الهجوم!

قام «أحمد» بعمل كوب من شاي للرجل الجريح، فبدَا شديدَ الامتنان … وقال: لقد كان في إمكانك قتلي.

أحمد: إننا لا نحب القتل، ولا نُمارسه إلَّا دفاعًا عن النفس.

نورسو: صدِّقني إنني آسف لأن انضممتُ إلى هؤلاء القتلة، ولحسن الحظ لم أرتكب جريمة واحدة … لقد كانت أولَ مهمة لي هذا الصباح، ولم أفعل شيئًا.

أحمد: لقد وعدتُك بعمل مناسب إذا قلت لنا أين نعثر على صديقنا الشاب بأسرع ما يمكن.

نورسو: إنني أعرف أنهم يحتفظون بأسرارهم في سرداب في أرض قرب بركان «أثينا»؛ حيث لا يستطيع أحدٌ الاقتراب، فهذا البركان كما تعلم شديد النشاط.

أحمد: هل بركان «أثينا» قريب من خليج «تورمينا»؟

نورسو: بالضبط.

أحمد: وكيف يمكن الوصول إليه؟

نورسو: من جهة البحر … ليلًا.

أحمد: إذن هل يمكن تدبير طريقة للذهاب؟

نورسو: نعم، إن لي قريبًا عنده قاربٌ ممتاز، وهو شابٌّ طيبٌ يعمل في صيد السمك.

أحمد: هل تستطيع الاتصال به؟

تدخَّل «عثمان» قائلًا: لا تنسَ أن التليفون مراقب.

أحمد: سنحمل صديقنا «نورسو» إلى المدينة، ثم نحدد موعد اللقاء.

نورسو: ولكن العصابة ستبحث عني.

أحمد: إنهم في انتظار عودة الثلاثة؛ فإذا تأخرتم فسوف يبحثون عنكم هنا، وليس من المستبعد أن يصلوا في أية لحظة، هيَّا بنا.

عثمان: وأين سنذهب نحن؟

أحمد: سنذهب مع «نورسو»، ولكن المهم أن نجدَ طريقًا لا يمرُّ بالمدينة حتى لا يرانا أحد.

نورسو: إن ذلك ممكن؛ فإنني أعرف طريقًا ساحليًّا مهجورًا يمكن أن يقودنا إلى مكان صديقي.

عثمان: إن علينا الاتصال ﺑ «ماشيتو».

أحمد: سنتصل به من أيِّ مكان آخر، إن العصابة تتوقع الآن أن نكون في عداد الموتى … وأي اتصال سوف يُنبههم إلى أننا ما زلنا أحياء.

ساعد «أحمد» و«عثمان» الرجلَ المصاب حتى ركب في السيارة، ثم انطلقوا بها على الطريق الساحلي … كانت الساعة قد تجاوزَت الخامسة مساءً، وبدأت خيوط المساء تُحيط بالبحر وأخذت الشمسُ طريقَها إلى المياه.

ساروا طويلًا … ومضَت ساعة «ونورسو» يحدِّد الاتجاه حتى وصلَا إلى تلٍّ مرتفع جدًّا عن البحر … وقال «نورسو»: سنترك السيارة هنا وننزل.

غادر الجميع السيارة بينما قام الصديقان بمساعدة «نورسو» على نزول التل، حتى وصلوا إلى كوخ تُحيط به حديقة صغيرة، وشاهدوا بضعةَ أطفال يَجْرون هنا وهناك، وعندما شاهدوا «نورسو» صاحوا جميعًا … عم «نورسو» … عم «نورسو»!

وظهر شابٌّ في الثلاثين من عمره مفتولُ العضلات، وقال «نورسو»: إنه «بنيتو» ابن عمي صاحب القارب.

رحَّبَت أسرة «بنيتو» بالأصدقاء، وشرح «نورسو» لقريبه ما يريدونه، ووافق «بنيتو» متحمِّسًا للقيام بالمهمة … وقام «أحمد» إلى التليفون، واتصل ﺑ «ماشيتو» الذي استمع إلى ما حدث، ثم قال: لقد وردَت لي برقيةٌ من رقم «صفر» بالشفرة، يسأل فيها عن أخباركم وعن الطائرة … وهو يطلب أن نتحرك سريعًا للحصول على الفيلم الذي صوَّرته الطائرة للمقرِّ السري … وقد قمت بتحريات واسعة، وعلمت أن الطائرة الهنكل التابعة لشركة «ترانزأوشن» قد نزلت منذ ساعة واحدة في خليج «تورمينا».

فهي طائرة مائية … وقد علمت أنها اضطرت للنزول أمس عند شاطئ جزيرة «مالطة» لإصابتها بعطب، وقد ظلَّت تحت الإصلاح هناك حتى اليوم … ومعنى ذلك أن الفيلم في طريقه للتحميض الآن … أو بعد فترة قصيرة … إن الساعة الآن الخامسة … وسيهبط الظلام بعد ساعة … ونريد الهجوم بعد هبوط الظلام مباشرة.

أحمد: إننا على مسافة ساعتين تقريبًا من خليج «تورمينا»، وفي إمكاننا الوصول هناك حوالي الساعة السابعة.

ماشيتو: هذا يناسبني جدًّا … سوف أُحضر معي أسلحة ثقيلة … مدافع رشاشة … قنابل يدوية وغيرها …

أحمد: هل في استطاعتنا الاستعانة بشابَّين تعرَّفنا عليهما هنا … أحدهما يُدعَى «نورسو» والثاني «بنيتو» … الأول هو الذي حدَّد لنا خليج «تورمينا» كمقر لشركة «ترانزأوشن»، وما دامت معلوماتك قد تطابقت مع معلوماته … فهو صادق.

ماشيتو: لا بأس.

أحمد: إذن موعدنا السابعة.

ماشيتو: قل ﻟ «نورسو» فهو لا بد يعرف المكان، إننا سنلتقي عند مغارة «القديس» واستخدموا السيارة أفضل.

أحمد: اتفقنا.

ركب «أحمد» و«عثمان» في مقدمة السيارة، وركبَا «بنيتو» و«نورسو» في المقعد الخلفي وانطلقت السيارة. ثم توقَّفوا دقائق عند أقرب محطة بنزين، ثم أخذوا طريق الشاطئ بعد أن أخبر «أحمد» «نورسو» بالمكان الذاهبين إليه.

قال «نورسو»: أعرف هذه المغارة جيدًا … إن مدخلها يصلح للاختفاء عن العيون. ظلَّت السيارة منطلقة بينما المساء يهبط على البحر ثم تُضاء الأنوار تدريجيًّا … وفي السابعة إلَّا عشر دقائق وصلوا إلى قرب المكان، وأخذ «نورسو» يشرح ﻟ «أحمد» طريق الوصول إلى المغارة … وهناك وجدوا سيارة سوداء، وشاهدوا «ماشيتو» يقف بجوارها.

قال «ماشيتو»: إن البركان كما ترون … بركان «أثينا»، وقد يقذف بحممِه في أية لحظة … ومقر الشركة تحت الخليج مباشرة … والطائرة تقف عند الشاطئ هناك … إذا حدث وانفجر البركان … استخدموا الطائرة.

وزَّع «ماشيتو» الأسلحة على الشبان الأربعة ثم قال: سنهاجم من جانبَين … إن عدد الحراس قليل … ولكن من الأفضل اتخاذ الحذر.

انقسموا إلى فريقين، «ماشيتو» و«أحمد»، و«عثمان» مع «بنيتو» و«نورسو» …

كان مقرُّ شركة «ترانزأوشن» يُشبه معسكرًا ممتدًّا … تراكمت فيه أنواعٌ من سيارات النقل وطائرات الهليوكبتر وعددٌ من المباني القديمة …

لاحظ «عثمان» أن أحدهما معزول تمامًا عن باقي المباني، وتوقَّع أن يكون مقرَّ رئاسة الشركة فقرَّر الاتجاه إليه.

سار «عثمان» محاذرًا وخلفه «نورسو» و«بنيتو» … وكان النزول شاقًّا من فوق التل إلى مقر الشركة … وأخذت الأحجار تتطاير ساقطةً إلى أسفل … وتأكد «عثمان» أن الحراس سوف يلفت انتباههم هذا … وهكذا قرر الهجوم بسرعة قبل أن يستعدَّ الحراس … وكان نصيب أول حارس كرة «عثمان» الجهنمية التي انطلقَت من يده إلى رأس الحارس فهوَى إلى الأرض مباشرة، ولكن لم يكن هناك حارس غيره فتقدموا إلى مقر الشركة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤