع السماعة وطلب البوليس، وعندما رد عليه أحد الضباط قال «رشيد»: سيدي … إنني أريد أن أُخطرَك أن مستشفى الأمراض النفسية غرب «برلين» هو مركز لعصابة خطيرة تخطف الأشخاص وتساوم عليهم … لقد كنت أحد المخطوفين واستطعت الفرار … وأنا آسف لأنني لن أقول لك من أنا … ولماذا خطفت … فلا بد أن أستأذن رئاستي أولًا!

الضابط: إننا نشتبه في هذا المستشفى منذ زمن بعيد، ولكن ليس عندنا معلومات كافية!

رشيد: إن مدير هذا المستشفى رجلٌ يُدعى دكتور «لافن» وأنا أشك في أنه دكتور … ولكن ربما بعض الأطباء هناك لا يعرفون حقيقة ما يدور خلف جدران هذا المستشفى … ولكن هناك عدد من المخطوفين يعاملون معاملة قاسية بدعوى أنهم مصابون بأمراض نفسية … ولحسن الحظ أننا هربنا قبل أن يصلوا بنا إلى الجنون!

الضابط: أين أنت الآن؟

رشيد: إننا مطاردون من عصابة «لافن» وبالمناسبة ليس هو زعيم هذه العصابة … إن زعيمها رجل يدعى «شاخت»!

الضابط: «شاخت»! … إن اسمه معروف في دوائر البوليس … فهو زعيم لأكبر عصابة خطف في أوروبا … ولكن ليس لدينا أيُّ دليل على علاقته بعمليات الخطف الدولية!

رشيد: إذا هاجمتم المستشفى الآن ستجدون كل الأدلة … وهناك شيء هام جدًّا … إن هذه العصابة استولت على مجموعة من الأوراق العلمية البالغة الأهمية والتي تخص عالمًا مصريًّا مات منذ ثلاث سنوات اسمه الدكتور «سامح سليم»، وهذه المستندات العلمية تخص الحكومة المصرية ولعلك تتابع الموضوع لأن مصر مهتمة جدًّا بهذه الأوراق.

ووضع «رشيد» السماعة … وكانت المطاردة عنيفة وقاسية. ولكن الشياطين استطاعوا الإفلات ببراعة حتى اقتربوا من المطار … عندما انطلق في الصمت المخيم على المدينة صوت سيارات رجال البوليس.

أدرك الشياطين أن البوليس تدخَّل بعد اتصال «رشيد» … وبدأت السيارتان تُهدئان من سرعتهما بينما سمُعت أصوات طلقات رصاص رجال البوليس في اتجاه سيارتَي رجال العصابة.

في كافيتريا المطار جلس الشياطين الخمسة يتناولون طعام الإفطار ويتحدثون عن مغامرتهم … صحيح أنها انتهت دون أن يحصلوا على الوثائق والمستندات العلمية … ولكنها كشفت حقيقة الدكتور «سامح» المزيف، وحقيقة عصابة «شاخت» أكبر عصابة خطف دولية.

بعد ساعات من هذه الأحداث كان الشياطين ينزلون في مطار «لندن» ويتجهون إلى مقرهم السري هناك … وجلس «أحمد» إلى جهاز الإرسال وبعث بتقريره إلى رقم «صفر» الذي أرسل إليهم جملة واحدة:

«مبروك … مطلوب منكم البقاء في لندن بعض الوقت حتى تصلكم تعليماتي …»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤