الكتب

«وفي فبراير ١٨٧٩م كان الكثير من الضباط على حافة الفقر المُدقِع مرةً أخرى؛ فقد تأخَّرت رواتبهم ما بين شهرين و٢٤ شهرًا، وكانوا لا يعرفون كيف يعيشون بدون تلك الرواتب، ومع مطلع ذلك العام، قدَّموا العديد من العرائض إلى النُّظَّار المعنيين، كما قدَّم بعضهم عرائض إلى مجلس شورى النواب، دون أن يُحرِزوا أي قدر من النجاح.»

يعالج هذا الكتاب، الذي كان أطروحة الدكتوراه للمؤرخ «ألكسندر شولش»، الأحداث الاجتماعية والسياسية التي مهَّدت للثورة العُرابية١٨٨١-١٨٨٢م في مصر، بدايةً من الإحساس بوطأة التدخُّل الأجنبي في شئون البلاد عام ١٨٧٨م؛ وهو العام الذي تنازل فيه الخديوي «إسماعيل» عن أسهم مصر في شركة قناة السويس لصالح بريطانيا. يحلل الكتاب الواقع الاجتماعي لمصر آنذاك، ويتتبّع جذور الحركة السياسية التي تطوَّرت على النحو الذي أدَّى إلى الثورة؛ ساعيًا إلى هدم التراث التاريخي للإمبريالية الأوروبية الذي حاول تبرير التدخُّل السياسي والعسكري عام ١٨٨٢م، ومُبرِزًا للأساس الأيديولوجي والبناء الاجتماعي الاقتصادي لمصر، وباحثًا عن الجذور الداخلية لأزمة ١٨٨٢م، وأهداف القوى الاجتماعية التي كانت تضغط من أجل الإصلاح، وتحديد طبيعة التغيُّرات التي نجمت عن ذلك الضغط. وقد استطاع المؤلف أن يرسم صورةً واقعية وتفصيلية للمجتمع المصري عشيةَ الاحتلال البريطاني مُعتَمِدًا على مئات الوثائق بدار الوثائق القومية الخاصة بهذه الفترة، ومكاتبات الوكلاء المصريين للقناصل الموجودة في الأرشيفات الأوروبية.